• د/ احمد-البغداي
حقوق الإنسان في العصر الحديث غدت عالمية الطابع وهي في طريقها إلى العولمة. وليس من المبالغة القول أن العولمة قد تمثل الأمل الأخير للإنسانية التي تنتهك حرياتها وحقوقها في بقاع العالم الثالث.
ماذا نعني بالعالمية ؟ وبم تختلف العالمية عن العولمة؟ يقصد بالعالمية المعاصرة أن حقوق الإنسان ما عادت أسيرة مفهوم السيادة الوطنية. إذ من الملاحظ أن إعلان حقوق الإنسان الذي تبنته الأمم المتحدة في العاشر من ديسمبرعام 1948 ظل لفترة طويلة، منطقة خاصة للدولة لا تسمح مفاهيم السيادة الوطنية باختراقها.فالدول الوطنية المعاصرة تتعامل مع قضية حقوق الإنسان على مستويين المستوى الأول، الإعلان الظاهري باحترام هذه الحقوق على المستوى الدولي. والمستوى الثاني، الانتهاك السري والقانوني داخلياً لهذه الحقوق. فالانتهاك السري يتمثل من خلال الاعتقال العشوائي وزوار الفجر وممارسة التعذيب في أقبية مباحث أمن الدولة، ومنع الحريات أو التطبيق عليها. أما الانتهاك العلني فيتمثل في التشريعات القانونية التي تتعارض مع حقوق الانسان مثل منع حرية التعبير ومنع التجمع والحد من التنقل ومراقبة المطبوعات... إلخ
ان المجتمع العالمي من خلال منافذه الأوروبية والأمريكية، يعلم بكل هذه التجاوزات والانتهاكات لحقوق الإنسان داخل دول العالم الثالث. لكن لا تملك هذه الدول الآلية الدولية اللازمة لمعاقبة الدول التي تقوم بهذه الانتهاكات، ذلك أن هذه الدول تحتج بمبادئ السيادة الوطنية التي نص ميثاق الأمم المتحدة على احترامها. لذلك كان الحل يتمثل في وضع هذه الدول تحت الأضواء العالمية لتراها كل الأمم وكتابة التقارير عنها، والهدف من ذلك خلق الضغوطات الدولية والنفسية على هذه الدول لتصحيح مسار تعاملها مع مسألة حقوق الإنسان، وذلك من خلال المنظمات واللجان ذات الطابع الدولي التي تنحصرمهمتها في مراقبة مدى التزام كل دولة بحقوق الإنسان ونشر تلك المراقبة في تقارير دولية، و بذلك دخلت ممارسة حقوق الانسان مجال العالمية.
إن تقرير لجنة منظمة العفو الدولية السنوي قد أصبح يثير الرعب في قلوب صانعي القرار في كثير من الدول، كما أصبح يثير الكثير والكثير من اللغط الدولي ضد هذه الدول أو يضعها في دائرة الحرج الذي لا فكاك منه، وبذلك أصبحت هذه الدول التي تنتهك حقوق الإنسان دولاً مجرمة في نظر العالم.
وامتد نطاق العالمية لحقوق الإنسان ليشمل الحقوق المدنية التي لا تمارسها الدولة أو لا تسمح للأفراد بممارستها في النطاق المدني مثل- حق التعليم، وحق العلاج الطبي، والمساواة ، والكرامة والحصول على محاكمة عادلة، وقانونية الإجراءات، وحقوق الاقليات، والحرية الدينية، وحرية الرأي ... الخ والحقوق السياسية، وحقوق الأطفال... الخ.
أدى نشر نشاط كل دولة في مجال حقوق الإنسان تطوراً وتردياً وانتهاكا لى كسر حلقة السيادة الوطنية لمحيطة بهذء الحقوق سواء في الدول لتي لا تتعامل مع مسألة حقوق لإنسان بأسلوب إنساني شبه متكامل أم تلك التي تنتهك هذه الحقوق، وأصبحت الدولة الوطنية تعيش بلاء حقيقيا بسبب هذه التقارير الدولية... لماذ ا؟
لأن هذه التقارير تتسم بالصدق والجدية ولا تستطيع أية دولة الطعن بمصداقيتها وكذلك لأن هذه التقارير تجد طريقها إلى كل الأفراد والمنظمات، فضلاً عن الصحف العالمية، بتعبير مختصر تعيش الدولة محل الانتقاد فى مجال حقوق الإنسان "فضيحة بجلاجل " كما يقول المثل الشعبي وعلى الدولة المعنية التخفيف قدر الامكان من حدة هذه الفضيحة. ولا مجال لها سوى "تعديل " ممارساتها وسلوكياتها تجاه حقوق الانسان، كما أصبح عليها واجب أو مهمة تحسين صورتها في التقرير القادم ومع سقوط الأنظمة الشيوعية وتفرد الفكر الليبرالي بالساحة الدولية أصبحت المشكلة أكثر تعقيداً، حيث أصبحت هذه الدولة فاقدة لأي تأييد دولي وما عاد بإمكانها " اللعب على حبال الحرب الباردة، لقد أصبح واجباً على كل دولة أن تتبنى الديمقراطية لأن ذلك هو السبيل الوحيد للحصول على المساعدات الغربية إذ أصبح السلوك الدولي في مجال حقوق الإنسان بمثابة شهادة دولية يجب على معظم الدول الحصول عليها.
كل ذلك لم يمنع من استمرار انتهاكات حقوق الإنسان لكن الصورة حسنت كثيرا عما قبل، حيث أصبحت لساحة الوطنية ممثلة بالسيادة كشوفة أمام العالم فيما لو استخدمت لأغراض سيئة تجاه حقوق الإنسان، ومع ذلك لا تزال بعض الدول خارجة عن نطاق الكشف كالعراق مثلا، حتى جاءت الأقمار الصناعية.
•
د/ احمد-البغداي الموقع : http://www.balagh.com/islam/2q0oq9i9.htm
تاريخ الاطلاع 16.01.08
حقوق الإنسان في العصر الحديث غدت عالمية الطابع وهي في طريقها إلى العولمة. وليس من المبالغة القول أن العولمة قد تمثل الأمل الأخير للإنسانية التي تنتهك حرياتها وحقوقها في بقاع العالم الثالث.
ماذا نعني بالعالمية ؟ وبم تختلف العالمية عن العولمة؟ يقصد بالعالمية المعاصرة أن حقوق الإنسان ما عادت أسيرة مفهوم السيادة الوطنية. إذ من الملاحظ أن إعلان حقوق الإنسان الذي تبنته الأمم المتحدة في العاشر من ديسمبرعام 1948 ظل لفترة طويلة، منطقة خاصة للدولة لا تسمح مفاهيم السيادة الوطنية باختراقها.فالدول الوطنية المعاصرة تتعامل مع قضية حقوق الإنسان على مستويين المستوى الأول، الإعلان الظاهري باحترام هذه الحقوق على المستوى الدولي. والمستوى الثاني، الانتهاك السري والقانوني داخلياً لهذه الحقوق. فالانتهاك السري يتمثل من خلال الاعتقال العشوائي وزوار الفجر وممارسة التعذيب في أقبية مباحث أمن الدولة، ومنع الحريات أو التطبيق عليها. أما الانتهاك العلني فيتمثل في التشريعات القانونية التي تتعارض مع حقوق الانسان مثل منع حرية التعبير ومنع التجمع والحد من التنقل ومراقبة المطبوعات... إلخ
ان المجتمع العالمي من خلال منافذه الأوروبية والأمريكية، يعلم بكل هذه التجاوزات والانتهاكات لحقوق الإنسان داخل دول العالم الثالث. لكن لا تملك هذه الدول الآلية الدولية اللازمة لمعاقبة الدول التي تقوم بهذه الانتهاكات، ذلك أن هذه الدول تحتج بمبادئ السيادة الوطنية التي نص ميثاق الأمم المتحدة على احترامها. لذلك كان الحل يتمثل في وضع هذه الدول تحت الأضواء العالمية لتراها كل الأمم وكتابة التقارير عنها، والهدف من ذلك خلق الضغوطات الدولية والنفسية على هذه الدول لتصحيح مسار تعاملها مع مسألة حقوق الإنسان، وذلك من خلال المنظمات واللجان ذات الطابع الدولي التي تنحصرمهمتها في مراقبة مدى التزام كل دولة بحقوق الإنسان ونشر تلك المراقبة في تقارير دولية، و بذلك دخلت ممارسة حقوق الانسان مجال العالمية.
إن تقرير لجنة منظمة العفو الدولية السنوي قد أصبح يثير الرعب في قلوب صانعي القرار في كثير من الدول، كما أصبح يثير الكثير والكثير من اللغط الدولي ضد هذه الدول أو يضعها في دائرة الحرج الذي لا فكاك منه، وبذلك أصبحت هذه الدول التي تنتهك حقوق الإنسان دولاً مجرمة في نظر العالم.
وامتد نطاق العالمية لحقوق الإنسان ليشمل الحقوق المدنية التي لا تمارسها الدولة أو لا تسمح للأفراد بممارستها في النطاق المدني مثل- حق التعليم، وحق العلاج الطبي، والمساواة ، والكرامة والحصول على محاكمة عادلة، وقانونية الإجراءات، وحقوق الاقليات، والحرية الدينية، وحرية الرأي ... الخ والحقوق السياسية، وحقوق الأطفال... الخ.
أدى نشر نشاط كل دولة في مجال حقوق الإنسان تطوراً وتردياً وانتهاكا لى كسر حلقة السيادة الوطنية لمحيطة بهذء الحقوق سواء في الدول لتي لا تتعامل مع مسألة حقوق لإنسان بأسلوب إنساني شبه متكامل أم تلك التي تنتهك هذه الحقوق، وأصبحت الدولة الوطنية تعيش بلاء حقيقيا بسبب هذه التقارير الدولية... لماذ ا؟
لأن هذه التقارير تتسم بالصدق والجدية ولا تستطيع أية دولة الطعن بمصداقيتها وكذلك لأن هذه التقارير تجد طريقها إلى كل الأفراد والمنظمات، فضلاً عن الصحف العالمية، بتعبير مختصر تعيش الدولة محل الانتقاد فى مجال حقوق الإنسان "فضيحة بجلاجل " كما يقول المثل الشعبي وعلى الدولة المعنية التخفيف قدر الامكان من حدة هذه الفضيحة. ولا مجال لها سوى "تعديل " ممارساتها وسلوكياتها تجاه حقوق الانسان، كما أصبح عليها واجب أو مهمة تحسين صورتها في التقرير القادم ومع سقوط الأنظمة الشيوعية وتفرد الفكر الليبرالي بالساحة الدولية أصبحت المشكلة أكثر تعقيداً، حيث أصبحت هذه الدولة فاقدة لأي تأييد دولي وما عاد بإمكانها " اللعب على حبال الحرب الباردة، لقد أصبح واجباً على كل دولة أن تتبنى الديمقراطية لأن ذلك هو السبيل الوحيد للحصول على المساعدات الغربية إذ أصبح السلوك الدولي في مجال حقوق الإنسان بمثابة شهادة دولية يجب على معظم الدول الحصول عليها.
كل ذلك لم يمنع من استمرار انتهاكات حقوق الإنسان لكن الصورة حسنت كثيرا عما قبل، حيث أصبحت لساحة الوطنية ممثلة بالسيادة كشوفة أمام العالم فيما لو استخدمت لأغراض سيئة تجاه حقوق الإنسان، ومع ذلك لا تزال بعض الدول خارجة عن نطاق الكشف كالعراق مثلا، حتى جاءت الأقمار الصناعية.
•
د/ احمد-البغداي الموقع : http://www.balagh.com/islam/2q0oq9i9.htm
تاريخ الاطلاع 16.01.08
الأحد نوفمبر 27, 2022 9:16 pm من طرف Faizafazo
» برنامج احترافي في تنقيط التلاميذ تربية بدنية ورياضية وكل ما يحتاجه استاذ التربية البدنية والرياضية في المتوسط
الأحد يونيو 27, 2021 7:33 pm من طرف تمرت
» مفاهيم عامة .الاعلام و الاتصال
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:51 am من طرف المشرف العام
» نظريات الاعلام وحرية الصحافة و علاقة الصحافة بالسلطة
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:50 am من طرف المشرف العام
» نشأة وتطور الصحافة في العالم و الوطن العربي
الجمعة يناير 15, 2021 11:48 am من طرف المشرف العام
» ترحيب و تعارف
السبت يونيو 13, 2020 10:39 pm من طرف صقر السردي
» كتب تاريخ الجزائر في القديم والحديث
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الثورة الجزائرية ،"ثورة المليون و نصف المليون شهيد"
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الادارة وتعريفها
السبت مايو 16, 2020 3:28 pm من طرف المشرف العام
» مقياس :تاريخ وسائل الاعلام
السبت مايو 16, 2020 2:57 pm من طرف المشرف العام