بسم الله الرجمن الرحيم .
محاضرات الاستاذة "فريمش" جامعة منتوري قسنطينة ،كلية الحقوق قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية
المؤسسات السياسية و الإدارية في الجزائر ( LMD)
تقديم : إنه من الصعب إختزال كل ما كنا نتناوله كمادة علمية في سنة دراسية كاملة في سداسي واحد فقط مع طلبة (LMD) و بالتالي فكرت في تغير منهجية تدريس هذه المادة و إختصار بعض المواضيع التي كنت أتناولها مع طلبة الليسانس الكلاسيك بشكل من الإسهاب و التفصيل . فالمنهجية المستعملة هنا تعتمد على المقترب التحاوري interactive Approach مع حث الطلبة على القيام ببحوث لإثراء المواضيع المختصرة . أما عن محتوى المادة فهي تقريبا نفسها التي كنت أعطيها لطلبة الكلاسيك مع إدخال تغيرات في شكل المحاضرات التي صغتها بشكل جديد يخدم قصر و ضيق الوقت و روح LMD .
المحاضرة الأولى : تأسيس الدولة الجزائرية
المحاضرة الثانية .: تطور المِؤسسة التنفيذية عبر مختلف الدساتير التي عرفتها الجزائر( لماذا نتكلم عن مؤسسات و ليس سلطات ؟لأننا سنجدها في دساتير تسمى بوظائف كما هو الحال في دستور 76 . كما نجدها في بعض الأوقات غير منتخبة و لا تخضع لأحكام الدستور و هذا عند توقيف العمل بالدستور (65, 92,) و ينطبق هذا أيضا على المؤسسة التشريعية .
المحاضرة الثانية : تطور المؤسسة التشريعية مختلف الدساتير التي عرفتها الجزائر
المحاضرة الثالثة: المؤسسة الرقابية ( المجلس الدستوري في مختلف دساتير الجزائر)
المحاضرة الرابعة : الأحزاب السياسية في النظام السياسي الجزائري
المحاضرة الأولى : تأسيس الدولة الجزائرية
إن الحديث عن دولة جزائرية الحديثة يرجعه اغلب المؤرخين إلى دولة الأمير عبد القادر و تنظيمها المتميز , لكن نواة الدولة الجزائرية تعود إلى ثورة التحرير الوطني و تأسيس ما يسمي بمؤسسات الثورة المنبثقة عن مؤتمر الصومام 1956 .لكن قبل ذلك عرف الكفاح السياسي في شكل الحركة الوطنية بعد الإحباط الذي عرفه الكفاح المسلح في صورته كمقاومة شعبية في القرن 19.
1-الحركة الوطنية:
مع نهاية الحرب العالمية الثانية بدأ المجتمع الجزائري يعرف نشاط سياسيا و إجتماعيا خاصة سنة 1912 و تأسيس بيان الشاب الجزائري بقيادة الأمير خالد. ثم ميلاد نجم شمال إفريقيا سنة 1926 الذي يعتبر أول فسيلة لتيار وطني يطالب بالانفصال التام على فرنسا بقيادة مصالي الحاج. و من بين أهم التيارات السياسية التي كانت الأكثر نشاطا خاصة بعد الحرب العالمية الثانية و حدوث مجازر الثامن ماي 1945.
1- الإتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري UDMA(1946)
تأسست الحركة عام 1946 من قبل فرحات عباس, المنفتح على الأوروبيين. و الذي كان يهدف إلى تأسيس دولة تابعة لفرنسا .
أغلب أعضاء الحركة هم الأعيان الإندماجيون غير المنفتحون على أمال و تطلعات الشعب . تحارب الحركة على جبهتين :1- ضد الكولون المحافظون.
a. ضد الوطنين الشعبيين.
متمركزة أكثر في المدن الكبرى كقسنطينة و تلمسان.
2-الحزب الشيوعي الجزائري:PCA (1936-1955)
تأسس سنة 1936 كوريث الفدرالية الجزائرية للحزب الشيوعي الفرنسي. ومنه فهو أقدم حزب بالمعنى الحديث. متكون من أوروبيين و مسلمين . أعتبر كحزب وسط ووجد في أغلب مواقفه إلى جانب القوى المؤيدة للبرجوازية. ساند سنة 1936 مشروع بلوم violet القاضي بمنح الجنسية الجزائرية للنخبة. و طالب سنة 1954 بقمع الوطنية الشعبية.
3-جمعية العلماء المسلمين (1931-1956)
دعت إلى الإصلاح الديني و التربوي و الحل السلمي للقضية الجزائرية, دون الانقطاع مع الأطر المؤسساتية الفرنسية . تأسست على يد الشيخ عبد الحميد إبن باديس . ثم خلفه البشير الإبراهيمي سنة 1950 تعد موته, الذي اختار لنفسه المنفى إلى المشرق ليليه بعد ذلك العربي التبسي .
4-الحركة من أجل إنتصار الحريات الديمقراطيةLTMD
تأسست سنة 1946 من طرف مصالي الحاج كامتداد لنجم شمال إفريقيا (1936-1937) و حزب الشعب (1936-1939). يطالب بالاستقلال التام . و كان يضم شرائح شبابية واسعة إلى جانب المهاجرين و البرجوازية الصغيرة في المدن الكبرى و عامة الشعب .مستعدا للاستعمال العنف من أجل الحصول على الاستقلال.
2-مؤسسات الثورة الجزائرية
فمع اندلاع الثورة قسمت جبهة التحرير الوطني في جويلية 1954 البلاد إلى خمسة مناطق وهي : الأوراس ,الشمال القسنطيني، القبائل , الجزائر و وهران .إلا أن المرحلة الممتدة بين 1954-1956 لم يكن تنظيم الجبهة واضحا إذ لم يكن هناك تقسيم واضحا للمهام أن المهام السياسية و العسكرية و الإدارية لم تكن مفصولة عن بعضها البعض و كان للمسؤولي المناطق الوسائل المادية و البشرية المتواضعة والغير كافية للأداء مهامهم . فقد كانوا يقودون المعارك في الميدان و يقومون بالمهام السياسية و يفسرون أهداف الكفاح و يجمعون الأموال إلى جانب أعمال السكرتارية و تحرير المراسلات و المناشير .لكن مع أول مؤتمر لها و هو مؤتمر الصومام الذي كان في 20 أوت 1956 أنشأت الجبهة مؤسساتها التي أعطتها طابعها كدولة. و أصبحت الجبهة ممثلة في جميع مناطق البلاد : في كل قرية و حي و مؤسسة ....الخ فأعاد مؤتمر الصومام تقسيم المناطق الخمسة القديمة إلى ستة ولايات وهي:
الولاية الأولى و تشمل منطقة الأوراس أي باتنة, تبسة,عين البيضاء ,الونزةو خنشلة.
الولاية الثانية و تشمل الشمال القسنطيني أي قسنطينة، عنابة، سكيكدة, جيجل, قالمة, وسوق أهراس.
الولاية الثالثة و تشمل منطقة القبائل أي تيزي وزو, بجاية, سطيف, البويرة, غزازقة,و أقبو.
الولاية الرابعة و تشمل منطقة العاصمة وهي الجزائر, بليدة , مدية, مليانة ,شرشال , تنس, الأصنام.
الولاية الخامسة و تشمل منطقة وهران أي وهران, تلمسان, مستغانم, نضرومة،مغنية, معسكر,و تيارت , أفلو و سعسدة.
الولاية السادسة و تشمل منطقة الصحراء أي الجلفة ,الأغواط,غرداية,بوسعادة,بسكرة, حاسي مسعود,ورقلة,توقرت,الوادي.
وقد قسمت كل ولاية إلى مناطق ثم ناحية فقسمة....الخ.
لقد أعتبر مؤتمر الصومام المؤسس للنواة الأولى للدولة الجزائرية تنظيما فلقد انبثقت عنه مؤسستين و هما:المجلس الوطني للثورة الجزائرية CNRA الذي أعتبر ممثلا للشعب أي كسلطة تشريعية. ولجنة التنسيق و التنفيذ CCE التي انبثقت عنها الحكومة الجزائرية المؤقتة والتي كان لها المهام التنفيذية , تنسيق العمل و تنفيذ قرارات المجلس ثم إبتداءا من سنة 1959 تأسست القيادة العامة لأركان جيش التحرير الوطني و التي أصبح لها الدور الرئيسي الذي قادها إلى منافسة الحكومة المؤقتة.
المجلس الوطني للثورة الجزائرية CNRA: يعتبر ممثلا للشعب و معبرا عن إرادته و سيادته . يحدد سياسة الجبهة و يوجهها . بلغ عدد أعضائه في المؤتمر الأول للجبهة 34 عضوا .17 عضوا دائما و باقي الأعضاء مؤقتين و قد ارتفع هذا العدد أثناء المؤتمر الثاني بالقاهرة سنة 1957 إلى 50 عضوا .لكن المؤتمر الثالث الذي انعقد في طرابلس كان الأكثر أهمية نتيجة القرارات التي اتخذت به ,إذ تم إقرار مبدأ تعين المستشارين الوطنيين إلى جانب إعادة التذكير بالطابع المؤقت للمؤسسات الوطنية و ضرورة إجراء اقتراع عام كطريقة لتشكيل السلطة التشريعية بعد الاستقلال كما أقر كذلك بإمكانية الاحتفاظ بأعضائه في انتظار المؤتمر التالي للجبهة .
إن المادة 28 من قانون الجبهة تنص علي :أن 3/2 علي الأقل من أعضاء المجلس يجب أن داخل التراب الوطني. أما المادة 08 من قانون المؤسسات المؤقتة للجمهورية الجزائرية تقر بأن المجلس معبر عن السيادة الوطنية في وقت الحرب, فله دور التأسيس و سلطة التشريع و مراقبة الحكومة. أما المادة 10 من نفس القانون فإنها تمنح له منح ثقته للحكومة ,التي تكون مسؤولة أمامه.
أما المادة 11 فتعطي للمجلس صلاحية المصادقة على بأغلبية 3/2 على الاتفاقيات الدولية التي تبرمها الحكومة المؤقتة.
عند مناقشة مسألة مشروعية نيابة أعضاء المجلس الوطني للثورة فإن هذه القضية لا يمكن تشبيهها بأي تمثيل عادي للشعب في أي نظام , وإنما أعضاء المجلس يستمدون مشروعيتهم إلى جانب الانتخابات -لأن أغلبهم كانوا و رغم تزوير السلطة الفرنسية قد حصلوا على ثقة الشعب - قد برهنوا بحملهم للسلاح على تمسكهم بمبادئ الثورة و الحفاظ على مصالح الشعب .
لجنة التنسيق و التنفيذ CCEلقد
لقد مثلت السلطة التنفيذية في الجزائر على التوالي من طرف لجنة التنسيق و التنفيذ ثم الحكومة المؤقتة .
لقد تكونت لجنة التنسيق و التنفيذ في البداية من 05 أعضاء و كانت مسؤولة أمام المجلس. و قد مارست مهامها في البداية على التراب الوطني لمدة سنة واحدة ثم اضطرت نتيجة لظروف الحرب ,خاصة بعد حادثة اختطاف الطائرة للعمل بالخارج. إرتفع عدد أعضائها إلى 09 أعضاء في المؤتمر الثاني الذي أنعقد بالقاهرة سنة 1957. ففي بداية 1958 تهيكلت اللجنة في 08 أقسام متخصصة , فلم يكن هذا التقسيم السبب الوحيد الذي أعطاها طابعا حكوميا و إنما العلاقات التي نسجتها مع دول صديقة التي لم تعتبرها فقط كممثلة شرعي للشعب الجزائري بل اعطتها مكانتها كحكومة.
ففي سبتمبر 1958 و بتفويض من المجلس الوطني للثورة الجزائرية تشكلت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية حيث نصت المادة 22 من القانون الأساسي لمؤسسات الثورة تقوم بالسلطة التنفيذية إلى غاية تحرير التراب الوطني و تثبيت المؤسسات الدائمة. و تكون هذه الحكومة مسؤولة أمام المجلس بحيث تقوم بالمهام التنفيذية ,تناقش و تصوت على الميزانية, توظف في المهام العسكرية العليا و المهام المدنية الهامة, مكلفة بالوظيفة الدبلوماسية أما فيما يخص المصادقة على المعاهدات فهي من اختصاص المجلس. و يمكن الجمع بين العضوية في المجلس و الحكومة المؤقتة معا.
قيادة أركان جيش التحرير الوطني
إن التركيز على النصوص القانونية التي تحدد مهام كل من المجلس الوطني للثورة و الحكومة المؤقتة قد يوقعنا في التحليل السطحي الذي لا يمكننا من معرفة مختلف مستويات السلطة التي كانت موجودة إبان تكوين الدولة الجزائرية . إذ لا بد أن لاننسى بأن هذه الدولة قد تكونت في ظروف خاصة اي حرب التحرير الوطني . فالمادة 23 من القانون المذكور أنفا تؤكد على أن المؤقتة الحكومة مسؤولة على قيادة حرب التحرير . فإذا كانت الأولوية الأولى قد أعطيت للحرب كأداة لتأسيس الدولة الجزائرية , فإنه من الصعب أن تكون مرتبة أداة هذه الحرب أي جيش التحرير بقيادته العامة و على رأسها العقيد هواري بومدين متأخرة أو حتى الثانية في سلم المؤسسات .
لقد تأسس أركان جيش التحرير بعد مؤتمر طرابلس 1959 أين قرر المجلس تأسيسه و عين أعضاءه من قبل الحكومة المؤقتة. إن أهمية قيادة الأركان في الحرب جعلت منه بمثابة دولة داخل دولة. رغم إن المؤتمر الأول للجبهة قد أقر أهمية السياسي على العسكري إلا أن الواقع كان عكس ذلك مما أذى إلا أزمة سياسية . فلقد كانت الحكومة تمارس السلطة التنفيذية علي المستوى النظري فقط لأن تمركز الجيش على الحدود التونسية و المغربية قد أعطي لقيادة الأركان الأولوية و المكانة الأولى علي هرم المؤسسات , فتكلم محمد حربي عن إزدواجية في السلطة حيث مالت الكفة في النهاية إلى جهة قيادة الأركان. و تأكدت أهمية قيادة الأركان في سلم مؤسسات الثورة من خلال اضطلاع جيش التحرير الوطني على السلطة القضائية .ففي فيفري 1960 أصدرت الحكومة المؤقتة قانون المحكمة العسكرية و أنشأت عدة محاكم عسكرية دائمة تحاكم المدنين كذلك .إذا ففي سياق حرب التحرير الوطني نجد أن الجيش قد احتل مكانة سياسية متميزة و التي بقيت إلى غاية الاستقلال.
الـــمرحـلـــة الانــتــقــالـــيــة : في اجتماع المجلس الوطني الطارئ المنعقد من 22 إلى 27 فيفري 1962 وافق بالإجماع على مشروع الاتفاق المعد في روسيا , ثم استأنف بعد ذلك الطرفين اللقاء في فيان في مارس من نفس السنة أين تشكلت المرحلة الانتقالية و تأسيس الجهاز التنفيذي المؤقت و القوة المحلية و تم تحديد موعد الانتخابات و عدد اللاجئين و دخول الجيش المتواجد في الحدود إلىالجزائر .فقام الجهاز التنفيذي بتنظيم عملية الاستفتاء في 01 جويلية 1962 الذي بموجبه اعترفت فرنسا باستقلال و سيادة الجزائر . و قد تميزت تلك المرحلة بسيطرة الجبهة على الهيئة التنفيذية المؤقتة بغرض ضمان الأمن و تنظيم انتخابات المجلس التأسيسي الذي سيتولى و ضع الدستور. و قد تميزت المرحلة بحدوث خلاف بين قادة الثورة حول السلطة والنظام.
أزمــة صــائـــفــة 1962 : حينما كانت الهيئة التنفيذية المؤقتة تواجه المنظمة العسكرية و مشاكل الهجرة و انسحاب الجيش الفرنسي و قع خلاف بين الحكومة المؤقتة بقيادة بن يوسف بن خدة و قيادة الأركان , أدى ببن خدة إلى مغادرة طرابلس في 07 جوان 1962 متوجها إلى تونس قبل انتهاء أشغال دورة المجلس الوطني للثورة الجزائرية و الذي كان جدول أعماله يتمحور حول تحويل الجبهة إلى حزب و انتخاب مكتب سياسي . وقد توصل المجلس إلى وضع هياكل للحزب و إنشاء مجلس تأسيسي عن طريق الانتخابات بعد تقرير المصير يتولى إعداد دستور للبلاد , التشريع باسم الشعب و تعين الحكومة . و خلال مناقشات المجلس أصدر قادة الولايات بيان يطالبون فيه باستقالة بن خدة الذي بقي يعتبر حكومته ممثلة للشعب لعدم تمكن المجلس الإطاحة بها رغم تعرضها الانتقادات اللاذعة .فضلا عن كونه لم يقترح لعضوية المكتب السياسي مع أنه كان المفوض من المجلس للتفاوض مع فرنسا باسم الجبهة و الشعب الجزائري , و على إثر ذلك أصدرت الحكومة في 28 جوان قرارها بحل قيادة الأركان و عزل العقيد هواري بومدين و الرائد منجلي و سليمان. فكان هذا القرار من أكبر الأخطاء التي ارتكبتها الحكومة لأن الظروف قد أمالت كفة القوة المادية ,الأمر الذي تفطنت له جماعة بن بلة و الذي عارض القرار و أيدته هيئة لأركان الغرب في وجدة . إذ بمجرد صدور القرار بعزل قادة أركان الجيش وجدت الحكومة نفسها معزولة و لا تملك أية سلطة فعلية هذا ما يبرر عجزها بعد دخولها العاصمة في 03 جويلية على قيادتها للجهاز الإداري. و قد تضاعفت الأزمة على إثر إنشاء المكتب السياسي في تلمسان بتاريخ 22-07-1962 و رفضته الحكومة المؤقتة .
دخل بن بلة العاصمة في 03 أوت 62 و معه أعضاء المكتب السياسي ثم أجلت الانتخابات بسبب الموقف العسكري للولاية الرابعة , الأمر الذي دفع ببن بلة إصدار أوامر للقوات المؤيدة له بالسير نحو العاصمة في 03 سبتمبر . تلا ذلك مباشرة اتفاق بين المكتب السياسي و الولايتين الثالثة و الرابعة يقضي بوقف النار في 03 -09 و نزع السلاح من العاصمة و تنظيم انتخابات في أقرب الآجال و هو ما حدد فعلا في 20-09-62, بعد دخول بومدين العاصمة.فتولى المجلس الـتأسيسي مهامه بعد أن نقلت الهيئة التنفيذية المؤقتة سلطتها له. و تم على إثر ذلك تعين أول حكومة جزائرية عادية برئاسة أحمد بن بلة التي نالت ثقة المجلس بعد تسعة أيام من الانتخابات . فعادت المشروعية المتنازع عنها مند مؤتمر طرابلس إلى المجلس التأسيسي و الحكومة إلى جانب إعداد و التصويت على الدستور. كما أعطيت للمجلس التأسيسي سلطة التشريع,فأصبح هو صاحب الاختصاص في التشريع و بدون قيود سواء بتعديل أو إلغاء النصوص السابقة أو بسن ما يراه ضروري للسير الحسن لمؤسسات و أجهزة الدولة . لكن الممارسة أثبتت العكس بحيث أن هياكل المجلس لم تتمكن من القيام بمهامها خاصة اللجان تأجيل أشغالها بسبب عدم وصول الإستدعاءات و تغيب الوزراء على اجتماعاتها.
في الحقيقة أن الاعتماد على الأدوات القانونية الكلاسيكية لا تمكننا من معرفة أسباب هذا الضعف ذلك أن النظام السياسي الجزائري في هذه المرحلة كان يتميز باتجاهين رئيسين:
أحدهما ليبرالي بقيادة فرحات عباس و أيت أحمد و الثاني متأثر بالأفكار الاشتراكية التي جعلت من الحزب القائد و الموجه و المحدد لاختيارات البلاد بزعامة أحمد بن بلة و المكتب السياسي.
إعداد الدستور تأخر المجلس في إعداد الدستور بسبب الخلافات الداخلية و العراقيل التي اعترضته تاركا المجال للمكتب السياسي ,بتأييد من بن بلة الذي عارض تدخل النواب لتغير مشروع الدستور لأن ذلك إقرار بمنافستهم للحزب الذي أراده قويا.و هذا ما أذى إلى معارضة فرحات عباس و استقالته من رئاسة المجلس التأسيسي , و اختار أيت احمد المعارضة فأسس حزب جبهة القوى الاشتراكية و نظم مقامة مسلحة في القبائل.
و قد تم إعداد الدستور في جويلية 1963 من طرف المكتب السياسي و طرح للمناقشة على الندوات الجهورية للإطارات و عرض على الشعب للاستفتاء في 08 سبتمبر 1963 . و بذلك ظهر أول دستور للجمهورية الجزائرية المستقلة مكرسا تفوق المكتب السياسي و ضعف المجلس التأسيسي.
محاضرات الاستاذة "فريمش" جامعة منتوري قسنطينة ،كلية الحقوق قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية
المؤسسات السياسية و الإدارية في الجزائر ( LMD)
تقديم : إنه من الصعب إختزال كل ما كنا نتناوله كمادة علمية في سنة دراسية كاملة في سداسي واحد فقط مع طلبة (LMD) و بالتالي فكرت في تغير منهجية تدريس هذه المادة و إختصار بعض المواضيع التي كنت أتناولها مع طلبة الليسانس الكلاسيك بشكل من الإسهاب و التفصيل . فالمنهجية المستعملة هنا تعتمد على المقترب التحاوري interactive Approach مع حث الطلبة على القيام ببحوث لإثراء المواضيع المختصرة . أما عن محتوى المادة فهي تقريبا نفسها التي كنت أعطيها لطلبة الكلاسيك مع إدخال تغيرات في شكل المحاضرات التي صغتها بشكل جديد يخدم قصر و ضيق الوقت و روح LMD .
المحاضرة الأولى : تأسيس الدولة الجزائرية
المحاضرة الثانية .: تطور المِؤسسة التنفيذية عبر مختلف الدساتير التي عرفتها الجزائر( لماذا نتكلم عن مؤسسات و ليس سلطات ؟لأننا سنجدها في دساتير تسمى بوظائف كما هو الحال في دستور 76 . كما نجدها في بعض الأوقات غير منتخبة و لا تخضع لأحكام الدستور و هذا عند توقيف العمل بالدستور (65, 92,) و ينطبق هذا أيضا على المؤسسة التشريعية .
المحاضرة الثانية : تطور المؤسسة التشريعية مختلف الدساتير التي عرفتها الجزائر
المحاضرة الثالثة: المؤسسة الرقابية ( المجلس الدستوري في مختلف دساتير الجزائر)
المحاضرة الرابعة : الأحزاب السياسية في النظام السياسي الجزائري
المحاضرة الأولى : تأسيس الدولة الجزائرية
إن الحديث عن دولة جزائرية الحديثة يرجعه اغلب المؤرخين إلى دولة الأمير عبد القادر و تنظيمها المتميز , لكن نواة الدولة الجزائرية تعود إلى ثورة التحرير الوطني و تأسيس ما يسمي بمؤسسات الثورة المنبثقة عن مؤتمر الصومام 1956 .لكن قبل ذلك عرف الكفاح السياسي في شكل الحركة الوطنية بعد الإحباط الذي عرفه الكفاح المسلح في صورته كمقاومة شعبية في القرن 19.
1-الحركة الوطنية:
مع نهاية الحرب العالمية الثانية بدأ المجتمع الجزائري يعرف نشاط سياسيا و إجتماعيا خاصة سنة 1912 و تأسيس بيان الشاب الجزائري بقيادة الأمير خالد. ثم ميلاد نجم شمال إفريقيا سنة 1926 الذي يعتبر أول فسيلة لتيار وطني يطالب بالانفصال التام على فرنسا بقيادة مصالي الحاج. و من بين أهم التيارات السياسية التي كانت الأكثر نشاطا خاصة بعد الحرب العالمية الثانية و حدوث مجازر الثامن ماي 1945.
1- الإتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري UDMA(1946)
تأسست الحركة عام 1946 من قبل فرحات عباس, المنفتح على الأوروبيين. و الذي كان يهدف إلى تأسيس دولة تابعة لفرنسا .
أغلب أعضاء الحركة هم الأعيان الإندماجيون غير المنفتحون على أمال و تطلعات الشعب . تحارب الحركة على جبهتين :1- ضد الكولون المحافظون.
a. ضد الوطنين الشعبيين.
متمركزة أكثر في المدن الكبرى كقسنطينة و تلمسان.
2-الحزب الشيوعي الجزائري:PCA (1936-1955)
تأسس سنة 1936 كوريث الفدرالية الجزائرية للحزب الشيوعي الفرنسي. ومنه فهو أقدم حزب بالمعنى الحديث. متكون من أوروبيين و مسلمين . أعتبر كحزب وسط ووجد في أغلب مواقفه إلى جانب القوى المؤيدة للبرجوازية. ساند سنة 1936 مشروع بلوم violet القاضي بمنح الجنسية الجزائرية للنخبة. و طالب سنة 1954 بقمع الوطنية الشعبية.
3-جمعية العلماء المسلمين (1931-1956)
دعت إلى الإصلاح الديني و التربوي و الحل السلمي للقضية الجزائرية, دون الانقطاع مع الأطر المؤسساتية الفرنسية . تأسست على يد الشيخ عبد الحميد إبن باديس . ثم خلفه البشير الإبراهيمي سنة 1950 تعد موته, الذي اختار لنفسه المنفى إلى المشرق ليليه بعد ذلك العربي التبسي .
4-الحركة من أجل إنتصار الحريات الديمقراطيةLTMD
تأسست سنة 1946 من طرف مصالي الحاج كامتداد لنجم شمال إفريقيا (1936-1937) و حزب الشعب (1936-1939). يطالب بالاستقلال التام . و كان يضم شرائح شبابية واسعة إلى جانب المهاجرين و البرجوازية الصغيرة في المدن الكبرى و عامة الشعب .مستعدا للاستعمال العنف من أجل الحصول على الاستقلال.
2-مؤسسات الثورة الجزائرية
فمع اندلاع الثورة قسمت جبهة التحرير الوطني في جويلية 1954 البلاد إلى خمسة مناطق وهي : الأوراس ,الشمال القسنطيني، القبائل , الجزائر و وهران .إلا أن المرحلة الممتدة بين 1954-1956 لم يكن تنظيم الجبهة واضحا إذ لم يكن هناك تقسيم واضحا للمهام أن المهام السياسية و العسكرية و الإدارية لم تكن مفصولة عن بعضها البعض و كان للمسؤولي المناطق الوسائل المادية و البشرية المتواضعة والغير كافية للأداء مهامهم . فقد كانوا يقودون المعارك في الميدان و يقومون بالمهام السياسية و يفسرون أهداف الكفاح و يجمعون الأموال إلى جانب أعمال السكرتارية و تحرير المراسلات و المناشير .لكن مع أول مؤتمر لها و هو مؤتمر الصومام الذي كان في 20 أوت 1956 أنشأت الجبهة مؤسساتها التي أعطتها طابعها كدولة. و أصبحت الجبهة ممثلة في جميع مناطق البلاد : في كل قرية و حي و مؤسسة ....الخ فأعاد مؤتمر الصومام تقسيم المناطق الخمسة القديمة إلى ستة ولايات وهي:
الولاية الأولى و تشمل منطقة الأوراس أي باتنة, تبسة,عين البيضاء ,الونزةو خنشلة.
الولاية الثانية و تشمل الشمال القسنطيني أي قسنطينة، عنابة، سكيكدة, جيجل, قالمة, وسوق أهراس.
الولاية الثالثة و تشمل منطقة القبائل أي تيزي وزو, بجاية, سطيف, البويرة, غزازقة,و أقبو.
الولاية الرابعة و تشمل منطقة العاصمة وهي الجزائر, بليدة , مدية, مليانة ,شرشال , تنس, الأصنام.
الولاية الخامسة و تشمل منطقة وهران أي وهران, تلمسان, مستغانم, نضرومة،مغنية, معسكر,و تيارت , أفلو و سعسدة.
الولاية السادسة و تشمل منطقة الصحراء أي الجلفة ,الأغواط,غرداية,بوسعادة,بسكرة, حاسي مسعود,ورقلة,توقرت,الوادي.
وقد قسمت كل ولاية إلى مناطق ثم ناحية فقسمة....الخ.
لقد أعتبر مؤتمر الصومام المؤسس للنواة الأولى للدولة الجزائرية تنظيما فلقد انبثقت عنه مؤسستين و هما:المجلس الوطني للثورة الجزائرية CNRA الذي أعتبر ممثلا للشعب أي كسلطة تشريعية. ولجنة التنسيق و التنفيذ CCE التي انبثقت عنها الحكومة الجزائرية المؤقتة والتي كان لها المهام التنفيذية , تنسيق العمل و تنفيذ قرارات المجلس ثم إبتداءا من سنة 1959 تأسست القيادة العامة لأركان جيش التحرير الوطني و التي أصبح لها الدور الرئيسي الذي قادها إلى منافسة الحكومة المؤقتة.
المجلس الوطني للثورة الجزائرية CNRA: يعتبر ممثلا للشعب و معبرا عن إرادته و سيادته . يحدد سياسة الجبهة و يوجهها . بلغ عدد أعضائه في المؤتمر الأول للجبهة 34 عضوا .17 عضوا دائما و باقي الأعضاء مؤقتين و قد ارتفع هذا العدد أثناء المؤتمر الثاني بالقاهرة سنة 1957 إلى 50 عضوا .لكن المؤتمر الثالث الذي انعقد في طرابلس كان الأكثر أهمية نتيجة القرارات التي اتخذت به ,إذ تم إقرار مبدأ تعين المستشارين الوطنيين إلى جانب إعادة التذكير بالطابع المؤقت للمؤسسات الوطنية و ضرورة إجراء اقتراع عام كطريقة لتشكيل السلطة التشريعية بعد الاستقلال كما أقر كذلك بإمكانية الاحتفاظ بأعضائه في انتظار المؤتمر التالي للجبهة .
إن المادة 28 من قانون الجبهة تنص علي :أن 3/2 علي الأقل من أعضاء المجلس يجب أن داخل التراب الوطني. أما المادة 08 من قانون المؤسسات المؤقتة للجمهورية الجزائرية تقر بأن المجلس معبر عن السيادة الوطنية في وقت الحرب, فله دور التأسيس و سلطة التشريع و مراقبة الحكومة. أما المادة 10 من نفس القانون فإنها تمنح له منح ثقته للحكومة ,التي تكون مسؤولة أمامه.
أما المادة 11 فتعطي للمجلس صلاحية المصادقة على بأغلبية 3/2 على الاتفاقيات الدولية التي تبرمها الحكومة المؤقتة.
عند مناقشة مسألة مشروعية نيابة أعضاء المجلس الوطني للثورة فإن هذه القضية لا يمكن تشبيهها بأي تمثيل عادي للشعب في أي نظام , وإنما أعضاء المجلس يستمدون مشروعيتهم إلى جانب الانتخابات -لأن أغلبهم كانوا و رغم تزوير السلطة الفرنسية قد حصلوا على ثقة الشعب - قد برهنوا بحملهم للسلاح على تمسكهم بمبادئ الثورة و الحفاظ على مصالح الشعب .
لجنة التنسيق و التنفيذ CCEلقد
لقد مثلت السلطة التنفيذية في الجزائر على التوالي من طرف لجنة التنسيق و التنفيذ ثم الحكومة المؤقتة .
لقد تكونت لجنة التنسيق و التنفيذ في البداية من 05 أعضاء و كانت مسؤولة أمام المجلس. و قد مارست مهامها في البداية على التراب الوطني لمدة سنة واحدة ثم اضطرت نتيجة لظروف الحرب ,خاصة بعد حادثة اختطاف الطائرة للعمل بالخارج. إرتفع عدد أعضائها إلى 09 أعضاء في المؤتمر الثاني الذي أنعقد بالقاهرة سنة 1957. ففي بداية 1958 تهيكلت اللجنة في 08 أقسام متخصصة , فلم يكن هذا التقسيم السبب الوحيد الذي أعطاها طابعا حكوميا و إنما العلاقات التي نسجتها مع دول صديقة التي لم تعتبرها فقط كممثلة شرعي للشعب الجزائري بل اعطتها مكانتها كحكومة.
ففي سبتمبر 1958 و بتفويض من المجلس الوطني للثورة الجزائرية تشكلت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية حيث نصت المادة 22 من القانون الأساسي لمؤسسات الثورة تقوم بالسلطة التنفيذية إلى غاية تحرير التراب الوطني و تثبيت المؤسسات الدائمة. و تكون هذه الحكومة مسؤولة أمام المجلس بحيث تقوم بالمهام التنفيذية ,تناقش و تصوت على الميزانية, توظف في المهام العسكرية العليا و المهام المدنية الهامة, مكلفة بالوظيفة الدبلوماسية أما فيما يخص المصادقة على المعاهدات فهي من اختصاص المجلس. و يمكن الجمع بين العضوية في المجلس و الحكومة المؤقتة معا.
قيادة أركان جيش التحرير الوطني
إن التركيز على النصوص القانونية التي تحدد مهام كل من المجلس الوطني للثورة و الحكومة المؤقتة قد يوقعنا في التحليل السطحي الذي لا يمكننا من معرفة مختلف مستويات السلطة التي كانت موجودة إبان تكوين الدولة الجزائرية . إذ لا بد أن لاننسى بأن هذه الدولة قد تكونت في ظروف خاصة اي حرب التحرير الوطني . فالمادة 23 من القانون المذكور أنفا تؤكد على أن المؤقتة الحكومة مسؤولة على قيادة حرب التحرير . فإذا كانت الأولوية الأولى قد أعطيت للحرب كأداة لتأسيس الدولة الجزائرية , فإنه من الصعب أن تكون مرتبة أداة هذه الحرب أي جيش التحرير بقيادته العامة و على رأسها العقيد هواري بومدين متأخرة أو حتى الثانية في سلم المؤسسات .
لقد تأسس أركان جيش التحرير بعد مؤتمر طرابلس 1959 أين قرر المجلس تأسيسه و عين أعضاءه من قبل الحكومة المؤقتة. إن أهمية قيادة الأركان في الحرب جعلت منه بمثابة دولة داخل دولة. رغم إن المؤتمر الأول للجبهة قد أقر أهمية السياسي على العسكري إلا أن الواقع كان عكس ذلك مما أذى إلا أزمة سياسية . فلقد كانت الحكومة تمارس السلطة التنفيذية علي المستوى النظري فقط لأن تمركز الجيش على الحدود التونسية و المغربية قد أعطي لقيادة الأركان الأولوية و المكانة الأولى علي هرم المؤسسات , فتكلم محمد حربي عن إزدواجية في السلطة حيث مالت الكفة في النهاية إلى جهة قيادة الأركان. و تأكدت أهمية قيادة الأركان في سلم مؤسسات الثورة من خلال اضطلاع جيش التحرير الوطني على السلطة القضائية .ففي فيفري 1960 أصدرت الحكومة المؤقتة قانون المحكمة العسكرية و أنشأت عدة محاكم عسكرية دائمة تحاكم المدنين كذلك .إذا ففي سياق حرب التحرير الوطني نجد أن الجيش قد احتل مكانة سياسية متميزة و التي بقيت إلى غاية الاستقلال.
الـــمرحـلـــة الانــتــقــالـــيــة : في اجتماع المجلس الوطني الطارئ المنعقد من 22 إلى 27 فيفري 1962 وافق بالإجماع على مشروع الاتفاق المعد في روسيا , ثم استأنف بعد ذلك الطرفين اللقاء في فيان في مارس من نفس السنة أين تشكلت المرحلة الانتقالية و تأسيس الجهاز التنفيذي المؤقت و القوة المحلية و تم تحديد موعد الانتخابات و عدد اللاجئين و دخول الجيش المتواجد في الحدود إلىالجزائر .فقام الجهاز التنفيذي بتنظيم عملية الاستفتاء في 01 جويلية 1962 الذي بموجبه اعترفت فرنسا باستقلال و سيادة الجزائر . و قد تميزت تلك المرحلة بسيطرة الجبهة على الهيئة التنفيذية المؤقتة بغرض ضمان الأمن و تنظيم انتخابات المجلس التأسيسي الذي سيتولى و ضع الدستور. و قد تميزت المرحلة بحدوث خلاف بين قادة الثورة حول السلطة والنظام.
أزمــة صــائـــفــة 1962 : حينما كانت الهيئة التنفيذية المؤقتة تواجه المنظمة العسكرية و مشاكل الهجرة و انسحاب الجيش الفرنسي و قع خلاف بين الحكومة المؤقتة بقيادة بن يوسف بن خدة و قيادة الأركان , أدى ببن خدة إلى مغادرة طرابلس في 07 جوان 1962 متوجها إلى تونس قبل انتهاء أشغال دورة المجلس الوطني للثورة الجزائرية و الذي كان جدول أعماله يتمحور حول تحويل الجبهة إلى حزب و انتخاب مكتب سياسي . وقد توصل المجلس إلى وضع هياكل للحزب و إنشاء مجلس تأسيسي عن طريق الانتخابات بعد تقرير المصير يتولى إعداد دستور للبلاد , التشريع باسم الشعب و تعين الحكومة . و خلال مناقشات المجلس أصدر قادة الولايات بيان يطالبون فيه باستقالة بن خدة الذي بقي يعتبر حكومته ممثلة للشعب لعدم تمكن المجلس الإطاحة بها رغم تعرضها الانتقادات اللاذعة .فضلا عن كونه لم يقترح لعضوية المكتب السياسي مع أنه كان المفوض من المجلس للتفاوض مع فرنسا باسم الجبهة و الشعب الجزائري , و على إثر ذلك أصدرت الحكومة في 28 جوان قرارها بحل قيادة الأركان و عزل العقيد هواري بومدين و الرائد منجلي و سليمان. فكان هذا القرار من أكبر الأخطاء التي ارتكبتها الحكومة لأن الظروف قد أمالت كفة القوة المادية ,الأمر الذي تفطنت له جماعة بن بلة و الذي عارض القرار و أيدته هيئة لأركان الغرب في وجدة . إذ بمجرد صدور القرار بعزل قادة أركان الجيش وجدت الحكومة نفسها معزولة و لا تملك أية سلطة فعلية هذا ما يبرر عجزها بعد دخولها العاصمة في 03 جويلية على قيادتها للجهاز الإداري. و قد تضاعفت الأزمة على إثر إنشاء المكتب السياسي في تلمسان بتاريخ 22-07-1962 و رفضته الحكومة المؤقتة .
دخل بن بلة العاصمة في 03 أوت 62 و معه أعضاء المكتب السياسي ثم أجلت الانتخابات بسبب الموقف العسكري للولاية الرابعة , الأمر الذي دفع ببن بلة إصدار أوامر للقوات المؤيدة له بالسير نحو العاصمة في 03 سبتمبر . تلا ذلك مباشرة اتفاق بين المكتب السياسي و الولايتين الثالثة و الرابعة يقضي بوقف النار في 03 -09 و نزع السلاح من العاصمة و تنظيم انتخابات في أقرب الآجال و هو ما حدد فعلا في 20-09-62, بعد دخول بومدين العاصمة.فتولى المجلس الـتأسيسي مهامه بعد أن نقلت الهيئة التنفيذية المؤقتة سلطتها له. و تم على إثر ذلك تعين أول حكومة جزائرية عادية برئاسة أحمد بن بلة التي نالت ثقة المجلس بعد تسعة أيام من الانتخابات . فعادت المشروعية المتنازع عنها مند مؤتمر طرابلس إلى المجلس التأسيسي و الحكومة إلى جانب إعداد و التصويت على الدستور. كما أعطيت للمجلس التأسيسي سلطة التشريع,فأصبح هو صاحب الاختصاص في التشريع و بدون قيود سواء بتعديل أو إلغاء النصوص السابقة أو بسن ما يراه ضروري للسير الحسن لمؤسسات و أجهزة الدولة . لكن الممارسة أثبتت العكس بحيث أن هياكل المجلس لم تتمكن من القيام بمهامها خاصة اللجان تأجيل أشغالها بسبب عدم وصول الإستدعاءات و تغيب الوزراء على اجتماعاتها.
في الحقيقة أن الاعتماد على الأدوات القانونية الكلاسيكية لا تمكننا من معرفة أسباب هذا الضعف ذلك أن النظام السياسي الجزائري في هذه المرحلة كان يتميز باتجاهين رئيسين:
أحدهما ليبرالي بقيادة فرحات عباس و أيت أحمد و الثاني متأثر بالأفكار الاشتراكية التي جعلت من الحزب القائد و الموجه و المحدد لاختيارات البلاد بزعامة أحمد بن بلة و المكتب السياسي.
إعداد الدستور تأخر المجلس في إعداد الدستور بسبب الخلافات الداخلية و العراقيل التي اعترضته تاركا المجال للمكتب السياسي ,بتأييد من بن بلة الذي عارض تدخل النواب لتغير مشروع الدستور لأن ذلك إقرار بمنافستهم للحزب الذي أراده قويا.و هذا ما أذى إلى معارضة فرحات عباس و استقالته من رئاسة المجلس التأسيسي , و اختار أيت احمد المعارضة فأسس حزب جبهة القوى الاشتراكية و نظم مقامة مسلحة في القبائل.
و قد تم إعداد الدستور في جويلية 1963 من طرف المكتب السياسي و طرح للمناقشة على الندوات الجهورية للإطارات و عرض على الشعب للاستفتاء في 08 سبتمبر 1963 . و بذلك ظهر أول دستور للجمهورية الجزائرية المستقلة مكرسا تفوق المكتب السياسي و ضعف المجلس التأسيسي.
الأحد نوفمبر 27, 2022 9:16 pm من طرف Faizafazo
» برنامج احترافي في تنقيط التلاميذ تربية بدنية ورياضية وكل ما يحتاجه استاذ التربية البدنية والرياضية في المتوسط
الأحد يونيو 27, 2021 7:33 pm من طرف تمرت
» مفاهيم عامة .الاعلام و الاتصال
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:51 am من طرف المشرف العام
» نظريات الاعلام وحرية الصحافة و علاقة الصحافة بالسلطة
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:50 am من طرف المشرف العام
» نشأة وتطور الصحافة في العالم و الوطن العربي
الجمعة يناير 15, 2021 11:48 am من طرف المشرف العام
» ترحيب و تعارف
السبت يونيو 13, 2020 10:39 pm من طرف صقر السردي
» كتب تاريخ الجزائر في القديم والحديث
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الثورة الجزائرية ،"ثورة المليون و نصف المليون شهيد"
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الادارة وتعريفها
السبت مايو 16, 2020 3:28 pm من طرف المشرف العام
» مقياس :تاريخ وسائل الاعلام
السبت مايو 16, 2020 2:57 pm من طرف المشرف العام