هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مرحبا بكم في هذا المنتدى الخاص بعلوم الإعلام و الإتصال و العلوم السياسية والحقوق و العلوم الإنسانية في الجامعات الجزائرية
. نرحب بمساهماتكم في منتدى الطلبة الجزائريين للعلوم السياسية و الاعلام والحقوق و العلوم الإنسانية montada 30dz

دخول

لقد نسيت كلمة السر

المواضيع الأخيرة

» مشاركة بحث
الدولة ، أركانها  Icon_minitimeالأحد نوفمبر 27, 2022 9:16 pm من طرف Faizafazo

» برنامج احترافي في تنقيط التلاميذ تربية بدنية ورياضية وكل ما يحتاجه استاذ التربية البدنية والرياضية في المتوسط
الدولة ، أركانها  Icon_minitimeالأحد يونيو 27, 2021 7:33 pm من طرف تمرت

» مفاهيم عامة .الاعلام و الاتصال
الدولة ، أركانها  Icon_minitimeالثلاثاء فبراير 16, 2021 10:51 am من طرف المشرف العام

» نظريات الاعلام وحرية الصحافة و علاقة الصحافة بالسلطة
الدولة ، أركانها  Icon_minitimeالثلاثاء فبراير 16, 2021 10:50 am من طرف المشرف العام

» نشأة وتطور الصحافة في العالم و الوطن العربي
الدولة ، أركانها  Icon_minitimeالجمعة يناير 15, 2021 11:48 am من طرف المشرف العام

» ترحيب و تعارف
الدولة ، أركانها  Icon_minitimeالسبت يونيو 13, 2020 10:39 pm من طرف صقر السردي

» كتب تاريخ الجزائر في القديم والحديث
الدولة ، أركانها  Icon_minitimeالسبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام

» الثورة الجزائرية ،"ثورة المليون و نصف المليون شهيد"
الدولة ، أركانها  Icon_minitimeالسبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام

»  الادارة وتعريفها
الدولة ، أركانها  Icon_minitimeالسبت مايو 16, 2020 3:28 pm من طرف المشرف العام

» مقياس :تاريخ وسائل الاعلام
الدولة ، أركانها  Icon_minitimeالسبت مايو 16, 2020 2:57 pm من طرف المشرف العام


4 مشترك

    الدولة ، أركانها

    aicharacha
    aicharacha


    البلد : أحبك يا جزائر
    عدد المساهمات : 109
    نقاط : 225
    تاريخ التسجيل : 26/12/2009
    العمر : 35

    الدولة ، أركانها  Empty الدولة ، أركانها

    مُساهمة من طرف aicharacha الخميس أكتوبر 07, 2010 1:04 pm

    أركان الدولة :
    أولا : السكان
    تعريف السكان: هم كل الأشخاص الموجودين على إقليم الدولة سواء كانوا من رعاياها أو من الأجانب ومن غير المنطقي أن يكون الرعايا أقل من الأجانب.
    تعريف الشعب:وهو مجموع الأفراد الذين ينتمون للدولة عن طريق الرابطة القانونية.وهي رابطة الجنسية سواء كانت أصلية عن طريق الدم أو الإقليم أو تكون مكتسبة، ويشمل شعب الدولة المقيمين على إقليمها أو المقيمين في دولة أجنبية شرط احتفاظهم بجنسيتها.
    الشعب السياسي: وهو مجموع الأشخاص الذين يشاركون في الحياة السياسية للدولة سواء عن طريق الترشح أو الانتخاب أو تقلد المناصب في الدولة.
    الشعب الاجتماعي: وهم جميع رعايا الدولة باختلاف سنهم أو جنسهم أو مناصبهم في الدولة.
    مدلول الأمة: يرى العديد من الباحثين أن الشعب لا يكفي لوجود الدولة بل لابد من وجود الأمة التي تكون نتاج تطور تاريخي ومنها ظهور مبدأ القوميات الذي ظهرت به دول أوربية حديثة مثل إيطاليا.
    ومن أهم التعاريف التي أعطيت للأمة:
    1-التعريف الموضوعي: ويتزعمه الفقه الألماني حيث يتصورون أن قيام الأمة يعتمد أساسا على العرق واللغة ثم الدين والأرض وبذلك يتوحدون في دولة واحدة.وهو ما اعتمدته النازية للتوسع على حساب الدول المجاورة من خلال أن الجنس الآري هو أرقى الأجناس وأنه بوحدة اللغة نستطيع إنشاء دولة.
    لقد انتقد هذا الاتجاه لتداخل الأعراق فيما بعضها واستحالة وجود عرق منعماوال لوحده واللغة ليست معيارا فهناك العديد من الدول التي تستعمل لغة واحدة .وعلى الرغم من هذه الإنتقادات إلا أنه لا يمكن من التقليل من أهمية الدين في تكوين الأمة وبقاءها .
    2- التعريف الشخصي : تبناه الفقه الفرنسي من بينهم الكاتب " أرنست ريناي" حيث يعرف الأمة بأنه روح ومبدأ روحاني بوهي تقوم على عنصرين:
    أ- الانتساب الى ماضي بمشترك مثل: الحروب،والأفراح،الانتصارات،الإحساس المشترك.
    ب- إرادة بناء مستقبل مشترك أي العيش معا.إضافة إلى عوامل أخرى: مثل القرابة ووحدة المصالح الاقتصادية.
    وكل هذه العوامل جعلت أندريه هوريو يعرف الأمة " هي بالتجمع البشري الذي في إطاره يستقر الأفراد بارتباطهم يبعضهم البعض بروابط مادية في آن واحد ويعتبرون أنفسهم مختلفين عن الأفراد الذين يكونون المجموعات الوطنية الأخرى.
    التعاريف المختلطة :
    تعريف ماتشيني : هي مجتمع طبيعي من الناس جعلتهم وحدة الإقليم ووحدة الأصل ووحدة العادات واللغة يعيشون حياة مشتركة ويتمتعون بوعي اجتماعي مشترك .
    تعريف ستالين : (النظرية الماركسية ): "الأمة هي جماعة إنسانية ثابتة تكونت تاريخيا ونشأت على أساس من واحدة اللغة ووحدة الإقليم ووحدة الحياة الإقتصادية والتكوين النفسي والعقلي الذي يترجم ويتجسد في الثقافة المشتركة ".
    مفهوم الأمة في الفكر السياسي الجزائري :
    يمكن ادراج تعريف الإمام عبد الحميد بن باديس " الأمة الجزائرية تكونت وهي موجودة مثلما تكونت مختلف أمم الأرض ، هذه الأمة لها تاريخها ، لها وحدتها الدينية واللغوية ولها ثقافتها وتاريخها ".
    .*الاقليم البري :هو اليابسة التي يعيش عليها سكان الدولة .محتوى الاقليم البري :يحتوي على مافوق الاض وما تحتها حتى الانهار الداخلية .حدود الاقليم البري :تكون طبيعية الجبال الاودية اصطناعية مثل الأسلاك الشائكة
    الاقليم البحري :هو الماء الكثير أجاجا كان ام فراتاأولا المياه الداخلية:هي المياه الملتصقة بالشاطئ.نظامها القانوني : هي جزء لا يتجزء من اقليم الدولة .
    الموانئ البحرية:الميناء: هو منذ طبيعي تقيمه الدولة على شاطئها.
    المرفأ: هو خليج بحري تحتمي فيه لسفن.
    المرسى: منطقة بعيدة عن الساحل تحتمي فيها السفن.
    المركز القانوني للسفن العامة : هي التابعة للدولة او التي تقدم خدمات للدولة ولا تدخل في التجارة.
    ثانيا الخلجان: عبارة عن مسافة من البحر تتغلغل في اقليم الدولة .
    الخليج الواقع في اقليم الدولة الواحدة :يجب ان لا يزيد اتساعه عن 24 ميلا يعتبر من المياه الداخلية
    الإقليم الجوي :
    يشمل إقليم الدولة كامل المجال الجوي الذي يقع فوق إقليمها البري والبحري إلى غاية نهاية الغلاف الجوي للكرة الأرضية حوالي(60إلى80كلم ).
    طبيعة علاقة الدولة بالاقليم :ظهرت عدة نظريات: -
    1-حق عيني : هو المحل الذي تمارس عليه الدولة سيادتها
    2-نظرية الاقليم كعنصر من العناصر المكونة للدولة : يربط الاقليم بالدولة .
    3- الاقليم كحد للسلطة : هو المكان الذي تمارس فيه السلطة .
    4- نظرية الاختصاص: هو الحيز الذي يطبق فيه الجانب القانوني .
    5- المجال الحيوي : تبرر السيطرة على الاقليم بأي طريقة .
    طبيعة سلطة الدولة على الإقليم :أنها سلطة شاملة : السيطرة على موجودات الاقليم بشريا وماديا .-انها سلطة استئثارية : استئثار الدولة بكافة السلطات
    طرق اكتساب الاقليم :
    أولا :الاسباب الاصلية :
    1/الاستيلاء : وضع اليد على اقليم لا مالك له شروط الاستيلاء:- ألا يكون مملوكا للغير.- ان تظهر نية الدولة في الاستيلاء .- وضع اليد الفعلي : وهو ان تضع الدولة على الاقليم الذي تريد ضمه اليها ظهر في الفترة الاستعمارية .
    طرق وضع اليد : اعلان الحماية الدبلوماسية وتحديد مناطق نفوذها .
    02/ الاضافة : الاضافة التي تطرأ على الارض او السواحل .
    ثانيا:الاكتساب نقلا عن الغير :
    1/ التناماوال : التخلي عن الاقليم لصالح الغير .
    التناماوال بطريق المبادلة : تبادل اقليم باقليم آخر ويتم بالتراضي بين الدواتين .
    التنازل عن طريق البيع : غير موجود حاليا التناماوال بمقابل مادي .
    التنازل بدون مقابل : عادة ما يكون اجباريا تناماوال المغلوب في الحرب .
    شروط التناماوال: ان يكون عن صادر عنه دولة لها اهلية قانونية دوليا .-اخذ رأي سكان الاقليم
    2/ التقادم : اكتساب الاقليم عن طريق مباشرة السيادة عليه دون منازع .
    شروط التقادم :- وضع اليد على الاقليم – ان يكون وضع اليد هادئا علنا أمام الملأ.** الانهار :وهي مجموعة الموارد المائية داخل اقليم الدولة .
    الانهار الوطنية :هي التي تجري في اقليم الدولة وتكون ملكا لها .سيادة الدولة الكاملة على أنهارها الوطنية :هي ملك للدولة وغير مفتوحة على باقي دول العالم الانهار الوطنية ذات الأهمية الدولية :وفقا للعلاقات بين الدولتين.
    الانهار الدولية :هي التي تربط بين اقليم دولتين او أكثر .
    الوضع القانوني للانهار الدولية:يخضع لاحكام الملاحة البحرية مبدأ حرية الملاحة :نتيجة اتفاقية باريس المؤرخة عام 15/08/1808 وأكدها ميثاق فينا في جوان 1815 .اتفاقية برشلونة 20/04/1921 :بطلب من عصبة الأمم حول النقل والمواصلات .
    استغلال ميله الانهار الدولية :يتم الاستغلال مع مراعاة الدول المجاورة في الاقليم .
    السلطة الحاكمة في الدولة .
    و تمثل السلطة الحاكمة العاصر التنظيمي في الدولة العصرية و يقصد هنا بالسلطة الحاكمة بالإدارة الحكومية الممارسة لوظائف الدولة و تكون تتمتع بسلطتها على الإقليم و هي تعرف اليوم بالحكومة أو السلطة و هي أنواع - سلطة قاهرة حائزة للقوة المادية و الكافية لتنفيذ قراراتها (الجيش الدرك الشرطة.
    - سلطة قائمة على نظام قانوني يضفي على القوة المادية شرعيتها و يصوغ نتائجها كالنظام الشرطي و القضائي و ذلك على مستوى أعلى مما لدى الجماعات السياسة الأخرى كالأحزاب
    - سلطة قادرة على إصدار قرارات نهائية و نافذة في نطاقها الإقليمي دون خضوع أو توقف أو تصديق من قوة خارجية فهي اختصاص إنفرادي إقليميا و مما سبق ذكره يمكن القول بأن الدولة لا تستطيع أن تقوم بدون حكومة تتولى وظيفتها السياسية و تأخذ هذه الحكومة في الحياة العملية بشكل مجلس تنفيذي أو مجلس حكومة أو مجلس المفوضين و تقوم بتنظيم العلاقات بين السكان و تدير الإقليم و تشغيل موارده و تستخدم ما تحت يدها من مصادر للثورة و القوة و تدعم وحدة الدولة و مكانتها الدولية و تتخذ كلمة الحكومة في التداول معنيين
    الأول : عضوي و يعني الهيئة التي تتولى حكم الشعب و تمثيله وفق ما يقضي به القانون , كما تدل على أعضاء السلطة التنفيذية في الدولة ممثلة في رئيس الدولة و رئيس الحكومة و الوزراء و كتاب الدولة .
    الثاني : وظيفي و من خلاله تدل كلمة الحكومة على ممارسة صاحب السيادة للسلطة العامة أو هي أعمال السيادة أو السيادة في حالة العمل و الحركة قياما بواجب الدولة .
    * نماذج الحكومات : إذا كانت الحكومة في منظور القانون الدولي هي الهيئة التي تتولى حكم الشعب و تمثيله في الداخل و التاريخ فإنها تتخذ في الحياة العملية عدة نماذج و هي على النحو التالي :
    الحكومة البرلمانية :
    تنتمي هذه الحكومة إلى الديمقراطيات التقليدية و تستمد تقسيمها من خصائصها التالية :
    - يعين رئيس الحكومة من طرف رئيس الدولة لأنه من طبيعة النظام البرلماني أن يكون مشتملا على مركزين متميزين هما رئيس الدولة و له صلاحيات و سلطة واسعة فعليه في تعيين رئيس الحرب على الأغلبية في البرلمان كرئيس للحكومة و المركز الثاني هو رئيس الحكومة لوزرائه و عادة يكونون أعضاء في البرلمان الحكومة هيئة جماعية يتحمل رئيس الحكومة تبعية تصرفات وزرائه و الحكومة مسؤولة جماعيا عن السياسة العامة أمام البرلمان الذي يمكنه إسقاطها إذا لم تحز على ثقته و هنا نستشف ثقل البرلمان في إبقاء الحكومة من عدمه .
    الحكومة الرئاسية : و هذه الحكومة لها خصائص هي :
    - يتولى رئاسة الحكومة شغل ينتخبه الشعب لمدة محدودة و يجري انتخابه وفق انتخابات البرلمان .رئيس الحكومة هو في نفس الوقت رئيس الدولة حيث يعين رؤساء المصالح الأخرى مع حرية التعيين لمن يشاء شريطة موافقة البرلمان في النهاية .رئيس الحكومة مسئول أمام الدستور و ليس أمام البرلمان و يمكن للبرلمان حق اتهام رئيس الحكومة بالخيانة العظمى إذا خالف الدستور
    - رئيس الحكومة يمثل بمفرده السلطة و عند الاجتماع بالوزراء فهو غير مقيد بآرائهم و يتضح لنا من ذلك أن الحكومة الرئاسية تتميز بطابع الانفصال التام بين الحكومة و البرلمان .
    حكومة الجمعية الوطنية : الميزة الواضحة في هذه الحكومة هي أنها تكون من لجنة يعينها البرلمان من بين أعضائه , و ليس لهذه الحكومة رئيس بزاته تتعقد له الزعامة على ما هو الشأن بالنسبة للنموذج حين السابقين (الحكومة البرلمانية و الحكومة الرئاسية) . كما أنها لا توجد حكومة قائمة بذاتها . و ليس عدم وجود حكومة على الإطلاق فهي محصورة بين السلطة التشريعية و التنفيذية كما هو الشأن في الإتحاد السوفياتي حيث نجد أن البرلمان المسؤول أصلا عن تكوين الحكومة .
    • حكومة الفرد أو الأقلية : إذا كانت الحكومة الشعبية هي التي تختار أعضاؤها من الشعب و تعمل على تحقيق مصالح الشعب فإن السلطة في حكومة الفرد أو الأقلية محصورة في يد شخص واحد و هو الملك أو فرد مستبد كما هو الحال في الدولة الآسيوية و الإفريقية و أمريكا اللاتينية أو بيد أقلية من الأفراد من ينتمون للحكومة بحكم المولد أو السن أو القوة أو امتلاك الأراضي أو المستوى الثقافي أو الدين أو اللغة أو المؤسسة العسكرية أو في هذا النموذج للحكومات لا يصبح للشعب أي حق في الاشتراك في الحكم أو إدارة شؤون البلاد , و إذا و إن أقرت انتخابات رئاسية أو تشريعية فسيكون لإخفاء الوجه الاستبدادي القائم على إدارة الفرد أو الأقلية و عنه يمكن استخلاص مما سبق أن الحكومات تتصنف إلى ثلاثة أنواع هي :
    أ- حكم الفرد : و هو حكم مطلق يكون تركيز السلطة فيه بيد شخص واحد و من الأمثلة عليه الملكية في العصور القديمة و الدكتاتورية (هتلر , ستالين)
    ب – حكم النخبة : و توضع السلطة بيد مجموعة من الأفراد و هم أقلية متميزة لهم القوة المالية أو الصناعية أو العسكرية مثل الاقطاحيين و النبلاء
    ج – حكم الأكثرية : و يعني حكم الشعب أو نواب الشعب الذين فوض لهم السلطة لكي يصنعوا القرارات المهمة و السياسات العامة نيابة عن المواطنين مثل (فرنسا , إنجلترا,الو .م . أ ).
    الخصائص القانونية للدولة :
    أولا : السيادة :
    المعنى السياسي لمفهوم السيادة : هي الحق أو السند الذي يستمد منه الحكام شرعية توليهم السلطة وحكمهم للآخرين ، أي مصدر السلطة السياسية في الدولة وأساسها
    المعنى القانوني للسيادة : أي أنها خاصية من خصائص الدولة والمتمثلة في حقها في ممارسة مجموعة من المهام والصلاحيات الداخلية والخارجية دون خضوع إلى سلطة أخرى تعلوها :
    مضمون السيادة وصفاتها :
    مضمون السيادة : هي خاصية وصفة لصيقة وملازمة للدولة والتي تزول بزوال هذه الخاصية .
    المضمون السلبي : أي أن الدولة تمارس صلاحياتها دون الخضوع إلى جهة أو سلطة بشرية ما تعلوها من الناحية الخارجية وتؤثر فيها ولا تتعرض في الداخل إلى سلطة منافسة لها تعرقلها وتقيد إرادتها .
    المضمون الإيجابي : هي مجموع الاختصاصات والصلاحيات التي تمارسها الدولة خارجيا وداخليا.
    أ-السيادة الخارجية : هي مجموعة الحقوق والصلاحيات التي تمارسها الدولة في المجتمع الدولي ، مثل حقها في الانضمام الى المنظمات الدولية .
    ب-السيادة الداخلية : هي كل الصلاحيات والمهام التي تمارسها الدولة على إقليمها وكامل السكان الموجودين فيه دون منازعة أو منافسة أو تدخل خارجي .
    مظاهر السيادة :
    1- احتكار الاختصاص : أي أن سلطة الدولة هي وحدها التي تمارس على اقليمها وعلى شعبها دون منافسة ويتضح ذلك من خلال :
     احتكار ممارسة الاكراه المادي وحدها دون منافسة .
     احتكار ممارسة القضاء في اقليمها بمنع أي قضاء آخر سواء للخواص أو لدولة أخرى .
     تنظيم المرافق العامة من تعليم وصحة وبريد ودفاع وأمن ......
    2- استقلال الاختصاص : أي أن الدولة مستقلة تماما في ممارسة سلطتها وبطريقة تقديرية ، أي لها حرية اتخاذ القرار والتحرك والعمل حسبما تراه ملائما ودون الخضوع إلى توجيهات أجنبية .
    3-شمول الاختصاص : أي أن الدولة تنشط في جميع الميادين دون استثناء واعتراض بعكس المجموعات الأخرى التابعة لها .
    صفات السيادة :
    • أنها سلطة عليا :أي أنها لا تخضع لسلطة تعلوها .
    • أنها سلطة أصيلة : أي أنها غير مستمدة من غيرها بل تجد نفسها من ذاتها ولا تتفرع عن سلطة تعلوها .
    • أنها سلطة قانونية : أي أنها مبنية على القانون والدولة مقيدة بالقوانين والمبادئ التي تضعها وتهمل على احترامها وتمارس سيادتها في إطار سياسي منظم .
    ثانيا : خضوع الدولة للقانون :
    مضمون خضوع الدولة للقانون :أصبح خضوع الدولة للقانون خاصية تميز الدولة الحديثة ومبدأ من المبادئ الدستورية التي تجتهد كل دولة في تطبيقها واحترامها ويعني هذا المبدأ بصفة عامة خضوع الحكام وكافة الأجهزة ومؤسسات الدولة الممارسة السلطة للقانون ومثلها مثل الأفراد إلى أن يعدل أو يلغى ذلك القانون طبقا لإجراءات وطرق معروفة ومحددة مسبقا .هذا يعني أن الدولة ليست مطلقة الحرية في وضع القانون وتعديله حسب أهوائها حتى وغن كانت الدولة التي تضعه وتصدره بل هناك قيود وحدود نظرية وعملية تصطدم وتلزم بها وإلا كانت الدولة استبدادية حيث قسم الدولة من زاوية مدى احترامها للقانون إلى دولة استبدادية لا تخضع للقانون ودولة قانونية تخضع له وتلتزم بمبدأ المشروعية التي يعني ضرورة مطابقة أعمال وتصرفات الحكام ومؤسسات الدولة للنصوص القانونية السارية المفعول واسنادها إليها وقد وجدت عدة ميكانيزمات ومبادئ تضعه موقع التطبيق في الدولة الحديثة النظريات المقرة لمبدأ خضوع الدولة للقانون :
    نجد منها نظرية ق . ط. و نظرية الحقوق الفردية، نظرية التقيد الذاتي وأخيرا نظرية التضامن الإجتماعي، لكننا أخذ النظريتين (القانون الطبيعي ونظرية التقيد الذاتي) وذلك لتأثير البارز أكثر من النظريات الباقية .
    نظرية القانون الطبيعي: ترى أن سلطة الدولة مقيدة بقواعد القانون الطبيعي وهي قواعد سابقة عن وجود الدولة وأن العدالة وقواعد القانون الطبيعي قيد على الحكام يجب الالتزام بها، ومن أصحاب هذه النظرية أرسطو ، تشرون ، وبول ، وأخلص مدافع عن هذه النظرية ليفور، والذين يقولون بأن إرادة الدولة ليست مطلقة في القيام بأي تصرف تريده يل هي خاضعة لقوة خارجية عنها وتسمو عليها وهي قواعد القانون الطبيعي وبرزت أكثر هذه النظرية في القرنيين 17 و18 على يد الفقيه " جروسيوس"
    لم تسلم هذه النظرية من النقد حيث وجهت لها إنتقاد خاصة من طرف الفقيه الفرنسي" كاري دي مالبرغ "الذي يعتبر قواعد القانون الطبيعي لا تشكل قيدا قانونيا على إرادة الدولة فهي مجرد قيد أدبي أو سياسي لأن القواعد لا تصبح قانونية إلا إذا تقرر لها جزاء مادي معين والدولة هي من تضع الجزاء وتلزم الأفراد به فكيف توضع الجزاء على نفسها .
    نظرية التقييد الذاتي: والتي تعد من أهم النظريات وهي تقوم على أساس فكرة جوهرية تتمثل في أن الدولة لا يمكن أن تخضع لأي قيد من القيود إلا إذا كان نابعا من ارادتها الخاصة وهذا الأمر يتماشى مع خاصية السيادة التي تتمتع بها،فقواعد القانون التي تقيدها هي من يصنعها وبالتالي يتحقق التقييد الذاتي ونشأة هذه النظرية في ألمانيا من روادها "حنيليك" وتبناها في فرنسا الفقيه "كاردي مالبرغ ". رغم اقتراب هذه النظرية من الواقع إلا أنها لم تسلم من الانتقاد، ويعبر الفقيه الفرنسي ليون ديجي من أعنف المنتقدين لها حيث انتهى به القول إلى أنه لا خضوع إذا كان الخضوع من إرادة الخاضع وأنه ليس من المنطقي أن يقيد شخص نفسه بإرادته، فهذا القيد كاذب وأن هذه النظرية تحمل في طياتها الاستبداد .
    ضمانات خضوع الدولة للقانون :
    ضمانات قيام دولة قانونية هي الممارسة العملية للسلطة والدساتير أسفرت عن تكريس ضمانات قانونية تسمح بتطبيق مبدأ خضوع الدولة للقانون .
    1-وجود الدستور:الدولة بدون دستور لا تعتبر دولة قانونية لما يتميز به من خصائص تميزه عن غيره من القوانين فهو المنشأ للسلطات والمحدد لاختصاصاتها والتزاماتها واحتوائها ويقيد السلطة التشريعية في سنها اللوائح التي يجب أن تكون مجسدة للدستور، كذلك نجد يحدد للسلطة التنفيذية فيما تحدده من قرارات ولوائح وكذلك يفيد السلطة القضائية في حكمها في النزاعات والدستور الذي يحدد للأفراد حقوقهم وحرياتهم ويعتبر قمة النظام القانوني في الدولة لسموه على كل القانون وتعديله لا بد من إجراءات معقدة.
    2-الفصل بين السلطات : صاحب هذه النظرية هو الفقيه "مونتسكيو" في كتابه "روح القوانين " يرى أن السلطة بطبيعة مستبدة ولهذا يجب على كل سلطة احترام القواعد التي وضعها لها الدستور لكي تمارس بموجبها اختصاصاتها لا تعتمد على كل صلاحيات سلطة أخرى هذا من ناحية الموضوعية ومن الناحية الشكلية فإن السلطة لها جهاز معين وهذا ما سماه "مونتسكيو" أن السلطة توقف السلطة، ويقتضي على أنه تجمع السلطة في يد واحدة فكل واحدة مستقلة عن الأخرى .
    3/ سيادة القانون: بمعناه السلطة التنفيذية ملتزمة في إصدار اللوائح بالقانون للسلطة التشريعية الخضوع للقانون فهي ملتزمة بالقانون
    4/تدرج القواعد القانونية : القواعد القانونية مندرجة من حيث القوة من الأعلى إلى الأسفل أي أن قانون في الدولة موضوع في شكل هرمي قمته الدستور قانون العادية ثم اللوائح التنظيمية
    5/ الرقابة القضائية : رقابة تشريعية وإدارية وقضائية فكلهم وسيلة لحماية الفرد من اسنداد السلطة وتعسفها فالرقابة التشريعية الأغلبية البرلمانية "سياسة " والإدارية تجعل الفرد تحت رحمة الإدارة فهي حلم وطرف أحيانا غير حيادية وتبقى الرقابة القضائية مواجهة لمن يخالف القانون فيجب ان يكون مستقل وحيادي عن كل السلطات في الدولة فقد تتعسف السلطة التشريعية أو التنفيذية بإصدار قوانين لا يقبلها الشعب فتبقى الرقابة القضائية لنرى وتحكم بالعدل حتى وأن كان القضاء مزدوج .
    6/ الاعتراف بالحقوق والحريات العامة : يجب أن يكون هناك اعتراف صريح بحريات وحقوق الأفراد وتقديسها لكن الدولة الحديثة أضافة تدخلها بشكل إيجابي، متمثل في حمايتها لهذه الحقوق والعمل على تحقيق تنمية للأفراد حقوق اقتصادية اجتماعية وثقافية .
    7/ الرقابة الشعبية : وليس بمعناها الضيق أي عن طريق المنتخبين على مستوى البرلمان ولكن يقصد بها المعنى الواسع فالشعب له دور حاسم وأساسي في اجبار الدولة للخضوع للقانون واحترامه في طريق الجمعيات أو الأحزاب ….إلخ
    8/المعارضة السياسية :
    على أساس التعددية الحربية تسمح بوجود معارضة منظمة للسلطة الحاكمة وتعمل على انتقاد السلطة الحاكمة وكشف عيوبها وبالتالي محاولة اخذ السلطة بموجب القانون وعن طريق الانتخابات.
    ثالثا :الشخصية المعنوية : هي الاعتراف لمجموعة من الأموال أو من الأفراد بأهلية أداء أو وجوب وبأن تدخل ميدان النشاط القانوني بإسمها الخاص مستقلة عن الأفراد الذين أنشأوها أو يستفيدون منها أو يكونونها
    خصائص الشخصية المعنوية :
    1- أنها شخصية آنية وحالة : توجد بمجرد وجود الدولة دون حاجة الى نص قانوني سابق أو الاعتراف بها من الغير .
    2- أنها غير مقيدة بهدف أو غرض معين : مثل الأشخاص الاعتبارية الأخرى المقيدة بالهدف الغرض الذي أنشأت من أجله .
    3- أنها شخصية قانونية تمتع بامتيازات السلطة العامة :عكس الشخصية القانونية للأفراد أو الأشخاص المعنوية الأخرى .
    النتائج المترتبة عن الشخصية المعنوية :
    1- التمتع بالشخصية القانونية : أي تحمل الالتزامات مثل الأفراد العاديين وتتصرف بإسم كل الأفراد ولها ذمة مالية خاصة بها ويتم التصرف فيها بإسم الدولة ولحسابها وأن سلطانها منفصل عن الحكام .
    2- استمرارية وديمومة الدولة : أي أن الدولة تدوم دون أن يكون لتغير الحكام أو طبيعة الحكم أي دخل في ذلك .
    3- وحدة الدولة : أي أن الدولة تبقى واحدة على مر العصور وأن جميع قراراتها تصدر بصفة عامة وموجهة لجميع أفراد الدولة
    أشكال الدولة
    الدولة البسيطة ( état unitaire )
    تعريف الدولة البسيطة : الدولة البسيطة هي التي تمثل الشكل البسيط في تركيبها الدستوري علة غرار عكس الدولة المركبة و البسيطة هي التي تنفرد بإدارة شؤونها الداخلية و الخارجية و لها دستور و سلطة قضائية و سلطة تنفيذية واحدة و علم واحد. مثال : فرنسا ,ايطاليا و كل الدول العربية ما عدا الإمارات العربية المتحدة فدستورها يبين ذلك و يطبق على كافة أنحاء الإقليم .
    و تتجسد وحدة الدولة في أركانه التالية :
    - من حيث السلطة :
    الوظائف العامة في الدولة تتولها سلطات واحدة و هي ثلاث و ينظمها دستور :
    - الوظيفة التشريعية ووضع القوانين و تتولاها سلطة تشريعية واحدة .
    - الوظيفة التنفيذية ووضع القوانين و يخضع لها جميع الأفراد في الدولة.
    - الوظيفة القضائية ووضع القوانين و يلجأ إليها الأفراد للفصل في المنازعات في إطار الدولة الواحدة .
    من حيث الجماعة :
    *يعتبر أفرادها وحدة واحدة يخضعون لنفس القوانين الواحدة الافيما يخص المسألة الإدارية و لايؤثر في اتساع رقعتها الجغرافية أو تكون من عدة أقاليم .
    خصائص الدولة الموحدة .
    -1/مخاطب فيها الجماعة متجانسة على بالرغم من اختلاف العادات و التقاليد بين أفراد الجماعة
    -2/وحدة السلطة الثلاث في الدولة : كتوحيد الاجتهاد القضائي و أخيرا إن السلطة الحاكمة لاتقبل التجزئة3/يمكن العمل بمبدأ الاستثناء من القاعدة العامة ,عند اختلاف الظروف السكانية و المكانية داخل الإقليم الواحد كاندماج الحديث للإقليم الدولة يحتاج إلى فترة معينة للتأقلم هذا فيما يخص مواصفات الدواة البسيطة و هذه الخيرة تكون ملكية كالمغرب و الأردن و السعودية أو جمهورية مثل الجزائر و تونس و ليبيا.
    - المركزية الإدارية :ايجابيات تتلخص في تحقيق الوحدة الوطنية و توفيره للنفقات .
    - السلبيات : عجم التعرف علة حقيقة المشاكل في إقليم الدولة ,التركيز الشديد للسلطة .
    كيفية ممارسة الوظيفة الإدارية داخل النظام الإداري المركزي أما يكون على أسلوب التركيز الإداري أو على أسلوب عدم التركيز الإداري .
    - التركيز الإداري : هو جمع جميع السلطات البث والتقرير في يد الرئيس الإداري .
    أما عن التركيز الإداري :
    هو تفويض بعض السلطات الرئيسية للمرؤوسين أو الموظفين الكبار ,و يصبح الرئيس صاحب الإشراف و التوجيه و التخطيط داخل إدارته ونظم هذا الأسلوب لتحقيق النظام الإداري المركزي(المرفقي)و(ألمصلحي) .
    المطلب الثالث :المركزية و اللامركزية الإدارية.
    اللامركزية الإدارية في الدولة البسيطة ( الموحدة ): يمكن للدولة البسيطة أن تعمل بالمركزية الإدارية و اللامركزية الإدارية.
    فالمركزية الإدارية : يقصد بها أن تكون السلطة مركزة في العاصمة (قصر الوظيفة الإدارية في الدولة على ممثلي الحكومة و هم الوزراء و يعرفها البعض «بأنها التنظيم الإداري الذي تقوم به السلطة العامة الإدارية التنفيذية بتسيير جميع الشؤون الإدارية المتعلقة بالمرافق إما مباشـــرة أو بالواسطة».
    اللامركزية الإدارية : تعني توزيع الوظيفة الإدارية بين الحكومة المركزية و بين الحكومة هيئات أخرى لها قدر من الاستقلال ولكن تحت رقابة الحكومة المركزية .
    صور اللامركزية الإدارية:
    -1/اللامركزية الإقليمية:هي عندما يمنح المشروع جزء من إقليم الدولة الشخصية المعنوية مثل المجالس البلدية – المجالس القروية و لكن يبقى تحت رقابة ووصاية السلطة المركزية .
    -2/اللامركزية المرفقية المصلحية: يمنح مرفق عام أو قومي أو محلي الشخصي المعنوي يمارس نشاط معين بقدر من الاستقلال تحت إشراف السلطة المركزية مثل المؤسسات العامة المختلفة ,الجامعات والمؤسسات .
    *من خلال ما سبق يتبين لنا المركزية و اللامركزية الإدارية لا تتعلقان بنظام الحكم في الدولة ولا لا في شكلها و لكن تتعلقان بكيفية ممارسة الوظيفة الإدارية .
    الدولة المركبة .هي الدولة التي تتكون من دولتين أو أكثر أي هي مجموعة من الدول المترابطة أو المتحدة فيما بينها ضمن أشكال متعددة تمثل الاتحاد الشعبي الفعلي و ألتعاهدي أو الفدرالي ثم الدولة الاتحادية الفدرالية ,و الدولة الفدرالية هي أهم أشكال الدولة المركبة بأتم معنى الكلمة في الوقت الراهن سواء من حيث الشيوع و الرواج و أيضا شكل الدولة المركبة يصدق بصفة خاصة على الدولة الفدرالية و الاتحادية .
    الاتحادات القديمة .
    الاتحاد الشخصي : هو من صور الاتحاد بين الدول و هذا النوع يراه أغلبية الفقهاء انه وليد الصدفة لأنه ناتج لأسباب و دوافع طرفية مرحلية للدولة بزوالها يزول هذا الاتحاد و يتكون هذا الاتحاد إما : -1/ الاتحاد لشخص حاكم ( ملك إمبراطور – أو رئيسا لجمهورية .) نتيجة اجتماع حق وراثة عرش دولتين في يد الأسرة الملكية .-2/أو نتيجة زواج بين عرشين ملكين (x) انجلترا + هانوفر (1714-1816) , لكسمبورغ + هولندا -3/أو يتحقق على اثر اتفاقية دولية .-4/عن طريق الانتخابات لشخص واحد رئيسا للجمهورية .
    *و تبقى كل دولة مستقلة متميزة عن الدول الأخرى الداخلة في الاتحاد من حيث الشخصية القانونية أو السيادة الداخلية و الخارجية و حتى قوانينه.و يبقى مواطنين كل دولة أجانب بالنسبة للدولة الأخرى .*تعد الحرب بين دول الاتحاد الشخصي حرب دولية بالرغم من أن الرئيس واحد لكل دولة و بالتالي أي علاقة تقوم بين هذه الدول تحكمها قواعد القانون الدولي .*لايلزم في الاتحاد الشخصي تشابه نظم الحكم للدول المكونة له ( ملكي دستوري ملكيا مطلقا)
    الاتحاد الحقيقي : يقوم هذا الاتحاد بين دولتين أو أكثر وتخضع جميع الدول التابعة للاتحاد لرئيس واحد و تندمج في شخصيتين لدولة واحدة تمارس الشؤون الخارجية و التمثيل الدبلوماسي باسم الاتحاد و تبقى كل دولة محتفظة بدستورها و قوانينها و أنظمتها الداخلية
    و تجد الاتحاد الحقيقي يختلف مع الاتحاد الشخصي من حيث أن الدولة الداخلة فيه تفقد شخصيتها الدولية وكل اختصاصاتها الخارجية وينتج عنه: **1/توحيد السياسة الخارجية و التمثيل الدبلوماسي والقنصلي.
    **2/تعتبر الحرب التي تقوم بين دول الاتحاد أهلية لا دولية . مثال على دول الاتحاد الحقيقي أو الفعلي :السويد – النرويج 1815الى 1905.النمسا – المجر 1867الى 1918.الدنمارك –اسلندا 1918الى 1914.
    الاتحادات الحديثة .
    الاتحاد الاستقلالي الكنفدرالي . ينشأ من اتفاق بين دولتين أو أكثر في معاهدة دولية في تكوين هذا الاتحاد أو الانضمام إليه و تحتفظ كل دولة باستقلالها الخارجي و سيادتها الداخلية .المعاهدة أو الاتفاقية هي أساس نشأة الاتحاد الاستقلالي و يبين الأهداف المشتركة للدول مثل ضمان استقلال كل دولة و الدفاع عن أمنها الخارجي و العمل على تحقيق مصالح اقتصادية متبادلة و هذا تشرف عليه الهيئة سواء كانت جمعية أو مؤتمر أو مجلس يتكون على أساس المساواة بين الدول الأعضاء بغض النظر عن قوتها أو مساهمتها أو عدد سكانها ولا تغير الهيئة فرق دول الأعضاء و لكن تبقى مجرد مؤتمر سياسي و القرارات التي تصدرها بإجماع الدول في الغالبية
    • و تبين كل دولة محتفظة و متمتعة بسيادتها الداخلية كاملة و شخصيتها الدولية لها الحق في التمثيل السياسي مع الغير و عقد المعاهدات بشرط أن لا تتعارض مصالح و أهداف الاتحاد التي تقيمها إحدى دول الاتحاد ضد الدولة الأجنبية .
    • الحروب التي تكون بين دولة أجنبية الافي نطاق ما تم الاتفاق عليه الحرب التي تكون بين الدول الاتحادية تكون حرب دولية لا أهلية.
    • رعايا كل دولة من الاتحاد ,يظلون محتفظين بجنسيتهم الخاصة لان العلاقة مجرد ارتباط تعاهدي و حسب رأي الفقه أن حق انفصال للدول تقرره حسب ما تراه مناسبا و متماشيا مع مصالحها الوطنية.
    مثال على الاتحاد الاستقلالي :
    - الاتحاد السويسري :بين المقاطعات السويسرية عام 1815الى غاية 1848و بعدها أخذت بالاتحاد المركزي للاتحاد العربي (جامعة الدول العربية ).
    الفرع الثاني :الاتحاد المركزي الفدرالي( état fédéral).
    إذا كانت اغلب الاتحادات السابقة قد نشأت بمقتضى معاهدة دولية ووصفت بأنها اتحادات قانون دولي فان الاتحاد المركزي ينشأ و يخضع للقانون الدستوري فهو اتحاد قانون دستوري .
    وهو ليس اتفاق بين الدول ولكن هو في الواقع دولة مركبة تتكون من عدة دول أو عدة دويلات اتخذت معا , و ينشأ الاتحاد المركزي بعدة طرق :
    - الطريقة 1: أما تجمع رضائي أو جبري لدول كانت مستقلة ,فاتحدت فيما بينها و انتهت عن اتحادها دولة اتحادية كما في الولايات المتحدة الأمريكية و سويسرا.
    - الطريقة 2: أو ينشأ نتيجة تقسيم مقصود لأجزاء متعددة من دولة سابقة كانت بسيطة وموحدة كما في الاتحاد السوفيتي سابقا و روسيا حاليا .
    ودول هذا الاتحاد تفقد سيادتها في المجال الخارجي و تنصهر في شخصية دولية واحدة فإنها تحتفظ بجزء كبير من المجال الداخلي فيكون لكل ولاية دستورها وقوانينها الخاصة و سلطاتها التشريعية و التنفيذية و القضائية الخاصة بها , ويبقى لدولة الاتحاد المركزي دستورها الاتحادي و سلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية أما الشؤون الخارجية فيتولاها الاتحاد وبالتالي هذه الأخيرة يعتبرها القانون الدولي شخصية دولية إما الدول (الولايات)لايكون لها ذلك .
    مظاهر الاتحاد من الناحية الخارجية و الداخلية :
    * من الناحية الخارجية : تتقرر الشخصية للدولة الاتحادية فقط بخلاف الولايات الأعضاء فيها التي لايكون لها شخصية دولية و يترتب على ذلك : - 1/ تتولى الدولة الاتحادية إعلان الحرب و عقد الصلح و إبرام المعاهدات و الإشراف على القوات المسلحة للاتحاد. -2/ للدولة الاتحادية وحدها الحق التمثيل السياسي و الدبلوماسي و الانضمام للمنظمات الدولية . أما التعاهدات التي سبقت و ارتبطت بها بعض الدول التي انضمت للاتحاد المركزي فإنها تنقضي ذلك كنتيجة لانقضاء الشخصين الدولية للدول الأعضاء في هذا الاتحاد .
    * من الناحية الداخلية : تتكون دول الاتحاد المركزي من عدد من الدويلات و هذه الأخيرة تتناماوال عن جزء سيادتها للدولة الاتحادية و لها حكومة يطلق عليها الحكومة الاتحادية و لها سلطاتها التنفيذية و التشريعية و القضائية و تحتفظ الدويلات الأعضاء في الاتحاد بحكومتها المحلية و يجب أن يحترم و لايجوز مخالفته و نجد الولايات يتفتح ببعض مظاهر السيادة الداخلية فيكون لكل واحدة سلطة تشريعية ,تنفيذية و قضائية .و يلزم جميع الأفراد في الولايات بما يملك الدستور و ماتشنه السلطة التشريعية و ما تقوده السلطة التنفيذية و الأحكام القضائية الصادرة عن السلطة القضائية و على رأسها المحكمة العليا .هذا و بالرغم ما تتمنى به الولايات من الاستقلال الداخلي كما ذكرنا سابقا فان ما ذهب إليه أغلبية الفقهاء لايمكن وصفها بالدول أو الاعتراف لها بهذه الصفة .ليس لأنه ينقصها السيادة الخارجية ولكن لان الدولة الاتحادية تمارس جزء كبير من مظاهرها .
    مركزية الإدارة و اللامركزية السياسية: إذا كانت اللامركزية الإدارية تعني في مجملها توزيع الوظائف الإدارية بين السلطة المركزية الموجودة في العاصمة والهيئات الأخرى المحلية أو المرفقية فان مفهوم التوزيع يبقى في دائرة مباشرو الوظيفة الإدارية , فهو نظام إداري لا يتعلق بنظام الحكم السياسي أو شكل الدولة , فكما يمكن إعماله في الدولة الاتحادية يمكن إعماله في الدولة البسيطة الموحدة . أما اللامركزية السياسية , فهي عبارة عن نظام سياسي يتعلق بكيفية ممارسة السلطة في الدولة ,يهدف إلى توزيع الوظيفة السياسية بين الدولة الاتحادية من ناحية الولايات من ناحية أخرى .وعلى هذا فان هذا التوزيع السياسي يفترض ازدواجية السلطات في الاتحاد المركزي و لايتحقق هذا الازدواج الافي الاتحاد المركزي , ويعمل باللامركزية الإدارية في الدولة البسيطة كأسلوب إداري ينظمه قانون إداري و يتم معالجته ضمن موضوعات الأنظمة السياسية و القانون الدستوري . هامش التمييز بين المركزي الفدرالي فقد جاء ذلك واضحا في ميثاق الجامعة العربية عندما أعطي لكل دولة في الجامعة حق الانسحاب من حق هذا الاتحاد (المادة 18).
    التميز بين الاتحاد المركزي الفدرالي والاتحاد الاستقلالي الكونفدرالي: الاتحاد المركزي يتكون من عدد من الولايات لكل منها قدر من السيادة الداخلية و تشاركها فيها الدولة الاتحادية عكس السيادة الخارجية الكونفدرالي هي من اختصاص الدولة الاتحادية وحدها دون الولايات . 1/أما الاتحاد الاستقلالي الكونفدرالي ألتعاهدي : فهو على شكل معاهدة بين عدة من دول و تبقى كل دولة محتفظة بكامل شخصيتها الدولية و سيادتها الداخلية.2/يستمد الاتحاد الاستقلالي أو الكونفدرالي وجوده من المعاهدة التي تتم بين الدول الأعضاء في حين ينشأ الاتحاد المركزي من خلال عمل قانون داخلي و هو الدستور الاتحادي .3/الانفصال حق مقرر لكل دولة داخلة في الاتحاد الاستقلالي وهو مرفوض في الاتحاد المركزي . *تتولى اختصاصات الاتحاد: الاستقلال و تعين أهدافه هيئة مشتركة تسمى جمعية أو مؤتمر أو مجلس الاتحاد . *يتمتع أفراد الشعب في الاتحاد المركزي بعينة واحدة ,أما الاستقلالي حسب الخاصة يدولهم في أجانب في الدول الأعضاء الأخرى الحرب .
    مزايا نظام الاتحاد المركزي الفدرالي :
    - قادر على توحيد دول ذات نظم متقادرة و متعاينة في دولة واحدة و يصفه البعض بأنه يمكن تطبيقه على قارة بأسرها مثل الولايات المتحدة الأمريكية.- يعمل على التوفيق بيت مزايا الدولة الموحدة و في نفس الوقت يمنح الاستقلال الذاتي للولايات . - يعتبر هذا النظام حقلا واسعا للتجارب في الأنظمة السياسية حيث القوانين والنظم التي ثبت نجاحها في إحدى الولايات يمكن تطبيقها و الاستفادة منها في الولايات الأخرى .
    عيوب نظام الاتحاد المركزي الفدرالي :1/قد السلطات العامة و ازدواجها يؤدي إلى نفقات مالية كبيرة التي يتحملها المواطنون على شكل ضرائب .2/يؤدي إلى تقنين الوحدة الوطنية و هذا عندما تكون الولايات قوية على حساب السلطات الأولوية الاتحادية.3/يقدر السلطات و اختلاف التشريعات يؤدي إلى منازعات و مشاكل تفوق تنظيم مرافق الولايات .*رغم الانتقادات فقد أصبح الاتحاد المركزي الوسيلة الناجحة التي تصبوا إليها شعوب و إتباعها.
    المبحث الثالث : النظرية العامة للدساتير
    مفهوم الدستور : يمكن تعريف الدستور انطلاقا من معيارين أحدهما شكلي والآخر موضوعي
    -المعيار الشكلي : هو مجموعة القواعد المدونة في وثيقة او أكثر .
    -المعيار الموضوعي : مجموعة القواعد القانونية المتعلقة بالسلطة السياسية في الدولة من حيث إنشائها وإسنادها وتنظيمها وممارستها سواء كانت قواعد مكتوبة أو غير مكتوبة .
    خالد قندوز
    خالد قندوز


    البلد : الجزائر
    عدد المساهمات : 1
    نقاط : 1
    تاريخ التسجيل : 29/11/2010
    العمر : 39

    الدولة ، أركانها  Empty رد: الدولة ، أركانها

    مُساهمة من طرف خالد قندوز الثلاثاء نوفمبر 30, 2010 1:31 am

    شكرا جزيلا لكي أيتها الزميلة على المعلومات القيمة
    ربي يبارك فيك و في من رباك

    [img]الدولة ، أركانها  6_bmp10[/img]
    رضوان
    رضوان


    البلد : الجزائر العميقة
    عدد المساهمات : 187
    نقاط : 392
    تاريخ التسجيل : 12/12/2009
    العمر : 36
    الموقع : www.30dz.yoo7.com

    الدولة ، أركانها  Empty رد: الدولة ، أركانها

    مُساهمة من طرف رضوان الأربعاء ديسمبر 01, 2010 11:16 am


    نظرية الدولة عند ابن خلدون

    --------------------------------------------------------------------------------

    يعتبر عبد الرحمن بن خلدون من الشخصيات الإسلامية الفذة في العصور الوسيطة ، وهو مغربي الميلاد والنشأة والثقافة ، فقد ولد في تونس سنة 732هـ (1332م)، وأقام في المغرب حتى عام 784هـ ، حيث انتقل إلى مصر ، ومكث بها ما يناهز ربع قرن ( 784 - 808هـ)، حيث توفي ودفن في مقابرها سنة 1406م.
    لقد كانت شخصية ابن خلدون ولا تزال جذابة من كل جوانبها ، ولكن جانبيْن اثنيْن منها قد جذبا أنظار القدامى والمحدثين من الباحثين ، وهما الجانب الفكري والثقافي ، والجانب السياسي. وتتميز نظرياته بأنَّها على الغالب صالحة لكل زمان ومكان لأنَّها مستقاة من القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة، فهذا المؤرخ العلامة حفظ أول ما حفظ القرآن الكريم ، ثُمَّ الحديث النبوي الشريف ، ودرس التفسير والفقه ، واللغة العربية والأدب، ثُمَّ غاص في أعماق معاني القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة ، واستقى منهما نظرياته في العمران ، والدولة والاقتصاد ، والتاريخ ، والتربية ، وعلم الاجتماع.
    وعندما أقدم للقارئ الكريم فكر عبد الرحمن بن خلدون السياسي والاقتصادي والاجتماعي إنَّما أقدمه ليدرك أنَّ العقلية العربية والإسلامية قادرة على الفكر والاستنباط والتحليل، واستحداث نظريات علمية، أي أنَّنا أمة قادرة على التنظير ، وأنَّ مفتاح عقولنا، ومرشدها القرآن الكريم ، والأحاديث النبوية الشريفة. وهما السلاح الذي يجب أن نتسلح بهما لصالح دنيانا ومعاشنا وآخرتنا.
    كما نجد في نظريات ابن خلدون السياسية والاقتصادية والاجتماعية، طريقاً نستدل بها على الطرق المثلى للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تسعى إليه حكوماتنا وشعوبنا.
    يرصد لنا ابن خلدون كافة خبراته وإمكاناته العلمية والعملية ليقدم لنا دراسة جديدة عملية تنطبق فيها فكرة التاريخ الجديد على المجتمعات البشرية ، وفي هذه الدراسة تنطبق على الدولة ، فالشريحة أو النموذج الذي طبَّق عليه ابن خلدون قوانينه العامة وآراءه العامة كانت على الدولة الإسلامية ،هذا التطبيق لم يخل من تجربة ابن خلدون العملية للحياة العملية من تدرجه في المناصب السياسية ، كل هذا أثَّر بشكل مباشر وغير مباشر على أفكاره السياسية ، وعلى إعماله لهذه الأفكار تطبيقاً على الدولة الإسلامية بوحداتها السياسية المختلفة ومستوياتها الثقافية المتنوعة.
    وابن خلدون يمثل نقطة تحول في كتابة التاريخ الإنساني ، وفي تأسيسه لعلم الاجتماع ، ومن الظلم أن نقارنه بمفكري أوربا في عصر النهضة كدانتي مثلاً ، فإن كان دانتي قد هزَّ الفكر الإنساني في أوربا ، فإنَّ ابن خلدون قد هزَّ الفكر الإنساني العالمي ،لأنَّ ابن خلدون وضع خطة جديدة وآراء جديدة ،بل وضع قوانين جديدة يمكن تطبيقها ، وتنسحب على كل المجتمعات البشرية ، انطلاقاً من أنَّ الإنسان لا يعيش إلاَّ في مجتمع ،وإذا عاش في مجتمع، فلابد أن يعيش مع شعب ،وإذا عاش مع شعب لابد أن يعيش على أرض ، ولكي تظل العلاقة قائمة بين هؤلاء الناس أو القبائل أو الشعب، أو هذه المجموعة البشرية لابد من أن ينظمها حاكم ،وأنواع الحاكم تدرجت من حاكم بسيط «شيخ قبيلة» إلى حاكم مطلق ،استطاع أن يستخدم كل الوسائل التي هيأها له هذا التجمع البشري ،أو هذا العمران ، واستطاع أن يستغل هذا ويصبح هو الحاكم المطلق ، وإذا أصبح حاكماً مطلقاً استطاع أن يؤسس دولة ، فإذا أسَّس الدولة التي طبَّق عليها ابن خلدون نظريته ، مرَّت الدولة بمراحل مختلفة ، هذه المراحل وجدت صحة في التطبيق عندما ننظر إلى أية دولة الآن نجد أنَّها تمر بنفس المراحل التي وضعها ابن خلدون في مقدمته.
    ويقول ابن خلدون أنَّ هناك للدولة خمسة أطوار ، وأربعة أجيال أسرية : فالأطوار (مرحلة البداية والتأسيس ، توطيد الحاكم نفوذه إلى أن يصبح حاكماً مطلقاً ، يبعد نفسه عن عصبيته ، يعتمد على المرتزقة في الدفاع عن الدولة ، المرتزقة تقضي على الملك) .
    تعريف ابن خلدون للدولة :
    يُعرِّف ابن خلدون الدولة بأنَّها « كائن حي له طبيعته الخاصة به، ويحكمها قانون السببية ، وهي مؤسسة بشرية طبيعية وضرورية ، وهي أيضاً وحدة سياسية واجتماعية لا يمكن أن تقوم الحضارة إلاَّ بها».
    قانون السببية عند ابن خلدون :
    مفاده أنَّ الوقائع الاجتماعية والأحداث التاريخية خاضعة للحتمية، وليست بفعل المصادفة لارتباط الأسباب بالمسببات،والسبب عند ابن خلدون النظر في الأسباب ، كما استخدمها القرآن الكريم للوصول إلى الحكم دون البحث في ماهية الشيء أو وجوده ، كما يفعل الفلاسفة الذين يبحثون في ماهية الله ،وهذا منهي عنه في الإسلام.
    قانون التشابه عند ابن خلدون :
    هو التشابه بين الماضي والحاضر ، وأنَّ المجتمعات البشرية تتشابه من بعض الوجوه، ويرجع هذا التشابه إلى :
    1- الوحدة العقلية للجنس البشري .
    2- ميل الإنسان إلى التقليد، ويتجلى هذا التقليد في:
    أ- تقليد الناس لأصحاب السلطة .
    ب - تقليد أصحاب السلطة لأصحاب السلطة السابقة.
    ج - أنَّ المغلوبين أصحاب الدولة التي زالت وانتهت يقلِّدون أصحاب الدولة الجديدة.
    والتقليد عند ابن خلدون قانون عام يدفع بحركة التطور إلى الأمام ،لأنَّ التقليد يكون للأفضل.
    قانون التباين عند ابن خلدون:
    يرى ابن خلدون أنَّ المجتمعات ليست متماثلة بصفة مطلقة ، بل توجد بينها فروق يجب أن يلاحظها المؤرخ ، ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض المؤرخين عدم إدراكهم لهذه الفروق.
    ضرورة الدولة:
    يرى ابن خلدون أنَّ حاجة الإنسان للغذاء والكساء والمأوى والدفاع عن النفس هي التي تدفعه إلى الانتظام في مجتمع إنساني، فالإنسان لا يستطيع أن يسد حاجته للغذاء بمفرده،لأنَّ ذلك يتطلب أعمالاً كثيرة لا يستطيع أن يقوم بها بمفرده ،فلابد من تعاونه مع رفاقه.
    والإنسان معرض للخطر ليس من جانب الحيوانات المفترسة فحسب ،بل من جانب أخيه الإنسان ،لذا لابد من وجود سلطة تحول دون اعتداء الناس بعضهم على البعض الآخر،وهذا ما أسماه ابن خلدون بـ «الوازع»، أو «وازع حاكم» ،وعبَّر عنها المستشرق «أرين روزنتال2» بـ «السلطة الرادعة» ، ولها القوة الرادعة في منع الناس من قتل أو إيذاء بعضهم البعض ،حيث أنَّ العداوة والعنف سائدتان في طبيعتهم الحيوانية ،وهذه السلطة تكون في يد الملك أو السلطان.
    أسس الدولة عند ابن خلدون:
    ويرى ابن خلدون أنَّ الدولة لا تقوم إلاَّ على أساسيْن :
    أولهما : الشوكة والعصبية المعبر عنهما بالجند.
    وثانيهما : المال الذي هو قوام أولئك الجند ، وإقامة ما يحتاج إليه الملك من الأحوال.
    فالدولة في أولها تكون بدوية ،حيث يكون الإنفاق معقولاً ،ولذا يكون هناك إمعان في الجباية والإسراف ، وإذا عظم المال انتشر الترف الذي يؤدي إلى انهيار الدولة ، فإنَّ نفقات السلطان وأصحاب الدولة تتضاعف ، وينتشر الإسراف بين الرعايا ، وتمتد أيديهم إلى أموال الدولة من جهة ، ومن جهة أخرى يبدأ الجند في التجاسر على السلطة ، فيضطر السلطان إلى مضاعفة الضرائب ، فيختل اقتصاد البلاد ، ولكن الجباية مقدارها محدود، كما لا يستطيع رفع الضرائب إلى ما لا نهاية ،ولذا يضطر إلى الاستغناء عن عدد من الجند حتى يوفر مرتباتهم ،فتضعف حمايته، وتتجاسر عليه الدول المجاورة أو القبائل التي ما تزال محتفظة بعصبيتها.
    مفهوم العصبية عند ابن خلدون:
    إنَّ العصبية عند ابن خلدون لا تشمل أبناء الأسرة الواحدة الذين تربطهم بعضهم بالبعض الآخر صلة الرحم فحسب ، بل هي تتسع لتشمل أهل الولاء والحلف ، وفي مواقع أخرى نجد ابن خلدون يضم الرق والمرتزقة، وهم من يُطلق عليهم اسم «المصطنعين إلى العصبية» ،أمَّا النسب فيعتبره أمر وهمي فائدته هو الترابط الذي يوجده ، وبهذا يكون معنى العصبية عند ابن خلدون مرادف لمفهوم العصبية ، وبهذا لم يخرج عن المفهوم الإسلامي الذي نبذ العصبية القبلية .
    أنظمة الحكم عند ابن خلدون:
    لقد حدَّد ابن خلدون أنظمة الحكم بثلاث هي :
    1- حكم يستند إلى شرع الله «الخلافة».
    2- سياسة عقلية ، وهي تضطلع بمصالح الدنيا فقط ،واستشهد بحكومة الفرس.
    3- سياسة مدنية، وهي مثالية مفترضة مثل المدن الفاضلة عند الفلاسفة ، وهي بعيدة الوقوع.
    ويقرر ابن خلدون في صراحة كاملة أنَّ الحكومة التي يجب أن تسوس شؤون مجتمع العمران ،هي الحكومة الإسلامية لما فيها من حفاظ على مصالح الناس في دنياهم وسلامة مصيرهم في آخرتهم ، فيقول : «والخلافة هي حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي على مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها، إذ ترجع أحوال الدنيا كلها عند الشارع إلى اعتبارها بمصالح الآخرة ،فهي في الحقيقة خلافة عند صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به».
    ويبين ابن خلدون أنَّ وظيفة الخلافة دينية اجتماعية سياسية ، وذمَّ الملك القائم على العصبية ،لأنَّه يؤدي إلى القهر ، ورفض المُلك القائم على السياسة وحدها لأنَّه مجرد من الصبغة الدينية التي نظَّمتها شريعة السماء في حراسة نور الله ، ويستشهد ابن خلدون بالقرآن الكريم والحديث النبوي الشريف ،فيذكر قوله تعالى : (ومَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : «إنَّما هي أعمالكم تُرد إليكم».
    وبيَّن ابن خلدون سبب تسمية الخليفة بذلك بأنَّه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنَّ الإنسان خليفة الله في الأرض لقوله تعالى : (إنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) ، فالله جعل الخليفة نائباً عنه في القيام بأمور عباده ليحملهم على مصالحهم ،ويردهم عن مضارهم.
    وبذلك يتفق مع الإمام الماوردي في توصيف الخلافة بأنَّها موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا ، وعقدها لمن يقوم بها في الأمة واجب بالإجماع.
    نظرية الدولة عند ابن خلدون:
    لقد نظر ابن خلدون للدولة على أنَّها كائن حي يولد وينمو ، ثُمَّ يهرم ليفنى.فللدولة عمر مثلها مثل الكائن الحي تماماً ،وقد حدَّد ابن خلدون عمر الدولة بمائة وعشرين عاماً ،لأنَّه يرى أنَّ العمر الطبيعي للأشخاص كما زعم الأطباء والمنجمون مائة وعشرين عاماً ، ولا تعدو الدول في الغالب هذا العمر إلاّ إن عرض لها عارض آخر من فقدان المطالب مستشهداً بقوله تعالى : (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ولا يَسْتَقْدِمُونَ) ، وذكر أنَّها تتكون من ثلاثة أجيال كل جيل عمره أربعون سنة ، وذلك لأنَّه اعتبر متوسط عمر الشخص أربعين سنة ، حيث يبلغ النضج إلى غايته مستشهداً بقوله تعالى : (حَتَّى إذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) .
    ولهذا بيَّن أنَّ متوسط عمر الشخص الواحد هو عمر الجيل ، ويؤيد ذلك في حكمة التيه الذي وقع لبني إسرائيل في أربعين سنة ، والمقصود بالأربعين سنة فيه فناء الجيل لإحياء ونشأة جيل آخر لم يعهد الذل ولا عرفه.
    وقد ضرب ابن خلدون أمثلة لأعمار الدولة على بعض الدول مثل : (المرابطين والموحدين والمرينيين في المغرب ، وملوك الطوائف في الأندلس ، والحمدانيين في حلب) .
    أجيال الدولة:
    الجيل الأول : يعيش في الريف والبوادي حياة بدوية خشنة بعيدة عن الترف ، وتتميز بقوة العصبية والبسالة والافتراس «العنف» ، والاشتراك في المجد، ويكون جانبهم مرهوب ، والناس لهم غالبون.
    الجيل الثاني : هو الذي يتحقق على يديه الملك ويؤسس الدولة ، وفيه ينتقل من البداوة إلى الحضارة، ومن سكنى البوادي والريف إلى المدن ، ومن شظف العيش إلى ترفه ، ومن الاشتراك في المجد إلى انفراد الواحد به ، وكسل الباقين عن السعي فيه ، ومن عز الاستطالة إلى ذل الاستكانة ، وتنكسر فيه سورة العصبية بعض الشيء ، ويعيش على ذكريات الجيل الأول.
    الجيل الثالث: ينسون عهد البداوة والخشونة كأنَّها لم تكن، ويفقدون حلاوة العز والعصبية، بما فيهم من ملكه القهر ، ويبلغ فيهم الترف غايته ، ويصيرون فيه عيالاً على الدولة ، وينسون الحماية والمدافعة والمطالبة ، وتسقط العصبية تماماً ، ويضطر صاحب الدولة إلى الاستظهار بسواهم من أهل النجدة ، ويستكثر بالموالي.
    الجيل الرابع: لا يكاد يذكره لأنَّه فقد الاحترام والسلطة.
    أطوار الدولة:
    الطور الأول : هو طور التأسيس ،وفيه يكون السلطان جديد العهد بالملك.لذا فهو لا يستغني عن العصبية ، وإنَّما يعتمد عليها لإرساء قواعد ملكه، فيكون الحكم في هذه المرحلة مشتركاً نوعاً ما بين الملك وبين قومه وعشيرته، ويتميز هذا الطور ببداوة المعيشة ،وبانخفاض مستواها ،فلم يعرف الغزاة الجدد بعد الترف.ويشترك الجميع في الدفاع عن الدولة لوجود الشجاعة والقوة البدنية.
    الطور الثاني : هو الانفراد بالملك ،ويرى ابن خلدون أنَّ الانفراد بالسلطة ميل طبيعي وفطري لدى البشر ،ولذا فإنَّ السلطان عندما يرى ملكه قد استقر يعمل على قمع العصبية ، كما يعمل على الانفراد بالحكم ، واستبعاد أهل عصبيته من ممارسة الحكم ، وعندئذ يتحول من رئيس عصبية إلى ملك .وقد يفعل ذلك أوَّل من أسَّس الدولة ، وقد لا يفعل ، فلا تدخل الدولة في هذا الطور الثاني إلاَّ مع ثاني زعيم أو ثالث ، ويتوقف ذلك على قوة صمود العصبية.
    ويضطر السلطان إلى الاستعانة بالموالي للتغلب على أصحاب العصبية ،أي أنَّه يبدأ في هذه المرحلة الاعتماد على جيش منظم من أجل المحافظة على المُلك.
    الطور الثالث: وهو طور الفراغ والدعة: وفي هذا الطور يتم تحصيل ثمرات الملك وتخليد الآثار وبُعد الصيت ، فالدولة في هذا الطور تبلغ قمة قوتها ، ويتفرغ السلطان لشؤون الجباية ، وإحصاء النفقات والقصد فيها ، ولتخليد ملكه بأن يبني المباني العظيمة الشاهدة على عظمته ، وفي هذه المرحلة يستمتع الجميع : السلطان بمجده ، وحاشيته بما يغدقه عليها السلطان.
    الطور الرابع: هو طور القنوع والمسالمة : وفي هذا الطور يكون صاحب الدولة قانعاً بما بناه أسلافه مقلداً لهم قدر ما يستطيع ، والدولة في هذه المرحلة تكون في حالة تجمد فلا شيء جديد يحدث ، وتغير يطرأ ، كأن الدولة تنتظر بداية النهاية.
    الطور الخامس : هو طور الإسراف والتبذير ، ويكون صاحب الدولة في هذا الدور متلفاً لما جمعه أسلافه في سبيل الشهوات والملاذ والكرم على بطانته ، فيكون مخرباً لما كان سلفه يؤسسون ، وهادماً لما كانوا يبنون.
    وفي هذا الطور تحصل في الدولة طبيعة الهرم ، ويستولي عليها المرض المزمن الذي لا برء منه إلى أن تنقرض.
    ويرى ابن خلدون أنَّ بداية انحلال الدولة يرجع إلى عنصرين هما: انحلال العصبية ، والانحلال المالي نتيجة تبذير السلطان ، ولهذا تنهار الدولة سياسياً واقتصادياً.
    الأسس الإسلامية في نظرية الدولة عند ابن خلدون:
    بنى ابن خلدون نظريته على أنَّ للدولة أعماراً مثل أعمار البشر على الأسس القرآنية ، فالقرآن الكريم ينص على أنَّ للدولة أعماراً ينتهي كيانها بنهايتها ،ثُمَّ تخلفها دولاً أخرى أكثر نظاماً ،وأشد قوة ،وأوفر صلاحاً، من ذلك قوله تعالى : (وكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ). والقرية هنا ، وفي آيات أخرى هي الدولة أو الدول ،والقرية الظالمة هنا هي الدولة الفاسدة ،فالظلم هو أشد ألوان الفساد .
    والمرحلة الثانية في حياة الدولة ، وعمرها هي مرحلة القوة والنماء ،ورغد العيش ،ولين الحياة مع الحفاظ على نعم الله ،والامتثال لأوامره ونواهيه ،وهذه المرحلة تستمد من الآية الكريمة (وضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الجُوعِ والْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) ،فإذا مالت إلى البطر والظلم انتهى الأمر بها إلى الانحلال والضياع فتدخل في المرحلة الثالثة ،وهي مرحلة السقوط ،ويتمثل ذلك في الآية الكريمة : (وتِلْكَ القُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً) .
    على هذه الأسس القرآنية استمد ابن خلدون هذه الأطوار الثلاثة ، وهي طور النشأة والميلاد ،وطور القوة والارتقاء ، وطور التفتت والسقوط ،أمَّا الطور الثاني في الدولة عند ابن خلدون ، فهو مرحلة انتقالية للطور الثالث ، والطور الرابع مرحلة انتقالية للطور الخامس ، وقد استمد هذين الطورين من الواقع التاريخي للعالم الإسلامي،ومن القرآن الكريم استقى فصله بعنوان «الظلم مؤذن بخراب العمران» .
    أمثلة أطوار الدولة من واقع الدولة الإسلامية:
    طور التأسيس: وقد ضرب ابن خلدون مثلاً بالدولة الإسلامية في طور تأسيسها ، وهو عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وعهد الخلفاء الراشدين ، والذي قضى فيه الإسلام على العصبية القبلية القائمة على التفاخر بالآباء والأنساب ،وحلَّ محلها الأخوة في الدين لقوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وأُنثَى وجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، وقوله تعالى : (إنَّمَا المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ) ،فآخى بين الأوس والخزرج وسمَّاهم بالأنصار ،وآخى بينهم وبين المهاجرين .
    وبعد وفاة الرسول صلى الله عليهم وسلم قامت الخلافة ولم يقم ملك ، وكانوا محافظين على حياة البداوة من خشونة العيش والبعد عن الترف بالرغم من أنَّ المال الذي جاءهم من فتوحات الشام والعراق وفارس لا يحصر ،وقد بلغ نصيب الفارس الواحد في بعض الغزوات ثلاثين ألفاً من الذهب ،ومع ذلك كان عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه يرقع ثوبه بالجلد.وبالرغم ممَّا جاءهم من مال حلال من الفيء والغنائم ،لم يكن يصرفهم فيها بإسراف ،وإنَّما كانوا على قصد في أحوالهم.
    ولما وقعت الفتنة بين علي ومعاوية رضي الله عنهما ، وهي مقتضى العصبية كان طريقهم فيها الحق والاجتهاد ، ولم يكونوا في محاربتهم لغرض دنيوي أو لإيثار باطل على حق ، وإنَّما اختلف اجتهادهم في الحق واقتتلوا عليه ، وإن كان المُصيب علياً كرَّم الله وجهه ، فلم يكن معاوية ـ رضي الله عنه ـ قائماً فيها بقصد الباطل ، وإنَّما قصد الحق وأخطأ.
    طور الانفراد بالمجد : يمثله قيام الدولة الأموية إلى سقوط الدولة العباسية : كان خلفاء بني أمية يسيرون على الحق حتى نهاية عصر عمر بن عبد العزيز ، ثُمَّ بعد ذلك استعمل خلفاؤهم طبيعة الملك في أغراضهم الدنيوية ، ونسوا ما كان عليه سلفهم من تحري القصد فيها واعتماد الحق ، فانصرف الناس عنهم وأيَّدوا الدعوة العباسية ،وصرف العباسيون الملك في وجوه الحق ما استطاعوا حتى جاء بنو الرشيد فكان منهم الصالح ومنهم الطالح ، ثُمّ أفضى الأمر إلى بنيهم ، فأعطوا الملك والترف حقه ، وانغمسوا في الدنيا وباطلها ، ونبذوا الدين وراءهم فأذن الله بحربهم ، وانتزاع الأمر من أيدي العرب جملة.
    هذا ولو طبقنا باقي أطوار الدولة على الدولة الإسلامية في العصرين الأموي والعباسي نجد أنَّ الدولة الأموية لمَّا قرَّب بعض الخلفاء عرب الشمال «المضرية» على عرب الجنوب «القيسية» أصبح هناك تناحراً بين العرب .
    وفي عصر الدولة العباسية أدخل الموالي ، وأدخل السودان والأتراك والصقالبة والأرمن ،وعناصر أخرى كثيرة دخلت في الدولة الإسلامية ،تناحرت هذه العناصر ،كل يتعصب لبني جلدته ،وكل يتعصب لتركيز سلطانه ،وبذلك ضعف الخلفاء ،وظهرت إمرة الأمراء ، وأصبح الخليفة لا حول له ولا قوة ، وقوي جند المرتزقة ، واستولوا على كل ما في خزانة الدولة ، وأصبح الخليفة يسترضي الجند المرتزقة لأنَّهم هم عدته وسلاحه بعد أن أبعد عصبيته ،وأهله ، فلمَّا تخْلو الخزينة ، ويشغب الجند يصبح الخليفة لا قيمة له ، ويمشي حافي القدميْن ، وتُسمل عينه ، ويمكن أن تصبح مدة وزارة شخص يوم أو ثلاثة أيام ،أو شهر ،وتضعف الدولة ، وينقض عليها العداء من كل جانب ، كما حدث مع المغول والصليبيين ، وينقض المماليك على الحكم كما حدث في مصر ،ثُمّ بعد ذلك تنهار الدولة تماماً.
    والدرس الذي نستقيه من تاريخنا أنَّ أية دولة أياً كانت تنهار من الدعة والترف.
    ***
    النظرية الاقتصادية:
    ممَّا يميز نظريات ابن خلدون السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتربوية أنَّ أكثرها قابل للتطبيق في كل زمان ومكان.
    كما يعد ابن خلدون أول مفكر عالمي يرى أهمية الاقتصاد للسياسة، ففي الفصل الذي بعنوان « نقصان الدفع يؤدي إلى نقصان الإيراد» يقول : «السبب في ذلك أنَّ الدولة والسلطان هما السوق الأعظم في العالم... إذا حجب السلطان البضائع والأموال والإيراد، أو فقدت فلم يصرفها في مصارفها قلَّ حينئذ ما بأيدي الحاشية والحامية ، وقلَّت نفقاتهم ، وهم معظم المشترين (السواد) وهجرت الأسواق (يقع الكساد) وتضعف أرباح المنتجات ،فتقل الجبايات لأنَّ الجبايات والضرائب تأتي من الزراعة والتجارة والتبادل التجاري الجيد والمعاملات التجارية ،وطلب الناس للفوائد والأرباح ،ووبال ذلك عائد على الدولة بالنقص لقلة الجبايات الناتجة عن نقصان ثروة الحاكم أو الدولة ... فالمال إنَّما هو متردد بين الحاكم والرعية منه إليهم ومنهم إليه ،فإذا منعه (حبسه عنده) فقدته الرعية.
    فهنا نجد ابن خلدون قد اعتبر الدولة هي السوق الأعظم أو قوة إنتاجية أو سوق منتجة ،فإن كسدت وقلَّت مصارفها لحِقَ الكساد بقية السوق ، وما توصل إليه ابن خلدون في هذا يعتبر اليوم من مفاخر علم الاقتصاد.
    فقد اعتبر الدولة منتجة بحمايتها لمصادر الإنتاج ، وتأخذ الضرائب مقابل حمايتها لهذه الثروات ، ويرى أنَّ قلة الضرائب تؤدي إلى زيادة الاعتماد لتزايد الاغتباط بقلة المغرم ،وبزيادة الضرائب يحدث العكس.
    نظرية القيمة والأثمان عند ابن خلدون:
    لقد سبق ابن خلدون آدم سميث في وضع أسس نظرية القيمة والأثمان وهي من أدق الأمور في الاقتصاد، وبذلك يعد ابن خلدون رائدا عظيما في علم الاقتصاد.
    نظرية النقود عند ابن خلدون :
    للنقود في نظر ابن خلدون خاصية ترتبت عليها وظيفتان : أمَّا الخاصية فهي الثبات النقدي.
    وأمَّا الوظيفتان فهما : اتخاذ النقود أداة مبادلة ،وفي الوقت نفسه اتخاذها أداة ادخار.
    وفي الإشارة إلى خاصية الثبات النقدي ، يقول : « وإن اقتنى سواهما -أي الذهب والفضة- في بعض الأحيان ـ فإنَّما هو لقصد تحصيلهما بما يقع في غيرهما من حوالة الأسواق التي هما عنها بمعماوال».
    ثُمَّ هي أداة مبادلة عند ابن خلدون لأنَّها «قيمة لكل متمول» ،أو «مستودع القيمة» ، وإلاَّ لم يحصل أحد من اقتنائها على شيء ،وهي عنده أيضاً أداة ادخار حيث يقول : «إنَّ الذهب والفضة هما الذخيرة والقنية لأهل العالم غالباً...» .
    وممَّا لاشك فيه أنَّ ظاهرة الثبات النقدي كانت السبب الأول في صيرورة الذهب والفضة مستودع القيمة ،وفي اتخاذها أداة للادخَّار والمبادلة.
    وكون الذهب والفضة بمعماوال عن حوالة الأسواق التي تحدث لغيرهما عند ابن خلدون يرجع إلى أنَّ الإنتاج منهما ليس مضموناً ،حيثُ أنَّ نتيجة استغلال أي منجم منهما تخضع لعدة عوامل مختلفة ، حتى أنَّ النتيجة قد تكون معاكسة ، ومن ثَمَّ فقد كان للطابع الاحتمالي للإنتاج ،بالإضافة إلى ضآلة القدر المنتج بالفعل بالنسبة للموجود في الأسواق ،الأثر الكبير في جعل عرض الذهب والفضة في الأسواق يكاد يكون ثابتاً بصورة منتظمة دائماً .
    العلاقة بين النقود وبين القدرة الإنتاجية للدولة:
    لقد اكتشف ابن خلدون أنَّ قوة الدولة وتقدمها العمراني «الحضاري» لا يُقاس بمقدار ما يتوافر لها من معادن كالذهب والفضة، وإنَّما يكون نتيجة لقدرتها على الإنتاج الذي يجلب لها الذهب والفضة ، فيقول : «إنَّ الأموال من الذهب والفضة ، والجواهر والأمتعة ،إنَّما هي معادن ومكاسب كالحديد والنحاس والرصاص ،وسائر العقارات والمعادن ،والعمران يظهرها بالأعمال الإنسانية ،ويزيد فيها أو ينقصها ،وما يوجد منها بأيدي الناس فهو متناقل متوارث ،وربما انتقل من قُطرٍ إلى قُطر ،ومن دولة إلى دولة أخرى بحسب أغراضه ،والعمران الذي يستدعى له ،فالنقود يوفرها أو ينقصها العُمران».
    ويضرب مثلاً لذلك : «أقطار المشرق مثل : مصر والشَّام وعراق العجم والهند والصين ،وناحية الشمال ،وأقطار ما وراء البحر الرومي لما كثر عمرانها ،كيف كثر المال فيها وعظمت دولها ،وتعددت مدنها وحواضرها ، وعظمت متاجرها وأحوالها ... فإنَّه يبلغنا في باب الغنى والرفاهية غرائب تسير الركبان بحديثها ،وربما تتلقى بالإنكار ،ويحسب من يسمعها من العامة أنَّ ذلك لزيادة أموالهم ،أو لأنَّ المعادن الذهبية والفضية أكثر بأرضهم، أو لأنَّ ذهب الأقدمين من الأمم استأثروا به دون غيرهم ،وليس كذلك ،فمعدن الذهب إنَّما هو من بلاد السودان ،وجميع ما في أرضهم من البضاعة ،فإنَّما يجلبونه إلى غير بلادهم للتجارة ،فلو كان المال عتيداً موفوراً لديهم لما جلبوا بضائعهم إلى سواهم يبتغون بها الأموال ، ولاستغنوا عن أموال الناس بالجملة.
    وهذا الكلام من ابن خلدون في توضيح العلاقة بين كمية النقود وبين القدرة الإنتاجية في الدولة ،وأثر هذه القدرة على عمرانها يوضح مدى تفوق ابن خلدون على التجاريين في تحليل وظيفة النقود ،كما يظهر أيضاً تفوقه على آدم سميث الذي كان يرى أنَّ التجارة الخارجية إنَّما هي تصريف الفائض عن الاستهلاك المحلي ،حيث بيَّن ابن خلدون أنَّها تكون لتبادل المنفعة وللحصول على الذهب والفضة ابتغاء الحصول بهما على السلع الأخرى.
    العلاقة بين الرخاء وبين سرعة تداول النقود في « نظرية ابن خلدون»:
    يرى ابن خلدون أنَّ النقود يوفرها أو ينقصها العمران ،فالعمران بما يحققه من رخاء نتيجة للنقود التي يجلبها للبلاد الغنية يؤدي إلى سرعة تداول النقود ، وكثرة التعامل فينتج عن ذلك ارتفاع كمية النقود المتبادلة ، فهو يقول : «إنَّ المصر يؤدي إلى كثرة التعامل ،واستفحال العمران وتأثر الثروات الكبيرة» كما يقول : «إنَّ العمران يظهر النقود بالأعمال الإنسانية ،ويزيد فيها أو ينقصها».
    وهكذا يقرر ابن خلدون أهمية سرعة التداول للمال وأثرها على : زيادة العمران ،وزيادة الأموال بينهما ،بينما يحل الكساد إذا كان هناك إبطاء في حركة التداول.
    الاحتكار عند ابن خلدون:
    تحدث ابن خلدون عن الاحتكار ،وبيَّن أنَّه أعظم ألوان الظلم الذي يؤدي إلى إفساد العمران والدولة ،وعرَّفه بأنه التسلط على أموال الناس بشراء ما بين أموالهم بأبخس الأثمان ،ثُمَّ فرض البضائع عليهم بأعلى الأثمان على وهم الغصب والإكراه في الشراء والبيع ،وبيَّن أنَّ نتيجة ذلك يؤدي إلى كساد الأسواق ،وتوقف معاش الرعايا ، وبيَّن سبب لجوء الدولة أو السلطان إلى الاحتكار هو حاجتهما إلى الإكثار من المال بأخذهم بأسباب الترف ،فتكثر نفقاتهم ،فيرفعون الجبايات ،ولا يزال الترف يزيد والجبايات تزيد وتشتد حاجة الدولة إلى المال فتدخل في مزاحمة الناس في نشاطاتهم الاقتصادية وتجنح للاحتكار .
    حكم الشرع للاحتكار :
    وبيَّن ابن خلدون حكم الشرع للاحتكار بتحريمه، وقد استند في ذلك على قول النبي صلى الله عليه وسلم ( المحتكر عاص وملعون) ،وذلك لرفع الضر عن الناس ووقايتهم من المحتكرين في حبس الأقوات وغيرها من ضروريات الحياة.
    نظرية (تجارة السلطان مضرة للرعايا مفسدة للجباية):
    وقبل أن أشرح هذه النظرية ،وتطبيقها على بعض أنظمة الحكم المعاصرة أريد أن أوضح للقارئ الكريم معنى «السلطان» ،و «الجباية» وفق المفهوم المعاصر ،فالسلطان يُفهم منه السلطان الحاكم ،ويُفهم منه أيضاً نظام الحكم أو الحكومة .
    أمَّا الجباية ،فهي دخل الدولة من الأموال أو ميزانيتها طبقاً لاصطلاح عصرنا.
    لقد جرى بعض الحكَّام في الماضي ،وفي الحاضر غير البعيد على الاتجار وممارسة الزراعة ـ وبعضهم في وقتنا الحالي يتاجر في البترول مثل الرئيس الأمريكي الحالي «جورج بوش»؛إذ يملك شركات للبترول ، ويذكر ابن خلدون ذلك في مقام محاولة السلطان تعويض النقص في جبايته ،فيعمد حيناً إلى فرض المكوس على مبيعات التجار للرعايا وعلى الأسواق ،أو بزيادة المكوس إذ كانت قد استحدثت من قبل ،أو بمقاسمة العمال والجباة ، وامتكاك (أي امتصاص) عظامهم طبقاً لعبارة ابن خلدون،وأخيراً يعمد السلطان إلى ممارسة التجارة والزراعة ،وهو ما لا يجمل به ،ولا يستقيم معه رخاء الدولة ومصالح الرعية ،ولا الوفاء بما يحتاج إليه بيت المال.
    ويدين ابن خلدون هذا السلوك من قِبَل الحاكم ويُقبِّحه ، ويقرر أنَّه «غلط عظيم وإدخال الضرر على الرعايا من وجوه متعددة» ،نلخصها لكم عما أورده ابن خلدون في الآتي :
    - مضايقة الرعايا من الفلاَّحين والتجار لعدم التكافؤ بين رأس مال السلطان، ورؤوس أموالهم المحدودة مما يدخل على النفوس من ذلك غم ونكد.
    - لا يجد السلطان من يناقشه في شرائه فيبخس الأثمان على من يشتري منهم.
    - كما يقوم بإرغام التجار على شراء غلاَّته من زرع وخلافه ، وغالباً ما تبقى تلك البضائع بأيديهم فترة طويلة تحسباً لتحسن السوق ،فإذا دعتهم الضرورة إلى شيء من المال باعوا تلك السلع بأبخس ثمن.ويستطرد ابن خلدون في سياق هذا المقام قائلاً : « وربما يتكرر ذلك على التاجر والفلاح منهم بما يذهب رأس ماله فيقعد عن سوقه ،فإذا انقبض الفلاَّحون عن الفلاحة وقعد التجار عن التجارة ذهبت الجباية جملة ،أو دخلها النقص المتفاحش».
    - نلاحظ أنَّ ابن خلدون لم يذكر الصناعة لأنَّها كانت آنذاك بدائية ،وليست كما هي اليوم ، إذ يُسهم بعض الحكام في ممارستها ويعمد البعض الآخر إلى مصادرتها ومصادرة أرض الفلاحة ،وتحريم التجارة على الرعايا ،وما يترتب على ذلك من قلة الجباية ،وقيام الدولة بالاستدانة التي تعرضها للإفلاس.
    وهذا يبيِّن لنا مدى بعد نظر ابن خلدون ،حيث جاء زمن سيطرت بعض أنظمة الحكم على كل شيء ، ومنع الناس من حرية البيع والشراء ،وتثمير أموالهم ،فكانت حال بعض الدول المعاصرة من الفقر والضنك والاستدانة ،ويؤكد ابن خلدون على التنبيه إلى الخطر الناجم عن هذا السلوك فيما يشبه الزجر قائلاً : «فافهم ذلك».
    والحقيقة أنَّ ابن خلدون ،وهو يعرض نظريته هذه لم يكن مستوحياً إياها من استقرائه التاريخ وحسب ،ولا من واقع عاشه ،وكوارث شهدها ،وتجارب خاضها فقط ،وإنَّما كانت حادثة بعينها ناضحة على فكره منسربة من أعماقه ،تلك الحادثة هي وقفة عمر بن الخطَّاب من أبي بكر الصديق رضي الله عنهما حين ولي أبو بكر أمر المسلمين بعد انتقال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى ،فقد أصبح أبو بكر ذات يوم ،وقد صار خليفة ـ وعلى ساعده أبراد ـ أي أثواب مخططة ـ يذهب بها إلى السوق ،فلقيه الفاروق عمر وسأله: أين تُريد؟ فقال الخليفة :إلى السوق ،قال: تصنع ماذا ،وقد وُلِّيت أمر المسلمين ؟ قال أبو بكر : فمن أين أُطعم عيالي ؟ فصحبه عمر ،وذهبا إلى أبي عبيدة أمين بيت مال المسلمين ليفرض له قوته وقوت عياله،ففرض له ستة آلاف درهم في العام.
    إنَّ ما يصدر عن عمر وأبي بكر وأبي عبيدة يعتبر تشريعاً إسلامياً أصيلاً ،فثلاثتهم من كبار الصحابة وأعلامهم ،وهم في مقدمة حواريي رسول صلى الله .فهذه الحادثة تحتاج منا إلى وقفة تأمل طويلة للاستفادة منها،والتي تؤكد لنا أنَّ اتجار السلطان ـ شخصاً كان أو نظاماً ـ محرَّم في الإسلام قد بيَّن ابن خلدون أسباب تحريمها فيما سبق ذكره .
    والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما الحل إذن ،إن كان الإسلام يُحرِّم اتجار السلطان أو النظام الحاكم ،فكيف ينمو دخل الدولة؟
    لم يفت على ابن خلدون إيراد الحل والذي يتلخص في هذه العبارة : «إنَّ أوَّل ما ينمي الجباية ويثريها ويديم نماءها إنَّما يكون بالعدل في أهل الأموال والنظر لهم بذلك ،فبذلك تنبسط آمالهم ،وتنشرح صدورهم للأخذ في تثمير الأموال وتنميتها ،فتعظم منها جباية السلطان».
    ومفهوم العدل في أهل الأموال عند ابن خلدون هو تأمين أموال الناس ،وعدم مصادرتها ،وإفساح المجال أمامهم للنشاط التجاري والزراعي والإنتاج ،وعدم الغلو في فرض المكوس ،ومراقبة السلطان لأنصاره وحاشيته من مضايقة أصحاب النشاط الاقتصادي ، وكأنَّما يريد ابن خلدون أن يُنبِّه إلى القاعدة الاقتصادية الحديثة التي فحواها أنَّ رأس المال حسَّاس ،وينشط حيثُ العدل والأمن والاستقرار ،ويهرب ويختفي حيثُ الظُّلم والفساد والفوضى والمصادرات.
    وثاني ما ينمي دخل الدولة (الجباية) بمعنى أن يمتنع السلطان عن التجارة والفلاحة ،وعن منافسة العاملين بها في أنشطتهم وحركتهم .
    كما ينبه ابن خلدون إلى مخاطر أخرى تؤدي إلى فساد الرعية واضطراب أحوالهم وهو ما يقوم به بعض ذوي النفوذ ،ويسميهم بالمتغلبين الذين يشترون السلع والغلاَّت من الواردين على بلدهم ،ثُمَّ يفرضون لها من الأثمان المجحفة ما يشاءون ، وهو ما يشبه في هذه الأيام أصحاب الوكالات الحصرية الذين يتمتعون بنفوذ إقتصادي وإجتماعي نتيجة للدعم السياسي الذي يحصلون عليه سواءً من داخل بلدانهم أم من خارج بلدانهم بواسطة ضغوط مختلفة تمارس على الدولة لإطلاق يد هذا الكفيل أو ذاك .
    وهناك من التجَّار والفلاَّحين من لهم مداخلة مع السلطان ،وهؤلاء يحملونه على التجارة والزراعة ،فيحصل في غرضه من جمع المال في وقت قصير ،وخاصةً أنَّه لن يتعرَّض للمغارم أو المكوس ،ولكن ذلك يعود على السلطان بضرر كبير يتمثل في نقص جبايته ،وفي هذا يعمد ابن خلدون إلى تحذير السلطان من هؤلاء المنتفعين ووجوب الإعراض عن سعايتهم المضرة بجبايته وسلطانه ، ويشبه هذا النشاط التجاري والصناعي الذي يقوم به الحكام والمسؤولين هذه الأيام بأسماء مستعارة أو بواجهات تجارية معروفة .
    ***
    نظرية العمران كما تصورها ابن خلدون تبدو متشبعة النواحي متزاحمة الموضوعات ، عسيرة الهضم إلا إذا قرأت مع الصبر والتزام الأناة ودقة المتابعة بين فصول كتاب العمران والمقدمة. ذلك لأن ابن خلدون عميق الفكر ، متدفق الإنتاج .
    ويمكن تلخيص نظرية ابن خلدون في العمران في العناصر الآتية :
    التاريخ خبر:
    التاريخ خبر عن الاجتماع الإنساني الذي هو العمران البشري ومن ثم فإن تنقيته من الزيف ، وتصويب أحداثه يشكلان المنطلق الأول لتصور العمران البشري ، ولذلك فقد وضع ابن خلدون منهجاً لكتابة التاريخ ولتصحيح أحداث التاريخ وأخباره ، يقوم على الجرح والتعديل والتحليل واستنطاق الأحداث للوصول إلى صواب الاستنتاج.
    الإنسان مدني :
    الإنسان مدني بالطبع ، ومن ثم كان لا بد من أن يصنع مجتمعاً يجري في نطاقه التعاون على إنتاج القوت الذي يهيئ له العيش والأدوات التي تهيئ له أسباب الدفاع عن حياته ، وإلا انتفى وجوده وما أراد الله من اعتمار العالم ، واستخلافه فيه.
    أصل العمران:
    العمران البدوي أصل العمران الحضري ، ولكل من المجتمعين ألوان من العادات والسلوك وأنماط في الحياة تفرضها طبيعية كل منهما ، وهي في المجتمع الحضري أكثر قابلية للتطور الذي يؤدي إلى قمة العمران ثم ما يتبع ذلك من تقلص وانحسار في أحقاب زمنية متلاحقة متكررة تكاد تكون قانوناً ثابتاً.
    العمران والصنائع:
    لا يتم العمران ، ويرقى إلا بوجود الصنائع متمثلة في الفلاحة والصناعة والتجارة ، فعليها جميعاً يتوقف رخاء المجتمع ورفاهيته. وكلما ارتقت الصناعة ، وراجت التجارة ، وعم الرخاء وانتعش الاقتصاد كان لذلك أثره في رفاهية المجتمع البشري ورقيه وبلوغه مراحل الترف والنعيم.
    العلم والتعليم:
    العلم والتعليم أمران أساسيان في العمران مرتبطان به إيجاباً وسلباً ، فحيث يزدهر العمران تكاد تكون سوق العلم نافقة ، فإذا لم يتوفر العلم في المجتمع صارت الرحلة في طلبه أمراً ضرورياً ، ومن ثم فحيث يزدهر العلم يرقى العمران ، والعكس صحيح.
    مواقع المدن:
    حسن اختيار مواقع المدن والأمصار ضروري لاستدامة العمران ؛ وذلك من حيث المنعة ، وسهولة الدفاع عنها ، ومن حيث توفر الخيرات وكثرة الأرزاق كالقرب من الماء العذب ، وضمان المراعي للسائمة ومراعاة وجود المزارع حولها لتزويدها بأنواع الطعام.
    ضرورة العمران:
    الملك المنظم ضرورة العمران للحفاظ على المجتمع وتنظيم شؤونه وحماية الثغور ، وبعث البعوث ، وجباية الأموال ، ودفع الظلم ، ونشر العدل ، وعمران الأرض ، وإسعاد الناس في دنياهم ، وتهيئة ما يسعد آخرتهم ، وذلك بحملهم على اتباع الشريعة.
    الحكم إسلامي:
    نظام الحكم في العمران الخلدوني إسلامي يقوم بشؤونه خليفة أو إمام يحكم بمقتضى الشريعة التي يصفها ابن خلدون ، بعد أن رفض أساليب الحكم الأخرى ، بقوله : ( وإذا كانت – أي الشريعة مفروضة من الله بشارع يقررها ويشرعها ، كانت سياسية دينية نافعة في الحياة الدنيا ، والآخرة ، وذلك أن الخلق ليس المقصود بهم دنياهم فقط فالمقصود بهم إنما هو دينهم المفضي بهم إلى السعادة في آخرتهم ، صراط الله الذي له السماوات وما في الأرض ، فجاءت الشرائع بحملهم على ذلك في جميع أحوالهم من عبادة ومعاملة حتى في الملك الذي هو طبيعي للاجتماع الإنساني ، فأجرته على منهاج الدين ليكون الكل محوطاً بنظر الشارع ).
    الملك والعصبية:
    العصبية تؤدي إلى المنعة ، والغلبة تسمو إلى الرياسة ، والرياسة تبعث على التطلع إلى الملك، ومن ثم فإن الملك لا يقوم أصلاً بغير العصبية ، ويظل قوياً بقوتها ، ويضعف بضعها.
    أعمار الدول:
    للدول أعمار كأعمار الأشخاص ، تبدأ قوية تحت قيادة منشئيها ، ولا يكاد ينتهي الجيل الثالث حتى تكون قد أشرفت على الزوال . وللعمران في نطاق الدولة مرحلة تألق وازدهار تكون قمته في الجيل الثاني ، ومن ثم يكون العمران البشري بكل مكوناته الأساسية والجزئية مرتبطاً بحركة الكائن الحي الذي هو الإنسان ، في تطوره من حيث المولد والنمو والارتقاء والضعف والانحلال والزوال.
    إن ابن خلدون يلخص هذه النقطة الأخيرة التي تشكل وحدها نظرية عنده ، وتشكل قانوناً عند المعنيين بفكره في هذه الكلمات : إن أحوال العالم والأمم وعوائدهم ونحلهم لا تدوم على وتيرة واحدة ومنهاج مستقر ، وإنما هو اختلاف على الأيام والأزمنة وانتقال من حال إلى حال ، وكما يكون ذلك في الأشخاص والأوقات والأمصار ، فكذلك يقع في الآفاق والأقطار والأزمنة والدول.
    لقد لقيت نظرية العمران وغيرها من أفكار ابن خلدون الكثير من العناية من قبل مئات الدارسين على مستوى العالم المتحضر خلال القرنين الأخيرين سواء نطاق القبول أو المعارضة ، ولكن الحقيقة التي لا شك فيها أن أحداً قبل ابن خلدون سواء من علماء المسلمين أو غير المسلمين لم يعرض لدراسة الظواهر الاجتماعية دراسة تحليلية أدت إلى نتائج ومقررات مثل التي أدت إليها دراسة ابن خلدون.
    ابن خلدون في مرآة الغرب :
    لقد تابع كثير من علماء الغرب من مفكرين ومستشرقين ومؤرخين أعمال ابن خلدون ودرسوا أفكاره بإعجاب كبير ، ولكن عدداً كبيراً منهم نزع عنه صفته الإسلامية ، وبعضهم الآخر جرده من هويته العربية ، مستكثرين على العرب والمسلمين أن يكون منهم عالم ومفكر مثل ابن خلدون ، مع وجود مئات العلماء والمسلمين أمثال ابن خلدون كل في ميدانه مثل : ابن النفيس وابن الهيثم ، والبيروني ، والرازي ، والكي ، وابن سينا ، والفارابي ، وغيرهم كثير.
    فيلسوف التاريخ:
    وقد أطلق الفيلسوف الأسباني (خوسيه أورتيجا أي جاست) على ابن خلدون لقب فيلسوف التاريخ الإفريقي، كما تعتبر المقدمة من حيث الزمن أول كتاب يؤلف في فلسفة التاريخ.
    أما المستشرق الأسباني بونس بويجس Pons Bigues يؤكد أن ابن خلدون من أعظم الشخصيات تمثيلاً للتاريخ الفلسفي البعيد المدى ، وينسبه إلى أصل أسباني ، ويذهب المستشرق الأسباني (ريبيرا) في الفخر به قائلاً : (إن الوطن الأسباني يستطيع بحق أن ينسب إليه أعظم إنتاج تاريخي في العلوم الإسلامية).
    نظرية للحضارة:
    وهناك مؤرخ إسباني آخر هو رافائيل ألتاميرا Rafael Altamira يجري تعقيبات على آراء ابن خلدون في افتتاحية المقدمة ووصفه لعلم التاريخ ، والشروط التي ينبغي توفرها في المؤرخ ، ثم يقول : إن المقدمة هي نظرية للحضارة حقيقية وكاملة ، ثم يجري بعض التحفظات على المغالاة في تقدير قيمة ما أسماه بابتكارات ابن خلدون ، ولكنه يصف ابن خلدون بأنه قوة عقلية جبارة ، ومخترع عبقري ، يبني فوق سوابق ضئيلة عمل هو في معظمه جديد.
    ويضع (استيفان كلزيو) ابن خلدون في مقدمة فلاسفة التاريخ والاقتصاد والاجتماع على حد سواء ، يقول : (إذا كانت نظريات ابن خلدون عن حياة المجتمع المعقدة تضعه في مقدمة فلاسفة التاريخ ، فإن فهمه الدور الذي يؤديه العمل والملكية والأجور يضعه في مقدمة علماء الاقتصاد المحدثين ، كما استطاع في العصور الوسطى أن يكتشف مبادئ العدالة الاجتماعية والاقتصاد السياسي قبل كونسيدران الفرنسي الاشتراكي (1808-1893) وكارل ماركس الألماني (1818-1883) وباكونين الاقتصادي الاجتماعي الروسي (1814- 1876)
    مكتشف ميدان التاريخ:
    ويفرد ناتانيل شميث N.Schmid الأستاذ السابق بجامعة كورنل بأمريكا دراسة عن ابن خلدون كمؤرخ اجتماعي وفيلسوف ، ويرى إمكان وضعه في صف مؤرخين عالميين مثل تيودور الصقلي ونقولا الدمشقي ، وتروجويومبيو من مؤرخي القرن الأول الميلادي ، أو جاتيرر وشلستر من مؤرخي القرن الثامن عشر .
    كما يقرر شميت أيضاً أن ابن خلدون هو الذي اكتشف ميدان التاريخ الحقيقي وطبيعته ، وهو أول من استطاع أن ينظر إلى التاريخ كعلم خاص يبحث الحقائق التي تقع في دائرته ، بل إن أحداً غير ابن خلدون لم يقل إن التاريخ علم خاص موضوعه بحث جميع الظواهر الاجتماعية في حياة الإنسان ، ثم يستطرد قائلاً : إن ابن خلدون برغم طابعه الإسلامي ، فهو فيلسوف مثل أوجست كونت وتوماس بكل ، وهربرت سبنسر.
    ويكتب المؤرخ الألماني ( فون فيسيندونك Von Wesendonk بحثاً عن ابن خلدون في مجلة دويتشه رونتشاور بعنوان: ( ابن خلدون مؤرخ الحضارة العربي في القرن الرابع عشر) يقرر فيه أن أبن خلدون من أصل عربي نزح إلى الأندلس ، ويشيد بالمبادئ التي توصل إليها ، والتي يرى أنها تدعو إلى التأمل الصادق الدقيق ، ثم يقول : ( يقف مؤرخ الحضارة الإسلامي العظيم وحيداً في المشرق لم يعقبه خلف ، ولم ينسج على منواله ناسج ، ويستطرد قائلاً : وتدوي ميول المفكر السياسي الإفريقي في معترك الحوادث مهما كانت وجهتها دوياً يتردد صداه في عالم عصرنا).
    عمل الحياة:
    ويتحدث المؤرخ البريطاني الشهير المعاصر آرنولد توينبي Arnold Toynbee عن ابن خلدون حديث الثناء والإعجاب بشخصه وريادته العلمية ، يقول توينبي عن ابن خلدون : ( إنه آخر عضو من نجومنا المؤرخين) ، وأطلق عن المقدمة ، باعتبارها العمل الجليل الذي قام به ابن خلدون (عمل الحياة) ، وكما يبدو أن آرنولد توينبي الذي شن حملة شعواء على الحضارة الإسلامية قال بحتمية التاريخ متأثراً بقانون السببية عند ابن خلدون ، ولكنه لم يشر إلى ذلك.
    وتقف باحثة روسية معاصرة هي (سيفيتلانا باتسييفا) من ابن خلدون وفكره موقف الإعجاب والانبهار من حيث منهجه التاريخي ، وهدفه منه ، وتبدي رأيها على هذا النحو: هدف ابن خلدون أن يجعل من التاريخ وعاء ضخماً يستوعب سائر ما يحدث في العمران ، وهو ما تسعي إليه المحاولات الحديثة في كتابة التاريخ، تلك النزعة التي تجلت في المؤتمر الدولي للتاريخ الذي عقد في باريس سنة 1950م ، وبها التزمت المجلة التاريخية الفرنسية. وتمضي الباحثة الروسية قائلة: ( ويكفي ابن خلدون فخراً أن يكون حدسه ألهمه هذا التصور العريض للتاريخ ، وهداه إلى رسمه كفاية عبر عنها بدقة مدهشة سابقة لعصره وإمكاناته).
    ومن علماء الغرب الذين درسوا ابن خلدون من فطن إلى أثر الإسلام في فكره ، وربط بين شخصه وعقيدته الدينية ربطاً واضحاً مباشراً ، ومن هؤلاء الباحثين العالم الاجتماعي المرموق ( لفيج جمبلوفتش) الذي يعلي من قدر ابن خلدون ويسجل له قصب السبق في ابتكار علم الاجتماع على شخصيات كبيرة من أمثال ( كونت وفيكو) يقول جمبلوفتش: ( لقد أردنا أن ندلل على أنه قبل أوجست كونت ، بل قبل فيكو الذي أراد الإيطاليون أن يجعلوا منه أول اجتماعي أوربي ، جاء مسلم تقي ، فدرس الظواهر الاجتماعية بعقل متزن وأتى في هذا الموضوع بآراء عميقة ، وإن ما كتبه هو ما نسميه اليوم علم الاجتماع ).
    أما المستشرق البريطاني هاملتون جيب يقرر أن ابن خلدون أنه كان من كبار علماء المسلمين، ومن الشخصيات المرموقة في مذهب الإمام مالك ، وأنه على سعة أفقه لم يصدر رأياً وحداً يجافي تعاليم الإسلام بل إن مفاهيمه المتطورة كانت تطويعاً للمجتمع من منطلق روح المبادئ الإسلامية.
    وهكذا نجد كيف استطاع ابن خلدون بفكره الفذ ونظرياته العبقرية أن ينال كل هذا الاعتراف من كبار مؤرخي العالم وباحثيه على عبقريته وابتكاراته وسبقه لعلماء الغرب فيما ابتكره في التاريخ والسياسة والاقتصاد والاجتماع.

    ــــــــــــــ
    كتاب في السوق "نظرية الدولة في الفكر العربي المعاصر"
    تأليف: محمد علي جمعة
    للحصول عليه :

    http://www.neelwafurat.com/itempage.aspx?id=lbb21691-20240&search=books
    المشرف العام
    المشرف العام
    Admin


    البلد : جامعة قاصدي مرباح .وقلة - الجزائر
    عدد المساهمات : 987
    نقاط : 11948
    تاريخ التسجيل : 04/12/2009
    العمر : 46
    الموقع : المشرف العام على المنتدى

    الدولة ، أركانها  Empty نظرية الدولة اساس نشأة السلطة السياسية فيها

    مُساهمة من طرف المشرف العام الإثنين مارس 19, 2012 3:54 pm

    السلام عليكم و رحمة الله ....
    نظرية الدولة اساس نشأة السلطة السياسية فيها

    أضغط على الرابط التالي "
    منتدى الأوراس القانوني

    http://sciencesjuridiques.ahlamontada.net/t1461-topic
    مقدمة
    المبحث الأول: النظريات الغير قانونية
    المطلب الأول : النظريات الثيوقراطية
    المطلب الثاني: النظريات الطبيعية
    المطلب الثالث: النظريات الاجتماعية (السوسيولوجية)
    المبحث الثاني: النظريات القانونية
    المطلب الأول: النظريات الاتفاقية
    المطلب الثاني: النظريات المجردة
    خاتمة

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 4:14 pm