الفصل الأول: نشأة وكالات الأنباء و تطورها
المبحث الأول: الرسائل المنسوخة و المكاتب الإخبارية
كانت مظاهر الصحافة الأوروبية الأولى في العصور الوسطى في شكل رسائل إخبارية منسوخة تروى أخبار الملوك و الحاشية و النبلاء و كانت إحدى أهم وظائف هذه الرسائل إذاعة أنباء الحروب المختلفة و خاصة حرب المائة سنة نشبت سنة 1337 بين الانجليز و الفرنسيين. و قد كان النصر الانجليزي 1340 ذا أهمية كبرى أول نصر يجري في التاريخ الانجليزي. و قد أمن هذا الانتصار الطريق التجاري بين انجلترا و بلجيكا حيث كانت مصانع الصرف هي السوق الكبرى الأهم صادرات انجلترا في العصور الوسطى و هم الصوف الخام.
و كانت وظيفة هذه الرسائل المنسوخة أن تعلن للجمهور أنباء هذه الانتصارات المختلفة، و إذا عرفنا أن أهم من اهتم بأخبار هذه الرسائل أولا تجار الصوف لخوفهم على سيطرة فرنسا على بلجيكا و هي السوق الهامة و كذلك الملوك الذين اعتبروها رسائل ملكية تحتكرها الحكومة تحت سيطرة التاج فإننا نستطيع القول أن البذور الاولى للصحافة الإخبارية كانت تتناول موضوعات السياسة و الاقتصاد و الحرب. أما إذا أتينا إلى تحليل سر احتكار الحكومة لهذه الرسائل فحتى تكون تحت الملك سلطة الإعلام و حق التصرف فيما ينبغي أن يعرفه الناس و مالا ينبغي أن يعرفوه، و لعل هذا أشبه بما يحدث من رقابة على الصحافة الحديثة في أوقات الحروب. و رغم أن بعض الملوك كان يشددون على ضرورة أن تكون هذه الرسائل الإخبارية مشمولة بالرعاية الملكية فإن بعض الكتاب كانوا يقومون بإعداد الرسائل خفية و لكن هذا الطريق غير المشروع كان مليئا بالأشواك بأنه جلب إليه غضب الملوك حتى عقب نهاية الحروب. ففي عهد الملك "هنري الثامن" (1509-1547) مثلا صدر أمر ملكي بتحريم رسائل إخبارية تروي انتصارات الملك في اسكتلندا وجاء الملكي أيضا أن الرسائل التي صدرت دوت إذن من الملك لابد أن تجمع و تحرق في مدة أقصاها 24 ساعة و إلا تعرض أصحابها لعقوبة السجن و لم يسمح لأفراد الشعب الانجليزي بنشر الرسائل الإخبارية بصفة رسمية إلا في نهاية عهد جيمس الأول في أوائل القرن السابع عشر.
و في عهد الملكة إليزابيث (1558-1603) و هو أزهي عصور التاريخ الانجليزي حيث ظهرت فيه عبقرية شكسبير الأدبية و فلسفة "بيكون" العالمية، كما حققت فيه الآلة الانجليزية الحربية انتصارات عديدة على جبهات مختلفة لعل أهمها تدمير الأسطول الاسباني المعروف بالأرمادا في جويلية من عام 1558. و توسعت فيه التجارة الانجليزية في القارتين الأوروبية و الأمريكية و حتى الآسيوية، نجد أن الرسائل الإخبارية قد أصبحت مهنة مستقلة قائمة بنفسها لتسجيل الأبعاد الانجليزية و الانتصارات الحربية.
وظلت الرسائل الإخبارية المنسوخة أهم وسائل الإعلام الأوروبية في القرون الوسطى و كانت مدينة البندقية تعج بالمكاتب الإخبارية التي يشرف عليها كتاب الأخبار (المجنرون) كما انتشر هذا النشاط الإخباري في سائر العواصم الأوروبية، و كان كاتب الأخبار يستأجر العبيد أو يشتريهم و يملي عليهم ما جمعه من أخبار ليدونوها و يعدوها للبيع و التوزيع على المشتركين.
كما تجدر الإشارة هنا إلى أن الأخوة " فوجرز" كانوا من أشهر المخبرين جميعا الذين اتخذوا من مدينة أوغاسبرغ مقرا لهم. و كنت لهم مكاتب إخبارية فرعية في لندن و باريس و غيرها من العواصم لأوروبية و مدنها الكبرى. و كان هؤلاء الأخوان متخصصين في أعمال المصارف فنشروا إلى جانب الأخبار السياسية و الحربية و الاجتماعية أخبارا تجارية و مالية ذات قيمة كبيرة للتجارة و لرجال المال. و الحق أن جهود إخوان " فوجرز" في القرن السادس عشر ينم عن جرأة بالغة و دقة قائمة حتى أصبحت رسائلهم من الأمس الجوهرية التي لا يستغنى عنها رجال السياسة و الحكم و المال و لا يزال بعض هذه الرسائل المنسوخة الهامة محفوظا بالمكتبة القومية في فيينا. و هكذا نرى أن المكاتب الإخبارية الأولى التي ظاهرت في القرون الوسطى لخدمة الطبقة البورجوازية التجارية و تزويدها بالأخبار الاقتصادية و المالية، و كذلك مد الطبقة الحاكمة بالمعلومات السياسية و الحكومية و العسكرية. و كانت في حقيقة الأمر بمثابة وكالات أنباء على نطاق ضيق و لكنه خطير و لا يبدو غريبا أن يستمر نشاط الرسائل المنسوخة حق مصالح القرن الثامن عشر. أي بعد اختراع الطباعة بثلاث قرون إذا عرفنا أن هذه الرسائل كانت تسد فراغا كبيرا لا يمكن أن تسده الصحف المطبوعة، و ذلك لأن القيود الحكومية و الرقابة الصحفية و قوانين النشر المختلفة كانت تنصب على المطبوعات فقط. مما جعل لهذه الرسائل المنسوخة أهمية كبيرة و خاصة عندما تكون الحكومة شديدة في رقابتها أو عندما تصادر المطبوعات أو تعطلها.
• البريد و تقدم رسائل النقل: لقد كان لإنشاء الخدمات البريدية في القرن الخامس عشر دور كبير في رواج الرسائل الإخبارية المنسوخة لم تكن ذات صبغة شعبية كما يتوهم الكثيرون حيث كانت مقتصرة فقط على طبقة يعينها من رجال البلاد و السياسة و أثرياء التجار، و ذاك لعديد الأسباب نذكر منها : ارتفاع قيمة الاشتراك فيها التي تصل إلى خمسة جنيهات سنويا و هو 100 جنيه حديثا، و كذلك لقلة عدد ما ينتج منها نظرا لصعوبة عملية النسخ و بطئها. و مع أن نشأة الخدمات البريدية كان نعمة على الصحافة إلا أنها كانت في نفس الوقت نقمة أيضا، فقد استغل مسؤولوا البريد مراكزهم و اعتبروا الأخبار الخارجية احتكارا لهم، يتصرفون فيها كيفما شاءوا و يثرون من تجارتها. و ذلك عن طريق اشتراكات سنوية مع الصحف نظير ترجمة ملخصة الصحف الواردة من الخارج بل الأبعد من ذلك تلقيهم للرشاوى مقابل تفضيلهم لصحف دون غيرها في منحها أولوية تسلم الأخبار. و في محاولة فيه للقضاء على هذه الظاهرة قام رئيس تحرير جريدة " التيمس" الانجليزية جون والتر بتعيين مراسلين لصحيفة في الخارج و كان يشترك في النشرة المترجمة فقط من أجل المراجعة، غير أن رجال البريد لم يرقهم الأم و امتدت أيديهم إلى الإستلاء على الرسائل الواردة للتيمس و عمد تأخير وصولها للجريدة مما دفع هذه الأخيرة إلى الدخول في صراع قضائي مع هدم المصالح مطولا.
و لم يختلف الأمر كثيرا في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث ارتبطت الصحف ارتباطا وثيقا بالبريد حيث صدرت أول صحيفة في 25 سبتمبر 1690 و هي " الوقائع العامة الخارجية و المحلية " و لكنها صدرت بعد واحد ، لأنها طبعت دون أدنى علم أو موافقة من السلطة و عندما قام مدير البريد في بوسطن بإصدار صحيفة بوسطن ينوماوالتر في 24 أفريل 1704 استمرت 72 عام و كانت تسمى أخبارها من الصحف البريطانية الواردة مع السفن وقد وضع " وليم بروكر" فكرة جديدة و هي عودة ملكية الصحيفة إلى من يشتغل منصب مدير البريد رغما عن أنف العديدين.
و مع ذلك فمملا شك فيه أن انتظام الخدمات البريدية كان سببا مباشرا في تطور الصحافة الإخبارية وسعة انتشارها، و قد كانت مواعيد صدور الصحف تتفق مع مواعيد توزيع البريد و يلاحظ أن بسبب انتشار الصحف الصادرة ثلاث مرات أسبوعيا راجع إلى أن الخدمات البريدية كانت ثلاث مرات في الأسبوع. و لم يكن من الميسور إصدار الصحافة اليومية لولا تقدم الخدمات البريدية. و قد كانت بعض الصحف تحمل اسم البريد الطائر الرسول الأسبوعي، البريد المسائي، البريد الليلي و غيرها. كما أن ظهور الصحافة المسائية و الصحافة الإقليمية يرجع أيضا إلى تطور الخدمات البريدية.
على أن تقدم الخدمات البريدية مرهون بتقدم وسائل و طرق المواصلات مما يسر توزيع الصحف بسرعة و انتظام، فبدأ من نقل الصحف و الكتب على ظهور الدواب كما كان يحدث في العصور الوسطى، تحت الطرق و تيسرت المركبات التي تجرها الخيول السريعة، لم جاءت البواخر و السكك الحديدية و السيارات فأحدثت ثروة في الاتصال، و دخلت الصحافة طورا جديدا، اعتمدت فيه على الأخبار الحديثة السريعة و أصبح السبق الصحفي من أهم معايير الصحافة الناجحة، و عندما بلغت المجتمعات تحضرها، اعترفت بقيمة الصحافة و دورها في النقد و ضرورتها للديمقراطية و منحت الصحفيين حقوقا و امتيازات لتسهيل الحصول على الأخبار، فكان ذلك تأكيدا لحق الانسان في المعرفة. و قد تطورت الخدمات الصحفية في النص الأول من القرن التاسع عر لدرجة أنها أصبحت تتفوق على الخدمات الحكومية، فوكالة رويترز البريطانية مثلا كانت تحصل على المعلومات و الأخبار قبل أن تحصل عليها الحكومة و جريدة "جورنال أوف كمرس" الأمريكية كانت تسبق الحكومة الأمريكية في معرفة الأنباء و نقلها بين بوسطن و نيويورك عبر مسافة طويلة تحتاج إلى 20 ساعة في ذلك الزمان.
ومن ناحية أخرى تفتقت أذهان الصحفيين عن جيل عديدة لتتغلب على عقبات المسافات البعيدة ففي سنة 1837 نجد أن الصحفي الأمريكي " كريج" قد نظم أسرابا في الحمام يزيد عددها عن الخمسمائة لنقل الرسائل بين عديد المدن الأمريكية و قد كانت وكالات الأنباء في أولى عهودها تستخدم مثل هذه الطريقة.
المبحث الثاني: بداية عصر الاتصال الإلكتروني
بدأت الجذور الأولى لمعالم عصر الاتصال الالكتروني خلال القرن التاسع عشر، و اكتمل نموه في النص الثاني من القرن العشرين، فقد شهد القرن التاسع عشر ظهور عدد كبير من وسائل الاتصال استجابة لعلاج بعض المشكلات العالقة عن الثروة الصناعية حيث برزت الحاجة إلى استكشاف أساليب سريعة لتبادل المعلومات التجارية و بالتالي أصبحت الأساليب التقليدية للاتصال لا تلبي التطورات الضخمة التي يشهدها المجتمع الصناعي ... و كانت وكالات الأنباء في مقدمة وسائل الاتصال استخداما لكل تلك المخترعات الحديثة و أكثرها استفادة منها. مع أن تلك المبتكرات لم توجد في الأصل لها بالدرجة الأولى و غنما تمت (الخدمة) بمواجهة التطور الصناعي و فتح الأسواق الجديدة لتبدل المعلومات. فلقد بذلت محاولات عديدة لاستغلال ظاهرة الكهرباء بعد اكتشافها، و ظهور العديد من المخترعات الجديدة نتيجة استغلال الطاقة الكهربائية.
• التلغراف و التلفون: ففي عام 1824 اكتشف العالم الانجليزي ( وليم تسرجون) الموجات الكهرومغناطيسية. ثم جاء اختراع التلغراف سنة 1837 بفضل الأمريكي صمويل مورس فكان بمثابة ثورة في عالم الاتصال غيرت وجه الفن الصحفي و جعلت تطور وكالات الأنباء حقيقة مؤكدة. و ما لبث كبر الصحفيين أن أدركوا خطورة التلغراف و أثره على نقل الأخبار. فيقول جيمس جوردون يثبت في مقال له نشر سنة 1844.بصحيفة نيويورك هيرالد " إن نقل الأخبار بالتلغراف سوف يوقظ الجماهير و يجعلها أكثر اهتماما بالمسائل العامة و سوف يصبح لمفكرين و الفلاسفة و المثقفين و الصحفيين جماهير أكثر عددا أشد إثارة أعمق تكبيرا من أي وقت مضى" و لا شك في أن نقل الأخبار بطريقة تلغي عامل الزمن قد خلق ثورة في نفوس الصحفيين و الجماهير على السواء، و شتان بين قارئ الأمس الذي كان يعتمد على البريد البطيء أين تلقي معلوماته و قارئ اليوم الذي لا يستطيع أن ينتظر أكثر من بضع ثوان لتوافيه الإذاعات و أجهزة التليفزيون بآخر الأخبار المصورة، بل غنه يعيش الأحداث لحظة وقوعها و ذلك بفضل التقدم المذهل في وسائل الاتصال.
و لم يكد يبدأ استخدام التلغراف في انجلترا سنة 1845، حتى بدأت الأسلاك تمتد بين سائر المدن، و قد ارتبطت فرنسا بانجلترا تلغرافيا سنة 1851 عن طريق خط من الأسلاك الممتدة تحت سطح البحر. و ما وافت سنة 1852 حتى كان طول الخطوط التلغرافية في الولايات المتحدة الأمريكية 16735 ميلا ارتفعت إلى 50000 ميل سنة 1860 ووصلت 110767 ميلا سنة 1880.
و في سنة 1858 ارتبطت أوروبا بأمريكا عن طريق خط من الأسلاك الممتدة تحت مياه المحيط الأطلسي غير أن هذا الخط قد انقطع عن العمل بعد فترة. و قد كانت أول برقية أذيعت عليه برسالة تهنئة من الملكة فيكتوريا إلى الرئيس الأمريكي بوكنان الذي لم يصدق الأمر و ظنه مجرد خدعة غير أنه رد عليها لم تأكد من حقيقته. و قد أعيد هذا الخط العابر للمحيط الأطلسي في سنة 1866 و استخدم في الصحافة على نطاق واسع. ومع حلول العقد السابع من القرن التاسع عشر تم الاتصال برا و بحرا بين بريطانيا و الهند و اليابان و عديد المناطق الأخرى في العالم. و في سنة 1875 اخترع "ألكسندر غراهام بيل" التلفون لنقل الصوت إلى مسافات بعيدة تستخدم نفس تكنولوجيا التلغراف أي سريان التيار الكهربائي في الأسلاك النحاسية، فكانت هذه بمثابة دفعة قوية و قفزة رائعة للفن الصحفي بوجه عام و لنقل الأخبار عن طريق الوكالات بوجه خاص و منذ سنة 1928أصبح التلفون عاملا هاما و رئيسيا في نقل الأخبار عبر المسافات الطويلة عن طريق دوائر تربط القارات سلكيا و لاسلكيا. و أصبحت المدة البعيدة تتصل ببعضها البعض في دقائق معدودات بعدما كان الاتصال بينها يستغرق شهورا أ سنوات، خاصة بعد أن امتدت خطها المواصلات عبر المحيط الهادي.
• الراديو ووكالات الأنباء: يعتبر اختراع الراديو أخطر ثورة في تاريخ الاتصال بين القارات، و قد انعكس أثره بشكل واضح على الوكالات، و يرجع اختراع الراديو إلى عالم اللاسلكي الإيطالي " جوجليلمو ماركوني " الذي تمكن سنة 1896 من استخدام هذه الوسيلة اللاسلكية للاتصال لأول مرة في التاريخ و انتقال الصوت إلى مسافات بعيدة بدون استخدام الأسلاك و سجل ماركوني اختراعه في بريطانيا سنة 1896 و قد تطوره آخرون من بعده حتى تمكن أحدهم سنة 1906 من بث رسائل لاسلكية مختصرة إلى السفن في البحار مصحوبة بعض القطع الموسيقية مع التهنئة بحلول العيد. و قد استخدم التلفون اللاسلكي في أول الأمر بطرية بدائية جدا إلا أنه أخذ في التطور حتى أصبح حقيقة واقعة عمليا مع بداية 1900 عندما أمكن صنع جهاز إرسال تلفوني اللاسلكي. كما أمكن بناء أول محطة إذاعة قرب نيويورك ليلة عيد الميلاد سنة 1906 رغم بعض النقائص المسجلة عليها. و كان نشوب الحرب العالمية الأولى سببا في تعطيل تقدم الإذاعة إلى حد كبير فقد قامت الحكومات بالسيطرة على جميع المحطات اللاسلكية، كما منعت محطات الهواة و لم يتعد تقدم الإذاعة خلال هذه الفترة المجال الحربي و عندما قطعت خطوط التلغراف و التلفون أصبح من الضروري استخدام وسيلة تبادلية عن طريق الراديو و لا شك أن تطور الراديو يرتبط ارتباطا وثيقا بعمليات جمع الأخبار و توزيعها، فقد أصبح من الممكن للصحفيين أن يتصلوا بوكالات الأنباء مهما بعدت المسافات و في نفس الوقت يستطيع الإرسال الإذاعي أن يبث النشرات الإخبارية عدة مرات في اليوم الواحد فضلا عن استخدام سيارات اللاسلكي لتغطية الأخبار و نقل الصور من مواقع الأحداث فور وقوعها.بل إن وكالات الأنباء تقدم خدماتها على شرائط مثقبة تغذى في آلات جمع الحروف لتتم عمليات الطابع مباشرة.
• التلكس و الفاكسميلي: كذلك اعتمد التقدم الحديث في وسائل الاتصال الالكترونية في وكالات الأنباء على استخدام جهاز التلكس Telex أو (المبرقة الكاتبة المباشرة) وهو عبارة عن وسيلة للتخاطب يغير صوت و يتم ذلك بالكتابة و هو عبارة عن جهاز إرسال و استقبال في نفس الوقت. و أول تلكس ظاهر في العالم كان سنة 1922 بألمانيا الغربية و دخلت هذه الخدمة إلى مصر في أفريل 1969.
كما اعتمد التقدم لحديث في وسائل الاتصال الالكترونية في وكالات الأنباء على استخدام جهاز الفاكسميلي و الذي يطلق عليه أيضا جهاز الإرسال عن بعد اجو جهاز النسخ عن بعد أو جهاز إرسال النصوص اللاسلكية. وهذا الجهاز يمكن من إرسال الصور الواضحة بكافة أشكالها، بالإضافة إلى إرسال النصوص المكتوبة أيضا عبر الدول و القارات بواسطة جهاز مماثل في مكان آخر و قد أحدث هذا الجهاز طفرة كبيرة في نقل الأخبار و الصور في دقة و سرعة، بالإضافة إلى عامل السرية لما ينفرد به المراسلون من أخبار و التي كانت عرضة للتسرب عبر وسائل الاتصال القديمة. وقد تطور نظام الفاكسيميلي حيث يزود بجهاز كمبيوتر ضاعف من قدرات الجهاز الذي أصبح في إمكانه إرسال و استقبال أكثر من خمسين صفحة في وقت واحد، و هذه الخدمة متوفرة في المجتمعات المتقدمة و النامية على السواء. وقد بدأ الاستخدام الفعلي لهذه الأنظمة المتقدمة في نقل الأخبار منذ عام 1976 حينما استخدمتها وكالة اليونايتد برس أنترناشيونال الأمريكية لتغطية أولمبياد مونتريال و كذلك لتغطية الرئاسة الأمريكية في نفس العام. وانتقل استخدام هذا النظام هذا النظام في نقل الأخبار من وكالة الأنباء العالمية إلى الصحف الكبرى في العالم، لإصدار طبعات دولية من عواصم مختلفة عن طريق نقل صفحاتها كاملة بواسطة نظام إرسال النصوص اللاسلكية.
المبحث الثالث: فتوحات علمية و تكنولوجية الاتصالات
في أواخر القرن العشرين بدأت وكالات الأنباء في استخدام ما استحدث من فتوحات علمية تكنولوجية في مجال الاتصالات السلكية و اللاسلكية، و الحاسبات الالكترونية و الأقمار الصناعية. و أجهزة الكمبيوتر و شبكة الإنترنيت، لتزويد عملائها بالأخبار فور وقوعها طوال ساعات الليل و النهار، وقد أصبح استخدام تكنولوجيا الاتصال و المعلومات هو مصدر القوة الأساسي لوكالات الأنباء و سندها الرئيس للبقاء و و المنافسة في عصر المعلومات.
• الحاسبات الالكترونية: وقد ظهرت في النصف الثاني من القرن العشرين، تكنولوجيا الحاسبات الالكترونية ، التي نحلت مجال معالجة المعلومات كضرورة بعد ثورة انفجار المعلومات و تزايد حجمها، و قد مرت الحاسبات الالكترونية خلال تطورها بخمسة أجيال: حيث ظهر الجيل الأول في الأربعينيات من القرن العشرين، و كذلك حاسب الالكتروني عام 1946 من خلال العلماء جون موشلي واكيارت جولد شياني وهم الحاسب EMIAC. ثم أسس " جون مرشلي وايكارت " شركة لإنتاج أول حاسب تجاري للسوق المحلي اسمه
(Univac) و المصطلح هو اختصار الاسم الكامل Universal Automatic computer و قد ظهر في السوق المحلي عام 1951. ثم ظهر الجيل الثاني من الحاسبات الالكترونية في نهاية الخمسينات من القرن العشرين و بالضبط في العام 1958. أما الجيل الثالث فكان في بداية السبعينات ( 1963) و ظهر الجيل الرابع خلال عقد السبعينات بعد أن تطورت الدوائر الالكترونية المتكاملة بسرعة كبيرة. . و ظهر الجيل الخامس في بداية الثمانينات مع جيل الحاسبات الصغيرة جدا (Micno Computer) و التي يطلق عليها اسم الحاسبات الشخصية) (Personal Computer و هي تتمتع بصغر الحجم و سهولة التشغيل و الربط و الاستخدام من خلال وسائل الاتصال العادية قبل التلفون المنماوالي. كما يوجد أيضا الحاسب الصغير أو المتوسط وهو ( Min Computer) و هم أكبر حجما من الحاسب الشخصي و يوجد كذلك الحاسب الضخم ( Mainframe computer) و هو أوسع من الحاسب المتوسط حيث يمكنه أن يتلقى ملايين التعليمات في الثانية الواحدة و يوجد كذلك الحاسب العملاق ( Super Computer) و يعتبر من أكبر أنواع الحاسبات حجما و أسرعها أداء و تكلفة و له سرعة تشغيل عالية جدا.
• الأقمار الصناعية: تعتمد وكالات الأنباء المعاصرة في عملها حاليا على الاتصالات الفورية عبر القارات و المسافات البعيدة، عن طريق تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية، فقد كان ارتياد الفضاء حلما يراود الانسان....و في يوم 04 أكتوبر 1957م يحول هذا الحلم إلى حقيقة حين تمكن الاتحاد السوفياتي في إطلاق أول قمر صناعي يسمى Sputnik و كان ذلك إيذانا بدأ ثورة اتصالية.و أصبح استعمال هذه الأقمار في الاتصال و تطور الحاسبات الالكترونية في أبرز سمات عصر المعلومات.
و تم إنشاء المنظمة الدولية للاتصالات الفضائية، و تطوير الاتصالات ( Intelsat) هي عبارة عن جهود دولية مشتركة للسيطرة على الاتصالات الفضائية، و تطوير الاتصالات الدولية، و قد تأسست هذه المنظمة بعد اتفاقيتين دوليتين من جانب أربع عشرة دولة زادت بعد ذلك إلى 54 دولة. و قد طالعت هذه المنظمة القمر الصناعي Early Bisd في 1965 كأول قمر صناعي مداري تطلعه منظمة إنتلسات، ثم تبعه سلسلة من الأقمار الصناعية التي تدور حول الكرة الأرضية بشكل متزامن .
و في عام 1967 تم إطلاق الجيل الثاني من أقمار إنتلسات ( Interlsat II) فوق المحيطين الهادي و الأطلنطي. و قد حقق هذا الجيل الثاني إمكانية الاتصال الفوري بحوالي ثلثي الكرة الأرضية. ثم بدأ الجيل الثالث من أقمار إنتسات بين عام 1968/1970 و كان موقعه فوق المحيط الأطلنطي الهندي. و أتاح الاتصال الدولي بكل الكرة الأرضية و ظهر الجيل الرابع من أقمار إنتلسات بين عامي 1981 و 1983 و أضاف تكنولوجيا جديدة يطلق عليها اسم (Beam Seporation) و هي تعني زيادة مقدرة أقمار الاتصال على نقل المعلومات من الأقمار الصناعية و إليها و قد تم إطلاق الجيل الخامس الأكثر تطورا من الأقمار الإنتلسات خلال الثمانينات من القرن العشرين و قد أتاحت سلسلة أقمار إنتلسات اتصالات دولية واسعة النطاق، ليس في مجال التلفزيون فقط، و إنما امتدت لتشمل نقل بيانات الحاسب الالكتروني و الاتصالات الهاتفية و الراديو و استخدامات عديدة أخرى. كما يحقق مزايا كثيرة مثل اجتياز العوائق الطبيعية و تحقيق الاتصال الفوري عبر المسافات الشاسعة و توصيل الاتصال إلى عدة مناطق في وقت واحد و تبادل المعلومات الرسائل الإعلامية.
و إلى جانب الاتصال الدولي عبر أقمار إنتلسات، توجد أيضا أقمار صناعية أخرى تعمل على مستوى إقليمي، مثل القمر الصناعي العربي الذي تم إطلاقه من عام 1885 و كذلك أقمار إقليمية أخرى في كندا و الهند و فرنسا و غيرها كما توجد في الولايات المتحدة الأمريكية مجموعة من الأقمار الصناعية تغطي جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية.
• شبكة الحاسبات العالمية (إنترنيت): يحمل المستقبل القريب إمكانيات غير محدودة لنمو تكنولوجيا الاتصال و المعلومات التي تستخدمها وكالات الأنباء المعاصرة، و يؤكد ذلك أن ما نعيشه حاليا مع التقدم الهائل ( لوكالات الأنباء) في شبكة الحاسبات العالمية أو شبكة الشبكات Internet فلقد أدى الاندماج بين ثورتي المعلومات و الاتصال، الذي تمثل في التزاوج بين تكنولوجيا الحاسب الآلي و تكنولوجيا الأقمار الصناعية إلى تدقق الملايين من الأخبار و المعلومات و الصور و الآراء عبر الدول و القارات و المحيطات بطريقة فورية مكتوبة و مسموعة و مرئية. و تتقدم العلم أصبح العالم بمثابة قرية الكترونية لمختلف المعارف. و قد انبعث عن ثورتي الاتصال و المعلومات وسيلة إعلام جديدة هي الانترنيت التي وضعت العالم بعلمه و فنه و حضارته و أفكاره و معلوماته بين يدي الانسان بأقل تكلفة و دون مشقة. كما تحقق بفضلها و لأول مرة في تاريخ الإعلام الجماهيري ما يسمى بالإعلام التفاعلي.
و الانترنيت يطلق عليها اسم ( شبكة الحاسبات العالمية) أو ( الطريق السريع الالكتروني) أو (الطريق السريع للمعلومات) أو ( الطريق السريع للمعلوماتية) و كلها مسميات تتردد للتعبير عن تقنيات حديثة ترتبط يتقارب أنظمة الاتصالات و الإعلام و المعلوماتية، و توفير سرعة التوصيل لضامنيها من أي مكان في العالم و إلى أي مكان آخر. و مع التقارب الشديد الذي يزيد عن تجميع تقنيات الحاسب الآلي ( الكمبيوتر) و الصوت الصورة في التلفزيون، و الاتصالات بكافة أنواعها، فإن الطريق السريع الالكتروني للمعلوماتية و الإعلام و الاتصالات بكافة أنواعها يلغي المسافات مهما امتدت، و تجعل العالم قرية الكترونية لمختلف المعارف و يطلق عليها حاليا ( قيصر التكنولوجيا). و تسمى أيضا
( شبكة الشبكات) لأن ما تتصل عليها هي شبكات كبرى دولية تتكون من شبكات أصغر، و هذه تتكون أيضا من شبكات أصغر و هكذا حتى تصل إلى الوحدة الأصغر على الشبكة و الشبكة الدولية انترنيت ببساطة تربط بين مستخدمي الملايين من أجهزة الحاسبات الآلية المختلفة في جميع أنحاء العالم وفقا لبروتوكول اتصال معين. و من خلالها يتم تبادل المعلومات الكتابية و بالصوت و الصورة بأقل التكاليف و بأيسر السبل و أسرعها، فالشخص يستطيع وهو جالس إلى جهازه أن يتجول في أنحاء العالم بحثا عن معلوماته بعينها، أو موضوع بذاته، فيقرأ أو يسمع و يشاهد كل ما قيل أو كتب أو درس في هذا الموضوع، من أقصى الكرة الأرضية إلى أدناها و في فترة زمنية محدودة للغاية دون أن يشعر بالعدد الرهيب من الاتصالات لتي تحدث أثناء تبادل المعلومات من خلال جهازه أو الطرف الذي يجلس عليه. و هذه الأجهزة تتباين في القدرة، الحجم و النوع، من أجهزة عملاقة إلى أجهزة شخصية، و بالرغم من هذا الاختلاف فإن ذلك لم يفسد عملية الاتصال و الاستخدام بين هذه الأجهزة بعضها البعض، و لم يؤثر كذلك على الشبكة إنما تتحول عند الإرسال إلى شكل قياسي فيما يسمى بعملية تشفير خاصة ( Encoding). و عند الاستقبال يتم فك هذه الشفرة، و تحويل الشكل القياسي إلى الشكل المناسب بمعلية عكسية تسمى فك الشفرة ( Decoding) و يستطيع أي حاسب على الأرض أن يتصل بموقع يبعد عنه آلات الأميال، و يحصل منه على بيانات أو معلومات أيا كان نوعها، مضية أو صوتية أو رسومية أو مرئية، و يرسل إليه أيضا و ذلك خلال ثوان محدودة، و بذلك أصبحت كل الأجهزة المتصلة الشبكة الدولية انترنيت، و كأنها تشكل أكبر موسوعة عرفها البشر، لأنها تحتفظ بأكبر قدر من المعلومات في كل المجالات، و تتيحها لأي جهاز على الشبكة. يتبع
المبحث الأول: الرسائل المنسوخة و المكاتب الإخبارية
كانت مظاهر الصحافة الأوروبية الأولى في العصور الوسطى في شكل رسائل إخبارية منسوخة تروى أخبار الملوك و الحاشية و النبلاء و كانت إحدى أهم وظائف هذه الرسائل إذاعة أنباء الحروب المختلفة و خاصة حرب المائة سنة نشبت سنة 1337 بين الانجليز و الفرنسيين. و قد كان النصر الانجليزي 1340 ذا أهمية كبرى أول نصر يجري في التاريخ الانجليزي. و قد أمن هذا الانتصار الطريق التجاري بين انجلترا و بلجيكا حيث كانت مصانع الصرف هي السوق الكبرى الأهم صادرات انجلترا في العصور الوسطى و هم الصوف الخام.
و كانت وظيفة هذه الرسائل المنسوخة أن تعلن للجمهور أنباء هذه الانتصارات المختلفة، و إذا عرفنا أن أهم من اهتم بأخبار هذه الرسائل أولا تجار الصوف لخوفهم على سيطرة فرنسا على بلجيكا و هي السوق الهامة و كذلك الملوك الذين اعتبروها رسائل ملكية تحتكرها الحكومة تحت سيطرة التاج فإننا نستطيع القول أن البذور الاولى للصحافة الإخبارية كانت تتناول موضوعات السياسة و الاقتصاد و الحرب. أما إذا أتينا إلى تحليل سر احتكار الحكومة لهذه الرسائل فحتى تكون تحت الملك سلطة الإعلام و حق التصرف فيما ينبغي أن يعرفه الناس و مالا ينبغي أن يعرفوه، و لعل هذا أشبه بما يحدث من رقابة على الصحافة الحديثة في أوقات الحروب. و رغم أن بعض الملوك كان يشددون على ضرورة أن تكون هذه الرسائل الإخبارية مشمولة بالرعاية الملكية فإن بعض الكتاب كانوا يقومون بإعداد الرسائل خفية و لكن هذا الطريق غير المشروع كان مليئا بالأشواك بأنه جلب إليه غضب الملوك حتى عقب نهاية الحروب. ففي عهد الملك "هنري الثامن" (1509-1547) مثلا صدر أمر ملكي بتحريم رسائل إخبارية تروي انتصارات الملك في اسكتلندا وجاء الملكي أيضا أن الرسائل التي صدرت دوت إذن من الملك لابد أن تجمع و تحرق في مدة أقصاها 24 ساعة و إلا تعرض أصحابها لعقوبة السجن و لم يسمح لأفراد الشعب الانجليزي بنشر الرسائل الإخبارية بصفة رسمية إلا في نهاية عهد جيمس الأول في أوائل القرن السابع عشر.
و في عهد الملكة إليزابيث (1558-1603) و هو أزهي عصور التاريخ الانجليزي حيث ظهرت فيه عبقرية شكسبير الأدبية و فلسفة "بيكون" العالمية، كما حققت فيه الآلة الانجليزية الحربية انتصارات عديدة على جبهات مختلفة لعل أهمها تدمير الأسطول الاسباني المعروف بالأرمادا في جويلية من عام 1558. و توسعت فيه التجارة الانجليزية في القارتين الأوروبية و الأمريكية و حتى الآسيوية، نجد أن الرسائل الإخبارية قد أصبحت مهنة مستقلة قائمة بنفسها لتسجيل الأبعاد الانجليزية و الانتصارات الحربية.
وظلت الرسائل الإخبارية المنسوخة أهم وسائل الإعلام الأوروبية في القرون الوسطى و كانت مدينة البندقية تعج بالمكاتب الإخبارية التي يشرف عليها كتاب الأخبار (المجنرون) كما انتشر هذا النشاط الإخباري في سائر العواصم الأوروبية، و كان كاتب الأخبار يستأجر العبيد أو يشتريهم و يملي عليهم ما جمعه من أخبار ليدونوها و يعدوها للبيع و التوزيع على المشتركين.
كما تجدر الإشارة هنا إلى أن الأخوة " فوجرز" كانوا من أشهر المخبرين جميعا الذين اتخذوا من مدينة أوغاسبرغ مقرا لهم. و كنت لهم مكاتب إخبارية فرعية في لندن و باريس و غيرها من العواصم لأوروبية و مدنها الكبرى. و كان هؤلاء الأخوان متخصصين في أعمال المصارف فنشروا إلى جانب الأخبار السياسية و الحربية و الاجتماعية أخبارا تجارية و مالية ذات قيمة كبيرة للتجارة و لرجال المال. و الحق أن جهود إخوان " فوجرز" في القرن السادس عشر ينم عن جرأة بالغة و دقة قائمة حتى أصبحت رسائلهم من الأمس الجوهرية التي لا يستغنى عنها رجال السياسة و الحكم و المال و لا يزال بعض هذه الرسائل المنسوخة الهامة محفوظا بالمكتبة القومية في فيينا. و هكذا نرى أن المكاتب الإخبارية الأولى التي ظاهرت في القرون الوسطى لخدمة الطبقة البورجوازية التجارية و تزويدها بالأخبار الاقتصادية و المالية، و كذلك مد الطبقة الحاكمة بالمعلومات السياسية و الحكومية و العسكرية. و كانت في حقيقة الأمر بمثابة وكالات أنباء على نطاق ضيق و لكنه خطير و لا يبدو غريبا أن يستمر نشاط الرسائل المنسوخة حق مصالح القرن الثامن عشر. أي بعد اختراع الطباعة بثلاث قرون إذا عرفنا أن هذه الرسائل كانت تسد فراغا كبيرا لا يمكن أن تسده الصحف المطبوعة، و ذلك لأن القيود الحكومية و الرقابة الصحفية و قوانين النشر المختلفة كانت تنصب على المطبوعات فقط. مما جعل لهذه الرسائل المنسوخة أهمية كبيرة و خاصة عندما تكون الحكومة شديدة في رقابتها أو عندما تصادر المطبوعات أو تعطلها.
• البريد و تقدم رسائل النقل: لقد كان لإنشاء الخدمات البريدية في القرن الخامس عشر دور كبير في رواج الرسائل الإخبارية المنسوخة لم تكن ذات صبغة شعبية كما يتوهم الكثيرون حيث كانت مقتصرة فقط على طبقة يعينها من رجال البلاد و السياسة و أثرياء التجار، و ذاك لعديد الأسباب نذكر منها : ارتفاع قيمة الاشتراك فيها التي تصل إلى خمسة جنيهات سنويا و هو 100 جنيه حديثا، و كذلك لقلة عدد ما ينتج منها نظرا لصعوبة عملية النسخ و بطئها. و مع أن نشأة الخدمات البريدية كان نعمة على الصحافة إلا أنها كانت في نفس الوقت نقمة أيضا، فقد استغل مسؤولوا البريد مراكزهم و اعتبروا الأخبار الخارجية احتكارا لهم، يتصرفون فيها كيفما شاءوا و يثرون من تجارتها. و ذلك عن طريق اشتراكات سنوية مع الصحف نظير ترجمة ملخصة الصحف الواردة من الخارج بل الأبعد من ذلك تلقيهم للرشاوى مقابل تفضيلهم لصحف دون غيرها في منحها أولوية تسلم الأخبار. و في محاولة فيه للقضاء على هذه الظاهرة قام رئيس تحرير جريدة " التيمس" الانجليزية جون والتر بتعيين مراسلين لصحيفة في الخارج و كان يشترك في النشرة المترجمة فقط من أجل المراجعة، غير أن رجال البريد لم يرقهم الأم و امتدت أيديهم إلى الإستلاء على الرسائل الواردة للتيمس و عمد تأخير وصولها للجريدة مما دفع هذه الأخيرة إلى الدخول في صراع قضائي مع هدم المصالح مطولا.
و لم يختلف الأمر كثيرا في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث ارتبطت الصحف ارتباطا وثيقا بالبريد حيث صدرت أول صحيفة في 25 سبتمبر 1690 و هي " الوقائع العامة الخارجية و المحلية " و لكنها صدرت بعد واحد ، لأنها طبعت دون أدنى علم أو موافقة من السلطة و عندما قام مدير البريد في بوسطن بإصدار صحيفة بوسطن ينوماوالتر في 24 أفريل 1704 استمرت 72 عام و كانت تسمى أخبارها من الصحف البريطانية الواردة مع السفن وقد وضع " وليم بروكر" فكرة جديدة و هي عودة ملكية الصحيفة إلى من يشتغل منصب مدير البريد رغما عن أنف العديدين.
و مع ذلك فمملا شك فيه أن انتظام الخدمات البريدية كان سببا مباشرا في تطور الصحافة الإخبارية وسعة انتشارها، و قد كانت مواعيد صدور الصحف تتفق مع مواعيد توزيع البريد و يلاحظ أن بسبب انتشار الصحف الصادرة ثلاث مرات أسبوعيا راجع إلى أن الخدمات البريدية كانت ثلاث مرات في الأسبوع. و لم يكن من الميسور إصدار الصحافة اليومية لولا تقدم الخدمات البريدية. و قد كانت بعض الصحف تحمل اسم البريد الطائر الرسول الأسبوعي، البريد المسائي، البريد الليلي و غيرها. كما أن ظهور الصحافة المسائية و الصحافة الإقليمية يرجع أيضا إلى تطور الخدمات البريدية.
على أن تقدم الخدمات البريدية مرهون بتقدم وسائل و طرق المواصلات مما يسر توزيع الصحف بسرعة و انتظام، فبدأ من نقل الصحف و الكتب على ظهور الدواب كما كان يحدث في العصور الوسطى، تحت الطرق و تيسرت المركبات التي تجرها الخيول السريعة، لم جاءت البواخر و السكك الحديدية و السيارات فأحدثت ثروة في الاتصال، و دخلت الصحافة طورا جديدا، اعتمدت فيه على الأخبار الحديثة السريعة و أصبح السبق الصحفي من أهم معايير الصحافة الناجحة، و عندما بلغت المجتمعات تحضرها، اعترفت بقيمة الصحافة و دورها في النقد و ضرورتها للديمقراطية و منحت الصحفيين حقوقا و امتيازات لتسهيل الحصول على الأخبار، فكان ذلك تأكيدا لحق الانسان في المعرفة. و قد تطورت الخدمات الصحفية في النص الأول من القرن التاسع عر لدرجة أنها أصبحت تتفوق على الخدمات الحكومية، فوكالة رويترز البريطانية مثلا كانت تحصل على المعلومات و الأخبار قبل أن تحصل عليها الحكومة و جريدة "جورنال أوف كمرس" الأمريكية كانت تسبق الحكومة الأمريكية في معرفة الأنباء و نقلها بين بوسطن و نيويورك عبر مسافة طويلة تحتاج إلى 20 ساعة في ذلك الزمان.
ومن ناحية أخرى تفتقت أذهان الصحفيين عن جيل عديدة لتتغلب على عقبات المسافات البعيدة ففي سنة 1837 نجد أن الصحفي الأمريكي " كريج" قد نظم أسرابا في الحمام يزيد عددها عن الخمسمائة لنقل الرسائل بين عديد المدن الأمريكية و قد كانت وكالات الأنباء في أولى عهودها تستخدم مثل هذه الطريقة.
المبحث الثاني: بداية عصر الاتصال الإلكتروني
بدأت الجذور الأولى لمعالم عصر الاتصال الالكتروني خلال القرن التاسع عشر، و اكتمل نموه في النص الثاني من القرن العشرين، فقد شهد القرن التاسع عشر ظهور عدد كبير من وسائل الاتصال استجابة لعلاج بعض المشكلات العالقة عن الثروة الصناعية حيث برزت الحاجة إلى استكشاف أساليب سريعة لتبادل المعلومات التجارية و بالتالي أصبحت الأساليب التقليدية للاتصال لا تلبي التطورات الضخمة التي يشهدها المجتمع الصناعي ... و كانت وكالات الأنباء في مقدمة وسائل الاتصال استخداما لكل تلك المخترعات الحديثة و أكثرها استفادة منها. مع أن تلك المبتكرات لم توجد في الأصل لها بالدرجة الأولى و غنما تمت (الخدمة) بمواجهة التطور الصناعي و فتح الأسواق الجديدة لتبدل المعلومات. فلقد بذلت محاولات عديدة لاستغلال ظاهرة الكهرباء بعد اكتشافها، و ظهور العديد من المخترعات الجديدة نتيجة استغلال الطاقة الكهربائية.
• التلغراف و التلفون: ففي عام 1824 اكتشف العالم الانجليزي ( وليم تسرجون) الموجات الكهرومغناطيسية. ثم جاء اختراع التلغراف سنة 1837 بفضل الأمريكي صمويل مورس فكان بمثابة ثورة في عالم الاتصال غيرت وجه الفن الصحفي و جعلت تطور وكالات الأنباء حقيقة مؤكدة. و ما لبث كبر الصحفيين أن أدركوا خطورة التلغراف و أثره على نقل الأخبار. فيقول جيمس جوردون يثبت في مقال له نشر سنة 1844.بصحيفة نيويورك هيرالد " إن نقل الأخبار بالتلغراف سوف يوقظ الجماهير و يجعلها أكثر اهتماما بالمسائل العامة و سوف يصبح لمفكرين و الفلاسفة و المثقفين و الصحفيين جماهير أكثر عددا أشد إثارة أعمق تكبيرا من أي وقت مضى" و لا شك في أن نقل الأخبار بطريقة تلغي عامل الزمن قد خلق ثورة في نفوس الصحفيين و الجماهير على السواء، و شتان بين قارئ الأمس الذي كان يعتمد على البريد البطيء أين تلقي معلوماته و قارئ اليوم الذي لا يستطيع أن ينتظر أكثر من بضع ثوان لتوافيه الإذاعات و أجهزة التليفزيون بآخر الأخبار المصورة، بل غنه يعيش الأحداث لحظة وقوعها و ذلك بفضل التقدم المذهل في وسائل الاتصال.
و لم يكد يبدأ استخدام التلغراف في انجلترا سنة 1845، حتى بدأت الأسلاك تمتد بين سائر المدن، و قد ارتبطت فرنسا بانجلترا تلغرافيا سنة 1851 عن طريق خط من الأسلاك الممتدة تحت سطح البحر. و ما وافت سنة 1852 حتى كان طول الخطوط التلغرافية في الولايات المتحدة الأمريكية 16735 ميلا ارتفعت إلى 50000 ميل سنة 1860 ووصلت 110767 ميلا سنة 1880.
و في سنة 1858 ارتبطت أوروبا بأمريكا عن طريق خط من الأسلاك الممتدة تحت مياه المحيط الأطلسي غير أن هذا الخط قد انقطع عن العمل بعد فترة. و قد كانت أول برقية أذيعت عليه برسالة تهنئة من الملكة فيكتوريا إلى الرئيس الأمريكي بوكنان الذي لم يصدق الأمر و ظنه مجرد خدعة غير أنه رد عليها لم تأكد من حقيقته. و قد أعيد هذا الخط العابر للمحيط الأطلسي في سنة 1866 و استخدم في الصحافة على نطاق واسع. ومع حلول العقد السابع من القرن التاسع عشر تم الاتصال برا و بحرا بين بريطانيا و الهند و اليابان و عديد المناطق الأخرى في العالم. و في سنة 1875 اخترع "ألكسندر غراهام بيل" التلفون لنقل الصوت إلى مسافات بعيدة تستخدم نفس تكنولوجيا التلغراف أي سريان التيار الكهربائي في الأسلاك النحاسية، فكانت هذه بمثابة دفعة قوية و قفزة رائعة للفن الصحفي بوجه عام و لنقل الأخبار عن طريق الوكالات بوجه خاص و منذ سنة 1928أصبح التلفون عاملا هاما و رئيسيا في نقل الأخبار عبر المسافات الطويلة عن طريق دوائر تربط القارات سلكيا و لاسلكيا. و أصبحت المدة البعيدة تتصل ببعضها البعض في دقائق معدودات بعدما كان الاتصال بينها يستغرق شهورا أ سنوات، خاصة بعد أن امتدت خطها المواصلات عبر المحيط الهادي.
• الراديو ووكالات الأنباء: يعتبر اختراع الراديو أخطر ثورة في تاريخ الاتصال بين القارات، و قد انعكس أثره بشكل واضح على الوكالات، و يرجع اختراع الراديو إلى عالم اللاسلكي الإيطالي " جوجليلمو ماركوني " الذي تمكن سنة 1896 من استخدام هذه الوسيلة اللاسلكية للاتصال لأول مرة في التاريخ و انتقال الصوت إلى مسافات بعيدة بدون استخدام الأسلاك و سجل ماركوني اختراعه في بريطانيا سنة 1896 و قد تطوره آخرون من بعده حتى تمكن أحدهم سنة 1906 من بث رسائل لاسلكية مختصرة إلى السفن في البحار مصحوبة بعض القطع الموسيقية مع التهنئة بحلول العيد. و قد استخدم التلفون اللاسلكي في أول الأمر بطرية بدائية جدا إلا أنه أخذ في التطور حتى أصبح حقيقة واقعة عمليا مع بداية 1900 عندما أمكن صنع جهاز إرسال تلفوني اللاسلكي. كما أمكن بناء أول محطة إذاعة قرب نيويورك ليلة عيد الميلاد سنة 1906 رغم بعض النقائص المسجلة عليها. و كان نشوب الحرب العالمية الأولى سببا في تعطيل تقدم الإذاعة إلى حد كبير فقد قامت الحكومات بالسيطرة على جميع المحطات اللاسلكية، كما منعت محطات الهواة و لم يتعد تقدم الإذاعة خلال هذه الفترة المجال الحربي و عندما قطعت خطوط التلغراف و التلفون أصبح من الضروري استخدام وسيلة تبادلية عن طريق الراديو و لا شك أن تطور الراديو يرتبط ارتباطا وثيقا بعمليات جمع الأخبار و توزيعها، فقد أصبح من الممكن للصحفيين أن يتصلوا بوكالات الأنباء مهما بعدت المسافات و في نفس الوقت يستطيع الإرسال الإذاعي أن يبث النشرات الإخبارية عدة مرات في اليوم الواحد فضلا عن استخدام سيارات اللاسلكي لتغطية الأخبار و نقل الصور من مواقع الأحداث فور وقوعها.بل إن وكالات الأنباء تقدم خدماتها على شرائط مثقبة تغذى في آلات جمع الحروف لتتم عمليات الطابع مباشرة.
• التلكس و الفاكسميلي: كذلك اعتمد التقدم الحديث في وسائل الاتصال الالكترونية في وكالات الأنباء على استخدام جهاز التلكس Telex أو (المبرقة الكاتبة المباشرة) وهو عبارة عن وسيلة للتخاطب يغير صوت و يتم ذلك بالكتابة و هو عبارة عن جهاز إرسال و استقبال في نفس الوقت. و أول تلكس ظاهر في العالم كان سنة 1922 بألمانيا الغربية و دخلت هذه الخدمة إلى مصر في أفريل 1969.
كما اعتمد التقدم لحديث في وسائل الاتصال الالكترونية في وكالات الأنباء على استخدام جهاز الفاكسميلي و الذي يطلق عليه أيضا جهاز الإرسال عن بعد اجو جهاز النسخ عن بعد أو جهاز إرسال النصوص اللاسلكية. وهذا الجهاز يمكن من إرسال الصور الواضحة بكافة أشكالها، بالإضافة إلى إرسال النصوص المكتوبة أيضا عبر الدول و القارات بواسطة جهاز مماثل في مكان آخر و قد أحدث هذا الجهاز طفرة كبيرة في نقل الأخبار و الصور في دقة و سرعة، بالإضافة إلى عامل السرية لما ينفرد به المراسلون من أخبار و التي كانت عرضة للتسرب عبر وسائل الاتصال القديمة. وقد تطور نظام الفاكسيميلي حيث يزود بجهاز كمبيوتر ضاعف من قدرات الجهاز الذي أصبح في إمكانه إرسال و استقبال أكثر من خمسين صفحة في وقت واحد، و هذه الخدمة متوفرة في المجتمعات المتقدمة و النامية على السواء. وقد بدأ الاستخدام الفعلي لهذه الأنظمة المتقدمة في نقل الأخبار منذ عام 1976 حينما استخدمتها وكالة اليونايتد برس أنترناشيونال الأمريكية لتغطية أولمبياد مونتريال و كذلك لتغطية الرئاسة الأمريكية في نفس العام. وانتقل استخدام هذا النظام هذا النظام في نقل الأخبار من وكالة الأنباء العالمية إلى الصحف الكبرى في العالم، لإصدار طبعات دولية من عواصم مختلفة عن طريق نقل صفحاتها كاملة بواسطة نظام إرسال النصوص اللاسلكية.
المبحث الثالث: فتوحات علمية و تكنولوجية الاتصالات
في أواخر القرن العشرين بدأت وكالات الأنباء في استخدام ما استحدث من فتوحات علمية تكنولوجية في مجال الاتصالات السلكية و اللاسلكية، و الحاسبات الالكترونية و الأقمار الصناعية. و أجهزة الكمبيوتر و شبكة الإنترنيت، لتزويد عملائها بالأخبار فور وقوعها طوال ساعات الليل و النهار، وقد أصبح استخدام تكنولوجيا الاتصال و المعلومات هو مصدر القوة الأساسي لوكالات الأنباء و سندها الرئيس للبقاء و و المنافسة في عصر المعلومات.
• الحاسبات الالكترونية: وقد ظهرت في النصف الثاني من القرن العشرين، تكنولوجيا الحاسبات الالكترونية ، التي نحلت مجال معالجة المعلومات كضرورة بعد ثورة انفجار المعلومات و تزايد حجمها، و قد مرت الحاسبات الالكترونية خلال تطورها بخمسة أجيال: حيث ظهر الجيل الأول في الأربعينيات من القرن العشرين، و كذلك حاسب الالكتروني عام 1946 من خلال العلماء جون موشلي واكيارت جولد شياني وهم الحاسب EMIAC. ثم أسس " جون مرشلي وايكارت " شركة لإنتاج أول حاسب تجاري للسوق المحلي اسمه
(Univac) و المصطلح هو اختصار الاسم الكامل Universal Automatic computer و قد ظهر في السوق المحلي عام 1951. ثم ظهر الجيل الثاني من الحاسبات الالكترونية في نهاية الخمسينات من القرن العشرين و بالضبط في العام 1958. أما الجيل الثالث فكان في بداية السبعينات ( 1963) و ظهر الجيل الرابع خلال عقد السبعينات بعد أن تطورت الدوائر الالكترونية المتكاملة بسرعة كبيرة. . و ظهر الجيل الخامس في بداية الثمانينات مع جيل الحاسبات الصغيرة جدا (Micno Computer) و التي يطلق عليها اسم الحاسبات الشخصية) (Personal Computer و هي تتمتع بصغر الحجم و سهولة التشغيل و الربط و الاستخدام من خلال وسائل الاتصال العادية قبل التلفون المنماوالي. كما يوجد أيضا الحاسب الصغير أو المتوسط وهو ( Min Computer) و هم أكبر حجما من الحاسب الشخصي و يوجد كذلك الحاسب الضخم ( Mainframe computer) و هو أوسع من الحاسب المتوسط حيث يمكنه أن يتلقى ملايين التعليمات في الثانية الواحدة و يوجد كذلك الحاسب العملاق ( Super Computer) و يعتبر من أكبر أنواع الحاسبات حجما و أسرعها أداء و تكلفة و له سرعة تشغيل عالية جدا.
• الأقمار الصناعية: تعتمد وكالات الأنباء المعاصرة في عملها حاليا على الاتصالات الفورية عبر القارات و المسافات البعيدة، عن طريق تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية، فقد كان ارتياد الفضاء حلما يراود الانسان....و في يوم 04 أكتوبر 1957م يحول هذا الحلم إلى حقيقة حين تمكن الاتحاد السوفياتي في إطلاق أول قمر صناعي يسمى Sputnik و كان ذلك إيذانا بدأ ثورة اتصالية.و أصبح استعمال هذه الأقمار في الاتصال و تطور الحاسبات الالكترونية في أبرز سمات عصر المعلومات.
و تم إنشاء المنظمة الدولية للاتصالات الفضائية، و تطوير الاتصالات ( Intelsat) هي عبارة عن جهود دولية مشتركة للسيطرة على الاتصالات الفضائية، و تطوير الاتصالات الدولية، و قد تأسست هذه المنظمة بعد اتفاقيتين دوليتين من جانب أربع عشرة دولة زادت بعد ذلك إلى 54 دولة. و قد طالعت هذه المنظمة القمر الصناعي Early Bisd في 1965 كأول قمر صناعي مداري تطلعه منظمة إنتلسات، ثم تبعه سلسلة من الأقمار الصناعية التي تدور حول الكرة الأرضية بشكل متزامن .
و في عام 1967 تم إطلاق الجيل الثاني من أقمار إنتلسات ( Interlsat II) فوق المحيطين الهادي و الأطلنطي. و قد حقق هذا الجيل الثاني إمكانية الاتصال الفوري بحوالي ثلثي الكرة الأرضية. ثم بدأ الجيل الثالث من أقمار إنتسات بين عام 1968/1970 و كان موقعه فوق المحيط الأطلنطي الهندي. و أتاح الاتصال الدولي بكل الكرة الأرضية و ظهر الجيل الرابع من أقمار إنتلسات بين عامي 1981 و 1983 و أضاف تكنولوجيا جديدة يطلق عليها اسم (Beam Seporation) و هي تعني زيادة مقدرة أقمار الاتصال على نقل المعلومات من الأقمار الصناعية و إليها و قد تم إطلاق الجيل الخامس الأكثر تطورا من الأقمار الإنتلسات خلال الثمانينات من القرن العشرين و قد أتاحت سلسلة أقمار إنتلسات اتصالات دولية واسعة النطاق، ليس في مجال التلفزيون فقط، و إنما امتدت لتشمل نقل بيانات الحاسب الالكتروني و الاتصالات الهاتفية و الراديو و استخدامات عديدة أخرى. كما يحقق مزايا كثيرة مثل اجتياز العوائق الطبيعية و تحقيق الاتصال الفوري عبر المسافات الشاسعة و توصيل الاتصال إلى عدة مناطق في وقت واحد و تبادل المعلومات الرسائل الإعلامية.
و إلى جانب الاتصال الدولي عبر أقمار إنتلسات، توجد أيضا أقمار صناعية أخرى تعمل على مستوى إقليمي، مثل القمر الصناعي العربي الذي تم إطلاقه من عام 1885 و كذلك أقمار إقليمية أخرى في كندا و الهند و فرنسا و غيرها كما توجد في الولايات المتحدة الأمريكية مجموعة من الأقمار الصناعية تغطي جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية.
• شبكة الحاسبات العالمية (إنترنيت): يحمل المستقبل القريب إمكانيات غير محدودة لنمو تكنولوجيا الاتصال و المعلومات التي تستخدمها وكالات الأنباء المعاصرة، و يؤكد ذلك أن ما نعيشه حاليا مع التقدم الهائل ( لوكالات الأنباء) في شبكة الحاسبات العالمية أو شبكة الشبكات Internet فلقد أدى الاندماج بين ثورتي المعلومات و الاتصال، الذي تمثل في التزاوج بين تكنولوجيا الحاسب الآلي و تكنولوجيا الأقمار الصناعية إلى تدقق الملايين من الأخبار و المعلومات و الصور و الآراء عبر الدول و القارات و المحيطات بطريقة فورية مكتوبة و مسموعة و مرئية. و تتقدم العلم أصبح العالم بمثابة قرية الكترونية لمختلف المعارف. و قد انبعث عن ثورتي الاتصال و المعلومات وسيلة إعلام جديدة هي الانترنيت التي وضعت العالم بعلمه و فنه و حضارته و أفكاره و معلوماته بين يدي الانسان بأقل تكلفة و دون مشقة. كما تحقق بفضلها و لأول مرة في تاريخ الإعلام الجماهيري ما يسمى بالإعلام التفاعلي.
و الانترنيت يطلق عليها اسم ( شبكة الحاسبات العالمية) أو ( الطريق السريع الالكتروني) أو (الطريق السريع للمعلومات) أو ( الطريق السريع للمعلوماتية) و كلها مسميات تتردد للتعبير عن تقنيات حديثة ترتبط يتقارب أنظمة الاتصالات و الإعلام و المعلوماتية، و توفير سرعة التوصيل لضامنيها من أي مكان في العالم و إلى أي مكان آخر. و مع التقارب الشديد الذي يزيد عن تجميع تقنيات الحاسب الآلي ( الكمبيوتر) و الصوت الصورة في التلفزيون، و الاتصالات بكافة أنواعها، فإن الطريق السريع الالكتروني للمعلوماتية و الإعلام و الاتصالات بكافة أنواعها يلغي المسافات مهما امتدت، و تجعل العالم قرية الكترونية لمختلف المعارف و يطلق عليها حاليا ( قيصر التكنولوجيا). و تسمى أيضا
( شبكة الشبكات) لأن ما تتصل عليها هي شبكات كبرى دولية تتكون من شبكات أصغر، و هذه تتكون أيضا من شبكات أصغر و هكذا حتى تصل إلى الوحدة الأصغر على الشبكة و الشبكة الدولية انترنيت ببساطة تربط بين مستخدمي الملايين من أجهزة الحاسبات الآلية المختلفة في جميع أنحاء العالم وفقا لبروتوكول اتصال معين. و من خلالها يتم تبادل المعلومات الكتابية و بالصوت و الصورة بأقل التكاليف و بأيسر السبل و أسرعها، فالشخص يستطيع وهو جالس إلى جهازه أن يتجول في أنحاء العالم بحثا عن معلوماته بعينها، أو موضوع بذاته، فيقرأ أو يسمع و يشاهد كل ما قيل أو كتب أو درس في هذا الموضوع، من أقصى الكرة الأرضية إلى أدناها و في فترة زمنية محدودة للغاية دون أن يشعر بالعدد الرهيب من الاتصالات لتي تحدث أثناء تبادل المعلومات من خلال جهازه أو الطرف الذي يجلس عليه. و هذه الأجهزة تتباين في القدرة، الحجم و النوع، من أجهزة عملاقة إلى أجهزة شخصية، و بالرغم من هذا الاختلاف فإن ذلك لم يفسد عملية الاتصال و الاستخدام بين هذه الأجهزة بعضها البعض، و لم يؤثر كذلك على الشبكة إنما تتحول عند الإرسال إلى شكل قياسي فيما يسمى بعملية تشفير خاصة ( Encoding). و عند الاستقبال يتم فك هذه الشفرة، و تحويل الشكل القياسي إلى الشكل المناسب بمعلية عكسية تسمى فك الشفرة ( Decoding) و يستطيع أي حاسب على الأرض أن يتصل بموقع يبعد عنه آلات الأميال، و يحصل منه على بيانات أو معلومات أيا كان نوعها، مضية أو صوتية أو رسومية أو مرئية، و يرسل إليه أيضا و ذلك خلال ثوان محدودة، و بذلك أصبحت كل الأجهزة المتصلة الشبكة الدولية انترنيت، و كأنها تشكل أكبر موسوعة عرفها البشر، لأنها تحتفظ بأكبر قدر من المعلومات في كل المجالات، و تتيحها لأي جهاز على الشبكة. يتبع
الأحد نوفمبر 27, 2022 9:16 pm من طرف Faizafazo
» برنامج احترافي في تنقيط التلاميذ تربية بدنية ورياضية وكل ما يحتاجه استاذ التربية البدنية والرياضية في المتوسط
الأحد يونيو 27, 2021 7:33 pm من طرف تمرت
» مفاهيم عامة .الاعلام و الاتصال
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:51 am من طرف المشرف العام
» نظريات الاعلام وحرية الصحافة و علاقة الصحافة بالسلطة
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:50 am من طرف المشرف العام
» نشأة وتطور الصحافة في العالم و الوطن العربي
الجمعة يناير 15, 2021 11:48 am من طرف المشرف العام
» ترحيب و تعارف
السبت يونيو 13, 2020 10:39 pm من طرف صقر السردي
» كتب تاريخ الجزائر في القديم والحديث
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الثورة الجزائرية ،"ثورة المليون و نصف المليون شهيد"
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الادارة وتعريفها
السبت مايو 16, 2020 3:28 pm من طرف المشرف العام
» مقياس :تاريخ وسائل الاعلام
السبت مايو 16, 2020 2:57 pm من طرف المشرف العام