السلام عليكم
بأيدينا...
من قضايا الفكر الشرقي القديم...الأسطورة والمعتقد.
المنطلق الذي يفترض أن لكل عصر عقلي أسلافه التاريخية رسمت له طريقا في بعض النواحي الفكرية والمنهجية والمنطقية ...قد لا أقف عند مقاطعي هذه الجذور وعمقها الأصيل من مفكري العصر، فالقطيعة البشلارية أتت أكلها بين الرفض والقبول في الفكر العلمي الأوروبي المعاصر.
ويرى بعض المفكرين أن كلمة النهاية ليست بحال هي الكلمة الأخيرة أو اللاعودة للوراء، أو الإستمرارية في أمر ما أو موضوع بمعناها اللفظي المكتمل(النهاية)، ومن المحتمل أن تكون هناك كلمة أخيرة بمعناها الفلسفي عند الإغريق التي أثارها بعض المفكرين الغربيين.
فروح كل عصر كروح أي فرد ،مادام الإيمان بفكرة النمو والإرتقاء والتطور والتغيير وكل معاني الحدوث ،تؤمن بعدم وجود حالة الإنتهاء من جيل لجيل، نتيجة لإستمرارية المجهودات الكبيرة التي عرفتها النفس البشرية في كل المجالات البحثية العلمية منها والعملية التي صاحبت الإنسان عبر التاريخ التطوري في كل فترة... إنطلاقا من ماذا؟
من خلال الفترات التي عاشها الجنس البشري في العصور القديمة قد لايحضرني تاريخ ماقبل التاريخ بعين ذاته في إختلاف العد الزمني لمؤرخي التفكير الإنساني، بين النقصان والإفاضة في تحديد تاريخ زمانية الجنس الأول لكائن البشر، التي تقدّر بين خمسين ألف سنة أو أزيد عنها كحل وسط من خلال المراجع المعتمدة في البحث ، التي تتحدث عن مرحلة ماقبل الإنسانية (ماقبل الفلسفة) في حياة الإنسان الأول البدائي تعزوها الكفاح من أجل البقاء في وسط قوى الكون المتوحشة والظواهر الطبيعية المهلكة.
أين عاش الإنسان صراعا طويلا مع بيئته الطبيعية المتقلّبة قبل أن يستطيع أن يفكّر في الخلاص من قواها وجبروتها والتحكم فيها ، فمرحلة الإستجابة والتحدي والإنصياع لهيمنتها التي دامت قرونا طويلة كانت كافية أن يعمل غريزيا من أجل الحفاظ على بقاءه حيا، قبل أن تكون له القدرة على فهم او بلوغ أسرارها في غياب الدهشة والحيرة عن أسبابها ومنبع مصادر حدوثها من أثر فراغ التفكير عن ما يحدث حوله .
فمشكلة محاولة الفهم غائبة نتيجة النازع الدموي الذي أذكته الرغبة في البقاء أولا، ثم الرغبة في التملّك والقوة للغلبة ، بعد ذلك كغريزة حتمية في تلك الفترة البدائية (مرحلة التوحش) .
وفي هذه الدراسة الموجزة سنحاول رصد جانب تاريخي ، عن بعض الترسّبات الذهنية العالقة اليوم ، عن الجذور المفاهيمية لمعنى الأسطورة لتكريس فكرة الإله، في ثنايا الفكر الشرقي القديم، أو مايعرف بمرحلة ماقبل الإنسانية ؟ ولأي مدى كانت الميثولوجيا حاضرة في تأسيس معنى الدين؟ وما دور الطبيعة في ملحمة الأساطير القديمة؟
ككل عمل بحثي كالعادة سنتعرض لشرح بعض المصطلحات المحورية لما سنتعرض له من قراءة الموضوع.
شرح بعض المصطلحات المفاهيمية
الإعتقاد: هو أول أشكال التعبيرات الجمعية عن الخبرة الدينية الفردية التي خرجت من حيز الإنفعال العاطفي إلى حيز التامل الذهني.
الطقس: الطقس ليس فقط نظاما من الإيماءات التي تترجم إلى الخارج مانشعر به من إيمان داخلي ، بل هو أيضا مجموعة الإسباب والوسائل التي تعيد خلق الإيمان بشكل دوري. ذلك ان الطقس والمعتقد يتبادلان الإعتماد على بعضهما بعضاً.
تعدّدت التعاريف حول مفهوم الأسطورة ووجهات النظر عن معانيها وتعاريفها وهذه أبرزها:
الأسطورة: هي قصة خرافية يسودها الخيال ،وتبرز قوى الطبيعة في صور كائنات حية ذات شخصية ممتازة وينبنى عليها الادب الشعبي.
-الإشتقاق لكلمة أسطورة في العربية يقارب إشتقاقاتها في اللغات الأروبية؛ فكلمة (Myth)في الأنجليزية والفرنسية وغيرها ، مشتقة من الأصل اليوناني (muthas) وتعني قصة أوحكاية. وكان أفلاطون أول من إستعمل تعبير(muthologia) للدلالة على فن رواية القصص، وبشكل خاص ذلك النوع الذي ندعوه اليوم بالأساطير ،ومنه جاء تعبير(mythology) المستخدم في اللغات الأروبية الحديثة.
- الأسطورة : حكاية تعيش منذ القدم في تقاليد قبيلة أو جنس أو أمة ، يتوارثها خلف عن سلف، وتدور حول الآلهة وأنصاف الآلهة والأحداث
ــــــــــــــ
لكون: مصطلح أرسطي يراد به حصول في المادة بعد أن تكون حصلة فيها ويقابل الفساد ويطلقه المتكلمون على الوجود المطلق.
إبراهيم مذكور: المعجم الفلسفي ، مجمع اللغة العربية،القاهرة، (دط)،1983، ص 165..
فراس السواح: دين الإنسان، دار علاء الدين،سوريا،ط4،2002 ،ص47.
المرجع السابق، ص 55.
.إبراهيم مذكور: المعجم الفلسفي ،، ص13..
فراس السواح: دين الإنسان، ص56.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الخراقة، وتختلف عن الملاحم التي تسجل أفعالا إنسانية وعن الحكايات الخرافية التي ابتكرت لأغراض التعليم والتسلية.
- والأسطورة تنتهي إلى أشكال الحضارة القديمة ، وترجع إلى مرحلة سابقة على العلم والفلسفة، فهي تفسر بمنطق العقل البدائي ظواهر الكون والطبيعة والإنسان.
ومنهم من يذهب إلى أبعاد تاريخية التي ترسمه الأسطورة إذ يعلو فيها الإله على قوى الطبيعة ومظاهرها ويتسلط عليها .
- يرى أرنست كاسيرر:" أن الأسطورة الحقّة لاتبدأ عندما نكوّن تلك الصور المحدّدة عن الآلهة ، بل عندما نعزو لهذه الآلهة بداية محدّدة في الزمن، وعندما تباشر هذه الآلهة فعالياتها وتنبئ عن وجودها في سياق زمني؛ أي عندما يتحول الوعي الإنساني من فكرة الآلوهة إلى تاريخها".
علم الأساطيرMythogie: يتضمن البحث في أساطير الأولين كاليونان والرومان وغيرهم من الشعوب.
ــــــــــــــــــ
جميل صليبا،المعجم الفلسفي، ج1، ص79.
مصطفى عبد الله: أسطورة أوديب في المسرح المعاصر، الهيئة المصرية العامة للكتاب،القاهرة،(دط)،1983،ص6.
فراس السواح: دين الإنسان،ص59.
جميل صليبا: المعجم الفلسفي، ج1،ص79
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- كيف نشأت فكرة الآلهة والمعتقد الديني
رأينا كيف عاش الإنسان الأول صراعا مريرا مع قوى الطبيعة المتوحشة ، كمرحلة عملية إرتكزت على حب البقاء وخوض غمار البحث عن سبل النجاة والحياة (إكتشاف أدوات الدفاع عن النفس من الغريم)، فمن هذه الظواهر الطبيعية الغامضة الأسرار المبهمة الفهم التي
كانت تحيط به ،حتى أضحت إرهاصا إن لم نقل عبء ثقيلا على قدرة إستعابه الفطري، وإحساس المهزوم أمام قوى هذه الظواهر التي يراها أضخم منه ، ومن قدراته الضعيفة لإيجاد حلول وتفسيرات عن منبعها ومادتها، لهذا كانت سببا مباشرا في إحتياجه لحامي وحارس أسطوري له كل صلاحيات دفاع الخطر عنه في أوقات غضب الطبيعة ...يمكن النزوع إليها ،وهكذا نشأت مايعرف بالآلهة .
فكيف تبلورت فكرة الإله وشكّل معنى الإعتقاد؟
أولا نتعرف على معنى الدين من جوانبه المختلفة.
أ- التعريف اللغوي للدين
-عرّف الرازي الدين لغويا فقال: الدِّين بالكسر: العادة والشأن.ودانه يدينه دينا بالكسر: أدلّه واستعبده.
- الدين في اللغة هو العادة. وربما اعتبر الدين عادة؛ لأنّ الناس لا تعيش غالبا بدون دين سواء كان سماويا أو وضعيا؛ فالدين عادة إنسانية.
- من الدلالات اللغوية لكلمة الدين: الجزاء، من قولهم:"كما تدين تدان"
- أما في الأنجليزية والفرنسية والألمانية نجد أن اشتقاق كلمة الدين religion كما يقول لالاند،موضع جدل.فيستخرج معظم القدماء(لاكتانس،أوغسطين) الدين religioمن religare ،ويرون فيه فكرة الربط: سواء الربط الواجب تجاه بعض الممارسات ، أو الربط الجامع بين الناس، من جهة ثانية يشتق شيشرون الكلمة منrelire بمعنى تجديد الرؤية .
ــــــــــــ
محمد عثمان الخشت: مدخل إلى فلسفة الدين، دار قباء للطباعة والنشر، القاهرة،(دط)، 2001، ص11.
المرج السابق ،ص11.
المرجع السابق،ص13
ــــــــــــــــ
ب – التعريف الإصطلاحي للدين
عرّف أهل الإصطلاح من أصحاب المعاجم وكتب التعريفات العربية ، بتعريفات متنوعة منها:
عبر ابن الكمال :الدين وضع إلهي سائق لذوي العقول بإختيارهم المحمود إلى الخير بالذات". وقال الحرالي:" دين الله المرضي الذي لالبس فيه ولاحجاب عليه ولاعوج له،هو إطلاعه تعالى عبده على قيوميته الظاهرة بكل باد وفي كل باد وعلى كل باد وأظهر من كل باد وعظمته الخفية التي لايشير إليها إسم ولا يحوزها رسم وهي مداد كل مداد".
الدين: هو مجموعة معتقدات وعبادات مقدّسة تؤمن بها جماعة معينة،يسد حاجة الفرد والمجتمع على السواء اساسه الوجدان وللعقل مجال فيه.
الدين: هو التعميم الجمعي عن الخبرة الدينية الفردية وقد تمّ ترشيدها في قوالب فكرية وطقسية وأدبية ثابتة
ج – تعريف بعض المدارس للدين
هناك عدّة تعريفات للدين من هذه المدارس التي سنعتمد على الأبرز منها من أقوال منظريها.
- التعريف الإجتماعي للدين
يعرف دوركايم الدين فيقول:" إن أي دين هو منظومة متماسكة من المعتقدات والممارسات المتعلّقة بأمور مقدّسة،أي منفصلة،ومحرّمة ،وهي معتقدات وممارسات تجمع في إيلاف أخلاقي واحد ،يدعى جامعا،كل الذين ينتمون إليه " .
- التعريف النفسي للدين
من أشهر التعريفات النفسية للدين يقول اريك فروم:" أي مذهب للفكر والعمل تشترك فيه جماعة ما، ويعطى للفرد إطارا للتوجيه وموضوعا للعبادة.
- التعريف الفلسفي للدين
يقول كانط:"الدين هو معرفة الواجبات بإعتبارها أوامر إلهية"
أما هيجل فيرى :"الدين هو الروح واعيا جوهره...،هو ارتفاع الروح من المتناهي إلى اللامتناهي".
الدين عند دفيد هيوم :" إذا وضعنا في إعتبارنا إرتقاء المجتمع الإنساني من بداية الجاهلية الأولى إلى حالة الكمال الأعظم التي وصل إليها ، فإنه يبدو لي أن الشرك أو الوثنية كانت(أو ينبغي أن تكون) الدين الأول والأبعد قدما في تاريخ النوع الإنساني".
ـــــــــــــــــ
المرجع السابق،ص13.
محمد عثمان الخشت: مدخل الى فلسفة الدين،ص14.
فراس السواح: دين الإنسان،ص86
محمد عثمان الخشت: مدخل الى فلسفة الدين،ص15.
محمد عثمان الخشت: مدخل الى فلسفة الدين،ص17.
المرجع السابق ص 18
المرجع السابق ص18.
محمد عثمان الخشت: الدين والميتافيزيقا في فلسفة. هيوم ،دار قباء للطباعة،دط،1997،ص15.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
إذ مما لاشك فيه أن الإنسان القديم ، وحتى إلى عهد حديث نسبيا قد إصطدم بظواهر طبيعية وبيولوجية وفلكية كالتي نراها في عصرنا الحاضر، فرأى رياحا تزمجر وبرقا يلمع ورعدا يجلجل، وصواعق تشعل النيران في الأشجار والغابات فتحرق وتدمر، وسحبا تنطلق وتمطر ومياها تندفع تحت قدميه في ماوالاماوال تهز هزا فتشق الأرض وتدمر الجبال...
كل هذه الأمور وغيرها التي قدمنا جزء منها لاريب في أنها أفزعنه وأخافته ، فمن الطبيعي أن الإنسان الأول لايستطيع أن يدرك مغزاها ومعناها كما ندركه نحن اليوم في عصرنا الحاضر.
ومن هنا تجسّدت في خياله قوى أسطورية أكبر منه وأعتى منه
فأرجع ما رآه إلى آلهة وأشباه آلهة تمسك بمقاليد الأمور، وتتحكم في الأمطار والبرق والرعد والماوالاماوال والبراكين والرياح...الخ.
ومن ثمّ فقد إخترع لكل ظاهرة من هذه الظواهر إلها،فكان إله البرق وإله الرعد وإله النيل وإله الخصب...الخ.
ومن حصيلة هذه الظواهر المتباينة ، التي سيطرت على الإنسان القديم إوهام شتى مما تم ذكرها جعلت من الحيرة والدهشة تسكن خياله بل جعلت منها صورا خيالية تحيا معه في المنام في أشكال شتى، وبمظاهر متنوعة في شكل أرواح تطارد جسمه .
فكان هذا الصراع الدائم بين الخوف والطمأنينة خيالا خصبا في نسج أساطير تشرح لتلك الظواهر الغريبة لما رأى في إعتقاد تام أن هذه الأرواح تحيا ولا تفنى ، إلى تفسيرات أخرى من صنيع ما أدركه مع الواقع.
ـــــــــــــــــ
عبد المحسن صالح : الإنسان الحائر بين العلم والخرافة، عالم المعرفة ،دط، الكويت ،1987،ص 8.
المرجع السابق،ص9
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
1- فكرة الإله من فكرة القانون والنظام الكوني الميثولوجي
فكرة الإنتقال إلى المرحلة الميثولوجية أو مانحتته الأسطورة من مراحل التفكير الإنساني الأول، شكّلت منعطفا جديدا في تجسيد معنى النظام الكوني ،من خلال حركة الطبيعة والحياة الإنسانية . ليجد الفكر الأسطوري منحى الوحدة والنزوع للقانون ،عبر الشذرات الشعرية الروحية التي تحاكي هذه القوى الغائية الغالبة، فنجد في الفكر الشرقي القديم ومنها الفكر الهندي قبل آلاف السنين خلت سمات ترسيخ فكرة الإله المخلّص في تأملات حكماء " الفيدا" ذات الطابع العملي كما أشرت (الحرص على وجود آليات إمكانية البقاء).
فخصوصية الفكر الهندي البوذي كانت تتمحور حول الحياة من خلال العذاب الجسدي للإنسان الهندي وآلامه وكذا الذهني والروحي في حياة البشر ، محاولة منهم تخليصهم من معاناتهم و سعوا لفهم مبراراته وأسبابه وأيضا محاولة منهم لتحسين فهم طبيعة الإنسان والكون.
وطرق تخليص النفس من آلامها واستئصالها من هذه المعاناة
ــــــــــــــــــــ
الفيدا: كلمة سنسكريتية مشتقة من الأصل فيد بمعنى .يعرف. والمقصود الكتب المقدسة الهندوسية الأقدم التي تضم أربعة أسفار هي . البريج فيدا التي تضم مجموعة اناشيد لتجميد الآلهة .والمستفيد وهي ترانيم تصاحب تقديم القرابين. والأجور فيدا وهي نصوص إضافية مرتبة حسب القرابين . وأخيرا الاثرفافيدا الذي يعرف بسفر الفقراء والذي يضم نصوصا يفسرها البعض على انها مادة الرقى السحرية.
جون كولر: الفكر الشرقي القديم، تر، كمال يوسف حسين، مراجعة، إمام عبد الفتاح إمام، عالم المعرفة،الكويت،(دط) 1995،ص31.
البوذية:مجموعة الآراء الفلسفية والدينية التي نشأت في تعاليم بودا، وأساسها القول بأن حياة الانسان في الدنيا
شر وألم ،وان التخلص منها إنما يتم بالإندماج في الوحدة الشاملة وهي النرفانا،وسبيل ذلك الزهد ومحاربة الرغبات والشهوات. راجع إبراهيم مذكور، مرجع سابق ،ص36.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عرفت بطاقتين روحيتين بحسب الأساطير القديمة عن قوى مفارقة للطبيعة ، " أوبانيشاد" فإن القوى العظمى ترجع للإله " براهمان" التي تمنح للكون طاقته، والطاقة الروحية للذات " أتمان" هما شيء
واحد. في الأساطير البوذية .
وقد إنتشرت هذه الديانة بين التبت والمغول وسط آسيا وسيبيريا في طقس اللامية حيث معبودهم يدعى " اللاما" وهو حيوان يعيش في المنطقة . التي جاءت في فلسفة هيجل للدين البوذي حيث قسّم هذه الديانة إلى ثلاث آلهة أسطورية بحسب كل جهة " ويوجد ثلاثة من اللاما أكثرهم شهرة هو" الدلاي لاما" الموجود في لهاسا بالتبت، وثانيهم هو"
التشو لاما" الموجود في تشو- لامبو، ويدعى أيضا بالنتشن رينبوتشي، أما الثالث فهو الموجود بجنوب سيبيريا".
ولنعرج لجنوب القارة الأمريكية قديما ففي مكسيكو ولدى هنود" الكورا" يفترض أن إله الذرة يحضر،على نحو كامل ودون قيد أو شرط ، في كل ساق وفي كل حبة ذرة. وربّة الذرة المكسيكية " تشيكوميكوتل" في عذريتها هي الساق الأخضر الغض، وفي شيخوختها حصاد الذرة ؛ لكنها أيضا كل عرنوس منفصل وكل طبق بعينه.
ـــــــــــــــ
الأوبانيشاد.كلمة سنسكريتية. دخلت اللغة الانجليزية في عام 1805.وهي تتألف من مقطعين: "أولا" بمعنى قريب من
"ويناشد بمعنى يجلس".والمراد" يجلس قرب المعلم " ويقصد بها في الأدبيات السنسكريتية محاورات تاملية ميتافيزيقية.
براهمان: كلمة سنسكريتية شفت طريقها إلى الإنجليزية في وقت جد مبكر.. ويقصد بها الاسم الذي أطلقه معلمو
حكماء الأوبانيشاد على الوجود الأسمى .وهم يجدونه في الإله الخالق براهما ويضعون طرفا في ثالوث مقدس يتألف من "براهما"الخالق و"اشتد ".الحافظ " وشيفا ". المدمر.
اتمان: يراد بها في الأدبيات الهندوسية روح العالم او مبدأ الحياة .او الروح المطلقة او نفس الكون التي تتخلل كل شيء.
للمزيد راجع ،جون كولر، مرجع سابق، ص31.
جون كولر: الفكر الشرقي القديم، ص28.
محمد عثمان الخشت: مدخل إلى فلسفة الدين، دار قباء للطباعة والنشر، القاهرة،(دط)، 2001، ص173.
عثمان محمد الخشت: المرجع السابق،ص 173.
أرنست كاسيرر: اللغة والأسطورة، تر، سعيد الغانمي، هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث، أبوظبي،ط1،2009،ص166.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
فتنوع الآلهة في أشكال الصور المختلفة ، إنسان والحيوان والنبات وغيرها هي الملمح التعبدي للإنسان الهندي القديم.
لنتعرج لمنطقتنا العربية الشرقية ونقرأ عنها من خلال عرض لأساطير وديانات المشرق العربي القديم منذ مطلع الألف الثالث قبل الميلاد، فقد كانت المعتقدات تتمحور حول الحياة الخصبة في أن هناك إله يموت في كل عام مع نهاية الصيف ويهبط إلى العالم الأسفل ، ثم يبعث حيا في الربيع جالبا معه الحياة للأرض والخصب والماشية .
وحول هذا المعتقد بنيت أساطير متعددة ونشأت طقوس متنوعة عند السوماريين القدامى فنجد " دوموزي" الإله الميت الحي وقرينته " إنانا" بالإضافة إلى مجمع واسع من الآلهة يرأسهم الإله " آن" كبير الآلهة ومادار حولهم من طقوس شكلت عبادة الخصب السومارية . ....دائما تدور حول الحياة الخصبة للأرض والمراعي.
كما نجد في مصر القديمة إله" آتون" إله واحدا لمصر في زمن ملكها الفرعوني أخناتون بمدينة طيبة القديمة ، أين سرّح هذا الملك باقي الآلهة القديمة ومحا إسم الإله " آمون رع " ووحّد عبادة مصر آنذاك تحت الإله "آتون" كطاقة صافية لاتتخذ شكلا ما، لكنها تتبدى في عالم الظواهر بقرص الشمس الذي يعطي الحياة والحركة للجميع.
ومن بين التسابيح العقائدية التي وجدت في ترانيم النصوص القديمة عن عظمة " آتون" ..." أنت آتون النهار مبجّل في كل قطر بعيد" دليل على عظمة "آتون" ومن الأناشيد والموسيقى التي تقام كل موسم عند زيارة معبد " أتون " أيضا مقطع من الترتيلة القصيرة لأخناتون حيث يقول: " جوقات المنشدين من رجال ونساء ترفع إليك أعذب الإنشاد في المعبد الكبير وفي كل معبد" في إنتشار التوحيد عبر أقطار مصر القديمة وما يجاورها من مدن.
ــــــــــــــــــ
:فراس السواح: دين الإنسان، دار علاء الدين،سوريا،ط4،2002، ص88.
: فراس السواح: ص 88.
فراس السواح: ص95.
فراس السواح : ص94،95.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
فالسمة الجلية التي كانت تصور الطقسية عند القدماء المصريين أنهم قد عبدوا مظاهر الطبيعة ،فقد أعطوها معنى روحيا ، فالنيل رمز الحياة، والشمس رمز العطاء، وهو ماعبّرت عنه أسطورة أوزوريس .
كما نجد سمات أخرى التي جاءت في فلسفة التاريخ عند هيجل حول تطور الدين من مظاهر الطبيعة إلى دين روحي عند شعوب مصر القديمة ، فصفة الحيوان تدل على إرتباط الروحي والطبيعي، حيث إن الحيوان مشتمل على الجانبين. ولقد تحولت أشكال الحيوانات إلى رموز، فالصقر رمز التنبؤ، وأبيس رمز الفيضان، والخنفساء رمز التوالد والنشوء...
فتصور أشكال الحيوانات أضحت أكثر علوا من مظاهر الطبيعة فدين التحول من الدين الطبيعي ،إلى دين روحي عند القدماء المصريين بحسب فكرة تطور الأديان عند الحضارات الشرقية القديمة من المنظور الهيجلي.
ونضرب مثلا آخر من طقس عرب الجاهلية قبل الإسلام، فقد تعدّدت بتعدد القبائل العربية الموجودة في تلك الفترة، نتعرج إليها بإختصار ،فلدى قريش نجد عبادة الإله " العزى" بشكل رئيسي وباقي الآلهة ثانوية ففي الأوس والخزرج في يثرب ،كانت عبادة الإلهة " مناة" هي الأولى ولدى ثقيف في الطائف كانت " اللات" فوق الجميع، كما كانت لقريش آلهة داخل الكعبة وخارجها أبرزها " هبل" صنم من العقيق الأحمر في هيئة إنسان.
ـــــــــــــــ
عثمان محمد الخشت: مدخل إلى فلسفة الدين ، ص 181.
المرجع السابق،ص181.
فراس السواح: ص 88
ـــــــــــــــــــــــ
آلهة تعزو إليهم رغبات الإنسان الجاهلي في حالات السفر والحرب والحرث وكذا الأمور الأخلاقية في تلك المرحلة من حياة القبائل العربية المترحلة.
لنجد متعة البحث في إحدي الأساطير الدرامية في العصر الإغريقي الكلاسيكي القديم ،في مسرحية " أوديب" أين نجد دور الآلهة التنويري والمطهر للأنفس في حياة الإنسان اليوناني، قبل مرحلة الفلسفة ظهرت في أعمالهم الفنية ، كانت الآلهة المصدر الإلهامي في كتاباتهم الفنية ومنها فن المسرح (بين لايوس الأب وأوديب الإبن ووحي الإله أبوللو في عمل مسرحي كبير )...
في بداية المشهد المسرحي على لسان سيفوكليس ..." وفي يوم من الأيام عايره شاب عن أصله المجهول، فثار أوديب وحاول التعرف على الحقيقة ممن كان يظنها أمه ، ولكنها رسمت على وجهها شيئا من الخداع لتخبره أنه إبنها ولكنه ، أحس بذلك فخرج إلى معبد " دلف" يستنير وحي الآلهة وكما سبق وأخبر أبوللو لايوس بما كتب عليه من لعنة نتيجة لفعلته النكراء وجحوده لجميل ملك طنطالة، فهاهم كهنة أبوللو يخبرون أوديب...".
في حوار بين أوديب وإله معبد "دلف" في تصوير تعبدي يوحي بواقعية الحوار بين العبد والإله اين يقول الإله: " إذهب يا أوديب لقد قضى عليك ،أيها التعس أن تقتل أباك وتتزوج من أمك".
ـــــــــــــ
الاله ابوللو: وهو إله الراحة والسكون وفتنة العواطف،والتأمل العقلي والنظام المنطقي والهدوء.
راجع ويل ديورانت: قصة الفلسفة من افلاطون الى جون ديوي،تر،فتح الله محمد المشعشع،مكتبة المعارف،ط6،بيروت
،1988 ص 512.
مصطفى عبد الله: أسطورة أوديب في المسرح المعاصر، 12.
مصطفى عبد الله: أسطورة أوديب في المسرح المعاصر، 12.
ــــــــــــــــــــــ
هذا بإختصار بعض ملامح المناخ الطقوسي والحياة الروحية التعبدية للأفراد في الحضارات الشرقية القديمة ، التي لايمكن التعرج لها جميعا نظرا لتشعّبها في مراحلها التاريخية ، فقد إكتفيت ببعض النماذج التي تخدم سياق البحث فقط ، إذ لست بصدد دراسة مفهوم الدين كدين شمولي(توحيدي) مؤسس للجماعات (لهذا أركز على كلمة عبادة بدل كلمة دين التي لم تنضج وتتبلور بعد في هذه المراحل الأولى).
إذ هو قراءة تاريخية تطورية هرمية في أصل البداية الميثولوجية أي كيف أن التفكير الميثولوجي الشرقي( شذرات شعرية، عبادات، طقوس..) فتح الطريق للبحث عن قوى أكبر من الإنسان ومنها أوجد لنفسه فكرة " الإله" من مشاعر القلق والخوف والأمل التي كانت تسيطر على الإنسان البدائي من أحداث المستقبل ومن مخاوف افكاره التي يضمرها عن القوى الغائية ،إذ يقول دافيد هيوم:" ينشأ الدين البدائي للنوع الإنساني من الخوف والقلق من أحداث المستقبل ،والغير المعروفة".
نتج عنه مجموعة من قوى الآلهة التراتبية صنعت للعبادة والحماية وجلب الخيرات ودفع الأذي من قوى الطبيعة،وتنظيم حياة الأفراد في شكل جماعات، التي عايشها الإنسان القديم في تلك الفترة.
فقد فتحت له أبواب أخرى للدهشة والحيرة عن تصورات حول بعث سؤال عن حقيقة من أوجد هذا الكون ؟ وكيف تمّ تكوين نشأة الأشياء فيما بعد؟ ومادته التي وجد منها ؟. ومن خلال تصنيف الآلهة من الأعلى إلى الأدني...إله السماء وإله الأرض وإله البحر في تأملاتهم الروحية الأولى، أضفت سمة البحث هذه جوانب خفية لهذا الإله عن مادته ومصدر قوته وطبيعته ...
فتأمل الآلهة خلق إستقرارا وجدانيا وأمن وجوده للبحث عن أصل الوجود وطبيعة الخلق ومدى قوته الغائية، التي سنتظرق لبعض من هذه التصورات والتساؤل في كيف إنتقل التفكير عن مابعد هذه القوى الغائية في بنية نشوء العالم ومادته؟.
ــــــــــــــ
محمد عثمان الخشت: الدين والميتافيزيقا في فلسفة. هيوم، ص16.
ـــــــــــــــــ
1- كيف نشأت فكرة العالم؟ومن خلق عالم الأشياء؟
وعطفا مما تقدّم سابقا من تمهيدات عن مراحل التي سبقت التفكير من مراحل الحياة البشرية ، فقد صوغت فكرة الآلهة إنطلاقا منها وبفضلها نشأ العالم، فإختلاف قوى الطبيعة ( السماء والأرض والبحر) فالآلهة العليا خلقت الآلهة الصغرى ، والأكثر علوا خلقت دون الأدنى منها وهكذا...أين ولّدت حكايات لصور خيالية تفّسر هذه الظواهر المختلفة للطبيعية في شكل أساطير(الميثولوجيا الكونية) ،لتصبح أساطير دينية فيما بعد صنّفت من خلالها الآلهة كل إله يناسب الأشياء التي تخضع له، كما كان نظام نشوء الأشياء يناسب النظام الذي نشأت فيه الآلهة ...ومن هنا تظهر لنا جليا القاعدة التي بنى عليها الإنسان الشرقي الأول قاعدة الخلق في فهمه البسيط أن الأكبر يخلق الأصغر بالنسبة للآلهة والأشياء.
إذن التأويلات الميثولوجية أصبحت أحد الطقوس التي حاول بها الإنسان الأول أن يتغلب بها على القوى العاتية التي كان يشعر أن أمره بيدها،وهذه التفسيرات أعطت قواعد أولية للعنصر الوجداني المرتبط بالعبادة نتيجة الإحساس المبهم (الدهشة والحيرة)الذي لازم الإنسان القديم آنذاك التي سبقت المرحلة العقلية
ومما يجدر الإشارة إليه في هذا التحليل الشاقولي، أن فكرة الدهشة والحيرة من هذه الظواهر الطبيعية المتكرّرة ، قد خلقت نوعا من أو لنقل جلبت لفت النظر والإنتباه لمعنى وحدة النظام الكوني والحياة الإنسانية التي تعزو حياتهم ، بحيث أن فكرة النظام في الطبيعية( تعاقب الليل والنهار، حركة الشمس والنجوم والقمر،تغير الفصول، اوقات الفياضانات، فصل الزرع وآخر للحصاد...) كانت تتماشى في نموها النظام في الجماعات البشرية ( على شكل قبائل وعشائر وتجمعات بشكل عام للنوع البشري...) ليظهر مصطلح " قانون والنظام الكوني" بعد حياة فوضوية مشتّتة عاشها الإنسان القديم ...
4 - دور الكلمة في التصور الطقسي عند الشرقيين...
لقد لعبت الشذرات الشعرية القديمة عن الآلهة فضاءا خصبا في تصورات الخيال آنذاك (المخيال الطقوسي)، حيث أعطت أنماط مختلفة ومستقلة للإبداع الفني و الروحي، من خلال مخرجات اللغة الشعرية وتمثلاتها في الواقع ،مما جعلها تعطي دفعا للإحياء الأسطوري في دور تكاملي بين الصورة والكلمة المعبر بها بالكلمة (علاقة توفيقية بين الذات والموضوع)،كما أشار أرنست كاسيرر: " ...يعطي للصور الإحياء نفسه والأقنمة المادية نفسها التي أضيفت على ألفاظ الكلام الإنساني في الأصل، وعلى أي نوع من أنواع التمثيل الفني وفي العالم السحري بالتحديد ، يكون سحر الكلمة مصحوبا في كل مكان بسحر الصورة" .
أين يظهر هذا التوافق بين ماتنتجه اللغة من تصورات في العالم السحري بعيدا عن إعمال العقل ووعيه ،بداية لتصور الإله من تسميات مجردة ، بل تتمحور كل كلمة مباشرة إلى شكل أسطوري عيني ملموس، هو إله أو شيطان، وهكذا يمكن لأي إنطباع حسي، مهما يكن غامضا ، إذ كانت تثبته اللغة وتحتفظ به(في قوالب مختلفة)، أن يكون نقطة بداية لتصور إله أو دلالة عليه ،ومن بين أسماء الآلهة اللتوانية(كضرب من المثال) التي أدرجها أوسنر، يبدو إله الثلج " الوماض"، إلى جانب إله القطيع" الهدار" ،وكذلك في علاقة هذين الإلهين نجد إله "الطنان" إله الماوالماوالة السواط".
فهذه الأصوات والتجليات أعطت معاني رمزية مباشرة فيما يماثلها على الطبيعة ؛ كأن يسمع صوت الإله في صوت أسد أو كما في هدير قوة العاصفة ودمدمة المحيط ...إلخ، أين تتلقى الأسطورة الحياة الجديدة والثراء في اللغة بطريق الإحياء اللغوي(بعث) لما تدركه في عالم الحواس في رموزه المختلفة عبر مخرج فني متعدد الصور في شكل شذرات شعرية مختلفة وثرية .
ففي أحد الصور الآتونية (نسبة للإله آتون) المصرية ،هذا التكامل في توحيد جميع أشكال الحياة على الأرض، وبين حب خالقها الإله
آتون ،نجد التسابيح التعبدية في مصر القديمة :" كل مخلوق صنعته يثب إليك..." ،وأيضا :" كل الحيوانات تثب على قوائمها،وكل ذوات الريش تنهض من أعشاشها وتصفق أجنحتها بفرح، وتدور تسبّح بحمد آتون". ولعالم النبات لغته أيضا في هذا الطقس التعبدي، تسبح قائلة:" البراعم تتفتح أزهارا، والنباتات الطالعة في الأراضي القاحلة،تطلع وريقاتها لمرآك..."
لتشكل حلقة الإرتباط هذه، الحلقة المهمة بين التصورات والإرتباط المفترض للواقع نفسه ، من خلال تجليات اللغة الشعرية والكلمة المعبّرة عنها ككيانات في العالم مبنية روحيا.( ملاحظة :لابد أن تعمق البحث وتأصله يعزو في دور اللغة الشعرية التي تحاكي وجدان الشاعر في أغلب الشذرات القديمة التي بنيت عليها الأسطورة التي حاولت الإشارة إليها مسبقا) في ذاك الوقت.
ــــــــــــــــــ
أرنست كاسيرر: اللغة والأسطورة،173.
أرنست كاسيرر: اللغة والأسطورة:ص171.
فراس السواح: ص95.
ــــــــــــــــــــــ
وهذا التركيب بين العالمين(الآلهة والأشياء) ينظر إليه على أنه العالم الواقعي للأشياء المجردة ،أوالعالم الواقعي أنه عالم الأشياء المألوفة مثل الناس والأبقار والأشجار...وعالم مكوّنات الأشياء العادية كالذرات عالم بداية بناء العقل المتفلسف (المرحلة العقلية)،التي أخذنا جزء منها كمرحلة بداية التفكير في الكون كنتيجة لما تقدّم من تطور الفهم البشري عبر نظريات الشرقيين الأوائل كبوابة للفلسفة الإغريقية الأولى كقراءة عن مرحلة البداية لمايعرف بمرحلة ماقبل التفكير (العقلية).
التي كثيرا ما نجد في كتب التاريخ الفلسفة ، ينطلق من بوابة مفكري الإغريق فقط(خاصة المؤلفين الألمان هيجل، نيتشة هيلدرلين،هيدغر...)، لذا كان البحث عن البداية والجذور الأولى أو الإسهامات الشرقية في الفكر الإغريقي منعطف لابد الوقوف عنده كمدخل تاريخي تطوري لمعنى البداية للتفكير الإنساني بشكل عام.
ومن الحضارة الكنفوشيسية بالصين في القرن الرابع قبل الميلاد ظهرت نظرية العناصر الخمسة في جوهرها ردا على سؤال بنية الكون، وتعد نظرية " الينج يانج" في أصلها ردا في سؤال أصل الكون ، وتفيد الصياغات الأولى لنظرية العناصر الخمسة أن القوى الخمس الأولى المكونة لعناصر الكون الخمس المسيطرة على مسار الطبيعة يمثلها نحو رمزي الخشب والنار، والمعدن والماء ، والتراب،ومركبات هذه القوى تحدد الكون" في الفكر الصيني.
ـــــــــــــــــ
الينج يانج: مدرسة عنيت بنشاة الكون وعلم الكونيات تاثيرا من في عصر الكنفوشسية المبكرة والتاوية اهتمت
حول التحولات الداخلية الطبيعية في سؤالها عن بنية الكون وعن أصله ومما نشأ وكيف جاء؟
والنظر في الوجود على أنه قائم في التوترات عن قوة العدم الكونية او "الين." وقوة الوجود الكونية "اليانج"...ذلك أنه بغير الوجود لا يكون مجيء إلى رحاب الوجود. ودون العدم لا يكون هناك خروج عن الوجود،ومن هنا فإن الين السلبي، اليانج، الإيجابي مطلوب كمصدر للوجود. راجع ،جون كولر: الفكر الشرقي القديم ،ص323، 324.
جون كولر: الفكر الشرقي القديم، ص324.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد إنتقال التفكير والبحث من النظرة الميثولوجية المحضة عن نشأة العالم إلى سؤال أكثر عمقا،عن بنية الكون ومادته بين الوحدة والكثرة في الحوادث الكونية ،إذ هي اقرب للعلم والفلسفة في باكوراتها في عملية بطيئة أقل نضجا مما توصل إليه الغرب اليوم ، لنجد سمات الفكر العلمي والفلسفي الإغريقي أكثر نضجا قد ظهر على الساحل الغربي لآسيا الصغرى بجملة من مفكري أيونيا الأوائل.
نرى في الماء الذي وجد فيه طاليس أصل الأشياء كلها مذكرا بالإله " أوزيريس"، والنار التي أرجع إليها هرقليطس الأشياء كلها مذكرة ب " رع" إله الشمس ، وتبدو نيميسيس ثانية في القوى المعادلة التي يعزو لها هيروقلطس حفظ الشمس في فلكها، اما انكسيمنس أنه الهواء وضع فرضا مخالفا وهو أن المادة الأولية لابد أن تكون شيئا مخالف عن ما نعرفه عن الأشكال المعينة كالنار والهواء والماء...التي تبلورت في شذراتهم الشعرية القديمة.
والله يوفق الجميع
بأيدينا...
من قضايا الفكر الشرقي القديم...الأسطورة والمعتقد.
المنطلق الذي يفترض أن لكل عصر عقلي أسلافه التاريخية رسمت له طريقا في بعض النواحي الفكرية والمنهجية والمنطقية ...قد لا أقف عند مقاطعي هذه الجذور وعمقها الأصيل من مفكري العصر، فالقطيعة البشلارية أتت أكلها بين الرفض والقبول في الفكر العلمي الأوروبي المعاصر.
ويرى بعض المفكرين أن كلمة النهاية ليست بحال هي الكلمة الأخيرة أو اللاعودة للوراء، أو الإستمرارية في أمر ما أو موضوع بمعناها اللفظي المكتمل(النهاية)، ومن المحتمل أن تكون هناك كلمة أخيرة بمعناها الفلسفي عند الإغريق التي أثارها بعض المفكرين الغربيين.
فروح كل عصر كروح أي فرد ،مادام الإيمان بفكرة النمو والإرتقاء والتطور والتغيير وكل معاني الحدوث ،تؤمن بعدم وجود حالة الإنتهاء من جيل لجيل، نتيجة لإستمرارية المجهودات الكبيرة التي عرفتها النفس البشرية في كل المجالات البحثية العلمية منها والعملية التي صاحبت الإنسان عبر التاريخ التطوري في كل فترة... إنطلاقا من ماذا؟
من خلال الفترات التي عاشها الجنس البشري في العصور القديمة قد لايحضرني تاريخ ماقبل التاريخ بعين ذاته في إختلاف العد الزمني لمؤرخي التفكير الإنساني، بين النقصان والإفاضة في تحديد تاريخ زمانية الجنس الأول لكائن البشر، التي تقدّر بين خمسين ألف سنة أو أزيد عنها كحل وسط من خلال المراجع المعتمدة في البحث ، التي تتحدث عن مرحلة ماقبل الإنسانية (ماقبل الفلسفة) في حياة الإنسان الأول البدائي تعزوها الكفاح من أجل البقاء في وسط قوى الكون المتوحشة والظواهر الطبيعية المهلكة.
أين عاش الإنسان صراعا طويلا مع بيئته الطبيعية المتقلّبة قبل أن يستطيع أن يفكّر في الخلاص من قواها وجبروتها والتحكم فيها ، فمرحلة الإستجابة والتحدي والإنصياع لهيمنتها التي دامت قرونا طويلة كانت كافية أن يعمل غريزيا من أجل الحفاظ على بقاءه حيا، قبل أن تكون له القدرة على فهم او بلوغ أسرارها في غياب الدهشة والحيرة عن أسبابها ومنبع مصادر حدوثها من أثر فراغ التفكير عن ما يحدث حوله .
فمشكلة محاولة الفهم غائبة نتيجة النازع الدموي الذي أذكته الرغبة في البقاء أولا، ثم الرغبة في التملّك والقوة للغلبة ، بعد ذلك كغريزة حتمية في تلك الفترة البدائية (مرحلة التوحش) .
وفي هذه الدراسة الموجزة سنحاول رصد جانب تاريخي ، عن بعض الترسّبات الذهنية العالقة اليوم ، عن الجذور المفاهيمية لمعنى الأسطورة لتكريس فكرة الإله، في ثنايا الفكر الشرقي القديم، أو مايعرف بمرحلة ماقبل الإنسانية ؟ ولأي مدى كانت الميثولوجيا حاضرة في تأسيس معنى الدين؟ وما دور الطبيعة في ملحمة الأساطير القديمة؟
ككل عمل بحثي كالعادة سنتعرض لشرح بعض المصطلحات المحورية لما سنتعرض له من قراءة الموضوع.
شرح بعض المصطلحات المفاهيمية
الإعتقاد: هو أول أشكال التعبيرات الجمعية عن الخبرة الدينية الفردية التي خرجت من حيز الإنفعال العاطفي إلى حيز التامل الذهني.
الطقس: الطقس ليس فقط نظاما من الإيماءات التي تترجم إلى الخارج مانشعر به من إيمان داخلي ، بل هو أيضا مجموعة الإسباب والوسائل التي تعيد خلق الإيمان بشكل دوري. ذلك ان الطقس والمعتقد يتبادلان الإعتماد على بعضهما بعضاً.
تعدّدت التعاريف حول مفهوم الأسطورة ووجهات النظر عن معانيها وتعاريفها وهذه أبرزها:
الأسطورة: هي قصة خرافية يسودها الخيال ،وتبرز قوى الطبيعة في صور كائنات حية ذات شخصية ممتازة وينبنى عليها الادب الشعبي.
-الإشتقاق لكلمة أسطورة في العربية يقارب إشتقاقاتها في اللغات الأروبية؛ فكلمة (Myth)في الأنجليزية والفرنسية وغيرها ، مشتقة من الأصل اليوناني (muthas) وتعني قصة أوحكاية. وكان أفلاطون أول من إستعمل تعبير(muthologia) للدلالة على فن رواية القصص، وبشكل خاص ذلك النوع الذي ندعوه اليوم بالأساطير ،ومنه جاء تعبير(mythology) المستخدم في اللغات الأروبية الحديثة.
- الأسطورة : حكاية تعيش منذ القدم في تقاليد قبيلة أو جنس أو أمة ، يتوارثها خلف عن سلف، وتدور حول الآلهة وأنصاف الآلهة والأحداث
ــــــــــــــ
لكون: مصطلح أرسطي يراد به حصول في المادة بعد أن تكون حصلة فيها ويقابل الفساد ويطلقه المتكلمون على الوجود المطلق.
إبراهيم مذكور: المعجم الفلسفي ، مجمع اللغة العربية،القاهرة، (دط)،1983، ص 165..
فراس السواح: دين الإنسان، دار علاء الدين،سوريا،ط4،2002 ،ص47.
المرجع السابق، ص 55.
.إبراهيم مذكور: المعجم الفلسفي ،، ص13..
فراس السواح: دين الإنسان، ص56.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الخراقة، وتختلف عن الملاحم التي تسجل أفعالا إنسانية وعن الحكايات الخرافية التي ابتكرت لأغراض التعليم والتسلية.
- والأسطورة تنتهي إلى أشكال الحضارة القديمة ، وترجع إلى مرحلة سابقة على العلم والفلسفة، فهي تفسر بمنطق العقل البدائي ظواهر الكون والطبيعة والإنسان.
ومنهم من يذهب إلى أبعاد تاريخية التي ترسمه الأسطورة إذ يعلو فيها الإله على قوى الطبيعة ومظاهرها ويتسلط عليها .
- يرى أرنست كاسيرر:" أن الأسطورة الحقّة لاتبدأ عندما نكوّن تلك الصور المحدّدة عن الآلهة ، بل عندما نعزو لهذه الآلهة بداية محدّدة في الزمن، وعندما تباشر هذه الآلهة فعالياتها وتنبئ عن وجودها في سياق زمني؛ أي عندما يتحول الوعي الإنساني من فكرة الآلوهة إلى تاريخها".
علم الأساطيرMythogie: يتضمن البحث في أساطير الأولين كاليونان والرومان وغيرهم من الشعوب.
ــــــــــــــــــ
جميل صليبا،المعجم الفلسفي، ج1، ص79.
مصطفى عبد الله: أسطورة أوديب في المسرح المعاصر، الهيئة المصرية العامة للكتاب،القاهرة،(دط)،1983،ص6.
فراس السواح: دين الإنسان،ص59.
جميل صليبا: المعجم الفلسفي، ج1،ص79
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- كيف نشأت فكرة الآلهة والمعتقد الديني
رأينا كيف عاش الإنسان الأول صراعا مريرا مع قوى الطبيعة المتوحشة ، كمرحلة عملية إرتكزت على حب البقاء وخوض غمار البحث عن سبل النجاة والحياة (إكتشاف أدوات الدفاع عن النفس من الغريم)، فمن هذه الظواهر الطبيعية الغامضة الأسرار المبهمة الفهم التي
كانت تحيط به ،حتى أضحت إرهاصا إن لم نقل عبء ثقيلا على قدرة إستعابه الفطري، وإحساس المهزوم أمام قوى هذه الظواهر التي يراها أضخم منه ، ومن قدراته الضعيفة لإيجاد حلول وتفسيرات عن منبعها ومادتها، لهذا كانت سببا مباشرا في إحتياجه لحامي وحارس أسطوري له كل صلاحيات دفاع الخطر عنه في أوقات غضب الطبيعة ...يمكن النزوع إليها ،وهكذا نشأت مايعرف بالآلهة .
فكيف تبلورت فكرة الإله وشكّل معنى الإعتقاد؟
أولا نتعرف على معنى الدين من جوانبه المختلفة.
أ- التعريف اللغوي للدين
-عرّف الرازي الدين لغويا فقال: الدِّين بالكسر: العادة والشأن.ودانه يدينه دينا بالكسر: أدلّه واستعبده.
- الدين في اللغة هو العادة. وربما اعتبر الدين عادة؛ لأنّ الناس لا تعيش غالبا بدون دين سواء كان سماويا أو وضعيا؛ فالدين عادة إنسانية.
- من الدلالات اللغوية لكلمة الدين: الجزاء، من قولهم:"كما تدين تدان"
- أما في الأنجليزية والفرنسية والألمانية نجد أن اشتقاق كلمة الدين religion كما يقول لالاند،موضع جدل.فيستخرج معظم القدماء(لاكتانس،أوغسطين) الدين religioمن religare ،ويرون فيه فكرة الربط: سواء الربط الواجب تجاه بعض الممارسات ، أو الربط الجامع بين الناس، من جهة ثانية يشتق شيشرون الكلمة منrelire بمعنى تجديد الرؤية .
ــــــــــــ
محمد عثمان الخشت: مدخل إلى فلسفة الدين، دار قباء للطباعة والنشر، القاهرة،(دط)، 2001، ص11.
المرج السابق ،ص11.
المرجع السابق،ص13
ــــــــــــــــ
ب – التعريف الإصطلاحي للدين
عرّف أهل الإصطلاح من أصحاب المعاجم وكتب التعريفات العربية ، بتعريفات متنوعة منها:
عبر ابن الكمال :الدين وضع إلهي سائق لذوي العقول بإختيارهم المحمود إلى الخير بالذات". وقال الحرالي:" دين الله المرضي الذي لالبس فيه ولاحجاب عليه ولاعوج له،هو إطلاعه تعالى عبده على قيوميته الظاهرة بكل باد وفي كل باد وعلى كل باد وأظهر من كل باد وعظمته الخفية التي لايشير إليها إسم ولا يحوزها رسم وهي مداد كل مداد".
الدين: هو مجموعة معتقدات وعبادات مقدّسة تؤمن بها جماعة معينة،يسد حاجة الفرد والمجتمع على السواء اساسه الوجدان وللعقل مجال فيه.
الدين: هو التعميم الجمعي عن الخبرة الدينية الفردية وقد تمّ ترشيدها في قوالب فكرية وطقسية وأدبية ثابتة
ج – تعريف بعض المدارس للدين
هناك عدّة تعريفات للدين من هذه المدارس التي سنعتمد على الأبرز منها من أقوال منظريها.
- التعريف الإجتماعي للدين
يعرف دوركايم الدين فيقول:" إن أي دين هو منظومة متماسكة من المعتقدات والممارسات المتعلّقة بأمور مقدّسة،أي منفصلة،ومحرّمة ،وهي معتقدات وممارسات تجمع في إيلاف أخلاقي واحد ،يدعى جامعا،كل الذين ينتمون إليه " .
- التعريف النفسي للدين
من أشهر التعريفات النفسية للدين يقول اريك فروم:" أي مذهب للفكر والعمل تشترك فيه جماعة ما، ويعطى للفرد إطارا للتوجيه وموضوعا للعبادة.
- التعريف الفلسفي للدين
يقول كانط:"الدين هو معرفة الواجبات بإعتبارها أوامر إلهية"
أما هيجل فيرى :"الدين هو الروح واعيا جوهره...،هو ارتفاع الروح من المتناهي إلى اللامتناهي".
الدين عند دفيد هيوم :" إذا وضعنا في إعتبارنا إرتقاء المجتمع الإنساني من بداية الجاهلية الأولى إلى حالة الكمال الأعظم التي وصل إليها ، فإنه يبدو لي أن الشرك أو الوثنية كانت(أو ينبغي أن تكون) الدين الأول والأبعد قدما في تاريخ النوع الإنساني".
ـــــــــــــــــ
المرجع السابق،ص13.
محمد عثمان الخشت: مدخل الى فلسفة الدين،ص14.
فراس السواح: دين الإنسان،ص86
محمد عثمان الخشت: مدخل الى فلسفة الدين،ص15.
محمد عثمان الخشت: مدخل الى فلسفة الدين،ص17.
المرجع السابق ص 18
المرجع السابق ص18.
محمد عثمان الخشت: الدين والميتافيزيقا في فلسفة. هيوم ،دار قباء للطباعة،دط،1997،ص15.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
إذ مما لاشك فيه أن الإنسان القديم ، وحتى إلى عهد حديث نسبيا قد إصطدم بظواهر طبيعية وبيولوجية وفلكية كالتي نراها في عصرنا الحاضر، فرأى رياحا تزمجر وبرقا يلمع ورعدا يجلجل، وصواعق تشعل النيران في الأشجار والغابات فتحرق وتدمر، وسحبا تنطلق وتمطر ومياها تندفع تحت قدميه في ماوالاماوال تهز هزا فتشق الأرض وتدمر الجبال...
كل هذه الأمور وغيرها التي قدمنا جزء منها لاريب في أنها أفزعنه وأخافته ، فمن الطبيعي أن الإنسان الأول لايستطيع أن يدرك مغزاها ومعناها كما ندركه نحن اليوم في عصرنا الحاضر.
ومن هنا تجسّدت في خياله قوى أسطورية أكبر منه وأعتى منه
فأرجع ما رآه إلى آلهة وأشباه آلهة تمسك بمقاليد الأمور، وتتحكم في الأمطار والبرق والرعد والماوالاماوال والبراكين والرياح...الخ.
ومن ثمّ فقد إخترع لكل ظاهرة من هذه الظواهر إلها،فكان إله البرق وإله الرعد وإله النيل وإله الخصب...الخ.
ومن حصيلة هذه الظواهر المتباينة ، التي سيطرت على الإنسان القديم إوهام شتى مما تم ذكرها جعلت من الحيرة والدهشة تسكن خياله بل جعلت منها صورا خيالية تحيا معه في المنام في أشكال شتى، وبمظاهر متنوعة في شكل أرواح تطارد جسمه .
فكان هذا الصراع الدائم بين الخوف والطمأنينة خيالا خصبا في نسج أساطير تشرح لتلك الظواهر الغريبة لما رأى في إعتقاد تام أن هذه الأرواح تحيا ولا تفنى ، إلى تفسيرات أخرى من صنيع ما أدركه مع الواقع.
ـــــــــــــــــ
عبد المحسن صالح : الإنسان الحائر بين العلم والخرافة، عالم المعرفة ،دط، الكويت ،1987،ص 8.
المرجع السابق،ص9
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
1- فكرة الإله من فكرة القانون والنظام الكوني الميثولوجي
فكرة الإنتقال إلى المرحلة الميثولوجية أو مانحتته الأسطورة من مراحل التفكير الإنساني الأول، شكّلت منعطفا جديدا في تجسيد معنى النظام الكوني ،من خلال حركة الطبيعة والحياة الإنسانية . ليجد الفكر الأسطوري منحى الوحدة والنزوع للقانون ،عبر الشذرات الشعرية الروحية التي تحاكي هذه القوى الغائية الغالبة، فنجد في الفكر الشرقي القديم ومنها الفكر الهندي قبل آلاف السنين خلت سمات ترسيخ فكرة الإله المخلّص في تأملات حكماء " الفيدا" ذات الطابع العملي كما أشرت (الحرص على وجود آليات إمكانية البقاء).
فخصوصية الفكر الهندي البوذي كانت تتمحور حول الحياة من خلال العذاب الجسدي للإنسان الهندي وآلامه وكذا الذهني والروحي في حياة البشر ، محاولة منهم تخليصهم من معاناتهم و سعوا لفهم مبراراته وأسبابه وأيضا محاولة منهم لتحسين فهم طبيعة الإنسان والكون.
وطرق تخليص النفس من آلامها واستئصالها من هذه المعاناة
ــــــــــــــــــــ
الفيدا: كلمة سنسكريتية مشتقة من الأصل فيد بمعنى .يعرف. والمقصود الكتب المقدسة الهندوسية الأقدم التي تضم أربعة أسفار هي . البريج فيدا التي تضم مجموعة اناشيد لتجميد الآلهة .والمستفيد وهي ترانيم تصاحب تقديم القرابين. والأجور فيدا وهي نصوص إضافية مرتبة حسب القرابين . وأخيرا الاثرفافيدا الذي يعرف بسفر الفقراء والذي يضم نصوصا يفسرها البعض على انها مادة الرقى السحرية.
جون كولر: الفكر الشرقي القديم، تر، كمال يوسف حسين، مراجعة، إمام عبد الفتاح إمام، عالم المعرفة،الكويت،(دط) 1995،ص31.
البوذية:مجموعة الآراء الفلسفية والدينية التي نشأت في تعاليم بودا، وأساسها القول بأن حياة الانسان في الدنيا
شر وألم ،وان التخلص منها إنما يتم بالإندماج في الوحدة الشاملة وهي النرفانا،وسبيل ذلك الزهد ومحاربة الرغبات والشهوات. راجع إبراهيم مذكور، مرجع سابق ،ص36.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عرفت بطاقتين روحيتين بحسب الأساطير القديمة عن قوى مفارقة للطبيعة ، " أوبانيشاد" فإن القوى العظمى ترجع للإله " براهمان" التي تمنح للكون طاقته، والطاقة الروحية للذات " أتمان" هما شيء
واحد. في الأساطير البوذية .
وقد إنتشرت هذه الديانة بين التبت والمغول وسط آسيا وسيبيريا في طقس اللامية حيث معبودهم يدعى " اللاما" وهو حيوان يعيش في المنطقة . التي جاءت في فلسفة هيجل للدين البوذي حيث قسّم هذه الديانة إلى ثلاث آلهة أسطورية بحسب كل جهة " ويوجد ثلاثة من اللاما أكثرهم شهرة هو" الدلاي لاما" الموجود في لهاسا بالتبت، وثانيهم هو"
التشو لاما" الموجود في تشو- لامبو، ويدعى أيضا بالنتشن رينبوتشي، أما الثالث فهو الموجود بجنوب سيبيريا".
ولنعرج لجنوب القارة الأمريكية قديما ففي مكسيكو ولدى هنود" الكورا" يفترض أن إله الذرة يحضر،على نحو كامل ودون قيد أو شرط ، في كل ساق وفي كل حبة ذرة. وربّة الذرة المكسيكية " تشيكوميكوتل" في عذريتها هي الساق الأخضر الغض، وفي شيخوختها حصاد الذرة ؛ لكنها أيضا كل عرنوس منفصل وكل طبق بعينه.
ـــــــــــــــ
الأوبانيشاد.كلمة سنسكريتية. دخلت اللغة الانجليزية في عام 1805.وهي تتألف من مقطعين: "أولا" بمعنى قريب من
"ويناشد بمعنى يجلس".والمراد" يجلس قرب المعلم " ويقصد بها في الأدبيات السنسكريتية محاورات تاملية ميتافيزيقية.
براهمان: كلمة سنسكريتية شفت طريقها إلى الإنجليزية في وقت جد مبكر.. ويقصد بها الاسم الذي أطلقه معلمو
حكماء الأوبانيشاد على الوجود الأسمى .وهم يجدونه في الإله الخالق براهما ويضعون طرفا في ثالوث مقدس يتألف من "براهما"الخالق و"اشتد ".الحافظ " وشيفا ". المدمر.
اتمان: يراد بها في الأدبيات الهندوسية روح العالم او مبدأ الحياة .او الروح المطلقة او نفس الكون التي تتخلل كل شيء.
للمزيد راجع ،جون كولر، مرجع سابق، ص31.
جون كولر: الفكر الشرقي القديم، ص28.
محمد عثمان الخشت: مدخل إلى فلسفة الدين، دار قباء للطباعة والنشر، القاهرة،(دط)، 2001، ص173.
عثمان محمد الخشت: المرجع السابق،ص 173.
أرنست كاسيرر: اللغة والأسطورة، تر، سعيد الغانمي، هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث، أبوظبي،ط1،2009،ص166.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
فتنوع الآلهة في أشكال الصور المختلفة ، إنسان والحيوان والنبات وغيرها هي الملمح التعبدي للإنسان الهندي القديم.
لنتعرج لمنطقتنا العربية الشرقية ونقرأ عنها من خلال عرض لأساطير وديانات المشرق العربي القديم منذ مطلع الألف الثالث قبل الميلاد، فقد كانت المعتقدات تتمحور حول الحياة الخصبة في أن هناك إله يموت في كل عام مع نهاية الصيف ويهبط إلى العالم الأسفل ، ثم يبعث حيا في الربيع جالبا معه الحياة للأرض والخصب والماشية .
وحول هذا المعتقد بنيت أساطير متعددة ونشأت طقوس متنوعة عند السوماريين القدامى فنجد " دوموزي" الإله الميت الحي وقرينته " إنانا" بالإضافة إلى مجمع واسع من الآلهة يرأسهم الإله " آن" كبير الآلهة ومادار حولهم من طقوس شكلت عبادة الخصب السومارية . ....دائما تدور حول الحياة الخصبة للأرض والمراعي.
كما نجد في مصر القديمة إله" آتون" إله واحدا لمصر في زمن ملكها الفرعوني أخناتون بمدينة طيبة القديمة ، أين سرّح هذا الملك باقي الآلهة القديمة ومحا إسم الإله " آمون رع " ووحّد عبادة مصر آنذاك تحت الإله "آتون" كطاقة صافية لاتتخذ شكلا ما، لكنها تتبدى في عالم الظواهر بقرص الشمس الذي يعطي الحياة والحركة للجميع.
ومن بين التسابيح العقائدية التي وجدت في ترانيم النصوص القديمة عن عظمة " آتون" ..." أنت آتون النهار مبجّل في كل قطر بعيد" دليل على عظمة "آتون" ومن الأناشيد والموسيقى التي تقام كل موسم عند زيارة معبد " أتون " أيضا مقطع من الترتيلة القصيرة لأخناتون حيث يقول: " جوقات المنشدين من رجال ونساء ترفع إليك أعذب الإنشاد في المعبد الكبير وفي كل معبد" في إنتشار التوحيد عبر أقطار مصر القديمة وما يجاورها من مدن.
ــــــــــــــــــ
:فراس السواح: دين الإنسان، دار علاء الدين،سوريا،ط4،2002، ص88.
: فراس السواح: ص 88.
فراس السواح: ص95.
فراس السواح : ص94،95.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
فالسمة الجلية التي كانت تصور الطقسية عند القدماء المصريين أنهم قد عبدوا مظاهر الطبيعة ،فقد أعطوها معنى روحيا ، فالنيل رمز الحياة، والشمس رمز العطاء، وهو ماعبّرت عنه أسطورة أوزوريس .
كما نجد سمات أخرى التي جاءت في فلسفة التاريخ عند هيجل حول تطور الدين من مظاهر الطبيعة إلى دين روحي عند شعوب مصر القديمة ، فصفة الحيوان تدل على إرتباط الروحي والطبيعي، حيث إن الحيوان مشتمل على الجانبين. ولقد تحولت أشكال الحيوانات إلى رموز، فالصقر رمز التنبؤ، وأبيس رمز الفيضان، والخنفساء رمز التوالد والنشوء...
فتصور أشكال الحيوانات أضحت أكثر علوا من مظاهر الطبيعة فدين التحول من الدين الطبيعي ،إلى دين روحي عند القدماء المصريين بحسب فكرة تطور الأديان عند الحضارات الشرقية القديمة من المنظور الهيجلي.
ونضرب مثلا آخر من طقس عرب الجاهلية قبل الإسلام، فقد تعدّدت بتعدد القبائل العربية الموجودة في تلك الفترة، نتعرج إليها بإختصار ،فلدى قريش نجد عبادة الإله " العزى" بشكل رئيسي وباقي الآلهة ثانوية ففي الأوس والخزرج في يثرب ،كانت عبادة الإلهة " مناة" هي الأولى ولدى ثقيف في الطائف كانت " اللات" فوق الجميع، كما كانت لقريش آلهة داخل الكعبة وخارجها أبرزها " هبل" صنم من العقيق الأحمر في هيئة إنسان.
ـــــــــــــــ
عثمان محمد الخشت: مدخل إلى فلسفة الدين ، ص 181.
المرجع السابق،ص181.
فراس السواح: ص 88
ـــــــــــــــــــــــ
آلهة تعزو إليهم رغبات الإنسان الجاهلي في حالات السفر والحرب والحرث وكذا الأمور الأخلاقية في تلك المرحلة من حياة القبائل العربية المترحلة.
لنجد متعة البحث في إحدي الأساطير الدرامية في العصر الإغريقي الكلاسيكي القديم ،في مسرحية " أوديب" أين نجد دور الآلهة التنويري والمطهر للأنفس في حياة الإنسان اليوناني، قبل مرحلة الفلسفة ظهرت في أعمالهم الفنية ، كانت الآلهة المصدر الإلهامي في كتاباتهم الفنية ومنها فن المسرح (بين لايوس الأب وأوديب الإبن ووحي الإله أبوللو في عمل مسرحي كبير )...
في بداية المشهد المسرحي على لسان سيفوكليس ..." وفي يوم من الأيام عايره شاب عن أصله المجهول، فثار أوديب وحاول التعرف على الحقيقة ممن كان يظنها أمه ، ولكنها رسمت على وجهها شيئا من الخداع لتخبره أنه إبنها ولكنه ، أحس بذلك فخرج إلى معبد " دلف" يستنير وحي الآلهة وكما سبق وأخبر أبوللو لايوس بما كتب عليه من لعنة نتيجة لفعلته النكراء وجحوده لجميل ملك طنطالة، فهاهم كهنة أبوللو يخبرون أوديب...".
في حوار بين أوديب وإله معبد "دلف" في تصوير تعبدي يوحي بواقعية الحوار بين العبد والإله اين يقول الإله: " إذهب يا أوديب لقد قضى عليك ،أيها التعس أن تقتل أباك وتتزوج من أمك".
ـــــــــــــ
الاله ابوللو: وهو إله الراحة والسكون وفتنة العواطف،والتأمل العقلي والنظام المنطقي والهدوء.
راجع ويل ديورانت: قصة الفلسفة من افلاطون الى جون ديوي،تر،فتح الله محمد المشعشع،مكتبة المعارف،ط6،بيروت
،1988 ص 512.
مصطفى عبد الله: أسطورة أوديب في المسرح المعاصر، 12.
مصطفى عبد الله: أسطورة أوديب في المسرح المعاصر، 12.
ــــــــــــــــــــــ
هذا بإختصار بعض ملامح المناخ الطقوسي والحياة الروحية التعبدية للأفراد في الحضارات الشرقية القديمة ، التي لايمكن التعرج لها جميعا نظرا لتشعّبها في مراحلها التاريخية ، فقد إكتفيت ببعض النماذج التي تخدم سياق البحث فقط ، إذ لست بصدد دراسة مفهوم الدين كدين شمولي(توحيدي) مؤسس للجماعات (لهذا أركز على كلمة عبادة بدل كلمة دين التي لم تنضج وتتبلور بعد في هذه المراحل الأولى).
إذ هو قراءة تاريخية تطورية هرمية في أصل البداية الميثولوجية أي كيف أن التفكير الميثولوجي الشرقي( شذرات شعرية، عبادات، طقوس..) فتح الطريق للبحث عن قوى أكبر من الإنسان ومنها أوجد لنفسه فكرة " الإله" من مشاعر القلق والخوف والأمل التي كانت تسيطر على الإنسان البدائي من أحداث المستقبل ومن مخاوف افكاره التي يضمرها عن القوى الغائية ،إذ يقول دافيد هيوم:" ينشأ الدين البدائي للنوع الإنساني من الخوف والقلق من أحداث المستقبل ،والغير المعروفة".
نتج عنه مجموعة من قوى الآلهة التراتبية صنعت للعبادة والحماية وجلب الخيرات ودفع الأذي من قوى الطبيعة،وتنظيم حياة الأفراد في شكل جماعات، التي عايشها الإنسان القديم في تلك الفترة.
فقد فتحت له أبواب أخرى للدهشة والحيرة عن تصورات حول بعث سؤال عن حقيقة من أوجد هذا الكون ؟ وكيف تمّ تكوين نشأة الأشياء فيما بعد؟ ومادته التي وجد منها ؟. ومن خلال تصنيف الآلهة من الأعلى إلى الأدني...إله السماء وإله الأرض وإله البحر في تأملاتهم الروحية الأولى، أضفت سمة البحث هذه جوانب خفية لهذا الإله عن مادته ومصدر قوته وطبيعته ...
فتأمل الآلهة خلق إستقرارا وجدانيا وأمن وجوده للبحث عن أصل الوجود وطبيعة الخلق ومدى قوته الغائية، التي سنتظرق لبعض من هذه التصورات والتساؤل في كيف إنتقل التفكير عن مابعد هذه القوى الغائية في بنية نشوء العالم ومادته؟.
ــــــــــــــ
محمد عثمان الخشت: الدين والميتافيزيقا في فلسفة. هيوم، ص16.
ـــــــــــــــــ
1- كيف نشأت فكرة العالم؟ومن خلق عالم الأشياء؟
وعطفا مما تقدّم سابقا من تمهيدات عن مراحل التي سبقت التفكير من مراحل الحياة البشرية ، فقد صوغت فكرة الآلهة إنطلاقا منها وبفضلها نشأ العالم، فإختلاف قوى الطبيعة ( السماء والأرض والبحر) فالآلهة العليا خلقت الآلهة الصغرى ، والأكثر علوا خلقت دون الأدنى منها وهكذا...أين ولّدت حكايات لصور خيالية تفّسر هذه الظواهر المختلفة للطبيعية في شكل أساطير(الميثولوجيا الكونية) ،لتصبح أساطير دينية فيما بعد صنّفت من خلالها الآلهة كل إله يناسب الأشياء التي تخضع له، كما كان نظام نشوء الأشياء يناسب النظام الذي نشأت فيه الآلهة ...ومن هنا تظهر لنا جليا القاعدة التي بنى عليها الإنسان الشرقي الأول قاعدة الخلق في فهمه البسيط أن الأكبر يخلق الأصغر بالنسبة للآلهة والأشياء.
إذن التأويلات الميثولوجية أصبحت أحد الطقوس التي حاول بها الإنسان الأول أن يتغلب بها على القوى العاتية التي كان يشعر أن أمره بيدها،وهذه التفسيرات أعطت قواعد أولية للعنصر الوجداني المرتبط بالعبادة نتيجة الإحساس المبهم (الدهشة والحيرة)الذي لازم الإنسان القديم آنذاك التي سبقت المرحلة العقلية
ومما يجدر الإشارة إليه في هذا التحليل الشاقولي، أن فكرة الدهشة والحيرة من هذه الظواهر الطبيعية المتكرّرة ، قد خلقت نوعا من أو لنقل جلبت لفت النظر والإنتباه لمعنى وحدة النظام الكوني والحياة الإنسانية التي تعزو حياتهم ، بحيث أن فكرة النظام في الطبيعية( تعاقب الليل والنهار، حركة الشمس والنجوم والقمر،تغير الفصول، اوقات الفياضانات، فصل الزرع وآخر للحصاد...) كانت تتماشى في نموها النظام في الجماعات البشرية ( على شكل قبائل وعشائر وتجمعات بشكل عام للنوع البشري...) ليظهر مصطلح " قانون والنظام الكوني" بعد حياة فوضوية مشتّتة عاشها الإنسان القديم ...
4 - دور الكلمة في التصور الطقسي عند الشرقيين...
لقد لعبت الشذرات الشعرية القديمة عن الآلهة فضاءا خصبا في تصورات الخيال آنذاك (المخيال الطقوسي)، حيث أعطت أنماط مختلفة ومستقلة للإبداع الفني و الروحي، من خلال مخرجات اللغة الشعرية وتمثلاتها في الواقع ،مما جعلها تعطي دفعا للإحياء الأسطوري في دور تكاملي بين الصورة والكلمة المعبر بها بالكلمة (علاقة توفيقية بين الذات والموضوع)،كما أشار أرنست كاسيرر: " ...يعطي للصور الإحياء نفسه والأقنمة المادية نفسها التي أضيفت على ألفاظ الكلام الإنساني في الأصل، وعلى أي نوع من أنواع التمثيل الفني وفي العالم السحري بالتحديد ، يكون سحر الكلمة مصحوبا في كل مكان بسحر الصورة" .
أين يظهر هذا التوافق بين ماتنتجه اللغة من تصورات في العالم السحري بعيدا عن إعمال العقل ووعيه ،بداية لتصور الإله من تسميات مجردة ، بل تتمحور كل كلمة مباشرة إلى شكل أسطوري عيني ملموس، هو إله أو شيطان، وهكذا يمكن لأي إنطباع حسي، مهما يكن غامضا ، إذ كانت تثبته اللغة وتحتفظ به(في قوالب مختلفة)، أن يكون نقطة بداية لتصور إله أو دلالة عليه ،ومن بين أسماء الآلهة اللتوانية(كضرب من المثال) التي أدرجها أوسنر، يبدو إله الثلج " الوماض"، إلى جانب إله القطيع" الهدار" ،وكذلك في علاقة هذين الإلهين نجد إله "الطنان" إله الماوالماوالة السواط".
فهذه الأصوات والتجليات أعطت معاني رمزية مباشرة فيما يماثلها على الطبيعة ؛ كأن يسمع صوت الإله في صوت أسد أو كما في هدير قوة العاصفة ودمدمة المحيط ...إلخ، أين تتلقى الأسطورة الحياة الجديدة والثراء في اللغة بطريق الإحياء اللغوي(بعث) لما تدركه في عالم الحواس في رموزه المختلفة عبر مخرج فني متعدد الصور في شكل شذرات شعرية مختلفة وثرية .
ففي أحد الصور الآتونية (نسبة للإله آتون) المصرية ،هذا التكامل في توحيد جميع أشكال الحياة على الأرض، وبين حب خالقها الإله
آتون ،نجد التسابيح التعبدية في مصر القديمة :" كل مخلوق صنعته يثب إليك..." ،وأيضا :" كل الحيوانات تثب على قوائمها،وكل ذوات الريش تنهض من أعشاشها وتصفق أجنحتها بفرح، وتدور تسبّح بحمد آتون". ولعالم النبات لغته أيضا في هذا الطقس التعبدي، تسبح قائلة:" البراعم تتفتح أزهارا، والنباتات الطالعة في الأراضي القاحلة،تطلع وريقاتها لمرآك..."
لتشكل حلقة الإرتباط هذه، الحلقة المهمة بين التصورات والإرتباط المفترض للواقع نفسه ، من خلال تجليات اللغة الشعرية والكلمة المعبّرة عنها ككيانات في العالم مبنية روحيا.( ملاحظة :لابد أن تعمق البحث وتأصله يعزو في دور اللغة الشعرية التي تحاكي وجدان الشاعر في أغلب الشذرات القديمة التي بنيت عليها الأسطورة التي حاولت الإشارة إليها مسبقا) في ذاك الوقت.
ــــــــــــــــــ
أرنست كاسيرر: اللغة والأسطورة،173.
أرنست كاسيرر: اللغة والأسطورة:ص171.
فراس السواح: ص95.
ــــــــــــــــــــــ
وهذا التركيب بين العالمين(الآلهة والأشياء) ينظر إليه على أنه العالم الواقعي للأشياء المجردة ،أوالعالم الواقعي أنه عالم الأشياء المألوفة مثل الناس والأبقار والأشجار...وعالم مكوّنات الأشياء العادية كالذرات عالم بداية بناء العقل المتفلسف (المرحلة العقلية)،التي أخذنا جزء منها كمرحلة بداية التفكير في الكون كنتيجة لما تقدّم من تطور الفهم البشري عبر نظريات الشرقيين الأوائل كبوابة للفلسفة الإغريقية الأولى كقراءة عن مرحلة البداية لمايعرف بمرحلة ماقبل التفكير (العقلية).
التي كثيرا ما نجد في كتب التاريخ الفلسفة ، ينطلق من بوابة مفكري الإغريق فقط(خاصة المؤلفين الألمان هيجل، نيتشة هيلدرلين،هيدغر...)، لذا كان البحث عن البداية والجذور الأولى أو الإسهامات الشرقية في الفكر الإغريقي منعطف لابد الوقوف عنده كمدخل تاريخي تطوري لمعنى البداية للتفكير الإنساني بشكل عام.
ومن الحضارة الكنفوشيسية بالصين في القرن الرابع قبل الميلاد ظهرت نظرية العناصر الخمسة في جوهرها ردا على سؤال بنية الكون، وتعد نظرية " الينج يانج" في أصلها ردا في سؤال أصل الكون ، وتفيد الصياغات الأولى لنظرية العناصر الخمسة أن القوى الخمس الأولى المكونة لعناصر الكون الخمس المسيطرة على مسار الطبيعة يمثلها نحو رمزي الخشب والنار، والمعدن والماء ، والتراب،ومركبات هذه القوى تحدد الكون" في الفكر الصيني.
ـــــــــــــــــ
الينج يانج: مدرسة عنيت بنشاة الكون وعلم الكونيات تاثيرا من في عصر الكنفوشسية المبكرة والتاوية اهتمت
حول التحولات الداخلية الطبيعية في سؤالها عن بنية الكون وعن أصله ومما نشأ وكيف جاء؟
والنظر في الوجود على أنه قائم في التوترات عن قوة العدم الكونية او "الين." وقوة الوجود الكونية "اليانج"...ذلك أنه بغير الوجود لا يكون مجيء إلى رحاب الوجود. ودون العدم لا يكون هناك خروج عن الوجود،ومن هنا فإن الين السلبي، اليانج، الإيجابي مطلوب كمصدر للوجود. راجع ،جون كولر: الفكر الشرقي القديم ،ص323، 324.
جون كولر: الفكر الشرقي القديم، ص324.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقد إنتقال التفكير والبحث من النظرة الميثولوجية المحضة عن نشأة العالم إلى سؤال أكثر عمقا،عن بنية الكون ومادته بين الوحدة والكثرة في الحوادث الكونية ،إذ هي اقرب للعلم والفلسفة في باكوراتها في عملية بطيئة أقل نضجا مما توصل إليه الغرب اليوم ، لنجد سمات الفكر العلمي والفلسفي الإغريقي أكثر نضجا قد ظهر على الساحل الغربي لآسيا الصغرى بجملة من مفكري أيونيا الأوائل.
نرى في الماء الذي وجد فيه طاليس أصل الأشياء كلها مذكرا بالإله " أوزيريس"، والنار التي أرجع إليها هرقليطس الأشياء كلها مذكرة ب " رع" إله الشمس ، وتبدو نيميسيس ثانية في القوى المعادلة التي يعزو لها هيروقلطس حفظ الشمس في فلكها، اما انكسيمنس أنه الهواء وضع فرضا مخالفا وهو أن المادة الأولية لابد أن تكون شيئا مخالف عن ما نعرفه عن الأشكال المعينة كالنار والهواء والماء...التي تبلورت في شذراتهم الشعرية القديمة.
والله يوفق الجميع
الأحد نوفمبر 27, 2022 9:16 pm من طرف Faizafazo
» برنامج احترافي في تنقيط التلاميذ تربية بدنية ورياضية وكل ما يحتاجه استاذ التربية البدنية والرياضية في المتوسط
الأحد يونيو 27, 2021 7:33 pm من طرف تمرت
» مفاهيم عامة .الاعلام و الاتصال
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:51 am من طرف المشرف العام
» نظريات الاعلام وحرية الصحافة و علاقة الصحافة بالسلطة
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:50 am من طرف المشرف العام
» نشأة وتطور الصحافة في العالم و الوطن العربي
الجمعة يناير 15, 2021 11:48 am من طرف المشرف العام
» ترحيب و تعارف
السبت يونيو 13, 2020 10:39 pm من طرف صقر السردي
» كتب تاريخ الجزائر في القديم والحديث
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الثورة الجزائرية ،"ثورة المليون و نصف المليون شهيد"
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الادارة وتعريفها
السبت مايو 16, 2020 3:28 pm من طرف المشرف العام
» مقياس :تاريخ وسائل الاعلام
السبت مايو 16, 2020 2:57 pm من طرف المشرف العام