السلام عليكم و رحمة الله
الصفحة الرئيسية الاعـلام الجـديد
دراسة في مداخله النظرية وخصائصه العامة
د. الصادق رابح إعلامي جزائري أستاذ محاضر بجامعة الشارقة
ملخص الدراسة
تهدف هذه الدراسة الى القاء الضوء على مفهوم وجوانب من تطبيقات ما بات يطلق عليه الاعلام الجديد , كونه يمثل مظهرا جديدا كليا , ليس في إطار دراسات علوم الاتصال فقط , ولكن في مجمل ما يحيط بهذا النوع المستحدث من الاعلام من مفاهيم , خاصة وأنه ما زال في معظم جوانبه حالة جنينية لم تتبلور خصائصها الكاملة بعد .
وتستعرض الدراسة مجموعة واسعة من التعريفات المتاحة حاليا , بما في ذلك ما كتبته الموسوعات والقواميس المتخصصة في التكنولوجيا , ثم تعرج الدراسة الى استعراض عدد من الرؤى النظرية التي اتيح للباحث الاطلاع عليها .
وتقف الورقة بالتحليل المبسط عند هذه الرؤى خاصة تلك التي تم تداولها كثيرا لدى المتخصصين في هذا المجال مثل نيكولاس نيغروبونتي Nicholas Negroponte وجون بافلك Pavlik John وفين كروسبي Vin Crosbie وستيف جونز Steve Jones وهم من شغلهم موضوع التطور الانقلابي الكبير في وسائل الاتصال والثورة الرقمية ودرسوا الجوانب المختلفة الناتجة عن هذا التغيير .
ثم تصل الورقة الى جملة من الخلاصات من خلال ما قدمته من نقاش مفصل لمجموعة الرؤى المطروحة , وهي خلاصات تحاول ان تلمس الفكرة الرئيسة التي يعمل من خلالها نظام الاعلام الجديد , وتجيب على التساؤلات المطروحة عن هوية هذا الاعلام وعن مداخل فهمه وأسس التعامل معه .
Abstract
The objective of this study is to shed light on the concept and applications of New Media which demonstrates a new era in the communication sciences, having the fact that most of its characteristics has not yet crystallized .
The study reviewed a wide range of definitions about the terms related to new media. It also reviewed a number of theoretical visions that are currently circulated among specialists in this area for names including Nicholas Negroponte and John Pavlik.
Then the paper has concluded a number of abstracts and results through detailed discussion of the proposed visions. These results are trying to find the main ideas behind New Media system to answer the questions raised on its identity.
مدخل
تتعدد مداخل النظر في مفهوم الاعلام الجديد New Media وتطور وسائله في سياقات تاريخية وتكنولوجية مختلفة . فبعض ممن تصدوا للبحث في فكرة الاعلام الجديد مثل بافليك الذي يراه من خلال مدخلي الثورة الرقمية والانترنت وما يليهما من تطبيقات في الخمسين عاما الماضية , وباحثين آخرين مثل ديفيس, Davis واوين Owen الذين يريا انطلاقته من خلال مجموعة من الاشكال الاعلامية الجديدة التي غيرت تماما نموذج الاعلام التقليدي كبرامج الحوار التلفزيوني Talk Show والبرامج المتنوعة والحية لقناة ام تي في MTV الموسيقية , على سبيل المثال , وهي برامج غيرت شاشة التلفزيون بشكل انقلابي , وهما لا يغفلان دور التكنولوجيا الرقمية وظهور الانترنت في بلورة هذا النوع من الاعلام ولكنهما يختلفان مع بقية الباحثين حول تاريخ بدايات حقبة الاعلام الجديد .
باحثون آخرون مثل غيتلمان Gitelman وبنغري Pingree وهما يعودان بالاعلام الجديد إلى مرحلة ظهور التلغراف في حوالي 1740 ويبنيان فكرتهما على مبدأ الحالة الانتقالية للاعلام التي ناقشها مؤتمر بالاسم نفسه Media in Transition Conference عقد بمعهد ماسوشسيتس الامريكي للتكنولوجيا MIT مؤخرا .
في هذه الدراسة سنطرح مجموعة من التعريفات الاولية والاجرائية لمفهوم الاعلام الجديد , ثم نعقبها بنقاش للمداخل المختلفة لتوضيح مفهومه او مفاهيمه المختلفة , ونعرض لاهم ادوات ووسائل بناء وتقديم هذا النوع الجديد من الاعلام .
مظاهر تعدد تسميات الاعلام الجديد
على أننا يجب ان نقر في البداية بأن هذا الاعلام الجديد الذي تولد من التزاوج Convergence ما بين تكنولوجيات الاتصال والبث الجديدة والتقليدية مع الكومبيوتر وشبكاته , تعددت أسماؤه ولم تتبلور خصائصه النهائية بعد ويأخذ هذا الاسم لأنه لا يشبه وسائط الإتصال التقليدية , فقد نشأت داخله حالة تزامن في إرسال النصوص والصور المتحركة والثابتة والأصوات .
وتدل الاسماء المتعددة للتطبيقات الاعلامية المستحدثة , كل واحدة , على ارضية جديدة لهذا الاعلام , فهو الاعلام الرقمي Digital Media لوصف بعض تطبيقاته التي تقوم على التكنولوجيا الرقمية مثل التلفزيون الرقمي والراديو الرقمي
وغيرهما , او للاشارة الي اي نظام او وسيلة اعلامية تندمج مع الكومبيوتر . ويطلق عليه الاعلام التفاعلي Interactive Media طالما توفرت حالة العطاء والاستجابة بين المستخدمين لشبكة الانترنت والتلفزيون والراديو التفاعليين وصحافة الانترنت غيرها من النظم الاعلامية التفاعلية الجديدة .
وهو أيضاً الاعلام الشبكي الحي على خطوط الاتصال Online Media بالتركيز على تطبيقاته في الانترنت وغيرها من الشبكات . كما يطلق عليه تعبير الوسائط السيبرونية Cyber Media من تعبير الفضاء السيبروني Cyber Space الذي أطلقه كاتب روايات الخيال العلمي ويليام جبسون William Gibson في روايته التي اصدرها عام 1984 بإسم Neuromancer والتعبير مأخوذ من علم السيبرنطيقاCybernetics المعروف عربيا بعلم التحكم الآلي ويعني تعبير السايبرميديا العالم المصنوع من المعلومات الصرفة التي تأخذ – ليس فيزيائيا- شكل المادة , ويصف التعبير وسائل التحكم الإلكتروني التي حلت محل الأداء البشري ولكنه يستخدم هنا لوصف فضاء المعلومات في شبكة الانترنت .
يطلق على الاعلام الجديد ايضا صفة اعلام المعلومات Info Media للدلالة على التزاوج داخله بين الكومبيوتر والاتصال وعلى ظهور نظام اعلامي جديد يستفيد من تطور تكنولجيا المعلوماتية ويندمج فيها . ويطلق عليه اعلام الوسائط التشعبية Hypermedia لطبيعته المتشابكة وإمكانية خلقه لشبكة من المعلومات المتصلة ببعضها بوصلات تشعبية او وصلات قاطرة Hyperlinks وهنا نحن معنيون بميزات خاصة بشبكة الانترنت التي اعطت ميزة التشعبية والوصلات Links لما ينشر او يبث داخلها , كما يطلق على بعض تطبيقات هذا الاعلام المستحدث , اعلام الوسائط المتعددة Multimedia لحالة الاندماج التي تحدث داخله بين النص والصورة والفيديو.
ونلاحظ ارتباط بعض هذه الاسماء بتطبيقات الكومبيوتر , فبعضها خرج من طبيعة الوسيط الاتصالي وأخرى من خبرات ثقافية يصعب ايجاد تعبير مقابل لها خارج البيئة التي ولدت فيها , كما أن بعض الاسماء يشير الى تطبيق جزئي من تطبيقات الاعلام الجديد او احدى ميزاته كما هو الحال بالنسبة للتسميات التي تنطلق من ميزات شبكة الانترنت , وبعضها يلم بأطراف اخرى من الوسائل مما يوسع من قاعدة التعريف ومن قاعدة الوسائل والتطبيقات والخصائص والتأثير للاعلام الجديد بشكل عام .
تعريفات أولية للاعلام الجديد
يعرف قاموس التكنولوجيا الرفيعة High-Tech Dictionary الاعلام الجديد بشكل مختصر ويصفه بأنه " اندماج الكومبيوتر وشبكات الكومبيوتر والوسائط المتعددة " . وبحسب ليستر Lester :" الاعلام الجديد باختصار هو مجموعة تكنولوجيات الاتصال التي تولدت من التزاوج بين الكومبيوتر والوسئال التقليدية للاعلام , الطباعة والتصوير الفوتغرافي والصوت والفيديو " .
ويعرفه قاموس الكومبيوتر Computing Dictionary عبر مدخلين هما :
1/ "إن الاعلام الجديد يشير إلى جملة من تطبيقات الاتصال الرقمي وتطبيقات النشر الإلكتروني على الأقراص بأنواعها المختلفة والتلفزيون الرقمي والإنترنت . وهو يدل كذلك على استخدام الكومبيوترات الشخصية والنقالة فضلا عن التطبيقات اللاسلكية للاتصالات والأجهزة المحمولة في هذا السياق . ويخدم أي نوع من أنواع الكومبيوتر على نحو ما تطبيقات الإعلام الجديد في سياق التزاوج الرقمي Digital Convergence إذ يمكن تشغيل الصوت والفيديو في الوقت الذي يمكن أيضا معالجة النصوص وإجراء عمليات الاتصال الهاتفي وغيرها مباشرة من أي كومبيوتر .
2/ المفهوم يشير ايضا إلى الطرق الجديدة في الاتصال في البيئة الرقمية بما يسمح للمجموعات الأصغر من الناس بإمكانية الإلتقاء والتجمع على الإنترنت وتبادل المنافع والمعلومات , وهي بيئة تسمح للإفراد والمجموعات بإسماع صوتهم وصوت مجتمعاتهم إلى العالم اجمع " .
ويعرف قاموس الانترنت الموجز Condensed Net Glossary تعبير الاعلام الجديد بأنه يشير الى : " أجهزة الإعلام الرقمية عموما، أو صناعة الصحافة على الإنترنت . وفي أحيان يتضمن التعريف اشارة لأجهزة الإعلام القديمة , وهو هنا تعبير غير إنتقاصي يستخدم ايضا لوصف نظم إعلام تقليدية جديدة : الطباعة، التلفزيون، الراديو، والسينما " .
وبحسب موسوعة الويب المعروفة بإسم ويبوديا Webopedia فإن تعبير الاعلام الجديد يشير الى : " العديد من الأشكال المستحدثة من نظم الإتصال الإلكتروني التي اصبحت ممكنة بفضل الكومبيوتر . والتعبير مرتبط ايضا بالنظم الإعلامية القديمة , فإذا ما قمنا بعقد مقارنة بين الصحافة الورقية التي تتصف بحالة سكون في نصوصها وصورها مع صحافة الاعلام الجديد نلمس الفرق في ديناميكيتها وفي حالة التغير المستمر الذي تتصف به . التعبير يشير ايضا الى قابلية اجراء الاتصال بين الاجهزة الثابتة والمحمولة بانواعها المختلفة , بما يمكن معه نقل المعلومات بين بعضها البعض .
وبينما يقوم مبدأ وسائل الاعلام التقليدية على نظام ثابت ومعروف , إما بطريقة الاتصال من واحد الى واحد Point-to-point , ومثال على ذلك الاتصال بالهاتف , أو من واحد الى الكثيرين Point-to-many ومثال على ذلك التلفزيون والراديو . أما في حالة الاعلام الجديد , وفي تطبيقاته المختلفة , خاصة المرتبطة الإنترنت , فإن هذا النمط تغير بشكل جذري . فقد مكنت الإنترنت من الوصول الى كل الأشكال المحتملة من نقاط الاتصال " .
ويعرفه جونز Jones الذي يقر اولا بعدم وجود اجابة وافية وقاطعة عن السؤال : ما هو الاعلام الجديد ؟ ويبني اجاباته على أن هذا الاعلام هو في مرحلة نشوء . " الاعلام الجديد هو مصطلح يستخدم لوصف اشكال من انواع الاتصال الالكتروني اصبح ممكنا باستخدام الكومبيوتر كمقابل للاعلام القديم التي تشمل الصحافة المكتوبة من جرائد ومجلات والتلفزيون والردايو – الى حد ما - وغيرها من الوسائل الساكنة Static.
ويتميز الاعلام الجديد عن القديم بخاصية الحوار بين الطرفين , صاحب الرسالة ومستقبلها , ومع ذلك فإن الفواصل بين الاعلام الجديد والقديم ذابت , لأن القديم نفسه اعيد تكوينه وتحسينه ومراجعته ليلتقي مع الجديد في بعض جوانبه " .
وتضع كلية شريديان التكنولوجية Sheridan تعريفا عمليا للاعلام الجديد بأنه : " كل انواع الاعلام الرقمي الذي يقدم في شكل رقمي وتفاعلي . وهنالك حالتان تميزان الجديد من القديم حول الكيفية التي يتم بها بث مادة الاعلام الجديد والكيفية التي يتم من خلالها الوصول الى خدماته , فهو يعتمد على اندماج النص والصورة والفيديو والصوت , فضلا عن استخدام الكومبيوتر كآلية رئيسة له في عملية الانتاج والعرض , اما التفاعلية فهي تمثل الفارق الرئيس الذي يميزه وهي اهم سماته .
على ذلك , يمكن تقسيم الاعلام الجديد الى الاقسام الاربعة الآتية :
- الاعلام الجديد القائم على شبكة الانترنت Online وتطبيقاتها , وهو جديد كليا بصفات , وميزات غير مسبوقة , وهو ينمو بسرعة وتتوالد عنه مجوعة من تطبيقات لا حصر لها .
- الاعلام الجديد القائم على الاجهزة المحمولة , بما في ذلك اجهزة قراءة الكتب والصحف . وهو ايضا ينمو بسرعة وتنشأ منه انوع جديدة من التطبيقات على الادوات المحمولة المختلفة ومنها اجهزة الهاتف والمساعدات الرقمية الشخصية وغيرها .
- نوع قائم على منصة الوسائل التقليدية مثل الراديو والتلفزيون التي اضيفت اليها ميزات جديدة مثل التفاعلية والرقمية والاستجابة للطلب .
- الاعلام الجديد القائم على منصة الكومبيوتر Offline , ويتم تداول هذا النوع , اما شبكيا او بوسائل الحفظ المختلفة مثل الاسطوانات الضوئية , وما اليها ويشمل العروض البصرية والعاب الفيديو والكتب الالكترونية وغيرها " .
من خلال مجموعة التعريفات المختلفة يبدو للباحث استحالة وضع تعريف شامل عن الاعلام الجديد , لعدة اسباب , تبدأ بأن هذا الاعلام هو في واقع الامر يمثل مرحلة انتقالية من ناحية الوسائل والتطبيقات والخصائص التي لم تتبلور بشكل كامل وواضح , فهي ما زالت في حالة تطور سريع , وما يبدو اليوم جديدا يصبح قديما في اليوم التالي . واذا ما أردنا وضع تعريف للاعلام الجديد بناء على الوسائل الجديدة فهي بالتأكيد ستكون قديمة بمجرد ظهور مبتكرات جديدة , وهذا مدعاة لصعوبة وضع تعريف صارم من هذا المدخل تحديدا بينما يختلف الوضع اذا تم وضع تعريف بناء على مجموعة الخصائص التي تميز الاعلام الجديد فهنالك شبه اتفاق على جملة خصائص يتصف بها هذا الاعلام , سنفصل فيها لاحقا .
ولكن يمكن ان نخلص من جملة التعريفات الأولية إلى شبه اتفاق بأن فكرة الجدة يمكن استقراؤها من أن الاعلام الجديد يشير إلى حالة من التنوع في الاشكال والتكنولوجيا والخصائص التي حملتها الوسائل المستحدثة عن التقليدية خاصة فيما يتعلق باعلاء حالات الفردية Individuality والتخصيص Customization وهما تأتيان نتيجة لميزة رئيسة هي التفاعلية . فإذا ما كان الاعلام الجماهيري والاعلام واسع النطاق وهو بهذه الصفة وسم اعلام القرن العشرين , فإن الاعلام الشخصي والفردي هو اعلام القرن الجديد , فالانترنت وهي واحدة من ادواته جعلت في مقدور اي انسان البحث عن الاغنية والبرنامج التلفزيوني والفيلم السينمائي والمعلومات الصحفية والعلمية التي يريد في الوقت الذي يريد .
ولكننا يجب ان نتفق بأن الإعلام الجديد ليس انترنت فقط , فبعض تطبيقاته بعيدة كليا عن المبادئ التي تقوم عليه تكنولوجيا الانترنت , فالاعلام الجديد يستبطن عددا من التكنولوجيات الاتصالية التي ظهرت بعد اول تطبيق للنشر الالكتروني من نص وصور ساكنة في نظم الكومبيوتر والشبكات المبكرة الى تطبيقات الاتصال غير المسبوقة على شبكة الإنترنت .
ونخلص هنا بالتأكيد على مجموعة من الخصائص والمميزات التي يتمتع بها الاعلام الجديد عن ما سبقه . وهي تتمثل في دمجه للوسائل المختلفة القديمة والمستحدثة في مكان واحد , على منصة الكومبيوتر وشبكاته , وما ينتج عن ذلك الاندماج من تغيير انقلابي للنموذج الاتصالي الموروث بما يسمح للفرد العادي ايصال رسالته إلى من يريد في الوقت الي يريد بطريقة واسعة الاتجاهات وليس من أعلى الى اسفل وفق النموذج الاتصالي التقليدي . فضلا عن تبني هذا الاعلام للتكنولوجيا الرقمية وحالات التفاعلية والتشعبية وتطبيقات الواقع الافتراضي وتعددية الوسائط وتحقيقه لميزات الفردية والتخصيص وتجاوزه لمفهوم الدولة الوطنية والحدود الدولية .
مداخل نظرية لفهم خصائص الاعلام الجديد
نقدم هنا مجموعة من الرؤى النظرية حول الاعلام الجديد في مقاربات مختلفة لفهم مداخله الاساسية واتجاهاته , وهذ الرؤى المطروحة يلتزم بعضها الجوانب المتعلقة بالتطورات في تكنولوجيا الاتصال , وبعضها يعلق على الموضوع من جانب الدرسات الاجتماعية والسياسية وغيرها , بما يمثل مدخلا لفهم خصائص الاعلام الجديد وفهم مدخل الدراسات التي كتبت في هذا الحقل , ونستعرض هنا رؤى نيغروبونتي وبافلك وكروسبي ومانوفيتش وديفيس واوين . وسنناقش رؤية كل واحد على حدة.
مدخل نيغروبونتي لفهم الاعلام الجديد
يحصر نيغروبونتي Negroponte الميزات التي يتحلى بها الاعلام الجديد مقارنة بما سبقه في : " استبداله الوحدات المادية بالرقمية , أو البتات بدل الذرات Bits not Atoms كأدوات رئيسة في حمل المعلومات يتم توصيلها في شكل الكتروني وليس في شكل فيزيائي , والكلمات والصور والاصوات والبرامج والعديد من الخدمات يتم توزيعها بناء على الطريقة الجديدة , بدلا عن توزيعها عبر الورق او داخل صناديق مغلفة .
اما ميزة قدرة الاعلام الجديد على المخاطبة الرقمية المزدوجة Digital Addressability فهي عبارة عن نموذج تطور من عملية نقل المعملوات رقميا من كومبيوتر إلى اخر منذ بداية رقمنة الكومبيوتر نفسه بعد الحرب العالمية الثانية , الى تطور تشبيك عدد غير محدود من الاجهزة مع بعضها البعض , وهذا من ناحية , يلبي الاهتمامات الفردية Individual Interests ومن ناحية أخرى يلبى الاهتمامات العامة , أي أن الرقمية تحمل قدرة المخاطبة المزدوجة للاهتمامات والرغبات وهي حالة لا يمكن تلبيتها بالاعلام القديم .
الميزة الاكثر أهمية , هي أن هذا الاعلام خرج من أسر السلطة التي كانت تتمثل في قادة المجتمع والقبيلة , الكنيسة والدولة إلى أيدي الناس جميعا , وقد تحقق هذا جزئيا عند ظهور مطبعة غوتنبرغ وتحقق ايضا عند ظهور التلغراف واخذ سمته الكاملة بظهور الانترنت التي جاءت بتطبيق غير مسبوق وحققت نموذج الاتصال الجمعي بين كل الناس " .
النموذج الاتصالي الجديد لدى كروسبي
يشترك فين كروسبي مع نيغروبونتي في نفس الافكار ويعقد مقارنة ثلاثية متسلسلة بين الاعلام الجديد والقديم من خلال النماذج الاتصالية الكلاسيكية , ابتداء من اول نموذج اتصالي بين البشر حتى بين غير بني البشر , من احياء , الذي كان من نوع الاتصال الشخصي Communications Interpersonal وهو اتصال ليس بحاجة الى وسائل تكنولوجية لكي يتم , وله حالتان تميزانه .
النموذج الاول : الاتصال الشخصي
- كل فرد واحد من طرفي الاتصال يملك درجة من درجات السيطرة المتساوية على المحتوى المتبادل بين الطرفين .
- المحتوى يحمل ترميزا يؤكد حالة الفردية Individualization التي تحقق احتياجات ومصالح صاحب المحتوى , كما أن المنافع والأضرار متساوية بين الطرفين .
- التحكم المتساوي وميزة الفردية ينخفضان في حالة ازدياد عدد المشاركين في العملية الاتصالية .
لهذه الاسباب , فإن هذا النموذج يتميز باستخدامه في تطبيقات الاتصال بين شخصين فقط , وهذا هو السبب الذي جعل خبراء الاتصال يطلقون عليه الاتصال من نقطة الى اخرى او من فرد لآخر One-to-one.
النموذج الثاني : الاتصال الجمعي
هو الاتصال الجماهيري او الجمعي Mass Media , وهذا النوع يخطئ فيه الكثيرون حينما يتصورون انه يحدث نتجية للتطور التكنولوجي . إنه مثل الاتصال الشخصي يسبق التكنولوجيا . ويرجع هذا النموذج الى طرق الاتصال التي كان يتبعها قادة المجتمعات القديمة والملوك والزعماء الدينيون , فيما وسعت التكنولوجيا من مداه الى المستوى العالمي . ومن ادواته التقليدية الاذاعة والتلفزيون والسينما وما اليهما , وهو يقوم على نمط الاتصال من نقطة او فرد الى المجموعة , على سبيل المثال من رجل دين او ملك او ناشر الى عدد من الناس الذين يطلق عليهم صفة المستمعين او القراء او المشاهدين . وهو الامر الذي دفع الاكاديميين لتسميته الاتصال من الفرد الى المجموعة One-to-many medium وما يميز هذا النوع :
- إن الرسالة نفسها تصل الى كل الجمهور .
- الذي قام ارسال هذه الرسالة يكون بلا شك هو المتحكم في محتواها .
وهذا معناه , وفق هذا النموذج:
- إن المحتوى لا يمكن تفصليه لتلبية احتياجات ومصالح كل فرد على حدة .
- ان الفرد لا يد له في التحكم في ما يصله من محتوى .
النموذج الثالث : الاعلام الجديد
الاعلام الجديد بحسب كروسبي , يتميز بما يأتي :
- الرسائل الفردية يمكن ان تصل في وقت واحد الى عدد غير محدود من البشر .
- ان كل واحد من هؤلاء البشر له نفس درجة السيطرة ونفس درجة الاسهام المتبادل في هذه الرسالة .
وبكلمات اخرى فإن الاعلام الجديد , يتميز عن النوعين المذكورين , الشخصي والجمعي , بدون ان يحمل الصفات السالبة فيهما . فلا يوجد ما يمنع اي واحد من ابلاغ رسالة معينة والتواصل مع شخص آخر . كما لا يمكن منع اي شخص من ابلاغ رسالة لجموع من الناس وتخصيص محتوى الرسالة لكل فرد على حدة . " .
تصورات كروسبي لامكانيات الاعلام الجديد
يقول كروسبي : " لكي نفهم الامكانات التي تقف وراء قوة الاعلام الجديد علينا ان نتذكر بأن ملايين الكومبيوترات التي تمثل شبكة الانترنت تقوم بالحصول على المعلومات وفرزها ونقلها لعدد غير محدود من البشر . وهؤلاء يمكنهم اجراء عملية اتصال بينهم في وقت واحد Simultaneously في بيئة تسمح لكل فرد مشارك , مرسلا كان او مستقبلا , بفرص متساوية من درجات التحكم .
كذلك عندما يقوم اي منا بزيارة موقع صحافي على شبكة الانترنت , فإننا لا نرى الاخبار والموضوعات الرئيسة فيه فقط , ولكننا نرى اجزاء من الموقع مخصصة لتلبية الاحتياجات الفردية الخاصة بالزائر . وهذا الامر لا يعني هذا الزائر وحده , وانما عملية التخصيص هذه تتم لملايين الزوار في وقت واحد , وهو الامر الذي لا يمكن ان يتحقق في ظروف نظم الاتصال السابقة . اما القوة الصاعدة للاعلام الجديد فهي تتمثل في كونه سيحفز ويشيع آليات جديدة كليا للإنتاج والتوزيع ستخلق مفاهيم جديدة تماما للأشكال الاعلامية ومحتوياتها " .
مدخل ديفس واوين , التصنيفات الثلاثة للاعلام الجديد
الملاحظة الرئيسية من التصورات المذكورة بالنسبة لنيغروبونتي وكروسبي ومجموعة التعريفات التي اشرنا اليها في بداية هذا الدراسة , تصنيفها للاعلام الجديد ضمن حالتين , جديد مقابل قديم , تماما كما يوحي التعبير نفسه , بين التماثلية والرقمية , بين مرحلة ما قبل الانترنت ومرحلة الانترنت وهكذا . وهو تصنيف يظل غير واقعي طالما انه لم يستصحب حالة التماهي بين الاعلام الجديد والقديم , والاشكال المتقاربة في التعبير في كليهما والتكنولوجيات المستخدمة فيهما وطالما ظلت مجموعة الوسائل الرئيسية التقليدية هي ذاتها كوسائل رئيسية في الفضاء الاعلامي , خاصة وان بعضها اصبح يحمل صفات الاعلام الجديد تكنولوجيا ووظائفيا . فالراديو والتلفزيون لم يصبحا فقط رقميين وموصلين بالاقمار الصناعية وشبكات الالياف الضوئية - وهما من ميزات الاعلام الجديد - ولكن ايضا اصبحا وسيلتين تفاعليتين تعملان على منصة الكومبيوتر , وهذه هي الميزة الرئيسية التي تميز الاعلام الجديد , فضلا عن تغييرهما لمفهوم الخبر من حدث الى يحدث بالتواجد الحي في مواقع الاحدث الكبيرة التي شكلت علامات بارزة في نهاية القرن الماضي وبداية القرن الحالي مثل الحروب في افغانستان والعراق .
كذلك الامر بالنسبة للصحافة الورقية التي غيرت طريقة الانتاج تماما الى وسائل تنتمي كليا الى المرحلة الرقمية في جميع خطوات التحرير الصحافي ومعالجة الصور ومراحل ما قبل الطباعة . كما لمس التغيير طريقة كتابة الاخبار وطريقة الاخراج واستخدام الالوان والطباعة مع انفاس الفجر لملاحقة اخر الاخبار والطباعة الرقمية في امكان متعددة من انحاء العالم , ولم يبق الا التخلص من الورق , طالما ان التطور جار لانتاج القارئات الرقمية الدقيقة والورق الالكتروني .
وللبحث عن مخرج لحالة التقابلية هذه في تصنيف الاعلام الجديد , يضع ريتشارد ديفيس Richard Davis وديانا اوين Diana Owen في كتابهما المشترك ( الاعلام الجديد والسياسة الامريكية ) يضعا الاعلام الجديد وفق ثلاثة انواع هي :
- الاعلام الجديد بتكنولوجيا قديمة .
- الاعلام الجديد بتكنولوجيا جديدة .
- الاعلام الجديد بتكنولوجيا مختلطة .
النوع الأول : الاعلام الجديد بتكنولوجيا قديمة : يرى الباحثان ان نموذج الإعلام الجديد وفق هذا التصنيف يعود الى مجموعة من الاشكال الصحفية في الاذاعة والتلفزيون والصحف , ويشيران الى راديو وتلفزيون الحوار Talk Radio TV/ الذي يرجع الى حقبة الثلاثينات من القرن الماضي , فقد كان الرئيس الامريكي فرانكلين روزفليت يستخدم الاذاعة كاداة اساسية للحديث الى الناس وكانت احاديثه مسموعة بشكل واسع . التلفزيون ايضا مع الراديو جدد نفسه كثيرا ببرامج الحوار الحية Talk Show والمجلات الاخبارية Television news magazine مثل Date Line و 60 Minutes وبرامج الاخبار الحية Live Shows والبرامج المسائية , مثل Night Line وبرامج الصباح المعروفة , مثل صباح الخير اميركا Good Morning America وبرامج التابلويد , مثل Inside Edition الشبيهة بصحافة التابلويد الورقية . ويشمل التجديد , في حالات اخرى , نموذج برنامج اوبرا Oprah Winfrey وقنوات مثل ام تي في MTV المتخصصة في الموسيقى والتي مددت افقها للتغطية الاخباريٍة ساعة بساعة .
بعض البرامج المذكورة مثل توداي Today يعود الى الخمسينات من القرن الماضي ولكنها تمثل نمطا جديدا في الاعلام . وقد بادر معظمها باستخدام التكنولوجيات الجديدة مثل الكومبيوتر والشبكات المختلفة , وطبقوا اساليب مستحدثة في بناء موضوعاتهم وتقديمها . وقد مثلت بعض التغطيات علامة فارقة للانتقال الى المرحلة الجديدة , مثل تغطية قضية الرياضي المشهور او جي سيسمبسون O. J Simpson . وقضية ويليام كينيدي سميث William Kennedy Smith وتيموثي ماكفي Timothy McVeigh الذي فجر مبنى البلدية في اوكلاهوما سيتي . فالتغطيات تغيرت كثيرا في الشكل وطريقة المتابعة واستخدام كافة وسائل الاتصال والعرض والغرافيك والاحصاء بواسطة الكومبيوتر .
النوع الثاني : اعلام جديد بتكنولوجيا جديدة : تمثله جميع الوسائل التي نعايشها الآن التي تعمل على منصة الكومبيوتر وهي تشمل شبكات الكومبيوتر المختلفة وعلى رأسها شبكة الإنترنت والبريد الالكتروني وغيرهما . وهي الوسائل التي مكنت من إنفاذ حالة التبادل الحي والسريع للمعلومات ومن التواصل بين الطرفين وحققت للمواطينين اسماع اصواتهم للعالم . ومكنت من دمج التكنولوجيات والوسائل المختلفة مع بعضها البعض وتجاوزت العوائق المكانية والزمانية والحدود بين الدول التي كانت تعيق حركة الاعلام القديم , وهذه الوسئل تتصف بدورها الفعال في تسهيل التفاعل الجماهيري وتقديم مصادر لا حد له , ومجالا واسعا من الاشكال والتطبيقات الاتصالية .
النوع الثالث : اعلام جديد بتكنولوجيا مختلطة : هنا تزول الفوارق بين القديم والجديد , فقد اصبحت الحدود الفاصلة بين انواع الوسائل المختلفة حدودا اصطناعية Artificial , وحدثت حالة تماهي وتبادل للمنافع بين الاعلام القديم والجديد , ويستخدم الكثير من الممارسين للعمل الاعلامي الذين يعملون في الوسائل التقليدية الوسائل الجديدة لاستكمال ادوارهم الاعلامية المختلفة , أي انهم اصبحوا يستخدمون النوعين معا . وكما يعترف الافراد , تعترف المؤسسات القديمة أيضا باهمية الاعلام الجديد , وتعمل على اللحاق بتكنولجياته وتطبيقاته المختلفة , فصحف كبيرة مثل واشنطن بوست ونيويورك تايمز لديها مواقع ضخمة على شبكة الانترنت , وتتواصل برامج التلفزيون المختلفة ونشرات الاخبار مع الجمهور بادوات الاعلام الجديد وتكمل مشروعها الاعلامي وتدير استطلاعاتها عبر الوسائل المستحدثة .
مدخل مانوفيتش للاعلام الجديد
يقول ليف مانوفيتش Manovich في مدخله لفهم الاعلام الجديد : " لكي نفهم طبيعة الإعلام الجديد، فإننا نحتاج لتجاوز الفهم السائد ، الذي يحدده بشكل عام في استخدام الكومبيوتر لتوزيع وعرض المعلومات . وضرورة النظر الى الدور التكاملي للكومبيوتر في عمليات الإنتاج كلها وفي وسائل الإعلام كلها الذي احدث تغييرات هائلة في طبيعة الإتصال، والنظر في طبيعة الرسائل الجديدة الناتجة عن العملية الإتصالية الجديدة أيضا , فكل الاشكال الغرافيكية وانواع الرسم ، والصور والمؤثرات ، والأصوات، والنصوص أصبحت تتم بواسطة الكومبيوتر ، وقد جاءت تكنولوجيا المعلومات بحالة التزواج والاندماج بين صناعات كانت مختلفة جدا في السابق وهي إستخدام الكومبيوتر ووسائل الإعلام، ونظم الإتصالات .
ويحدد مانوفيتش الحالات الرئيسية للإعلام الجديد كالتالي :
التمثيل العددي Numerical representation
حالة الانتقال Modularity
حالة الأتمتة Automation
القابلية للتغير Variability
الترميز الثقافي Cultural Transcoding
المبدءان الأولان ، التمثيل العددي Numerical representationيتثمل في الطبيعة الرقمية لأجهزة الإعلام Digital nature of media . أما حالة الانتقال Modularity فهي تعني أن الاجسام الإعلامية يمكن أن تندمج بين بعضها البعض بينما تحافظ على صفاتها المتفردة أو الخاصة , وهذا ما تمثله الخصائص التكنولوجية الأساسية للإعلام الجديد . ومن هنا تأتي الحالتان اللاحقتان بدءا من حالة الأتمتة Automation , إذ يخضع الإعلام اولا للمعالجة الحسابية بواسطة الكومبيوتر , وثانيا يخضع لحالة القابلية للتغير Variability وتكون الأجسام الإعلامية في حالة تنوع . أما المبدأ الاخير وهو الترامز الثقافي Cultural Transcoding فهو يلخص الفهم الخاص لمانوفيتش بخصوص عملية التأثير الثقافي لاستخدام الكومبيوتر " .
التمثيل العددي : طالما تمت معالجة الصورة والصوت رقميا ، فإن كل أجهزة الإعلام تصبح معالجة بالكومبيوتر . وهذا يتضمن تحويل التماثلية في جميع حالاتها الى الشكل الرقمي , ويتضمن دمج الوسائط بين بعضها البعض مما مكن من توليد نموذج الوسائط المتعددة .
حالة الانتقال : يمكن للمكونات الإعلامية ان تكون في حالة وحدات منفصلة ولكن في نفس الوقت يمكن ان يتم تجميعها معا بدون ان تفقد هوياتها الخاصة . مثلا: يمكن معالجة صورة ما ببرنامج مثل ادوبي فوتوشوب بدمجها في عدّة طبقات ، كل طبقة تحتوي قسما منفصلا عن الصورة كما يمكن معالجتها لاحقها بتفكيك الطبقات ذاتها بدون تأثير عليها , وهذا يتم ايضا في حالات الصوتيات والفيديو والرسومات المتحركة وغيرها .
حالة الأتمتة : تخضع جميع وسائل الاعلام الجديدة , بشكل ما , إلى حالة أتمتة في كل أو بعض عمليتها بدرجات معقدة أو بمستوى بسيط من التعقيد ، ومثال لذك مواقع الانترنت الدائمة التجدد والحركة ، التي تستجيب لطلب المستخدم أو الزائر , وقواعد البيانات الشكبية , مثال لذلك موقع غوغل الذي يستجيب سريعا , وفق حسابات خاصة , لطلب الباحثين عن المعلومات تعتمد على عملية معقدة لجميع الصفحات المطلوبة وترتيبها .
القابلية للتنوع : واحدة من اركان الاعلام الجديد المهمة هي في كونه يمثل مجموعة بيانات يمكن أن تعالج بأساليب مختلفة جدا , فبينما ظل نظام الإعلام التقليدي مرتبطا بحالة إنتاج النسخة الواحدة المتعددة المتماثلة , فإن الإعلام الجديد يمكن ان ينتج نسخا مخصصة Customized وملبية لحاجة الفردانية Individualized او بإضفاء الطابع الشخصي عليها Personalized. وحالة التنوع هذه يمكن ان تشمل :
- امكانية فصل المحتوى : Delinking of Content . على سبيل المثال ، قد تنشر صحيفة طبعتين واحدة ورقية واخرى للانترنت ، والنسخة على الإنترنت قد تكون مفصلة وفقا لرغبة القارئ .
- امكانية التعديل : Potential scalability إذ اصبح من السهل تعديل حجم الصور والرسومات والصفحات مثلا او تحريكها او خلق عوالم إفتراضية أو ثلاثية منها .
- امكانية التحديث : فبعض نظم الإعلام الجديد يمكن أن تتضمّن معلومات تتغير بإنتظام ويجب ان تخضع لهذه الحالة بحكم طبيعتها مثل أسعار أسهم .
- التخصيص والتفاعلية : وهما نتيجة رئيسية من نتائج حالة التنوع التي تمكن المستخدم من الاختيار .
رؤية بافلك للإعلام الجديد
يرى جون بافلك Pavlik :" أن المشهد الخاص بتكنولوجيات الاعلام الجديدة يتغير بمثل سرعة تطور هذه التكنولوجيات , وهي تحدث تغييرا راديكاليا في كل ما يتعلق بالطريقة التي نتواصل بها والاشخاص الذين نتواصل معهم , كما انها تغير كافة اوجه الحياة التي نعيشها من بناء العلاقات الشخصية الى خلق المصادر المالية والرعاية الصحية وغيرها . وفي كل عام فإن خطوات التطور التكنولوجي تتسارع وفي كل صباح يعلن عن مبتكر جديد .
لقد أخذ الامر مائتا عام منذ ان اخترع غوتنبرغ الحروف المتحركة في عام 1450 الى دخولها الولايات المتحدة في عام 1693 بينما شهد القرن الماضي ميلاد وتطور الكثير من التكنولوجيات , كل واحدة منها احدث ثورة في بعض مناحي الاتصال البشري " .
يرى بافليك ايضا " ضرورة توفر خارطة طريق Road map واطار مفاهيمي لفهم ابعاد وآثار تكنولوجيات الاعلام الجديد , وواحدة من ادوات رسم هذه الخريطة تكمن في فهم وظائفها الاساسية وهي الانتاج Production , والتوزيع Distribution والعرض Display والتخزين Storage . وبالرغم من أن هذا المدخل يبدو محدودا بسبب حالات التلاقي Convergence والتماهي Blurring بين خطوط وسائل الاتصال لكن من المفيد تمييز الخطوط الموضحة لتكنولوجيات الاعلام الجديد , هكذا :
نظام الانتاج : تكنولوجيات الانتاج هي تلك المستخدمة في جمع ومعالجة المعلومات وهي تشمل اجهزة الكومبويتر , التصوير الالكتروني , الماسحات الضوئية , وهذه التكنولوجيات لم تصنع لنا فقط طرائق جديدة لجمع وتفسير المعلومات بل ايضا مكنتنا من تجميع انواع جديدة من المعلومات وحل المشكلات القديمة والجديدة بشكل اسرع ,ولكنها مع ذلك حلت محل العمالة البشرية ومثلت تهديدا خطيرا للخصوصية واثارت تساؤلات حول من يملك المعلومات , فضلا عن انها تجاوزت القدرات البشرية في ان تكون على مستوى الامكانيات الجديدة التي خلقتها هذه التكنولوجيات " .
نظام التوزيع : تكنولوجيات التوزيع هي تلك المتصلة بعمليات العرض Presentation او الحركة Movement للمعلومات الالكترونية , وهي تشمل النظم الرئيسية التالية :
1/البث الهوائي Over-the air broadcasting
2/ تكنولجيات الاتصال الارضي Land based telecommunication التي تشمل طيفا من الانواع الجديدة كليا .
3/ كوابل الاتصال Coaxial cable , وهي تشمل تلفزيون الكيبل .
4/ الاتصال بالاقمار الصناعية Satellite communications الذي يشمل البث التلفزيوني المباشر Direct broadcasting satellite .
5/ الاتصال اللاسلكي , الذي يشمل خدمات التواصل الشخصي وغيرها من المستحدثات في هذا المجال " .
" هذه التكنولوجيات لها اثار ايجابية كما ان لها آثارا سلبية اقتصاديا واجتماعيا , فقد جعلت المعلومات متاحة بسرعة الضوء وجعلت من تكنولوجيا الفيديو تحت الطلب Video on demand امرا واقعا . كما جعلت من مفاهيم الاسواق المستهدفة والتخصيص امورا واقعية . فضلا عن انها جعلت وسائل الاعلام اكثر عملية . لكنها في الوقت نفسه اسهمت في عدد من الاشكالات الاجتماعية فعمليات قرصنة المعلومات لا حصر لها , كما ان هنالك من يرى انها وسعت من الفجوة الرقمية بين الاغنياء والفقراء " .
نظام العرض : تشير اجهزة العرض الى مجموعة التكنولوجيات المستخدمة في تقديم المعلومات الى المشاهد او المستهلك وما اليهما , وهي تشمل مجموعة من الاجهزة المخصصة في عرض المعلومات الالكترونية في اشكال مختلفة مثل الصورة والنص والفيديو او الوسائط المتعددة وبعضها يعرض المعلومات بأبعاد ثلاثة . وتشمل الاجهزة الرقمية الشخصية Personal digital appliances PDA وشاشات العرض المسطحة Flat panel screens وهي تمثل الاداة المستقبلية لعرض الصحيفة الالكترونية وسنأتي اليها لاحقا , بجانب شاشات العرض الخاصة بالهواتف .
هذه الاجهزة جعلت من السهل الوصول الى اكبر قدر من المعلومات ولكنها تحمل أيضا تحمكل أثارا سلبية صحية تصل اى اتهامها بتسبيب بعض الامراض الخطيرة الجسيدة والعقلية وهناك من يرى انها ادت الى زيادة رقعة الامية ".
نظام التخزين: تشير تكنولوجيات التخزين الى الوسائل المستخدمة في استضافة المعلومات في انساق الكترونية , بما يشمل الاسطوانات المرنة والصلبة بالاضافة الى الوسائل الجديدة مثل الاسطوانات الليزرية بأنواعها المختلفة التي مكنت من تخزين كميات ضخمة من المعلومات في مكان محدود ,سنأتي اليها لاحقا .
يضاف الى هذه الوسائل صغيرة الحجم أخرى كبيرة وذات سعة وامكانيات هائلة هي ملقمات تخزين الفديو Video Servers التي تمكن حرفيا من بناء محطات تلفزيون بلا اشرطة اذ يمكن تخزين كميات ضخمة من مواد الفيديو عليها , فضلا عن توفيرها خاصية الفيديو تحت الطلب " .
رؤية بوتلر وجروسين
يرى بولتر Bolter وجروسين Grusin تكنولوجيات الاعلام الجديد من خلال مدخل التجديد الكامل Refashioning الذي يطلقان عليه تعبير المعالجة أو بلفظ آخر الإصلاح Remediation التي يطرحانها كنظرية تبلور فهمها لأجهزة الإعلام الجديدة. ويقولان : " ان فكرة الاصلاح هذه هي المنطق الأساس الذي تجدد من خلاله تكنولوجيات الاعلام الجديدة وسائل الاعلام السابقة . بولتر وجروسين وضعا نظريتهما حول الإعلام الجديد ضمن إطار الميزات الجديدة التي تتمتع بها مثل درجة الآنية Immediacy والتشعبية Hypermediacy فالرغبة لحالة الآنية تمثل رغبة قوية للشفافية المطلوبة في الإعلام .
ويضع بوتلر وجروسين منطق المعالجة ضمن سياق تأريخي مرتبط بتطور جميع اجهزة الاعلام كل واحدة على حدة واصلاح نفسها لنفسها و على سبيل المثال فإن رسومات الكمبيوتر المتحركة استفادت من خبرات السينما , و السينما تستفيد الآن من الخبرات التي جاءت بها رسومات الكمبيوتر المتحركة . ومن الامثله التي توضح نظريتهما عملية الاصلاح التي تحدث بين التلفزيون والانترنت , فالانترنت اسست نموذجها بناء على خبرات تلفزيونية في التعامل مع المشاهد المشاهدين ،ثم عاد التلفزيون لاستخدام استراتيجيات جديدة هي من خبرات الانترنت مثل استخدام النوافذ Windowing واستخدام ادوات التحريك Scrolling وغيرها " .
مدخل فيدلر لفهم الاعلام الجديد
يبني فيدلر Fidler مدخله النظري لفهم الاعلام الجديد ومستويات تبنيه بإستقراء النموذج الكلاسيكي لتبني المستحدثات لايفرت روجرز Everett Rogers ورؤى بول سافو Paul Saffo التي تقول أن الأفكار الجديدة تأخذ حوالى ثلاثة عقود كاملة حتى تتسرب الى ثقافة المجمتع والافراد , ويقول فيدلر ان عملية تغيير جذري تتم للوسائل القائمة يطلق عليها تعبير Mediamorphosis وهو مصطلح نحته فيلدر بنفسه في بداية التسعينيات للدلالة على التحول الكامل الذي يجري لوسائل الاتصال الذي فرضته التفاعلات المعقدة للحاجات الاساسية والضغوط السياسية والاجتماعية والابتكارات التكنولوجية .
يحدد فيدلر ستة مبادئ اساسية لعملية التغيير الجذري هذه وهي : "
- تعايش Coexistence وتطور مشترك Coevolution للأشكال الإعلامية القديمة والجديدة .
- تغيير جذري متدرج للاشكال الاعلامية من القديمة الى الجديدة .
- انتشار السمات السائدة في الاشكال الاعلامية المختلفة بين بعضها البعض .
- بقاء اشكال اعلامية ومؤسسات في بيئات متغيرة .
- ظهور الإستحقاقات والحاجات الموضوعية لتبنّي أجهزة الإعلام الجديدة .
- حالة التأخر في تبني المفهوم ثم التبني الواسع لأجهزة الإعلام الجديدة .
وطبقا لفيدلر فإن أهم ثلاث ادوات تغيير جذري في مستحدثات الاعلام الجديد في مراحل تطور الإتصال الانساني هي اللغة المنطوقة Spoken language ، واللغة المكتوبة Written language ، واللغة الرقمية Digital language.
فاللغة المنطوقة أدت إلى تكوين المجموعات البشرية والى تطور المهارات والقدرات التي تحل المشكلات المعقّدة وتطوير الأشكال "المذاعة" مثل رواية القصص وأداء الطقوس الصوتية والتي قسمت المجتمع الى مؤدين وحراس بوابات ومستمعين , ثم كانت اللغة المكتوبة فاتحة لتطوير الوثائق المنقولة ، والطباعة الآلية ، والإعلام الجماهيري . اما اللغة الرقمية - على خلاف المنطوق والمكتوب – فقد مكنت من عملية الاتصال بين الآلة والانسان " .
مقاربة عربية لفهم الإعلام الجديد
يبسط الدكتور سعود كاتب مداخلته عن الاعلام الجديد من عدة مداخل يرصدها في التغير في انماط السلوك وفي الانمداج بين وسائل الاتصال ويبدأ اولا بمقارنة الاعلام القديم ويجد في التفاعلية أول مظاهر التميز عند الجديد على القديم ويصل الى أن تكنلوجيا الإعلام الجديد جعلت من حرية الإعلام حقيقة .
التفاعلية اهم مظاهر التميز:" فخاصية توفير مصادر المعلومات والتسلية لعموم الناس بشكل ميسر وبأسعار منخفضة هي خاصية مشتركة بين الإعلامين القديم والجديد ، الفرق هو أن الإعلام الجديد قادر على إضافة خاصية جديدة لايوفرها الإعلام القديم وهي التفاعل , اي قدرة وسيلة الإتصال الجديدة على الإستجابة لحديث المستخدم تماماً كما يحدث في عملية المحادثة بين شخصين . هذه الخاصية أضافت بعداً جديداً هاماً لأنماط وسائل الإعلام الجماهيري الحالية والتي تتكون في العادة من منتجات ذات إتجاه واحد يتم إرسالها من مصدر مركزي مثل الصحيفة أو قناة التليفزيون أو الراديو إلى المستهلك مع إمكانية إختيار مصادر المعلومات والتسلية التي يريدها متى أرادها وبالشكل الذي يريده , ومثال ذلك التقليدي هو قنوات التسوق المنماوالي ( Home shopping ) على أنظمة الكيبل وعلى الإنترنت " .
التغير انماط السلوك " لقد غيرت تكنلولوجيا الإعلام الجديد أيضاً بشكل أساسي من أنماط السلوك الخاصة بوسائل الإتصال من حيث تطلبها لدرجة عالية من الإنتباه فالمستخدم يجب أن يقوم بعمل فاعل active يختار فيه المحتوى الذي يريد الحصول عليه .. وكثير من الأبحاث التي تدرس أنماط سلوك مستخدمي وسائل الإعلام الجماهيري توضح أن معظم أولئك المستخدمين لايلقون إنتباهاً كبيراً لوسائل الإعلام التي يشاهدونها أو يسمعونها أويقرأونها كما أنهم لايتعلمون الكثير منها وفي واقع الأمر فإنهم يكتفون بجعل تلك الوسائل تمر مروراً سطحياً عليهم دون تركيز منهم لفحواها ، فمشاهدوا التليفزيون مثلاُ قد يقضون ساعات في متابعة برامج التلفزيون ولكنها غالباً ماتكون متابعة سلبية (passive ) بحيث لو سألتهم بعد ساعات بسيطة عن فحوى ماشاهدوه فإن قليلاً منهم سيتذكر ذلك 0 الإعلام الجديد من ناحية أخرى غير تلك العادات بتحقيقه لدرجة عالية من التفاعل بين المستخدم والوسيلة " .
اندماج الوسائل: يشير كاتب الى حالة التماهي بين وسائل الاعلام الجديد كإحدى اهم الصفات التي تتصف بها :" فتكنولوجيا الإعلام الجديد أدت إلى أندماج وسائل الإعلام المختلفة والتي كانت في الماضي وسائل مستقلة لاعلاقة لكل منها بالأخرى شكل ألغيت معه تلك الحدود الفاصلة بين تلك الوسائل ، فجريدة " الشرق الأوسط " أصبحت جريدة إلكترونية بكل ماتحمله هذه الكلمة من معنى فهي تستخدم الأقمار الصناعية لإرسال صفحاتها إلى 12 مدينة حول العالم وتستخدم الكمبيوتر في كافة عملياتها بل أنه يمكن قراءتها مباشرة على الإنترنت . التليفزيون والإنترنت إندمجا أيضاً بشكل تشير التوقعات إلى أنه سيكون إندماجاً كاملاً في القريب العاجل ، فجهاز التلفزيون أصبح يستخدم لمشاهدة برامج التلفزيون وفي نفس الوقت الإبحار في الإنترنت وإرسال وإستقبال رسائل البريد الإلكتروني كما أن جهاز الكمبيوتر أصبح بالإمكان إستخدامه كجهاز إستقبال لبرامج التليفزيون والراديو . شركات الكيبل التليفزيوني أصبحت تعتمد بشكل متزايد على الأقمار الصناعية في بث برامجها وهكذا نجد أن جميع وسائل الإعلام الجماهيري الحالية أصبحت وسائل إلكترونية بشكل أو بآخر" .
حرية الإعلام الجديد: يرى كاتب نتيجة أخرى هامة لتكنلوجيا الإعلام الجديد هي :" أنها جعلت من حرية الإعلام حقيقة لامفر منها . فشبكة الوب مثلاُ جعلت بإمكان أي شخص لديه اتصال بالإنترنت أن يصبح ناشراً وأن يوصل رسالته إلى جميع أنحاء العالم بتكلفة لاتذكر ، هناك أيضاً على الإنترنت عشرات الآلاف من مجموعات الأخبار التي يمكن لمتسخدميها مناقشة أي موضوع يخطر على بالهم مع عدد غير محدود من المستخدمين الآخرين في أنحاء متفرقة من العالم " .
مدخل الحالة الانتقالية للاعلام
مشروع الحالة الانتقالية للإعلام Media in Transition Project هو مبادرة لعهد ماسوشسيتس الامريكي بدأت في اكتوبر 1999 . وفي عام 2003 اصدرت مطبعة معهد ماسوشستس الامريكي كتابا شارك في تحريره عدد من الباحثين منهم غيتلمان Gitelman وبنغري Pingree , والكتاب يعضد الفكرة نفسها . ومن عنوان المشروع ومجموعة المؤتمرات ثم الكتاب المذكور وفصوله يقرر مجموعة الباحثين بأن الاعلام كان دائما ويظل في حالة انتقالية , وأن كلّ أجهزة الإعلام كانت جديدة عندما ظهرت واستخدمت لأول مرة ، ويتحدّى المشروع فكرة دراسة الإعلام الجديد بتكريس إعلام اليوم الجديد . وهو يركز في نصه على بناء فكرة الجدة في الاعلام في سياقاتها التاريخية ، ويقول إن لحظات الإنتقال من أجهزة ونظام سابق الى إعلام جديد لم يعرّف لحد الآن بشكل كامل , ويقدم الكتاب نماذج لأدوات مألوفة مثل الهاتف والفونوغراف كبدايات جديدة غير مسبوقة , كمشروع عودة لتعميق فهمنا التاريخي لكلّ أجهزة الإعلام التي احدثت انقلابا في طريقة عيش الانسان .
" فكلّ وسائل الإعلام كانت جديدة اذا كما يرى بنغري وغيتلمان , ويستخدم المؤلفان تعبير بروس إستيرلينغ Bruce Sterling الاعلام الهامد Dead Media لوصف حالة أن بعض وسائل الاعلام لم تعد مستعملة، وفي العديد من الحالات ، ظلت منسية لمدة طويلة لم تحصل على الفرصة لكي تصبح جزءا من نسيج الحياة اليومية " .
فقد أوجدت الانترنت- على سبيل المثال - لغرض ثم امتدت لأغراض أخرى , وهنالك مبتكرات إعلامية بعضها وجد صدى حين خرج لأول مرة , وبعضها فقد بريقه برغم انه مهد لثورات أخرى, مثل الساينوتريس The Physiognotrace والزوغراسكوب Zograscope والميمكس Memex ومشروع اكساندو Xandua وغيرها قبل أن يستقر الرأي المتخصص على الطباعة وعلى الهاتف والإذاعة والتصوير والتسجيلات ووسائل عرضها ثم التلفزيون والأقمار الصناعية والانترنت على أنها المفاصل الرئيسية لتكنولوجيا الإعلام .
فالساينوتريس , بحسب بيلون Bellion " هي آلية ابتكرها فرنسي اسمه غيلي لوي شيتريا Gilles-Louis Chrétien في 1783 لتكوين الرسومات بطريقة متابعة وتقل
الصفحة الرئيسية الاعـلام الجـديد
دراسة في مداخله النظرية وخصائصه العامة
د. الصادق رابح إعلامي جزائري أستاذ محاضر بجامعة الشارقة
ملخص الدراسة
تهدف هذه الدراسة الى القاء الضوء على مفهوم وجوانب من تطبيقات ما بات يطلق عليه الاعلام الجديد , كونه يمثل مظهرا جديدا كليا , ليس في إطار دراسات علوم الاتصال فقط , ولكن في مجمل ما يحيط بهذا النوع المستحدث من الاعلام من مفاهيم , خاصة وأنه ما زال في معظم جوانبه حالة جنينية لم تتبلور خصائصها الكاملة بعد .
وتستعرض الدراسة مجموعة واسعة من التعريفات المتاحة حاليا , بما في ذلك ما كتبته الموسوعات والقواميس المتخصصة في التكنولوجيا , ثم تعرج الدراسة الى استعراض عدد من الرؤى النظرية التي اتيح للباحث الاطلاع عليها .
وتقف الورقة بالتحليل المبسط عند هذه الرؤى خاصة تلك التي تم تداولها كثيرا لدى المتخصصين في هذا المجال مثل نيكولاس نيغروبونتي Nicholas Negroponte وجون بافلك Pavlik John وفين كروسبي Vin Crosbie وستيف جونز Steve Jones وهم من شغلهم موضوع التطور الانقلابي الكبير في وسائل الاتصال والثورة الرقمية ودرسوا الجوانب المختلفة الناتجة عن هذا التغيير .
ثم تصل الورقة الى جملة من الخلاصات من خلال ما قدمته من نقاش مفصل لمجموعة الرؤى المطروحة , وهي خلاصات تحاول ان تلمس الفكرة الرئيسة التي يعمل من خلالها نظام الاعلام الجديد , وتجيب على التساؤلات المطروحة عن هوية هذا الاعلام وعن مداخل فهمه وأسس التعامل معه .
Abstract
The objective of this study is to shed light on the concept and applications of New Media which demonstrates a new era in the communication sciences, having the fact that most of its characteristics has not yet crystallized .
The study reviewed a wide range of definitions about the terms related to new media. It also reviewed a number of theoretical visions that are currently circulated among specialists in this area for names including Nicholas Negroponte and John Pavlik.
Then the paper has concluded a number of abstracts and results through detailed discussion of the proposed visions. These results are trying to find the main ideas behind New Media system to answer the questions raised on its identity.
مدخل
تتعدد مداخل النظر في مفهوم الاعلام الجديد New Media وتطور وسائله في سياقات تاريخية وتكنولوجية مختلفة . فبعض ممن تصدوا للبحث في فكرة الاعلام الجديد مثل بافليك الذي يراه من خلال مدخلي الثورة الرقمية والانترنت وما يليهما من تطبيقات في الخمسين عاما الماضية , وباحثين آخرين مثل ديفيس, Davis واوين Owen الذين يريا انطلاقته من خلال مجموعة من الاشكال الاعلامية الجديدة التي غيرت تماما نموذج الاعلام التقليدي كبرامج الحوار التلفزيوني Talk Show والبرامج المتنوعة والحية لقناة ام تي في MTV الموسيقية , على سبيل المثال , وهي برامج غيرت شاشة التلفزيون بشكل انقلابي , وهما لا يغفلان دور التكنولوجيا الرقمية وظهور الانترنت في بلورة هذا النوع من الاعلام ولكنهما يختلفان مع بقية الباحثين حول تاريخ بدايات حقبة الاعلام الجديد .
باحثون آخرون مثل غيتلمان Gitelman وبنغري Pingree وهما يعودان بالاعلام الجديد إلى مرحلة ظهور التلغراف في حوالي 1740 ويبنيان فكرتهما على مبدأ الحالة الانتقالية للاعلام التي ناقشها مؤتمر بالاسم نفسه Media in Transition Conference عقد بمعهد ماسوشسيتس الامريكي للتكنولوجيا MIT مؤخرا .
في هذه الدراسة سنطرح مجموعة من التعريفات الاولية والاجرائية لمفهوم الاعلام الجديد , ثم نعقبها بنقاش للمداخل المختلفة لتوضيح مفهومه او مفاهيمه المختلفة , ونعرض لاهم ادوات ووسائل بناء وتقديم هذا النوع الجديد من الاعلام .
مظاهر تعدد تسميات الاعلام الجديد
على أننا يجب ان نقر في البداية بأن هذا الاعلام الجديد الذي تولد من التزاوج Convergence ما بين تكنولوجيات الاتصال والبث الجديدة والتقليدية مع الكومبيوتر وشبكاته , تعددت أسماؤه ولم تتبلور خصائصه النهائية بعد ويأخذ هذا الاسم لأنه لا يشبه وسائط الإتصال التقليدية , فقد نشأت داخله حالة تزامن في إرسال النصوص والصور المتحركة والثابتة والأصوات .
وتدل الاسماء المتعددة للتطبيقات الاعلامية المستحدثة , كل واحدة , على ارضية جديدة لهذا الاعلام , فهو الاعلام الرقمي Digital Media لوصف بعض تطبيقاته التي تقوم على التكنولوجيا الرقمية مثل التلفزيون الرقمي والراديو الرقمي
وغيرهما , او للاشارة الي اي نظام او وسيلة اعلامية تندمج مع الكومبيوتر . ويطلق عليه الاعلام التفاعلي Interactive Media طالما توفرت حالة العطاء والاستجابة بين المستخدمين لشبكة الانترنت والتلفزيون والراديو التفاعليين وصحافة الانترنت غيرها من النظم الاعلامية التفاعلية الجديدة .
وهو أيضاً الاعلام الشبكي الحي على خطوط الاتصال Online Media بالتركيز على تطبيقاته في الانترنت وغيرها من الشبكات . كما يطلق عليه تعبير الوسائط السيبرونية Cyber Media من تعبير الفضاء السيبروني Cyber Space الذي أطلقه كاتب روايات الخيال العلمي ويليام جبسون William Gibson في روايته التي اصدرها عام 1984 بإسم Neuromancer والتعبير مأخوذ من علم السيبرنطيقاCybernetics المعروف عربيا بعلم التحكم الآلي ويعني تعبير السايبرميديا العالم المصنوع من المعلومات الصرفة التي تأخذ – ليس فيزيائيا- شكل المادة , ويصف التعبير وسائل التحكم الإلكتروني التي حلت محل الأداء البشري ولكنه يستخدم هنا لوصف فضاء المعلومات في شبكة الانترنت .
يطلق على الاعلام الجديد ايضا صفة اعلام المعلومات Info Media للدلالة على التزاوج داخله بين الكومبيوتر والاتصال وعلى ظهور نظام اعلامي جديد يستفيد من تطور تكنولجيا المعلوماتية ويندمج فيها . ويطلق عليه اعلام الوسائط التشعبية Hypermedia لطبيعته المتشابكة وإمكانية خلقه لشبكة من المعلومات المتصلة ببعضها بوصلات تشعبية او وصلات قاطرة Hyperlinks وهنا نحن معنيون بميزات خاصة بشبكة الانترنت التي اعطت ميزة التشعبية والوصلات Links لما ينشر او يبث داخلها , كما يطلق على بعض تطبيقات هذا الاعلام المستحدث , اعلام الوسائط المتعددة Multimedia لحالة الاندماج التي تحدث داخله بين النص والصورة والفيديو.
ونلاحظ ارتباط بعض هذه الاسماء بتطبيقات الكومبيوتر , فبعضها خرج من طبيعة الوسيط الاتصالي وأخرى من خبرات ثقافية يصعب ايجاد تعبير مقابل لها خارج البيئة التي ولدت فيها , كما أن بعض الاسماء يشير الى تطبيق جزئي من تطبيقات الاعلام الجديد او احدى ميزاته كما هو الحال بالنسبة للتسميات التي تنطلق من ميزات شبكة الانترنت , وبعضها يلم بأطراف اخرى من الوسائل مما يوسع من قاعدة التعريف ومن قاعدة الوسائل والتطبيقات والخصائص والتأثير للاعلام الجديد بشكل عام .
تعريفات أولية للاعلام الجديد
يعرف قاموس التكنولوجيا الرفيعة High-Tech Dictionary الاعلام الجديد بشكل مختصر ويصفه بأنه " اندماج الكومبيوتر وشبكات الكومبيوتر والوسائط المتعددة " . وبحسب ليستر Lester :" الاعلام الجديد باختصار هو مجموعة تكنولوجيات الاتصال التي تولدت من التزاوج بين الكومبيوتر والوسئال التقليدية للاعلام , الطباعة والتصوير الفوتغرافي والصوت والفيديو " .
ويعرفه قاموس الكومبيوتر Computing Dictionary عبر مدخلين هما :
1/ "إن الاعلام الجديد يشير إلى جملة من تطبيقات الاتصال الرقمي وتطبيقات النشر الإلكتروني على الأقراص بأنواعها المختلفة والتلفزيون الرقمي والإنترنت . وهو يدل كذلك على استخدام الكومبيوترات الشخصية والنقالة فضلا عن التطبيقات اللاسلكية للاتصالات والأجهزة المحمولة في هذا السياق . ويخدم أي نوع من أنواع الكومبيوتر على نحو ما تطبيقات الإعلام الجديد في سياق التزاوج الرقمي Digital Convergence إذ يمكن تشغيل الصوت والفيديو في الوقت الذي يمكن أيضا معالجة النصوص وإجراء عمليات الاتصال الهاتفي وغيرها مباشرة من أي كومبيوتر .
2/ المفهوم يشير ايضا إلى الطرق الجديدة في الاتصال في البيئة الرقمية بما يسمح للمجموعات الأصغر من الناس بإمكانية الإلتقاء والتجمع على الإنترنت وتبادل المنافع والمعلومات , وهي بيئة تسمح للإفراد والمجموعات بإسماع صوتهم وصوت مجتمعاتهم إلى العالم اجمع " .
ويعرف قاموس الانترنت الموجز Condensed Net Glossary تعبير الاعلام الجديد بأنه يشير الى : " أجهزة الإعلام الرقمية عموما، أو صناعة الصحافة على الإنترنت . وفي أحيان يتضمن التعريف اشارة لأجهزة الإعلام القديمة , وهو هنا تعبير غير إنتقاصي يستخدم ايضا لوصف نظم إعلام تقليدية جديدة : الطباعة، التلفزيون، الراديو، والسينما " .
وبحسب موسوعة الويب المعروفة بإسم ويبوديا Webopedia فإن تعبير الاعلام الجديد يشير الى : " العديد من الأشكال المستحدثة من نظم الإتصال الإلكتروني التي اصبحت ممكنة بفضل الكومبيوتر . والتعبير مرتبط ايضا بالنظم الإعلامية القديمة , فإذا ما قمنا بعقد مقارنة بين الصحافة الورقية التي تتصف بحالة سكون في نصوصها وصورها مع صحافة الاعلام الجديد نلمس الفرق في ديناميكيتها وفي حالة التغير المستمر الذي تتصف به . التعبير يشير ايضا الى قابلية اجراء الاتصال بين الاجهزة الثابتة والمحمولة بانواعها المختلفة , بما يمكن معه نقل المعلومات بين بعضها البعض .
وبينما يقوم مبدأ وسائل الاعلام التقليدية على نظام ثابت ومعروف , إما بطريقة الاتصال من واحد الى واحد Point-to-point , ومثال على ذلك الاتصال بالهاتف , أو من واحد الى الكثيرين Point-to-many ومثال على ذلك التلفزيون والراديو . أما في حالة الاعلام الجديد , وفي تطبيقاته المختلفة , خاصة المرتبطة الإنترنت , فإن هذا النمط تغير بشكل جذري . فقد مكنت الإنترنت من الوصول الى كل الأشكال المحتملة من نقاط الاتصال " .
ويعرفه جونز Jones الذي يقر اولا بعدم وجود اجابة وافية وقاطعة عن السؤال : ما هو الاعلام الجديد ؟ ويبني اجاباته على أن هذا الاعلام هو في مرحلة نشوء . " الاعلام الجديد هو مصطلح يستخدم لوصف اشكال من انواع الاتصال الالكتروني اصبح ممكنا باستخدام الكومبيوتر كمقابل للاعلام القديم التي تشمل الصحافة المكتوبة من جرائد ومجلات والتلفزيون والردايو – الى حد ما - وغيرها من الوسائل الساكنة Static.
ويتميز الاعلام الجديد عن القديم بخاصية الحوار بين الطرفين , صاحب الرسالة ومستقبلها , ومع ذلك فإن الفواصل بين الاعلام الجديد والقديم ذابت , لأن القديم نفسه اعيد تكوينه وتحسينه ومراجعته ليلتقي مع الجديد في بعض جوانبه " .
وتضع كلية شريديان التكنولوجية Sheridan تعريفا عمليا للاعلام الجديد بأنه : " كل انواع الاعلام الرقمي الذي يقدم في شكل رقمي وتفاعلي . وهنالك حالتان تميزان الجديد من القديم حول الكيفية التي يتم بها بث مادة الاعلام الجديد والكيفية التي يتم من خلالها الوصول الى خدماته , فهو يعتمد على اندماج النص والصورة والفيديو والصوت , فضلا عن استخدام الكومبيوتر كآلية رئيسة له في عملية الانتاج والعرض , اما التفاعلية فهي تمثل الفارق الرئيس الذي يميزه وهي اهم سماته .
على ذلك , يمكن تقسيم الاعلام الجديد الى الاقسام الاربعة الآتية :
- الاعلام الجديد القائم على شبكة الانترنت Online وتطبيقاتها , وهو جديد كليا بصفات , وميزات غير مسبوقة , وهو ينمو بسرعة وتتوالد عنه مجوعة من تطبيقات لا حصر لها .
- الاعلام الجديد القائم على الاجهزة المحمولة , بما في ذلك اجهزة قراءة الكتب والصحف . وهو ايضا ينمو بسرعة وتنشأ منه انوع جديدة من التطبيقات على الادوات المحمولة المختلفة ومنها اجهزة الهاتف والمساعدات الرقمية الشخصية وغيرها .
- نوع قائم على منصة الوسائل التقليدية مثل الراديو والتلفزيون التي اضيفت اليها ميزات جديدة مثل التفاعلية والرقمية والاستجابة للطلب .
- الاعلام الجديد القائم على منصة الكومبيوتر Offline , ويتم تداول هذا النوع , اما شبكيا او بوسائل الحفظ المختلفة مثل الاسطوانات الضوئية , وما اليها ويشمل العروض البصرية والعاب الفيديو والكتب الالكترونية وغيرها " .
من خلال مجموعة التعريفات المختلفة يبدو للباحث استحالة وضع تعريف شامل عن الاعلام الجديد , لعدة اسباب , تبدأ بأن هذا الاعلام هو في واقع الامر يمثل مرحلة انتقالية من ناحية الوسائل والتطبيقات والخصائص التي لم تتبلور بشكل كامل وواضح , فهي ما زالت في حالة تطور سريع , وما يبدو اليوم جديدا يصبح قديما في اليوم التالي . واذا ما أردنا وضع تعريف للاعلام الجديد بناء على الوسائل الجديدة فهي بالتأكيد ستكون قديمة بمجرد ظهور مبتكرات جديدة , وهذا مدعاة لصعوبة وضع تعريف صارم من هذا المدخل تحديدا بينما يختلف الوضع اذا تم وضع تعريف بناء على مجموعة الخصائص التي تميز الاعلام الجديد فهنالك شبه اتفاق على جملة خصائص يتصف بها هذا الاعلام , سنفصل فيها لاحقا .
ولكن يمكن ان نخلص من جملة التعريفات الأولية إلى شبه اتفاق بأن فكرة الجدة يمكن استقراؤها من أن الاعلام الجديد يشير إلى حالة من التنوع في الاشكال والتكنولوجيا والخصائص التي حملتها الوسائل المستحدثة عن التقليدية خاصة فيما يتعلق باعلاء حالات الفردية Individuality والتخصيص Customization وهما تأتيان نتيجة لميزة رئيسة هي التفاعلية . فإذا ما كان الاعلام الجماهيري والاعلام واسع النطاق وهو بهذه الصفة وسم اعلام القرن العشرين , فإن الاعلام الشخصي والفردي هو اعلام القرن الجديد , فالانترنت وهي واحدة من ادواته جعلت في مقدور اي انسان البحث عن الاغنية والبرنامج التلفزيوني والفيلم السينمائي والمعلومات الصحفية والعلمية التي يريد في الوقت الذي يريد .
ولكننا يجب ان نتفق بأن الإعلام الجديد ليس انترنت فقط , فبعض تطبيقاته بعيدة كليا عن المبادئ التي تقوم عليه تكنولوجيا الانترنت , فالاعلام الجديد يستبطن عددا من التكنولوجيات الاتصالية التي ظهرت بعد اول تطبيق للنشر الالكتروني من نص وصور ساكنة في نظم الكومبيوتر والشبكات المبكرة الى تطبيقات الاتصال غير المسبوقة على شبكة الإنترنت .
ونخلص هنا بالتأكيد على مجموعة من الخصائص والمميزات التي يتمتع بها الاعلام الجديد عن ما سبقه . وهي تتمثل في دمجه للوسائل المختلفة القديمة والمستحدثة في مكان واحد , على منصة الكومبيوتر وشبكاته , وما ينتج عن ذلك الاندماج من تغيير انقلابي للنموذج الاتصالي الموروث بما يسمح للفرد العادي ايصال رسالته إلى من يريد في الوقت الي يريد بطريقة واسعة الاتجاهات وليس من أعلى الى اسفل وفق النموذج الاتصالي التقليدي . فضلا عن تبني هذا الاعلام للتكنولوجيا الرقمية وحالات التفاعلية والتشعبية وتطبيقات الواقع الافتراضي وتعددية الوسائط وتحقيقه لميزات الفردية والتخصيص وتجاوزه لمفهوم الدولة الوطنية والحدود الدولية .
مداخل نظرية لفهم خصائص الاعلام الجديد
نقدم هنا مجموعة من الرؤى النظرية حول الاعلام الجديد في مقاربات مختلفة لفهم مداخله الاساسية واتجاهاته , وهذ الرؤى المطروحة يلتزم بعضها الجوانب المتعلقة بالتطورات في تكنولوجيا الاتصال , وبعضها يعلق على الموضوع من جانب الدرسات الاجتماعية والسياسية وغيرها , بما يمثل مدخلا لفهم خصائص الاعلام الجديد وفهم مدخل الدراسات التي كتبت في هذا الحقل , ونستعرض هنا رؤى نيغروبونتي وبافلك وكروسبي ومانوفيتش وديفيس واوين . وسنناقش رؤية كل واحد على حدة.
مدخل نيغروبونتي لفهم الاعلام الجديد
يحصر نيغروبونتي Negroponte الميزات التي يتحلى بها الاعلام الجديد مقارنة بما سبقه في : " استبداله الوحدات المادية بالرقمية , أو البتات بدل الذرات Bits not Atoms كأدوات رئيسة في حمل المعلومات يتم توصيلها في شكل الكتروني وليس في شكل فيزيائي , والكلمات والصور والاصوات والبرامج والعديد من الخدمات يتم توزيعها بناء على الطريقة الجديدة , بدلا عن توزيعها عبر الورق او داخل صناديق مغلفة .
اما ميزة قدرة الاعلام الجديد على المخاطبة الرقمية المزدوجة Digital Addressability فهي عبارة عن نموذج تطور من عملية نقل المعملوات رقميا من كومبيوتر إلى اخر منذ بداية رقمنة الكومبيوتر نفسه بعد الحرب العالمية الثانية , الى تطور تشبيك عدد غير محدود من الاجهزة مع بعضها البعض , وهذا من ناحية , يلبي الاهتمامات الفردية Individual Interests ومن ناحية أخرى يلبى الاهتمامات العامة , أي أن الرقمية تحمل قدرة المخاطبة المزدوجة للاهتمامات والرغبات وهي حالة لا يمكن تلبيتها بالاعلام القديم .
الميزة الاكثر أهمية , هي أن هذا الاعلام خرج من أسر السلطة التي كانت تتمثل في قادة المجتمع والقبيلة , الكنيسة والدولة إلى أيدي الناس جميعا , وقد تحقق هذا جزئيا عند ظهور مطبعة غوتنبرغ وتحقق ايضا عند ظهور التلغراف واخذ سمته الكاملة بظهور الانترنت التي جاءت بتطبيق غير مسبوق وحققت نموذج الاتصال الجمعي بين كل الناس " .
النموذج الاتصالي الجديد لدى كروسبي
يشترك فين كروسبي مع نيغروبونتي في نفس الافكار ويعقد مقارنة ثلاثية متسلسلة بين الاعلام الجديد والقديم من خلال النماذج الاتصالية الكلاسيكية , ابتداء من اول نموذج اتصالي بين البشر حتى بين غير بني البشر , من احياء , الذي كان من نوع الاتصال الشخصي Communications Interpersonal وهو اتصال ليس بحاجة الى وسائل تكنولوجية لكي يتم , وله حالتان تميزانه .
النموذج الاول : الاتصال الشخصي
- كل فرد واحد من طرفي الاتصال يملك درجة من درجات السيطرة المتساوية على المحتوى المتبادل بين الطرفين .
- المحتوى يحمل ترميزا يؤكد حالة الفردية Individualization التي تحقق احتياجات ومصالح صاحب المحتوى , كما أن المنافع والأضرار متساوية بين الطرفين .
- التحكم المتساوي وميزة الفردية ينخفضان في حالة ازدياد عدد المشاركين في العملية الاتصالية .
لهذه الاسباب , فإن هذا النموذج يتميز باستخدامه في تطبيقات الاتصال بين شخصين فقط , وهذا هو السبب الذي جعل خبراء الاتصال يطلقون عليه الاتصال من نقطة الى اخرى او من فرد لآخر One-to-one.
النموذج الثاني : الاتصال الجمعي
هو الاتصال الجماهيري او الجمعي Mass Media , وهذا النوع يخطئ فيه الكثيرون حينما يتصورون انه يحدث نتجية للتطور التكنولوجي . إنه مثل الاتصال الشخصي يسبق التكنولوجيا . ويرجع هذا النموذج الى طرق الاتصال التي كان يتبعها قادة المجتمعات القديمة والملوك والزعماء الدينيون , فيما وسعت التكنولوجيا من مداه الى المستوى العالمي . ومن ادواته التقليدية الاذاعة والتلفزيون والسينما وما اليهما , وهو يقوم على نمط الاتصال من نقطة او فرد الى المجموعة , على سبيل المثال من رجل دين او ملك او ناشر الى عدد من الناس الذين يطلق عليهم صفة المستمعين او القراء او المشاهدين . وهو الامر الذي دفع الاكاديميين لتسميته الاتصال من الفرد الى المجموعة One-to-many medium وما يميز هذا النوع :
- إن الرسالة نفسها تصل الى كل الجمهور .
- الذي قام ارسال هذه الرسالة يكون بلا شك هو المتحكم في محتواها .
وهذا معناه , وفق هذا النموذج:
- إن المحتوى لا يمكن تفصليه لتلبية احتياجات ومصالح كل فرد على حدة .
- ان الفرد لا يد له في التحكم في ما يصله من محتوى .
النموذج الثالث : الاعلام الجديد
الاعلام الجديد بحسب كروسبي , يتميز بما يأتي :
- الرسائل الفردية يمكن ان تصل في وقت واحد الى عدد غير محدود من البشر .
- ان كل واحد من هؤلاء البشر له نفس درجة السيطرة ونفس درجة الاسهام المتبادل في هذه الرسالة .
وبكلمات اخرى فإن الاعلام الجديد , يتميز عن النوعين المذكورين , الشخصي والجمعي , بدون ان يحمل الصفات السالبة فيهما . فلا يوجد ما يمنع اي واحد من ابلاغ رسالة معينة والتواصل مع شخص آخر . كما لا يمكن منع اي شخص من ابلاغ رسالة لجموع من الناس وتخصيص محتوى الرسالة لكل فرد على حدة . " .
تصورات كروسبي لامكانيات الاعلام الجديد
يقول كروسبي : " لكي نفهم الامكانات التي تقف وراء قوة الاعلام الجديد علينا ان نتذكر بأن ملايين الكومبيوترات التي تمثل شبكة الانترنت تقوم بالحصول على المعلومات وفرزها ونقلها لعدد غير محدود من البشر . وهؤلاء يمكنهم اجراء عملية اتصال بينهم في وقت واحد Simultaneously في بيئة تسمح لكل فرد مشارك , مرسلا كان او مستقبلا , بفرص متساوية من درجات التحكم .
كذلك عندما يقوم اي منا بزيارة موقع صحافي على شبكة الانترنت , فإننا لا نرى الاخبار والموضوعات الرئيسة فيه فقط , ولكننا نرى اجزاء من الموقع مخصصة لتلبية الاحتياجات الفردية الخاصة بالزائر . وهذا الامر لا يعني هذا الزائر وحده , وانما عملية التخصيص هذه تتم لملايين الزوار في وقت واحد , وهو الامر الذي لا يمكن ان يتحقق في ظروف نظم الاتصال السابقة . اما القوة الصاعدة للاعلام الجديد فهي تتمثل في كونه سيحفز ويشيع آليات جديدة كليا للإنتاج والتوزيع ستخلق مفاهيم جديدة تماما للأشكال الاعلامية ومحتوياتها " .
مدخل ديفس واوين , التصنيفات الثلاثة للاعلام الجديد
الملاحظة الرئيسية من التصورات المذكورة بالنسبة لنيغروبونتي وكروسبي ومجموعة التعريفات التي اشرنا اليها في بداية هذا الدراسة , تصنيفها للاعلام الجديد ضمن حالتين , جديد مقابل قديم , تماما كما يوحي التعبير نفسه , بين التماثلية والرقمية , بين مرحلة ما قبل الانترنت ومرحلة الانترنت وهكذا . وهو تصنيف يظل غير واقعي طالما انه لم يستصحب حالة التماهي بين الاعلام الجديد والقديم , والاشكال المتقاربة في التعبير في كليهما والتكنولوجيات المستخدمة فيهما وطالما ظلت مجموعة الوسائل الرئيسية التقليدية هي ذاتها كوسائل رئيسية في الفضاء الاعلامي , خاصة وان بعضها اصبح يحمل صفات الاعلام الجديد تكنولوجيا ووظائفيا . فالراديو والتلفزيون لم يصبحا فقط رقميين وموصلين بالاقمار الصناعية وشبكات الالياف الضوئية - وهما من ميزات الاعلام الجديد - ولكن ايضا اصبحا وسيلتين تفاعليتين تعملان على منصة الكومبيوتر , وهذه هي الميزة الرئيسية التي تميز الاعلام الجديد , فضلا عن تغييرهما لمفهوم الخبر من حدث الى يحدث بالتواجد الحي في مواقع الاحدث الكبيرة التي شكلت علامات بارزة في نهاية القرن الماضي وبداية القرن الحالي مثل الحروب في افغانستان والعراق .
كذلك الامر بالنسبة للصحافة الورقية التي غيرت طريقة الانتاج تماما الى وسائل تنتمي كليا الى المرحلة الرقمية في جميع خطوات التحرير الصحافي ومعالجة الصور ومراحل ما قبل الطباعة . كما لمس التغيير طريقة كتابة الاخبار وطريقة الاخراج واستخدام الالوان والطباعة مع انفاس الفجر لملاحقة اخر الاخبار والطباعة الرقمية في امكان متعددة من انحاء العالم , ولم يبق الا التخلص من الورق , طالما ان التطور جار لانتاج القارئات الرقمية الدقيقة والورق الالكتروني .
وللبحث عن مخرج لحالة التقابلية هذه في تصنيف الاعلام الجديد , يضع ريتشارد ديفيس Richard Davis وديانا اوين Diana Owen في كتابهما المشترك ( الاعلام الجديد والسياسة الامريكية ) يضعا الاعلام الجديد وفق ثلاثة انواع هي :
- الاعلام الجديد بتكنولوجيا قديمة .
- الاعلام الجديد بتكنولوجيا جديدة .
- الاعلام الجديد بتكنولوجيا مختلطة .
النوع الأول : الاعلام الجديد بتكنولوجيا قديمة : يرى الباحثان ان نموذج الإعلام الجديد وفق هذا التصنيف يعود الى مجموعة من الاشكال الصحفية في الاذاعة والتلفزيون والصحف , ويشيران الى راديو وتلفزيون الحوار Talk Radio TV/ الذي يرجع الى حقبة الثلاثينات من القرن الماضي , فقد كان الرئيس الامريكي فرانكلين روزفليت يستخدم الاذاعة كاداة اساسية للحديث الى الناس وكانت احاديثه مسموعة بشكل واسع . التلفزيون ايضا مع الراديو جدد نفسه كثيرا ببرامج الحوار الحية Talk Show والمجلات الاخبارية Television news magazine مثل Date Line و 60 Minutes وبرامج الاخبار الحية Live Shows والبرامج المسائية , مثل Night Line وبرامج الصباح المعروفة , مثل صباح الخير اميركا Good Morning America وبرامج التابلويد , مثل Inside Edition الشبيهة بصحافة التابلويد الورقية . ويشمل التجديد , في حالات اخرى , نموذج برنامج اوبرا Oprah Winfrey وقنوات مثل ام تي في MTV المتخصصة في الموسيقى والتي مددت افقها للتغطية الاخباريٍة ساعة بساعة .
بعض البرامج المذكورة مثل توداي Today يعود الى الخمسينات من القرن الماضي ولكنها تمثل نمطا جديدا في الاعلام . وقد بادر معظمها باستخدام التكنولوجيات الجديدة مثل الكومبيوتر والشبكات المختلفة , وطبقوا اساليب مستحدثة في بناء موضوعاتهم وتقديمها . وقد مثلت بعض التغطيات علامة فارقة للانتقال الى المرحلة الجديدة , مثل تغطية قضية الرياضي المشهور او جي سيسمبسون O. J Simpson . وقضية ويليام كينيدي سميث William Kennedy Smith وتيموثي ماكفي Timothy McVeigh الذي فجر مبنى البلدية في اوكلاهوما سيتي . فالتغطيات تغيرت كثيرا في الشكل وطريقة المتابعة واستخدام كافة وسائل الاتصال والعرض والغرافيك والاحصاء بواسطة الكومبيوتر .
النوع الثاني : اعلام جديد بتكنولوجيا جديدة : تمثله جميع الوسائل التي نعايشها الآن التي تعمل على منصة الكومبيوتر وهي تشمل شبكات الكومبيوتر المختلفة وعلى رأسها شبكة الإنترنت والبريد الالكتروني وغيرهما . وهي الوسائل التي مكنت من إنفاذ حالة التبادل الحي والسريع للمعلومات ومن التواصل بين الطرفين وحققت للمواطينين اسماع اصواتهم للعالم . ومكنت من دمج التكنولوجيات والوسائل المختلفة مع بعضها البعض وتجاوزت العوائق المكانية والزمانية والحدود بين الدول التي كانت تعيق حركة الاعلام القديم , وهذه الوسئل تتصف بدورها الفعال في تسهيل التفاعل الجماهيري وتقديم مصادر لا حد له , ومجالا واسعا من الاشكال والتطبيقات الاتصالية .
النوع الثالث : اعلام جديد بتكنولوجيا مختلطة : هنا تزول الفوارق بين القديم والجديد , فقد اصبحت الحدود الفاصلة بين انواع الوسائل المختلفة حدودا اصطناعية Artificial , وحدثت حالة تماهي وتبادل للمنافع بين الاعلام القديم والجديد , ويستخدم الكثير من الممارسين للعمل الاعلامي الذين يعملون في الوسائل التقليدية الوسائل الجديدة لاستكمال ادوارهم الاعلامية المختلفة , أي انهم اصبحوا يستخدمون النوعين معا . وكما يعترف الافراد , تعترف المؤسسات القديمة أيضا باهمية الاعلام الجديد , وتعمل على اللحاق بتكنولجياته وتطبيقاته المختلفة , فصحف كبيرة مثل واشنطن بوست ونيويورك تايمز لديها مواقع ضخمة على شبكة الانترنت , وتتواصل برامج التلفزيون المختلفة ونشرات الاخبار مع الجمهور بادوات الاعلام الجديد وتكمل مشروعها الاعلامي وتدير استطلاعاتها عبر الوسائل المستحدثة .
مدخل مانوفيتش للاعلام الجديد
يقول ليف مانوفيتش Manovich في مدخله لفهم الاعلام الجديد : " لكي نفهم طبيعة الإعلام الجديد، فإننا نحتاج لتجاوز الفهم السائد ، الذي يحدده بشكل عام في استخدام الكومبيوتر لتوزيع وعرض المعلومات . وضرورة النظر الى الدور التكاملي للكومبيوتر في عمليات الإنتاج كلها وفي وسائل الإعلام كلها الذي احدث تغييرات هائلة في طبيعة الإتصال، والنظر في طبيعة الرسائل الجديدة الناتجة عن العملية الإتصالية الجديدة أيضا , فكل الاشكال الغرافيكية وانواع الرسم ، والصور والمؤثرات ، والأصوات، والنصوص أصبحت تتم بواسطة الكومبيوتر ، وقد جاءت تكنولوجيا المعلومات بحالة التزواج والاندماج بين صناعات كانت مختلفة جدا في السابق وهي إستخدام الكومبيوتر ووسائل الإعلام، ونظم الإتصالات .
ويحدد مانوفيتش الحالات الرئيسية للإعلام الجديد كالتالي :
التمثيل العددي Numerical representation
حالة الانتقال Modularity
حالة الأتمتة Automation
القابلية للتغير Variability
الترميز الثقافي Cultural Transcoding
المبدءان الأولان ، التمثيل العددي Numerical representationيتثمل في الطبيعة الرقمية لأجهزة الإعلام Digital nature of media . أما حالة الانتقال Modularity فهي تعني أن الاجسام الإعلامية يمكن أن تندمج بين بعضها البعض بينما تحافظ على صفاتها المتفردة أو الخاصة , وهذا ما تمثله الخصائص التكنولوجية الأساسية للإعلام الجديد . ومن هنا تأتي الحالتان اللاحقتان بدءا من حالة الأتمتة Automation , إذ يخضع الإعلام اولا للمعالجة الحسابية بواسطة الكومبيوتر , وثانيا يخضع لحالة القابلية للتغير Variability وتكون الأجسام الإعلامية في حالة تنوع . أما المبدأ الاخير وهو الترامز الثقافي Cultural Transcoding فهو يلخص الفهم الخاص لمانوفيتش بخصوص عملية التأثير الثقافي لاستخدام الكومبيوتر " .
التمثيل العددي : طالما تمت معالجة الصورة والصوت رقميا ، فإن كل أجهزة الإعلام تصبح معالجة بالكومبيوتر . وهذا يتضمن تحويل التماثلية في جميع حالاتها الى الشكل الرقمي , ويتضمن دمج الوسائط بين بعضها البعض مما مكن من توليد نموذج الوسائط المتعددة .
حالة الانتقال : يمكن للمكونات الإعلامية ان تكون في حالة وحدات منفصلة ولكن في نفس الوقت يمكن ان يتم تجميعها معا بدون ان تفقد هوياتها الخاصة . مثلا: يمكن معالجة صورة ما ببرنامج مثل ادوبي فوتوشوب بدمجها في عدّة طبقات ، كل طبقة تحتوي قسما منفصلا عن الصورة كما يمكن معالجتها لاحقها بتفكيك الطبقات ذاتها بدون تأثير عليها , وهذا يتم ايضا في حالات الصوتيات والفيديو والرسومات المتحركة وغيرها .
حالة الأتمتة : تخضع جميع وسائل الاعلام الجديدة , بشكل ما , إلى حالة أتمتة في كل أو بعض عمليتها بدرجات معقدة أو بمستوى بسيط من التعقيد ، ومثال لذك مواقع الانترنت الدائمة التجدد والحركة ، التي تستجيب لطلب المستخدم أو الزائر , وقواعد البيانات الشكبية , مثال لذلك موقع غوغل الذي يستجيب سريعا , وفق حسابات خاصة , لطلب الباحثين عن المعلومات تعتمد على عملية معقدة لجميع الصفحات المطلوبة وترتيبها .
القابلية للتنوع : واحدة من اركان الاعلام الجديد المهمة هي في كونه يمثل مجموعة بيانات يمكن أن تعالج بأساليب مختلفة جدا , فبينما ظل نظام الإعلام التقليدي مرتبطا بحالة إنتاج النسخة الواحدة المتعددة المتماثلة , فإن الإعلام الجديد يمكن ان ينتج نسخا مخصصة Customized وملبية لحاجة الفردانية Individualized او بإضفاء الطابع الشخصي عليها Personalized. وحالة التنوع هذه يمكن ان تشمل :
- امكانية فصل المحتوى : Delinking of Content . على سبيل المثال ، قد تنشر صحيفة طبعتين واحدة ورقية واخرى للانترنت ، والنسخة على الإنترنت قد تكون مفصلة وفقا لرغبة القارئ .
- امكانية التعديل : Potential scalability إذ اصبح من السهل تعديل حجم الصور والرسومات والصفحات مثلا او تحريكها او خلق عوالم إفتراضية أو ثلاثية منها .
- امكانية التحديث : فبعض نظم الإعلام الجديد يمكن أن تتضمّن معلومات تتغير بإنتظام ويجب ان تخضع لهذه الحالة بحكم طبيعتها مثل أسعار أسهم .
- التخصيص والتفاعلية : وهما نتيجة رئيسية من نتائج حالة التنوع التي تمكن المستخدم من الاختيار .
رؤية بافلك للإعلام الجديد
يرى جون بافلك Pavlik :" أن المشهد الخاص بتكنولوجيات الاعلام الجديدة يتغير بمثل سرعة تطور هذه التكنولوجيات , وهي تحدث تغييرا راديكاليا في كل ما يتعلق بالطريقة التي نتواصل بها والاشخاص الذين نتواصل معهم , كما انها تغير كافة اوجه الحياة التي نعيشها من بناء العلاقات الشخصية الى خلق المصادر المالية والرعاية الصحية وغيرها . وفي كل عام فإن خطوات التطور التكنولوجي تتسارع وفي كل صباح يعلن عن مبتكر جديد .
لقد أخذ الامر مائتا عام منذ ان اخترع غوتنبرغ الحروف المتحركة في عام 1450 الى دخولها الولايات المتحدة في عام 1693 بينما شهد القرن الماضي ميلاد وتطور الكثير من التكنولوجيات , كل واحدة منها احدث ثورة في بعض مناحي الاتصال البشري " .
يرى بافليك ايضا " ضرورة توفر خارطة طريق Road map واطار مفاهيمي لفهم ابعاد وآثار تكنولوجيات الاعلام الجديد , وواحدة من ادوات رسم هذه الخريطة تكمن في فهم وظائفها الاساسية وهي الانتاج Production , والتوزيع Distribution والعرض Display والتخزين Storage . وبالرغم من أن هذا المدخل يبدو محدودا بسبب حالات التلاقي Convergence والتماهي Blurring بين خطوط وسائل الاتصال لكن من المفيد تمييز الخطوط الموضحة لتكنولوجيات الاعلام الجديد , هكذا :
نظام الانتاج : تكنولوجيات الانتاج هي تلك المستخدمة في جمع ومعالجة المعلومات وهي تشمل اجهزة الكومبويتر , التصوير الالكتروني , الماسحات الضوئية , وهذه التكنولوجيات لم تصنع لنا فقط طرائق جديدة لجمع وتفسير المعلومات بل ايضا مكنتنا من تجميع انواع جديدة من المعلومات وحل المشكلات القديمة والجديدة بشكل اسرع ,ولكنها مع ذلك حلت محل العمالة البشرية ومثلت تهديدا خطيرا للخصوصية واثارت تساؤلات حول من يملك المعلومات , فضلا عن انها تجاوزت القدرات البشرية في ان تكون على مستوى الامكانيات الجديدة التي خلقتها هذه التكنولوجيات " .
نظام التوزيع : تكنولوجيات التوزيع هي تلك المتصلة بعمليات العرض Presentation او الحركة Movement للمعلومات الالكترونية , وهي تشمل النظم الرئيسية التالية :
1/البث الهوائي Over-the air broadcasting
2/ تكنولجيات الاتصال الارضي Land based telecommunication التي تشمل طيفا من الانواع الجديدة كليا .
3/ كوابل الاتصال Coaxial cable , وهي تشمل تلفزيون الكيبل .
4/ الاتصال بالاقمار الصناعية Satellite communications الذي يشمل البث التلفزيوني المباشر Direct broadcasting satellite .
5/ الاتصال اللاسلكي , الذي يشمل خدمات التواصل الشخصي وغيرها من المستحدثات في هذا المجال " .
" هذه التكنولوجيات لها اثار ايجابية كما ان لها آثارا سلبية اقتصاديا واجتماعيا , فقد جعلت المعلومات متاحة بسرعة الضوء وجعلت من تكنولوجيا الفيديو تحت الطلب Video on demand امرا واقعا . كما جعلت من مفاهيم الاسواق المستهدفة والتخصيص امورا واقعية . فضلا عن انها جعلت وسائل الاعلام اكثر عملية . لكنها في الوقت نفسه اسهمت في عدد من الاشكالات الاجتماعية فعمليات قرصنة المعلومات لا حصر لها , كما ان هنالك من يرى انها وسعت من الفجوة الرقمية بين الاغنياء والفقراء " .
نظام العرض : تشير اجهزة العرض الى مجموعة التكنولوجيات المستخدمة في تقديم المعلومات الى المشاهد او المستهلك وما اليهما , وهي تشمل مجموعة من الاجهزة المخصصة في عرض المعلومات الالكترونية في اشكال مختلفة مثل الصورة والنص والفيديو او الوسائط المتعددة وبعضها يعرض المعلومات بأبعاد ثلاثة . وتشمل الاجهزة الرقمية الشخصية Personal digital appliances PDA وشاشات العرض المسطحة Flat panel screens وهي تمثل الاداة المستقبلية لعرض الصحيفة الالكترونية وسنأتي اليها لاحقا , بجانب شاشات العرض الخاصة بالهواتف .
هذه الاجهزة جعلت من السهل الوصول الى اكبر قدر من المعلومات ولكنها تحمل أيضا تحمكل أثارا سلبية صحية تصل اى اتهامها بتسبيب بعض الامراض الخطيرة الجسيدة والعقلية وهناك من يرى انها ادت الى زيادة رقعة الامية ".
نظام التخزين: تشير تكنولوجيات التخزين الى الوسائل المستخدمة في استضافة المعلومات في انساق الكترونية , بما يشمل الاسطوانات المرنة والصلبة بالاضافة الى الوسائل الجديدة مثل الاسطوانات الليزرية بأنواعها المختلفة التي مكنت من تخزين كميات ضخمة من المعلومات في مكان محدود ,سنأتي اليها لاحقا .
يضاف الى هذه الوسائل صغيرة الحجم أخرى كبيرة وذات سعة وامكانيات هائلة هي ملقمات تخزين الفديو Video Servers التي تمكن حرفيا من بناء محطات تلفزيون بلا اشرطة اذ يمكن تخزين كميات ضخمة من مواد الفيديو عليها , فضلا عن توفيرها خاصية الفيديو تحت الطلب " .
رؤية بوتلر وجروسين
يرى بولتر Bolter وجروسين Grusin تكنولوجيات الاعلام الجديد من خلال مدخل التجديد الكامل Refashioning الذي يطلقان عليه تعبير المعالجة أو بلفظ آخر الإصلاح Remediation التي يطرحانها كنظرية تبلور فهمها لأجهزة الإعلام الجديدة. ويقولان : " ان فكرة الاصلاح هذه هي المنطق الأساس الذي تجدد من خلاله تكنولوجيات الاعلام الجديدة وسائل الاعلام السابقة . بولتر وجروسين وضعا نظريتهما حول الإعلام الجديد ضمن إطار الميزات الجديدة التي تتمتع بها مثل درجة الآنية Immediacy والتشعبية Hypermediacy فالرغبة لحالة الآنية تمثل رغبة قوية للشفافية المطلوبة في الإعلام .
ويضع بوتلر وجروسين منطق المعالجة ضمن سياق تأريخي مرتبط بتطور جميع اجهزة الاعلام كل واحدة على حدة واصلاح نفسها لنفسها و على سبيل المثال فإن رسومات الكمبيوتر المتحركة استفادت من خبرات السينما , و السينما تستفيد الآن من الخبرات التي جاءت بها رسومات الكمبيوتر المتحركة . ومن الامثله التي توضح نظريتهما عملية الاصلاح التي تحدث بين التلفزيون والانترنت , فالانترنت اسست نموذجها بناء على خبرات تلفزيونية في التعامل مع المشاهد المشاهدين ،ثم عاد التلفزيون لاستخدام استراتيجيات جديدة هي من خبرات الانترنت مثل استخدام النوافذ Windowing واستخدام ادوات التحريك Scrolling وغيرها " .
مدخل فيدلر لفهم الاعلام الجديد
يبني فيدلر Fidler مدخله النظري لفهم الاعلام الجديد ومستويات تبنيه بإستقراء النموذج الكلاسيكي لتبني المستحدثات لايفرت روجرز Everett Rogers ورؤى بول سافو Paul Saffo التي تقول أن الأفكار الجديدة تأخذ حوالى ثلاثة عقود كاملة حتى تتسرب الى ثقافة المجمتع والافراد , ويقول فيدلر ان عملية تغيير جذري تتم للوسائل القائمة يطلق عليها تعبير Mediamorphosis وهو مصطلح نحته فيلدر بنفسه في بداية التسعينيات للدلالة على التحول الكامل الذي يجري لوسائل الاتصال الذي فرضته التفاعلات المعقدة للحاجات الاساسية والضغوط السياسية والاجتماعية والابتكارات التكنولوجية .
يحدد فيدلر ستة مبادئ اساسية لعملية التغيير الجذري هذه وهي : "
- تعايش Coexistence وتطور مشترك Coevolution للأشكال الإعلامية القديمة والجديدة .
- تغيير جذري متدرج للاشكال الاعلامية من القديمة الى الجديدة .
- انتشار السمات السائدة في الاشكال الاعلامية المختلفة بين بعضها البعض .
- بقاء اشكال اعلامية ومؤسسات في بيئات متغيرة .
- ظهور الإستحقاقات والحاجات الموضوعية لتبنّي أجهزة الإعلام الجديدة .
- حالة التأخر في تبني المفهوم ثم التبني الواسع لأجهزة الإعلام الجديدة .
وطبقا لفيدلر فإن أهم ثلاث ادوات تغيير جذري في مستحدثات الاعلام الجديد في مراحل تطور الإتصال الانساني هي اللغة المنطوقة Spoken language ، واللغة المكتوبة Written language ، واللغة الرقمية Digital language.
فاللغة المنطوقة أدت إلى تكوين المجموعات البشرية والى تطور المهارات والقدرات التي تحل المشكلات المعقّدة وتطوير الأشكال "المذاعة" مثل رواية القصص وأداء الطقوس الصوتية والتي قسمت المجتمع الى مؤدين وحراس بوابات ومستمعين , ثم كانت اللغة المكتوبة فاتحة لتطوير الوثائق المنقولة ، والطباعة الآلية ، والإعلام الجماهيري . اما اللغة الرقمية - على خلاف المنطوق والمكتوب – فقد مكنت من عملية الاتصال بين الآلة والانسان " .
مقاربة عربية لفهم الإعلام الجديد
يبسط الدكتور سعود كاتب مداخلته عن الاعلام الجديد من عدة مداخل يرصدها في التغير في انماط السلوك وفي الانمداج بين وسائل الاتصال ويبدأ اولا بمقارنة الاعلام القديم ويجد في التفاعلية أول مظاهر التميز عند الجديد على القديم ويصل الى أن تكنلوجيا الإعلام الجديد جعلت من حرية الإعلام حقيقة .
التفاعلية اهم مظاهر التميز:" فخاصية توفير مصادر المعلومات والتسلية لعموم الناس بشكل ميسر وبأسعار منخفضة هي خاصية مشتركة بين الإعلامين القديم والجديد ، الفرق هو أن الإعلام الجديد قادر على إضافة خاصية جديدة لايوفرها الإعلام القديم وهي التفاعل , اي قدرة وسيلة الإتصال الجديدة على الإستجابة لحديث المستخدم تماماً كما يحدث في عملية المحادثة بين شخصين . هذه الخاصية أضافت بعداً جديداً هاماً لأنماط وسائل الإعلام الجماهيري الحالية والتي تتكون في العادة من منتجات ذات إتجاه واحد يتم إرسالها من مصدر مركزي مثل الصحيفة أو قناة التليفزيون أو الراديو إلى المستهلك مع إمكانية إختيار مصادر المعلومات والتسلية التي يريدها متى أرادها وبالشكل الذي يريده , ومثال ذلك التقليدي هو قنوات التسوق المنماوالي ( Home shopping ) على أنظمة الكيبل وعلى الإنترنت " .
التغير انماط السلوك " لقد غيرت تكنلولوجيا الإعلام الجديد أيضاً بشكل أساسي من أنماط السلوك الخاصة بوسائل الإتصال من حيث تطلبها لدرجة عالية من الإنتباه فالمستخدم يجب أن يقوم بعمل فاعل active يختار فيه المحتوى الذي يريد الحصول عليه .. وكثير من الأبحاث التي تدرس أنماط سلوك مستخدمي وسائل الإعلام الجماهيري توضح أن معظم أولئك المستخدمين لايلقون إنتباهاً كبيراً لوسائل الإعلام التي يشاهدونها أو يسمعونها أويقرأونها كما أنهم لايتعلمون الكثير منها وفي واقع الأمر فإنهم يكتفون بجعل تلك الوسائل تمر مروراً سطحياً عليهم دون تركيز منهم لفحواها ، فمشاهدوا التليفزيون مثلاُ قد يقضون ساعات في متابعة برامج التلفزيون ولكنها غالباً ماتكون متابعة سلبية (passive ) بحيث لو سألتهم بعد ساعات بسيطة عن فحوى ماشاهدوه فإن قليلاً منهم سيتذكر ذلك 0 الإعلام الجديد من ناحية أخرى غير تلك العادات بتحقيقه لدرجة عالية من التفاعل بين المستخدم والوسيلة " .
اندماج الوسائل: يشير كاتب الى حالة التماهي بين وسائل الاعلام الجديد كإحدى اهم الصفات التي تتصف بها :" فتكنولوجيا الإعلام الجديد أدت إلى أندماج وسائل الإعلام المختلفة والتي كانت في الماضي وسائل مستقلة لاعلاقة لكل منها بالأخرى شكل ألغيت معه تلك الحدود الفاصلة بين تلك الوسائل ، فجريدة " الشرق الأوسط " أصبحت جريدة إلكترونية بكل ماتحمله هذه الكلمة من معنى فهي تستخدم الأقمار الصناعية لإرسال صفحاتها إلى 12 مدينة حول العالم وتستخدم الكمبيوتر في كافة عملياتها بل أنه يمكن قراءتها مباشرة على الإنترنت . التليفزيون والإنترنت إندمجا أيضاً بشكل تشير التوقعات إلى أنه سيكون إندماجاً كاملاً في القريب العاجل ، فجهاز التلفزيون أصبح يستخدم لمشاهدة برامج التلفزيون وفي نفس الوقت الإبحار في الإنترنت وإرسال وإستقبال رسائل البريد الإلكتروني كما أن جهاز الكمبيوتر أصبح بالإمكان إستخدامه كجهاز إستقبال لبرامج التليفزيون والراديو . شركات الكيبل التليفزيوني أصبحت تعتمد بشكل متزايد على الأقمار الصناعية في بث برامجها وهكذا نجد أن جميع وسائل الإعلام الجماهيري الحالية أصبحت وسائل إلكترونية بشكل أو بآخر" .
حرية الإعلام الجديد: يرى كاتب نتيجة أخرى هامة لتكنلوجيا الإعلام الجديد هي :" أنها جعلت من حرية الإعلام حقيقة لامفر منها . فشبكة الوب مثلاُ جعلت بإمكان أي شخص لديه اتصال بالإنترنت أن يصبح ناشراً وأن يوصل رسالته إلى جميع أنحاء العالم بتكلفة لاتذكر ، هناك أيضاً على الإنترنت عشرات الآلاف من مجموعات الأخبار التي يمكن لمتسخدميها مناقشة أي موضوع يخطر على بالهم مع عدد غير محدود من المستخدمين الآخرين في أنحاء متفرقة من العالم " .
مدخل الحالة الانتقالية للاعلام
مشروع الحالة الانتقالية للإعلام Media in Transition Project هو مبادرة لعهد ماسوشسيتس الامريكي بدأت في اكتوبر 1999 . وفي عام 2003 اصدرت مطبعة معهد ماسوشستس الامريكي كتابا شارك في تحريره عدد من الباحثين منهم غيتلمان Gitelman وبنغري Pingree , والكتاب يعضد الفكرة نفسها . ومن عنوان المشروع ومجموعة المؤتمرات ثم الكتاب المذكور وفصوله يقرر مجموعة الباحثين بأن الاعلام كان دائما ويظل في حالة انتقالية , وأن كلّ أجهزة الإعلام كانت جديدة عندما ظهرت واستخدمت لأول مرة ، ويتحدّى المشروع فكرة دراسة الإعلام الجديد بتكريس إعلام اليوم الجديد . وهو يركز في نصه على بناء فكرة الجدة في الاعلام في سياقاتها التاريخية ، ويقول إن لحظات الإنتقال من أجهزة ونظام سابق الى إعلام جديد لم يعرّف لحد الآن بشكل كامل , ويقدم الكتاب نماذج لأدوات مألوفة مثل الهاتف والفونوغراف كبدايات جديدة غير مسبوقة , كمشروع عودة لتعميق فهمنا التاريخي لكلّ أجهزة الإعلام التي احدثت انقلابا في طريقة عيش الانسان .
" فكلّ وسائل الإعلام كانت جديدة اذا كما يرى بنغري وغيتلمان , ويستخدم المؤلفان تعبير بروس إستيرلينغ Bruce Sterling الاعلام الهامد Dead Media لوصف حالة أن بعض وسائل الاعلام لم تعد مستعملة، وفي العديد من الحالات ، ظلت منسية لمدة طويلة لم تحصل على الفرصة لكي تصبح جزءا من نسيج الحياة اليومية " .
فقد أوجدت الانترنت- على سبيل المثال - لغرض ثم امتدت لأغراض أخرى , وهنالك مبتكرات إعلامية بعضها وجد صدى حين خرج لأول مرة , وبعضها فقد بريقه برغم انه مهد لثورات أخرى, مثل الساينوتريس The Physiognotrace والزوغراسكوب Zograscope والميمكس Memex ومشروع اكساندو Xandua وغيرها قبل أن يستقر الرأي المتخصص على الطباعة وعلى الهاتف والإذاعة والتصوير والتسجيلات ووسائل عرضها ثم التلفزيون والأقمار الصناعية والانترنت على أنها المفاصل الرئيسية لتكنولوجيا الإعلام .
فالساينوتريس , بحسب بيلون Bellion " هي آلية ابتكرها فرنسي اسمه غيلي لوي شيتريا Gilles-Louis Chrétien في 1783 لتكوين الرسومات بطريقة متابعة وتقل
الأحد نوفمبر 27, 2022 9:16 pm من طرف Faizafazo
» برنامج احترافي في تنقيط التلاميذ تربية بدنية ورياضية وكل ما يحتاجه استاذ التربية البدنية والرياضية في المتوسط
الأحد يونيو 27, 2021 7:33 pm من طرف تمرت
» مفاهيم عامة .الاعلام و الاتصال
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:51 am من طرف المشرف العام
» نظريات الاعلام وحرية الصحافة و علاقة الصحافة بالسلطة
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:50 am من طرف المشرف العام
» نشأة وتطور الصحافة في العالم و الوطن العربي
الجمعة يناير 15, 2021 11:48 am من طرف المشرف العام
» ترحيب و تعارف
السبت يونيو 13, 2020 10:39 pm من طرف صقر السردي
» كتب تاريخ الجزائر في القديم والحديث
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الثورة الجزائرية ،"ثورة المليون و نصف المليون شهيد"
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الادارة وتعريفها
السبت مايو 16, 2020 3:28 pm من طرف المشرف العام
» مقياس :تاريخ وسائل الاعلام
السبت مايو 16, 2020 2:57 pm من طرف المشرف العام