لاعنف من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
يمكن لللاعنف أن يكون استراتيجية سياسية أو فلسفة أخلاقية تنبذ استخدام العنف في سبيل أهداف اجتماعية أو من أجل تحقيق تغيير سياسي. وينظر إليه على أنه بديل لموقفين آخرين هما الرضوخ والانصياع السلبي من جهة، أو النضال والصدام المسلح من جهة أخرى. لذلك فإن اللاعنف يدعو إلى وسائل أخرى للكفاح الشعبي منها العصيان المدني أو المقاومة اللاعنفية أو عدم الطاعة وعدم التعاون. وقد استخدم المصطلح بشكل متكرر كمرادف للمسالمة لكنه ومنذ منتصف القرن العشرين أخذ يعكس الكثير من التكتيكات التي تهدف إلى التغيير الاجتماعي بدون استخدام القوة. إن اللاعنف يختلف عن المسالمة لأنه يواجه القمع والطغاة بشكل مباشر.
تكتيكات اللاعنف
ينظر إلى اللاعنف إلى أنه النهج السياسي للناس العاديين، وهذه النظرة تعكس الاستخدام التاريخي لللاعنف اعتماداً على قوة الجماهير وكثرتها. من أشهر الصراعات التي اعتمدت اللاعنف في التاريخ: حملة عدم التعاون التي قادها المهاتما غاندي لاستقلال الهند، الكفاح من أجل الحصول على الحقوق المدنية للأفروأمريكيين بقيادة مارتن لوثر كينغ. يمكن العثور على نماذج من العمل اللاعنفي في كثير من البلدان والثقافات خلال التاريخ. وتظهر الأفكار الأساسية لمنهج اللاعنف بجلاء في كل من الأديان الإبراهيمية الثلاثة (الإسلام والمسيحية واليهودية)، وكذلك في تقاليد الأديان الكبرى الأخرى (الهندوسية والبوذية والسيخية)، وكذلك في العديد من الأديان الوثنية الأخرى. إن الحركات اللاعنفية والقادة اللاعنفيون والمدافعين عن اللاعنف في مختلف الأزمان والأماكن استقوا واستفادوا من الكثير من تلك المبادئ الدينية لدعم عملهم اللاعنفي في كفاحهم من أجل التغيير.
وعلى نفس الشاكلة، استفادت الحركات العلمانية السياسية من اللاعنف، سواء كأداة تكتيكية أو كبرنامج استراتيجي وبأسلوب براغماتي نفعي يهتم بفعالية اللاعنف السياسية دون النظر إلى أي بعد ديني أو أخلاقي.
تستخدم أساليب العمل اللاعنفي من قبل طيف واسع من الناس يأتون من خلفيات متنوعة. ففلاح لا يملك أرضاً يزرعها في البرازيل قد يحتل بدون عنف قطعة أرض لأهداف عملية بحتة. فإذا لم يقم بذلك فما من شك أن عائلته ستجوع. الراهب البوذي في تايلاند يمنح الأشجار في الغابة منماوالة كاهن اتباعاً للتقاليد البوذية في محاولة لمنع تدمير الغابة. عامل في إنجلترة قد يشارك في إضراب وفق التقاليد الاجتماعية والسياسية والنقابية في ثقافته. كل هؤلاء يستخدمون أساليب العمل اللاعنفي من زوايا مختلفة.
كيف يعمل اللاعنف
"سأقدم لكم سلاحاً فريداً لا تقدر الشرطة ولا الجيش علي الوقوف ضده. إنه سلاح النبي، لكن لا علم لكم به. هذا السلاح هو الصبر والاستقامة. ولا توجد قوة على وجه الأرض تستطيع الوقوف ضده".
جندي اللاعنف عبد الغفار خان.
إن الدخول إلى الصراع الاجتماعي والسياسي وفق منطق اللاعنف يمثل انفصالاً جوهرياً عن النظرة التقليدية للسلطة والصراع، وعلى الرغم من ذلك فهو ينطبق على العديد من النماذج والأفكار التي تتناسب مع مختلف الثقافات.
في جوهر أي مذهب استراتيجي لاعنفي هناك فكرة مشتركة وهي أن سلطة الحاكم تعتمد على موافقة الرعية. فالحاكم يصبح عاجزاً بدون النظام الإداري للدولة وبدون الجيش أو الشرطة، وبدون انصياع قطاعات مفتاحية من الشعب. السلطة إذن تعتمد بمعظمها على تعاون الآخرين. اللاعنف يسعى للتقليل من سلطة الحاكم من خلال الانسحاب المتعمد من هذا التعاون وذلك الانصياع.
يجدر بنا أن ننوه إلى أن الوسائل العادلة في الغالب هي التي تحقق نتائج عادلة. عندما قال غاندي: "الوسائل للنتائج، كالبذرة للشجرة" فإنه أشار إلى الجوهر الفلسفي لما يسميه البعض السياسة المجازية. الداعمون للعمل اللاعنفي يحاجون بأن الأعمال التي تعتمد لتحقيق التغيير، تؤثر على المجتمع بشكل حتمي فتصبغه وتقولبه في شكلها وأسلوبها. ويجادل أنصار هذا الأسلوب بأن من غير المنطقي أساساً أن يستخدم العنف لتحقيق مجتمع مسالم. بعض المدافعين عن اللاعنف يدعون إلى احترام أو إلى محبة أعدائهم. وهذا النوع هو الأكثر قرباً من البعد الروحي أو الديني في فهم اللاعنف، وهذا ملاحظ في موعظة الجبل التي ألقاها المسيح: "أحبوا أعداءكم"، أو محبة الخير لكل المخلوقات، أو اللاعنف تجاه أي كائن، في البوذية. إن لمحبة الأعداء أو احترامهم تبريره العملي البراغماتي، فالفصل بين الفعل وبين الفاعل يترك الباب مشرعاً أمام الفاعل ليغير سلوكه ويتراجع عن أفعاله أو قناعاته. وقد قال مارتن لوثر كينغ: "اللاعنف لا يعني تجنب العنف المادي مع الآخرين، بل أيضاً العنف الروحي الداخلي. إنك لا ترفض إطلاق الرصاص على شخص آخر فقط، بل ترفض أن تكرهه أيضاً".
اللاعنف في الإسلام
إن سياسة اللاعنف هي منطق كلي خطير للخلق الاسلامي،من حيث هي جزء لا يتجزأ من بنية الاسلام الكاملة وانها لسياسة تتمثل رائعة مشرقة في قوله عز وجل: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة، ادفع بالتي هي أحسن، فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)-فصلت 34-، كذلك تظهر واضحة جلية من خلال قصة ابني آدم و كثيراً ما تعتمد الاتجاهات اللاعنفية في الإسلام على هذه القصة للدعوة إلى العمل اللاعنفي، حيث ذكر القرآن جواب ابن سيدنا آدم حينما توعده أخاه بالقتل، فقال له (لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما انا بباسط يدي إليك لأقتلك)-المائدة 28-، كما تلتقي معها ممارسات الرسول محمد (عليه الصلاة والسلام) في كفاحه اللاعنفي الناجح ضد القرشيين طوال 13 عاماً من دعوته، لم يمارس خلالها أي شكل من أشكال العنف، حتى تمكن الرسول من إجراء التغيير الاجتماعي والفكري الكافي لإنتاج سلطة شرعية برضىً اجتماعي في المدينة المنورة، وتلتقي معها أقواله صلى الله عليه وسلم حينما قال (تكون فتن، فكن فيها عبد الله المقتول، ولا تكن القاتل) -أخرجه الدارقطني-، والخبر الذي اورده أبو داود (كن خير ابني آدم)، يقصد قابيل وهابيل.
ويقول صلى الله عليه وسلم في (صحيح مسلم): ان الله عز وجل رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف. وقوله في ذات الصحيح (مَنْ يُحْرَمْ الرِّفْقَ يُحْرَمْ الْخَيْرَ) وفي رواية (إن الرفق لا يكون في شىء إلا زانه ? ولا ينزع من شىء إلا شانه). ونسب إلى الإمام علي رضي الله عنه قوله: من عامل بالعنف ندم. رأس السخف العنف. راكب العنف يتعذر مركبه.
لماذا اللاعنف؟
يقتبس معظم المدافعين عن اللاعنف مبادئهم من معتقدات دينية أو أخلاقية أو سياسية. وبذلك تنقسم خلفية العمل اللاعنفي إلى فرعين، اللاعنف المبدئي أو الأخلاقي، واللاعنف الاستراتيجي أو النفعي (البراغمتاتي). ومن الشائع أن يتواجد الفرعان في فكر مؤسسة ما أو لدى حركة لاعنفية عامة أو حتى مجموعة من الأفراد.
في الغرب تم استخدام الكفاح اللاعنفي بكثرة من أجل حقوق العمال، والسلام، والبيئة، وحركات حقوق المرأة وهي القطاعات التي لا تدعمها سلطة سياسية رئيسية. وقد لا يعلم البعض لكن الكفاح اللاعنفي لعب دوراً ومازال في تقليل سلطة الأنظمة السياسية في العالم الثالث وفي بلدان الكتلة الشرقية السابقة. ويقول والتر وينك: "في عام 1989، شهد ما يزيد على مليار ونصف المليار من البشر ثورات لاعنفية حققت نجاحات تفوق التصور... وإذا ما جمعنا كل الدول التي تأثرت بأحداث وحركات لاعنفية إلى بعضها البعض خلال القرن الحالي"، منها (الفلبين، جنوب أفريقيا، إيران... حركة التحرر في الهند)، "فإن الرقم سيزيد عن ثلاثة مليارات، وتزيد نسبة هؤلاء عن خمسين بالمئة من البشر، مما يدحض المقولات المتكررة التي تزعم بأن اللاعنف لا يحقق شيئاً في واقع الحياة".
ويقترح الباحث جين شارب في كتابه سياسة العمل اللاعنفي بأن السبب وراء الغياب الملفت للبحوث والدراسات المتعلقة باللاعنف عن الساحة الثقافية إلى أن النخب لن تحقق أي منافع من انتشار أساليب النضال اللاعنفي التي تعتمد على القوة الجمعية للمواطنين لا على الثروة والأسلحة.
اقترح السيد حسن الشيرازي نظرية اللاعنف في كتابه (كلمة الاسلام) ودعم هذه النظرية في الوسط الاسلامي المرجع العراقي الشيعي السيد محمد الشيرازي المعروف بسلطان المؤلفين، حيث الف اكقر من 1500 كتاب في مختلف المواضيع وتمكن من التأثير في الحركات الاصولية في العالم العربي والاسلامي.
أساليب
يتألف العمل اللاعنفي من ثلاثة أصناف. أولها هو التظاهر والإقناع، وهو يشمل تسيير المظاهرات والتجمعات العامة، وله أدوات مثل اللافتات، الشموع، الزهور. الصنف الثاني هو العصيان، أو الامتناع عن التعاون أو عدم الطاعة، وهو سلوك استراتيجي متعمد يرفض التعاون مع الظلم، الصنف الثالث هو التدخل اللاعنفي وهو سلوك لاعنفي متعمد يستخدم غالباً التدخل المادي لمواجهة موقف أو حدث ظالم. مثل الاعتصام، احتلال المواقع، المرابطة حول الأشجار.
الإضراب عن الطعام، الإضرابات، والتجمعات والعرائض والتواقيع، الامتناع عن دفع الضرائب، العرقلة، الحصار، الامتناع عن الخدمة العسكرية، والمظاهرات العامة هي بعض الوسائل التي تم اعتمادها في الحركات اللاعنفية.
يجب أن يتم اختيار تكتيكات العمل بانتباه، وأن يؤخذ في الحسبان اختلاف الظروف السياسية والثقافية، والنظر إلى الأمر وفق خطة أو إستراتيجية أوسع. ويمكن أن تكون قائمة جين شارب مصدراً هاماً وملهماً لاساليب العمل اللاعنفي، وهي تضم 198 فكرة للعمل اللاعنفي.
يذكر الباحث والناشط جورج ليكي بأن هناك 3 استخدامات أو تطبيقات للعمل اللاعنفي:
• الدفاع (مثل الدفاع عن الأحياء أو البلد من محتل خارجي).
• التغيير (وهو أشهر أنواع العمل اللاعنفي ويهدف إلى إجراء إصلاحات أو ثورة للتغيير).
• التدخل لحماية طرف آخر.
التطبيق الثالث المذكور، والذي ينص على التدخل لحماية طرف آخر، عبر الحدود مثلاً لمنع إعلان حرب ومن أجل فرض حل سلمي للصراعات، واجه فشلاً عند التطبيق (على الأقل من ناحية منع الهجوم) كما كان الحال في غزو العراق، لكن حالات أخرى واجهت مستويات معقولة من النجاح. وتكون الأساليب الرئيسية المتبعة هي التجمع الأعماوال والمسالم مع مرافقة أجهزة ووسائل الإعلام والمراقبين من منظمات حقوق الإنسان.
لاعنفيون
انظر تصنيف لاعنفيون
هناك العديد من الشخصيات والقادة والمفكرين الذين بحثوا بعمق في الأبعاد الروحية والعملية للعمل اللاعنفي، منهم: الكاتب والروائي الشهير تولستوي، والرئيس البولندي الأسبق والحائز على جائزة نوبل للسلام ليخ فالينسا، والناشطة الألمانية بترا كيلي التي ساهمت في تأسيس الحرب الألماني للخضر، والراهب الفيتنامي المنفي ثيش نهات هانه، والصحافية الأمريكية دورثي دي، والناشط والثائر الأمريكي أمون هيناسي، والعالم الشهير ألبرت أينشتين، والمناضل الأمريكي مارتن لوثر كينغ، والمناضل الباكستاني عبد الغفار خان، والمفكر الإسلامي جودت سعيد، وكذلك جون هاوارد يودر وستانلي هورواس وديفد مكرينولدز وجون غالتينغ. وكذلك المرجع العراقي السيد محمد الشيرازي الذي يعتبر الرائد في نشر ثقافة اللاعنف وكتبه تدل على ذلك. ايضا الشيخ محمد تقي باقر اشتهر بممارسة ونشر ثقافة اللاعنف في العراق وايران وتمكن من التأثير على العديد من الاحزاب السياسية المتطرفة.
الحياة بلاعنف
إن ظهور السلوك العنيف في غالبية المجتمعات الإنسانية في العالم يدفع البعض إلى التصور بأن العنف جزء موروث من الطبيعة البشرية، لكن آخرين ينظرون إلى الأمر بشكل مختلف، فهناك مثلاً من يقول بأن النهج العنفي في السلوك البشري هو ظاهرة حديثة نسبياً ظهرت قبل أقل من عشرة آلاف سنة على الأكثر، ولم تكن حاضرة في المجتمعات البشرية إلا بعد توطنها وبناءها للمساكن والتجمعات الحضرية. ويقارن المؤرخ توينبي بين العنف والصيد، مشيراً إلى أن الصيد كان أحد أهم وأكثر أساليب الحياة ارتباطاً بالبشر، فهم صيادون واعتمدوا على الصيد طوال ما يزيد على 98% من تاريخهم، إلا أن الصيد تحول خلال القرون القليلة الماضية إلى هواية ضيقة لا يمارسها سوى عدد قليل جداً من البشر ولم يعد بأي شكل مصدراً يمكن الاعتماد عليه للغذاء البشري. ورغم ارتباطه بالبشر طوال آلاف السنين تبين الآن أن الصيد لم يكن سوى مصدر مؤقت للغذاء البشري. كذلك فإن العنف طريقة مؤقتة لمواجهة المشاكل وحلها ولم تعد صالحة، خصوصاً مع التطور الثقافي والعسكري الذي منع الدول الكبرى من التحارب فيما بينها بسبب ترسانتها النووية التي ستؤدي إلى فناء كل الأطراف في حال تم استعمالها.
اللاعنف والسلام الأخضر
يعتبر اللاعنف مفهوماً مركزياً في فلسفة جماعة السلام الأخضر، وهو مذكور في مثاق السلام الأخضر العالمي. ويؤمن الخضر بأن على المجتمعات أن تنبذ النماذج الحالية من العنف وأن تعتنق العمل اللاعنفي. تستند فلسفة الخضر كثيراً على أفكار غاندي وتقاليد الكويكرز.
نقد اللاعنف
من أشهر الناقدين للعمل اللاعنفي السياسي الروسي الماركسي ليون تروتسكي المناضل الفرنسي الأسود فرانز فانون، والكاتب والناشط الأمريكي الأكاديمي وارد تشرتشل والمناضل الأمريكي المسلم مالكوم إكس، هؤلاء كانوا ناقدين شديدين للعمل اللاعنفي على تنوعهم، فاللاعنف هو محاولة لفرض أخلاق الأرستقراطيين على الكادحين، وأن العنف ضروري لتحقيق التغيير الثوري، أو بأن حق الدفاع عن النفس مبدأ أساسي.
وقد علق مالوكم إكس على اللاعنف بقوله: "إن من الإجرام أن تعلم الرجل ألا يدافع عن نفسه، وهو يتعرض لهجوم متوحش ومستمر". ويعتبر جيل جديد من المؤرخين بأن الدفاع المسلح عن النفس الذي مارسه السود، والعنف الأهلي ساهم في الإصلاحات المتعلقة بالحقوق المدنية أكثر مما ساهمت أخلاقيات والمناشدات اللاعنفية.
إبان المظاهرات التي اجتاحت أوروبا ثم أمريكا عام 1999 للاعتراض على اجتماع منظمة التجارة العالمية في سياتل، طالب متظاهرون مناهضون للرأسمالية ومشككون في فعالية اللاعنف باستخدام "أساليب متنوعة" من أجل الحصول على مطالبهم. وتقول الكاتبة الأمريكية المدافعة عن حقوق المرأة د. أ. كلارك في مقال لها بعنوان "امرأة تحمل سيفاً": "من أجل أن ينجح اللاعنف في تحقيق الأهداف المرجوة، لابد من أن يمارسه هؤلاء القادرون على اللجوء إلى القوة بسهولة عندما يقررون ذلك". ويحاجج هذا الطرح بأن الأساليب اللاعنفية سوف لن تحقق سوى القليل من أهدافها أذا ما استخدمتها مجموعات يعرف عنها أنها غير قادرة استخدام العنف.
يؤخذ أيضاً على العمل اللاعنفي أنه يعمل بشكل بطيء، وبوسائل متدرجة من أجل تحقيق التغيير السياسي، وبذلك تضعف العلاقة ما بين السبب والنتيجة أو الفعل ورد الفعل علاقة أو تصبح غير واضحة.
يشير المدافعون عن اللاعنف بأن الناقدين له عادة ما يوجهون نقدهم إلى البعد الأخلاقي للاعنف ويهملون الفوائد العملية والسياسية له، ويقولون بأن بعض الناقدين يتناسون النجاحات التي حققها اللاعنف على مدى التاريخ في مواجهة الدكتاتوريات والحكومات المتسلطة. وقد كتب الناشط الأمريكي جورج لاكي رداً مفصلاً بعنوان "العمل اللاعنفي سيف الشفاء" رد فيه على كتاب "مرض المسالمة" الذي ألفه الناشط الأمريكي الأكاديمي وارد تشرتشل.
أما النقد المتعلق بالسلبية التي يتصف بها العمل اللاعنفي، فيرد عليها اللاعنفيون بأن من الضروري أن نلاحظ كيف تمكنت الحملات اللاعنفية الناجحة من حرمان النظم الحاكمة من الدعم المالي (كما في مسيرة الملح في الهند)، في هذا السياق يمكن النظر إلى اللاعنف على أنه وسيلة للهجوم على الهيكل القيادي للحكومة أو النظام، أكثر من هجومها على شخص الحكومة أو شخص الحاكم.
لقد كان غاندي واضحاً في أنه لا يفترض وجود تعاطف أو إحساس بالعدالة من جانب الطرف الآخر، لقد ركزت فلسفته في اللاعنف بشكل كامل تقريباً على التغييرات التي يجب أن تطرأ على سلوك الطرف المعرض للاضطهاد. التغيرات التي قد يقوم بها المستبد تقع خارج نطاق سيطرة المضطهَدين. لذلك فإن أخلاقيات المستبد (سلباً أو إيجاباً) ليست ذات صلة في الأمر. ويؤكد غاندي بأن قيمة اللاعنف لا تقاس فقط بقدرته على تحقيق تغيير سياسي.
الكثير من النقاش يتم بشأن العنف الذي يمارس ضد الممتلكات، والفرق بينه وبين العنف ضد الناس. في عديد من الدراسات اللاعنفية بما فيها دراسات جين شارب يشتمل العمل اللاعنفي على أنواع مختلفة من أعمال التخريب التي تستهدف الممتلكات، في حين يعتبر آخرون بأن أعمال التخريب والتدمير مهما كان نوعها قد تكون أو هي بالفعل أعمال عنيفة.
يشير البعض إلى أن أعمال التخريب غير فعالة من منظور استراتيجي إذا أنها قد تستخدم في تبرير مزيد من الاضطهاد وتعزيز سلطة الدولة. ويقول جورج لاكي بأن أعمال التخريب وحرق السيارات في عصيان باريس عام 1968 كان من شأنها إضعاف دعم الطبقة الوسطى والعاملة المتزايد تجاه العصيان، والحد من فرصه السياسية.
يطرح في النقاشات أيضاً تساؤل مفاده: هل المعتد أم الضحية هو من يقرر ما هو العنف. ويطرح أيضاً الاختلاف النسبي في القوة بين الأطراف، إضافة إلى نوع الأسلحة المستخدمة، وهل يعتبر مثلاً سلوك أطفال الحجارة في فلسطين عملاً عنيفاً أم غير عنيف!!
مُهندَس كرمشاند غاندي الملقب بالمهاتما (أي صاحب النفس العظيمة أو القديس، بالإنجليزية: Mohandas Gandhi) (و. 2 أكتوبر 1869 - 30 يناير 1948) أبو الهند الحديثة.
ولد المهاتما غاندي في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 1869 في بور بندر بمقاطعة غوجارات الهندية من عائلة محافظة لها باع طويل في العمل السياسي، حيث شغل جده ومن بعده والده منصب رئيس وزراء إمارة بور بندر، كما كان للعائلة مشاريعها التجارية المشهورة. وقضى طفولة عادية ثم تزوج وهو في الثالثة عشرة من عمره بحسب التقاليد الهندية المحلية ورزق من زواجه هذا بأربعة أولاد.
] دراسته
سافر غاندي إلى بريطانيا عام 1882 لدراسة القانون، وعاش في الشهور الأولى من إقامته في لندن في حال من الضياع، وعدم التوازن، والرغبة في أن يكون رجلاً جنتلماناً انكليزياً. غير أنه سرعان ما أدرك أنه لا سبيل أمامه سوى العمل الجاد، خاصةً أن وضعه المالي والاجتماعي لم يكونا يسمحان له باللهو وضياع الوقت. وسرعان ما عاد غاندي إلى تدينه والتزامه وسعيه إلى الحقيقة والأخلاق. فأخذ يتعلم القانون، ويعمل عى تفسير النصوص بطريقة تناسب عقلية شعبه، ويقبل ما يشبع العقل، ويوحِّد عقله مع دينه، ويطابقه بما يملي عليه ضميره.
بدأت ملامح شخصية غاندي تتضح؛ وكانت نباتيته مصدراً دائماً لإحراجه، فهذه النباتية موروث ثقافي تحول عنده إلى قناعة وإيمان، فأنشأ نادياً نباتياً، رأسه الدكتور أولدفيلد محرِّر مجلة "النباتي"، وصار السيد ادوين آرنولد نائباً للرئيس، وغاندي أميناً للسر. ويبدو أن حياة غاندي في انكلترا، وتجاربه فيها، كانتا تتقيدان بوجهة نظره الاقتصادية وومفهومه للصحة.
عاد غاندي إلى الهند في تموز عام 1891، بعد حصوله على الإجازة الجامعية التي تخوله ممارسة مهنة المحاماة. إلا أنه واجه مصاعب كثيرة، بدأت بفقدانه والدته التي غيبها الموت، واكتشافه أن المحاماة ليست طريقاً مضمونةً للنجاح. وقد أعاده الإخفاق من بومباي إلى راجكوت، فعمل فيها كاتباً للعرائض، خاضعاً لصلف المسؤولين البريطانيين. ولهذا السبب لم يتردد في قبول عرض للتعاقد معه لمدة عام، قدَّمته له مؤسسة هندية في ناتال بجنوب إفريقيا. وبدأت مع سفره إلى جنوب إفريقيا مرحلة كفاحه السلمي في مواجهة تحديات التفرقة العنصرية.
الانتماء الفكري :مقالة رئيسية: لاعنف
أسس غاندي ما عرف في عالم السياسية بـ"المقاومة السلمية" أو فلسفة اللاعنف (الساتياراها)، وهي مجموعة من المبادئ تقوم على أسس دينية وسياسية واقتصادية في آن واحد ملخصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمحتل عن طريق الوعي الكامل والعميق بالخطر المحدق وتكوين قوة قادرة على مواجهة هذا الخطر باللاعنف أولا ثم بالعنف إذا لم يوجد خيار آخر.
[عدل] أساليب اللاعنف
وتتخذ سياسة اللاعنف عدة أساليب لتحقيق أغراضها منها الصيام والمقاطعة والاعتصام والعصيان المدني والقبول بالسجن وعدم الخوف من أن تقود هذه الأساليب حتى النهاية إلى الموت.او الاموت
شروط نجاح اللاعنف
يشترط غاندي لنجاح هذه السياسة تمتع الخصم ببقية من ضمير وحرية تمكنه في النهاية من فتح حوار موضوعي مع الطرف الآخر.
وبعد الاعتصام قام غاندي بالاعتصام وزيادة عمل نسبة الكلكلي في الهند لان الكلكي هو من أحد الاثار التربوية في الهند ويعتمد استيراد الهند على الكلكلي
كتب أثرت في غاندي
وقد تأثر غاندي بعدد من المؤلفات كان لها دور كبير في بلورة فلسفته ومواقفه السياسية منها "نشيد الطوباوي" وهي عبارة عن ملحمة شعرية هندوسية كتبت في القرن الثالث قبل الميلاد واعتبرها غاندي بمثابة قاموسه الروحي ومرجعا أساسيا يستلهم منه أفكاره. وكتاب "حتى الرجل الأخير" للفيلسوف الإنجليزي جون راسكين الذي مجد فيه الروح الجماعية والعمل بكافة أشكاله، وكتاب الأديب الروسي تولستوي "الخلاص في أنفسكم" الذي زاده قناعة بمحاربة المبشرين المسيحيين، وأخيرا كتاب الشاعر. ويبدو كذلك تأثر غاندي بالبراهمانية التي هي عبارة عن ممارسة يومية ودائمة تهدف إلى جعل الإنسان يتحكم بكل أهوائه وحواسه بواسطة الزهد والتنسك وعن طريق الطعام واللباس والصيام والطهارة والصلاة والخشوع والتزام الصمت يوم الاثنين من كل أسبوع. وعبر هذه الممارسة يتوصل الإنسان إلى تحرير ذاته قبل أن يستحق تحرير الآخرين.
مـاذا قـال غـاندي عن الإسلام :
"أردت أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر......و هنا كان يقصد النبي محمد (صلى الله عليه و سلم)
لقد أصبحت مقتنعا كل الإقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها إكتسب الإسلام مكانته, بل كان ذالك من خلال بساطة الرسول مع دقته وصدقه في الوعود,وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه, وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته.هذه الصفات هي التي مهدت الطريق. وتخطت المصاعب وليس السيف."
قال أيضـا :
‘‘بعد انتهائي من قراءة الجزء الثاني من حياة الرسول محمد أجد نفسي بحاجة أكثر إلى التعرف على حياته العظيمة ‘‘
وقد كان للرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) تأثير كبير في تطوير حياته وقد اقر غاندي بذلك
وقد تأثر غاندي كثيراً بحياة الحسين بن علي (عليهم السلام)حفيد الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)وقال مقولته الشهيره: "تعلمت من الحسين أن أعيش مظلوماً في حياتي وانتصر" وقد قرأ سيرة الحسين وبكى عليه بعد قراءة مقتله وقصته وقدأثر ذلك كثيراً في نظرته للمسلمين وللإسلام وفي معاملاته اليومية.
حياته في جنوب أفريقيا
سافر غاندي وعائلته إلى جنوب إفريقيا عام 1893 ، وسكن ولاية "ناتال" الواقعة على المحيط الهندي، مقيماً في أهم مدنها "دوربان" التي عُرفت بصناعة السكر والتبغ، ويوجد الفحم فيها في المرتفعات الداخلية. عمل غاندي في جنوب إفريقيا مدافعاً عن حقوق عمال الزراعة الهنود والبوير(3) العاملين في مزارع قصب السكر. وكان مجتمع العمال في جنوب إفريقيا منقسماً إلى جماعات مختلفة: جماعة التجار المسلمين "العرب"، وجماعة المستخدمين الهندوس، أما الجماعة الثالثة فهي الجماعة المسيحية، وكانت بين هذه الجماعات الثلاث بعض الصلات الاجتماعية.
لم يكن غاندي يعرف معلومات كثيرة عن الاضطهاد والتمييز العنصري في جنوب إفريقيا، ولكن مع مرور الأيام على وجوده في جنوب إفريقيا؛ اطلع على عديد من الحقائق والوقائع المفزعة الخاصة بممارسة التمييز العنصري. حيث شجعت حكومة جنوب إفريقيا على الاضطهاد العرقي، وعملت على تنفيذ إجراءات جائرة لمنع هجرة المزيد من الآسيويين إليها، وإكراه السكان المقيمين منهم في جنوب إفريقيا على الرحيل عنها، من خلال فرض ضرائب باهظة عليهم، ومطاردتهم من الشرطة، إضافة إلى أعمال النهب وتدمير المحلات والممتلكات تحت سمع حكومة البيض وبصرها.
دافع غاندي عن العمال الهنود والمستضعفين من الجاليات الأخرى، واتخذ من الفقر خياراً له، وتدرب على الإسعافات الأولية ليكون قادراً على إسعاف البسطاء، وهيّأ منـماواله لاجتماعات رفاقه من أبناء المهنة ومن الساسة، حتى إنه كان ينفق من مدخرات أسرته على الأغراض الإنسانية العامة. وقاده ذلك إلى التخلي عن موكليه الأغنياء، ورفضه إدخال أطفاله المدارس الأوربية استناداً إلى كونه محامياً، يترافع أمام المحاكم العليا.
كان تعاقده مع المؤسسة الهندية لمدة عام قابلة للتمديد إن رغب. وقد رغب في مغادرة جنوب إفريقيا، ولكنّ حادثة شهيرة وقعت جعلته يصمم على البقاء للدفاع عن حقوق الهنود هناك. فقد أعلنت حكومة جنوب إفريقيا نيتها إصدار تشريع يحظر حق الاقتراع العام على الهنود. وكان هؤلاء من الضعف والعجز بحيث لا يستطيعون الدفاع عن حقوقهم، كما افتقروا إلى القيادة القوية. وكان ذلك الأمر إيذاناً ببدء كفاح غاندي غير العنيف، في مواجهة السلطة البيضاء العنصرية. وقد مكنته معرفته بالقوانين من البرهنة على عدم شرعية قانون الاقتراع العام، وتمكن من أن يكسب معركته.
بدأ غاندي كفاحه السلمي بتحرير آلاف العرائض وتوجيهها إلى السلطة البيضاء في جنوب إفريقيا. وقام بتنظيم "المؤتمر الهندي" في الناتال، وأسس صحيفة (الرأي الهندي) Indian Opinion التي صدرت باللغة إنكليزية وبثلاث لغات هندية أخرى. وعمل على إقامة مستعمرة "فينيكس" الزراعية قرب "داربان" في العام 1904. وهي مستعمرة صغيرة أسسها مع قليل من أصدقائه الذين شاركوه أفكاره بأهمية الابتعاد عن صخب المدن وتلوثها، وعن طمع وكراهية و حقد البشر في المدن، فانسحب الهنود من المدن الرئيسية، مما أصاب الأعمال الصناعية بالشلل التدريجي.
ولقد اعتقل غاندي غير مرة، ولكن في عام 1906 بعد أن أصدرت حكومة إقليم الترانسفال قانوناً جديداً سمي بالقانون الآسيوي الجديد، وهو قانون يفرض على من يريد من الهنود من الرجال والنساء والأطفال، فوق سن الثامنة، الإقامة في الترانسفال أن يعيد تسجيل نفسه من جديد، ويحصل على إقامة جديدة. ومن يخالف القانون يكن مذنباً ويتعرض للسجن أو الترحيل. ووصلت العنصرية إلى حد اقتحام قوات البوليس مناماوال الهنود للتفتيش. فاندلعت مظاهرات في جوهانسبرج، وتعاطف الصينيون مع الهنود وانضموا إلى حركتهم. ولقد امتلأت السجون بالمعتقلين. فأرسل غاندي وفداً من ممثلي الهنود في جنوب إفريقيا إلى انكلترا وكان اقترح ثلاثة شروط في مجال مقاومة القانونية، واعتبر هذه المهمة تكليفاً، وهذه الشروط هي:
يجب على من هم مستعدون للمقاومة ضد القانون، في حال تنفيذه، أن يجددوا تعهدهم بالمقاومة.
ينبغي جمع تبرعات لتغطية نفقات سفر الوفد وإقامته في لندن.
يجب أن يكون عدد الوفد ثابتاً
وقد التقى الوفد بوزير المستعمرات البريطاني، حيث كانت الترانسفال مستعمرة تابعة للتاج البريطاني. فأظهر الوزير الإنكليزي عدم رضاه علناً عن القانون، في حين أوعز في السر إلى حكومة إقليم الترانسفال بأن بريطانيا ستمنح الإقليم الحكم الذاتي إذا ما نفذت القانون. ألقت قوات الشرطة القبض على غاندي وقادة آخرين بعد تطبيق القانون، وأطلق سراحه بعد مدة قصيرة، ثم قبض عليه مرة أخرى عام 1908، واقتيد إلى قلعة جوهانسبرج بملابس السجن. ووصلت أنباء الاضطرابات الواسعة والاجتماعات الجماهيرية والمسيرات السلمية إلى الهند، ففرضت على نائب الملك فيها للورد "هاربنك" تقديم احتجاج إلى حكومة جنوب إفريقيا لمعاملتها المشينة للهنود.
وجد غاندي وجماعته أنفسهم هدفاً لهراوات الشرطة التي عملت على تفتيت إدارة المقهورين من خلال تكسير العظام، فخرج إلى العالم بالإخلاص للحقيقة على أنه سلاح يغير بوساطته المظالم. يتحمل الألم، ويقاوم الأعداء بلا ضغينة، ويحارب الخصوم بلا عنف. واستمر نضال غاندي على هذا النحو طوال تلك السنوات. قطع معه الألوف الشوط حتى النهاية، مضحين بالعمل والحرية، دخلوا السجون، وتعرضوا للجوع والجلد والمهانة والرصاص، حتى رأت السلطات أن تقلل من تعسفها، فعرضت على غاندي تسوية بين الجانبين وافق عليها، وغادر بعدها جنوب إفريقيا متوجهاً إلى الهند في يوليو 1914. وقد حققت حركة اللاعنف التي قادها غاندي النصر والحياة الكريمة، وضمنت كرامة الهنود في جنوب إفريقيا وحقوقهم، بعد عشرين عاماً من الكفاح.
العودة إلى الهند
عاد غاندي من جنوب أفريقيا إلى الهند عام 1915، وفي غضون سنوات قليلة من العمل الوطني أصبح الزعيم الأكثر شعبية. وركز عمله العام على النضال ضد الظلم الاجتماعي من جهة وضد الاستعمار من جهة أخرى، واهتم بشكل خاص بمشاكل العمال والفلاحين والمنبوذين واعتبر الفئة الأخيرة التي سماها "أبناء الله" سبة في جبين الهند ولا تليق بأمة تسعى لتحقيق الحرية والاستقلال والخلاص من الظلم.
صيام حتى الموت
قرر غاندي في عام 1932 البدء بصيام حتى الموت احتجاجا على مشروع قانون يكرس التمييز في الانتخابات ضد المنبوذين الهنود، مما دفع بالزعماء السياسيين والدينيين إلى التفاوض والتوصل إلى "اتفاقية بونا" التي قضت بزيادة عدد النواب "المنبوذين" وإلغاء نظام التمييز الانتخابي.
مواقفه من الاحتلال البريطاني
تميزت مواقف غاندي من الاحتلال البريطاني لشبه القارة الهندية في عمومها بالصلابة المبدئية التي لا تلغي أحيانا المرونة التكتيكية، وتسبب له تنقله بين المواقف القومية المتصلبة والتسويات المرحلية المهادنة حرجا مع خصومه ومؤيديه وصل أحيانا إلى حد التخوين والطعن في مصداقية نضاله الوطني من قبل المعارضين لأسلوبه، فعلى سبيل المثال تعاون غاندي مع بريطانيا في الحرب العالمية الأولى ضد دول المحور، وشارك عام 1918 بناء على طلب من الحاكم البريطاني في الهند بمؤتمر دلهي الحربي، ثم انتقل للمعارضة المباشرة للسياسة البريطانية بين عامي 1918 و1922 وطالب خلال تلك الفترة بالاستقلال التام للهند. وفي عام 1922 قاد حركة عصيان مدني صعدت من الغضب الشعبي الذي وصل في بعض الأحيان إلى صدام بين الجماهير وقوات الأمن والشرطة البريطانية مما دفعه إلى إيقاف هذه الحركة، ورغم ذلك حكمت عليه السلطات البريطانية بالسجن ست سنوات ثم عادت وأفرجت عنه في عام 1924.
مسيرة الملح
تحدى غاندي القوانين البريطانية التي كانت تحصر استخراج الملح بالسلطات البريطانية مما أوقع هذه السلطات في مأزق، وقاد مسيرة شعبية توجه بها إلى البحر لاستخراج الملح من هناك، وفي عام 1931 أنهى هذا العصيان بعد توصل الطرفين إلى حل وسط ووقعت "معاهدة دلهي".
الاستقالة من حرب المؤتمر
قرر غاندي في عام 1934 الاستقالة من حرب المؤتمر والتفرغ للمشكلات الاقتصادية التي كان يعاني منها الريف الهندي، وفي عام 1937 شجع الحرب على المشاركة في الانتخابات معتبرا أن دستور عام 1935 يشكل ضمانة كافية وحدا أدنى من المصداقية والحياد.
وفي عام 1940 عاد إلى حملات العصيان مرة أخرى فأطلق حملة جديدة احتجاجا على إعلان بريطانيا الهند دولة محاربة لجيوش المحور دون أن تنال استقلالها، واستمر هذا العصيان حتى عام 1941 كانت بريطانيا خلالها مشغولة بالحرب العالمية الثانية ويهمها استتباب أوضاع الهند حتى تكون لها عونا في المجهود الحربي. وإزاء الخطر الياباني المحدق حاولت السلطات البريطانية المصالحة مع الحركة الاستقلالية الهندية فأرسلت في عام 1942 بعثة عرفت باسم "بعثة كريبس" ولكنها فشلت في مسعاها، وعلى أثر ذلك قبل غاندي في عام 1943 ولأول مرة فكرة دخول الهند في حرب شاملة ضد دول المحور على أمل نيل استقلالها بعد ذلك، وخاطب الإنجليز بجملته الشهيرة "اتركوا الهند وأنتم أسياد"، لكن هذا الخطاب لم يعجب السلطات البريطانية فشنت حملة اعتقالات ومارست ألوانا من القمع العنيف كان غاندي نفسه من ضحاياه حيث ظل معتقلا خلف قضبان السجن ولم يفرج عنه إلا في عام 1944.
] حزنه على تقسيم الهند
بانتهاء عام 1944 وبداية عام 1945 اقتربت الهند من الاستقلال وتزايدت المخاوف من الدعوات الانفصالية الهادفة إلى تقسيمها إلى دولتين بين المسلمين والهندوس، وحاول غاندي إقناع محمد علي جناح الذي كان على رأس الداعين إلى هذا الانفصال بالعدول عن توجهاته لكنه فشل.
وتم ذلك بالفعل في 16 أغسطس/آب 1947، وما إن أعلن تقسيم الهند حتى سادت الاضطرابات الدينية عموم الهند وبلغت من العنف حدا تجاوز كل التوقعات فسقط في كلكتا وحدها على سبيل المثال ما يزيد عن خمسة آلاف قتيل. وقد تألم غاندي لهذه الأحداث واعتبرها كارثة وطنية، كما زاد من ألمه تصاعد حدة التوتر بين الهند وباكستان بشأن كشمير وسقوط العديد من القتلى في الاشتباكات المسلحة التي نشبت بينهما عام 1947/1948وأخذ يدعو إلى إعادة الوحدة الوطنية بين الهنود والمسلمين طالبا بشكل خاص من الأكثرية الهندوسية احترام حقوق الأقلية المسلمة.
وفاته :لم ترق دعوات غاندي للأغلبية الهندوسية باحترام حقوق الأقلية المسلمة، واعتبرتها بعض الفئات الهندوسية المتعصبة خيانة عظمى فقررت التخلص منه، وبالفعل في 30 يناير 1948 أطلق أحد الهندوس المتعصبين ثلاث رصاصات قاتلة سقط على أثرها المهاتما غاندي صريعا عن عمر يناهر 79 عاما.
يلاحظ أن غاندي قد تعرض في حياته لستة محولات لإغتياله، و قد لقي مصرعه في المحاولة السادسة.
لاعنف من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة www.wikipedia/ara.com
يمكن لللاعنف أن يكون استراتيجية سياسية أو فلسفة أخلاقية تنبذ استخدام العنف في سبيل أهداف اجتماعية أو من أجل تحقيق تغيير سياسي. وينظر إليه على أنه بديل لموقفين آخرين هما الرضوخ والانصياع السلبي من جهة، أو النضال والصدام المسلح من جهة أخرى. لذلك فإن اللاعنف يدعو إلى وسائل أخرى للكفاح الشعبي منها العصيان المدني أو المقاومة اللاعنفية أو عدم الطاعة وعدم التعاون. وقد استخدم المصطلح بشكل متكرر كمرادف للمسالمة لكنه ومنذ منتصف القرن العشرين أخذ يعكس الكثير من التكتيكات التي تهدف إلى التغيير الاجتماعي بدون استخدام القوة. إن اللاعنف يختلف عن المسالمة لأنه يواجه القمع والطغاة بشكل مباشر.
تكتيكات اللاعنف
ينظر إلى اللاعنف إلى أنه النهج السياسي للناس العاديين، وهذه النظرة تعكس الاستخدام التاريخي لللاعنف اعتماداً على قوة الجماهير وكثرتها. من أشهر الصراعات التي اعتمدت اللاعنف في التاريخ: حملة عدم التعاون التي قادها المهاتما غاندي لاستقلال الهند، الكفاح من أجل الحصول على الحقوق المدنية للأفروأمريكيين بقيادة مارتن لوثر كينغ. يمكن العثور على نماذج من العمل اللاعنفي في كثير من البلدان والثقافات خلال التاريخ. وتظهر الأفكار الأساسية لمنهج اللاعنف بجلاء في كل من الأديان الإبراهيمية الثلاثة (الإسلام والمسيحية واليهودية)، وكذلك في تقاليد الأديان الكبرى الأخرى (الهندوسية والبوذية والسيخية)، وكذلك في العديد من الأديان الوثنية الأخرى. إن الحركات اللاعنفية والقادة اللاعنفيون والمدافعين عن اللاعنف في مختلف الأزمان والأماكن استقوا واستفادوا من الكثير من تلك المبادئ الدينية لدعم عملهم اللاعنفي في كفاحهم من أجل التغيير.
وعلى نفس الشاكلة، استفادت الحركات العلمانية السياسية من اللاعنف، سواء كأداة تكتيكية أو كبرنامج استراتيجي وبأسلوب براغماتي نفعي يهتم بفعالية اللاعنف السياسية دون النظر إلى أي بعد ديني أو أخلاقي.
تستخدم أساليب العمل اللاعنفي من قبل طيف واسع من الناس يأتون من خلفيات متنوعة. ففلاح لا يملك أرضاً يزرعها في البرازيل قد يحتل بدون عنف قطعة أرض لأهداف عملية بحتة. فإذا لم يقم بذلك فما من شك أن عائلته ستجوع. الراهب البوذي في تايلاند يمنح الأشجار في الغابة منماوالة كاهن اتباعاً للتقاليد البوذية في محاولة لمنع تدمير الغابة. عامل في إنجلترة قد يشارك في إضراب وفق التقاليد الاجتماعية والسياسية والنقابية في ثقافته. كل هؤلاء يستخدمون أساليب العمل اللاعنفي من زوايا مختلفة.
كيف يعمل اللاعنف
"سأقدم لكم سلاحاً فريداً لا تقدر الشرطة ولا الجيش علي الوقوف ضده. إنه سلاح النبي، لكن لا علم لكم به. هذا السلاح هو الصبر والاستقامة. ولا توجد قوة على وجه الأرض تستطيع الوقوف ضده".
جندي اللاعنف عبد الغفار خان.
إن الدخول إلى الصراع الاجتماعي والسياسي وفق منطق اللاعنف يمثل انفصالاً جوهرياً عن النظرة التقليدية للسلطة والصراع، وعلى الرغم من ذلك فهو ينطبق على العديد من النماذج والأفكار التي تتناسب مع مختلف الثقافات.
في جوهر أي مذهب استراتيجي لاعنفي هناك فكرة مشتركة وهي أن سلطة الحاكم تعتمد على موافقة الرعية. فالحاكم يصبح عاجزاً بدون النظام الإداري للدولة وبدون الجيش أو الشرطة، وبدون انصياع قطاعات مفتاحية من الشعب. السلطة إذن تعتمد بمعظمها على تعاون الآخرين. اللاعنف يسعى للتقليل من سلطة الحاكم من خلال الانسحاب المتعمد من هذا التعاون وذلك الانصياع.
يجدر بنا أن ننوه إلى أن الوسائل العادلة في الغالب هي التي تحقق نتائج عادلة. عندما قال غاندي: "الوسائل للنتائج، كالبذرة للشجرة" فإنه أشار إلى الجوهر الفلسفي لما يسميه البعض السياسة المجازية. الداعمون للعمل اللاعنفي يحاجون بأن الأعمال التي تعتمد لتحقيق التغيير، تؤثر على المجتمع بشكل حتمي فتصبغه وتقولبه في شكلها وأسلوبها. ويجادل أنصار هذا الأسلوب بأن من غير المنطقي أساساً أن يستخدم العنف لتحقيق مجتمع مسالم. بعض المدافعين عن اللاعنف يدعون إلى احترام أو إلى محبة أعدائهم. وهذا النوع هو الأكثر قرباً من البعد الروحي أو الديني في فهم اللاعنف، وهذا ملاحظ في موعظة الجبل التي ألقاها المسيح: "أحبوا أعداءكم"، أو محبة الخير لكل المخلوقات، أو اللاعنف تجاه أي كائن، في البوذية. إن لمحبة الأعداء أو احترامهم تبريره العملي البراغماتي، فالفصل بين الفعل وبين الفاعل يترك الباب مشرعاً أمام الفاعل ليغير سلوكه ويتراجع عن أفعاله أو قناعاته. وقد قال مارتن لوثر كينغ: "اللاعنف لا يعني تجنب العنف المادي مع الآخرين، بل أيضاً العنف الروحي الداخلي. إنك لا ترفض إطلاق الرصاص على شخص آخر فقط، بل ترفض أن تكرهه أيضاً".
اللاعنف في الإسلام
إن سياسة اللاعنف هي منطق كلي خطير للخلق الاسلامي،من حيث هي جزء لا يتجزأ من بنية الاسلام الكاملة وانها لسياسة تتمثل رائعة مشرقة في قوله عز وجل: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة، ادفع بالتي هي أحسن، فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)-فصلت 34-، كذلك تظهر واضحة جلية من خلال قصة ابني آدم و كثيراً ما تعتمد الاتجاهات اللاعنفية في الإسلام على هذه القصة للدعوة إلى العمل اللاعنفي، حيث ذكر القرآن جواب ابن سيدنا آدم حينما توعده أخاه بالقتل، فقال له (لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما انا بباسط يدي إليك لأقتلك)-المائدة 28-، كما تلتقي معها ممارسات الرسول محمد (عليه الصلاة والسلام) في كفاحه اللاعنفي الناجح ضد القرشيين طوال 13 عاماً من دعوته، لم يمارس خلالها أي شكل من أشكال العنف، حتى تمكن الرسول من إجراء التغيير الاجتماعي والفكري الكافي لإنتاج سلطة شرعية برضىً اجتماعي في المدينة المنورة، وتلتقي معها أقواله صلى الله عليه وسلم حينما قال (تكون فتن، فكن فيها عبد الله المقتول، ولا تكن القاتل) -أخرجه الدارقطني-، والخبر الذي اورده أبو داود (كن خير ابني آدم)، يقصد قابيل وهابيل.
ويقول صلى الله عليه وسلم في (صحيح مسلم): ان الله عز وجل رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف. وقوله في ذات الصحيح (مَنْ يُحْرَمْ الرِّفْقَ يُحْرَمْ الْخَيْرَ) وفي رواية (إن الرفق لا يكون في شىء إلا زانه ? ولا ينزع من شىء إلا شانه). ونسب إلى الإمام علي رضي الله عنه قوله: من عامل بالعنف ندم. رأس السخف العنف. راكب العنف يتعذر مركبه.
لماذا اللاعنف؟
يقتبس معظم المدافعين عن اللاعنف مبادئهم من معتقدات دينية أو أخلاقية أو سياسية. وبذلك تنقسم خلفية العمل اللاعنفي إلى فرعين، اللاعنف المبدئي أو الأخلاقي، واللاعنف الاستراتيجي أو النفعي (البراغمتاتي). ومن الشائع أن يتواجد الفرعان في فكر مؤسسة ما أو لدى حركة لاعنفية عامة أو حتى مجموعة من الأفراد.
في الغرب تم استخدام الكفاح اللاعنفي بكثرة من أجل حقوق العمال، والسلام، والبيئة، وحركات حقوق المرأة وهي القطاعات التي لا تدعمها سلطة سياسية رئيسية. وقد لا يعلم البعض لكن الكفاح اللاعنفي لعب دوراً ومازال في تقليل سلطة الأنظمة السياسية في العالم الثالث وفي بلدان الكتلة الشرقية السابقة. ويقول والتر وينك: "في عام 1989، شهد ما يزيد على مليار ونصف المليار من البشر ثورات لاعنفية حققت نجاحات تفوق التصور... وإذا ما جمعنا كل الدول التي تأثرت بأحداث وحركات لاعنفية إلى بعضها البعض خلال القرن الحالي"، منها (الفلبين، جنوب أفريقيا، إيران... حركة التحرر في الهند)، "فإن الرقم سيزيد عن ثلاثة مليارات، وتزيد نسبة هؤلاء عن خمسين بالمئة من البشر، مما يدحض المقولات المتكررة التي تزعم بأن اللاعنف لا يحقق شيئاً في واقع الحياة".
ويقترح الباحث جين شارب في كتابه سياسة العمل اللاعنفي بأن السبب وراء الغياب الملفت للبحوث والدراسات المتعلقة باللاعنف عن الساحة الثقافية إلى أن النخب لن تحقق أي منافع من انتشار أساليب النضال اللاعنفي التي تعتمد على القوة الجمعية للمواطنين لا على الثروة والأسلحة.
اقترح السيد حسن الشيرازي نظرية اللاعنف في كتابه (كلمة الاسلام) ودعم هذه النظرية في الوسط الاسلامي المرجع العراقي الشيعي السيد محمد الشيرازي المعروف بسلطان المؤلفين، حيث الف اكقر من 1500 كتاب في مختلف المواضيع وتمكن من التأثير في الحركات الاصولية في العالم العربي والاسلامي.
أساليب
يتألف العمل اللاعنفي من ثلاثة أصناف. أولها هو التظاهر والإقناع، وهو يشمل تسيير المظاهرات والتجمعات العامة، وله أدوات مثل اللافتات، الشموع، الزهور. الصنف الثاني هو العصيان، أو الامتناع عن التعاون أو عدم الطاعة، وهو سلوك استراتيجي متعمد يرفض التعاون مع الظلم، الصنف الثالث هو التدخل اللاعنفي وهو سلوك لاعنفي متعمد يستخدم غالباً التدخل المادي لمواجهة موقف أو حدث ظالم. مثل الاعتصام، احتلال المواقع، المرابطة حول الأشجار.
الإضراب عن الطعام، الإضرابات، والتجمعات والعرائض والتواقيع، الامتناع عن دفع الضرائب، العرقلة، الحصار، الامتناع عن الخدمة العسكرية، والمظاهرات العامة هي بعض الوسائل التي تم اعتمادها في الحركات اللاعنفية.
يجب أن يتم اختيار تكتيكات العمل بانتباه، وأن يؤخذ في الحسبان اختلاف الظروف السياسية والثقافية، والنظر إلى الأمر وفق خطة أو إستراتيجية أوسع. ويمكن أن تكون قائمة جين شارب مصدراً هاماً وملهماً لاساليب العمل اللاعنفي، وهي تضم 198 فكرة للعمل اللاعنفي.
يذكر الباحث والناشط جورج ليكي بأن هناك 3 استخدامات أو تطبيقات للعمل اللاعنفي:
• الدفاع (مثل الدفاع عن الأحياء أو البلد من محتل خارجي).
• التغيير (وهو أشهر أنواع العمل اللاعنفي ويهدف إلى إجراء إصلاحات أو ثورة للتغيير).
• التدخل لحماية طرف آخر.
التطبيق الثالث المذكور، والذي ينص على التدخل لحماية طرف آخر، عبر الحدود مثلاً لمنع إعلان حرب ومن أجل فرض حل سلمي للصراعات، واجه فشلاً عند التطبيق (على الأقل من ناحية منع الهجوم) كما كان الحال في غزو العراق، لكن حالات أخرى واجهت مستويات معقولة من النجاح. وتكون الأساليب الرئيسية المتبعة هي التجمع الأعماوال والمسالم مع مرافقة أجهزة ووسائل الإعلام والمراقبين من منظمات حقوق الإنسان.
لاعنفيون
انظر تصنيف لاعنفيون
هناك العديد من الشخصيات والقادة والمفكرين الذين بحثوا بعمق في الأبعاد الروحية والعملية للعمل اللاعنفي، منهم: الكاتب والروائي الشهير تولستوي، والرئيس البولندي الأسبق والحائز على جائزة نوبل للسلام ليخ فالينسا، والناشطة الألمانية بترا كيلي التي ساهمت في تأسيس الحرب الألماني للخضر، والراهب الفيتنامي المنفي ثيش نهات هانه، والصحافية الأمريكية دورثي دي، والناشط والثائر الأمريكي أمون هيناسي، والعالم الشهير ألبرت أينشتين، والمناضل الأمريكي مارتن لوثر كينغ، والمناضل الباكستاني عبد الغفار خان، والمفكر الإسلامي جودت سعيد، وكذلك جون هاوارد يودر وستانلي هورواس وديفد مكرينولدز وجون غالتينغ. وكذلك المرجع العراقي السيد محمد الشيرازي الذي يعتبر الرائد في نشر ثقافة اللاعنف وكتبه تدل على ذلك. ايضا الشيخ محمد تقي باقر اشتهر بممارسة ونشر ثقافة اللاعنف في العراق وايران وتمكن من التأثير على العديد من الاحزاب السياسية المتطرفة.
الحياة بلاعنف
إن ظهور السلوك العنيف في غالبية المجتمعات الإنسانية في العالم يدفع البعض إلى التصور بأن العنف جزء موروث من الطبيعة البشرية، لكن آخرين ينظرون إلى الأمر بشكل مختلف، فهناك مثلاً من يقول بأن النهج العنفي في السلوك البشري هو ظاهرة حديثة نسبياً ظهرت قبل أقل من عشرة آلاف سنة على الأكثر، ولم تكن حاضرة في المجتمعات البشرية إلا بعد توطنها وبناءها للمساكن والتجمعات الحضرية. ويقارن المؤرخ توينبي بين العنف والصيد، مشيراً إلى أن الصيد كان أحد أهم وأكثر أساليب الحياة ارتباطاً بالبشر، فهم صيادون واعتمدوا على الصيد طوال ما يزيد على 98% من تاريخهم، إلا أن الصيد تحول خلال القرون القليلة الماضية إلى هواية ضيقة لا يمارسها سوى عدد قليل جداً من البشر ولم يعد بأي شكل مصدراً يمكن الاعتماد عليه للغذاء البشري. ورغم ارتباطه بالبشر طوال آلاف السنين تبين الآن أن الصيد لم يكن سوى مصدر مؤقت للغذاء البشري. كذلك فإن العنف طريقة مؤقتة لمواجهة المشاكل وحلها ولم تعد صالحة، خصوصاً مع التطور الثقافي والعسكري الذي منع الدول الكبرى من التحارب فيما بينها بسبب ترسانتها النووية التي ستؤدي إلى فناء كل الأطراف في حال تم استعمالها.
اللاعنف والسلام الأخضر
يعتبر اللاعنف مفهوماً مركزياً في فلسفة جماعة السلام الأخضر، وهو مذكور في مثاق السلام الأخضر العالمي. ويؤمن الخضر بأن على المجتمعات أن تنبذ النماذج الحالية من العنف وأن تعتنق العمل اللاعنفي. تستند فلسفة الخضر كثيراً على أفكار غاندي وتقاليد الكويكرز.
نقد اللاعنف
من أشهر الناقدين للعمل اللاعنفي السياسي الروسي الماركسي ليون تروتسكي المناضل الفرنسي الأسود فرانز فانون، والكاتب والناشط الأمريكي الأكاديمي وارد تشرتشل والمناضل الأمريكي المسلم مالكوم إكس، هؤلاء كانوا ناقدين شديدين للعمل اللاعنفي على تنوعهم، فاللاعنف هو محاولة لفرض أخلاق الأرستقراطيين على الكادحين، وأن العنف ضروري لتحقيق التغيير الثوري، أو بأن حق الدفاع عن النفس مبدأ أساسي.
وقد علق مالوكم إكس على اللاعنف بقوله: "إن من الإجرام أن تعلم الرجل ألا يدافع عن نفسه، وهو يتعرض لهجوم متوحش ومستمر". ويعتبر جيل جديد من المؤرخين بأن الدفاع المسلح عن النفس الذي مارسه السود، والعنف الأهلي ساهم في الإصلاحات المتعلقة بالحقوق المدنية أكثر مما ساهمت أخلاقيات والمناشدات اللاعنفية.
إبان المظاهرات التي اجتاحت أوروبا ثم أمريكا عام 1999 للاعتراض على اجتماع منظمة التجارة العالمية في سياتل، طالب متظاهرون مناهضون للرأسمالية ومشككون في فعالية اللاعنف باستخدام "أساليب متنوعة" من أجل الحصول على مطالبهم. وتقول الكاتبة الأمريكية المدافعة عن حقوق المرأة د. أ. كلارك في مقال لها بعنوان "امرأة تحمل سيفاً": "من أجل أن ينجح اللاعنف في تحقيق الأهداف المرجوة، لابد من أن يمارسه هؤلاء القادرون على اللجوء إلى القوة بسهولة عندما يقررون ذلك". ويحاجج هذا الطرح بأن الأساليب اللاعنفية سوف لن تحقق سوى القليل من أهدافها أذا ما استخدمتها مجموعات يعرف عنها أنها غير قادرة استخدام العنف.
يؤخذ أيضاً على العمل اللاعنفي أنه يعمل بشكل بطيء، وبوسائل متدرجة من أجل تحقيق التغيير السياسي، وبذلك تضعف العلاقة ما بين السبب والنتيجة أو الفعل ورد الفعل علاقة أو تصبح غير واضحة.
يشير المدافعون عن اللاعنف بأن الناقدين له عادة ما يوجهون نقدهم إلى البعد الأخلاقي للاعنف ويهملون الفوائد العملية والسياسية له، ويقولون بأن بعض الناقدين يتناسون النجاحات التي حققها اللاعنف على مدى التاريخ في مواجهة الدكتاتوريات والحكومات المتسلطة. وقد كتب الناشط الأمريكي جورج لاكي رداً مفصلاً بعنوان "العمل اللاعنفي سيف الشفاء" رد فيه على كتاب "مرض المسالمة" الذي ألفه الناشط الأمريكي الأكاديمي وارد تشرتشل.
أما النقد المتعلق بالسلبية التي يتصف بها العمل اللاعنفي، فيرد عليها اللاعنفيون بأن من الضروري أن نلاحظ كيف تمكنت الحملات اللاعنفية الناجحة من حرمان النظم الحاكمة من الدعم المالي (كما في مسيرة الملح في الهند)، في هذا السياق يمكن النظر إلى اللاعنف على أنه وسيلة للهجوم على الهيكل القيادي للحكومة أو النظام، أكثر من هجومها على شخص الحكومة أو شخص الحاكم.
لقد كان غاندي واضحاً في أنه لا يفترض وجود تعاطف أو إحساس بالعدالة من جانب الطرف الآخر، لقد ركزت فلسفته في اللاعنف بشكل كامل تقريباً على التغييرات التي يجب أن تطرأ على سلوك الطرف المعرض للاضطهاد. التغيرات التي قد يقوم بها المستبد تقع خارج نطاق سيطرة المضطهَدين. لذلك فإن أخلاقيات المستبد (سلباً أو إيجاباً) ليست ذات صلة في الأمر. ويؤكد غاندي بأن قيمة اللاعنف لا تقاس فقط بقدرته على تحقيق تغيير سياسي.
الكثير من النقاش يتم بشأن العنف الذي يمارس ضد الممتلكات، والفرق بينه وبين العنف ضد الناس. في عديد من الدراسات اللاعنفية بما فيها دراسات جين شارب يشتمل العمل اللاعنفي على أنواع مختلفة من أعمال التخريب التي تستهدف الممتلكات، في حين يعتبر آخرون بأن أعمال التخريب والتدمير مهما كان نوعها قد تكون أو هي بالفعل أعمال عنيفة.
يشير البعض إلى أن أعمال التخريب غير فعالة من منظور استراتيجي إذا أنها قد تستخدم في تبرير مزيد من الاضطهاد وتعزيز سلطة الدولة. ويقول جورج لاكي بأن أعمال التخريب وحرق السيارات في عصيان باريس عام 1968 كان من شأنها إضعاف دعم الطبقة الوسطى والعاملة المتزايد تجاه العصيان، والحد من فرصه السياسية.
يطرح في النقاشات أيضاً تساؤل مفاده: هل المعتد أم الضحية هو من يقرر ما هو العنف. ويطرح أيضاً الاختلاف النسبي في القوة بين الأطراف، إضافة إلى نوع الأسلحة المستخدمة، وهل يعتبر مثلاً سلوك أطفال الحجارة في فلسطين عملاً عنيفاً أم غير عنيف!!
مُهندَس كرمشاند غاندي الملقب بالمهاتما (أي صاحب النفس العظيمة أو القديس، بالإنجليزية: Mohandas Gandhi) (و. 2 أكتوبر 1869 - 30 يناير 1948) أبو الهند الحديثة.
ولد المهاتما غاندي في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 1869 في بور بندر بمقاطعة غوجارات الهندية من عائلة محافظة لها باع طويل في العمل السياسي، حيث شغل جده ومن بعده والده منصب رئيس وزراء إمارة بور بندر، كما كان للعائلة مشاريعها التجارية المشهورة. وقضى طفولة عادية ثم تزوج وهو في الثالثة عشرة من عمره بحسب التقاليد الهندية المحلية ورزق من زواجه هذا بأربعة أولاد.
] دراسته
سافر غاندي إلى بريطانيا عام 1882 لدراسة القانون، وعاش في الشهور الأولى من إقامته في لندن في حال من الضياع، وعدم التوازن، والرغبة في أن يكون رجلاً جنتلماناً انكليزياً. غير أنه سرعان ما أدرك أنه لا سبيل أمامه سوى العمل الجاد، خاصةً أن وضعه المالي والاجتماعي لم يكونا يسمحان له باللهو وضياع الوقت. وسرعان ما عاد غاندي إلى تدينه والتزامه وسعيه إلى الحقيقة والأخلاق. فأخذ يتعلم القانون، ويعمل عى تفسير النصوص بطريقة تناسب عقلية شعبه، ويقبل ما يشبع العقل، ويوحِّد عقله مع دينه، ويطابقه بما يملي عليه ضميره.
بدأت ملامح شخصية غاندي تتضح؛ وكانت نباتيته مصدراً دائماً لإحراجه، فهذه النباتية موروث ثقافي تحول عنده إلى قناعة وإيمان، فأنشأ نادياً نباتياً، رأسه الدكتور أولدفيلد محرِّر مجلة "النباتي"، وصار السيد ادوين آرنولد نائباً للرئيس، وغاندي أميناً للسر. ويبدو أن حياة غاندي في انكلترا، وتجاربه فيها، كانتا تتقيدان بوجهة نظره الاقتصادية وومفهومه للصحة.
عاد غاندي إلى الهند في تموز عام 1891، بعد حصوله على الإجازة الجامعية التي تخوله ممارسة مهنة المحاماة. إلا أنه واجه مصاعب كثيرة، بدأت بفقدانه والدته التي غيبها الموت، واكتشافه أن المحاماة ليست طريقاً مضمونةً للنجاح. وقد أعاده الإخفاق من بومباي إلى راجكوت، فعمل فيها كاتباً للعرائض، خاضعاً لصلف المسؤولين البريطانيين. ولهذا السبب لم يتردد في قبول عرض للتعاقد معه لمدة عام، قدَّمته له مؤسسة هندية في ناتال بجنوب إفريقيا. وبدأت مع سفره إلى جنوب إفريقيا مرحلة كفاحه السلمي في مواجهة تحديات التفرقة العنصرية.
الانتماء الفكري :مقالة رئيسية: لاعنف
أسس غاندي ما عرف في عالم السياسية بـ"المقاومة السلمية" أو فلسفة اللاعنف (الساتياراها)، وهي مجموعة من المبادئ تقوم على أسس دينية وسياسية واقتصادية في آن واحد ملخصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمحتل عن طريق الوعي الكامل والعميق بالخطر المحدق وتكوين قوة قادرة على مواجهة هذا الخطر باللاعنف أولا ثم بالعنف إذا لم يوجد خيار آخر.
[عدل] أساليب اللاعنف
وتتخذ سياسة اللاعنف عدة أساليب لتحقيق أغراضها منها الصيام والمقاطعة والاعتصام والعصيان المدني والقبول بالسجن وعدم الخوف من أن تقود هذه الأساليب حتى النهاية إلى الموت.او الاموت
شروط نجاح اللاعنف
يشترط غاندي لنجاح هذه السياسة تمتع الخصم ببقية من ضمير وحرية تمكنه في النهاية من فتح حوار موضوعي مع الطرف الآخر.
وبعد الاعتصام قام غاندي بالاعتصام وزيادة عمل نسبة الكلكلي في الهند لان الكلكي هو من أحد الاثار التربوية في الهند ويعتمد استيراد الهند على الكلكلي
كتب أثرت في غاندي
وقد تأثر غاندي بعدد من المؤلفات كان لها دور كبير في بلورة فلسفته ومواقفه السياسية منها "نشيد الطوباوي" وهي عبارة عن ملحمة شعرية هندوسية كتبت في القرن الثالث قبل الميلاد واعتبرها غاندي بمثابة قاموسه الروحي ومرجعا أساسيا يستلهم منه أفكاره. وكتاب "حتى الرجل الأخير" للفيلسوف الإنجليزي جون راسكين الذي مجد فيه الروح الجماعية والعمل بكافة أشكاله، وكتاب الأديب الروسي تولستوي "الخلاص في أنفسكم" الذي زاده قناعة بمحاربة المبشرين المسيحيين، وأخيرا كتاب الشاعر. ويبدو كذلك تأثر غاندي بالبراهمانية التي هي عبارة عن ممارسة يومية ودائمة تهدف إلى جعل الإنسان يتحكم بكل أهوائه وحواسه بواسطة الزهد والتنسك وعن طريق الطعام واللباس والصيام والطهارة والصلاة والخشوع والتزام الصمت يوم الاثنين من كل أسبوع. وعبر هذه الممارسة يتوصل الإنسان إلى تحرير ذاته قبل أن يستحق تحرير الآخرين.
مـاذا قـال غـاندي عن الإسلام :
"أردت أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر......و هنا كان يقصد النبي محمد (صلى الله عليه و سلم)
لقد أصبحت مقتنعا كل الإقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها إكتسب الإسلام مكانته, بل كان ذالك من خلال بساطة الرسول مع دقته وصدقه في الوعود,وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه, وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته.هذه الصفات هي التي مهدت الطريق. وتخطت المصاعب وليس السيف."
قال أيضـا :
‘‘بعد انتهائي من قراءة الجزء الثاني من حياة الرسول محمد أجد نفسي بحاجة أكثر إلى التعرف على حياته العظيمة ‘‘
وقد كان للرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) تأثير كبير في تطوير حياته وقد اقر غاندي بذلك
وقد تأثر غاندي كثيراً بحياة الحسين بن علي (عليهم السلام)حفيد الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)وقال مقولته الشهيره: "تعلمت من الحسين أن أعيش مظلوماً في حياتي وانتصر" وقد قرأ سيرة الحسين وبكى عليه بعد قراءة مقتله وقصته وقدأثر ذلك كثيراً في نظرته للمسلمين وللإسلام وفي معاملاته اليومية.
حياته في جنوب أفريقيا
سافر غاندي وعائلته إلى جنوب إفريقيا عام 1893 ، وسكن ولاية "ناتال" الواقعة على المحيط الهندي، مقيماً في أهم مدنها "دوربان" التي عُرفت بصناعة السكر والتبغ، ويوجد الفحم فيها في المرتفعات الداخلية. عمل غاندي في جنوب إفريقيا مدافعاً عن حقوق عمال الزراعة الهنود والبوير(3) العاملين في مزارع قصب السكر. وكان مجتمع العمال في جنوب إفريقيا منقسماً إلى جماعات مختلفة: جماعة التجار المسلمين "العرب"، وجماعة المستخدمين الهندوس، أما الجماعة الثالثة فهي الجماعة المسيحية، وكانت بين هذه الجماعات الثلاث بعض الصلات الاجتماعية.
لم يكن غاندي يعرف معلومات كثيرة عن الاضطهاد والتمييز العنصري في جنوب إفريقيا، ولكن مع مرور الأيام على وجوده في جنوب إفريقيا؛ اطلع على عديد من الحقائق والوقائع المفزعة الخاصة بممارسة التمييز العنصري. حيث شجعت حكومة جنوب إفريقيا على الاضطهاد العرقي، وعملت على تنفيذ إجراءات جائرة لمنع هجرة المزيد من الآسيويين إليها، وإكراه السكان المقيمين منهم في جنوب إفريقيا على الرحيل عنها، من خلال فرض ضرائب باهظة عليهم، ومطاردتهم من الشرطة، إضافة إلى أعمال النهب وتدمير المحلات والممتلكات تحت سمع حكومة البيض وبصرها.
دافع غاندي عن العمال الهنود والمستضعفين من الجاليات الأخرى، واتخذ من الفقر خياراً له، وتدرب على الإسعافات الأولية ليكون قادراً على إسعاف البسطاء، وهيّأ منـماواله لاجتماعات رفاقه من أبناء المهنة ومن الساسة، حتى إنه كان ينفق من مدخرات أسرته على الأغراض الإنسانية العامة. وقاده ذلك إلى التخلي عن موكليه الأغنياء، ورفضه إدخال أطفاله المدارس الأوربية استناداً إلى كونه محامياً، يترافع أمام المحاكم العليا.
كان تعاقده مع المؤسسة الهندية لمدة عام قابلة للتمديد إن رغب. وقد رغب في مغادرة جنوب إفريقيا، ولكنّ حادثة شهيرة وقعت جعلته يصمم على البقاء للدفاع عن حقوق الهنود هناك. فقد أعلنت حكومة جنوب إفريقيا نيتها إصدار تشريع يحظر حق الاقتراع العام على الهنود. وكان هؤلاء من الضعف والعجز بحيث لا يستطيعون الدفاع عن حقوقهم، كما افتقروا إلى القيادة القوية. وكان ذلك الأمر إيذاناً ببدء كفاح غاندي غير العنيف، في مواجهة السلطة البيضاء العنصرية. وقد مكنته معرفته بالقوانين من البرهنة على عدم شرعية قانون الاقتراع العام، وتمكن من أن يكسب معركته.
بدأ غاندي كفاحه السلمي بتحرير آلاف العرائض وتوجيهها إلى السلطة البيضاء في جنوب إفريقيا. وقام بتنظيم "المؤتمر الهندي" في الناتال، وأسس صحيفة (الرأي الهندي) Indian Opinion التي صدرت باللغة إنكليزية وبثلاث لغات هندية أخرى. وعمل على إقامة مستعمرة "فينيكس" الزراعية قرب "داربان" في العام 1904. وهي مستعمرة صغيرة أسسها مع قليل من أصدقائه الذين شاركوه أفكاره بأهمية الابتعاد عن صخب المدن وتلوثها، وعن طمع وكراهية و حقد البشر في المدن، فانسحب الهنود من المدن الرئيسية، مما أصاب الأعمال الصناعية بالشلل التدريجي.
ولقد اعتقل غاندي غير مرة، ولكن في عام 1906 بعد أن أصدرت حكومة إقليم الترانسفال قانوناً جديداً سمي بالقانون الآسيوي الجديد، وهو قانون يفرض على من يريد من الهنود من الرجال والنساء والأطفال، فوق سن الثامنة، الإقامة في الترانسفال أن يعيد تسجيل نفسه من جديد، ويحصل على إقامة جديدة. ومن يخالف القانون يكن مذنباً ويتعرض للسجن أو الترحيل. ووصلت العنصرية إلى حد اقتحام قوات البوليس مناماوال الهنود للتفتيش. فاندلعت مظاهرات في جوهانسبرج، وتعاطف الصينيون مع الهنود وانضموا إلى حركتهم. ولقد امتلأت السجون بالمعتقلين. فأرسل غاندي وفداً من ممثلي الهنود في جنوب إفريقيا إلى انكلترا وكان اقترح ثلاثة شروط في مجال مقاومة القانونية، واعتبر هذه المهمة تكليفاً، وهذه الشروط هي:
يجب على من هم مستعدون للمقاومة ضد القانون، في حال تنفيذه، أن يجددوا تعهدهم بالمقاومة.
ينبغي جمع تبرعات لتغطية نفقات سفر الوفد وإقامته في لندن.
يجب أن يكون عدد الوفد ثابتاً
وقد التقى الوفد بوزير المستعمرات البريطاني، حيث كانت الترانسفال مستعمرة تابعة للتاج البريطاني. فأظهر الوزير الإنكليزي عدم رضاه علناً عن القانون، في حين أوعز في السر إلى حكومة إقليم الترانسفال بأن بريطانيا ستمنح الإقليم الحكم الذاتي إذا ما نفذت القانون. ألقت قوات الشرطة القبض على غاندي وقادة آخرين بعد تطبيق القانون، وأطلق سراحه بعد مدة قصيرة، ثم قبض عليه مرة أخرى عام 1908، واقتيد إلى قلعة جوهانسبرج بملابس السجن. ووصلت أنباء الاضطرابات الواسعة والاجتماعات الجماهيرية والمسيرات السلمية إلى الهند، ففرضت على نائب الملك فيها للورد "هاربنك" تقديم احتجاج إلى حكومة جنوب إفريقيا لمعاملتها المشينة للهنود.
وجد غاندي وجماعته أنفسهم هدفاً لهراوات الشرطة التي عملت على تفتيت إدارة المقهورين من خلال تكسير العظام، فخرج إلى العالم بالإخلاص للحقيقة على أنه سلاح يغير بوساطته المظالم. يتحمل الألم، ويقاوم الأعداء بلا ضغينة، ويحارب الخصوم بلا عنف. واستمر نضال غاندي على هذا النحو طوال تلك السنوات. قطع معه الألوف الشوط حتى النهاية، مضحين بالعمل والحرية، دخلوا السجون، وتعرضوا للجوع والجلد والمهانة والرصاص، حتى رأت السلطات أن تقلل من تعسفها، فعرضت على غاندي تسوية بين الجانبين وافق عليها، وغادر بعدها جنوب إفريقيا متوجهاً إلى الهند في يوليو 1914. وقد حققت حركة اللاعنف التي قادها غاندي النصر والحياة الكريمة، وضمنت كرامة الهنود في جنوب إفريقيا وحقوقهم، بعد عشرين عاماً من الكفاح.
العودة إلى الهند
عاد غاندي من جنوب أفريقيا إلى الهند عام 1915، وفي غضون سنوات قليلة من العمل الوطني أصبح الزعيم الأكثر شعبية. وركز عمله العام على النضال ضد الظلم الاجتماعي من جهة وضد الاستعمار من جهة أخرى، واهتم بشكل خاص بمشاكل العمال والفلاحين والمنبوذين واعتبر الفئة الأخيرة التي سماها "أبناء الله" سبة في جبين الهند ولا تليق بأمة تسعى لتحقيق الحرية والاستقلال والخلاص من الظلم.
صيام حتى الموت
قرر غاندي في عام 1932 البدء بصيام حتى الموت احتجاجا على مشروع قانون يكرس التمييز في الانتخابات ضد المنبوذين الهنود، مما دفع بالزعماء السياسيين والدينيين إلى التفاوض والتوصل إلى "اتفاقية بونا" التي قضت بزيادة عدد النواب "المنبوذين" وإلغاء نظام التمييز الانتخابي.
مواقفه من الاحتلال البريطاني
تميزت مواقف غاندي من الاحتلال البريطاني لشبه القارة الهندية في عمومها بالصلابة المبدئية التي لا تلغي أحيانا المرونة التكتيكية، وتسبب له تنقله بين المواقف القومية المتصلبة والتسويات المرحلية المهادنة حرجا مع خصومه ومؤيديه وصل أحيانا إلى حد التخوين والطعن في مصداقية نضاله الوطني من قبل المعارضين لأسلوبه، فعلى سبيل المثال تعاون غاندي مع بريطانيا في الحرب العالمية الأولى ضد دول المحور، وشارك عام 1918 بناء على طلب من الحاكم البريطاني في الهند بمؤتمر دلهي الحربي، ثم انتقل للمعارضة المباشرة للسياسة البريطانية بين عامي 1918 و1922 وطالب خلال تلك الفترة بالاستقلال التام للهند. وفي عام 1922 قاد حركة عصيان مدني صعدت من الغضب الشعبي الذي وصل في بعض الأحيان إلى صدام بين الجماهير وقوات الأمن والشرطة البريطانية مما دفعه إلى إيقاف هذه الحركة، ورغم ذلك حكمت عليه السلطات البريطانية بالسجن ست سنوات ثم عادت وأفرجت عنه في عام 1924.
مسيرة الملح
تحدى غاندي القوانين البريطانية التي كانت تحصر استخراج الملح بالسلطات البريطانية مما أوقع هذه السلطات في مأزق، وقاد مسيرة شعبية توجه بها إلى البحر لاستخراج الملح من هناك، وفي عام 1931 أنهى هذا العصيان بعد توصل الطرفين إلى حل وسط ووقعت "معاهدة دلهي".
الاستقالة من حرب المؤتمر
قرر غاندي في عام 1934 الاستقالة من حرب المؤتمر والتفرغ للمشكلات الاقتصادية التي كان يعاني منها الريف الهندي، وفي عام 1937 شجع الحرب على المشاركة في الانتخابات معتبرا أن دستور عام 1935 يشكل ضمانة كافية وحدا أدنى من المصداقية والحياد.
وفي عام 1940 عاد إلى حملات العصيان مرة أخرى فأطلق حملة جديدة احتجاجا على إعلان بريطانيا الهند دولة محاربة لجيوش المحور دون أن تنال استقلالها، واستمر هذا العصيان حتى عام 1941 كانت بريطانيا خلالها مشغولة بالحرب العالمية الثانية ويهمها استتباب أوضاع الهند حتى تكون لها عونا في المجهود الحربي. وإزاء الخطر الياباني المحدق حاولت السلطات البريطانية المصالحة مع الحركة الاستقلالية الهندية فأرسلت في عام 1942 بعثة عرفت باسم "بعثة كريبس" ولكنها فشلت في مسعاها، وعلى أثر ذلك قبل غاندي في عام 1943 ولأول مرة فكرة دخول الهند في حرب شاملة ضد دول المحور على أمل نيل استقلالها بعد ذلك، وخاطب الإنجليز بجملته الشهيرة "اتركوا الهند وأنتم أسياد"، لكن هذا الخطاب لم يعجب السلطات البريطانية فشنت حملة اعتقالات ومارست ألوانا من القمع العنيف كان غاندي نفسه من ضحاياه حيث ظل معتقلا خلف قضبان السجن ولم يفرج عنه إلا في عام 1944.
] حزنه على تقسيم الهند
بانتهاء عام 1944 وبداية عام 1945 اقتربت الهند من الاستقلال وتزايدت المخاوف من الدعوات الانفصالية الهادفة إلى تقسيمها إلى دولتين بين المسلمين والهندوس، وحاول غاندي إقناع محمد علي جناح الذي كان على رأس الداعين إلى هذا الانفصال بالعدول عن توجهاته لكنه فشل.
وتم ذلك بالفعل في 16 أغسطس/آب 1947، وما إن أعلن تقسيم الهند حتى سادت الاضطرابات الدينية عموم الهند وبلغت من العنف حدا تجاوز كل التوقعات فسقط في كلكتا وحدها على سبيل المثال ما يزيد عن خمسة آلاف قتيل. وقد تألم غاندي لهذه الأحداث واعتبرها كارثة وطنية، كما زاد من ألمه تصاعد حدة التوتر بين الهند وباكستان بشأن كشمير وسقوط العديد من القتلى في الاشتباكات المسلحة التي نشبت بينهما عام 1947/1948وأخذ يدعو إلى إعادة الوحدة الوطنية بين الهنود والمسلمين طالبا بشكل خاص من الأكثرية الهندوسية احترام حقوق الأقلية المسلمة.
وفاته :لم ترق دعوات غاندي للأغلبية الهندوسية باحترام حقوق الأقلية المسلمة، واعتبرتها بعض الفئات الهندوسية المتعصبة خيانة عظمى فقررت التخلص منه، وبالفعل في 30 يناير 1948 أطلق أحد الهندوس المتعصبين ثلاث رصاصات قاتلة سقط على أثرها المهاتما غاندي صريعا عن عمر يناهر 79 عاما.
يلاحظ أن غاندي قد تعرض في حياته لستة محولات لإغتياله، و قد لقي مصرعه في المحاولة السادسة.
لاعنف من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة www.wikipedia/ara.com
الأحد نوفمبر 27, 2022 9:16 pm من طرف Faizafazo
» برنامج احترافي في تنقيط التلاميذ تربية بدنية ورياضية وكل ما يحتاجه استاذ التربية البدنية والرياضية في المتوسط
الأحد يونيو 27, 2021 7:33 pm من طرف تمرت
» مفاهيم عامة .الاعلام و الاتصال
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:51 am من طرف المشرف العام
» نظريات الاعلام وحرية الصحافة و علاقة الصحافة بالسلطة
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:50 am من طرف المشرف العام
» نشأة وتطور الصحافة في العالم و الوطن العربي
الجمعة يناير 15, 2021 11:48 am من طرف المشرف العام
» ترحيب و تعارف
السبت يونيو 13, 2020 10:39 pm من طرف صقر السردي
» كتب تاريخ الجزائر في القديم والحديث
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الثورة الجزائرية ،"ثورة المليون و نصف المليون شهيد"
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الادارة وتعريفها
السبت مايو 16, 2020 3:28 pm من طرف المشرف العام
» مقياس :تاريخ وسائل الاعلام
السبت مايو 16, 2020 2:57 pm من طرف المشرف العام