المبحث التمهيدي : البحث العلمي في الاعلام والاتصال.
المطلب الأول : مفهوم البحث العلمي.
كلمة مركبة من شقين "البحث" معناه في اللغة العربية :تفتيش مكان مجهول قصد معرفته . يقابله في اللغة الفرنسية كلمة Recherche وتعني مجموعة أعمال تستهدف الكشف عن المعارف الجديدة في ميدان علمي ما.
"علمي" مشتقة من كلمة "علم" والعلم في اللغة العربية يعني المعرفة أما في اللغة الفرنسية فتدل كلمة (Science) على معارف منظمة تتعلق ببعض الظواهر والأحداث .
← كلمة (البحث العلمي ) هي (سعي منظم في ميدان معين يهدف إلى اكتشاف الحقائق والمبادئ ) .
المطلب الثاني : البحث في الاعلام والاتصال .
هو الدراسة الموضوعية التي يقوم فيها الباحث بتحليل الظاهرة الاتصالية والاعلامية تحليلاً منظماً ودقيقاً ، باستخدام مناهج و أدوات محددة تستهدف توفير البيانات والنتائج التي تستخدم كأساس في اتخاذ القرارات وتخطيط الجهود الاعلامية والاتصالية الفعالة ويرى الباحثون في الصدد المذكور أن أبحاث الاعلام والاتصال وعلى غرار العلوم الأخرى مرت بمرحلتين :
1-المرحلة الفلسفية .
2-المرحلة التجريبية .
أ/المرحلة الفلسفية :
تبدأ المرحلة الفلسفية بالنسبة لأي علم في طور الظهور عادة بحصول تراكم معرفي كبير على مستوى تخصص علمي ما .مما يؤدي إلى عجز أدواته التحليلية عن معالجة هذا الكم المعلوماتي .الأمر الذي يدفع إلى التفكير في إيجاد أدوات تحليلية بديلة .ومن أجل تحقيق هذه الغاية ، لابد من الدخول حتما في مرحلة فلسفية للعلم .حيث يتم في هذه المرحلة التركيز على تحليل مجالات إهتمام أساسية جديدة ، عبر تكوين مفاهيم عامة ، وإعادة النظر في الافتراضات الأساسية المعروفة ، وكذا في مناهج البحث وأدواته المستخدمة في جمع المعلومات ، وهذه هي المرحلة الفلسفية .
ب/المرحلة التجريبية :
إن القصد بالمرحلة التجريبية ،هي مرحلة تطبيق مناهج البحث العلمي الحديثة في معالجة الظواهر الإعلامية .
وقبل تناول هذا الموضوع ، لابد التطرق إلى نقطة هامة ، كان لها الأثر البالغ على تطور البحث العلمي في مجال الاعلام والاتصال وتتمثل في انتقال البحث العلمي في العلوم الاجتماعية خلال القرن 20 من طور التخمين ،الحدس ، والتأمل العقلي (أي مرحلة الطرح الفلسفي ) إلى طور الداراسات التجريبية (التطبيقية ) وللإشارة حصل هذا التطور أولا على مستوى علم الإجتماع .
المطلب الثالث : مجال أبحاث الاعلام والاتصال :
إن الاتصال هو أساس العملية الاجتماعية ، وهو يدخل في اهتمامات كل العلوم السلوكية الاجتماعية .
لأن ظاهرة الاعلام والاتصال بالدرجة الأولى نشاط إنساني واسع المجال ،لإرتباطه بمختلف أوجه الحياة الخاصة بالأفراد ، والمجتمعات .
وبالتالي علاقتها وثيقة بكل العلوم ، التي تبحث هذه النشاطات حيث ذكر في هذا الصدد محمد عبد الحميد :"أن علوم الاعلام والاتصال ترتبط بأكثر من علم من العلوم الانسانية ،وليست منعماوالة عنها ....وهي سمة العلوم الانسانية بصفة عامة التي يصعب الفصل الكامل بين معارفها ووسائل بحثها .
المبحث الأول : الخطوات الأساسية لإنجاز بحث .
تمهيد:
إن عملية البحث العلمي – كما تم التطرق إليها في بداية هذه الدراسة – هي عبارة عن مجهود فكري منظم ، يقوم على دراسة المشاكل التي يعنيها الانسان والمجتمع دراسة موضوعية ، قوامها تعبير البيانات عن الواقع المدروس بصورة صحيحة ، بعيدة عن التحيز .
إذا إن أساس ضمان نجاح البحوث العلمية يكمن في توفير عامل التنظيم المحكم لهذه العملية .وهذا عبر تقسيم هذه الأخيرة إلى مراحل متعددة في شكل خطوات متسلسلة ومتكاملة الأهداف.
نشير هنا إلى أن الدارس في إنجازه لبحثه ، لاينطلق في جمع بيانات الموضوع المبحوث من لا شيء ، بل لابد له من معرفة ما هو بصدد البحث عنه .
لذا قبل التطرق إلى تناول المراحل التي تدخل عادة في إنجاز البحث العلمي ، لابد من التعرف أولا على المشكلة العلمية التي هي أساس كل نشاط دراسي .
المطلب الأول : تعريف المشكلة العلمية وأدوات التعرف عليها
الباحث لاينطلق من لا شيء – كما سبق الذكر – بل لابد له من معرفة : ماذا يبحث ؟ ، بصورة جيدة ومعمقة حتى يتمكن من تسطير الخطوات التي تدخل في هذا النشاط العلمي ،أي أن موضوع البحث العلمي هو في الأساس مشكلة في حاجة إلى حل .
المشكلة : هي تلك المشاكل الانسانية والمادية ، التي يعانيها الفرد والمجتمع ، القابلة للدراسة قصد حلها علميا .
إننا في البحث العلمي لا نهتم فقط بهذا الصنف من المشكلات ، ذي العلاقة بالأبحاث التطبيقية الميدانية الخاصة بالمجالات المذكورة بل أيضا بالأحداث النظرية التي تحقق في مدى صحة المعرفة المتوصل إليها في شكل نظريات وقوانين علمية ، وتعمل على اكتشاف الجديد منها .
لكن في بعض الحالات الدراسية يجد الباحث نفسه أمام مشكلة علمية ، لا تتوفر المراجع حولها بالقدر الذي يمكنه من التعرف عليها بسهولة ، خاصة على مستوى التخصصات العلمية الحديثة النشأة ،التي تعاني نقصا في رصيدها العلمي ، مثل علوم الاعلام والاتصال .مما يضطره الى الاعتماد على مجهوده الشخصي للحصول على معلومات تمكنه من كشف المشكلة ، مستعينا بأداتي الملاحظة ، التجربة .
- الملاحظة : لغة تعني وقوع الشيء تحت العين .وهي تفيد في البحث العلمي المعاينة ،أو المشاهدة الدقيقة للظاهرة محل الدراسة من أجل استكشافها والتعرف عليها بصورة جيدة .
- والملاحظة في اللبحث العلمي نوعان :1-ملاحظة بسيطة .2- ملاحظة علمية .
- التجربة : في اللغة العربية تعني الاختيار ،وفي البحث العلمي هي عملية يقوم فيها الباحث باصطناع الظروف المشابهة للمشكلة المراد دراستها ،للقيام باختبار تأثير العوامل المبحوثه ،أو تأثيرها بالموقف المدروس .
المطلب الثاني :تحديد المشكلة العلمية.
ان تحديد المشكلة العلمية يتطلب من الباحث التعرف أولا : على مكان الذي توجد فيه هذه الأخيره ، حيث يجب العثور عليها.وبالتالي فإن أول سؤال يطرحه الباحث على نفسه في هذا يتمثل في أين أبحث عن المشكلة؟.
يجب الاحساس بالمشكلة،أي تعيين مكان المشكلة،حيث يجب البحث والتنقيب. بعد تحديد الباحث للحيز الذي توجد فيه المشكلة،من خلال مصادفة الموقف الغامض .تبدأ المرحلة الثانية من العمل،المتمثلة في تحليل هذا الموقف الغامض. للتعرف عليه أولا،من حيث العناصر المكونة له ، والعلاقات التي تحكمه ،والعوامل المتسببة في وجوده على الشكل الذي هو عليه.
وثانيا:البحث عن الأسباب الكامنة وراء الضعف ،لكن كيف نتوصل الى تحقيق هذا العمل ؟ ويتطلب هذا من الباحث القيام بجمع المعلومات.
المطلب الثالث : صياغة المشكلة.
إن القصد بصياغة المشكلة العلمية هو ابرازها في قالب نظري يساعد على دراستها،وفق ماتم التخطيط لــه.
والشئ الواجب الحرص عليه في هذه العملية هو العمل على أن تكون هذه الصياغة واضحة دقيقة ، من حيث التعبير السليم عن ما يحدث ؟ومن أجل أي غرض ؟لأن البحث العلمي ليس مجرد عملا فرديا يهم الباحث كشأن خاص،بل هو مجهود جماعي يهم كل الباحثين. بغض النظر عن أماكن وجودهم،بحكم ان المعرفة العلمية هي مكسب انساني تتوارثه الأجيال والحضارات منذ القديم.
ان أفضل أسلوب لصياغة المشكلة بصورة واضحة ودقيقة هو طرحها في شكل سؤال، يتطلب اجابة محددة لابد منها تكون ذات صلة مباشرة بالهدف الحدد للدراسة.وبالتالي لا مجال فيها للحياد عنه بطريقة أو بأخرى.
المبحث الثاني : بناء التساؤولات واختيار الفروض.
المطلب الأول : تحديد المصطلحات.
إن تحديد مشكلة البحث لا تتوقف عند نقطة صياغة هذه الأخيرة في شكل سؤال فقط ، بل القيام أيضا بضبط الموضوع من حيث تحديــد المصطلحات.
يبدأ أولا ، بتحديد اطار نظري من خلال مراجعة القواميس والمعاجم والموسوعات العلمية ،حيث يقوم الباحث بإعطاء التعريف العلمي الشائع لدى الباحثين لهذا المصطلح. ثم تحديد معناه الاجرائي المستخدم في البحث ، حيث يعتبر هذا الأخير من الخطوات الأساسية لتحديد موضوع البحث.
فإذا فشل الباحث من البداية في تحديد موضوع بحثه بصورة دقيقة من حيث صياغة الاشكالية وتحديد المصطلحات ، فإنه لا يستطيع ضمان بداية موفقة لانجاز عمل ناجح.
المطلب الثانــي : تلخيص الدراسات السابقة.
إن الخطوة الثانية في تحديد الاشكالية تتمثل في تلخيص الدراسات السابقة ، أي يقوم الباحث بقراءة الدراسات،التي لها علاقة مباشرة بما يبحثه ،وهذا بهدف الاستفادة منها،من حيث وضع التصميم الهيكلي المتوصل اليها على مستوى أساليب الانجاز،وكذا التعرف على النتائج المتوصل اليها على مستوى كل دراسة من هذه الدراسات السابقة،حيث تمكنه من معرفة :أين توقف الآخرون؟ حتى يتمكن من تقرير ما سيفعله هو بدوره في بحثه للموضوع.من خلال الحرص على أن يكون عمله مكملا لهذه المجهودات السابقة ،متفاديا في الوقت نفسه التكرار،لأن ذلك يفقد عمله الأصالة،الواجب توفرها في كل بحث علمي.
المطلب الثالث : اختيار أسلوب البحث .
ان قراءة الدراسات السابقة، التي لها علاقة بالبحث تساعد على تكوين رؤية واضحة تجاه مانسعى الى تحقيقه من أهداف على مستوى الدراسة،حيث تسهل هذه القراءة مهمة تحديد الأساليب الجديرة بالوصول الى ذلك وأدوات تحقيقه،أي ما يسمى في البحث العلمي بإختيار أسلوب البحث،وان التوصل الى تحديد هذه الغاية يتطلب من الباحث تحديد طبيعة الدراسة التي هو بصدد البحثها ،ونوع مستواها البحثي.
والقصد هنا بتحديد طبيعة الدراسة،هو ضبط السياق الزمني ،الذي تنتمي اليه المشكلة في شكلها الاستفهامي.اذا كان من الماضي يعتمد الأسلوب التاريخي،مع أدواته التحليلية(الملاحظة)، واذا كان في الحاضر يطبق الأسلوب الوصفي بإعتماد المنهج المسحي الشائع الاستخدام،مع أدوات التحليل المناسبة مثل الاستبيان ،المقابلة،الملاحظة....
المطلب الرابع :صياغة التساؤلات ووضع الفروض.
1- صياغة التساؤلات:
ان صياغة التساؤلات تكون في شكل استفهامي يطرح فيه الباحث مايتوقعه من نتائج على مستوى المحور المقصود به.
2- وضع الفروض:
الفرض كما عرفه الباحث سمير محمد حسين هو رأي يراه الباحث،أنه يمثل مجموعة من المتغيرات (العوامل)المؤثرة في المشكلة محل الدراسة.أي المسببة للمشكلة.
كم عرف ليون فستنجر و دانيال كاتز "الفرضية بالتوقع المسبق لبعض العلاقات الأساسية بين متغيرات الظاهرة ،على أن يبقى مدى مطابقة هذا التوقع المسبق للواقع مرتبطا بالانجاز التطبيقي للبحث."
تبعا للتعريفين المقدمين،يمكن القول أن الفرضية هي مايتوقعه الباحث من نتائج على مستوى بحثه في شكل فكره،توقع،حل،اجابة،رأي يصور علاقة التأثير والتأثر بين متغيرات الظاهرة المدروسة.
ان استخدام الفرضية في أبحاث الاعلام والاتصال يساعد الباحث على تحديد المشكلة تحديدا دقيقا.من حيث العناصر المكونة لها والعلاقة السائدة فيها.هذا التحديد الذي يسمح برسم اتجاهات التأثير والتأثر بينها،وبالتالي كشف العوامل المسببة للظاهرة المدروسة.
لذا يجب جمع الفرضيات بصورة دقيقة،وصياغة واضحة،وفي شكل جمل بسيطة ذات أفكار محددة،حتى تسهل عملية البرهنة عليها.
المطلب الأول : مفهوم البحث العلمي.
كلمة مركبة من شقين "البحث" معناه في اللغة العربية :تفتيش مكان مجهول قصد معرفته . يقابله في اللغة الفرنسية كلمة Recherche وتعني مجموعة أعمال تستهدف الكشف عن المعارف الجديدة في ميدان علمي ما.
"علمي" مشتقة من كلمة "علم" والعلم في اللغة العربية يعني المعرفة أما في اللغة الفرنسية فتدل كلمة (Science) على معارف منظمة تتعلق ببعض الظواهر والأحداث .
← كلمة (البحث العلمي ) هي (سعي منظم في ميدان معين يهدف إلى اكتشاف الحقائق والمبادئ ) .
المطلب الثاني : البحث في الاعلام والاتصال .
هو الدراسة الموضوعية التي يقوم فيها الباحث بتحليل الظاهرة الاتصالية والاعلامية تحليلاً منظماً ودقيقاً ، باستخدام مناهج و أدوات محددة تستهدف توفير البيانات والنتائج التي تستخدم كأساس في اتخاذ القرارات وتخطيط الجهود الاعلامية والاتصالية الفعالة ويرى الباحثون في الصدد المذكور أن أبحاث الاعلام والاتصال وعلى غرار العلوم الأخرى مرت بمرحلتين :
1-المرحلة الفلسفية .
2-المرحلة التجريبية .
أ/المرحلة الفلسفية :
تبدأ المرحلة الفلسفية بالنسبة لأي علم في طور الظهور عادة بحصول تراكم معرفي كبير على مستوى تخصص علمي ما .مما يؤدي إلى عجز أدواته التحليلية عن معالجة هذا الكم المعلوماتي .الأمر الذي يدفع إلى التفكير في إيجاد أدوات تحليلية بديلة .ومن أجل تحقيق هذه الغاية ، لابد من الدخول حتما في مرحلة فلسفية للعلم .حيث يتم في هذه المرحلة التركيز على تحليل مجالات إهتمام أساسية جديدة ، عبر تكوين مفاهيم عامة ، وإعادة النظر في الافتراضات الأساسية المعروفة ، وكذا في مناهج البحث وأدواته المستخدمة في جمع المعلومات ، وهذه هي المرحلة الفلسفية .
ب/المرحلة التجريبية :
إن القصد بالمرحلة التجريبية ،هي مرحلة تطبيق مناهج البحث العلمي الحديثة في معالجة الظواهر الإعلامية .
وقبل تناول هذا الموضوع ، لابد التطرق إلى نقطة هامة ، كان لها الأثر البالغ على تطور البحث العلمي في مجال الاعلام والاتصال وتتمثل في انتقال البحث العلمي في العلوم الاجتماعية خلال القرن 20 من طور التخمين ،الحدس ، والتأمل العقلي (أي مرحلة الطرح الفلسفي ) إلى طور الداراسات التجريبية (التطبيقية ) وللإشارة حصل هذا التطور أولا على مستوى علم الإجتماع .
المطلب الثالث : مجال أبحاث الاعلام والاتصال :
إن الاتصال هو أساس العملية الاجتماعية ، وهو يدخل في اهتمامات كل العلوم السلوكية الاجتماعية .
لأن ظاهرة الاعلام والاتصال بالدرجة الأولى نشاط إنساني واسع المجال ،لإرتباطه بمختلف أوجه الحياة الخاصة بالأفراد ، والمجتمعات .
وبالتالي علاقتها وثيقة بكل العلوم ، التي تبحث هذه النشاطات حيث ذكر في هذا الصدد محمد عبد الحميد :"أن علوم الاعلام والاتصال ترتبط بأكثر من علم من العلوم الانسانية ،وليست منعماوالة عنها ....وهي سمة العلوم الانسانية بصفة عامة التي يصعب الفصل الكامل بين معارفها ووسائل بحثها .
المبحث الأول : الخطوات الأساسية لإنجاز بحث .
تمهيد:
إن عملية البحث العلمي – كما تم التطرق إليها في بداية هذه الدراسة – هي عبارة عن مجهود فكري منظم ، يقوم على دراسة المشاكل التي يعنيها الانسان والمجتمع دراسة موضوعية ، قوامها تعبير البيانات عن الواقع المدروس بصورة صحيحة ، بعيدة عن التحيز .
إذا إن أساس ضمان نجاح البحوث العلمية يكمن في توفير عامل التنظيم المحكم لهذه العملية .وهذا عبر تقسيم هذه الأخيرة إلى مراحل متعددة في شكل خطوات متسلسلة ومتكاملة الأهداف.
نشير هنا إلى أن الدارس في إنجازه لبحثه ، لاينطلق في جمع بيانات الموضوع المبحوث من لا شيء ، بل لابد له من معرفة ما هو بصدد البحث عنه .
لذا قبل التطرق إلى تناول المراحل التي تدخل عادة في إنجاز البحث العلمي ، لابد من التعرف أولا على المشكلة العلمية التي هي أساس كل نشاط دراسي .
المطلب الأول : تعريف المشكلة العلمية وأدوات التعرف عليها
الباحث لاينطلق من لا شيء – كما سبق الذكر – بل لابد له من معرفة : ماذا يبحث ؟ ، بصورة جيدة ومعمقة حتى يتمكن من تسطير الخطوات التي تدخل في هذا النشاط العلمي ،أي أن موضوع البحث العلمي هو في الأساس مشكلة في حاجة إلى حل .
المشكلة : هي تلك المشاكل الانسانية والمادية ، التي يعانيها الفرد والمجتمع ، القابلة للدراسة قصد حلها علميا .
إننا في البحث العلمي لا نهتم فقط بهذا الصنف من المشكلات ، ذي العلاقة بالأبحاث التطبيقية الميدانية الخاصة بالمجالات المذكورة بل أيضا بالأحداث النظرية التي تحقق في مدى صحة المعرفة المتوصل إليها في شكل نظريات وقوانين علمية ، وتعمل على اكتشاف الجديد منها .
لكن في بعض الحالات الدراسية يجد الباحث نفسه أمام مشكلة علمية ، لا تتوفر المراجع حولها بالقدر الذي يمكنه من التعرف عليها بسهولة ، خاصة على مستوى التخصصات العلمية الحديثة النشأة ،التي تعاني نقصا في رصيدها العلمي ، مثل علوم الاعلام والاتصال .مما يضطره الى الاعتماد على مجهوده الشخصي للحصول على معلومات تمكنه من كشف المشكلة ، مستعينا بأداتي الملاحظة ، التجربة .
- الملاحظة : لغة تعني وقوع الشيء تحت العين .وهي تفيد في البحث العلمي المعاينة ،أو المشاهدة الدقيقة للظاهرة محل الدراسة من أجل استكشافها والتعرف عليها بصورة جيدة .
- والملاحظة في اللبحث العلمي نوعان :1-ملاحظة بسيطة .2- ملاحظة علمية .
- التجربة : في اللغة العربية تعني الاختيار ،وفي البحث العلمي هي عملية يقوم فيها الباحث باصطناع الظروف المشابهة للمشكلة المراد دراستها ،للقيام باختبار تأثير العوامل المبحوثه ،أو تأثيرها بالموقف المدروس .
المطلب الثاني :تحديد المشكلة العلمية.
ان تحديد المشكلة العلمية يتطلب من الباحث التعرف أولا : على مكان الذي توجد فيه هذه الأخيره ، حيث يجب العثور عليها.وبالتالي فإن أول سؤال يطرحه الباحث على نفسه في هذا يتمثل في أين أبحث عن المشكلة؟.
يجب الاحساس بالمشكلة،أي تعيين مكان المشكلة،حيث يجب البحث والتنقيب. بعد تحديد الباحث للحيز الذي توجد فيه المشكلة،من خلال مصادفة الموقف الغامض .تبدأ المرحلة الثانية من العمل،المتمثلة في تحليل هذا الموقف الغامض. للتعرف عليه أولا،من حيث العناصر المكونة له ، والعلاقات التي تحكمه ،والعوامل المتسببة في وجوده على الشكل الذي هو عليه.
وثانيا:البحث عن الأسباب الكامنة وراء الضعف ،لكن كيف نتوصل الى تحقيق هذا العمل ؟ ويتطلب هذا من الباحث القيام بجمع المعلومات.
المطلب الثالث : صياغة المشكلة.
إن القصد بصياغة المشكلة العلمية هو ابرازها في قالب نظري يساعد على دراستها،وفق ماتم التخطيط لــه.
والشئ الواجب الحرص عليه في هذه العملية هو العمل على أن تكون هذه الصياغة واضحة دقيقة ، من حيث التعبير السليم عن ما يحدث ؟ومن أجل أي غرض ؟لأن البحث العلمي ليس مجرد عملا فرديا يهم الباحث كشأن خاص،بل هو مجهود جماعي يهم كل الباحثين. بغض النظر عن أماكن وجودهم،بحكم ان المعرفة العلمية هي مكسب انساني تتوارثه الأجيال والحضارات منذ القديم.
ان أفضل أسلوب لصياغة المشكلة بصورة واضحة ودقيقة هو طرحها في شكل سؤال، يتطلب اجابة محددة لابد منها تكون ذات صلة مباشرة بالهدف الحدد للدراسة.وبالتالي لا مجال فيها للحياد عنه بطريقة أو بأخرى.
المبحث الثاني : بناء التساؤولات واختيار الفروض.
المطلب الأول : تحديد المصطلحات.
إن تحديد مشكلة البحث لا تتوقف عند نقطة صياغة هذه الأخيرة في شكل سؤال فقط ، بل القيام أيضا بضبط الموضوع من حيث تحديــد المصطلحات.
يبدأ أولا ، بتحديد اطار نظري من خلال مراجعة القواميس والمعاجم والموسوعات العلمية ،حيث يقوم الباحث بإعطاء التعريف العلمي الشائع لدى الباحثين لهذا المصطلح. ثم تحديد معناه الاجرائي المستخدم في البحث ، حيث يعتبر هذا الأخير من الخطوات الأساسية لتحديد موضوع البحث.
فإذا فشل الباحث من البداية في تحديد موضوع بحثه بصورة دقيقة من حيث صياغة الاشكالية وتحديد المصطلحات ، فإنه لا يستطيع ضمان بداية موفقة لانجاز عمل ناجح.
المطلب الثانــي : تلخيص الدراسات السابقة.
إن الخطوة الثانية في تحديد الاشكالية تتمثل في تلخيص الدراسات السابقة ، أي يقوم الباحث بقراءة الدراسات،التي لها علاقة مباشرة بما يبحثه ،وهذا بهدف الاستفادة منها،من حيث وضع التصميم الهيكلي المتوصل اليها على مستوى أساليب الانجاز،وكذا التعرف على النتائج المتوصل اليها على مستوى كل دراسة من هذه الدراسات السابقة،حيث تمكنه من معرفة :أين توقف الآخرون؟ حتى يتمكن من تقرير ما سيفعله هو بدوره في بحثه للموضوع.من خلال الحرص على أن يكون عمله مكملا لهذه المجهودات السابقة ،متفاديا في الوقت نفسه التكرار،لأن ذلك يفقد عمله الأصالة،الواجب توفرها في كل بحث علمي.
المطلب الثالث : اختيار أسلوب البحث .
ان قراءة الدراسات السابقة، التي لها علاقة بالبحث تساعد على تكوين رؤية واضحة تجاه مانسعى الى تحقيقه من أهداف على مستوى الدراسة،حيث تسهل هذه القراءة مهمة تحديد الأساليب الجديرة بالوصول الى ذلك وأدوات تحقيقه،أي ما يسمى في البحث العلمي بإختيار أسلوب البحث،وان التوصل الى تحديد هذه الغاية يتطلب من الباحث تحديد طبيعة الدراسة التي هو بصدد البحثها ،ونوع مستواها البحثي.
والقصد هنا بتحديد طبيعة الدراسة،هو ضبط السياق الزمني ،الذي تنتمي اليه المشكلة في شكلها الاستفهامي.اذا كان من الماضي يعتمد الأسلوب التاريخي،مع أدواته التحليلية(الملاحظة)، واذا كان في الحاضر يطبق الأسلوب الوصفي بإعتماد المنهج المسحي الشائع الاستخدام،مع أدوات التحليل المناسبة مثل الاستبيان ،المقابلة،الملاحظة....
المطلب الرابع :صياغة التساؤلات ووضع الفروض.
1- صياغة التساؤلات:
ان صياغة التساؤلات تكون في شكل استفهامي يطرح فيه الباحث مايتوقعه من نتائج على مستوى المحور المقصود به.
2- وضع الفروض:
الفرض كما عرفه الباحث سمير محمد حسين هو رأي يراه الباحث،أنه يمثل مجموعة من المتغيرات (العوامل)المؤثرة في المشكلة محل الدراسة.أي المسببة للمشكلة.
كم عرف ليون فستنجر و دانيال كاتز "الفرضية بالتوقع المسبق لبعض العلاقات الأساسية بين متغيرات الظاهرة ،على أن يبقى مدى مطابقة هذا التوقع المسبق للواقع مرتبطا بالانجاز التطبيقي للبحث."
تبعا للتعريفين المقدمين،يمكن القول أن الفرضية هي مايتوقعه الباحث من نتائج على مستوى بحثه في شكل فكره،توقع،حل،اجابة،رأي يصور علاقة التأثير والتأثر بين متغيرات الظاهرة المدروسة.
ان استخدام الفرضية في أبحاث الاعلام والاتصال يساعد الباحث على تحديد المشكلة تحديدا دقيقا.من حيث العناصر المكونة لها والعلاقة السائدة فيها.هذا التحديد الذي يسمح برسم اتجاهات التأثير والتأثر بينها،وبالتالي كشف العوامل المسببة للظاهرة المدروسة.
لذا يجب جمع الفرضيات بصورة دقيقة،وصياغة واضحة،وفي شكل جمل بسيطة ذات أفكار محددة،حتى تسهل عملية البرهنة عليها.
الأحد نوفمبر 27, 2022 9:16 pm من طرف Faizafazo
» برنامج احترافي في تنقيط التلاميذ تربية بدنية ورياضية وكل ما يحتاجه استاذ التربية البدنية والرياضية في المتوسط
الأحد يونيو 27, 2021 7:33 pm من طرف تمرت
» مفاهيم عامة .الاعلام و الاتصال
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:51 am من طرف المشرف العام
» نظريات الاعلام وحرية الصحافة و علاقة الصحافة بالسلطة
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:50 am من طرف المشرف العام
» نشأة وتطور الصحافة في العالم و الوطن العربي
الجمعة يناير 15, 2021 11:48 am من طرف المشرف العام
» ترحيب و تعارف
السبت يونيو 13, 2020 10:39 pm من طرف صقر السردي
» كتب تاريخ الجزائر في القديم والحديث
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الثورة الجزائرية ،"ثورة المليون و نصف المليون شهيد"
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الادارة وتعريفها
السبت مايو 16, 2020 3:28 pm من طرف المشرف العام
» مقياس :تاريخ وسائل الاعلام
السبت مايو 16, 2020 2:57 pm من طرف المشرف العام