هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مرحبا بكم في هذا المنتدى الخاص بعلوم الإعلام و الإتصال و العلوم السياسية والحقوق و العلوم الإنسانية في الجامعات الجزائرية
. نرحب بمساهماتكم في منتدى الطلبة الجزائريين للعلوم السياسية و الاعلام والحقوق و العلوم الإنسانية montada 30dz

دخول

لقد نسيت كلمة السر

المواضيع الأخيرة

» مشاركة بحث
مفهوم وقضايا الأمن الإنسانى وتحديات الإصلاح فى القرن الحادي والعشرين Icon_minitimeالأحد نوفمبر 27, 2022 9:16 pm من طرف Faizafazo

» برنامج احترافي في تنقيط التلاميذ تربية بدنية ورياضية وكل ما يحتاجه استاذ التربية البدنية والرياضية في المتوسط
مفهوم وقضايا الأمن الإنسانى وتحديات الإصلاح فى القرن الحادي والعشرين Icon_minitimeالأحد يونيو 27, 2021 7:33 pm من طرف تمرت

» مفاهيم عامة .الاعلام و الاتصال
مفهوم وقضايا الأمن الإنسانى وتحديات الإصلاح فى القرن الحادي والعشرين Icon_minitimeالثلاثاء فبراير 16, 2021 10:51 am من طرف المشرف العام

» نظريات الاعلام وحرية الصحافة و علاقة الصحافة بالسلطة
مفهوم وقضايا الأمن الإنسانى وتحديات الإصلاح فى القرن الحادي والعشرين Icon_minitimeالثلاثاء فبراير 16, 2021 10:50 am من طرف المشرف العام

» نشأة وتطور الصحافة في العالم و الوطن العربي
مفهوم وقضايا الأمن الإنسانى وتحديات الإصلاح فى القرن الحادي والعشرين Icon_minitimeالجمعة يناير 15, 2021 11:48 am من طرف المشرف العام

» ترحيب و تعارف
مفهوم وقضايا الأمن الإنسانى وتحديات الإصلاح فى القرن الحادي والعشرين Icon_minitimeالسبت يونيو 13, 2020 10:39 pm من طرف صقر السردي

» كتب تاريخ الجزائر في القديم والحديث
مفهوم وقضايا الأمن الإنسانى وتحديات الإصلاح فى القرن الحادي والعشرين Icon_minitimeالسبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام

» الثورة الجزائرية ،"ثورة المليون و نصف المليون شهيد"
مفهوم وقضايا الأمن الإنسانى وتحديات الإصلاح فى القرن الحادي والعشرين Icon_minitimeالسبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام

»  الادارة وتعريفها
مفهوم وقضايا الأمن الإنسانى وتحديات الإصلاح فى القرن الحادي والعشرين Icon_minitimeالسبت مايو 16, 2020 3:28 pm من طرف المشرف العام

» مقياس :تاريخ وسائل الاعلام
مفهوم وقضايا الأمن الإنسانى وتحديات الإصلاح فى القرن الحادي والعشرين Icon_minitimeالسبت مايو 16, 2020 2:57 pm من طرف المشرف العام


2 مشترك

    مفهوم وقضايا الأمن الإنسانى وتحديات الإصلاح فى القرن الحادي والعشرين

    RAMA LIVE
    RAMA LIVE


    البلد : ALGERIA
    عدد المساهمات : 50
    نقاط : 138
    تاريخ التسجيل : 09/03/2012
    العمر : 34

    مفهوم وقضايا الأمن الإنسانى وتحديات الإصلاح فى القرن الحادي والعشرين Empty مفهوم وقضايا الأمن الإنسانى وتحديات الإصلاح فى القرن الحادي والعشرين

    مُساهمة من طرف RAMA LIVE الجمعة مارس 30, 2012 12:09 am

    يشهد المجتمع الدولي منذ نهاية الحرب الباردة ظهور مجموعة جديدة من المفاهيم المغايرة للمنظومة المفاهيمية التي ظلت لفترة طويلة حاكمة لمسار العلاقات الدولية ومن بينها مفاهيم مثل العولمة، والتدخل الدولي الإنساني، وإجراءات بناء الثقة، والحرب الاستباقية، والأمن الإنساني وغيرها من المفاهيم و التي أصبحت أحد الأدوات الدبلوماسية غير التقليدية لإدارة العلاقات الدولية، فعادة ما تكون هناك قوى دولية تدفع بالمفاهيم الجديدة بما يحقق مصالحها الذاتية. ورغم أن هذه المفاهيم ليست جديدة، إذ إن هناك جذور لهذه المفاهيم منذ فترات سابقة، إلا إن الجديد هو السياق التاريخي والتحولات العالمية التى أفرزت هذه المفاهيم فى سياقها.

    هذا، ويُشكل مفهوم الأمن الإنساني أحد تلك المفاهيم، فقد طُرح المفهوم من خلال تقرير التنمية البشرية لعام 1994، ثم أخذت بعض الدول في تبنى المفهوم كأحد أدوات سياستها الخارجية ومن بينها اليابان وكندا، وفى عام 2004 طرح الاتحاد الأوروبي للإستراتيجية الأوروبية لتحقيق الأمن الإنساني. وبوجه عام، يتخذ مفهوم الأمن الإنساني من الفرد وحدته الأساسية في التحليل انطلاقاً من أن أمن الدول رغم أهميته لم يعد ضامناً أو كفيلاً بتحقيق أمن الأفراد، والأكثر من ذلك إنه في أحيان كثيرة تفقد الدولة الشرعية فتتحول ضد أمن مواطنيها. ومن هذا المنطلق، جاء بروز مفهوم الأمن الإنساني فى محاولة لإدماج البعد الفردي ضمن دراسات الأمن، وذلك من خلال التركيز على تحقيق أمن الأفراد داخل وعبر الحدود بدلاً من التركيز على أمن الحدود ذاته، وهو ما جاء انعكاساً لمجموعة كبيرة من التحولات التي شهدتها البيئة الدولية فى فترة ما بعد الحرب الباردة و التي كشفت عن مدى خطورة مصادر تهديد أمن الأفراد وعدم ملائمة الاقتراب التقليدي للأمن لتحديد السبل الكفيلة بتحقيق الأمن الإنساني.

    وعلى هذا الأساس، يمكننا تعريف مفهوم الأمن الإنساني على إنه "مفهوم الأمن الإنساني جوهره الفرد، إذ يُعنا بالتخلص من كافة ما يهدد أمن الأفراد السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي من خلال التركيز على الإصلاح المؤسسي وذلك بإصلاح المؤسسات الأمنية القائمة، وإنشاء مؤسسات أمنية جديدة على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية مع البحث عن سبل تنفيذ ما هو قائم من تعهدات دولية تهدف إلى تحقيق أمن الأفراد، وهو ما لا يمكن تحقيقه بمعماوال عن أمن الدول".

    وعلى هذا الأساس، يتضح أن جوهر مفهوم الأمن الإنساني هو الإصلاح المؤسسي وهو ما يُشكل الفرق الجوهري بينه وبين مفهوم حقوق الإنسان، فرغم أن البعض قد يتصور أن كليهما يعنى الشئ ذاته ممثلاً في ضرورة توافر حد أدنى من الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للأفراد كافة بصرف النظر عن النوع، أو الدين، أو الجنس. بيد أنه في واقع الأمر، توجد مجموعة من التباينات بين المفهومين، فإذا كان مفهوم حقوق الإنسان يرتكز بالأساس على تحديد مجموعة واسعة من الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية اللازم توافرها للأفراد، فإننا في المقابل نجد مفهوم الأمن الإنساني يمكن أن يسهم في خلق ترتيب أو وضع أولويات لتلك المجموعة واسعة النطاق من الحقوق الإنسانية من خلال إعلائه من شأن بعض الحقوق وذلك وفقاً لأجندات وحالات متباينة، ففي حالات الدول التي تُعانى من النزاعات المسلحة تصبح الأولوية في تلك الحالة للتركيز على البعد السياسي لمفهوم الأمن الإنساني من خلال العمل على حماية الأفراد من آثار تلك الحروب والنزاعات، بينما في حالات الدول التي تُعانى من أزمات اقتصادية تصبح الأولوية لتحقيق الأمن الاقتصادي للأفراد.

    من ناحية ثانية، يمكن النظر إلى مفهوم الأمن الإنساني على كونه يخطو خطوة أبعد من مفهوم حقوق الإنسان وذلك فيما يتعلق بكون مفهوم حقوق الإنسان –في أغلب الأحيان- يأخذ شكل المطالبات القانونية ممثلة في ضرورة توافر تشريعات قانونية كفيلة بوضع التزامات محددة تجاه حقوق بعينها كاتفاقيات حقوق الطفل أو المرأة أو اللاجئين وغيرها من الاتفاقيات القانونية سواء أخذت الطابع العالمي أو الإقليمي. إلا أننا نجد مفهوم الأمن الإنساني يخطو خطوة أبعد نحو التركيز على الإصلاح المؤسسي. فمفهوم الأمن الإنساني يركز على كيفية إصلاح المؤسسات القائمة والمعنية بتحقيق أمن الأفراد أو إنشاء مؤسسات جديدة كفيلة بهذا الأمر. وربما ترجع أهمية هذا التطور نحو الإصلاح المؤسسي إلى ما أُثبت من عدم فاعلية القواعد القانونية وحدها لضمان احترام حقوق الأفراد، فوجود القاعدة القانونية أصبح لا يعنى بالضرورة الالتزام بتنفيذها، إضافة إلى الطبيعة المعقدة لمشاكل الأمن الإنساني في الوقت الحالي و التي أصبحت تتطلب أطراً أكثر ملائمة، وهنا تبرز أهمية الإصلاح المؤسسي، إذ يتجاوز مفهوم الأمن الإنساني التركيز على وضع مجموعة جديدة من القواعد القانونية الكفيلة بالتعامل مع مصادر تهديد الأمن الإنساني إلى التركيز على سبل تنفيذ الالتزامات المنصوص عليها، وهو ما يتبدى بالأساس فيما أصبح مشاهداً من وجود ميل من الدول للتركيز على الاعتبارات السياسية واعتبارات الرشاد دون الاعتبارات الإنسانية وهو ما تجسد في وجود انفصال بين ما يوجد من اتفاقيات وقواعد قانونية تُشكل القانون الدولي الإنساني وبين مدى تنفيذ الدول لتعهداتها المنصوص عليها، بحيث أصبح وجود القاعدة القانونية لا يعنى بالضرورة الالتزام بها، وهو ما يرجع بالأساس إلى رغبة الدول الكبرى فى إيجاد الآليات الملائمة و التي من شأنها تحقيق مصالحها الخاصة، فنجد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والصادر عام 1948 ينص على أن حقوق الإنسان أصبحت مسئولية عالمية من خلال التأكيد على عالمية الحقوق وتمحورها حول المساواة بين جميع الأفراد، والاعتراف بأن إعمال حقوق الإنسان هدف جماعي للإنسانية، وتحديد مجموعة من الحقوق المدنية، والسياسية، والاجتماعية لجميع الأفراد، وإيجاد نظام دولي لتعزيز إعمال حقوق الإنسان، وإرساء مبدأ خضوع الدولة للمساءلة بشأن التزاماتها الدولية فيما يتعلق بحقوق الإنسان بموجب القانون الدولي. كما تلا صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التوصل إلى مجموعة مهمة من الاتفاقيات الدولية وإنشاء بعض اللجان المعنية بمناقشة قضايا حقوق الإنسان منها إنشاء لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وذلك عام 1946، وفى عام 1948 تم التوصل إلى اتفاقية منع والمعاقبة على جريمة الإبادة الجماعية، وفى عام 1951 تم التوصل إلى اتفاقية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين، ثم الاتفاقية الدولية المتعلقة بالأشخاص عديمى الجنسية وذلك فى عام 1954، وفى عام 1957 تم التوصل إلى الاتفاقية الدولية للقضاء على العمل بالسخرة، وفى عام 1965 تم التوصل إلى الاتفاقية الدولية للقضاء على أشكال التمييز العنصرى كافة، وفى العام التالى صدرت عن الأمم المتحدة كل من الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وفى عام 1967 صدر بروتوكول عام 1967 المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين لعام 1951، وفى عام 1973 تم التوصل لاتفاقية الأمم المتحدة لقمع جريمة الفصل العنصرى والمعاقبة عليها ثم اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على أشكال التمييز كافة ضد المرأة وذلك فى عام 1979، وفى عام 1984 صدرت عن الأمم المتحدة اتفاقية مناهضة التمييز وغيره من أنواع المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية، وفى العام التالى تم إنشاء لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وفى عام 1989 صدر عن الأمم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل، كما تم تعيين أول مفوض سامى للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فى عام 1993، وفى عام 1999 تم التوصل إلى اتفاقية أسوأ أشكال عمل الأطفال.

    وتُشكل تلك الاتفاقيات الدولية "القانون الدولي لحقوق الإنسان" International Human Rights Law ، إذ تضع مجموعة من الضوابط والنصوص المتعلقة بالتزامات الدول الموقعة عليها تجاه الأفراد. إذ نجد اتفاقية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين لعام 1951 تنص فى المادة 32 على منع قيام أيّ من الدول الموقعة على الاتفاقية بطرد أي لاجئ أو طالب لجوء موجود على أراضيها إلا لأسباب تتعلق بالأمن القومى أو النظام العام " وإن حدث ما يخل بالأمن القومى أو النظام العام تنص الاتفاقية على ضرورة "منح الدولة المضيفة للاجئ أو طالب اللجوء فترة ملائمة حتى يتسنى له طلب اللجوء فى دولة ثالثة"1.

    كما تُحدد الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية حقوق الأفراد كافة والتى تلزم الدول الموقعة على الاتفاقية باحترامها ومنها "الحق فى الإقامة، والتنقل، والتملك، وكذلك بعض الحقوق السياسية للأفراد ومنها الحق فى التعبير عن الرأى، وتنظيم والانضمام للأحزاب السياسية، وكذلك طلب اللجوء فى دولة أخرى". وتنص المادة الخامسة من الاتفاقية الدولية لاستبعاد أشكال التمييز العنصرى كافة على "ضمان حق كل شخص دون أى تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجماعة الاثنية فى المساواة أمام القانون وخاصة التمتع بالحق فى مغادرة أى دولة والعودة إليها".

    وبذلك يتضح وجود التزامات قانونية على الدول نحو احترام حقوق الأفراد وذلك وفقاً لما وقعت عليه طواعية من اتفاقيات دولية تتعلق باحترام حقوق الأفراد، إلا أن ما أصبح مشاهداً هو وجود اتجاه متنامي من الدول المختلفة لعدم تنفيذ كامل التزاماتها المنصوص عليها في سياق تلك القواعد القانونية. فعلى سبيل المثال اتجهت الدول كافة في الوقت الحالي إلى وضع مجموعة كبيرة من القيود على الحريات المدنية لمواطنيها إذ أصبحت الاتصالات الشخصية تخضع للمراقبة من قبل أجهزة الدولة، وكذلك أصبح هناك قيود على التجمعات. ويتبدى هذا الأمر بشكل أوضح فى قضايا اللاجئين و طالبي اللجوء، إذ نجد هناك ميلاً لتغليب الاعتبارات السياسية على الاعتبارات الإنسانية في التعامل مع اللاجئين، إذ أصبح استقبال الدول لطالبي اللجوء على أراضيها محكوماً فى غالبية الأحيان بما يمكن أن يحققه لها هذا الأمر من مصالح مع دولة الأصل بالنسبة لطالب اللجوء. وعادة ما تلجأ الدول فى هذا الصدد إلى بعض الاستراتيجيات منها طرد أو رفض استقبال طالبى اللجوء وإعادتهم مرة أخرى إلى دولة الأصل، وذلك رغم أن مبدأ حظر رد أو طرد أى لاجئ أو طالب لجوء يُعد أحد القواعد الدولية الأساسية فى القانون الدولى الإنسانى. وهناك أمثلة كثيرة لرد الدول لطالبى اللجوء مرة أخرى إلى دولة الأصل، ومن ذلك موقف الدول المجاورة لأفغانستان من استقبال طالبى اللجوء الأفغان خاصة بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر عام 2001، إذ أعلنت الدول المجاورة لأفغانستان إغلاق حدودها أمام طالبي اللجوء الأفغان معلنة عدم قدرتها على استيعاب أى تدفق جديد لطالبى اللجوء الأفغان متجاهلة الاعتبارات الإنسانية والالتزامات الدولية فى هذا الصدد. ويتبدى هذا الأمر أيضاً فى موقف الصين من استقبال طالبى اللجوء من كوريا الشمالية إذ يتمثل موقف الحكومة الصينية فى هذا الصدد فى رفض دخول طالبى اللجوء الكوريين الشماليين، إذ عمدّت الصين إلى تشديد الإجراءات على الحدود رغبة منها فى الحفاظ على العلاقات مع جارتها كوريا الشمالية مستندة فى ذلك إلى معاهدة تُعلن أنها وقعتها سراً مع بيونج يانج فى هذا الصدد، بحيث ترفض الصين توفير الحماية لطالبى اللجوء من كوريا الشمالية ومن يقبض عليه وهو يعبر الحدود يُعاد مرة أخرى إلى بلاده. ووفقاً للقانون الكورى الشمالى يخضع هؤلاء العائدون للعقوبة، فوفقاً للقانون الكورى الشمالى فإن هذا يُعد جريمة كبرى ويخضع طالبو اللجوء العائدون لعقوبة تتمثل فى التعذيب أو العمل الجبرى وقد تصل إلى الإعدام2.

    بالإضافة إلى ما سبق تلجأ الدول لاستراتيجيات أخرى منها المساهمة فى تقديم منح أو مساعدات مالية للاجئين و طالبى اللجوء فى مقابل عدم استقبالهم على أراضيها، ويُعد موقف اليابان من الأمثلة التى يمكن الإشارة إليها فى هذا الصدد إذ يقتصر دورها فى المساهمة فى حل مشكلات اللاجئين من خلال تقديم المساعدات المالية. وفى حالات أخرى تتبنى بعض الدول مفهوم دولة ثالثة آمنة Third Safe State إذ لا تقوم بطرد هؤلاء القادمين من طالبى اللجوء، لكنها تقبل استقبالهم مؤقتاً حتى يتسنى لهم تدبير أمورهم والانتقال إلى دولة ثالثة، وتسمح لهم خلال تواجدهم بالاتصال بدولة ثالثة تمهيدا للانتقال إليها.

    ومن هذا المنطلق، فإن بروز مفهوم الأمن الإنساني فى مجال الدراسات الأكاديمية فى فترة ما بعد الحرب الباردة جاء لتجاوز التركيز على الأطر القانونية كأساس للتعامل مع مشكلات غياب أمن الأفراد للتركيز على الإصلاح المؤسسي. ففي ظل وجود مجموعة كبيرة من الأطر القانونية لتنظيم والتعامل مع كافة أبعاد قضايا حقوق الأفراد والتزامات الدول تجاه الأفراد، ومع وجود ميل من الدول للتركيز على الاعتبارات السياسية دون الإنسانية، فإن التعامل الأنسب مع حالات غياب الأمن الإنساني يكمن في (الإصلاح المؤسسي من خلال إصلاح المؤسسات التقليدية المعنية بتحقيق الأمن لتصبح مهيأة للتعامل مع مشكلات ومصادر تهديد أمن الأفراد، وإنشاء مؤسسات جديدة كفيلة بهذا الأمر، وكذلك البحث في آليات تنفيذ ما هو منصوص عليه من التزامات قانونية متعلقة بحقوق الأفراد الأساسية، وهذا هو جوهر مفهوم الأمن الإنساني.)

    وفى واقع الأمر إن بروز مفهوم لم يأت كنتيجة إلى ميل الدول إلى عدم الاكتراث بالأطر القانونية فحسب، بل إن بروز المفهوم جاء أيضا كنتيجة لبعض التحولات التي شهدها المجتمع الدولي في فترة ما بعد الحرب الباردة و التي كشفت عن عمق وخطورة مصادر تهديد أمن الأفراد، وكان من أبرز تلك التطورات التغير فى طبيعة الصراعات، إذ صاحب نهاية الحرب الباردة تغير فى طبيعة الصراعات التى يشهدها العالم، إذ أصبحت الصراعات تدور بين الأفراد داخل حدود الدولة القومية وليس بين الدول. فتشير الإحصاءات إلى أنه خلال الفترة من عام 1990 وحتى عام 2001 شهد العالم سبعة وخمسين صراعاً رئيساً داخل 45 دولة في مختلف أنحاء العالم، كانت حكومة الدولة أحد أطراف الصراع. دارت النسبة الأكبر من تلك الصراعات خلال الفترة من عام 1990 وحتى عام 1993 كان أكثرها فى عام 1992 حيث بلغ عدد الصراعات الداخلية التى شهدها العالم 55 صراعاً، والنسبة الأقل منها كان ما بين عامى 1996-1998، ففى عام 1998 بلغ عدد الصراعات الداخلية التى شهدها العالم 36 صراعاً، وفى عام 2001 كان هناك 24 صراعاً داخلياً نصفهم مستمر بحد أدنى ثمان سنوات. ومن بين العشرين دولة الأقل فى دليل التنمية البشرية لعام 2002 توجد 16 دولة منها تعانى من صراعات داخلية3. فالسمة الأساسية للصراعات هى أنها أصبحت تدور داخل حدود الدولة القومية والنسبة الأكبر من ضحايا تلك الصراعات من المدنيين وليسوا عسكريين، خاصة أنه فى بعض الأحيان تكون السيطرة على المدنيين أحد أهداف الجماعات المتصارعة.

    وتتسم تلك الأنماط من الصراعات بالانتهاك الشديد لحقوق الأفراد، إذ يُقدر أنه خلال عقد التسعينيات من القرن العشرين لقي 5 مليون شخص حتفهم من جراء الصراعات الداخلية كما يترتب عليها واحدة من أخطر مشاكل الأمن البشرى وهى مشاكل اللاجئين، إذ بلغ عدد لاجئ وطالبى اللجوء فى العالم وفقاً لإحصاءات عام 2004 حوالى 11.5 مليون لاجئ وطالب لجوء من بينهم 7.77 مليون لاجئ وطالب لجوء منذ ما يزيد على خمس سنوات. وخلال عام 2004 وحده كان هناك 1.01 مليون لاجئ وطالب لجوء جديد، بالإضافة إلى ما يزيد على 21.3 مليون نازح داخلى. وفى عام 2004 كان هناك 3.16 مليون نازح داخلى جديد4. وتُعد مشكلات اللاجئين واحدة من أخطر مشاكل الأمن الإنساني في القرن الحادي والعشرين نظراً لما تفرضه من مخاطر شديدة على أطراف العلاقة كافة.

    وعلى هذا الأساس، شكل التغير فى طبيعة الصراعات فى فترة ما بعد الحرب الباردة عاملاً رئيسياً فى تأكيد (فشل المنظور التقليدي للأمن) فى التعامل مع طبيعة مصادر تهديد أمن الأفراد فى فترة ما بعد الحرب الباردة. فإذا كان مفهوم الأمن القومي يرتكز على أن أمن الدولة يّجب أمن الفرد ويحتويه، ومادامت الدولة آمنة فالأفراد بالضرورة آمنون، إلا أن هذا المنظور الأمني لم يعد ملائماً فى الوقت الحالي، فقد تكون الدولة آمنة -وفقاً للمفهوم التقليدي للأمن- فى وقت يتناقص فيه أمن مواطنيها، كما أن الدول أصبحت فى أحيان عدة مصدراً لتهديد أمن مواطنيها، وهو ما دفع بعض الباحثين للدعوة لطرح مفهوم للأمن بديلاً لمفهوم الأمن الواقعي ممثلاً فى مفهوم الأمن الإنساني ليرتكز بالأساس على تحقيق أمن الأفراد.

    يضاف لما سبق أن العولمة شكلت أحد العوامل المهمة والمؤثرة فى هذا الصدد إذ دفعت ما وجهته العولمة من تحديات للأمن الإنساني عدداً من الباحثين إلى الربط بين تحديات العولمة من ناحية، وبروز مفهوم الأمن الإنسانى الذى جاء كرد فعل ونتيجة لهذه التحديات وللبحث عن سبل مواجهتها وذلك من ناحية أخرى. وبوجه عام، فرغم ما تقدمه العولمة من فرص للتقدم البشرى فى مجالات عدة ممثلة فى سرعة انتقال المعرفة، وفتح الحدود، إلا أنها فى المقابل تفرض تحديات خطيرة على الأمن البشرى خاصة فى الدول النامية. إذ اعتمدت العولمة كظاهرة على خدمة مصالح الدول المتقدمة على حساب الدول النامية بحيث أصبحت تستخدم كأداة للتفاوض بين الدول المتقدمة والدول النامية لفرض ضغوط على الأخيرة فيما يتعلق بفتح أسواقها وبما يحقق مصالح الأولى، بحيث أصبحت فوائد العولمة تسير فى اتجاه واحد ولصالح الدول المتقدمة التى وضعت تلك القواعد. فعلى سبيل المثال، نجد أن التحرير التجارى وفقاً للاتفاقيات الدولية الخاصة بالزراعة، والتى هدفت بالأساس إلى تحقيق الأمن الغذائى، أسهم فى خلق مشكلة أمن غذائى خاصة فى الدول النامية وهو ما يتبدى بالأساس فى السماح للدول المتقدمة ولسياستها الحمائية على سلع بعينها بتوجيه أضرار بالغة لصغار المنتجين فى الدول النامية.
    من ناحية ثانية، نجد أن هناك غياباً لنقاط الالتقاء بين القواعد التجارية وقوانين الاستثمار محلياً ودولياً من ناحية، وبين القانون الدولى لحقوق الإنسان من ناحية أخرى. إذ نجد أن القوانين التجارية أو قوانين الاستثمار لا تنص على ضرورة الربط بين الجوانب الاقتصادية من ناحية والجوانب الإنسانية أو مراعاة الأبعاد الإنسانية للقرارات الاقتصادية من ناحية أخرى. فعلى سبيل المثال فإن الاتفاقيات الدولية الخاصة بالاستثمارات المشتركة سواء كانت اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف تسهم، فى غالبيتها، فى وضع أنظمة حماية قوية للمستثمر الأجنبى فى الدولة المضيفة، وهو الأمر الذى من شأنه وضع قيود على الدولة المضيفة فيما يتعلق بالمواءمة بين الالتزامات المنصوص عليها من ناحية، وبين حماية حقوق مواطنيها والتأكد من أن تلك الالتزامات لا تسبب أضراراً للمواطنين وذلك من ناحية أخرى5. ورغم أن البعض أرجع هذا الأمر6 إلى أن كلا من القانون التجارى الدولى والقانون الدولى الإنسانى وضعا بانفصال عن بعضهما البعض ووفقاً لمسارات مختلفة، إلا أن هذا الأمر يجب أن يُفسر فى سياق العلاقة بين الدول المتقدمة والدول النامية وهو ما يتبدى فى رغبة الأولى فى السيطرة على الدول النامية وتوجيه أنشطتها بما يحقق مصالحها.

    من ناحية ثالثة، هناك بعض الدراسات التى تربط بين أنشطة المنظمات والشركات متعددة الجنسيات وانتهاكات حقوق الأفراد فى الدول التى تعمل فيها، ولا يقصد بانتهاك حقوق الأفراد فى هذا الصدد انتهاك الحقوق السياسية للأفراد ممثلة فى الحق فى التعبير عن الرأى والحق فى التجمع، لكنه يبرز بالأساس فى المجال الاقتصادى وهو ما يتبدى فى محاولة تلك المنظمات والشركات ممارسة تأثير على اتجاه تطور القوانين الاقتصادية المحلية بما يخدم مصالحها بالأساس. وتبرز خطورة هذا البعد فى أمرين يتمثل أولهما فى عدم وجود آليات لمحاسبة تلك المنظمات والشركات على ما تقوم به من أنشطة من شأنها إلحاق ضرر بالأفراد، أما الأمر الثاني فيتبدى فى أن القانون الدولي العام وقوانين الاستثمار والتجارة وكذلك قوانين حقوق الإنسان لا تفرض التزامات مباشرة على تلك الشركات لاحترام أو تأكيد احترام أنشطة تلك المنظمات لحقوق الأفراد الأساسية7.

    وفى واقع الأمر، تبرز خطورة العولمة على الأمن الإنساني فى أن العولمة ليست عملية اقتصادية فحسب بل هى عملية متعددة الأبعاد لها أبعاد ثقافية واجتماعية وسياسية وأمنية واقتصادية وهو الأمر الذى من شأنه فرض تداعيات خطيرة على كافة جوانب حياة الأفراد، فقد حددت دراسة ضمن تقرير التنمية البشرية لعام 1999 بعنوان "عولمة ذات وجه إنسانىGlobalization with a Human Face " مخاطر العولمة على الأمن الإنسانى فى سبعة عناصر رئيسة هى عدم الاستقرار المالى، وغياب الأمن الوظيفى، وغياب الأمن الصحى، وغياب الأمن الثقافى، وغياب الأمن الشخصى، وغياب الأمن البيئى، وغياب الأمن السياسى والمجتمعى. ويتبدى عدم الاستقرار المالى كأحد مخاطر العولمة على الأمن الإنسانى فيما تفرضه سياسات العولمة من أزمات مالية، ومن أبرز الأمثلة فى هذا الصدد الأزمة المالية فى جنوب شرقى آسيا فى منتصف عام 1997، والتى نتجت بالأساس من تدفقات رأس المال الأجنبى على المنطقة والتى بلغت قيمتها فى عام 1996 حوالى 93 بليون دولار فى كل من إندونيسيا، وكوريا الجنوبية، وماليزيا، والفليبين، وتايلاند. ومن شأن تلك التدفقات المالية الهائلة فى عصر العولمة خلق أزمات واضطرابات فى سوق رأس المال فى الدول المستقبلة لها، إذ أكدت الدراسة فى هذا الصدد على أنه فى عصر العولمة، فإن أزمات مالية مشابهة يتوقع لها أن تحدث وفى مناطق عدة.

    ويتمثل البعد الخاص بغياب الأمن الوظيفى فيما أكدت عليه الدراسة من أن ضغوط المنافسة العالمية دفعت بالدول إلى تطبيق سياسات عمالية أكثر مرونة تقوم على غياب أطر قانونية تضمن حقوق والتزامات طرفى الشراكة فى العمل وذلك كنوع من أنواع اتجاه الدولة لتقليص التزاماتها تجاه الموظفين فيما يتعلق بالضمانات الاجتماعية. ويبرز غياب الأمن الصحى كأحد تداعيات العولمة على الأمن الإنسانى كنتيجة لفتح الحدود وما يترتب عليه من سهولة انتقال الأمراض. فالعدوى أصبحت الآن تنتقل بسرعة هائلة، إذ تشير الدراسة إلى أنه فى عام 1998 بلغ عدد المصابين بالإيدز فى العالم حوالى 33 مليون فرد منهم حوالى 6 مليون شخص انتقلت إليهم العدوى فى عام 1998 وحده، وبذلك فهناك فى المتوسط 16 ألف شخص تنتقل إليهم العدوى يومياً، يعيش 95% منهم فى الدول النامية والدول الأقل نمواً فى العالم. ووفقاً لإحصاءات عام 2003 بلغ عدد المصابين بالإيدز فى العالم حوالى 40 مليون شخص تتركز النسبة الأكبر منهم فى الدول النامية، كما يوجد حوالى 3 مليون شخص فى المتوسط يموتون سنوياً من جراء العدوى8. أما الشق الخاص بغياب الأمن الثقافى فيبرز فى أن ما تقوم عليه العولمة من انتقال المعرفة وامتزاج الثقافات يتم بطريقة غير متكافئة، تقوم على انتقال المعرفة والأفكار من الدول الغنية إلى الدول الفقيرة وفى أحيان كثيرة تمثل الأفكار الوافدة تهديداً للقيم الثقافية المحلية.

    ويتمثل غياب الأمن الشخصى فى عصر العولمة فى أن أمن الأفراد أصبح أكثر تعرضاً للخطر، إذ سهلت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عمل الجماعات الإرهابية، فالجريمة أصبحت تنفذ فى دولة ما، بواسطة أشخاص من دولة ثانية، وأسلحة من دولة ثالثة، وتمويل من دولة رابعة، والضحايا قد يكونون من دول أخرى. أما عن تداعيات العولمة على البيئة فقد أكد التقرير على أن غياب الأمن البيئى يعد أحد تحديات العولمة، فالبيئة هى العنصر الأكثر ضرراً فى ظل العولمة وما يفرضه هذا من مخاطر على الأمن البشرى. فالضغط على الموارد وسوء استخدامها أصبح يهدد أمن البشر فى الدول الغنية والفقيرة على حد سواء، خاصة أن استهلاك الموارد البيئية فى معظم الأحيان يتسم بعدم التوازن بين الدول الغنية والفقيرة. إذ يشير التقرير فى هذا الصدد إلى أن 20% من سكان العالم المتقدم يستهلكون 84% من الورق فى العالم وما يسببه ذلك من ضغط على الموارد البيئية. أما العنصر الأخير الذى حددته الدراسة تمثل فى غياب الأمن السياسى والمجتمعى إذ أضفت العولمة طابعاً جديداً على النزاعات تمثل فى سهولة انتقال الأسلحة عبر الحدود وهو ما أضفى عليها تعقيداً وخطورة، وكذلك انتعاش دور شركات الأسلحة والتى أصبحت تقوم بتقديم تدريب للحكومات ذاتها، وهو ما يمثل تهديداً خطيراً للأمن الإنسانى9.

    ورغم أن دور العولمة كمصدر تهديد للأمن الإنسانى، وإن كان فى حالات كثيرة، يُعد دوراً جوهرياً إلا أنه فى حالات أخرى لا يتجاوز دور الوسيط أو الأداة المسهلة ومن ذلك مثلاً دور العولمة فى إذكاء بعض النزاعات والعمليات الإرهابية وما إلى ذلك، إذ إن دور العولمة تمثل فى تعقيد تلك الأنماط من مصادر التهديد للأمن الإنساني وكذلك زيادة تأثيرها دون العمل على بروزها. ومن هذا المنطلق، لا يمكننا التعويل على العولمة بصورة مطلقة كمصدر رئيس لتهديد الأمن البشرى.

    وفى هذا السياق، يصبح المطلوب هو البحث عن آلية ملائمة لمواجهة تحديات الأمن الإنسانى فى القرن الحادى والعشرين، بحيث يتطلب التعامل مع مشكلات الأمن الإنساني البحث عن إطار جديد من "الحكم الرشيد الإنسانى".

    وبوجه عام، يُقصد بمفهوم الحكم الرشيد الإنساني نظامُ للحكم يقوم على مراعاة الاعتبارات الإنسانية، وتتمثل العلاقة بين المفهومين فى أنه بينما يركز مفهوم الأمن الإنساني على تحقيق ظروف الأمان والرخاء البشرى، نجد أن مفهوم الحكم الرشيد الإنساني ينصرف إلى إيجاد مجموعة من القواعد العامة التي تتعامل مع قضايا الأمن الإنساني فى هذا الصدد. ومن ثم، فكلاهما يكمل الأخر.

    وبوجه عام، فإن هذا النظام للحكم الرشيد لا يكون على المستويات المحلية فحسب، بل يشمل المستويات الإقليمية والعالمية. وهو ما يتطلب إصلاح ما تُعانيه المستويات الثلاث من خلل فى صدد الحديث عن سبل تحقيق الأمن الإنسانى.
    فعلى المستويات المحلية، فإن جزءاً كبيراً من مشكلات الأمن الإنسانى يكمن علاجه فى إصلاح ما نُعانيه من أوضاع مختلة على المستوى الداخلى، والتى يتطلب التعامل معها وجود إدراك بكافة أبعادها وتداعياتها بما يمكن أن يسهم فى التخفيف من حدتها. ومن أكثر ما تُعانيه الدول وخاصة الدول النامية من أوضاع مختلة تكمن فى قضايا التسلح، فرغم ما شهده العقد الأخير من القرن العشرين من اتجاه نحو تخفيض نسب الإنفاق العسكرى وإعادة تخصيصها للإنفاق على قضايا التعليم والصحة والقضايا التنموية بوجه عام، إلا أننا ما ماوالنا نلاحظ ارتفاع نسب الإنفاق العسكرى فى عددٍ من الدول غالبيتها إن لم يكن كلها يندرج فى إطار الدول النامية مما يزيد من خطورة المشكلة. وتُثير قضايا الإنفاق العسكرى إشكالية رئيسية تتعلق بالتوفيق بين اعتبارات الأمن الإنسانى والأمن القومى. إذ تميل الدول إلى تغليب اعتبارات الأمن القومى على الاعتبارات المتعلقة بالأمن الإنسانى. ومن ثم، فإن تحقيق التوازن بين الإنفاق العسكرى والإنفاق التنموى يُعد أمراً غاية فى الأهمية خاصة بالنسبة للدول النامية التى تبرز فيها تلك الإشكالية بصورة أساسية، وهو ما يتطلب إطاراً ملائماً للتوفيق بين اعتبارات الأمن التقليدى واعتبارات الأمن الإنسانى.

    من ناحية ثانية، تُعانى كافة الدول تقريباً من عدم الارتباط بين الأبنية والمؤسسات الاقتصادية والسياسية ومؤسسات الحماية الاجتماعية، فالقرارات الاقتصادية والسياسية تتخذ دون دراسة كافية لنتائجها الاجتماعية والإنسانية مما يزيد قضايا الأمن الإنسانى تعقيداً.

    على المستوى الإقليمى، يُقصد بمفهوم الحكم الرشيد كإطار لتحقيق الأمن الإنسانى التركيز على تقوية المؤسسات الإقليمية فى التعامل مع مشاكل ومصادر تهديد الأمن الإنسانى خاصة أن المنظمات الإقليمية تتسم بالفاعلية فى التعامل مع غالبية مشكلات الأمن الإنسانى التى تتسم فى معظمها بأنها ذات طبيعة متداخلة ومتشابكة ولا يمكن لدولة واحدة مواجهتها بمفردها، ومن ذلك مشكلات اللاجئين على سبيل المثال، إذ تتسم بعض المناطق بأنها ذات طبيعة خالصة من حيث عملية اللجوء. ومن ثم، فإن التعاون الإقليمى سيكون أكثر ملائمة فى هذا الصدد، إذ إن قضايا الأمن الإنسانى لا تقل أهمية عن القضايا التجارية والقضايا الاقتصادية التى تطرح بشدة كقضايا للتعاون الإقليمى بشأنها.

    أما المستوى الثالث( العالمي) لمثل هذا الإطار من الحكم الرشيد كمدخل لتحقيق الأمن الإنسانى فيبرز من خلال التركيز على الإصلاح المؤسسى على المستوى العالمى وإنشاء مؤسسات على المستوى العالمى كفيلة بالتعامل مع مصادر تهديد الأمن الإنسانى، وكذلك إصلاح نظام المساعدات الدولية. فإصلاح نظام المساعدات يُعد من القضايا المهمة والمؤثرة فى التعامل الكفء مع مشكلات الأمن الإنسانى فى الوقت الحالى. وهنا يجب التأكيد على أمر أساسى وهو ضرورة تغيير الفكر الخاص بالمساعدات من زاويتين تتعلق الأولى بضرورة وجود إدراك لدى الدول المقدمة للمساعدات بإلزامية تقديمها للمساعدات للدول الفقيرة، فضغط الأولى المتزايد على الموارد البيئية سبب وما زال يسبب ضرراً متزايداً للأخيرة. وعلى هذا الأساس، فالدول المتقدمة ملزمة بتعويضها عن تلك الأضرار. ومن ذلك، يكفى أن نشير إلى أنه إذا كان 5/1 سكان العالم فى الدول المتقدمة يستهلكون 84% من إنتاج الورق فى العالم، فإنها فى المقابل عليها تعويض 5/4 سكان هذا العالم عن هذا الاستهلاك المتزايد للموارد البيئية10. أما الأمر الثانى هو أنه بالنظر إلى نظام المساعدات فى الوقت الحالى نجد أنه ما زال يحمل طابع الحرب الباردة من حيث تركيز توجيه المساعدات إلى الدول الحليفة وتوجيه جزء كبير من تلك المساعدات إلى الإنفاق العسكرى فى دول تتسم بارتفاع إنفاقها العسكرى، والأهم من ذلك هو التهديد المستمر باستخدام سلاح قطع المساعدات للضغط على الدول المتلقية لتلك المساعدات. وهو ما يتطلب ضرورة إيجاد لجنة فى الأمم المتحدة تكون مهمتها التنسيق الدولى لقضايا المساعدات بحيث تتولى اللجنة مهمة توجيه الدول نحو مجالات توجيه المساعدات. كما أن هناك ضرورة لصياغة ميثاق دولى خاص بتوجيه المساعدات والذى يجب أن يركز على أوجه توجيه المساعدات ويضع ضوابط على الدول المتلقية لتلك المساعدات تتعلق بإنفاقها العسكرى وضرورة تخفيضه كشرط مسبق لحصولها على المساعدات، وكذلك تحديد أوجه إنفاق أو توجيه تلك المساعدات والتى يجب أن ترتكز على القضايا التنموية فحسب. فمن الضرورى وجود اتفاقية دولية أو ميثاق دولى يضع الأسس الملزمة للدول فى استخدام وتوجيه تلك المساعدات.

    أما المحور الأهم فى هذا الصدد فيتمثل فى ضرورة إصلاح الأمم المتحدة ومن ذلك ما اقترحته لجنة الحكم الرشيد وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى إذ اقترحا تشكيل مجلس الأمم المتحدة للأمن الاقتصادى United Nations Economic Security Council على غرار مجلس الأمن الدولى ويمكن تطوير الفكرة لتصبح مجلس الأمن الإنسانى United Nations Human Security Council وأهمية مجلس الأمن الإنسانى فى حال إنشائه فى تعامله مع قضايا الأمن الإنسانى فى مجملها فى حين أن مجلس الأمن الاقتصادى يتعامل مع قضايا الأمن الاقتصادى فحسب. أما فيما يتعلق بالربط بين طبيعة عمل هذا المجلس وعما إذا كان سيمثل أساساً للتدخل الدولى الإنسانى، هنا يجب التأكيد على أن فكرة إنشاء المجلس ستكون شبيهة بنفس الفلسفة التى يقوم عليها عمل مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين إذ تقوم بعمل اجتماعى- إنسانى بالأساس، فتدخل المفوضية فى أى دولة لحماية اللاجئين أو النازحين الداخليين لا يُنظر إليه على أنه تدخل فى الشئون الداخلية لتلك الدولة وإنما هو عمل له طبيعة اجتماعية بالأساس ليس له أبعاد سياسية وهى ذات الفكرة التى فى سياقها تتم الدعوة لإنشاء مجلس الأمن الإنسانى ليقوم بعمل ذى طبيعة اجتماعية بالأساس.





    المشرف العام
    المشرف العام
    Admin


    البلد : جامعة قاصدي مرباح .وقلة - الجزائر
    عدد المساهمات : 987
    نقاط : 11948
    تاريخ التسجيل : 04/12/2009
    العمر : 46
    الموقع : المشرف العام على المنتدى

    مفهوم وقضايا الأمن الإنسانى وتحديات الإصلاح فى القرن الحادي والعشرين Empty رد: مفهوم وقضايا الأمن الإنسانى وتحديات الإصلاح فى القرن الحادي والعشرين

    مُساهمة من طرف المشرف العام الجمعة مارس 30, 2012 12:05 pm

    شكرا راما لايف ،

    مفهوم وقضايا الأمن الإنسانى وتحديات الإصلاح فى القرن الحادي والعشرين 1233g10

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 01, 2024 8:20 pm