مقدمة
الفصل الأول: الإطار للتحول الديمقراطي.
- المبحث الأول: تعريف التحول الديمقراطي.
- المبحث الثاني: أنماط التحول الديمقراطي.
- المبحث الثالث: أسباب و عوامل التحول الديمقراطي.
- المبحث الرابع: المقاربات التي فسرت التحول الديمقراطي.
الفصل الثاني: آليات التحول الديمقراطي.
- المبحث الأول: الآليات السلمية.
- المبحث الثاني: الآليات غير السلمية.
- المبحث الثالث: عوائق التحول الديمقراطي.
الفصل الثالث:التحول الديمقراطي في الجزائر.
- المبحث الأول: أسباب التحول الديمقراطي في الجزائر.
- المبحث الثاني: مظاهر التحول الديمقراطي في الجزائر.
- المبحث الثاني: الحلول و الإصلاحات لتجسيد الديمقراطية.
خاتمة
مقدمة:
لاشك في أن عصرنا كل عشرة سنوات تطلق عليه صفة تميزه بميزة معينة، فهو عصر الكهربـاء و عصر النفط، عصر الحروب و عصر غزو الفضاء، وصولا إلى عصر الإنترنت، في عصرنا هذا لا يمكن أن نهمل أهم صفة سياسية للنظام العالمي الجديد، ألا و هي صفة الديمقراطية التي هي نظــام سياسي و اجتماعي يقيم علاقة بين أفراد المجتمع و الدولة وفق مبدأ المساواة بين المواطنين من حيث الحـــقوق و الواجبات، و مشاركتهم الحرة في صنع التشريعات التي تنظم الحياة العامة، و الديمقراطية كمصطلح عرفت في دول العالم الثالث بعد الحرب العالمية الثانية، و كتجسيد عرفتها بصورة جزئية في منتصف السبعينيات في أمريكا اللاتينية و غرها دول قليلة جدا.
لكن في بداية التسعينيات عرفت دول العالم الثالث تحولا نحو النظــام الديمقراطي بصفة كبيرة جدا أطلق عليها "صامويل هنتنغتون" ( الموجــة الثالثة )، وصلت النسبة إلى 50% في منتصف التســعينيات، و ارتفعت إلى 75% عند نهاية التسعينيات.
أي انتقال و تحول غربي اهتمام ملحوظ بهذا النظام حتى أصبح ظاهرة تستلزم التفسير، و تتمثل إشكالية بحثنا في:
فيما تكمن عوامل و أسباب التحول الديمقراطي و آلياته ؟
و تتفرع عن إشكالية بحثنا مجموعة من التساؤلات هي:
- ماذا نعني بالتحول الديمقراطي ؟ و ماهي أنماط هذا التحول ؟
- لمن نعطي الأولوية في التحليل للأسباب الداخلية أم الخارجية التي أدت إلى التحول الديمقراطي؟
- هل هناك مقاربات حاولت تقديم تفسيرات لظاهرة التحول الديمقراطي في دول العالم الثالث ؟
- ما هي العقبات و الحواجز التي واجهت هذا التحول ؟
- و ما هي الحلول الممكنة لذلك ؟
الفصل الأول:
الإطار النظري للتحول الديمقراطي.
المبحث الأول: تعريف التحول الديمقراطي.
لقد خضع مفهوم التحول الديمقراطي باعتباره أحد المفاهيم الحديثة المطروحة على الساحة الفكرية لمحاولات معمقة للتأصيل المفاهيمي تبدت من خلال الاهتمام المتنامي لمختلف الأدبيات بهذا الموضوع.هذا وتجدر الإشارة إلى أن مختلف الدراسات رغم اهتمامها بالعديد من المواضيع،إلا أن طبيعة مفهوم التحول الديمقراطي الذي اتسم بالاتساع والشمول إلى جانب ضرورة صياغة تعريف إجرائي له فرض المزيد من الاهتمام بتأصيل هذا المفهوم( ).
إن محاولة التأصيل المفاهيمي للتحول الديمقراطي تستدعي الرجوع إلى الأصول اللغوية للمصطلح، فكلمة التحول لغة تعبر عن تغير نوعي في الشيء أو انتقاله من حالة إلى أخرى.
يشير لفظ التحول إلى التغير أو النقل، فيقال حول الشيء أي غيره أو نقـــله من مكانه إلى آخر أو غيره من حال إلى حال، و عن الشيء يقال تحول عنه إلى غيره، و تحــول فلانا بالنصيحة و الوصيــة و الموعظة، بمعنى توخى الحالة التي ينشط فيها لقبول ذلك منه، و منه كان الرسول –صلى الله عليه و سلم- يتحولنا بالموعظة.
و كلمة التحول تقابلها باللغة الإنجليزية كلمة "Trantistion" و تعني المرور أو الانتقال من حالة معينة إلى أو من مرحلة معينة أو من مكان معين إلى حالة أو مرحلة أو مكان آخر. و تعتبر عملية التحول بمعنى "Trantistion" المرحلة الأولى للتحول نحو النظام الديمقراطي، و هي فترة انتقالية تمتد بين مرحلة تقويض دعائم نظام سياسي سابق و تأسيس نظام سياسي لاحق.
و تتحدد هذه التحولات من ناحية ببدء عملية تحلل النظام السلطوي، و من ناحية أخرى بإرساء شكل من أشكال الديمقراطية أو عودة شكل من أشكال النظام السلطوي أو ظهور بديل ثوري، و من الجائز أيضا أن تنتج هذه التحولات نظاما هجينا أو تنحدر بالكامل نحو الفوضوية.
أما التحول إلى الديمقراطية " Democratization " فيعرفها " شميتر " بأنها : عملية تطبيق القواعد الديمقراطية سواء في مؤسسات لم تطبق من قبل أو امتداد هذه القواعد لتشمل أفراد أو موضوعات لم تشملهم من قبل، إذن هي عمليات و إجراءات يتم اتخاذها للتحول من نظام غير ديمقراطي إلى نظام ديمقراطي مستقر، و يعرفها " روستو " بأنها : عملية اتخاذ قرار يساهم فيها ثلاث قوى ذات دوافع مختلفة، و هي النظام و المعارضة الداخلية و القوى الخارجية، و يحاول كل طرف إضعاف الأطراف الأخرى و تتحدد النتيجة النهائية لاحقا للطرف المتغير في هذا الصراع( ).
كما يمكن الإشارة إلى أن التحول الديمقراطي هو:"مجموعة من المراحل المتميزة تبدأ بزوال النظم السلطوية يتبعها ظهور ديمقراطيات حديثة تسعى لترسيخ نظمها ،وتعكس هذه العملية إعادة توزيع القوة بحيث يتضاءل نصيب الدولة منها لصالح مؤسسات المجتمع المدني بما يضمن نوعا من التوازن بين كل من الدولة والمجتمع ،بما يعني بلورة مراكز عديدة للقوى وقبول الجدل السياسي"( ).
وعليه فالتحول الديمقراطي هو عملية تهدف إلى إعادة النظر في خارطة القوة على مستوى النظام السياسي ،والعمل على إعادة التوازن بين القوى الرسمية المتمثلة في الدولة والمؤسسات غير الرسمية متمثلة في منظمات المجتمع المدني.
وفي تعريف آخر للتحول الديمقراطي فهو: "عملية الانتقال من أنظمة تسلطية إلى أنظمة ديمقراطية ،تم فيها حل أزمة الشرعية والمشاركة والهوية والتنمية،أي انتهاج الديمقراطية كأسلوب لممارسة الأنشطة السياسية،فالتحول الديمقراطي يعني تغييرا جذريا لعلاقات السلطة في المجال السياسي وعلاقات التراتب في الحقل الإجتماعي"( ).
ويعرفه "تشارلز أندريان" بأنه:"التحول من نظام إلى آخر ،أي تغير النظام القائم وأسلوب صنع السياسة الذي يتبناه النظام ،ويسميه التغير بين النظم ،وعليه التحول يعني تغييرات عميقة في الأبعاد الأساسية الثلاثة في النظام ،البعد الثقافي،البعد الهيكلي والسياسات وهذه التغيرات ناتجة عن وجود تناقضات بين هذه الأبعاد الثلاثة ،مما يؤدي إلى عجز النظام القائم على التعامل معها في ظل الإطار والأسلوب القديم" ( )
في هذا الإطار فإن هذا التعريف يركز على أن التحول الديمقراطي هو عملية تغيير جذري في جميع مستويات النظام.
من خلال ما سبق يتضح أن تعدد التعاريف المقدمة للتحول الديمقراطي إنما تعود لنظرة كل مفكر وتركيزه على متغير معين للتعبير عن عملية التحول الديمقراطي.
وعموما فإن التحول الديمقراطي هو مسار قد يتعرض لانتكاسات عديدة،وتتحكم فيه العديد من العوامل سواء من البيئة الداخلية أو الخارجية.
- التحول الديمقراطي والمفاهيم المرتبطة:
في إطار تحديد مفهوم التحول الديمقراطي سعت العديد من الأدبيات السياسية إلى محاولة تأصيل عدد من المفاهيم ارتبطت بالتحول الديمقراطي كالليبرالية السياسية، الانتقال الديمقراطي ،الرسوخ الديمقراطي...الخ.
- العلاقة بين الليبرالية والتحول الديمقراطي:
فقد حرصت مختلف الأدبيات في تناولها لمفهوم التحول الديمقراطي على التمييز بين كل من الليبرالية والتحول الديمقراطي.
فالليبرالية تتضمن أهدافا متواضعة تتمثل في التخفيف من حدة القيود وتوسيع نطاق الحقوق الفردية والجماعية داخل النظام السلطوي وهي لا تعني في هذا الإطار ضرورة إرسائها لتحول ديمقراطي وإن كانت تسهم في حفز هذه العملية.
أما التحول الديمقراطي فيتجاوز هذه الحدود الضيقة لكل من الحقوق الفردية والجماعية حيث يهدف إلى تحقيق إصلاحات سياسية تعكس قدرا أكثر اتساعا من محاسبية النخبة وصياغة آليات عملية صنع القرار في إطار مؤسسي ديمقراطي( ).
بناء على ذلك فإن مفهوم اللبيرالية محدود المجال ويخص الحريات الفردية والجماعية،على خلاف التحول الذي يتسم بالشمول من خلال إصلاحات جذرية على جميع المستويات.
- التحول الديمقراطي و الانتقال الديمقراطي:
يميز الكثير من المفكرين بين الانتقال الديمقراطي والتحول الديمقراطي ،حيث يعتقد ون أن الانتقال الديمقراطي هو أحد مراحل عملية التحول الديمقراطي ويعد من أخطر المراحل نظرا لإمكانية تعرض النظام فيها لانتكاسات ،حيث أن النظام في هذه المرحلة يكون ذو طبيعة مختلطة حيث تتعايش فيه كل من مؤسسات النظام القديم والحديث ويشارك كل من ذوي الاتجاهات السلطوية والديمقراطية في السلطة سواء عن طريق الصراع أو الاتفاق( ).
- التحول الديمقراطي والترسيخ الديمقراطي:
تميز الأدبيات العامة للديمقراطية بين التحول الديمقراطي من جهة والترسيخ الديمقراطي من جهة أخرى، فحدوث التحول الديمقراطي لا يعني استمراره وتعزيزه.ولا يمكن اعتبار أن الديمقراطية قد ترسخت في مجتمع ما عندما يقبل جميع الفاعلين السياسيين الأساسيين حقيقة أن العمليات الديمقراطية هي التي تحدد وتملي التفاعلات التي تتم في داخل النظام السياسي( ).
وقد أثارت محاولات تأصيل مفهوم الرسوخ الديمقراطي جدلا واسع النطاق بين مختلف الدارسين الذي سعى كل منهم إلى تحديد مؤشراته، ومحاولة استحداث طرق لضمان الديمقراطية.
المبحث الثاني: أنماط التحول الديمقراطي.
و يقصد بها تلك الأشكال التي اتخذتها عملية التحول الديمقراطي، و الإجراءات التي اتبعت للإطاحة بالنظام عير الديمقراطي، و مع الصعوبة البالغة في تبيان كل حالة من حالات التحول الديمقراطي منفرد، بوصف أن كل حالة لها مسارها و خصائصها المستقلة، تسعى الدراسة في هذا إلى التمييز بين ثلاثة مسارات رئيسية للتحول، مع العلم بأن حالة واحدة قد تتضمن مزيجا من أكثر من مسار للتحول على المستوى النظري، و يمكن التمييز بين ثلاثة مسارات هي: التحول من أعلى، التحول من خلال التفاوض، التحول من خلال الشعب.
- المسار الأول: التحول من أعلى.
و يتضمن تحول النظام نحو الديمقراطية بمبادرة من قادة النظام أنفسهم الذين يلعبون دورا حاسما في إجراء هذا التحول، و الذي يعني أن قادة النظام السلطوي أو الشمولي هم الذين يلعبون دورا حاسما في إنهاء نظاما غير الديمقراطي و تحويله إلى نظام آخر ديمقراطي.
و يمكن التمييز بين القيادة السياسية المدنية و القيادة العسكرية للنظام غير الديمقراطي، و من ثم يمكن التمييز بين مسارين فرعيين:
1) الأول يتضمن مبادرة من قبل قيادة سياسية مدنية.
2) الثاني يتضمن مبادرة من جانب قيادة عسكرية حاكمة.
- المسار الثاني: التحول من خلال التفاوض.
يحدث هذا التحول عبر مسار التفاوض عندما ينخرط النظام السلطوي في حوار مثمر مع القوى السياسية و الاجتماعية المختلفة، و ذلك رغبة في وضع أسس مشتركة لإنهاء النظام السلطوي و إقامة نظام ديمقراطي بديل.
و من بين العوامل المهمة التي تدفع قادة النظام السلطوي إلى الدخول في مفاوضات مع القوى المعارضة احتمال أفول نجم النظام السياسي أو أفول نجم إيديولوجيته، و التردي الاقتصادي الذي قد يصل إلى حد الإفلاس، أو ضغوط خارجية متزايدة (1).
أما بالنسبة للعوامل التي قد تدفع بالقوى السياسية و الاجتماعية المعارضة إلى الدخول في الحوار فقد تتمثل في افتقادها للقوة الكافية للإطاحة بالنظام القائم قسرا، مما قد يدفعها إلى قبول التفاوض على أمل التوصل إلى ميثاق يرضي كافة الأطراف ذات الثقل.
و قد تعددت الحالات التي شهدت هذا المسار و أبرزها وضوحا حالة جنوب إفريقيا كمثال للتفاوض خلال عامي 1989- 1990 بعد سنوات من الكفاح المسلح ضد العنصرية.
و لضمان نجاح الميثاق الذي يتم التوصل إليه عبر التفاوض ينبغي بالضرورة أن يكون ميثاقا شاملا لا يستبعد أيا من الفاعلين السياسيين ذوي الثقل، فيصبح الميثاق بمثابة سياج لعدم الإضرار بمصالح أي طرف، فهو بناء هرمي يعتمد أعلاه على أسفله، و يشتمل على عدة مكونات، فثمة اتفاق بين القيادات العسكرية و المدنية حول شروط إقامة حكم ديمقراطي تتحقق فيه السيطرة المدنيـة على المؤسسة العسكرية، و هناك اتفاق بين الأحزاب السياسية على التنافس وفقا لقواعد الحكم الجديد، و إقامة اتفاق بين أجهزة الدولة و تنظيمات رجال الأعمال و الاتحادات التجارية لاحترام الحقوق و إعادة توزيع المنافع، و من ثم إقامة ترتيبات مؤسسية جديدة تتفق و الإطار الديمقراطي المرغوب.
- المسار الثالث: التحول من خلال الشعب.
يقصد بذلك أن التحول الديمقراطي يأتي في أعقاب صراعات عنيفة و انتشار أعمال الاحتجاجات من جانب التنظيمات الشعبية و الإضرابات العامة عير المنظمة، و قيام بعض أعمال العنف من جانب القوى الاجتماعية الرافضة للوضع القائم، فتستسلم القيادات السلطوية للضغوط و تبدأ الإصلاحات المطلوبة منعا لتفاقم الموقف سعيا لاحتواء الأزمة التي فجرتها المطالب الشعبية(1).
و قد تعددت النماذج التي شهدت اضطرابات سبقت عملية التغيير السياسي منها مالي و الجزائر، كما قد تنجح الحركات الاجتماعية الغاضبة في إقصاء قيادة لا تحظى بالقبول و الشرعية على غرار ما شهدته الفلبين التي أجبر فيها الرئيس " جوزيف أسترادا " على التناماوال عن منصبه تحت وطأة التظاهرات الشعبية العارمة التي تطالب بملاحقته قضائيا على مخالفات مالية و انتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبها أو شارك مع قيادته في ارتكابها.
و هكذا تتعدد أنماط التحول الديمقراطي، و تجدر الإشارة إلى أن سائر عمليات التحول مع تميزها بالتعقد و تعدد المراحل قد تشهد واقيا تداخل أكثر من مسار من المسارات السابقة لإحداث عملية التحول الديمقراطي أو البدء فيها (2).
- و قد يحدث التحول في أعقاب ثورات اجتماعية.
- و قد يحدث التحول تحت سلطة الاحتلال أو بالتعاون معه.
- قد يحدث بعد انهيار النظم الاستبدادية إما لموت الحاكم المستبد أو لهزيمة عسكرية تفقده شرعيته.
- أو يحدث نتيجة الانفتاح السياسي الذي يقضي إلى مطالب ديمقراطية(3).
المبحث الثالث: أسباب و عوامل التحول الديمقراطي.
يلاحظ أن درجات التحول الديمقراطي قد نمت في إطار تداخل شديد الترابط بين العوامـل الداخلية و العوامل الخارجية، و قد ميز الكثيرون بين هذه العوامل الدافعة للتحول الديمقراطي.
1/ العوامل الداخلية:
أ- التغير في إدراك القيادة و النخب السياسية:
تعد القيادة السياسية من أهم العوامل التي تدفع لاتخاذ أو عدم اتخـاذ قرار التحــول الديمقراطي، و كذلك نجاح أو فشل التحول، حيث تحتاج عملية التحول إلى قيادة ماهرة تتمكن من مواجهة المعــارضين و المتشددين، و توسيع نطاق المشاركة في عملية صنع القرار و توزيع الموارد الاقتصادية، كما تعتبر القيادة مسؤولة عن عملية التماسك الديمقراطي و عن حماية الفرد من تعسف الدولة و التفاوض مع الجماعات الاجتماعية التي تهدد عملية التحول مصالحها، للوصول إلى أكثر صيغ التحول قبولا في المجتمع(1).
لا بد توافر الشروط الاقتصادية و الاجتماعية الضرورية لقيام الديمقراطية كافيا في حد ذاته لنجاح التحول، و إنما يلزم الأمر رغبة القيادة السياسية نفسها في التحول.
و يؤكد كل من " دبامون ، ولينز، و مارتن ليست " علــى الدور الحاسم للقيادة التي تتسم بالكفاءة و الالتزام بالديمقراطية في المبادرة إلى إدخال إصلاح سياسي على النظام السلطوي (2)، هذا بالإضافة إلى تنامي إدراك هذه القيادة بأن استمرارها في الحكم يؤدي إلى إضعاف البنية التي يوكل إليها دور هام في عملية إلى الديمقراطية، كما أن النظام السلطوي ذاته يتعرض للتآكل.
و هناك عدد من الأسباب التي تجعل قادة النظم السلطوية يتجهون نحو تأييد الخيار الديمقراطي مثل:
- تردي الشرعية السياسية للنظام.
- إدراك القيادة بأن تكاليف بقائها في السلطة مرتفعة للغاية و أنه من الأفضل المبادرة بالتحول لعدة أسباب منها انقسام التحالف الذي يؤيد بقاءها في السلطة(3).
- كما قد يلجأ القادة إلى الديمقراطية باعتبارها بديلا عن النظام السلطوي الذي استنفد مبررات وجوده، و لم يعد قادرا على مواجهة احتياجات المجتمع أو الضغوط الداخلية و الخارجية (4).
- اعتقاد القادة أن التحول الديمقراطي سوف ينجم عنه اكتساب دولتهم العديد من المنافع مثل زيادة الشرعية الدولية، و التخفيف من العقوبات التي تفرضها الدول المانحة على دولهــم، و فتح باب المساعدات الاقتصادية و العسكرية، و الحصول على قروض من صندوق النقد الدولي، و الانضواء تحت لواء التجمعات الدولية المسيطر عليها من قبل قادة التحالف الغربي.
- من بعض الحالات وجد هؤلاء القادة أن الديمقراطية هي الشكل الأمثل لنظام الحكم، و أن حكومتهم و دولتهم قد تطورت إلى الدرجة التي أصبحت معها مؤهلة لإقامة نظام ديمقراطي.
ب- انهيار شرعية النظام السلطوي:
لاشك أن أحد العوامل المسؤولة عن انهيار النظم السلطوية هو استنفاد هذه النظم للغرض الذي أنشأت من أجله، بمعنى أنها نجحت في حل المشاكل التي دفعتها لتولي مقاليد السلطة ( أزمة اقتصادية، استقطاب اجتماعي، عنف سياسي)، أو على العكس قد تكون أخفقت في تحقيق ما سعت إليه.
كما يفقد النظام شرعيته بسبب التغير في القيم المجتمعية، إذ يصبح المجتمع أقل تسامحا مع النظام السلطوي، و ينبغي الإشارة إلى أن مشاكل الشرعية بالنسبة لنظام ما قد لا تقود بطريقة آلية إلى انهياره، بل إنها تنذر بمواجهة النظام للعديد من التحديات المؤسسية.
و تختلف مشكلات الشرعية حسب طبيعة النظام، إلى أن القاسم المشترك بالنسبة للحكومات الديمقراطية هو أن شرعيتها تعتمد على الأداء الناجح، حيث يقيم الحكام شرعيتهم على أساس أدائهم و ليس على أساس ما يتوقعه منهم منتخبوهم، بينما في النظام السلطوي ليس هناك فرق بيــن شرعية الحـــكام و النظام، و لذلك كان للقصور في الأداء الاقتصادي للنظم الدكتاتورية أثره في ظهور أزمة الشرعية لهذه النظم(1).
ج- الأزمة الاقتصادية:
فتردي الأوضاع الاقتصادية التي عانت منه الكثير من دول العالم الثالث ذات الحكم السلطوي، كان عاملا مهما في اهتزاز شرعية نظمـها، و هو ما يتم التعــبير عنه في صــورة كثير من الاضطرابات و التظاهرات الجماهيرية و نحوها التي تطالب بإدخال مزيد من الإصلاحات لمنع سيطرة فئة قليلة على موارد البلاد.
و قد لعبت التطورات الاقتصادية التي شهدتها بعض دول العالم الثالث و خاصة الدول العربية في بداية الثمانينيات دورا هاما في دفع عجلة الديمقراطية، لأن أكثر من سبعة عشرة دولة عربية واجهت أزمات اقتصادية تمثلت في ركود معدلات النمو الاقتصادي و ارتفاع معدلات التضخم و تفاقم عجز المدفوعات الخارجية، و تدني الاحتياطات الرسمية من العملات الصعبة و ارتفاع حجم المديونية.
د- تزايد قوة المجتمع المدني:
و هو عامل يساعد على زعزعة مركز الأنظمة السلطوية، فعلى المستوى الاجتماعي و التنمية الاقتصادية و التصنيع و التحضر، تعمل هذه المتغيرات جميعا على خلق و تقويــة جماعــات المصالح و التجمعات الطوعية، فالعديد من هذه الأنظمة كما أشار " دي توكفيل " هي حجر الأساس للديمقراطية، حيث أصبحت المصادر البديلة للمعلومات و الاتصالات، فهم يتحدون مباشرة الأنظمة السلطوية من خلال تتبع المصالح التي تتصارع و التي تؤدي إلى تآكل قدرة الحكام السلطويين على السيطرة على مجتمعاتهم.
و على المستوى الفردي، فإن تزايد التعليم و الثقافة أمدت و زودت الجماهير بالمعلومات و المعرفة و المهارات و الحوافز لمتابعة الإصلاحات الديمقراطية، فالتوسع في التعليم و تطور برامجه و انتشار الصحافة و الإعلام السمعي و البصري، فضلا عن الاحتكاك بالعالم الخارجي رفع معدلات النمو الثقافي لدول العالم الثالث و زاد من إدراك الجماهير لحقوقهم الطبيعية(1).
هـ- النزوع الأخلاقي و الوطني:
و نقصد به وجود القيم و التقاليد و الأعراف الدينية و المدنية السائدة في مجتمعات الدول المتخلفة، التي تشجع الديمقراطية كنظام سياسي، أو أفضل من ذلك يكاد يكون هناك إجماع على أن هذه القيم ليست قريبة جدا من الديمقراطية إن لم تكن بعيدة عنها فلابد أن يسود في المجتمع قيم التضامن الوطني و الاحترام المتبادل و الإيمان بالإرادة الوطنية و العامة التي تحتاج إليها الديمقراطية حتى تقوم، أي وجود أنساق تفتح الباب للديمقراطية(2). (2).
2/ العوامل الخارجية:
يرى الكثيرون أن للعوامل الخارجية عن مجال سلطة الدولة أثرها في إحداث التحول الديمقراطي، بإسقاط النظم السلطوية و إحداث التحول نحو الديمقراطية، و من هذه العوامل:
أ- دور القوى الخارجية في دفع الديمقراطية:
يمكن الإشارة إلى دور الدول المانحة للقروض و المؤسسات المالية الدولية، حيث أصبحت حكومات الدول الرأسمالية المتقدمة و مؤسساتها المالية تتمتع بنفوذ هائل ليس فقط على صعيد السياسة الدولية وحدها، و إنما على صعيد تشكيل التطور الاقتصادي التي توصف بأنها في الوقت الحاضر دول متحولة إلى اقتصاد السوق و دول الجنوب.
و هكذا أضحت التحولات نحو اقتصاد السوق و الديمقراطية هي الرؤية السائدة، و لعل هذا ما عبر عنه بوضوح مستشار الأمن القومي الأمريكي " أنديك " في معرض حديثه متحــديا و داعيا الشعـــوب و الحكومات، خاصة في منطقة الشرق الأوسط إلى تقديم رؤى بديلة للتنمية و الديمقراطية و اقتصاد السوق إن كان بوسعهم(3).
كذلك ضغوط الدول و المنظمات المانحة على النظم السلطوية من أجل تحولها نحو الديمقراطية، إذ نجد الدول المانحة تؤكد على الحاجة إلى مزيد من المشاركة السياسية و المسؤولية الشعبية إذا ما أرادت الدول المستقبلة للمنح أن تستخدمها بفاعلية في التنمية، فتؤكد الو. م. أ و بريطانيا و فرنسا على الديمقراطية السياسية كشرط أساسي لتقديم المنح و المساعدات لهذه الدول(4).
كذلك تأسيس العديد من المؤسسات الدولية، هدفها التحفيز على التحول الديمقراطي( ).
و لا يقف دور الأطراف الخارجية على حد المساعدة في التحول، بل قد تلعب دور المراقب لتطور الأوضاع في الدول التي تمر بعملية التحول( ). و يمكن القول أنه لولا التغييرات السياسية، و التي اجتاحت الاتحاد السوفييتي في أواخر الثمانينيات لم يكن من الممكن أن يحدث تحول ديمقراطي في كثير من دول العالم الثالث( ).
ب- النظام الدولي بعد الحرب الباردة:
لقد شهدت البيئة الدولية تغيرات جذرية في أنظمة الحكم الشمولية في أوربا الشرقية و الاتحاد السوفييتي، و تحول أغلبها إلى الديمقراطية الليبرالية على النمط الغربي.
و هذه الثورة الديمقراطية كما وصفها البعض، أدت إلى تدعيم الاتجاه نحو التغيير و الإصلاح لدى حكام النظام الشمولي في مختلف بلدان العالم الثالث، بما فيها العالم العربي مع اختلاف في الدرجة.
و يمكن القول أن تلك التغييرات التي حدثت في الاتحاد السوفييتي السابق و دول أوربا الشرقية، حيث انهيار الأنظمة الشيوعية عجلت بتحقيق الموجة الثالثة للديمقراطية.
ج- العدوى أو الانتشار:
يقصد بأثر العدوى و التقليد أن التحول الديمقراطي الناجح في دولة يشجع على إحداث تحول ديمقراطي في دولة أخرى( )، و لعل وجود نماذج ناجحة في أوائل الموجة شجعت الدول الأخرى على المضي قدما في الطريق الديمقراطي فيما يشبه كرة الثلج التي تتزايد كلما تدحرجت، و لقد ظهر إثر النماذج الناجحة في التجربة الديمقراطية عام 1990 في حالات بلغاريا و رومانيا و يوغسلافيا و ألمانيا، و تظهر أهمية ذلك الآن مع بروز سمة منظمة و هي التطور الهائل في نظم الاتصالات و شبكات الإذاعة المرئيــة و المسموعة و سهولة التقاطها في كل أنحاء العالم رغم إرادة بعض الحكومات، و سهولة الاتصال بها من جانب قوى المعارضة السياسية و منظمات حقوق الإنسان مما يتيح فرصة للرأي العام العالمي للإحاطة بما يجري من أحداث.
أيضا لعب التقارب الجغرافي و التشابه الثقافي دوره في انتقال عملية التحول من دولة إلى أخـرى، و هو ما حدث في دول أوربا الشرقية التي انفرط عقدها و خرجت من قبضة السيطرة السوفييتية، و بدأت سباقا نحو الديمقراطية لتنتهي سيطرة شمولية امتد أجلها( ).
المبحث الرابع: المقاربات و المداخل النظرية التي فسرت التحول الديمقراطي.
هناك مجموعة من المقاربات حاولت تفسير أسباب التحول الديمقراطي في العالم الثالث نذكر منها:
1- المقاربة السوسيولوجية:
و ذلك بدراسة البناء الطبقي الاجتماعي للمجتمعات، و تضم هذه المقاربة: النظرية البنيوية و نظرية النخبة.
أ- النظرية البنيوية:
يقوم هذا المدخل على إفتراض رئيسي وهو أن المسار التاريخي لأي بلد نحو الديمقراطية يتشكل ويتأثر بنمط التنمية الرأسمالية ،وليس عن طريق مبادرات وخيارات النخب. ويرى هذا المدخل أن النخب السياسية تقوم بمبادرات وخيارات معينة ،إلا أن هذه الخيارات لا يمكن تفسيرها إلا عبر الإشارة إلى القيود المحيطة بها( ).
كما ترى هذه النظرية من أن التغير السياسي و التحول الديمقراطي هو نتيجة لظهور طبقة وسطى في البناء الطبقي للمجتمع، بحيث تسعى لتقاسم السلطة مع الطبقة الحاكمة، ساعية إلى هدم البناء التقليدي للمجتمع الاجتماعية و السياسية، لتعوضه ببناء جديد يأخذ موقعها بعين الاعتبار، حيث يرى " فرانسيس فوكوياما " أن الأنظمة الدكتاتورية تحمل في طياتها بذور فنائها، فسياسة التنمية التي تنتهجها الدولة ( تسريع التنمية ) تخلق طبقة وسطى تستفيد من نتائجها ثقافيا و اقتصاديا، لتضغط فيما بعد على التفاعل السياسي القديم فتغيره ليتوافق مع طموحها، مثل ما حدث في الجزائر، فالجهود التنموية للرئيس الراحل " هواري بومدين " خلقت طبقة وسطى مكونة من أولئك الذين استفادوا من التعليم العالي و التكوين في الخارج، وجدت هذه الطبقة الجديدة البناء الاشتراكي التقليدي حاجزا يمنع تحقيق أهدافها، يقول " السعيد بوالشعير "أصبحت هذه الطبقة تطالب بفتح المجال أمامها لاستثمار أموالها، لأن الخيار الاشتراكي قيد نشاطها الاقتصادي).
إذن فالتفاعلات المتغيرة تدريجيا لبنى السلطة والقوة –اقتصادية، اجتماعية، سياسية –تضع قيودا وتوفر فرصا تدفع النخب السياسية وغيرهم،في بعض الحالات،في مسار تاريخي يقود إلى الديمقراطية اللبيرالية ،بينما في الحالات الأخرى قد تقود تفاعلات بنى السلطة والقوة إلى مسارات سياسية أخرى.وبما أن بنى السلطة تتغير تدريجيا عبر فترات تاريخية طويلة ،فإن تفسيرات المدخل البنيوي لعملية التحول الديمقراطي طويلة الأمد.
وتتمثل الدراسة الكلاسيكية للمدخل البنيوي في دراسة "بارنجتون مور"(Barington Moore) الذي قدم محاولة لتفسير اختلاف المسار السياسي الذي اتخذته إنجلترا والولايات المتحدة.(مسار الديمقراطية الليبرالية)عن المسار الذي اتبعته اليابان و ألمانيا (مسار الفاشية)عن مسار الصين وروسيا (الثورة الشيوعية).
واستندت مقاربة مور ليس بناء على مبادرات النخب وإنما في إطار العلاقات المتفاعلة لأربع بنى متغيرة للقوة والسلطة ثلاث منها طبقات اجتماعية وهي:الفلاحين ،طبقة ملاك الأراضي،البرجوازية الحضرية والبنية الرابعة هي الدولة ،وتوصل إلى أن شكل الديمقراطية الليبرالية كان نتيجة لتفاعل مختلف هذه البنى( ).
ب- نظرية النخبة:
تنطلق هذه النظرية في تفسيرها للتحول الديمقراطي من افتراض أساسي هو أن التحول الديمقراطي هو نتيجة لوصول نخبة تؤمن بالقيم الديمقراطية إلى الحكم، تسعى جاهدة لتطبيق أفكارها و توجيه الدولة نحو وجهتها، هادمة بذلك البناء السياسي القديم.
2- المقاربة السيكولوجية:
تركز هذه المقاربة على الجانب النفسي في تفسير التغير السياسي و التحول الديمقراطي، حيث تضم تفسيرين هما:
أ- نظرية الإحباط:
تنطلق هذه النظرية من الافتراض التالي: يحدث التغير السياسي نتيجة للإحباط، أي عندما لا تتوافق تصورات الفرد و الجماعة بوجودهم الاجتماعي أو السياسي مع أمر الواقع لوجود حائل دون ذلك.
يرى " بركوريت " أن إدراك الفرد أو الجماعة للوضع يخلق غضبا شديدا يتحول بدوره إلى دافع للعدوانية يستهدف الواقع القائم قصد تغييره، مثال في الجزائر عاش الشعب الجزائري هذه الحالة في ظل الأحادية، حيث عجز النظام على تحقيق حاجياته خاصة الاقتصادية و الاجتماعية، مما شحن هذا الشعور في شكل سلوك عنيف انفجر عام 1988 في شكل مظاهرات، أعمال عنف استهدفت تغيير الوضع القائم.
ب- سيكولوجية الجماهير:
ينطلق هذا التفسير من افتراض أساسي هو أن لكل شعب سيكولوجيته الخاصة التي تتطور بنيويا متأثرة بالتحولات البيئة التاريخية التي عاشها، لتخلق لديه نمط من السلوك الاجتماعي و السياسي يميزه عن باقي الشعوب الأخرى.
طبق المحلل النفساني " رايخ ويلهم " في كتابه سيكولوجية الجماهير، هذا النموذج على صعود النازية في ألمانيا 1932، كما طبقه " مالك بن نبي " في تفسير ظاهرة الاستعمار عن طريق ما اصطلح عليه بـ" قابلية الاستعمار ". فالخوف و عدم الثقة في جهاز الدولة هي التي أرست دعائم الديمقراطية.
3- المقاربة الإيكولوجية / الجغرافية:
يرى أنصار هذا التفسير أن المحيط الجغرافي هو الذي يحدد السلوك السياسي، حيث يضم اتجاهين:
أ- الاتجاه الجيوبوليتيكي:
و ينطلق من فرضية أساسية مفادها أن الدول التي تقع في مناطق النزاع هي الأقرب للاستقرار السياسي الداخلي ، حيث يلهي العامل الخارجي الاهتمام بالمشاكل الداخلية، و هذا ما يفسر سعي الأنظمة الدكتاتورية لخلق توترات خارجية قصد تسويق مشاكلها الداخلية، و النزاع على الصحراء الغربية بين المغرب و الجزائر خير مثال على ذلك، عكس الدول التي تقع في مناطق جغرافية آمنة، الأمر الذي يؤدي إلى الاهتمام بالمشاكل الداخلية، مما يشجع على التغير السياسي و التحول الديمقراطي، فبعد تراجع النزاع الصحراوي عرفت الجزائر استقرار خارجي ملموس، الأمر الذي ركز اهتمام الشعب للاهتمام بالمشاكل الاقتصادية و الاجتماعية التي يعيشها، هذا ما دفع إلى رغبة في التغيير، و التي ترجمت في دستور 1989.
ب- الاتجاه الإيكولوجي:
يرى أنصار هذا الاتجاه التفسيري أن التحول الديمقراطي يحدث في الدول التي لم تعرف في تاريخها حضور قوي للسلطة في حياة الأفراد، الأمر الذي لا يخلق فيها ثقافة الخضوع الأبوي كأبرز عائق للديمقراطي، تتطور هذه الثقافة في المجتمعات النهرية التي اعتمدت في حياتها على الأنهار، الأمر الذي استلزم تدخل السلطة في بناء السدود و توزيع المياه، مما جعل لها مكان قوي في حياة الأفراد، تتطور هذه الثقافة لتصبح نمط يميز تلك المجتمعات.
عكس المجتمعات المطرية التي تعتمد على الأمطار في حياتها، أين عرفت السلطة تدخلا بسيط في حياة الأفراد، تتبلور ثقافة ثانية في سلوكها، لذلك فالدول النهرية هي دول تملك قابلية للاستبداد مثل مصر، سوريا، العراق..، عكس الدول المطرية كالجزائر، غير أن هذا الاتجاه عجز عن تفسير الشمولية في المغرب و تونس رغم تقاسمهما مع الجزائر لنفس المناخ.
4- المقاربة الاقتصادية:
ينطلق أنصار هذا الاتجاه في من أن طبيعة الاقتصاد الذي يعتمد على الريع النفطي هو السبب الأساسي في دفع التحول السياسي، حيث تخضع كل الدول التي تعتمد على هذا البناء الاقتصادي للمعادلة التالية: كلما زاد سعر النفط كلما ساد الاستقرار السياسي، و كلما انخفض سعر النفط كلما ظهرت اضطرابات تؤدي للتغيير.
فقد عرفت الجزائر في مرحلة حكم " الشاذلي بن جديد " في منتصف الثمانينيات 1986 انخفاض ملموس في أسعار النفط، حيث انخفض سعر البرميل من 30 إلى 10 دولار، الأمر الذي أدى إلى إضعاف إمكانيات النظام السياسي لأنه يعتمد أساسا على عائدات النفط، كما أضعف البناء الاجتماعي لاعتماده على مساعدات الدولة، كل هذا أدى إلى أزمة اقتصادية.
5- المدخل الانتقالي في تفسير التحول الديمقراطي:
حيث أشار الباحث السياسي "دانكورت روستو" (Dankwart Rustow ) في مقالته "Transition to "Democracy في1970، إلى أن العمل على كيفية تحقيق الديمقراطية يتطلب مدخلا تطوريا تاريخيا يستخدم منظورا كليا لدراسة حالات مختلفة بحسبان أن ذلك يوفر مجالا للتحليل أفضل من مجرد البحث عن المتطلبات الوظيفية للديمقراطية.
و إستند الباحثون إلى دراسة بعض النماذج الديمقراطية في تبرير المدخل الانتقالي فدرسوا النموذج التركي والسويدي وحددوا أربعة مراحل أساسية تتبعها كل البلدان لتحقيق الدمقرطة وهي:
- مرحلة تحقيق الوحدة الوطنية:
وتشكل الشرط الأول ، وفي رأي روستو فإن تحقيق الوحدة الوطنية لا يعني توافر الإجماع ،إنما حيث يتم البدء بتشكيل هوية وطنية مشتركة لدى الغالبية العظمى من المواطنين.
- مرحلة الصراع السياسي غير الحاسم:
حيث يمر المجتمع القومي بمرحلة إعدادية، و تشهد هذه المرحلة صراعا حادا بين جماعات متنازعة تكون الديمقراطية أحد نواتجه الرئيسية وليست نتاجا لتطور سلمي.
- مرحلة القرار:
وتبدأ هنا عملية الانتقال والتحول المبدئي،وهي لحظة تاريخية حاسمة تقرر فيها أطراف الصراع السياسي غير المحسوم التوصل إلى تسويات وتبني قواعد ديمقراطية تمنح الجميع حق المشاركة في القرار السياسي.
- مرحلة التعود: وفي هذه المرحلة تتعود الأطراف المختلفة على قواعد اللعبة الديمقراطية،ويرى روستو أن قرار التوصل إلى اتفاق حول تبني قواعد ديمقراطية قد لا يكون ناتجا عن قناعة ،ولكن مع مرور الوقت تتعود الأطراف على هذه القواعد وتتكيف معها( ).
وقد قام العديد من المهتمين بتفسير عمليات الدمقرطة بتطوير المدخل الانتقالي لروستو.ومن أهم المحاولات دراسة "جويلرمو أودينيل" (G.O'DONNELL) وزملائه عام 1986 في دراسة تحت عنوان:
( TRANSITION TO AUTORIAN RULE)، ودراسة لـ"جون لينز" (JUAN LINZ) 1995 في دراسة تحت عنوان:"Between states: Interim Governments and Democratic Consolidation"
ويميز جميع هؤلاء الباحثين بشكل واضح مثلما فعل روستو بين مرحلة الانتقال والتحول المبدئي من الحكم التسلطي(اللبرنة السياسية) وبين مرحلة ترسيخ الديمقراطية الليبرالية. و يرجع ذلك إلى أن عمليات الانتقال المبدئية قد تنجح أحيانا و تترسخ لكنها قد تفشل وتتعثر في أحيان أخرى( ).
و خلاصة هذا المدخل هو أنه يرى أن مصدر عملية التحول الديمقراطي هو مبادرات وأفعال النخب الموجودة.
6- نظرية السلام الديمقراطي:
تقوم فكرة السلام الديمقراطي على ترويج المؤسسات الليبرالية للصداقـة بين الأمم الديمقراطــية ،و هو ما أكده عدد من الباحثين الليبراليين مثل"بروس راست" (Bruce Russet) و "مايكل دويل" (Michael Doyle ) الذين أقروا بوجوب أن يحل السلام الدولي بين الديمقراطيات المتطورة.
ويمكن تعريف السلام الديمقراطي وفقا للتحليل الدياليكتيكي على أنه:"قدرة بعض المجتمعات على حل خلافاتها ونزاعاتها بصورة سلمية على الرغم من إمتلاكها وسائل العنف." ( )
وقد اقترنت نظرية السلام الديمقراطي إلى حد بعيد بكتابــات "مايكل دويــل" (Michael Doyle ) و "بروس راست" (Bruce Russet).اللذين تأثرا بـ" كانط" ، و يشير دويل إلى أن التمثـــيل الديمقراطي و الالتزام الإيديولوجي بحقوق الإنسان ،والترابــط العابر للحدود الوطنية،كل ذلك يفسر اتجاهات الميل إلى السلام التي تتميز بها الدول الديمقراطية.
ويجادل أيضا بأن غياب مثل هذه الصفات يفسر السبب الذي يجعل الدول غير الديمقراطية ميالة للحرب، فمن دون هذه القيم والقيود فإن منطق القوة سيحل محل منطق التوفيق.
وتقوم نظرية السلام الديمقراطي على المرتكزات التالية:
-تستند نظرية السلام الديمقراطي إلى منطق كانط الذي يؤكد على ثلاث عناصر :
1- التمثيل الديمقراطي الجمهوري
2- التزام إيديولوجي بحقوق الإنسان.
3- الترابط العابر للحدود الوطنية.
تعتبر هذه النظرية بأن الحروب بين الديمقراطيات نادرة ،ومن المعتقد أن الديمقراطيات تسوي الصراعات المتعلقة بالمصالح من دون التهديد باستعمال القوة أو استعمالها فعلا بنسبة أكبر مما تفعله الدول غير الديمقراطية( ).
ويرى الليبراليون أنه يمكن تحقيق سلام عالمي بين الدول اللبيرالية،على إعتبار أن المتغيرات السياسية المحلية تستطيع أن تعمل وتتفاعل عالميا ،ولكن ذلك يتطلب إيجاد آليات تساعد على ذلك دوليا.لذا يمكن استخدام السلام الديمقراطي لتقييم تأثير مجموعة من الروابط السلمية التي توصف بأنها روابط فاعلة،كالروابط التجارية التي تساهم في تقليل النزاعات ،وتحول دون تعاظم فرص المواجهات العسكرية.
وفي فترة قريبة،كان هناك شبه إجماع على أن الدول الديمقراطية اللبيرالية ناجحة في علاقاتها مع الدول اللبيرالية الأخرى فقط ،أما في علاقاتها مع الدول غير اللبيرالية فالصورة مختلفة( ).
الفصل الثاني:
آليات التحول الديمقراطي
المبحث الأول: الآليات السلمية لتكريس الديمقراطية.
هناك عدة آليات سلمية تكرس التحول الديمقراطي منها:
1- التداول على السلطة:
يقصد بالتداول وجود آليات لانتقال المنصب السياسي إلى آخر سواء كان شاغل المنصب رئيسا للجمهورية أو للوزراء في النظم الرئاسية البرلمانية ،عرفه "فرانسوا" ( بمعنى أن الجماعة الحاكمة ليست في السلطة بحكم القانون الإلهي إنما يمكن الحل محلها حسب أساليب و آجال محددة دستوريا،ويعرفه احد المفكرين بقوله<أن التداول بالمعنى الدقيق للكلمة هو استبدال الأغلبية بالمعارضة أو تناوب قوى سياسية مختلفة على مقاليد الحكم).
شروط التداول على السلطة :
يتعين أن يراعي التداول ثلاثة شروط أساسية هي :
1- ضمان إمكانية العودة إلى الحكم توفر الفرصة لمختلف الوحدات مرة أو عدة مرات.
2- الاحتكام إلى الشعب ،قبول الشعب مهما كان.
3- الإجماع حول المسائل الأساسية ( السياسية الخارجية، السياسية المالية، الدفاع الوطني) وكل هذه الشروط هي التي تعبر عن جدول التداول على السلطة ولا يجب تجاوزها "عكس الانقلاب".
والتداول السلمي للسلطة يعتبر أحد المعايير لوجود نظام ديمقراطي( ).كما يعتبر مظهر من مظاهرها.
والتداول يكرس الديمقراطية لأنه يعتبر من أسسها ونحن ندرس هل فعلا هناك تداول على السلطة أم أن الدستور نص عليها ،لكن في الواقع معيبة فلا بد أن يكون في الجانب النظري والتطبيقي الواقعي فان طبق فعلا فهو يكرس الديمقراطية( ).
2- الانتخــابات:
الانتخاب هو عملية يختار بواسطة الأفراد والاتجاهات والأشخاص المكلفين بتجسيد الديمقراطية على ارض الواقع، ولاشك أن تطبيق وممارسة الديمقراطية يستلزم مشاركة المواطنين والمشاركة العادية تكون عن طريق الانتخاب،الذي يعتبر صورة من صور الديمقراطية وجود انتخابات دورية ،حرة نزيهة،يعتبر أمرا جوهريا لتحقيق التداول السلمي للسلطة،ويعتبر إجراء هذا النوع من الانتخابات إحدى سمات النظم الديمقراطية.
فالانتخابات هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق التداول الدوري للسلطة بعد مرور عدة من السنوات وهي تعتبر المظهر البارز للديمقراطية ،والانتخابات آلية لتكريس الديمقراطية إذا كانت تعبر حقا عن إرادة الشعب.
3- التعددية الحربية:
يرتبط التداول السلمي للسلطة بوجود تعدد حزبي حقيقي يسمح بتنافس فعلي بين عدد من الأحزاب ذات التوجهات المتباينة في تنقل السلطة من حزب إلى حزب آخر أو من زعيم احد الأحزاب إلى زعيم حرب آخر، ولا بد من وجود تعددية حربية باعتبار الأحزاب وسيطة بين المواطنين و الدولة.
- الأحزاب تعتبر آلية لتكريس الديمقراطية :
إذا كانت حقا تعددية لكل حزب برنامج و أن يكون الحرب يسعى إلى خدمة الصالح العام و ليس الخاص،وان تكون الأحزاب تؤدي وظيفتها بطريقة جيدة،وليست تعددية شكلية فقط تظهر في وقت الانتخابات وإذا كانت هنالك تعددية و فاعلية لهذه الأحزاب فهي تكرس الديمقراطية( ).
وظائفها: تساهم الأحزاب في:
- المشاركة السياسية : التي تهدف إلى التأثير في اختيار الحكام و الأعمال التي يؤذونها، وكذا التأثير في القرارات الحكومية.
ويمكن القول أن هناك أربع أنماط للمشاركة وهي: المشاركة في الانتخابات، المشاركة في الحملات الانتخابية،المشاركة على الصعيد المحلي والاتصال بالمسؤولين.
- وتعد المشاركة معيار لنمو النظام السياسي ومؤشرا على ديمقراطية وهي تشجعها على تعزيز دور المواطنين في إطار النظام السياسي بضمان مساهمتهم في عملية وضع السياسات .
- تزيد المشاركة السياسية من الوعي الاجتماعي للمواطنين.
- كما تساهم الأحزاب في التنشئة السياسية، والتي تعني اكتساب المواطنين القيم السياسية، اكتساب الثقافة السياسية، التي تزيد من وعيه وتحدد سلوكه السياسي، وقبوله أو رفضه لأنماط معينة من النظم السياسية.
- كما تساهم الأحزاب في التجنيد السياسي،هذه العملية التي يتم بموجبها إلحاق الأفراد في الأدوار السياسية النشطة،وحتى تؤدي هذه الأحزاب وظائفها لا بد أن تتمتع بالحرية الكاملة لتكريس الديمقراطية( ).
4- الفصل بين السلطات:
يشكل مبدأ الفصل بين السلطات حجز الزاوية والأساس الذي تقوم عليه النظم الديمقراطية،استعمل هذا المبدأ في البداية كأداة احتجاجية ضد تسلط الملك ،وكان الهدف منن هذه القاعدة هو إدخال نوع من اللبرالية السياسية في القانون الوضعي،ودخلت هذه الفكرة في الدستور الفرنسي عام 1791 المادة 16 ."كل مجتمع لا يضمن الحقوق لا يضمن الفصل بين السلطات فهو مجتمع بلا دستور" ويعتبر "مونيكسيو" المنظر الحقيقي له ، يقول: <كل فرد له سلطة يميل للمبالغة في استعمالها لتفادي ذلك،السلطة توقف السلطة> نجد هذا المبدأ في أغلبية دساتير دول العالم الثالث بقسم السلطة إلى:
- السلطة التشريعية: للشعب أو ممثليه من خلال المجالس.
- السلطة التنفيذية: من اختصاص الحاكم.
- السلطة القضائية: هي اختصاص هيئة مستقلة بعيدة عن المساومات والضغوطات.
هل هناك فصل حقيقي بين السلطات في العالم الثالث بمعنى عدم التدخل في الوظائف "تدخل جزئي" هل هناك رقابة و تعون،مثل أن تقوم السلطة التنفيذية بالتشريع من خلال مشاريع القوانين ،أو التشريع بالأوامر ،إضافة إلى ذلك بإمكان السلطة التنفيذية حل البرلمان،وهذا الأخير بإمكانه سحب الثقة من الحكومة وهو ما يسمى بالمسؤولية السياسية.
فإذا كان حقا داخل الدولة تعاون و رقابة، وهذا ما نشهده في النظام البرلماني ،خاصة وقد طبق هذا المبدأ بحذافيره فهو يكرس الديمقراطية ،لان غياب هذا المبدأ يؤدي إلى الاستبداد والى نظام دكتاتوري
5- المجتمع المدني ودوره في تكريس الديمقراطية
نقصد بالمجتمع المدني عالم المنظمات غير الحكومية بل أصنافها وأنواعها خارج إطار الأحزاب التي يختلف المصنفون في تصنيفها هل هي ضمن المجتمع المدني أم لا ، باعتبار أنها مؤسسات لها ارتباطات بالحكومة من حيث إمكانية تشكيلها لحكومات،والمجتمع المدني عبارة عن هيئات مدنية حرة تقوم بأعمال تطوعية اختباريه لصالح الإنسان بتنسيق مع الدولة،أو في استقلال عنها من اجل تحقيق التنمية الشاملة .
ويقصد به كذلك، مجموعة من التنظيمات الأهلية والشعبية المستقلة عن الدولة والحكومة والأفراد،تتكون من هيئات اجتماعية وسياسية و اقتصادية وثقافية ودينية تدافع عن مصالح الشعب المشتركة ومصالح الأمة الإنسانية ، ويعتبر المجتمع المدني من الركائز الأساسية لتحقيق التقدم والازدهار،وهو مظهر من مظاهر الديمقراطية ،آلية لتكريسها،فلا يمكن للمجتمع المدني أن يشتغل إلا في مجتمع ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان ويعمل على تثبيتها و تكريسها في جميع المجالات( ).
ولم ينتقل مفهوم المجتمع المدني للعالم الثالث إلا في السنوات الأخيرة من القرن20م بفعل انتشار الوعي العالمي ،والثقافي و المثاقفة مع الغرب والانفتاح الإعلامي.
فلا بد أن نلمس فاعلية المجتمع المدني داخل الدول،إذا كان له رأي مسموع أو له القدرة على تغيير القرارات ،فإذا كانت له فاعلية داخل الدولة فهو بذلك يكرس الديمقراطية أما إذا كانت الدولة تتبنى ديمقراطية شكلية،فإنها سوف تهمشه وتضع قواعد وبنود تحد من فعاليته.
6- الإعلام والصحافة كآلية لتكريس الديمقراطية
إن الإعلام والصحافة يعتبران السلطة الرابعة داخل أي دولة، لما لها من فعالية في الدفاع عن الحقوق و تكريس النظام الديمقراطي.
فإذا كانت هذه السلطة الرابعة تتمتع بكامل الحرية في التعبير واستخدام وسائل الإعلام في أداء مهامها في تكرس الديمقراطية، أما إذا كانت مضطهدة ومقيدة فهذا يعني أن النظام شكلي فقط ( ).
7- الحرية الدينية:
تعتبر من مظاهر الديمقراطية تقول هل فعلا الدولة لا تقوم باضطهاد الذين هم خارجين عن الديانة المنصوص عليها في الدستور ومتى تمتع الأفراد بالحرية في كافة المجالات، متى كانت هذه الحريات دعما وتكريسا للديمقراطية( ).
8- مبدأ ترجيح الأكثرية على رأي الأقلية:
يمثل هذا المبدأ في تبني النظام الحاكم الذي يؤمن بالنهج الديمقراطي،رأي الأكثرية والأغلبية من عدد الأفراد الجماعية،وترجيحه على رأي الأقلية، ومما لا شك فيه أن مبدأ الأغلبية هو أهم المبادئ الأساسية للنظام الديمقراطي من حيث يتم بواسطة حسم كل الخلافات التي تنشا بين
الأحد نوفمبر 27, 2022 9:16 pm من طرف Faizafazo
» برنامج احترافي في تنقيط التلاميذ تربية بدنية ورياضية وكل ما يحتاجه استاذ التربية البدنية والرياضية في المتوسط
الأحد يونيو 27, 2021 7:33 pm من طرف تمرت
» مفاهيم عامة .الاعلام و الاتصال
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:51 am من طرف المشرف العام
» نظريات الاعلام وحرية الصحافة و علاقة الصحافة بالسلطة
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:50 am من طرف المشرف العام
» نشأة وتطور الصحافة في العالم و الوطن العربي
الجمعة يناير 15, 2021 11:48 am من طرف المشرف العام
» ترحيب و تعارف
السبت يونيو 13, 2020 10:39 pm من طرف صقر السردي
» كتب تاريخ الجزائر في القديم والحديث
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الثورة الجزائرية ،"ثورة المليون و نصف المليون شهيد"
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الادارة وتعريفها
السبت مايو 16, 2020 3:28 pm من طرف المشرف العام
» مقياس :تاريخ وسائل الاعلام
السبت مايو 16, 2020 2:57 pm من طرف المشرف العام