الموضوع الأول:
نشأة وتعديل الدساتير الجزائرية يعكس الدستور صورة و أوضاع المجتمع و هذه الأوضاع في تغيير مستمر و لهذا السبب
يتعين على الدستور أن يجاري هذه التغيرات فيمنح للشعب إمكانية إختيار القواعد التي تحكمها فلا يجوز إذن لأية أمة أن ترهن الأجيال القادمة للأحكام و القواعد التي إختارتها هي لنفسها كنموذج للحكم و الحقوق و الحريات ، و لا توجد بالتالي دساتير نهائية . و لهذا السبب ينبغي أن تخضع تلك الدساتير لتعديلات و إضافات ، و على صاحب السلطة التأسيسية الأصلية أن يدرج في أحكامها الإجراءات التي تمكن من مواكبة النص الدستوري للتحولات و تجاوز النقائص المحتملة و لغرض تحقيق ذلك تتضمن الدساتير الجزائرية الإجراءات و الشروط الواجب إتباعها لتعديلها ، فكيف تم وضع هذه الدساتير؟ و ما هي إجراءات تعديلها ؟
هذا السؤال يطرح مبحثا مهما للغاية للإجابة عليه يتطلع هذا البحث إلى تقديم إجابات محددة و بسيطة، استنادا بالدرجة الأولى ببعض المراجع العربية المتوفرة عن هذا الموضوع و من خلال الإرشادات داخل الحصة من طرف الأستاذة ، وبالنسبة لعناصر البحث فقد قمنا بتقسيمها إلى ثلاث مباحث موضحة في خطة البحث .
المبحث الأول : نشأة و تعديل الدساتير في ظل الأحادية الحربيــة
المطلب الأول : دستور 08 سبتمبر 1963
بموجب القانون الصادر في يوم 20 سبتمبر 1962 عن طريق الإستفتاء حدد في مهام أساسية هي :
- - وضع دستور للبلاد .
- تعيين حكومة مؤقتة .
- التشريع بأمم الشعب الجزائرية .
وهي الحالة الوحيدة التي عرفتها الجزائر منذ حصولها على الإستقلال . وللإشارة فإنه عندما بدأ المجلس التأسيسي عملية إعداد أول دستور في الجزائر سنة 1963 إستحوذ المكتب السياسي للحرب على هذه المهمة بحجة أن المجلس غير قادر على إستعاب الموضوع الحقيقي للثورة و الإستجابة لطموحات الشعب في العدالة الإجتماعية ، و كلف لجنة لإعداد المشروع ثم عرضه على ندوة وطنية للإطارات الحربية ، فصادقت عليه يوم 31 جويلية 1963 في اجتماع في سينما ماجيستيك وقد أدى هذا الأمر إلى خلاف مع رئيس المجلس التأسيسي فرحات عباس الذي قدم إستقالته و رغم ذلك قدم المشروع للمجلس التأسيسي في 10 سبتمبر 1963 وعرض على الإستفتاء الشعبي 08 سبتمبر 1963 و نشر بتاريخ 10 سبتمبر 1963 في الجريدة الرسمية . عمر هذا الدستور 23 يوم فقط حيث جمده رئيس الجهورية أحمد بن بلة 09 أكتوبر 1963 تطبيقا للمادة 59 من الدستور التي نصت على أنه في حالة الخطر الوشيك الوقوع يمكن لرئيس الجمهورية إتخاذ التدابير الإستثنائية لحماية إستقلال الأمه و المؤسسات الجمهورية و يجتمع المجلس الوطني وجوبا ، و لقد عرفت الجزائر أوسع عمليات مراجعة للدساتير فقد تم وقف العمل بدستور 1963 الأول للجزائر المستقاة بموجب الأمر 65/182 الصادر في 10 جويلية 1965 إثر إنقلاب 19 جوان 1965تحت قيادة الرئيس هواري بومدين و الذي أدى إلى إلغاء هذا الدستور و سمي تصحيحا ثوريا مقبولا من الناحية السياسية و التاريخية حتى و إن كان مرفوضا دستوريا ولقد خص دستور1963 على أربع مواد تحت عنوان تعديل الدستور وهي المادة : 71 ، 72 ، 73 ، 74 .
المطلب الثاني : دستور 22 نوفمبر 1976 .
حاولت جماعة 19 جوان 1965 تأسيس نظام سياسي مدستر فأصدرت نصين أحدهما ذو طابع سياسي إيديولوجي – فكري – وهو الميثاق الوطني حيث إعتبر بمثابة عقدين الحاكم و المحكومين إذ تضمن المحاور الكبرى لبناء المجتمع الإشتراكي و وحدة القيادة السياسية للحزب و الدولة أما الأخر فيعتبر تكريسا قانونيا لدول و هو الدستور الذي تم إعداد مشروعه من قبل لجنه خاصة ضمت متخصصين في السياسة و القانون في إطار حزب جبهة التحرير الوطني وكان ذلك في أكتوبر 1976 عقب ذلك تم إنعقاد ندوة وطنية تحت إشراف الحرب ، و نوقش و تم الموافقة على إصداره بتاريخ 6 نوفمبر 1976 و في 14 نوفمبر 1976 صدر المشروع الدستوري رسميا و ذلك بموجب أمر رئاسي حيث تم عرضه للإستفتاء الشعبي بتاريخ 19 نوفمبر 1976 فوافق عليه الشعب بالأغلبية ساحقة و بذلك أصدر الدستور بالأمر رقم 76 -97 في 22 نوفمبر 1976 و نشر في الجريدة الرسمية يوم 24نوفمبر1976 و من خلال قراءتنا للمواد 191. 192 . 193,
111/14 نلاحظ أن رئيس الجمهورية دون إشراك غيره من المؤسسات خلافا لدستور 1963 له حق المبادرة باقتراح تعديل الدستور حيث نصت المادة 191 على أنه لرئيس الجمهورية حق المبادرة باقتراح تعديل الدستور في نطاق الأحكام الواردة في هذا الفصل و لإقرار ذلك التعديل قد تتطلب أغلبية مطلقة إذا كان مشروع التعديل عادي غير معقد التي نصت عليه المادة 192, يقر المجلس الشعبي الوطني مشروع قانون التعديل الدستوري بأغلبية 3/2 ثلثي أعضائه. بينما إذا كان مشروع التعديل الدستوري يخص الأحكام الخاصة بتعديل الدستور فإنه من الضروري أن يتم إقراره بأغلبية ¾ ثلاثة أرباع المجلس الشعبي الوطني كما نصت عليه المادة 193, إذا تعلق مشروع قانون التعديل بالأحكام الخاصة بتعديل الدستور فمن الضروري أن يتم الإقرار بأغلبية ثلاثة أرباع ¾ المجلس الشعبي الوطني و في ظل هذا الدستور عرفنا في تعديلات بناءا على ما أقره المجلس الشعبي الوطني.
التعديل الأول :
تم طبقا للأحكام الفصل السادس المواد :191, 192 , 196 عن طريق القانون رقم 76- 6 في 7 جويلية 1979 أي باحترام الإجراءات الواردة في الدستور و شمل التعديل المواد التالية : 105-108-110-111-112-113-115-116-117 و إلغاء المادتين 179 و 195 و تحويل المادة 199 إلى المادة 198, كل هذه المواد تتعلق بمركز رئيس الجمهورية من حيث إجراءات إنتخابه و سلطاته.
التعديل الثاني :
تم طبقا لأحكام الفصل السادس من الدستور عن طريق القانون 80-01 المؤرخ في 12 جانفي 1980 و شمل المادة 190 حيث تتعلق بإنشاء مجلس محاسبة لمراقبة جميع النفقات العمومية للدولة و الحرب و المجموعات المحلية و الجهوية و المؤسسات الإشتراكية بجميع أنواعها.
التعديل الثالث :
تم بواسطة إستفتاء في نوفمبر 1988 حيث تم بموجب إحداث نظام الثنائية في الجهاز التنفيذي و أنشأ نتيجة ذلك مركزا لرئيس الحكومة , قيام مسؤولية الحكومة أمام البرلمان و طرح مسألة التصويت بالثقة فقط و لم يعمل بملتمس الرقابة , تم التعديل بموجب المادة 111/14 من الدستور الذي تقتضي باللجوء لاستفتاء الشعب حيث نصت على أنه يمكن له أن يعمد لاستفتاء الشعب في كل القضايا ذات الأهمية الوطنية.
المبحث الثاني : نشأة وتعديل الدساتير الجزائرية في ظل النظام اللبرالي
المطلب الأول : دستور28 نوفمبر1989
بالنسبة لهذا الدستور فإنه لم يكن وليد ظروف عادية ، و إنما لتلبية مطالب عديدة جسدتها أحداث أكتوبر التي جاءت كرد فعل لأوضاع سياسية و إقتصادية و إجتماعية مزرية أدت إلى فقدان أغلبية الشعب الثقة في السلطة و لأجل ذلك و حفاظا على مؤسسات الدولة قام رئيس الجمهورية الشادلي بن جديد بفتح باب الحوار و طرح القضايا الأساسية على الشعب للفصل بكل ديمقراطية كما وعد بالقيام بإصلاحات سياسية و دستورية ومنها دستور 23 فيفري 1989 . الذي كرس مبدأ التعددية الحربية و اقتصر على ذكر الجوانب القانونية المتعلقة بتنظيم السلطة و تحديد صلاحيتها و تكوين نظام الحريات و حقوق الأفراد .
و بعد الأزمة السياسية التي عرفتها الجزائر إثر إستقالة الرئيس الشاذلي بن جديد في11 جانفي 1992 مرت بمرحلتين إنتقاليتين إلى غاية وضع دستور 1996.
و لقد عدل دستور 1989 عن طريق الإستفتاء بموجب المادة 74/9 بعيدا عن أحكام الباب الرابع – المواد 163 الذي صدر في 28فيفري 1989 و نشر في الجريدة الرسمية يوم 1 مارس 1999.
164- 165 الخاص بالتعديل الدستوري .
المطلب الثاني : دستور 28 نوفمبر 1996.
إن هذا الدستور الأخير ما هو إلا نتيجة للظروف الإستثنائية التي تعيشها البلاد و الأوضاع المزرية على كل الأصعدة خاصة منذ إستقالة رئيس الجمهورية السابق الشاذلي بن جديد و تعطيل المسار الإنتخابي وما ترتب عن ذلك من أعمال هددت الأمن العام و الاستقرار السياسي و المؤسساتي للبلاد . و هذا ما دفع إلى إنشاء بعض المؤسسات الانتقالية منها المجلس الأعلى للدولة.
حيث كان الهدف من هذا الدستور سد مجموعة من الثغرات التي تضمنها دستور 1989 و خاصة فيما يخص حالة تزامن شغور منصب رئيس الجمهورية مع حل المجلس الشعبي الوطني.
و نظرا للأسباب السالفة الذكر تم اقتراح تعديل الدستور المصادق على إصدار نصه في استفتاء 28نوفمبر1996 بموجب المرسوم الرئاسي رقم 96/438 المؤرخ في 7ديسمبر1996و نشر في الجريدة الرسمية رقم28 المؤرخة في 28ديسمبر1996 حيث تم تعديله بموجب القانون رقم02/03 المؤرخ في 10افريل2002و المتضمن تعديل الدستور و نشر في الجريدة الرسمية رقم 25المؤرخة في14افريل2002و قد مكن هذا التعديل من إضافة مادة جديدة مصاغة على النحو التالي
المادة 3 مكرر:"تمازيغت هي كلغة وطنية تعمل الدولة لترقيتها و تطويرها بكل تنوعاتها اللسانية عبر التراب الوطني".
جاء هذا التعديل بهدف دسترة تمازيغت لغة وطنية بكل تنوعاتها اللسانية المستعملة عبر التراب الوطني و هذا بمبادرة من رئيس الجمهورية بعد اخذ رأي المجلس الدستوري و بعد مصادقة البرلمان بغرفتيه دون عرضه على الاستفتاء الشعبي للمادة 176من الدستور.
المبحث الثالث:القيود الواردة على تعديل
المطلب الأول :القيد الزمني
لا يمكن الشروع في تعديل الدستور في بعض الأوقات ففي الجزائر بموجب المدة 195/6 من دستور 1976 التي نصت على انه :"لا يمكن لأي مشروع لتعديل الدستور أن يمس بسلامة التراب الوطني " حيث لا يجوز اللجوء لتعديل الدستور في حالة المساس بسلامة التراب الوطني . و بموجب المادة 85 من دستور 1989 لا يمكن اللجوء لتعديل الدستور خلال فترة 45 يوما التي تلي اعلان شغور منصب رئيس الجمهورية. أما دستور 1976 فقد نصت المادة 90 على عدم جواز اللجوء للتعديل في حالة المانع.
المطلب الثاني: القيد الموضوعي
ويتعلق الأمر بهذا القيد بعدم جواز تعديل بعض احكام الدستور و ذلك نظرا تسموها و تعلقها بالخاصيات الاساسية للدولة و نظام الحكم.فقد حرمت المادة 195/1 من دستور 1976 اجراء تعديل الاحكام المتعلقة بالصفة الجمهورية للحكم ودين الدولة و الاختيار الاشتراكي و الحريات الأساسية للانسان و المواطن و مبدء التصويت عن طريق الاقتراع العام المباشر والسري. و قد اختفت هذه القيود في دستور 1989 لتظهر من جديد في نص المادة 178 من دستور 1996 و يتعلق الأمر بالطابع الجمهوري و النظام الديمقراطي القائم
على التعددية الحربية و الاسلام باعتباره دين الدولة و العربية باعتبارها اللغة الوطنية و الرسمية و الحريات الاساسية و حقوق الانسان و المواطن و سلامة التراب الوطني و وحدته.
الخاتمة :
حتى تكون الدساتير فعالة فلا بد لها من أن تساير التطور و أن تتغير بتغير الظروف ولا يتأتى هذا الا بتضمينها نصوصا تسمح بمراجعتها من حين لآخر لأن الجمود المطلق قد يؤدي الى محاولة تغييرها بالعنف و يعتقد البعض بأن السبب الأعظم في قياس الثورات يعود الى انه بينما تتطور الأمم تظل الدساتير ثابتة.
و التعديل يأتي كمرحلة وسط بين الانشاء (الوضع ) و الانهاء و هو لا يقتسر على تعديل احكام موجودة مثل المادة 5 من تعديل 3 نوفمبر 1988 بل قد تمتد الى الغاء بعض الاحكام مثل المواد 113-114-115 من دستور 1976 او اضافة اخرى مثل المواد 144/2 و 117/1 من تعديل 3 نوفمبر 1988 و تعديل دستور 1976 رغم انه احيانا قد تصعب التفرقة بين التعديل و الانشاء.
المراجع :
د/ بوكرا ادريس –الوجيز في القانون الدستوري و المؤسسات السياسية –دار الكتاب الحديث -2003
ا/ميلود ديدان –مباحث في القانون الدستوري و النظم السياسية –الطبعة1 –دار النجاح للكتاب الجزائري -2005
د/محفوظ لعشب -تجربة الدستورية في الجزائر 1963 – 1976 – 1988 – 1996 –دار الكتاب الحديث.
د/أمين شريط –الوجيز في القانون الدستوري و المؤسسات السياسية (المقارنة) –ديوان المطبوعات الجامعية.
د/فوزي اوصديق –الوسيط في النظم السياسية و القانون الدستوري(النظرية العامة للدساتير) –ديوان المطبوعات الجامعية.
د/فوزي اوصديق –الوافي في شرح القانون الدستوري –الجزء الثاني - ديوان المطبوعات الجامعية.
نشأة وتعديل الدساتير الجزائرية يعكس الدستور صورة و أوضاع المجتمع و هذه الأوضاع في تغيير مستمر و لهذا السبب
يتعين على الدستور أن يجاري هذه التغيرات فيمنح للشعب إمكانية إختيار القواعد التي تحكمها فلا يجوز إذن لأية أمة أن ترهن الأجيال القادمة للأحكام و القواعد التي إختارتها هي لنفسها كنموذج للحكم و الحقوق و الحريات ، و لا توجد بالتالي دساتير نهائية . و لهذا السبب ينبغي أن تخضع تلك الدساتير لتعديلات و إضافات ، و على صاحب السلطة التأسيسية الأصلية أن يدرج في أحكامها الإجراءات التي تمكن من مواكبة النص الدستوري للتحولات و تجاوز النقائص المحتملة و لغرض تحقيق ذلك تتضمن الدساتير الجزائرية الإجراءات و الشروط الواجب إتباعها لتعديلها ، فكيف تم وضع هذه الدساتير؟ و ما هي إجراءات تعديلها ؟
هذا السؤال يطرح مبحثا مهما للغاية للإجابة عليه يتطلع هذا البحث إلى تقديم إجابات محددة و بسيطة، استنادا بالدرجة الأولى ببعض المراجع العربية المتوفرة عن هذا الموضوع و من خلال الإرشادات داخل الحصة من طرف الأستاذة ، وبالنسبة لعناصر البحث فقد قمنا بتقسيمها إلى ثلاث مباحث موضحة في خطة البحث .
المبحث الأول : نشأة و تعديل الدساتير في ظل الأحادية الحربيــة
المطلب الأول : دستور 08 سبتمبر 1963
بموجب القانون الصادر في يوم 20 سبتمبر 1962 عن طريق الإستفتاء حدد في مهام أساسية هي :
- - وضع دستور للبلاد .
- تعيين حكومة مؤقتة .
- التشريع بأمم الشعب الجزائرية .
وهي الحالة الوحيدة التي عرفتها الجزائر منذ حصولها على الإستقلال . وللإشارة فإنه عندما بدأ المجلس التأسيسي عملية إعداد أول دستور في الجزائر سنة 1963 إستحوذ المكتب السياسي للحرب على هذه المهمة بحجة أن المجلس غير قادر على إستعاب الموضوع الحقيقي للثورة و الإستجابة لطموحات الشعب في العدالة الإجتماعية ، و كلف لجنة لإعداد المشروع ثم عرضه على ندوة وطنية للإطارات الحربية ، فصادقت عليه يوم 31 جويلية 1963 في اجتماع في سينما ماجيستيك وقد أدى هذا الأمر إلى خلاف مع رئيس المجلس التأسيسي فرحات عباس الذي قدم إستقالته و رغم ذلك قدم المشروع للمجلس التأسيسي في 10 سبتمبر 1963 وعرض على الإستفتاء الشعبي 08 سبتمبر 1963 و نشر بتاريخ 10 سبتمبر 1963 في الجريدة الرسمية . عمر هذا الدستور 23 يوم فقط حيث جمده رئيس الجهورية أحمد بن بلة 09 أكتوبر 1963 تطبيقا للمادة 59 من الدستور التي نصت على أنه في حالة الخطر الوشيك الوقوع يمكن لرئيس الجمهورية إتخاذ التدابير الإستثنائية لحماية إستقلال الأمه و المؤسسات الجمهورية و يجتمع المجلس الوطني وجوبا ، و لقد عرفت الجزائر أوسع عمليات مراجعة للدساتير فقد تم وقف العمل بدستور 1963 الأول للجزائر المستقاة بموجب الأمر 65/182 الصادر في 10 جويلية 1965 إثر إنقلاب 19 جوان 1965تحت قيادة الرئيس هواري بومدين و الذي أدى إلى إلغاء هذا الدستور و سمي تصحيحا ثوريا مقبولا من الناحية السياسية و التاريخية حتى و إن كان مرفوضا دستوريا ولقد خص دستور1963 على أربع مواد تحت عنوان تعديل الدستور وهي المادة : 71 ، 72 ، 73 ، 74 .
المطلب الثاني : دستور 22 نوفمبر 1976 .
حاولت جماعة 19 جوان 1965 تأسيس نظام سياسي مدستر فأصدرت نصين أحدهما ذو طابع سياسي إيديولوجي – فكري – وهو الميثاق الوطني حيث إعتبر بمثابة عقدين الحاكم و المحكومين إذ تضمن المحاور الكبرى لبناء المجتمع الإشتراكي و وحدة القيادة السياسية للحزب و الدولة أما الأخر فيعتبر تكريسا قانونيا لدول و هو الدستور الذي تم إعداد مشروعه من قبل لجنه خاصة ضمت متخصصين في السياسة و القانون في إطار حزب جبهة التحرير الوطني وكان ذلك في أكتوبر 1976 عقب ذلك تم إنعقاد ندوة وطنية تحت إشراف الحرب ، و نوقش و تم الموافقة على إصداره بتاريخ 6 نوفمبر 1976 و في 14 نوفمبر 1976 صدر المشروع الدستوري رسميا و ذلك بموجب أمر رئاسي حيث تم عرضه للإستفتاء الشعبي بتاريخ 19 نوفمبر 1976 فوافق عليه الشعب بالأغلبية ساحقة و بذلك أصدر الدستور بالأمر رقم 76 -97 في 22 نوفمبر 1976 و نشر في الجريدة الرسمية يوم 24نوفمبر1976 و من خلال قراءتنا للمواد 191. 192 . 193,
111/14 نلاحظ أن رئيس الجمهورية دون إشراك غيره من المؤسسات خلافا لدستور 1963 له حق المبادرة باقتراح تعديل الدستور حيث نصت المادة 191 على أنه لرئيس الجمهورية حق المبادرة باقتراح تعديل الدستور في نطاق الأحكام الواردة في هذا الفصل و لإقرار ذلك التعديل قد تتطلب أغلبية مطلقة إذا كان مشروع التعديل عادي غير معقد التي نصت عليه المادة 192, يقر المجلس الشعبي الوطني مشروع قانون التعديل الدستوري بأغلبية 3/2 ثلثي أعضائه. بينما إذا كان مشروع التعديل الدستوري يخص الأحكام الخاصة بتعديل الدستور فإنه من الضروري أن يتم إقراره بأغلبية ¾ ثلاثة أرباع المجلس الشعبي الوطني كما نصت عليه المادة 193, إذا تعلق مشروع قانون التعديل بالأحكام الخاصة بتعديل الدستور فمن الضروري أن يتم الإقرار بأغلبية ثلاثة أرباع ¾ المجلس الشعبي الوطني و في ظل هذا الدستور عرفنا في تعديلات بناءا على ما أقره المجلس الشعبي الوطني.
التعديل الأول :
تم طبقا للأحكام الفصل السادس المواد :191, 192 , 196 عن طريق القانون رقم 76- 6 في 7 جويلية 1979 أي باحترام الإجراءات الواردة في الدستور و شمل التعديل المواد التالية : 105-108-110-111-112-113-115-116-117 و إلغاء المادتين 179 و 195 و تحويل المادة 199 إلى المادة 198, كل هذه المواد تتعلق بمركز رئيس الجمهورية من حيث إجراءات إنتخابه و سلطاته.
التعديل الثاني :
تم طبقا لأحكام الفصل السادس من الدستور عن طريق القانون 80-01 المؤرخ في 12 جانفي 1980 و شمل المادة 190 حيث تتعلق بإنشاء مجلس محاسبة لمراقبة جميع النفقات العمومية للدولة و الحرب و المجموعات المحلية و الجهوية و المؤسسات الإشتراكية بجميع أنواعها.
التعديل الثالث :
تم بواسطة إستفتاء في نوفمبر 1988 حيث تم بموجب إحداث نظام الثنائية في الجهاز التنفيذي و أنشأ نتيجة ذلك مركزا لرئيس الحكومة , قيام مسؤولية الحكومة أمام البرلمان و طرح مسألة التصويت بالثقة فقط و لم يعمل بملتمس الرقابة , تم التعديل بموجب المادة 111/14 من الدستور الذي تقتضي باللجوء لاستفتاء الشعب حيث نصت على أنه يمكن له أن يعمد لاستفتاء الشعب في كل القضايا ذات الأهمية الوطنية.
المبحث الثاني : نشأة وتعديل الدساتير الجزائرية في ظل النظام اللبرالي
المطلب الأول : دستور28 نوفمبر1989
بالنسبة لهذا الدستور فإنه لم يكن وليد ظروف عادية ، و إنما لتلبية مطالب عديدة جسدتها أحداث أكتوبر التي جاءت كرد فعل لأوضاع سياسية و إقتصادية و إجتماعية مزرية أدت إلى فقدان أغلبية الشعب الثقة في السلطة و لأجل ذلك و حفاظا على مؤسسات الدولة قام رئيس الجمهورية الشادلي بن جديد بفتح باب الحوار و طرح القضايا الأساسية على الشعب للفصل بكل ديمقراطية كما وعد بالقيام بإصلاحات سياسية و دستورية ومنها دستور 23 فيفري 1989 . الذي كرس مبدأ التعددية الحربية و اقتصر على ذكر الجوانب القانونية المتعلقة بتنظيم السلطة و تحديد صلاحيتها و تكوين نظام الحريات و حقوق الأفراد .
و بعد الأزمة السياسية التي عرفتها الجزائر إثر إستقالة الرئيس الشاذلي بن جديد في11 جانفي 1992 مرت بمرحلتين إنتقاليتين إلى غاية وضع دستور 1996.
و لقد عدل دستور 1989 عن طريق الإستفتاء بموجب المادة 74/9 بعيدا عن أحكام الباب الرابع – المواد 163 الذي صدر في 28فيفري 1989 و نشر في الجريدة الرسمية يوم 1 مارس 1999.
164- 165 الخاص بالتعديل الدستوري .
المطلب الثاني : دستور 28 نوفمبر 1996.
إن هذا الدستور الأخير ما هو إلا نتيجة للظروف الإستثنائية التي تعيشها البلاد و الأوضاع المزرية على كل الأصعدة خاصة منذ إستقالة رئيس الجمهورية السابق الشاذلي بن جديد و تعطيل المسار الإنتخابي وما ترتب عن ذلك من أعمال هددت الأمن العام و الاستقرار السياسي و المؤسساتي للبلاد . و هذا ما دفع إلى إنشاء بعض المؤسسات الانتقالية منها المجلس الأعلى للدولة.
حيث كان الهدف من هذا الدستور سد مجموعة من الثغرات التي تضمنها دستور 1989 و خاصة فيما يخص حالة تزامن شغور منصب رئيس الجمهورية مع حل المجلس الشعبي الوطني.
و نظرا للأسباب السالفة الذكر تم اقتراح تعديل الدستور المصادق على إصدار نصه في استفتاء 28نوفمبر1996 بموجب المرسوم الرئاسي رقم 96/438 المؤرخ في 7ديسمبر1996و نشر في الجريدة الرسمية رقم28 المؤرخة في 28ديسمبر1996 حيث تم تعديله بموجب القانون رقم02/03 المؤرخ في 10افريل2002و المتضمن تعديل الدستور و نشر في الجريدة الرسمية رقم 25المؤرخة في14افريل2002و قد مكن هذا التعديل من إضافة مادة جديدة مصاغة على النحو التالي
المادة 3 مكرر:"تمازيغت هي كلغة وطنية تعمل الدولة لترقيتها و تطويرها بكل تنوعاتها اللسانية عبر التراب الوطني".
جاء هذا التعديل بهدف دسترة تمازيغت لغة وطنية بكل تنوعاتها اللسانية المستعملة عبر التراب الوطني و هذا بمبادرة من رئيس الجمهورية بعد اخذ رأي المجلس الدستوري و بعد مصادقة البرلمان بغرفتيه دون عرضه على الاستفتاء الشعبي للمادة 176من الدستور.
المبحث الثالث:القيود الواردة على تعديل
المطلب الأول :القيد الزمني
لا يمكن الشروع في تعديل الدستور في بعض الأوقات ففي الجزائر بموجب المدة 195/6 من دستور 1976 التي نصت على انه :"لا يمكن لأي مشروع لتعديل الدستور أن يمس بسلامة التراب الوطني " حيث لا يجوز اللجوء لتعديل الدستور في حالة المساس بسلامة التراب الوطني . و بموجب المادة 85 من دستور 1989 لا يمكن اللجوء لتعديل الدستور خلال فترة 45 يوما التي تلي اعلان شغور منصب رئيس الجمهورية. أما دستور 1976 فقد نصت المادة 90 على عدم جواز اللجوء للتعديل في حالة المانع.
المطلب الثاني: القيد الموضوعي
ويتعلق الأمر بهذا القيد بعدم جواز تعديل بعض احكام الدستور و ذلك نظرا تسموها و تعلقها بالخاصيات الاساسية للدولة و نظام الحكم.فقد حرمت المادة 195/1 من دستور 1976 اجراء تعديل الاحكام المتعلقة بالصفة الجمهورية للحكم ودين الدولة و الاختيار الاشتراكي و الحريات الأساسية للانسان و المواطن و مبدء التصويت عن طريق الاقتراع العام المباشر والسري. و قد اختفت هذه القيود في دستور 1989 لتظهر من جديد في نص المادة 178 من دستور 1996 و يتعلق الأمر بالطابع الجمهوري و النظام الديمقراطي القائم
على التعددية الحربية و الاسلام باعتباره دين الدولة و العربية باعتبارها اللغة الوطنية و الرسمية و الحريات الاساسية و حقوق الانسان و المواطن و سلامة التراب الوطني و وحدته.
الخاتمة :
حتى تكون الدساتير فعالة فلا بد لها من أن تساير التطور و أن تتغير بتغير الظروف ولا يتأتى هذا الا بتضمينها نصوصا تسمح بمراجعتها من حين لآخر لأن الجمود المطلق قد يؤدي الى محاولة تغييرها بالعنف و يعتقد البعض بأن السبب الأعظم في قياس الثورات يعود الى انه بينما تتطور الأمم تظل الدساتير ثابتة.
و التعديل يأتي كمرحلة وسط بين الانشاء (الوضع ) و الانهاء و هو لا يقتسر على تعديل احكام موجودة مثل المادة 5 من تعديل 3 نوفمبر 1988 بل قد تمتد الى الغاء بعض الاحكام مثل المواد 113-114-115 من دستور 1976 او اضافة اخرى مثل المواد 144/2 و 117/1 من تعديل 3 نوفمبر 1988 و تعديل دستور 1976 رغم انه احيانا قد تصعب التفرقة بين التعديل و الانشاء.
المراجع :
د/ بوكرا ادريس –الوجيز في القانون الدستوري و المؤسسات السياسية –دار الكتاب الحديث -2003
ا/ميلود ديدان –مباحث في القانون الدستوري و النظم السياسية –الطبعة1 –دار النجاح للكتاب الجزائري -2005
د/محفوظ لعشب -تجربة الدستورية في الجزائر 1963 – 1976 – 1988 – 1996 –دار الكتاب الحديث.
د/أمين شريط –الوجيز في القانون الدستوري و المؤسسات السياسية (المقارنة) –ديوان المطبوعات الجامعية.
د/فوزي اوصديق –الوسيط في النظم السياسية و القانون الدستوري(النظرية العامة للدساتير) –ديوان المطبوعات الجامعية.
د/فوزي اوصديق –الوافي في شرح القانون الدستوري –الجزء الثاني - ديوان المطبوعات الجامعية.
الأحد نوفمبر 27, 2022 9:16 pm من طرف Faizafazo
» برنامج احترافي في تنقيط التلاميذ تربية بدنية ورياضية وكل ما يحتاجه استاذ التربية البدنية والرياضية في المتوسط
الأحد يونيو 27, 2021 7:33 pm من طرف تمرت
» مفاهيم عامة .الاعلام و الاتصال
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:51 am من طرف المشرف العام
» نظريات الاعلام وحرية الصحافة و علاقة الصحافة بالسلطة
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:50 am من طرف المشرف العام
» نشأة وتطور الصحافة في العالم و الوطن العربي
الجمعة يناير 15, 2021 11:48 am من طرف المشرف العام
» ترحيب و تعارف
السبت يونيو 13, 2020 10:39 pm من طرف صقر السردي
» كتب تاريخ الجزائر في القديم والحديث
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الثورة الجزائرية ،"ثورة المليون و نصف المليون شهيد"
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الادارة وتعريفها
السبت مايو 16, 2020 3:28 pm من طرف المشرف العام
» مقياس :تاريخ وسائل الاعلام
السبت مايو 16, 2020 2:57 pm من طرف المشرف العام