بقلم: نجيم دريكش الدحماني ، في 6 يناير 2008 الساعة: 12:56 م -مدونات مكتوب
العولمة ، الحداثة، الحضارة …، و تأثيرها على العالم العربي.
مقدمة
تميزت التحولات الدولية الأخيرة بزيادة عمليات الاتصال المتعددة الأوجه و المجالات بشكل تلاشت فيه الحدود بحيث أصبح العالم عبارة عن قرية صغيرة. و قد نتج عن ذلك حالات من التعاون أو الصراع في أشكال غير مسبوقة، و يعتبر ذلك انعكاسا طبيعيا لتفاقم تداعيات ظاهرة العولمة. و من جهة أخرى تحول التنافس الذي كان سائدا بين الشرق و الغرب إلى تفاوت صارخ بين الشمال و الجنوب.
و في هذا الصدد برزت إلى السطح الكثير من المفاهيم و المصطلحات مثل: العولمة، الحداثة و ما بعد الحداثة، الثقافة، الحضارة …، و لاقت اهتماما واضحا من قبل المفكرين من خلال عقد العديد من الندوات و الحلقات النقاشية بهذا الشأن خاصة العرب منهم، بحكم موقعهم في النظام الدولي الجديد من جهة، و من أجل محاولة الاستعداد للتأقلم وتفادي الانجراحية Vulnérabilité ) ) من جهة أخرى.
و رغم أن أفكار الحداثة و الأسس التي يمكن أن تؤدي إلى التطور و التقدم ليست حكرا على مجتمعات و دول الشمال ـ على الأقل على المستوى النظري ـ إلا أن إشكالية التخلف و التبعية متعددة المجالات مازالت تطبع معظم إن لم نقل كل الدول العربية كجزء مهم من العالم الثالث.
و على هذا الأساس نتساءل: كيف أثرت العولمة و الحداثة على العالم العربي ؟
و قبل البداية في تقديم هذه الورقة نضع الفرضية التالية: كلما كان التحديث مراعيا لخصوصيات البيئة الداخلية كان ناجعا، و كلما أُهملت هذه الخصوصيات أدى ذلك إلى العكس.
و سنحاول معالجة هذه الإشكالية و الفرضية من خلال العناصر التالية:
أولاً: الإطار النظري و المفاهيمي
01. تحديد المفاهيم
02. التحليل النظري الماركسي لتأثير العولمة.
ثانياً: تأثير العولمة والحداثة على العالم العربي.
01. الانعكاسات السلبية.
02. سبل المواجهة و التكيف.
خاتمة.
أولاً: الإطار النظري و المفاهيمي
01. تحديد المفاهيم:
إضافة إلى مفهومي العولمة و الحداثة، نحاول أن نتناول بعض المفاهيم الأخرى ذات الدلالة القريبة من هذين المفهومين، و المتداولة في نقاشات من هذا النوع، و التي تكون أحيانا متداخلة مثل: الحضارة و الثقافة.
1. الثقافة و الحضارة Culture et Civilisation :
بالنسبة لمفهوم الثقافة، فإن هناك العديد من التصورات و التعاريف حول هذا المصطلح، تتباين بعضها و يتقارب البعض الآخر. غير الذين بحثوا في هذا المفهوم أقروا بأنها ” ثمرة كل نشاط محلي نابع عن البيئة و معبر عنها و مواصل لتقاليدها في هذا الميدان أو ذاك “.(1)
و المنجز الثقافي كما يرى جون ديوي هو محصلة التفاعل بين الإنسان و بيئته (2) ، في حين يرى ابن خلدون أن الثقافة مرادف للعمران.
أما الحضارة فتختلف التعاريف حولها باختلاف المفكرين و الزوايا التي ينظرون منها خاصة العناصر المكونة للحضارة.
و يعتبر تعريف وول ديورنت صاحب موسوعة ” قصة الحضارة ” من بين أشمل التعاريف و أكثرها تجريدا، حيث يعرفها بأنها : ” نظام اجتماعي يعين الإنسان على زيادة إنتاجه الثقافي، و تتكون من عناصر أربعة هي: الموارد الاقتصادية، النظم السيــاسية، التقاليد الخلقية (القيم الأخلاقية و الدينية)، و العلوم و الفنون، و هي تبدأ حيث ينتهي القلق و الاضطراب…” (3)
و إذا أردنا أن نربط بين الثقافة و الحضارة فيمكن القول بأن الحضارة ملك للجميع و يجب أن تكون كذلك، أما الثقافة فهي حالة يختص بها شعب ما، و هذه الخاصية تمكنه من تأطير نفسه و تحديد هويته بناء على عناصرها و أدواتها الحية المتحركة و الفاعلة في مختلف الاتجاهات التي تؤكد خصوصية هذا الشعب.. ، و الثقافة التي تأخذ بعدا إنسانيا ه التي تخلق حضارة إنسانية “.(4)
ب. الحداثة Modernisme :
الحداثة أو التحديث Modernisation في جانبها الفلسفي و المجرد تعني التحول من نمط إلى نمط جديد، و الثورة على ما هو تقليدي و غير مفيد من مفاهيم و قيم و ثقافة، مع رفض الإتباع غي الواعي أو الموروث، و ينبع هذا التوجه من الذات الفردية أو الجماعية، و ذلك بعد عجز النمط القديم عن مسايرة التطورات الجديدة.
ب.1. الحداثة الغربية:
بتعلق مصطلح الحداثة عود الغرب بحركة النقد الأدبي و الفكري و الثقافي و الفلسفي و الاجتماعي…، و التي بدأت في أوروبا منذ أواخر القرن السادس عشر و بداية القرن السابع عشر، و تأثير ذلك كله في الليبرالية السياسية و الاقتصاد والديمقراطية و حقوق الإنسان و باقي المجالات.
و يعتبر المؤرخ البريطاني آرنولد توينبي أن الحداثة قد بدأت في 1875، و قد شهدت الفترة ما بين (1910-1950) ذروة نشاط الحداثة لتبدأ بعد ذلك حقبة أخرى اصطلح على تسميتها ” ما بعد الحداثة “. وإن كان البعض يعتبر ما بعد الحداثة ظاهرة ارتبطت بالمعلوماتية و الاتصال، فإنها ـ وما كان قبل ذلك ـ تعتبر من امتدادات الحداثة المرتبطة بالصناعة (5)
و عن الحداثة في شقها السياسي يرى صامويل هينتنغتون أنه كلما كانت هناك أحزاب سياسية متعددة و قوية كلما كانت هناك مشاركة أوسع، و أدى ذلك إلى حل النزاعات بالطرق السلمية و بالتالي يكون لدينا استقرار سياسي، عندها نكون أمام حداثة أحسن.(6)
هناك كذلك من يربط الحداثة الغربية ـ خاصة في جانبها السياسي ـ بإفرازات الحرب العالمية الثانية، أين وجدت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها أمام وضع دولي يطالبها بلعب دور قومي من جهة و دولي من جهة أخرى غير مسبوق.
إذن هناك طروحات متعددة و مختلفة حول الحداثة الغربية بحيث يمكننا أن نقول أن هناك حداثات متعددة و ليس حداثة واحدة.
ب.2. الحداثة العربية و الإسلامية:
إذا أردنا أن نرجع إلى الحداثة في إطارها الفلسفي فإنا نجد ـ و بصفة موضوعية ـ أنها ليست أمرا جديدا على الحضارة العربية و الإسلامية، فالإسلام بحد ذاته مشروع حداثي غير القيم و المفاهيم السائدة و أبقى على ما هو حسن، و حرك أتباعه نحو التحرير و النهضة و التغير نحو الأفضل، و رفض التقليد و الإتباع عن غير علم و عن غير هدف، و كان ذلك منذ بداية رسالة الإسلام.
و شهد الفكر و العمل الإسلامي العربي حالات من الحداثة و التجديد المهمة و المتتابعة، و أهمها حركات و جهود الإصلاح التي بدأت في القرن التاسع عشر الميلادي مع محمد عبده ، وجمال الدين الأفغاني، و تلامذتهما أمثال لطفي السيد و رشيد رضا.. وغبرهم، (7)
و بالنسبة للحداثة العربية الإسلامية اليوم، فإنها حبيسة الأذهان و لا تتعد مجرد بعض الأفكار التي لا سبيل إلى تمكينها، و ذلك راجع إلى سيطرة عامل القوة التي تحمي و تجسد الفكرة على أرض الواقع.
و إذا أردنا أن نجري مقارنة بسيطة بين الحداثة الغربية والحداثة العربية الإسلامية، فإن الفرق الجوهري بينهما ـ و الذي جعل النمط الأول أكثر انتشارا و تمكينا في واقع اليوم ـ هو امتلاك الأدوات اللازمة و القوة الكافية تماما التي تؤدي إلى ذلك.
ج. مفهوم العولمة Mondialisation :
كما نعلم فإنه ليس هناك تعريف جامع مانع للعولمة في أدبيات العلاقات الدولية من حيث المفهوم أو ظهورها أو طبيعتها، فهذا المصطلح يحمل عدة تفسيرات، لذلك نحاول أن نأخذ بعض التعاريف ومنها:
تعريف صادق جلال العظم للعولمة: ” هي وصول نمط الإنتاج الرأسمالي إلى نقطة الانتقال من عالمية دائرة التبادل و التوزيع في السوق إلى عالمية دائرة الإنتاج و إدارة الإنتاج “
تعريف الجابري: ” العولمة تعني الهيمنة و فرض نمط واحد للاستهلاك و السلوك “.(
تعريف الأستاذ كيبش عبد الكريم: ” العولمة هي اتجاه Tondency ، يريد المجتمع الدولي الوصول إليها أو يكون قد وصلها نتيجة التداخل الدولي المبني على الاعتماد المتبادل، و الانتقال إلى مستوى أعلى من التفاعلات الدولية الجديدة في ظل وجود وحدات أخرى منافسة لدولة القومية في سيادتها، بحيث تصبح العلاقات تتصف بالشمولية خاصة بالنسبة للاقتصاد و التجارة الدولية و تحرك رؤوس الأموال “.(9)
ورغم اختلاف التعاريف الواردة حول العولمة إلا أن هناك شبه إجماع على أنها مسار لظاهرة متعددة الأبعاد و الانعكاسات. تتجه في مجملها نحو التأكيد على أن آليات اقتصادية و معلوماتية و ثقافية و سياسية عديدة، ساهمت في اتجاه العالم نحو التزي بزي موحد أو التشكل بمظاهر متشابهة في عوالم السياسية و الاقتصاد و المعلومات و الثقافة. (10) و ذلك وفق النمط الغربي الأمريكي.
و فيما يخص علاقة المفاهيم آنفة الذكر بعضها البعض فإن الحضارة أشمل من القافة و الحداثة و العولمة، أما من الناحية العملية و الواقعية فإن العولمة هي النمط المهيمن، و الحداثة هي صورة أو شكل من أشكالها، في حين أن الحضارة بالمفهوم المهيمن هي المكون الداخلي أو جوهر العولمة.
02. التحليل النظري الماركسي لتأثير العولمة:
و نعتمد في تحليلنا على أهم نظريتين في المدرسة الماركسية من أجل فهم و تفسير علاقة التأثير و التأثر بين الشمال و الجنوب.
أ. نظرية المركز و المحيط:
تنسب هذه النظرية إلى سمير أمين على إثر مجيء العالم الثالث كمصطلح و كواقع إلى الساحة الدولية، و استنادا إلى مفهومي “المركز”و“المحيط ” يقسم العالم إلى بلدان المركز الرأسمالية، و يعني بذلك الدول الغربية المصنعة من ناحية، و من ناحية أخرى دول المحيـط التي تضم عددا ضخما من دول العالم الثالث المتخلفة. و وفق هذه النظرية تتلخص العلاقات الدولية في علاقات التبعية و السيطرة بين البلدان المتـقدمة في الشمال و البلدان المتخلفة في الجنوب (11) .
إلا أن محاولة فهم و تفسير أسباب التخلف لدى دول العالم الثالث كان واضحا في نظرة التبعية أكثر منه في نظرية المركز و المحيط.
ب. نظرية التبعية:
كانت هذه النظرية نتاج تنامي المقتربات البنيوية أو الماركسية /البينينية في دول أمريكا اللاتينية (12) ، وتقوم على تحليل عوامل التخلف و أسباب بقائه، و انتقاد التصورات السلوكية المتمثلة في التأكيد على أن التخلف منشؤه البنية الثقافية و الحالة النفسية لما يسمى بالمجتمعات التقليدية العاجزة عن الارتقاء إلى مستوى الحداثة.
و على خلاف التيار الواقعي يعتقد رواد التبعية أن الدولة ليست الفاعل الوحيد، بل هي في حد ذاتها نظام اجتماعي مكون من طبقات (13)، فالتبعية و التخلف تبدأ داخل هذا النظام الاجتماعي الذي تخضع فيه الطبقة الكادحة لمُلاك رؤوس الأموال وسائل الإنتاج.
و نظرية التبعية ترى أن ظاهرتي التنمية و التخلف صورتان لواقع واحد، هو واقع النظام الدولي الذي أقامه ظهور الرأسمالية و تطور هذا النظام. فالتبعية هي حالة من خلالها يبقى اقتصاد عدد معين من الدول مشروطا بتطور و توسع دول أخرى،.. بوضع الدول التابعة في موقع متخلف مستغلة من قبل الدول المسيطرة (14)
و منه فإنه وفق هذا المنظور فإن العولمة ـ رغم كونها ظاهرة جديد إلى حد ما ـ فإنها تكرس من خلال مختلف آلياتها لعلاقات تبعية في شكل أخطر من الشكل التقليدي حسبما يراه مناهضو العولمة.
ثانيا: تأثير العولمة و الحداثة على العالم العربي:
رغم خروج الدول العربية من الاستعمار و مباشرتها لعمليات التحديث و بناء الدولة القومية، إلا أن التاريخ المعاصر يشهد على الأوضاع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي مرت بها هذه الدول عبر مختلف التحولات الدولية الكبرى حديثا ( الحربين العالميتين و الحرب الباردة و نهايتها ).
و يقر الواقع الحالي لهذه الدول على أنها مازالت تعاني التخلف على مستويات مختلفة و سبب ذلك راجع إلى كون هذه الدول تعرضت للاستعمار المباشر الذي نتجت عنه العديد من الآثار السلبية على المجتمعات العربية. و من جهة أخرى أدى تراجع الاتحاد السوفيتي إلى وضع حرج لأغلب الدول العربية التي كانت تنهج النهج الاشتراكي، حيث تكيفت سلبيا مع هذه التحولات.
و بعد هذه التحولات، كانت ظاهرة العولمة ـ بمظهرها الحاثي الغربي ـ قد أسست لنمط جديد من التفاعلات الدولية التي تسودها هيمنة القطب الواحد في ظ استمرار اتساع الهوة بين الشمال و الجنوب.
01. الانعكاسات السلبية:
أ. على المستوى السياسي:
لعل أبرز العوامل والمتغيرات الدولية المعاصرة أو العوامل الخارجية التي دفعت بالبلدان العربية نحو مزيد من التداعي و التراجع، تمثلت في انهيار الاتحاد السوفيتي ـ كما ذكرنا ـ و الهجوم الإمبريالي ضد العراق (المحاصر)، و ولادة مشاريع التسوية العربية / الإسرائيلية و ما تلا ذلك من عمليات التطبيع السياسي للعديد من بلدان النظام العربي مع العدو الصهيوني (15). و هذا ما أدى إلى تفكك و فوضى في النظام العربي الإقليمي.
لقد أدى هذا الوضع إلى تغير في المفاهيم و المبادئ والأهداف،.. حيث انتقل النظام العربي بمجمله من أرضية التحرر الوطني و الاجتماعي كعنوان رئيسي (سابق) إلى أرضية التبعية و الانفتاح و الارتهان السياسي كعنوان جديد.. ، و لم تعد بذلك القضايا العربية الداخلية و الخارجية عموما و القضية الفلسطينية بالذات، تمثل صراعا مصيريا لا يقبل المصالحة بين طرفيه: الإمبريالية العالمية و إسرائيل من جهة، و حركة التحرير الوطني العربية من جهة أخرى. و تحول التنفس و الصراع الأساسي إلى شكل آخر أشبه بالتوافق الرسمي العربي / الأمريكي / الإسرائيلي (16).
إن ما يمكن أن نقوله في هذا الجانب، هو أن الدول العربية قد أصبحت شبه فاقدة للسيادة لعدم قدرتها على تبني أي موقف شجاع و صارم في هذا المجال، نتيجة تبني مبدأ المصلحة القطرية الضيقة الذي زاد في عدم فعالية مؤسسات التكامل و الاندماج العربية.
ب. على المستوى الاقتصادي:
لقد قام بالوظيفة الاقتصادية للعولمة أهم مؤسستين من المؤسسات الدولية التي كرست لخدمة النظام الرأسمالي الراهن، و هاتين المؤسستين هما:
- صندوق النقد الدولي: الذي يشرف على إدارة النظام النقدي العالمي و يقوم بوضع سياساته و قواعده الأساسية، و ذلك بالتنسيق الكامل مع البنك الدولي، سواء في تطبيق برامج الخصخصة و التكيف الهيكلي أو في إدارة القروض و الفوائد و الإشراف على فتح أسواق الدول النامية أمام حركة بضائع و رؤوس أموال البلدان المصنعة.
- منظمة التجارة العالمية: و هي أهم و أخطر مؤسسة من مؤسسات العولمة الاقتصادية، تقوم بالإشراف على إدارة النظام التجاري العالمي الهادف إلى تحرير التجارة الدولية و إزاحة الحواجز الجمركية، و تأمين حرية السوق و تنقل البضائع.. بالتنسيق المباشر وعبر دور مركزي مع للشركات متعددة الجنسية (17).
و رغم محاولة مسايرة و استجابة الدول العربية لإملاءات مؤسسات الحكم الاقتصادي العالمي، إلا أن ذلك لم يكن بالشكل الذي يحمي هذه الدول من مختلف الآثار السلبية، و نبين ذلك من خلال ما يلي:
· تخلي الحكومات عن القيام بمسؤولية التنمية نتيجة تهميش عمليات التخطيط المركزي المتعلقة بتنمية مختلف القطاعات الحساسة، قابل ذلك فشل القطاع الخاص في سد الفراغ كونه يهدف إلى الربح فقط.
· العجز في زيادة الادخار المحلي و الفشل في اجتلاب الاستثمار الأجنبي.
· ندرة التصدير خارج مجال المحروقات.
· زيادة مظاهر التبعية خاصة في مجال التكنولوجيا و الطاقة البديلة و التقنية، و أحيانا حتى في مجال الغذاء و اللباس.
· تراجع أو شبه غياب التجارة البينية العربية.
· تراجع نسبة مساهمة الإنتاج الإجمالي العربي من إجمالي الإنتاج العالمي،( من 3.1 % أي ما يعادل 650 مليار دولار سنة 1993، إلى 2.3 % أي ما يعادل 599 مليار دولار سنة 2000 (18).
ج. على المستوى الاجتماعي:
يرى الباحث الفلسطيني غازي الصوراني أن أزمة المجتمع العربي تعود في جوهرها إلى أن البلدان العربية عموما لا تعيش زمنا حداثيا أ حضاريا، و لا تنتسب له جوهريا، و ذلك بسبب فقدانها ـ بحكم تبعيتها البنيوية ـ للبوصلة من جهة، و للأدوات الحداثية الحضارية و المعرفية الداخلية التي يمكن أن تحدد طبيعة التطور المجتمعي العربي و مساره و علاقته بالحداثة والحضارة العالمية أو الإنسانية ” (19).
لقد كانت الأوضاع الاجتماعية للدول العربية انعكاسا مباشرا لتردي الأوضاع الاقتصادية التي كانت عليها، و يمكن أن نشير إلى بعض مظاهر التردي الاجتماعي التي ما تزال من مميزات مجتمعاتنا إلى يومنا هذا، و منها:
· ظهور الطبقية في أغلب أو كل المجتمعات العربية، مع غياب الطبقة الوسطى و تفاقم معدلات البطالة و الفقر.
· أزمة الهوية و الانتساب لدى الشعوب العربية و فقدان الثقة بين الحكام و المحكومين مما أدى إلى تذبذب الولاء.
· مظاهر التفكك الأسري و الإنحلال الأخلاقي نتيجة الاستعمال السيئ و غير الواعي لوسائل ثورة الإعلام و الاتصال.ذ
02. سبل المواجهة و التكيف:
رغم أن تجليات العولمة تؤكد اتجاه العالم نحو هيمنة الأطراف القوية على جميع الجبهات، كما أنه لا جدال في أن صد العولمة بات مستحيلا بل من المستحيل رفض الاندماج في النظام الكوني الجديد أو المستحدث، حيث أصبح الدخول في هذا النظام واقع لابد منه، إلا أنه و من المؤكد أننا في حاجة إلى آليات جديدة و وسائل فعالة من شأنها أن تغير ثوابت الفكر و البحث عن آليات للحفاظ على الخصوصيات، و لن يأتي ذلك إلا من خلال إرادة قوية هي إرادة البقاء و المنافسة في السوق الحضاري العالمي (20)، خاصة في ظل الإدراك المتزايد لطبيعة التناقض بين خطاب العولمة و سلوك دعاتها (21).
و فيما يخص عملية التكيف الإيجابي مع العولمة و الحداثة الغربية و مختلف التغيرات التي حصلت أو يمكن أن تحصل على المستوى العالمي، يقدم الدكتور حسن البزار جملة من الإجراءات الممكنة، و أهمها:
ü التأكيد المتواصل على إضفاء الروح الحضارية للأمة العربية و المتمثلة في الدين الإسلامي.
ü السعي الحثيث لاتخاذ خطوات بناءة نحو تبني سياسات و إجراءات اقتصادية إصلاحية واسعة، تمنحنا القدرة على مواجهة الصعاب الاختلالات السياسية.
ü تفعيل عناصر القوة المتاحة في النظام العربي، و السعي الحقيقي لصيانة أسس النظام العربي من احتمالية تداعياته، و إن لم نكن في المكانة التي تؤهلنا للدفع به إلى الأمام و البناء، و الإصرار على عدم الوصول إلى درجة فقدان الهوية القومية التي تشكل العمود الفقري لهذا النظام.
ü عدم إغفال المجتمع المدني، أو تجاهل أداء موسساته أو الانخراط الكامل وراءه، بل السعي لتنشيطه و تحسين سبل ممارسة الحكم و تنمية وسائل إدارته.
ü العمل الجاد لتقليل حالة التوتر و مظاهر الاحتقان السياسي الحاصلة بين النظم و الحكومات و المعارضات الوطنية، و تسهيل و سائل المشاركة السياسية التي تهدف إلى ترشيد عملية صنع القرارات و رسم السياسات الحكيمة من خلال الانتقال و التحول الديمقراطي و تخفيف روابط التبعية الخارجية.
ü إعادة تقييم العلاقات العربية مع الانفتاح العربي و تفضيل المصالح العليا على المصالح القطرية، و إعادة تقييم علاقاتها الخارجية مع دول الجوار بموجب القضايا و المصالح العليا المشتركة للأمة العربية و ليس على أساس المصلحة القطرية الضيقة.
ü العمل الصادق للوصول إلى مشروع حضاري عربي ينسجم مع معطيات الوضع العربي الراهن، و تتماشى مع الخيارات العالمية القائمة، و يدفع إلى تحقيق الرؤى العربية الناضجة في الوحدة العدالة و التنمية الديمقراطية و الاستقلال و الحفاظ على الأصالة و التراث و حفظ الكرامة.(22)
و تبقى هذه المقترحات مجرد أفكار و اقتراحات لا تجد قيمتها إلا أذا لاقت القبول لدى النخب و صانعي القرار في أقطارنا العربية.
خاتمة
من خلال هذه الورقة البحثية التي حاولنا فيها توضيح تأثيرات العولمة و الحداثة و الحضارة على البلدان العربية، يمكن أ، نستنتج جملة من النتائج هي كما يلي:
1. أن الحضارة أو الحداثة أو العولمة عبارة عن مسار، قابل للتطور و التغير من حيث التأثير و التأثر، حيث يمكن للعالم العربي ـ إذا أخذ بالأسباب و استغل إمكانياته ـ أن يساهم في هذا المسار بفاعلية خاصة إذا فعل عناصر الحضارة التي يمتلكها.
2. أن الحداثة ليست ترفا فكريا بل هي تطبيق منهجية عامة للتحليل، و طريقة في التفكير متعددة الجوانب و الأبعاد.
3. أن الدمقرطة و التحديث لا يمكن أن تكون مجرد وصفة جاهزة ـ بالرغم من وجود معايير كونية لها ـ ، و إنما هي في الأساس فعل محلي داخلي وطني، و تفاعلات و نضالات شعبية.
4.
(1) . محمد مقدادي. العولمة… رقاب كثيرة و سيف واحد. طبعة ثانية. الأردن: المؤسسة العربية للدراسات و النشر. 2002. ص 117.
(2) . نفس المرجع و نفس الصفحة.
(3) . نادية محمود مصطفى. حوار الحضارات … إشكاليات الجدوى و الفعالية.
متحصل عليه من الموقع:
http//:www.atida.org/makal.php.id=42
(4) . محمد مقدادي. المرجع السابق. ص 118.
(5) . إبراهيم غرايبة. الغربية .. مطلب أم تحد.
متحصل عليه من الموقع:
http//:www.aljzeera.net
(6). عبد الكريم كيبش. العولمة و تأثيرها على العمل الاستراتيجي. ( محاضرات ألقيت على طلبة السنة الأولى ماجستير علاقات دولية ). جامعة محمد خيضر.بسكرة. 2007.
(7). إبراهيم غرايبة. نفس المرجع .
(. رياض حمدوش. نظرية التكامل و الاندماج. (محاضرات ألقيت على طلبة السنة الرابعة علاقات دولية). جامعة منتوري. قسنطينة. 2004.
(9). طارق رداف. العولمة. رسالة ليسانس. جامعة منتوري . قسنطينة. 2003.
(10). مصطفى النشار. ما بعد العولمة: قراءة في مستقبل التفاعل الحضاري و موقعنا منه. الطبعة الأولى. القاهرة: دار قباء للطباعة و النسر و التوزيع. 2003. ص 45.
(11). عبد العزيز جراد. العلاقات الدولية. الجزائر: موفم للنشر. 1992. ص 58.
(12). عمار حجار. السياسة المتوسطية الجديدة للاتحاد الأوروبي. رسالة ماجستير. جامعة باتنة.2002. ص 26.
(13). عبد العزيز جراد. المرجع السابق. ص 59.
(14). عمار حجار. المرجع السابق. ص 26.
(15). غازي الصوراني. العولمة و طبيعة الأزمات في الوطن العربي و آفاق المستقبل. المستقبل العربي. ( العدد 293. السنة26). 2003. ص107.
(16). نفس الرجع. ص 109.
(17). نفس الرجع. ص 102.
(18). نفس الرجع. ص 113.
(19). نفس الرجع. ص 115.
(20). أحمد مجدي حجازي. العولمة بين التفكيك و إعادة التركيب. القاهرة: الدار المصرية السعودية للطباعة و النشر و التوزيع. 2005. ص ص 37-38.
(21). مصطفى النشار. المرجع السابق. ص 46.
(22). حسن البزار. عولمة السيادة: حال الأمة العربية. الطبعة الأولى. لبنان:المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع. 2002. ص ص 159-160.
* المرجع : مدونة مكتوب على الرابط
http://nadjim-1.maktoobblog.com/740206/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%88%D9%84%D9%85%D8%A9-%D8%8C-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D8%A7%D8%AB%D8%A9%D8%8C-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B6%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%8C-%D9%88-%D8%AA%D8%A3%D8%AB%D9%8A%D8%B1%D9%87/
العولمة ، الحداثة، الحضارة …، و تأثيرها على العالم العربي.
مقدمة
تميزت التحولات الدولية الأخيرة بزيادة عمليات الاتصال المتعددة الأوجه و المجالات بشكل تلاشت فيه الحدود بحيث أصبح العالم عبارة عن قرية صغيرة. و قد نتج عن ذلك حالات من التعاون أو الصراع في أشكال غير مسبوقة، و يعتبر ذلك انعكاسا طبيعيا لتفاقم تداعيات ظاهرة العولمة. و من جهة أخرى تحول التنافس الذي كان سائدا بين الشرق و الغرب إلى تفاوت صارخ بين الشمال و الجنوب.
و في هذا الصدد برزت إلى السطح الكثير من المفاهيم و المصطلحات مثل: العولمة، الحداثة و ما بعد الحداثة، الثقافة، الحضارة …، و لاقت اهتماما واضحا من قبل المفكرين من خلال عقد العديد من الندوات و الحلقات النقاشية بهذا الشأن خاصة العرب منهم، بحكم موقعهم في النظام الدولي الجديد من جهة، و من أجل محاولة الاستعداد للتأقلم وتفادي الانجراحية Vulnérabilité ) ) من جهة أخرى.
و رغم أن أفكار الحداثة و الأسس التي يمكن أن تؤدي إلى التطور و التقدم ليست حكرا على مجتمعات و دول الشمال ـ على الأقل على المستوى النظري ـ إلا أن إشكالية التخلف و التبعية متعددة المجالات مازالت تطبع معظم إن لم نقل كل الدول العربية كجزء مهم من العالم الثالث.
و على هذا الأساس نتساءل: كيف أثرت العولمة و الحداثة على العالم العربي ؟
و قبل البداية في تقديم هذه الورقة نضع الفرضية التالية: كلما كان التحديث مراعيا لخصوصيات البيئة الداخلية كان ناجعا، و كلما أُهملت هذه الخصوصيات أدى ذلك إلى العكس.
و سنحاول معالجة هذه الإشكالية و الفرضية من خلال العناصر التالية:
أولاً: الإطار النظري و المفاهيمي
01. تحديد المفاهيم
02. التحليل النظري الماركسي لتأثير العولمة.
ثانياً: تأثير العولمة والحداثة على العالم العربي.
01. الانعكاسات السلبية.
02. سبل المواجهة و التكيف.
خاتمة.
أولاً: الإطار النظري و المفاهيمي
01. تحديد المفاهيم:
إضافة إلى مفهومي العولمة و الحداثة، نحاول أن نتناول بعض المفاهيم الأخرى ذات الدلالة القريبة من هذين المفهومين، و المتداولة في نقاشات من هذا النوع، و التي تكون أحيانا متداخلة مثل: الحضارة و الثقافة.
1. الثقافة و الحضارة Culture et Civilisation :
بالنسبة لمفهوم الثقافة، فإن هناك العديد من التصورات و التعاريف حول هذا المصطلح، تتباين بعضها و يتقارب البعض الآخر. غير الذين بحثوا في هذا المفهوم أقروا بأنها ” ثمرة كل نشاط محلي نابع عن البيئة و معبر عنها و مواصل لتقاليدها في هذا الميدان أو ذاك “.(1)
و المنجز الثقافي كما يرى جون ديوي هو محصلة التفاعل بين الإنسان و بيئته (2) ، في حين يرى ابن خلدون أن الثقافة مرادف للعمران.
أما الحضارة فتختلف التعاريف حولها باختلاف المفكرين و الزوايا التي ينظرون منها خاصة العناصر المكونة للحضارة.
و يعتبر تعريف وول ديورنت صاحب موسوعة ” قصة الحضارة ” من بين أشمل التعاريف و أكثرها تجريدا، حيث يعرفها بأنها : ” نظام اجتماعي يعين الإنسان على زيادة إنتاجه الثقافي، و تتكون من عناصر أربعة هي: الموارد الاقتصادية، النظم السيــاسية، التقاليد الخلقية (القيم الأخلاقية و الدينية)، و العلوم و الفنون، و هي تبدأ حيث ينتهي القلق و الاضطراب…” (3)
و إذا أردنا أن نربط بين الثقافة و الحضارة فيمكن القول بأن الحضارة ملك للجميع و يجب أن تكون كذلك، أما الثقافة فهي حالة يختص بها شعب ما، و هذه الخاصية تمكنه من تأطير نفسه و تحديد هويته بناء على عناصرها و أدواتها الحية المتحركة و الفاعلة في مختلف الاتجاهات التي تؤكد خصوصية هذا الشعب.. ، و الثقافة التي تأخذ بعدا إنسانيا ه التي تخلق حضارة إنسانية “.(4)
ب. الحداثة Modernisme :
الحداثة أو التحديث Modernisation في جانبها الفلسفي و المجرد تعني التحول من نمط إلى نمط جديد، و الثورة على ما هو تقليدي و غير مفيد من مفاهيم و قيم و ثقافة، مع رفض الإتباع غي الواعي أو الموروث، و ينبع هذا التوجه من الذات الفردية أو الجماعية، و ذلك بعد عجز النمط القديم عن مسايرة التطورات الجديدة.
ب.1. الحداثة الغربية:
بتعلق مصطلح الحداثة عود الغرب بحركة النقد الأدبي و الفكري و الثقافي و الفلسفي و الاجتماعي…، و التي بدأت في أوروبا منذ أواخر القرن السادس عشر و بداية القرن السابع عشر، و تأثير ذلك كله في الليبرالية السياسية و الاقتصاد والديمقراطية و حقوق الإنسان و باقي المجالات.
و يعتبر المؤرخ البريطاني آرنولد توينبي أن الحداثة قد بدأت في 1875، و قد شهدت الفترة ما بين (1910-1950) ذروة نشاط الحداثة لتبدأ بعد ذلك حقبة أخرى اصطلح على تسميتها ” ما بعد الحداثة “. وإن كان البعض يعتبر ما بعد الحداثة ظاهرة ارتبطت بالمعلوماتية و الاتصال، فإنها ـ وما كان قبل ذلك ـ تعتبر من امتدادات الحداثة المرتبطة بالصناعة (5)
و عن الحداثة في شقها السياسي يرى صامويل هينتنغتون أنه كلما كانت هناك أحزاب سياسية متعددة و قوية كلما كانت هناك مشاركة أوسع، و أدى ذلك إلى حل النزاعات بالطرق السلمية و بالتالي يكون لدينا استقرار سياسي، عندها نكون أمام حداثة أحسن.(6)
هناك كذلك من يربط الحداثة الغربية ـ خاصة في جانبها السياسي ـ بإفرازات الحرب العالمية الثانية، أين وجدت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها أمام وضع دولي يطالبها بلعب دور قومي من جهة و دولي من جهة أخرى غير مسبوق.
إذن هناك طروحات متعددة و مختلفة حول الحداثة الغربية بحيث يمكننا أن نقول أن هناك حداثات متعددة و ليس حداثة واحدة.
ب.2. الحداثة العربية و الإسلامية:
إذا أردنا أن نرجع إلى الحداثة في إطارها الفلسفي فإنا نجد ـ و بصفة موضوعية ـ أنها ليست أمرا جديدا على الحضارة العربية و الإسلامية، فالإسلام بحد ذاته مشروع حداثي غير القيم و المفاهيم السائدة و أبقى على ما هو حسن، و حرك أتباعه نحو التحرير و النهضة و التغير نحو الأفضل، و رفض التقليد و الإتباع عن غير علم و عن غير هدف، و كان ذلك منذ بداية رسالة الإسلام.
و شهد الفكر و العمل الإسلامي العربي حالات من الحداثة و التجديد المهمة و المتتابعة، و أهمها حركات و جهود الإصلاح التي بدأت في القرن التاسع عشر الميلادي مع محمد عبده ، وجمال الدين الأفغاني، و تلامذتهما أمثال لطفي السيد و رشيد رضا.. وغبرهم، (7)
و بالنسبة للحداثة العربية الإسلامية اليوم، فإنها حبيسة الأذهان و لا تتعد مجرد بعض الأفكار التي لا سبيل إلى تمكينها، و ذلك راجع إلى سيطرة عامل القوة التي تحمي و تجسد الفكرة على أرض الواقع.
و إذا أردنا أن نجري مقارنة بسيطة بين الحداثة الغربية والحداثة العربية الإسلامية، فإن الفرق الجوهري بينهما ـ و الذي جعل النمط الأول أكثر انتشارا و تمكينا في واقع اليوم ـ هو امتلاك الأدوات اللازمة و القوة الكافية تماما التي تؤدي إلى ذلك.
ج. مفهوم العولمة Mondialisation :
كما نعلم فإنه ليس هناك تعريف جامع مانع للعولمة في أدبيات العلاقات الدولية من حيث المفهوم أو ظهورها أو طبيعتها، فهذا المصطلح يحمل عدة تفسيرات، لذلك نحاول أن نأخذ بعض التعاريف ومنها:
تعريف صادق جلال العظم للعولمة: ” هي وصول نمط الإنتاج الرأسمالي إلى نقطة الانتقال من عالمية دائرة التبادل و التوزيع في السوق إلى عالمية دائرة الإنتاج و إدارة الإنتاج “
تعريف الجابري: ” العولمة تعني الهيمنة و فرض نمط واحد للاستهلاك و السلوك “.(
تعريف الأستاذ كيبش عبد الكريم: ” العولمة هي اتجاه Tondency ، يريد المجتمع الدولي الوصول إليها أو يكون قد وصلها نتيجة التداخل الدولي المبني على الاعتماد المتبادل، و الانتقال إلى مستوى أعلى من التفاعلات الدولية الجديدة في ظل وجود وحدات أخرى منافسة لدولة القومية في سيادتها، بحيث تصبح العلاقات تتصف بالشمولية خاصة بالنسبة للاقتصاد و التجارة الدولية و تحرك رؤوس الأموال “.(9)
ورغم اختلاف التعاريف الواردة حول العولمة إلا أن هناك شبه إجماع على أنها مسار لظاهرة متعددة الأبعاد و الانعكاسات. تتجه في مجملها نحو التأكيد على أن آليات اقتصادية و معلوماتية و ثقافية و سياسية عديدة، ساهمت في اتجاه العالم نحو التزي بزي موحد أو التشكل بمظاهر متشابهة في عوالم السياسية و الاقتصاد و المعلومات و الثقافة. (10) و ذلك وفق النمط الغربي الأمريكي.
و فيما يخص علاقة المفاهيم آنفة الذكر بعضها البعض فإن الحضارة أشمل من القافة و الحداثة و العولمة، أما من الناحية العملية و الواقعية فإن العولمة هي النمط المهيمن، و الحداثة هي صورة أو شكل من أشكالها، في حين أن الحضارة بالمفهوم المهيمن هي المكون الداخلي أو جوهر العولمة.
02. التحليل النظري الماركسي لتأثير العولمة:
و نعتمد في تحليلنا على أهم نظريتين في المدرسة الماركسية من أجل فهم و تفسير علاقة التأثير و التأثر بين الشمال و الجنوب.
أ. نظرية المركز و المحيط:
تنسب هذه النظرية إلى سمير أمين على إثر مجيء العالم الثالث كمصطلح و كواقع إلى الساحة الدولية، و استنادا إلى مفهومي “المركز”و“المحيط ” يقسم العالم إلى بلدان المركز الرأسمالية، و يعني بذلك الدول الغربية المصنعة من ناحية، و من ناحية أخرى دول المحيـط التي تضم عددا ضخما من دول العالم الثالث المتخلفة. و وفق هذه النظرية تتلخص العلاقات الدولية في علاقات التبعية و السيطرة بين البلدان المتـقدمة في الشمال و البلدان المتخلفة في الجنوب (11) .
إلا أن محاولة فهم و تفسير أسباب التخلف لدى دول العالم الثالث كان واضحا في نظرة التبعية أكثر منه في نظرية المركز و المحيط.
ب. نظرية التبعية:
كانت هذه النظرية نتاج تنامي المقتربات البنيوية أو الماركسية /البينينية في دول أمريكا اللاتينية (12) ، وتقوم على تحليل عوامل التخلف و أسباب بقائه، و انتقاد التصورات السلوكية المتمثلة في التأكيد على أن التخلف منشؤه البنية الثقافية و الحالة النفسية لما يسمى بالمجتمعات التقليدية العاجزة عن الارتقاء إلى مستوى الحداثة.
و على خلاف التيار الواقعي يعتقد رواد التبعية أن الدولة ليست الفاعل الوحيد، بل هي في حد ذاتها نظام اجتماعي مكون من طبقات (13)، فالتبعية و التخلف تبدأ داخل هذا النظام الاجتماعي الذي تخضع فيه الطبقة الكادحة لمُلاك رؤوس الأموال وسائل الإنتاج.
و نظرية التبعية ترى أن ظاهرتي التنمية و التخلف صورتان لواقع واحد، هو واقع النظام الدولي الذي أقامه ظهور الرأسمالية و تطور هذا النظام. فالتبعية هي حالة من خلالها يبقى اقتصاد عدد معين من الدول مشروطا بتطور و توسع دول أخرى،.. بوضع الدول التابعة في موقع متخلف مستغلة من قبل الدول المسيطرة (14)
و منه فإنه وفق هذا المنظور فإن العولمة ـ رغم كونها ظاهرة جديد إلى حد ما ـ فإنها تكرس من خلال مختلف آلياتها لعلاقات تبعية في شكل أخطر من الشكل التقليدي حسبما يراه مناهضو العولمة.
ثانيا: تأثير العولمة و الحداثة على العالم العربي:
رغم خروج الدول العربية من الاستعمار و مباشرتها لعمليات التحديث و بناء الدولة القومية، إلا أن التاريخ المعاصر يشهد على الأوضاع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي مرت بها هذه الدول عبر مختلف التحولات الدولية الكبرى حديثا ( الحربين العالميتين و الحرب الباردة و نهايتها ).
و يقر الواقع الحالي لهذه الدول على أنها مازالت تعاني التخلف على مستويات مختلفة و سبب ذلك راجع إلى كون هذه الدول تعرضت للاستعمار المباشر الذي نتجت عنه العديد من الآثار السلبية على المجتمعات العربية. و من جهة أخرى أدى تراجع الاتحاد السوفيتي إلى وضع حرج لأغلب الدول العربية التي كانت تنهج النهج الاشتراكي، حيث تكيفت سلبيا مع هذه التحولات.
و بعد هذه التحولات، كانت ظاهرة العولمة ـ بمظهرها الحاثي الغربي ـ قد أسست لنمط جديد من التفاعلات الدولية التي تسودها هيمنة القطب الواحد في ظ استمرار اتساع الهوة بين الشمال و الجنوب.
01. الانعكاسات السلبية:
أ. على المستوى السياسي:
لعل أبرز العوامل والمتغيرات الدولية المعاصرة أو العوامل الخارجية التي دفعت بالبلدان العربية نحو مزيد من التداعي و التراجع، تمثلت في انهيار الاتحاد السوفيتي ـ كما ذكرنا ـ و الهجوم الإمبريالي ضد العراق (المحاصر)، و ولادة مشاريع التسوية العربية / الإسرائيلية و ما تلا ذلك من عمليات التطبيع السياسي للعديد من بلدان النظام العربي مع العدو الصهيوني (15). و هذا ما أدى إلى تفكك و فوضى في النظام العربي الإقليمي.
لقد أدى هذا الوضع إلى تغير في المفاهيم و المبادئ والأهداف،.. حيث انتقل النظام العربي بمجمله من أرضية التحرر الوطني و الاجتماعي كعنوان رئيسي (سابق) إلى أرضية التبعية و الانفتاح و الارتهان السياسي كعنوان جديد.. ، و لم تعد بذلك القضايا العربية الداخلية و الخارجية عموما و القضية الفلسطينية بالذات، تمثل صراعا مصيريا لا يقبل المصالحة بين طرفيه: الإمبريالية العالمية و إسرائيل من جهة، و حركة التحرير الوطني العربية من جهة أخرى. و تحول التنفس و الصراع الأساسي إلى شكل آخر أشبه بالتوافق الرسمي العربي / الأمريكي / الإسرائيلي (16).
إن ما يمكن أن نقوله في هذا الجانب، هو أن الدول العربية قد أصبحت شبه فاقدة للسيادة لعدم قدرتها على تبني أي موقف شجاع و صارم في هذا المجال، نتيجة تبني مبدأ المصلحة القطرية الضيقة الذي زاد في عدم فعالية مؤسسات التكامل و الاندماج العربية.
ب. على المستوى الاقتصادي:
لقد قام بالوظيفة الاقتصادية للعولمة أهم مؤسستين من المؤسسات الدولية التي كرست لخدمة النظام الرأسمالي الراهن، و هاتين المؤسستين هما:
- صندوق النقد الدولي: الذي يشرف على إدارة النظام النقدي العالمي و يقوم بوضع سياساته و قواعده الأساسية، و ذلك بالتنسيق الكامل مع البنك الدولي، سواء في تطبيق برامج الخصخصة و التكيف الهيكلي أو في إدارة القروض و الفوائد و الإشراف على فتح أسواق الدول النامية أمام حركة بضائع و رؤوس أموال البلدان المصنعة.
- منظمة التجارة العالمية: و هي أهم و أخطر مؤسسة من مؤسسات العولمة الاقتصادية، تقوم بالإشراف على إدارة النظام التجاري العالمي الهادف إلى تحرير التجارة الدولية و إزاحة الحواجز الجمركية، و تأمين حرية السوق و تنقل البضائع.. بالتنسيق المباشر وعبر دور مركزي مع للشركات متعددة الجنسية (17).
و رغم محاولة مسايرة و استجابة الدول العربية لإملاءات مؤسسات الحكم الاقتصادي العالمي، إلا أن ذلك لم يكن بالشكل الذي يحمي هذه الدول من مختلف الآثار السلبية، و نبين ذلك من خلال ما يلي:
· تخلي الحكومات عن القيام بمسؤولية التنمية نتيجة تهميش عمليات التخطيط المركزي المتعلقة بتنمية مختلف القطاعات الحساسة، قابل ذلك فشل القطاع الخاص في سد الفراغ كونه يهدف إلى الربح فقط.
· العجز في زيادة الادخار المحلي و الفشل في اجتلاب الاستثمار الأجنبي.
· ندرة التصدير خارج مجال المحروقات.
· زيادة مظاهر التبعية خاصة في مجال التكنولوجيا و الطاقة البديلة و التقنية، و أحيانا حتى في مجال الغذاء و اللباس.
· تراجع أو شبه غياب التجارة البينية العربية.
· تراجع نسبة مساهمة الإنتاج الإجمالي العربي من إجمالي الإنتاج العالمي،( من 3.1 % أي ما يعادل 650 مليار دولار سنة 1993، إلى 2.3 % أي ما يعادل 599 مليار دولار سنة 2000 (18).
ج. على المستوى الاجتماعي:
يرى الباحث الفلسطيني غازي الصوراني أن أزمة المجتمع العربي تعود في جوهرها إلى أن البلدان العربية عموما لا تعيش زمنا حداثيا أ حضاريا، و لا تنتسب له جوهريا، و ذلك بسبب فقدانها ـ بحكم تبعيتها البنيوية ـ للبوصلة من جهة، و للأدوات الحداثية الحضارية و المعرفية الداخلية التي يمكن أن تحدد طبيعة التطور المجتمعي العربي و مساره و علاقته بالحداثة والحضارة العالمية أو الإنسانية ” (19).
لقد كانت الأوضاع الاجتماعية للدول العربية انعكاسا مباشرا لتردي الأوضاع الاقتصادية التي كانت عليها، و يمكن أن نشير إلى بعض مظاهر التردي الاجتماعي التي ما تزال من مميزات مجتمعاتنا إلى يومنا هذا، و منها:
· ظهور الطبقية في أغلب أو كل المجتمعات العربية، مع غياب الطبقة الوسطى و تفاقم معدلات البطالة و الفقر.
· أزمة الهوية و الانتساب لدى الشعوب العربية و فقدان الثقة بين الحكام و المحكومين مما أدى إلى تذبذب الولاء.
· مظاهر التفكك الأسري و الإنحلال الأخلاقي نتيجة الاستعمال السيئ و غير الواعي لوسائل ثورة الإعلام و الاتصال.ذ
02. سبل المواجهة و التكيف:
رغم أن تجليات العولمة تؤكد اتجاه العالم نحو هيمنة الأطراف القوية على جميع الجبهات، كما أنه لا جدال في أن صد العولمة بات مستحيلا بل من المستحيل رفض الاندماج في النظام الكوني الجديد أو المستحدث، حيث أصبح الدخول في هذا النظام واقع لابد منه، إلا أنه و من المؤكد أننا في حاجة إلى آليات جديدة و وسائل فعالة من شأنها أن تغير ثوابت الفكر و البحث عن آليات للحفاظ على الخصوصيات، و لن يأتي ذلك إلا من خلال إرادة قوية هي إرادة البقاء و المنافسة في السوق الحضاري العالمي (20)، خاصة في ظل الإدراك المتزايد لطبيعة التناقض بين خطاب العولمة و سلوك دعاتها (21).
و فيما يخص عملية التكيف الإيجابي مع العولمة و الحداثة الغربية و مختلف التغيرات التي حصلت أو يمكن أن تحصل على المستوى العالمي، يقدم الدكتور حسن البزار جملة من الإجراءات الممكنة، و أهمها:
ü التأكيد المتواصل على إضفاء الروح الحضارية للأمة العربية و المتمثلة في الدين الإسلامي.
ü السعي الحثيث لاتخاذ خطوات بناءة نحو تبني سياسات و إجراءات اقتصادية إصلاحية واسعة، تمنحنا القدرة على مواجهة الصعاب الاختلالات السياسية.
ü تفعيل عناصر القوة المتاحة في النظام العربي، و السعي الحقيقي لصيانة أسس النظام العربي من احتمالية تداعياته، و إن لم نكن في المكانة التي تؤهلنا للدفع به إلى الأمام و البناء، و الإصرار على عدم الوصول إلى درجة فقدان الهوية القومية التي تشكل العمود الفقري لهذا النظام.
ü عدم إغفال المجتمع المدني، أو تجاهل أداء موسساته أو الانخراط الكامل وراءه، بل السعي لتنشيطه و تحسين سبل ممارسة الحكم و تنمية وسائل إدارته.
ü العمل الجاد لتقليل حالة التوتر و مظاهر الاحتقان السياسي الحاصلة بين النظم و الحكومات و المعارضات الوطنية، و تسهيل و سائل المشاركة السياسية التي تهدف إلى ترشيد عملية صنع القرارات و رسم السياسات الحكيمة من خلال الانتقال و التحول الديمقراطي و تخفيف روابط التبعية الخارجية.
ü إعادة تقييم العلاقات العربية مع الانفتاح العربي و تفضيل المصالح العليا على المصالح القطرية، و إعادة تقييم علاقاتها الخارجية مع دول الجوار بموجب القضايا و المصالح العليا المشتركة للأمة العربية و ليس على أساس المصلحة القطرية الضيقة.
ü العمل الصادق للوصول إلى مشروع حضاري عربي ينسجم مع معطيات الوضع العربي الراهن، و تتماشى مع الخيارات العالمية القائمة، و يدفع إلى تحقيق الرؤى العربية الناضجة في الوحدة العدالة و التنمية الديمقراطية و الاستقلال و الحفاظ على الأصالة و التراث و حفظ الكرامة.(22)
و تبقى هذه المقترحات مجرد أفكار و اقتراحات لا تجد قيمتها إلا أذا لاقت القبول لدى النخب و صانعي القرار في أقطارنا العربية.
خاتمة
من خلال هذه الورقة البحثية التي حاولنا فيها توضيح تأثيرات العولمة و الحداثة و الحضارة على البلدان العربية، يمكن أ، نستنتج جملة من النتائج هي كما يلي:
1. أن الحضارة أو الحداثة أو العولمة عبارة عن مسار، قابل للتطور و التغير من حيث التأثير و التأثر، حيث يمكن للعالم العربي ـ إذا أخذ بالأسباب و استغل إمكانياته ـ أن يساهم في هذا المسار بفاعلية خاصة إذا فعل عناصر الحضارة التي يمتلكها.
2. أن الحداثة ليست ترفا فكريا بل هي تطبيق منهجية عامة للتحليل، و طريقة في التفكير متعددة الجوانب و الأبعاد.
3. أن الدمقرطة و التحديث لا يمكن أن تكون مجرد وصفة جاهزة ـ بالرغم من وجود معايير كونية لها ـ ، و إنما هي في الأساس فعل محلي داخلي وطني، و تفاعلات و نضالات شعبية.
4.
(1) . محمد مقدادي. العولمة… رقاب كثيرة و سيف واحد. طبعة ثانية. الأردن: المؤسسة العربية للدراسات و النشر. 2002. ص 117.
(2) . نفس المرجع و نفس الصفحة.
(3) . نادية محمود مصطفى. حوار الحضارات … إشكاليات الجدوى و الفعالية.
متحصل عليه من الموقع:
http//:www.atida.org/makal.php.id=42
(4) . محمد مقدادي. المرجع السابق. ص 118.
(5) . إبراهيم غرايبة. الغربية .. مطلب أم تحد.
متحصل عليه من الموقع:
http//:www.aljzeera.net
(6). عبد الكريم كيبش. العولمة و تأثيرها على العمل الاستراتيجي. ( محاضرات ألقيت على طلبة السنة الأولى ماجستير علاقات دولية ). جامعة محمد خيضر.بسكرة. 2007.
(7). إبراهيم غرايبة. نفس المرجع .
(. رياض حمدوش. نظرية التكامل و الاندماج. (محاضرات ألقيت على طلبة السنة الرابعة علاقات دولية). جامعة منتوري. قسنطينة. 2004.
(9). طارق رداف. العولمة. رسالة ليسانس. جامعة منتوري . قسنطينة. 2003.
(10). مصطفى النشار. ما بعد العولمة: قراءة في مستقبل التفاعل الحضاري و موقعنا منه. الطبعة الأولى. القاهرة: دار قباء للطباعة و النسر و التوزيع. 2003. ص 45.
(11). عبد العزيز جراد. العلاقات الدولية. الجزائر: موفم للنشر. 1992. ص 58.
(12). عمار حجار. السياسة المتوسطية الجديدة للاتحاد الأوروبي. رسالة ماجستير. جامعة باتنة.2002. ص 26.
(13). عبد العزيز جراد. المرجع السابق. ص 59.
(14). عمار حجار. المرجع السابق. ص 26.
(15). غازي الصوراني. العولمة و طبيعة الأزمات في الوطن العربي و آفاق المستقبل. المستقبل العربي. ( العدد 293. السنة26). 2003. ص107.
(16). نفس الرجع. ص 109.
(17). نفس الرجع. ص 102.
(18). نفس الرجع. ص 113.
(19). نفس الرجع. ص 115.
(20). أحمد مجدي حجازي. العولمة بين التفكيك و إعادة التركيب. القاهرة: الدار المصرية السعودية للطباعة و النشر و التوزيع. 2005. ص ص 37-38.
(21). مصطفى النشار. المرجع السابق. ص 46.
(22). حسن البزار. عولمة السيادة: حال الأمة العربية. الطبعة الأولى. لبنان:المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع. 2002. ص ص 159-160.
* المرجع : مدونة مكتوب على الرابط
http://nadjim-1.maktoobblog.com/740206/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%88%D9%84%D9%85%D8%A9-%D8%8C-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D8%A7%D8%AB%D8%A9%D8%8C-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B6%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%8C-%D9%88-%D8%AA%D8%A3%D8%AB%D9%8A%D8%B1%D9%87/
الأحد نوفمبر 27, 2022 9:16 pm من طرف Faizafazo
» برنامج احترافي في تنقيط التلاميذ تربية بدنية ورياضية وكل ما يحتاجه استاذ التربية البدنية والرياضية في المتوسط
الأحد يونيو 27, 2021 7:33 pm من طرف تمرت
» مفاهيم عامة .الاعلام و الاتصال
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:51 am من طرف المشرف العام
» نظريات الاعلام وحرية الصحافة و علاقة الصحافة بالسلطة
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:50 am من طرف المشرف العام
» نشأة وتطور الصحافة في العالم و الوطن العربي
الجمعة يناير 15, 2021 11:48 am من طرف المشرف العام
» ترحيب و تعارف
السبت يونيو 13, 2020 10:39 pm من طرف صقر السردي
» كتب تاريخ الجزائر في القديم والحديث
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الثورة الجزائرية ،"ثورة المليون و نصف المليون شهيد"
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الادارة وتعريفها
السبت مايو 16, 2020 3:28 pm من طرف المشرف العام
» مقياس :تاريخ وسائل الاعلام
السبت مايو 16, 2020 2:57 pm من طرف المشرف العام