هيكلية المؤسسات الرسمية في النظام السياسي الإيراني
محاضرة تخصصية لوزارة الإعلام – الكويت
د. عبدالله يوسف سهر أستاذ العلاقات الدولية – قسم العلوم السياسية
كلية العلوم الاجتماعية - جامعة الكويت يونيو 2007
مقدمة:
تتواءم هيكلية المؤسسات السياسية الإيرانية مع عنصر أساسي في التراث الإيراني هو التوازن. فعنصر التوازن يمثل بعدا حضاريا في الفلسفة الإيرانية يرجع جذوره إلى عصر الدولة الفارسية.
وعند مجيء الإسلام وتحول الإيرانيين إلى الديانة الإسلامية بقي هذا العنصر ماثلا وحاضرا في التفكير الإيراني في كافة الأصعدة ولكن بنكهة وعبق الدين الإسلامي الذي يراعي هذا العنصر كذلك في كافة مظاهر الحياة امتثالا للآية الكريمة في سورة الإسراء " ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط" وفي سورة القصص كذلك بقوله تعالى "وابتغ فيما آتك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا". كما تنجذب هيكلية النظام الإيراني إلى نظرية ولاية الفقيه التي ترجمها إلى الواقع الزعيم الراحل الإمام الخميني. وعلى هذه الأساس فان فهم تركيب المؤسسات لا يمكن تقييمه وفهمه بصورة متكاملة إلا من خلال هذه النظرية التي تقوم أساسا على دور ما أصطلح علية بمرشد الثورة الإسلامية.
وقد بسط هذه التعاطي بين تركيب مواد الدستور الإيراني ومؤسسات الإدارة والحكم ونظرية ولاية الفقيه آية الله الشيخ على التسخيري في كتابه " حول الدستور الإيراني" (2005). ففي المقدمة شرح الشيخ التسخيري ملامح التوازن في التجربة الدستورية في إيران التي لخصها في كل من المبادئ التالية:
1- التوازن في التشريع وأرضيته المناسبة له.
2- الوحدة والتوازن في تطبيق كل الأنظمة الإسلامية.
3- الموازنة بين إلزام التشريعي والتطوع الفردي أو الاجتماعي.
4- التوازن بين التحديد في المجالات الثابتة والمرونة في المجالات المتطورة.
5- الموقف المتوازن من الحرية الإنسانية.
ومن هذه المبادئ الخمسة ينطلق التسخيري إلى شرح الدستور الإيراني الذي تنحدر منه السلطات والمؤسسات والصلاحيات ويلخص شروحه في النقاط التالية:
1- التوازن بين السلطة الدينية والاختيار الشعبي.
2-التوازن بين السلطات: انفصالا واتصالا.
3- التوازن في الإشراف المتبادل بين مجموع الجهاز الحاكم.
4- التوازن بين الأصالة والمعاصرة.
5- التوازن بين الحقوق الفردية وتأمين الحقوق الاجتماعية.
6- التوازن بين المصلحة الوطنية والمصلحة الإسلامية العليا.
7- التوازن بين تأثير السلطات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني في صياغة القرار.
8- التوازن بين الانتماء الإسلامي وحقوق المواطنة.
وبناء على ما سبق فإنه يمكن القول بان المؤسسات الرسمية في النظام الإيراني تنحدر من هذه الفلسفة والنظرية المشار إليهما من قبل. فصحيح أن الدستور يسمي السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، لكن هنالك مؤسسة مهمة تتدخل مع جميع هذه المؤسسات بصورة مباشرة وغير مباشرة وهي مؤسسة ولي الفقيه أو ما يسمى بمرشد الثورة الإسلامية. وفي هذه المحاضرة سيتم التعرض إلى المؤسسات الثلاث إلى جانب مؤسسة ولي الفقيه من خلال ما يقع تحته مباشرة وغير مباشرة التي تتمثل في المؤسسات الأخرى التي يشترك فيها مع المؤسسات الثلاث سالفة الذكر.
أولا: مؤسسة ولي الفقيه أو قائد الثورة (مرشد الثورة)
يعتبر ولي الفقيه هو القائد العام للدولة وله صلاحيات موسع نابعة من نظرية ولاية الفقيه التي اعتمدها النظام الإيراني باستفتاء عام بعد نجاح الثورة مباشرة. ويشترك القائد في تشكيل كافة المؤسسات التي تنحدر من المؤسسات الثلاث أو التي تتصل بطبيعة عملها معهم. ويتم اختيار القائد من قبل مجلس الخبراء، ولمدة غير محددة لكن يمكن عماوالة في حال فقدانه أحد عناصر وشروط الأهلية من قبل ذات المؤسسة التي نصبته، التي هي كالتالي:
1- الكفاءة العلمية للإفتاء، بمعنى وصولة إلى مرحلة الاجتهاد لدى إتباع المذهب الإثنى عشري.
2- العدالة والتقوى
3- تمتعه برؤية سياسية وإدارية واجتماعية متميزة
4- الشجاعة والكفاية وحسن التدبير.
ومن الصلاحيات الأساسية التي تتصل بموقع القائد التالي:
1- تعيين السياسيات العامة للدولة
2- متابعة ومراقبة تنفيذ السياسات العامة
3- إصدار الأمر بإجراء استفتاء عام
4- يعتبر القائد العام للقوات المسلحة
5- إعلان الحرب والسلام
6- نصب وعماوال وقبول استقالة المسؤولين الكبار كرئيس الدولة ورئيس القضاة و أعضاء مجلس صيانة الدستور ورئيس الإذاعة والتلفزيون ورئيس الأركان والقائد العام لحرس الثورة والقيادات العليا في القوات المسلحة والأمن الداخلي.
علاوة على صلاحية تدخله لحل الخلاف التي قد تنشأ بين السلطات الثلاث، واعتماد تنصيب رئيس الدولة بعد انتخابه.كما له الحق في إصدار العفو العام على المحكوم عليهم.
ويعاون القائد مجمع تشخيص مصلحة النظام حيث يحول إليهم أي قضايا تقع تحت سلطانه لكي يستشف بآرائهم دون حتمية الالتزام بما يوصون به. وتخضع تحت سلطة القائد العديد من المؤسسات المهمة ذات الاتصال الشعبي، ومنها:
1- مؤسسة الشهيد
2- مؤسسة المظلومين
3- منظمة الإعلام الإسلامي
4- المجلس الأعلى لثقافة الثورة
5- مؤسسة الإسكان
ويشترك القائد مع جميع السلطات تقريبا في تعيين أعضاؤها فيما عدا انه لا يعين أعضاء مجلس الشورى ولا رئيسه، ولا رئيس الدولة.
ثانيا: السلطات الثلاث
1- السلطة التنفيذية: رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء
النظام الإيراني شبيه في النظام الرئاسي من حيث إن هناك انتخاب لرئيس الدولة الذي بدوره يرشح وزراءه ويعرضهم على مجلس الشورى (السلطة التشريعية) لكسب الثقة بهم. ويعتبر رئيس الجمهورية الرجل الثاني بعد ولي الفقيه وهو مسؤول عن تنفيذ الدستور والقوانين التي يصدرها مجلس الشورى.
ولكن تبقى هناك مسؤوليات وصلاحيات تنفيذية بيد قائد الثورة وهو ولي الفقيه. كما أن رئيس الجمهورية مسؤول أمام القائد وأمام السلطة التشريعية التي يمكن لها محاسبته وطرح الثقة فيه وينتخب رئيس الجمهورية من قبل الشعب مباشرة.
وتمتد ولايته إلى أربعة سنوات قابلة لتجديد مرة أخري بالانتخابات العامة لمرة واحدة فقط. وطريقة الانتخاب تتم من خلال التنافس بين المرشحين للرئاسة، فإذا حصل أحدهم على الأغلبية المطلقة 51% من أصوات الناخبين يكون هو رئيس الدولة.
أما إذا لم يحصل أحد المرشحين على هذه النسبة فتحدد دورة ثانية للانتخابات للتنافس بين المرشحين اللذين حازا على الأكثر من أصوات الناخبين، وذلك في يوم الجمعة من الأسبوع التالي على انتخابات الدورة الأولى. ولعل أكثر المواد الدستورية خطورة بالنسبة لرئيس الدولة هي الثامنة والثمانون حيث تتيح لربع نواب مجلس الشورى توجيه سؤالا إلى الرئيس أو أي وزير آخر حيث لابد من حضورهم إلى المجلس للإجابة خلال شهر في حالة الرئيس وعشرة أيام في حالة الوزير، إلا في حالات استثنائية يقدرها مجلس الشورى. أما المادة التاسعة والثمانون التي تقرر انه يحق لعشرة نواب التقدم باستيضاح وهو بمثابة الاستجواب، لأحد الوزراء الذي يتعين عليه الحضور للرد ومن ثم يطلب من المجلس منحه الثقة بعد ذلك. وإذا لم يمنح الثقة من الأغلبية اعتبر الوزير معزولا من الوزارة ولا يحق له الرجوع إليها في الوزارة التالية. أما بالنسبة لرئيس الجمهورية فان المادة السابقة كذلك تمنح الحق لثلث النواب في مجلس الشورى حق استيضاح أو الاستجواب.
وعلى الرئيس المثول أمام المجلس خلال شهر للرد، فإذا صوت أغلبية الثلثين على عدم كفاءة الرئيس يرفع أمره لولي الفقيه لإطلاعها عليه الذي يمكن له الموافقة على عماواله.
2- السلطة التشريعية: مجلس الشورى
يعتبر مجلس الشورى بمثابة السلطة التشريعية، ويتألف من 290 عضوًا يتم انتخابهم وفقاً لنظام المحافظات، ومدة الدورة أربع سنوات. تنقسم إيران إلى 31 محافظة كل منها تنتخب عدداً بقدر الحجم السكاني في كل محافظة. وتتم مراجعة زيادة عدد النواب بعد كل عشرة سنوات بحسبان التغيير الذي يطرأ على العوامل الديموغرافية. كما أن هناك خمسة مقاعد محجوزة للأقليات غير المسلمة على النحو التالي:
- مقعد لليهود
- مقعد للمسيحيين الآشوريين والكلدانيين
- مقعد للزرادشت
- مقعدين للمسيحيين الأرمن
ويعتمد النظام الإيراني النظام الإداري غير المركزي حيث تقرر المادة المئة أن "تتم إدارة كل قرية أو ناحية أو مدينة أو قضاء أو محافظة بإشراف مجلس شورى باسم مجلس شورى القرية أو الناحية أو المدينة أو القضاء أو المحافظة، وينتخب أعضاؤه من قبل سكان تلك المنطقة" (دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية).
وعلى ذلك فإن هناك العديد من المجالس الشبيهة بالمجالس الإدارية التي لها اتصال بمجلس الشورى عن طريق ما يطلق عليه بمجلس الشورى الأعلى للمحافظات الذي يضم ممثلين عن كل المجالس الإدارية المنتشرة في جميع المحافظات.
ومن المعلوم أن هذه المجالس يمثل بها العمال والفلاحين والعمال التي لها اتصال بالمجتمعات المدنية والنفعية. إضافة إلى ذلك فإن هناك مجالس ذات صبغة بيروقراطية تتصل بالمؤسسات التعليمية والخدمية والإدارية.
وتهدف هذه الآلية إلى تفعيل دور مجلس الشورى الذي يحاول أن يكون له اتصال مع المجتمعات السياسية والمدنية على كافة المساحة الجغرافية لإيران.
لكن ذلك لا يخلو من تداخل بين السلطات التنفيذية والتشريعية الذي قد يكون محطات للنزاع القانوني والسياسي، إلا أن المدافعين عن هذا النظام يذهبون إلى انه جزء من عملية التعاون بين السلطات المحقق لمبدأ التوازن الذي أشرنا إليه في صدر المقدمة.
3- السلطة القضائية:
تتمتع السلطة القضائية في إيران بنفوذ واسع حيث يسطر عليها رجال الدين خاصة في مستوياتها العليا التي لا يتبوؤها إلا الذين يصلون إلى مرحلة الاجتهاد في اغلب الأحيان.
كما تتقاطع هذه السلطة مع مؤسسات أخرى مهمة حيث يتواجد بها أعضاء من القضاة كما سنبين ذلك لاحقاً. وتنبع قوة هذه السلطة من حيث ثلاثة مصادر رئيسية وهي:
1- ديوان العدالة الإدارية:
يراقب هذا الديوان سير العمل
في الدوائر الحكومية
من خلال متابعة ما يصدره
المسئولين التنفيذيين من
قرارات ولوائح وأوامر
إدارية تنظيمية قياسها
مع القوانين ومواد الدستور.
كما يستطيع المواطنين تقديم تظلماتهم وشكواهم إلى هذا الديوان مباشرة للبت فيها لأخذ أحكام، وبالتالي فهذا الديوان شبيه بالمحكمة الإدارية إلى حد بعيد.
2- منظمة التفتيش العام:
تقوم هذه المنظمة بمهمة الإشراف على تطبيق القانون بشكل صحيح وذلك من خلال خبرائها المتصلين برئيس السلطة القضائية. واختلاف هذه الهيئة عن سابقتها من حيث عملية الاتصال المباشر برئيس السلطة القضائية وهي بالتالي ليست هيئة تصدر الأحكام وإنما ترفع ما تعتقده بأنه متناقض مع الدستور والقانون من حيث التطبيق العملي.
3- سلطة رئيس القضاة على الإشراف المباشر بممتلكات المسئولين الكبار بالدولة:
وفقا للمادة 142 من الدستور فانه " يتولى رئيس السلطة القضائية التحقيق في أموال القائد، ورئيس الجمهورية، ومعاونيه، والوزراء، وزوجاتهم وأولادهم قبل تحمل المسؤولية وبعده، وذلك لئلاّ تكون قد ازدادت بطريق غير مشروع".
ومن الناحية النظرية فإن هذه المادة تجعل رئيس السلطة القضائية بصدد سلطة كبيرة تمكنه من ملاحقة المسئولين قضائيا بما في ذلك مرشد الثورة. ولكن من حيث الواقع لم تتم خاصة بحق رئيس الجمهورية أو المرشد. ومن الجدير بالذكر أن منصب رئيس السلطة القضائية يتم إسناده إلى شخصية معروفة بالاجتهاد والخبرة من قبل المرشد العام للثورة، ويعين لمدة خمسة سنوات. ومن هنا تنشأ مشكلة تنازع المصالح، إذ يثير النقاد للنظام الإيراني بأنه بمجرد سلطة التعيين للمرشد لهذه المنصب هو السيطرة على السلطة القضائية بما لا يحقق استقلاليتها.
ثالثاً: المؤسسات الأخرى الفاعلة في هيكل النظام الرسمي
هناك العديد من المؤسسات الأخرى الفاعلة في النظام الإيراني التي تتقاطع مع السلطات الثلاث بشكل مباشر وغير مباشر. وتكتسب جميع هذه المؤسسات أهميتها من حيث النص عليها في الدستور، ومن حيث الواقع العملي حيث تتفاعل في عملية اتخاذ القرار في مخرجه النهائي. ومن هذه المؤسسات ما يلي :
1- مجلس الخبراء:
يضم هذا المجلس 86 عضوا يتم انتخابهم عن طريق الشعب مباشرة، ومدة العضوية فيه ثماني سنوات. واستطاع الشيخ هاشمي رفسنجاني في الانتخابات الأخيرة تحقيق نصرا كبيرا في هذه الانتخابات حيث يتولى منصب رئيس المجلس في الوقت الراهن. ولهذا المجلس صلاحيات موسعة تطال سلطة إزاحة مرشد الثورة من منصبه وفقا لتقدير المجلس إذا قرر انه قد فقد أحد عناصر وشروط التأهيل لمنصبه. كما يضطلع هذه المجلس بتعيين مرشد الثورة في حال شغل هذا المنصب لأي سبب كان.
2- مجلس أوصياء الدستور:
يتولى هذا المجلس التدقيق في القوانين الصادرة من مجلس الشورى ومدى ملاءمتها مع الدستور والموازين الشرعية الإسلامية.
وقد نص الدستور الإيراني على شكل وصلاحيات هذا المجلس في ثمانية مواد من 92 إلى 99. ويطلق على هذا المجلس أحيانا مجلس صيانة الدستور من حيث انه مكلف بالمحافظة على روح مواد الدستور لكي لا تصدر بعض القوانين التي تفرغه من معانيه ومضامينه الإسلامية.
وعدد الأعضاء فيه 12 عضوا ستة منهم معينون من قبل المرشد والآخرين من خبراء القانون ينتخبهم مجلس الشورى من قائمة أسماء مقترحة من مجلس القضاء الأعلى. وعلى هذا النحو تتشابك السلطات القضائية والتشريعية بسلطة المرشد بشكل شديد التعقيد.
ويرى المعارضون لهذا المجلس انه صمام بيد المرشد حيث يمتلك تعيين نصف الأعضاء الأمر الذي يمنحه حق الاعتراض على القوانين التي لا يحبذها، مما يفرغ سلطة الأمة من معناها الديمقراطي. بينما يرى الآخرون أن هذا المجلس هو صمام أمان لعدم استفراد السلطة من أي جهة، حيث أن لمجلس الشورى رفض قرار مجلس صيانة الدستور في حال اعتراض الأخير عليه.
ولكن يعود المعارضون للقول بان تفسير النصوص القانونية ترجح وفقا لأغلبية الثلاثة أرباع، وهذا يعنى أن الأغلبية المانعة لاستصدار القوانين بيد من يعينهم المرشد.
كما أن وفي حالة عدم التوصل إلى قرار بين مجلس الشورى ومجلس صيانة الدستور يتم تحويل الأمر إلى مجمع تشخيص مصلحة النظام الذي يعين أعضاؤه المرشد. وعلى هذا الحال فان المرجعية النهائية بيد المرشد الأمر الذي يثير تحفظات عديدة لدى المعارضين للنظام. كما أن لهذا المجلس سلطات كبيرة في رفض المرشحين للمنصب الرئاسة ولمجلس الشورى بعد أن يتم دراسة طلب على حده. فإذا رأي هذا المجلس أن احد الذين يرغبون للترشح لهذه المناصب فاقد لعنصر الأهلية فان له الحق برفض طلبه.
ومن الجدير ذكره أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة شهدت رفض العديد من الطلبات، حيث تم تقدم 8157 مرشح للرئاسة تم قبول 4552 منهم ورفض البقية، وانسحب 700 مرشح مقبول.
كما تقدمت للترشيح 820 مواطنة تم رفض نصفهم تقريبا وانسحبت 58 مرشحة مقبولة. ويثير هذا الإجراء حفيظة المعارضين للنظام بشكل كبير.
لكن المدافعين عنه يرون أن ذلك الإجراء كفيل بتحصين النظام وإضفاء طابع الجدية على الترشيح لهذه المناصب الحساسة بالدولة.
3- مجمع تشخيص مصلحة النظام:
استحدث هذا المجمع من خلال تعديل دستوري تم في عام 1989، ويضم 34 عضوا يعينهم مرشد الثورة لمدة ثلاثة سنوات.
وفقا للمادة 110 من الدستور ليست هناك صلاحيات تشريعية ممنوحة لهذا المجمع، إلا أن أهميته تنبع من حيث يعتبر الهيئة التي تنظر في الخلاف الذي ينشب بين مجلس الشورى ومجلس صيانة الدستور.
كما ينظر هذا المجمع في القضايا التي يحيلها مرشد الثورة والتي تدخل في حدود صلاحياته من قبيل تحديد السياسات العامة ومصلحة النظام العليا.
ولكن تبقى سلطاته استشارية ولا تعتبر قرارات ملزمة للمرشد، لكنها ترفع إليه للنظر فيها. وفلسفة النشأة لهذا المجمع تنبع من تكاثر القضايا التي تقع في حدود المرشد والتي يحتاج في سبيل استصدار قرار بشأنها من خلال مجموعة من الخبراء بالمصالح العليا للدولة.
4- مجلس إعادة النظر بالدستور:
اختصاص هذا المجلس ينحصر في إعادة النظر في الدستور فقط حينما يتم الطلب منهم ذلك من قبل مرشد الثورة.
-----------------------
وتتم إجراءات ذلك وفقا للآلية التالية:
1- تشاور المرشد مع مجمع تشخيص مصلحة النظام.
2- يوجه مرشد الثورة حكما لرئيس الدولة يتضمن المواد المقترحة أو المكملة للدستور التي يطلب النظر فيها.
3- يتم تشكيل مجلس إعادة النظر في الدستور على النحو الموصوف.
4- يتم أخذ الموافقة النهائية من المرشد على تشكيل المجلس.
5- يتم طرح التعديل الذي يصوغه المجلس للاستفتاء العام، فإذا حاز على أغلبية المستفتين اعتبرت التعديلات نافذة.
ويتكون تشكيل هذا المجلس من التالي:
1- أعضاء مجلس صيانة الدستور
2- رؤساء السلطات الثلاث
3- الاعضاء الدائمون في مجمع تشخيص مصلحة النظام
4- خمسة أشخاص من أعضاء مجلس خبراء القيادة
5- عشرة أشخاص يعينهم القائد
6- ثلاثة من أعضاء مجلس الوزراء
7- ثلاثة أشخاص منه السلطة القضائية
8- عشرة من نواب مجلس الشورى
9- ثلاثة أشخاص من الجامعيين.
5- مجلس الأمن الوطني الأعلى:
يشكل رئيس الجمهورية هذا المجلس من التالي:
1- رؤساء السلطات الثلاثاء 2- رئيس هيئة أركان القيادة العامة للقوات المسلحة
3- مسؤول شئون التخطيط والميزانية
----------------------
4- مندوبان يعينان من قبل المرشد
5- وزراء الداخلية والخارجية والأمن
6- الوزير ذو العلاقة وفقا لمقتضيات الحاجة أو الموضوع قيد البحث
7- أعلى مسؤوليّن في الجيش وحرس الثورة.
ويبحث هذا المجلس مجمل القضايا التي تدخل في إطار تامين المصالح الوطنية العليا والتي تتصل بسيادة الدولة. ويمكن لقائد الثورة أن يطلب من هذا المجلس تنسيق أنشطة تدخل في إطار السياسيات العليا مثل الدفاع والأمن والاقتصاد والثقافة في سبيل تأمين كافة المستلزمات والمتطلبات لمواجهة التهديدات القائمة والمحتملة التي تحيق بالدولة.
تم الاستعانة بالمصادر التالية في إعداد هذه المحاضرة:
1- الدستور الإيراني
2- الشيخ على التسخيري (2005) " حول الدستور الإيراني"
3- إسماعيل محمد(2007) نظام الحكم في إيران. الجزيرة نت
4- راهبرد ( الإستراتيجية ) العدد 34 ، مارس 2005م. نظام التشريع الإيراني ومكانة مجمع تشخيص مصلحة النظام .
****************
محاضرة تخصصية لوزارة الإعلام – الكويت
د. عبدالله يوسف سهر أستاذ العلاقات الدولية – قسم العلوم السياسية
كلية العلوم الاجتماعية - جامعة الكويت يونيو 2007
مقدمة:
تتواءم هيكلية المؤسسات السياسية الإيرانية مع عنصر أساسي في التراث الإيراني هو التوازن. فعنصر التوازن يمثل بعدا حضاريا في الفلسفة الإيرانية يرجع جذوره إلى عصر الدولة الفارسية.
وعند مجيء الإسلام وتحول الإيرانيين إلى الديانة الإسلامية بقي هذا العنصر ماثلا وحاضرا في التفكير الإيراني في كافة الأصعدة ولكن بنكهة وعبق الدين الإسلامي الذي يراعي هذا العنصر كذلك في كافة مظاهر الحياة امتثالا للآية الكريمة في سورة الإسراء " ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط" وفي سورة القصص كذلك بقوله تعالى "وابتغ فيما آتك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا". كما تنجذب هيكلية النظام الإيراني إلى نظرية ولاية الفقيه التي ترجمها إلى الواقع الزعيم الراحل الإمام الخميني. وعلى هذه الأساس فان فهم تركيب المؤسسات لا يمكن تقييمه وفهمه بصورة متكاملة إلا من خلال هذه النظرية التي تقوم أساسا على دور ما أصطلح علية بمرشد الثورة الإسلامية.
وقد بسط هذه التعاطي بين تركيب مواد الدستور الإيراني ومؤسسات الإدارة والحكم ونظرية ولاية الفقيه آية الله الشيخ على التسخيري في كتابه " حول الدستور الإيراني" (2005). ففي المقدمة شرح الشيخ التسخيري ملامح التوازن في التجربة الدستورية في إيران التي لخصها في كل من المبادئ التالية:
1- التوازن في التشريع وأرضيته المناسبة له.
2- الوحدة والتوازن في تطبيق كل الأنظمة الإسلامية.
3- الموازنة بين إلزام التشريعي والتطوع الفردي أو الاجتماعي.
4- التوازن بين التحديد في المجالات الثابتة والمرونة في المجالات المتطورة.
5- الموقف المتوازن من الحرية الإنسانية.
ومن هذه المبادئ الخمسة ينطلق التسخيري إلى شرح الدستور الإيراني الذي تنحدر منه السلطات والمؤسسات والصلاحيات ويلخص شروحه في النقاط التالية:
1- التوازن بين السلطة الدينية والاختيار الشعبي.
2-التوازن بين السلطات: انفصالا واتصالا.
3- التوازن في الإشراف المتبادل بين مجموع الجهاز الحاكم.
4- التوازن بين الأصالة والمعاصرة.
5- التوازن بين الحقوق الفردية وتأمين الحقوق الاجتماعية.
6- التوازن بين المصلحة الوطنية والمصلحة الإسلامية العليا.
7- التوازن بين تأثير السلطات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني في صياغة القرار.
8- التوازن بين الانتماء الإسلامي وحقوق المواطنة.
وبناء على ما سبق فإنه يمكن القول بان المؤسسات الرسمية في النظام الإيراني تنحدر من هذه الفلسفة والنظرية المشار إليهما من قبل. فصحيح أن الدستور يسمي السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، لكن هنالك مؤسسة مهمة تتدخل مع جميع هذه المؤسسات بصورة مباشرة وغير مباشرة وهي مؤسسة ولي الفقيه أو ما يسمى بمرشد الثورة الإسلامية. وفي هذه المحاضرة سيتم التعرض إلى المؤسسات الثلاث إلى جانب مؤسسة ولي الفقيه من خلال ما يقع تحته مباشرة وغير مباشرة التي تتمثل في المؤسسات الأخرى التي يشترك فيها مع المؤسسات الثلاث سالفة الذكر.
أولا: مؤسسة ولي الفقيه أو قائد الثورة (مرشد الثورة)
يعتبر ولي الفقيه هو القائد العام للدولة وله صلاحيات موسع نابعة من نظرية ولاية الفقيه التي اعتمدها النظام الإيراني باستفتاء عام بعد نجاح الثورة مباشرة. ويشترك القائد في تشكيل كافة المؤسسات التي تنحدر من المؤسسات الثلاث أو التي تتصل بطبيعة عملها معهم. ويتم اختيار القائد من قبل مجلس الخبراء، ولمدة غير محددة لكن يمكن عماوالة في حال فقدانه أحد عناصر وشروط الأهلية من قبل ذات المؤسسة التي نصبته، التي هي كالتالي:
1- الكفاءة العلمية للإفتاء، بمعنى وصولة إلى مرحلة الاجتهاد لدى إتباع المذهب الإثنى عشري.
2- العدالة والتقوى
3- تمتعه برؤية سياسية وإدارية واجتماعية متميزة
4- الشجاعة والكفاية وحسن التدبير.
ومن الصلاحيات الأساسية التي تتصل بموقع القائد التالي:
1- تعيين السياسيات العامة للدولة
2- متابعة ومراقبة تنفيذ السياسات العامة
3- إصدار الأمر بإجراء استفتاء عام
4- يعتبر القائد العام للقوات المسلحة
5- إعلان الحرب والسلام
6- نصب وعماوال وقبول استقالة المسؤولين الكبار كرئيس الدولة ورئيس القضاة و أعضاء مجلس صيانة الدستور ورئيس الإذاعة والتلفزيون ورئيس الأركان والقائد العام لحرس الثورة والقيادات العليا في القوات المسلحة والأمن الداخلي.
علاوة على صلاحية تدخله لحل الخلاف التي قد تنشأ بين السلطات الثلاث، واعتماد تنصيب رئيس الدولة بعد انتخابه.كما له الحق في إصدار العفو العام على المحكوم عليهم.
ويعاون القائد مجمع تشخيص مصلحة النظام حيث يحول إليهم أي قضايا تقع تحت سلطانه لكي يستشف بآرائهم دون حتمية الالتزام بما يوصون به. وتخضع تحت سلطة القائد العديد من المؤسسات المهمة ذات الاتصال الشعبي، ومنها:
1- مؤسسة الشهيد
2- مؤسسة المظلومين
3- منظمة الإعلام الإسلامي
4- المجلس الأعلى لثقافة الثورة
5- مؤسسة الإسكان
ويشترك القائد مع جميع السلطات تقريبا في تعيين أعضاؤها فيما عدا انه لا يعين أعضاء مجلس الشورى ولا رئيسه، ولا رئيس الدولة.
ثانيا: السلطات الثلاث
1- السلطة التنفيذية: رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء
النظام الإيراني شبيه في النظام الرئاسي من حيث إن هناك انتخاب لرئيس الدولة الذي بدوره يرشح وزراءه ويعرضهم على مجلس الشورى (السلطة التشريعية) لكسب الثقة بهم. ويعتبر رئيس الجمهورية الرجل الثاني بعد ولي الفقيه وهو مسؤول عن تنفيذ الدستور والقوانين التي يصدرها مجلس الشورى.
ولكن تبقى هناك مسؤوليات وصلاحيات تنفيذية بيد قائد الثورة وهو ولي الفقيه. كما أن رئيس الجمهورية مسؤول أمام القائد وأمام السلطة التشريعية التي يمكن لها محاسبته وطرح الثقة فيه وينتخب رئيس الجمهورية من قبل الشعب مباشرة.
وتمتد ولايته إلى أربعة سنوات قابلة لتجديد مرة أخري بالانتخابات العامة لمرة واحدة فقط. وطريقة الانتخاب تتم من خلال التنافس بين المرشحين للرئاسة، فإذا حصل أحدهم على الأغلبية المطلقة 51% من أصوات الناخبين يكون هو رئيس الدولة.
أما إذا لم يحصل أحد المرشحين على هذه النسبة فتحدد دورة ثانية للانتخابات للتنافس بين المرشحين اللذين حازا على الأكثر من أصوات الناخبين، وذلك في يوم الجمعة من الأسبوع التالي على انتخابات الدورة الأولى. ولعل أكثر المواد الدستورية خطورة بالنسبة لرئيس الدولة هي الثامنة والثمانون حيث تتيح لربع نواب مجلس الشورى توجيه سؤالا إلى الرئيس أو أي وزير آخر حيث لابد من حضورهم إلى المجلس للإجابة خلال شهر في حالة الرئيس وعشرة أيام في حالة الوزير، إلا في حالات استثنائية يقدرها مجلس الشورى. أما المادة التاسعة والثمانون التي تقرر انه يحق لعشرة نواب التقدم باستيضاح وهو بمثابة الاستجواب، لأحد الوزراء الذي يتعين عليه الحضور للرد ومن ثم يطلب من المجلس منحه الثقة بعد ذلك. وإذا لم يمنح الثقة من الأغلبية اعتبر الوزير معزولا من الوزارة ولا يحق له الرجوع إليها في الوزارة التالية. أما بالنسبة لرئيس الجمهورية فان المادة السابقة كذلك تمنح الحق لثلث النواب في مجلس الشورى حق استيضاح أو الاستجواب.
وعلى الرئيس المثول أمام المجلس خلال شهر للرد، فإذا صوت أغلبية الثلثين على عدم كفاءة الرئيس يرفع أمره لولي الفقيه لإطلاعها عليه الذي يمكن له الموافقة على عماواله.
2- السلطة التشريعية: مجلس الشورى
يعتبر مجلس الشورى بمثابة السلطة التشريعية، ويتألف من 290 عضوًا يتم انتخابهم وفقاً لنظام المحافظات، ومدة الدورة أربع سنوات. تنقسم إيران إلى 31 محافظة كل منها تنتخب عدداً بقدر الحجم السكاني في كل محافظة. وتتم مراجعة زيادة عدد النواب بعد كل عشرة سنوات بحسبان التغيير الذي يطرأ على العوامل الديموغرافية. كما أن هناك خمسة مقاعد محجوزة للأقليات غير المسلمة على النحو التالي:
- مقعد لليهود
- مقعد للمسيحيين الآشوريين والكلدانيين
- مقعد للزرادشت
- مقعدين للمسيحيين الأرمن
ويعتمد النظام الإيراني النظام الإداري غير المركزي حيث تقرر المادة المئة أن "تتم إدارة كل قرية أو ناحية أو مدينة أو قضاء أو محافظة بإشراف مجلس شورى باسم مجلس شورى القرية أو الناحية أو المدينة أو القضاء أو المحافظة، وينتخب أعضاؤه من قبل سكان تلك المنطقة" (دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية).
وعلى ذلك فإن هناك العديد من المجالس الشبيهة بالمجالس الإدارية التي لها اتصال بمجلس الشورى عن طريق ما يطلق عليه بمجلس الشورى الأعلى للمحافظات الذي يضم ممثلين عن كل المجالس الإدارية المنتشرة في جميع المحافظات.
ومن المعلوم أن هذه المجالس يمثل بها العمال والفلاحين والعمال التي لها اتصال بالمجتمعات المدنية والنفعية. إضافة إلى ذلك فإن هناك مجالس ذات صبغة بيروقراطية تتصل بالمؤسسات التعليمية والخدمية والإدارية.
وتهدف هذه الآلية إلى تفعيل دور مجلس الشورى الذي يحاول أن يكون له اتصال مع المجتمعات السياسية والمدنية على كافة المساحة الجغرافية لإيران.
لكن ذلك لا يخلو من تداخل بين السلطات التنفيذية والتشريعية الذي قد يكون محطات للنزاع القانوني والسياسي، إلا أن المدافعين عن هذا النظام يذهبون إلى انه جزء من عملية التعاون بين السلطات المحقق لمبدأ التوازن الذي أشرنا إليه في صدر المقدمة.
3- السلطة القضائية:
تتمتع السلطة القضائية في إيران بنفوذ واسع حيث يسطر عليها رجال الدين خاصة في مستوياتها العليا التي لا يتبوؤها إلا الذين يصلون إلى مرحلة الاجتهاد في اغلب الأحيان.
كما تتقاطع هذه السلطة مع مؤسسات أخرى مهمة حيث يتواجد بها أعضاء من القضاة كما سنبين ذلك لاحقاً. وتنبع قوة هذه السلطة من حيث ثلاثة مصادر رئيسية وهي:
1- ديوان العدالة الإدارية:
يراقب هذا الديوان سير العمل
في الدوائر الحكومية
من خلال متابعة ما يصدره
المسئولين التنفيذيين من
قرارات ولوائح وأوامر
إدارية تنظيمية قياسها
مع القوانين ومواد الدستور.
كما يستطيع المواطنين تقديم تظلماتهم وشكواهم إلى هذا الديوان مباشرة للبت فيها لأخذ أحكام، وبالتالي فهذا الديوان شبيه بالمحكمة الإدارية إلى حد بعيد.
2- منظمة التفتيش العام:
تقوم هذه المنظمة بمهمة الإشراف على تطبيق القانون بشكل صحيح وذلك من خلال خبرائها المتصلين برئيس السلطة القضائية. واختلاف هذه الهيئة عن سابقتها من حيث عملية الاتصال المباشر برئيس السلطة القضائية وهي بالتالي ليست هيئة تصدر الأحكام وإنما ترفع ما تعتقده بأنه متناقض مع الدستور والقانون من حيث التطبيق العملي.
3- سلطة رئيس القضاة على الإشراف المباشر بممتلكات المسئولين الكبار بالدولة:
وفقا للمادة 142 من الدستور فانه " يتولى رئيس السلطة القضائية التحقيق في أموال القائد، ورئيس الجمهورية، ومعاونيه، والوزراء، وزوجاتهم وأولادهم قبل تحمل المسؤولية وبعده، وذلك لئلاّ تكون قد ازدادت بطريق غير مشروع".
ومن الناحية النظرية فإن هذه المادة تجعل رئيس السلطة القضائية بصدد سلطة كبيرة تمكنه من ملاحقة المسئولين قضائيا بما في ذلك مرشد الثورة. ولكن من حيث الواقع لم تتم خاصة بحق رئيس الجمهورية أو المرشد. ومن الجدير بالذكر أن منصب رئيس السلطة القضائية يتم إسناده إلى شخصية معروفة بالاجتهاد والخبرة من قبل المرشد العام للثورة، ويعين لمدة خمسة سنوات. ومن هنا تنشأ مشكلة تنازع المصالح، إذ يثير النقاد للنظام الإيراني بأنه بمجرد سلطة التعيين للمرشد لهذه المنصب هو السيطرة على السلطة القضائية بما لا يحقق استقلاليتها.
ثالثاً: المؤسسات الأخرى الفاعلة في هيكل النظام الرسمي
هناك العديد من المؤسسات الأخرى الفاعلة في النظام الإيراني التي تتقاطع مع السلطات الثلاث بشكل مباشر وغير مباشر. وتكتسب جميع هذه المؤسسات أهميتها من حيث النص عليها في الدستور، ومن حيث الواقع العملي حيث تتفاعل في عملية اتخاذ القرار في مخرجه النهائي. ومن هذه المؤسسات ما يلي :
1- مجلس الخبراء:
يضم هذا المجلس 86 عضوا يتم انتخابهم عن طريق الشعب مباشرة، ومدة العضوية فيه ثماني سنوات. واستطاع الشيخ هاشمي رفسنجاني في الانتخابات الأخيرة تحقيق نصرا كبيرا في هذه الانتخابات حيث يتولى منصب رئيس المجلس في الوقت الراهن. ولهذا المجلس صلاحيات موسعة تطال سلطة إزاحة مرشد الثورة من منصبه وفقا لتقدير المجلس إذا قرر انه قد فقد أحد عناصر وشروط التأهيل لمنصبه. كما يضطلع هذه المجلس بتعيين مرشد الثورة في حال شغل هذا المنصب لأي سبب كان.
2- مجلس أوصياء الدستور:
يتولى هذا المجلس التدقيق في القوانين الصادرة من مجلس الشورى ومدى ملاءمتها مع الدستور والموازين الشرعية الإسلامية.
وقد نص الدستور الإيراني على شكل وصلاحيات هذا المجلس في ثمانية مواد من 92 إلى 99. ويطلق على هذا المجلس أحيانا مجلس صيانة الدستور من حيث انه مكلف بالمحافظة على روح مواد الدستور لكي لا تصدر بعض القوانين التي تفرغه من معانيه ومضامينه الإسلامية.
وعدد الأعضاء فيه 12 عضوا ستة منهم معينون من قبل المرشد والآخرين من خبراء القانون ينتخبهم مجلس الشورى من قائمة أسماء مقترحة من مجلس القضاء الأعلى. وعلى هذا النحو تتشابك السلطات القضائية والتشريعية بسلطة المرشد بشكل شديد التعقيد.
ويرى المعارضون لهذا المجلس انه صمام بيد المرشد حيث يمتلك تعيين نصف الأعضاء الأمر الذي يمنحه حق الاعتراض على القوانين التي لا يحبذها، مما يفرغ سلطة الأمة من معناها الديمقراطي. بينما يرى الآخرون أن هذا المجلس هو صمام أمان لعدم استفراد السلطة من أي جهة، حيث أن لمجلس الشورى رفض قرار مجلس صيانة الدستور في حال اعتراض الأخير عليه.
ولكن يعود المعارضون للقول بان تفسير النصوص القانونية ترجح وفقا لأغلبية الثلاثة أرباع، وهذا يعنى أن الأغلبية المانعة لاستصدار القوانين بيد من يعينهم المرشد.
كما أن وفي حالة عدم التوصل إلى قرار بين مجلس الشورى ومجلس صيانة الدستور يتم تحويل الأمر إلى مجمع تشخيص مصلحة النظام الذي يعين أعضاؤه المرشد. وعلى هذا الحال فان المرجعية النهائية بيد المرشد الأمر الذي يثير تحفظات عديدة لدى المعارضين للنظام. كما أن لهذا المجلس سلطات كبيرة في رفض المرشحين للمنصب الرئاسة ولمجلس الشورى بعد أن يتم دراسة طلب على حده. فإذا رأي هذا المجلس أن احد الذين يرغبون للترشح لهذه المناصب فاقد لعنصر الأهلية فان له الحق برفض طلبه.
ومن الجدير ذكره أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة شهدت رفض العديد من الطلبات، حيث تم تقدم 8157 مرشح للرئاسة تم قبول 4552 منهم ورفض البقية، وانسحب 700 مرشح مقبول.
كما تقدمت للترشيح 820 مواطنة تم رفض نصفهم تقريبا وانسحبت 58 مرشحة مقبولة. ويثير هذا الإجراء حفيظة المعارضين للنظام بشكل كبير.
لكن المدافعين عنه يرون أن ذلك الإجراء كفيل بتحصين النظام وإضفاء طابع الجدية على الترشيح لهذه المناصب الحساسة بالدولة.
3- مجمع تشخيص مصلحة النظام:
استحدث هذا المجمع من خلال تعديل دستوري تم في عام 1989، ويضم 34 عضوا يعينهم مرشد الثورة لمدة ثلاثة سنوات.
وفقا للمادة 110 من الدستور ليست هناك صلاحيات تشريعية ممنوحة لهذا المجمع، إلا أن أهميته تنبع من حيث يعتبر الهيئة التي تنظر في الخلاف الذي ينشب بين مجلس الشورى ومجلس صيانة الدستور.
كما ينظر هذا المجمع في القضايا التي يحيلها مرشد الثورة والتي تدخل في حدود صلاحياته من قبيل تحديد السياسات العامة ومصلحة النظام العليا.
ولكن تبقى سلطاته استشارية ولا تعتبر قرارات ملزمة للمرشد، لكنها ترفع إليه للنظر فيها. وفلسفة النشأة لهذا المجمع تنبع من تكاثر القضايا التي تقع في حدود المرشد والتي يحتاج في سبيل استصدار قرار بشأنها من خلال مجموعة من الخبراء بالمصالح العليا للدولة.
4- مجلس إعادة النظر بالدستور:
اختصاص هذا المجلس ينحصر في إعادة النظر في الدستور فقط حينما يتم الطلب منهم ذلك من قبل مرشد الثورة.
-----------------------
وتتم إجراءات ذلك وفقا للآلية التالية:
1- تشاور المرشد مع مجمع تشخيص مصلحة النظام.
2- يوجه مرشد الثورة حكما لرئيس الدولة يتضمن المواد المقترحة أو المكملة للدستور التي يطلب النظر فيها.
3- يتم تشكيل مجلس إعادة النظر في الدستور على النحو الموصوف.
4- يتم أخذ الموافقة النهائية من المرشد على تشكيل المجلس.
5- يتم طرح التعديل الذي يصوغه المجلس للاستفتاء العام، فإذا حاز على أغلبية المستفتين اعتبرت التعديلات نافذة.
ويتكون تشكيل هذا المجلس من التالي:
1- أعضاء مجلس صيانة الدستور
2- رؤساء السلطات الثلاث
3- الاعضاء الدائمون في مجمع تشخيص مصلحة النظام
4- خمسة أشخاص من أعضاء مجلس خبراء القيادة
5- عشرة أشخاص يعينهم القائد
6- ثلاثة من أعضاء مجلس الوزراء
7- ثلاثة أشخاص منه السلطة القضائية
8- عشرة من نواب مجلس الشورى
9- ثلاثة أشخاص من الجامعيين.
5- مجلس الأمن الوطني الأعلى:
يشكل رئيس الجمهورية هذا المجلس من التالي:
1- رؤساء السلطات الثلاثاء 2- رئيس هيئة أركان القيادة العامة للقوات المسلحة
3- مسؤول شئون التخطيط والميزانية
----------------------
4- مندوبان يعينان من قبل المرشد
5- وزراء الداخلية والخارجية والأمن
6- الوزير ذو العلاقة وفقا لمقتضيات الحاجة أو الموضوع قيد البحث
7- أعلى مسؤوليّن في الجيش وحرس الثورة.
ويبحث هذا المجلس مجمل القضايا التي تدخل في إطار تامين المصالح الوطنية العليا والتي تتصل بسيادة الدولة. ويمكن لقائد الثورة أن يطلب من هذا المجلس تنسيق أنشطة تدخل في إطار السياسيات العليا مثل الدفاع والأمن والاقتصاد والثقافة في سبيل تأمين كافة المستلزمات والمتطلبات لمواجهة التهديدات القائمة والمحتملة التي تحيق بالدولة.
تم الاستعانة بالمصادر التالية في إعداد هذه المحاضرة:
1- الدستور الإيراني
2- الشيخ على التسخيري (2005) " حول الدستور الإيراني"
3- إسماعيل محمد(2007) نظام الحكم في إيران. الجزيرة نت
4- راهبرد ( الإستراتيجية ) العدد 34 ، مارس 2005م. نظام التشريع الإيراني ومكانة مجمع تشخيص مصلحة النظام .
****************
الأحد نوفمبر 27, 2022 9:16 pm من طرف Faizafazo
» برنامج احترافي في تنقيط التلاميذ تربية بدنية ورياضية وكل ما يحتاجه استاذ التربية البدنية والرياضية في المتوسط
الأحد يونيو 27, 2021 7:33 pm من طرف تمرت
» مفاهيم عامة .الاعلام و الاتصال
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:51 am من طرف المشرف العام
» نظريات الاعلام وحرية الصحافة و علاقة الصحافة بالسلطة
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:50 am من طرف المشرف العام
» نشأة وتطور الصحافة في العالم و الوطن العربي
الجمعة يناير 15, 2021 11:48 am من طرف المشرف العام
» ترحيب و تعارف
السبت يونيو 13, 2020 10:39 pm من طرف صقر السردي
» كتب تاريخ الجزائر في القديم والحديث
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الثورة الجزائرية ،"ثورة المليون و نصف المليون شهيد"
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الادارة وتعريفها
السبت مايو 16, 2020 3:28 pm من طرف المشرف العام
» مقياس :تاريخ وسائل الاعلام
السبت مايو 16, 2020 2:57 pm من طرف المشرف العام