بسم الله الرحمن الرحيم القومية العربية
التعريف:حركة سياسية فكرية ، تدعو إلى أن يكون للعرب دولة موحدة لهم، على أساس من رابطة الدم واللغة والتاريخ، وإحلالها محل رابطة الدين . وهي صدى للفكر القومي الذي سبق أن ظهر في أوروبا.
التأسيس وأبرز الشخصيات:• ظهرت بدايات الفكر القومي في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين متمثلة في حركة سرية تألفت من أجلها الجمعيات والخلايا في عاصمة الخلافة العثمانية، ثم في حركة علنية في جمعيات أدبية تتخذ من دمشق وبيروت مقرًّا لها، ثم في حركة سياسية واضحة المعالم في المؤتمر العربي الأول الذي عقد في باريس سنة 1912م.
يرجع أول جهد منظم في حركة العرب القومية إلى سنة 1875م
حين ألف خمسة شبان من الذين درسوا في الكلية البروتستنتية
ببيروت ـ الجامعة الأمريكية الآن ـ جمعية سرية وكانوا جميعاً نصارى".
أما أكثر هؤلاء خطراً وأبعدهم أثراً فهم : ناصيف اليازجي وابنه إبراهيم،
وفارس الشدياق، وأديب إسحاق، وسليم تقلا،
ونمر صروف، وجرجي زيدان، وسليم نقاش.
وفيما يلي إشارة إلى أهم الجمعيات ذات التوجه القومي حسب التسلسل التاريخي:
ـ الجمعية السورية: أسسها نصارى منهم: بطرس البستاني وناصيف اليازجي سنة 1847م في دمشق.
ـ الجمعية السورية في بيروت: أسسها نصارى منهم: سليم البستاني ومنيف خوري سنة 1868م.
ـ الجمعية العربية السرية: ظهرت سنة 1875م ولها فروع في دمشق وطرابلس وصيدا.
ـ جمعية حقوق الملة العربية: ظهرت سنة 1881م ولها فروع كذلك، وهي تهدف إلى وحدة المسلمين والنصارى.
ـ جمعية رابطة الوطن العربي: أسسها نجيب عازوري سنة 1904م بباريس وألف كتاب يقظة العرب.
ـ جمعية الوطن العربي: أسسها خير الله خير الله سنة 1905م بباريس، وفي هذه السنة نشر أول كتاب قومي بعنوان الحركة الوطنية العربية.
ـ الجمعية القحطانية: ظهرت سنة 1909م وهي جمعية سرية من مؤسسيها خليل حمادة المصري.
ـ جمعية (العربية الفتاة): أسسها في باريس طلاب عرب منهم محمد البعلبكي سنة 1911م.
ـ الكتلة النيابية العربية: ظهرت سنة 1911م.
ـ حرب اللامركزية: سنة 1912م.
ـ الجمعيات الإصلاحية: أواخر 1912م وقد قامت في بيروت ودمشق وحلب وبغداد والبصرة والموصل و تتكون من خليط من أعيان المسلمين والنصارى.
ـ المؤتمر العربي في باريس: أسسه بعض الطلاب العرب سنة 1912م.
ـ حرب العهد:1912م وهو سري، أنشأه ضباط عرب في الجيش العثماني.
ـ جمعية العلم الأخضر: سنة 1913م، من مؤسسيها الدكتور فائق شاكر.
ـ جمعية العلم: وقد ظهرت سنة 1914م، في الموصل.
• هذا وقد ظلت الدعوة إلى القومية العربية محصورة في نطاق الأقليات الدينية غير المسلمة، وفي عدد محدود من أبناء المسلمين الذين تأثروا بفكرتها، ولم تصبح تياراً شعبيًّا عامًّا إلا حين تبنى الدعوة إليها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر حين سخر لها أجهزة إعلامه وإمكانات دولته. ويمكن أن يقال إنها الآن تعيش فترة انحسار أو جمود على الأقل.
• يعد ساطع الحصري 1880ـ 1968م داعية القومية العربية وأهم مفكريها وأشهر دعاتها، وله مؤلفات كثيرة تعد الأساس الذي يقوم عليه فكرة القومية العربية، ويأتي بعده في الأهمية ميشيل عفلق.
الأفكار والمعتقدات:
• يعلي الفكر القومي من شأن رابطة القربى والدم على حساب رابطة الدين ، وإذا كان بعض كتاب القومية العربية يسكتون عن الدين ، فإن بعضهم الآخر يصر على إبعاده إبعاداً تامًّا عن الروابط التي تقوم عليها الأمة، بحجة أن ذلك يمزق الأمة بسبب وجود غير المسلمين فيها ويرون أن رابطة اللغة والجنس أقدر على جمع كلمة العرب من رابطة الدين.
• حيث إن أساسها إبعاد الدين الإسلامي عن معترك حياة العرب السياسية والاجتماعية والتربوية والتشريعية فإنها تعد ردة إلى الجاهلية ، وضرباً من ضروب الغزو الفكري الذي أصاب العالم الإسلامية، لأنها في حقيقتها صدى للدعوات القومية التي ظهرت في أوروبا.
• يرى دعاة الفكر القومي ـ على اختلاف بينهم في ترتيب مقومات هذا الفكرـ أن أهم المقومات التي تقوم عليها القومية العربية هي: اللغة والدم والتاريخ والأرض والآلام والآمال المشتركة.
• كما يرون أن الحدود بين أجزاء هذا الوطن هي حدود طارئة، ينبغي أن تزول وينبغي أن تكون للعرب دولة واحدة، وحكومة واحدة، تقوم على أساس من الفكر العلماني.
ـ لذلك يتبنى شعار: (الدين لله والوطن للجميع). والهدف من هذا الشعار،
الجذور الفكرية والعقائدية:
• الدعوة القومية التي ظهرت في أوروبا وتأسست بتأثيرها دول مثل إيطاليا وألمانيا.
• يظهر الواقع أن الاستعمار هو الذي شجع الفكر القومي وعمل على نشره بين المسلمين حتى تصبح القومية بديلاً عن الدين ، مما يؤدي إلى انهيار عقائدهم، ويعمل على تمزيقهم سياسيًّا حيث تثور العداوات المتوقعة بين الشعوب المختلفة.
• يلاحظ نشاط نصارى بلاد الشام وخاصة لبنان، في الدعوة إلى الفكر القومي أيام الدولة العثمانية، وذلك لأن هذا الفكر يعمق العداوة مع الدولة العثمانية المسلمة التي يكرهونها، وينبه في العرب جانباً من شخصيتهم غير الدينية، مما يبعد بهم عن العثمانيين.
• من بعض الجوانب يمكن أن يعد ظهور الفكر القومي العربي رد فعل للفكر القومي التركي الطوراني .
الانتشار ومواقع النفوذ:
• يوجد كثير من الشباب العربي ومن المفكرين العرب الذين يحملون هذا الفكر، كما توجد عدة أحزاب قومية منتشرة في البلاد العربية مثل حركة الوحدة الشعبية في تونس، وحرب البعث بشقيه في العراق وسوريا، وبقايا الناصريين في مصر وبلاد الشام، وفي ليبيا.
• كثير من الحكام يتبارون في ادعاء القومية وكل منهم يفتخر بأنه رائد القومية العربية ويدعي أنه الأجدر بزعامتها !
• يلاحظ أن الفكر القومي الآن هو في حالة تراجع وانحسار.
---------------------------------------
مراجع للتوسع:
ـ القومية العربية تاريخها وقوامها، مصطفى الشهابي.
ـ اللغة والأدب وعلاقتهما بالقومية، ساطع الحصري.
ـ العروبة أولاً، ساطع الحصري.
ـ الإقليمية جذورها وبذورها، ساطع الحصري.
ـ قضية العرب، علي ناصر.
ـ القومية العربية، د. أبو الفتوح رضوان.
ـ أرض العروبة، عبد الحي حسن العمراني.
ـ بين الدعوة القومية والرابطة الإسلامية، أبو الأعلى المودودي.
ـ تطور المفهوم القومي عند العرب، أنيس صائغ.
ـ حقيقة القومية العربية، محمد الغزالي.
ـ دراسات تاريخية عن أصل العرب وحضارتهم الإنسانية، د. محمد معروف الدواليبي.
ـ محنة القومية العربية، أركان عبادي.
ـ معنى القومية العربية، جورج حنا.
ـ نشوء القومية العربية، زين نور الدين زين.
ـ نقد القومية العربية، الشيخ عبد العزيز بن باز.
ـ يقظة العرب، ترجمة د. ناصر الدين الأسد، د. إحسان عباس.
ـ فكرة القومية العربية على ضوء الإسلام، صالح بن عبد الله العبود.
ـ نشأة الحركة العربية الحديثة، محمد عزة دروزة.
ـ حول القومية العربية، عبد المجيد عبد الرحيم.
--------------------------
*المصدر / الموسوعة الميسرة من موقع صيد الفوائد
دراسة ثانية : تقويمية نقدية
بقلم :المحامي إدوار حشوة/ الأمين العام المساعد والناطق الرسمي لحركة الاشتراكيين العرب في سورية
((المشروع النظري للتيار القومي العربي)) والذي تداعت إلى البحث في إنجاز مشروعه نخب سياسية تنسب نفسها إلى هذا التيار والتي دعت نخباً أوسع لمناقشته يعكس عملياً الشعور بوجود أزمة في هذا التيار وهذا واضح.
معالجة هذه الأزمة، على ضوء التجربة التي مرت خلال نصف قرن بكل فترات صعودها وهبوطها يستدعي العودة إلى بدايات نشوء الفكر القومي ثم البحث في التجربة السياسية لهذا التيار حين استلمت بعض شرائحه السلطة في أكثر من بلد عربي ثم استخلاص النتائج ووضع الحلول لأزمة هذا الفكر سواء في المضمون أو في السلوك والشعارات.
1- الفكر القومي في ظل الدولة العثمانية:
كانت الدولة العثمانية المكونة من قوميات عديدة في أوربا وآسيا وفي شمالي إفريقيا وكانت ملكية بغطاء إسلامي.
في هذه البيئة كانت بدايات الفكر القومي الحديث حين طالب العرب باللامركزية وبأن تكون الخدمة العسكرية في المنطقة العربية وبأن يحصلوا على حريات أوسع في تعليم أولادهم اللغة العربية.
لم يطالب العرب بالانفصال عن الدولة العثمانية ودائماً اعتبروا مركز الخلافة الذي اعتادوا على احترامه في تراثهم موجوداً في السلطنة العثمانية.
بعد صدور دستور 1908 الذي وفر بعض الحريات وبعد أن أمسك حرب الإتحاد والترقي السلطة وأراد في المنطقة العربية لا حكمها فقط بل تتريكها نشأت مقاومة عربية لهذا المشروع ولكن تحت سقف الدولة.
اتفق الحلفاء الأوربيون على اقتسام (تركة الرجل المريض) الذي هو الدولة العثمانية واعتبروا أن نجاح مشروعهم يستدعي الوصول إلى هدف استراتيجي هو تخلي العرب عن تعلقهم بمركز السلطنة كخلافة.
ولكي يحققوا هدفهم هذا استخدموا شريف مكة الحسين والذي كان موظفاً عثمانياً وسلحوه وأمدوه بالأموال ووعدوه بملكية عربية مقابل إعلان عصيانه على الدولة.
وعملياً تحول شريف مكة إلى (خليفة صوري) مهمته أن يحوّل الولاء العربي عن مركز الخلافة في استنبول إلى خليفة عربي فينحاز إليه العرب.
أعلن الحسين الثورة! ودفع ألفي خيال إلى العقبة فاحتلها معلناً قيام الثورة العربية على الحكم التركي ثم من العقبة تولى الإنكليز والحلفاء الآخرون احتلال المنطقة العربية.
من خلال هذه الثورة انتقل الفكر العربي من عبودية العثمانيين إلى المطالبة بالاستقلال وبدولة عربية موحدة ورافق هذا الانتقال مشاعر شعبية حقيقية.
2- الفكر القومي العربي في ظل حكم الحلفاء:
بعد انتهاء دور الخليفة الصوري تبخرت الوعود الأوربية المعطاة له وتبين أن هؤلاء الحلفاء في مشروع اقتسامهم للدولة العثمانية اتفقوا على أمرين الأول هو منح الاستقلال الكامل لكل الشعوب التي كانت خاضعة للدول العثمانية في أوربا والثاني هو استعمار كل ممتلكاتها في المنطقة العربية!
في هذه الفترة وبعد احتلال الفرنسيين لسورية ولبنان وتونس والمغرب والجزائر واحتلال الإنكليز لفلسطين والأردن والعراق ومصر والسودان وايطاليا لليبيا.
تحول الفكر القومي إزاء هذا الوضع إلى مقاومة الاستعمار ولكنه لم يتخل عن المشاعر العربية في بدايات الثورة.
كان الشعور العربي الوحدوي أكبر وأقوى من أن يتم استرضاؤه بملكيات صورية تحت الانتداب أو الاستعمار وصار النضال القومي العربي يستهدف إجلاء المستعمرين والدعوة لوحدة العرب.
3- الفكر القومي في مرحلة الاستقلال:
بعد استقلال الدول العربية أو بعضها حاصر الفكر القومي هذه الدول مطالباً بوحدتها الأمر الذي استدعى حكام هذه الدول إلى احتواء هذه المشاعر فتداعوا إلى إقامة (جامعة الدول العربية) لتكون بديلاً صورياً عن الوحدة!.
كانت القطريات العربية المستقلة تدافع عن التجزئة أكثر من الخارج الذي صنعها إلى درجة أن تشرشل كتب في مذكراته (نحن الذين خلقنا هذه الدول ولكن أحداً لم يدافع عن حدودها أكثر من العرب أنفسهم).
صارت التجزئة واقعاً تحميه سلطات متسلطة ومنتفعة من ملكيات وجمهوريات وكان ذلك أمراً مريحاً للغرب الذي لا يريد عودة العرب إلى الوحدة أصلاً.
الفكر القومي العربي استمر في نضاله من أجل الوحدة وتعرض للقمع في أكثر الدول العربية المستقلة التي عززت المشاعر الإقليمية وكلها على خلافاتها مع بعضها كانت متفقة مع الخارج على مقاومة المد الوحدوي.
4- الفكر القومي وفقدان البرنامج السياسي:
كل الذين حملوا فكرة الوحدة العربية وشعار القومية العربية كانوا يفتقدون إلى برنامج سياسي يحدد مضمون شعاراتهم وشكل وحدتهم وموقع الأقليات المنتشرة وحقوقها فتضاربت الآراء واختلف قادة هذا التيار مع بعضهم ومع شعوبهم إلى درجة أن كثيرين صاروا يدعون إلى قوميات أصغر كالقومية السورية أو قومية الجزيرة أو القومية المصرية أو الأمة الفينيقية...الخ.
التيار القومي الذي يستهدف وحدة العرب يجب أن يكون متفقاً على مضمون واحد لشعاراته لكي يصبح هذا المضمون عامل توحيد واحتواء لكل مكونات النسيج البشري في المنطقة.
في هذا التيار كان هناك من يربط القومية بالدين وكان هناك من يربطها بالأرض وبالتاريخ المشترك والمصالح.. وهناك من يربطها باللغة وهناك من يربطها بالعنصر العربي...
هذا الوضع جعل مصر مثلاً أثناء مباحثات الجامعة العربية تدعو إلى تسميتها (جامعة دول العربية) على أساس وحدة اللغة في حين أن السوريين أصروا على (جامعة الدول العربية) على أساس آخر يتجاوز اللغة إلى الأرض والتاريخ والآمال فكان لهم ذلك.
في سورية ولبنان ومنذ مؤتمر قرنايل في لبنان للمثقفين السوريين واللبنانيين عام 1934 وانتهاء بتأسيس حرب البعث في عام 1947 والذي هو نسخة طبق الأصل عن مقررات مؤتمر قرنايل اعتبر العروبة مفهوماً يرتبط بالأرض واللغة والآمال المشتركة والتاريخ ولم يعتبر الدين شرطاً للانتماء القومي وأكثر من ذلك اعتبر أن العربي هو الذي يعيش على الأرض العربية ويتكلم لغتها ويدافع عنها وليست عنده عصبية عنصرية تمنعه من الاندماج؟.
رفض البعث قومية الدم والعنصر وأكد على التاريخ المشترك والعيش المشترك للشعوب الناطقة بالعربية معتبراً الدين رسالة عربية ومنشطاً إنسانياً وأخلاقياً تعتز بالعروبة بانطلاقه من أرضها.
هذا الفكر القومي أدى إلى احتواء كل العنصريات والأقليات المختلفة ودفعها للعمل والنضال الوحدوي فشهدت بلاد الشام خاصة صعوداً كبيراً لهذا التيار الذي حظي بالدعم الشعبي والذي قاد إلى وحدة سورية ومصر كأول مشروع وحدوي في تاريخ العرب الحديث. (الفكر القومي في ظل دولة الوحدة الأولى) حين قامت الوحدة بين سورية ومصر لم يكن هناك اتفاق مسبق على نوع الحكم ولا على حدود الحريات فيه ولا على أي تعريف متفق عليه على مفهوم القومية العربية غير الشعار الذي كان بلا مضمون فاصطدم الفكر القومي بالواقع وبالخلافات حول المضمون..........
في مصر كان هناك مفهوم مختلف للعروبة التي ساهمت في إنجاز الوحدة فقد ربط المصريون العروبة بالإسلام وأرسلوا مستشار يهم إلى سورية ليعمموا هذا المفهوم فاصطدم بالعروبة ومفهومها لدى البعث العربي.
وفي مصر كان الحكم عسكرياً رئاسياً ولم يكن فيها أحزاب ولا ديمقراطية فأدى الأمر في سوريا إلى نظام ألغى الديمقراطية وحل الأحزاب وفرض نموذجه البوليسي على سوريا فنشأت بسبب ذلك مشاعر الاحتجاج وفقد المشروع الوحدوي قدرته على الإشعاع والتوحيد الشعبي ولم يعد مركز جذب للآخرين في الدول العربية.
فقدنا السياسية التي تعطي الأولوية للحريات والديمقراطية والنظام البرلماني فتوقف المد الوحدوي وتدخلت قوى الأنظمة العربية المتمسكة بالتجزئة مدعومة من الغرب فأجهزت في زمن قياسي على المشروع الأول للوحدة.
5 - الفكر القومي في ظل الحكومات المنسوبة للتيار القومي:
بعد سقوط الوحدة قامت الانقلابات العسكرية في سورية والسودان وليبيا واليمن والعراق بالاستيلاء على السلطة وكلها كانت محمولة على الشعار القومي العربي.
المفاجأة أن هذه السلطات كلها تمسكت بالتجزئة خلافاً لشعاراتها الوحدوية وحتى العراق وسورية وكلاهما من حرب البعث عجزاً عن تحقيق الوحدة بينهما.
صارت التجزئة واقعاً جديداً بلافتة عربية قومية وبحكم ديكتاتوري بوليسي ألغى الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان في ليبيا والجزائر والمغرب ومصر والسودان والعراق وسورية واليمن السعيد!
أما باقي العرب فعززوا ملكياتهم الاستبدادية المطلقة فهي في المغرب تجمع السلطة الدينية مع السلطة الحاكمة وفي السعودية جمع آل سعود المذهب الوهابي إلى سلطتهم وفي الأردن اعتبروا الملكية امتداداً لثورة الشريف حسين!
وبسبب الغزو الصهيوني لفلسطين وعجز العرب عن رده بالتواطؤ مع الغرب ومع حكام التجزئة فقد التيار القومي العربي قدرته على الإشعاع ولم يعد بنظر الجماهير أداة صالحة لا نجاز إرادته في التحرير والوحدة والحريات الأمر الذي جعل قوى أخرى تتقدم لتطرح نفسها بديلاً عن المستبدين والفاشلين وأعداء الحرية.
6 - الفكر القومي والتيارات الدينية المعاصرة:
حين ارتبط النموذج الوحدوي الأول في الجمهورية العربية المتحدة بالحكم البوليسي الرئاسي وألغيت الأحزاب وتحولت الديمقراطية إلى ديكور يقوم على مبدأ التعيين بالانتخاب...
وحين أمسك العسكريون بالجمهوريات المنسوبة للتيار القومي وأقاموا أنظمة مخابراتية ألغت شرعة حقوق الإنسان والحريات العامة والديمقراطية.
وحين عجز الحكام العرب كلهم عن تحرير فلسطين ورد الغزو القادم إلى المنطقة على شكل استعمار استيطاني.
حين حدث ذلك فقد التيار القومي شعبيته وكثيرون نظروا إليه على أنه غطاء لتجزئة جديدة تستند إلى القمع والعنف وإلغاء الحريات....
في هذا الوضع كان طبيعياً أن تتقدم التيارات الدينية بمشروعها البديل عن القومية العربية والذي استند إلى (الأممية الإسلامية) معتبراً أن الحل للتجزئة وللاستعمار والغزو لا يحتاج إلى قومية عربية جاهلية بل إلى أممية إسلامية على امتداد العالم وطرحوا شعارات معينة هي (الإسلام هو الحل) ودعوا إلى دولة إسلامية وخلافة إسلامية على امتداد العالم.
هذه التيارات الدينية لم تنشأ بسبب الاستعمار كما قالت الأنظمة العربية بل بسبب الإحباط الذي تولد عن خيانة هذه الأنظمة لشعاراتها الوحدوية واعتدائها على الحريات لذلك فإن كثيرين اعتبروا صعود هذه التيارات نتيجة لفشل التيار القومي.
ومع أن هذه التيارات قدمت ! حلاً طوباوياً وبدون مضمون نظري واضح فإنها أصرت على الدعوة لإقامة دولة وفق النموذج الذي كان قائماً في العهد الراشدي في القرن السابع الميلادي.
ومع أن الإسلام هو دين العلم (اطلبوا العلم ولو في الصين) ومع أنه دين علماني (المسلمون أدرى بشؤون دنياهم) ومع أن الخلافة لم يرد عليها نص لا في القرآن الكريم ولا في السنة لأنها نشأت بعد وفاة الرسول الأعظم واتفاق أصحابه الذين هم أدرى بشؤون دنياهم على صيغة للحكم تقوم على وجود رئيس للدولة والمؤمنين يكون خليفة لرسول الله في متابعة الدعوة.
مع كل ذلك ومع فقدان المضمون لشكل الحكم ومؤسساته وحدود الحريات والحقوق فيه فإن هذه التيارات صعدت في صحوة مضادة للتيار القومي ونجحت في استقطاب نخب متعلمة وغير متعلمة تبحث عن أي طريق للخلاص من الاستبداد.
وكما أمسك التيار القومي بالشارع العربي في الخمسينيات والستينات في القرن الماضي نشهد اليوم التيار الإسلامي على تعددياته وقد أمسك هو بهذا الشارع رغم الخلافات الكبيرة بين التيارات والجماعات المنسوبة إلى الأممية الإسلامية حيث شهدنا تيارات تلجأ إلى العنف كوسيلة في العمل السياسي وتيارات تقبل بالطريق الديمقراطي لقناعتها بأن الشارع صار معها وتيارات تكفر كل من لا يقبل منطقها في معاداة كل الأفكار والأديان والمذاهب وامتداداً كل الحضارات....
صارت التيارات الدينية المعاصرة حقيقة شعبية من حقائق الواقع الذي لا يمكن تبديله بشعارات الاعتدال أو بالعنف السلطوي مادام البديل الآخر العلماني أو نصف العلماني أو القومي التراثي غير موجود أو يعيش أزمة ثقة مع الناس الذين تأملوا فيه خيراً.
7 - الفكر القومي والمسألة الشرقية الجديدة:
صار في المنطقة مسألة شرقية جديدة شئنا أم أبينا فهناك تيارات تدعو إلى أممية جديدة تقوم على الدين وتيارات مضادة تدعو إلى ديمقراطية علمانية ومنها التيار القومي بشكل ما.
ومع الوقت سوف يواجه المجتمع العربي انقساماً حاداً بين من يريد دولة دينية يحكمها رجال الدين وبين من يريد دولة ديمقراطية يحكمها العقل ويديرها.
هذا الانقسام الحاد سيكون في المستقبل المنظور هو شكل الصراع الداخلي في المجتمع العربي وكل حرب وكل تيار وكل فكر عليه أن يعلن اصطفافه مع أحدهما لأنه فيما عداهما لا توجد فسحة لأي تيار آخر.
8- الفكر القومي العربي وتحديات المستقبل:
إن التحدي الذي يواجه الفكر القومي العربي كبير جداً بعد أن تراجع التأييد الشعبي للقوى التي تنسب نفسها لهذه القومية والتي أساءت كثيراً إلى شعاراتها والى حقوق الناس وحرياتهم.
وكما أرى فإن هذا الفكر يحتاج إلى مشروع للتطوير يستند إلى ثوابت لا إلى شعارات ولا فتات بحيث يقدم للناس برنامجاً يواجه فيه التجزئة والتيارات الدينية المعاصرة والاستعمار بأشكاله المختلفة.
هذه الثوابت يجب أن تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الدولية بعد انتهاء الحرب الباردة ونظام العولمة وتحول العالم بفعل ثورة الاتصالات إلى قرية كبيرة.
ومن هذه الثوابت:
1- الشعب في المفهوم القومي هو كل من يعيش على الأرض العربية ويدافع عنها ويعتز بالانتماء إليها ويتكلم لغتها دون أي تفرقة في الدين والعنصر والطائفة والجنس.
2- الوحدة العربية هدف إستراتيجي يتم الوصول إليه بالنضال الذي يرتبط بالوعي والمصالح ويمكن أن يأخذ أشكالاً مختلفة من التعاون إلى الاتحاد الطوعي إلى الوحدة.
3- ربط التعاون أو الاتحاد العربي أو الوحدة بالديمقراطية بحيث يدوران معاً وجوداً وعدماً.
إن النموذج الوحدوي الديمقراطي يشكل مركز جذب للآخرين ويشجعهم على الانضمام وعلى دفع الأشكال كلها نحو الوحدة لأن النموذج الاستبدادي الديكتاتوري هو من أكبر الأسباب التي تعزز القطريات والتجزئة وتحول دون تحولها إلى العمل العربي التعاوني أو الاتحادي أو الوحدوي الكامل.
4- الاعتراف بحق القوميات المختلفة والموجودة في الوطن العربي بحكم ذاتي وبحقوق مختلفة في تعليم لغاتها وبإدارة حياتها في إطار وحدتها مع شركائها في الأرض.
5- لكل مواطن في دولة الوحدة أو الاتحاد الحق في الاعتزاز بأصله ودينه ومذهبه ولكن الولاء هو للوطن.
نعطي الناس حرياتهم الدينية والسياسية والعنصرية ونأخذ منهم الولاء الوطني وهذه هي القاعدة الناجحة في كل المجتمعات التعددية وفي كل النظم الديمقراطية.
6- الاعتراف بأن الأديان مناشط إنسانية وأخلاقية محترمة ولها حق النشاط في مجالها وفق قاعدة جديدة لا تفصل الدين عن الدولة ولا تعاديه بل تسعى إلى تنظيم العلاقة بين الدين والدولة بشكل لا يلغي أحدهما الآخر...
هذه القاعدة هي (مكان رجال الدين المع! ابد وهم فيها أحرار ومحترمون ومكان رجال السياسة الأحزاب وهم فيها أحرار ومحترمون).
ليست المشكلة مع الدين ولا يجب أبداً ولا يمكن إلغاؤه من حياة الناس في الشرق ولكن يمكن تنظيم دوره بشكل لا يؤدي إلى الأضرار بالتعايش السلمي لمكونات المجتمع العربي ولا للوحدة الوطنية.
رجال الدين يديرون المعابد والعقل عبر المؤسسات والأحزاب يدير المجتمع.
في هذا الوضع يصبح التيار القومي علمانياً ليس من منطلق معاداة الدين وإلغاء دوره بل من باب العلاقة على أساس الاختصاص دون المساس بالحريات الدينية.
7- التأكيد على رفض التيار القومي لكل أشكال الاستبداد في المجتمع العربي والإصرار على الديمقراطية الدستورية التي تسمح لكل مكونات المجتمع أن تعبر عن إرادتها ومصالحها بالوسائل السياسية وعبر صناديق الاقتراع وأي أكثرية موجودة يجب أن تأخذ حقوقها وقدرتها على التأثير من صناديق الاقتراع لا من النسبة العددية.
8- إدانة كل الأخطاء التي ارتكبتها دول وأنظمة وأفراد نسبوا أنفسهم للتيار القومي وتسببوا في حالة الإحباط الشعبي وتراجع فكرة الوحدة لصالح التجزئة والاعتذار عنها ونسبتها إلى أفراد اغتالوا الوحدة وتستروا بها لمصالحهم الشخصية وأدوا الى خراب مدمر للفكر القومي العربي.
9- التأكيد على رفض أي تصادم حضاري أو ديني أو مذهبي مع العالم كإيديولوجية وإعطاء المشروعية للصدام حين يتحول الآخر إلى مستعمر أو محتل للأرض العربية غزواً أو استعماراً أو نهباً.
10- التأكيد على رغبة التيار القومي بالاندماج في حضارة العالم باعتبارها حضارة العقل لا حضارة أي دين لأن المعرفة لم تعد ملكاً احتكارياً وتقديم مساهمتهم في حضارة العالم.......
هذه هي بعض الأفكار التي يمكن أن يستفيد منها كل أولئك الشجعان والشرفاء الذين يبحثون عن حل لأزمة الثقة بين الشعب والتيار القومي...
قد أكون مخطئاً أو مصيباً في بعضها ولكن روح النقاش تستطيع أن تصحح الخطأ وفي السياسة فإن الرجعي هو الذي إذا تبدت له حالة قناعة أفضل لا ينتقل إليها.
أمامنا العالم باتساعه وتجاربه ومعارفه وما علينا سوى أن نحسن الاختيار... فهل نفعل؟ هذا هو السؤال..
http://www.al-moharer.net
إن كان الاعتزاز بالعروبة لأنها حملت هذا الدين للناس،
والعرب خير من يقوم بحمله، فهذا اعتزاز صحيح.
فهم الذين حملوه للناس كافة، وكل المسلمين في أنحاء المعمورة
يعترفون بذلك، ويشكرونه لهم.
أما إن كان الاعتزاز بالقومية كما أرادها الداعون لها من تفاخر بالنسب،
وازدراء للغير والتعالي عليهم، والاعتزاز بالعادات والتقاليد
فهذه دعوة جاهلية نهى الإسلام قراناً وسنة عنها
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ
شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ
عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات:13
وقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ" ثُمَّ قَالَ:"دَعُوهَا فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ"
وفي رواية ثانية قَالَ: "دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ" أخرجه البخاري في صحيحه.
التعريف:حركة سياسية فكرية ، تدعو إلى أن يكون للعرب دولة موحدة لهم، على أساس من رابطة الدم واللغة والتاريخ، وإحلالها محل رابطة الدين . وهي صدى للفكر القومي الذي سبق أن ظهر في أوروبا.
التأسيس وأبرز الشخصيات:• ظهرت بدايات الفكر القومي في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين متمثلة في حركة سرية تألفت من أجلها الجمعيات والخلايا في عاصمة الخلافة العثمانية، ثم في حركة علنية في جمعيات أدبية تتخذ من دمشق وبيروت مقرًّا لها، ثم في حركة سياسية واضحة المعالم في المؤتمر العربي الأول الذي عقد في باريس سنة 1912م.
يرجع أول جهد منظم في حركة العرب القومية إلى سنة 1875م
حين ألف خمسة شبان من الذين درسوا في الكلية البروتستنتية
ببيروت ـ الجامعة الأمريكية الآن ـ جمعية سرية وكانوا جميعاً نصارى".
أما أكثر هؤلاء خطراً وأبعدهم أثراً فهم : ناصيف اليازجي وابنه إبراهيم،
وفارس الشدياق، وأديب إسحاق، وسليم تقلا،
ونمر صروف، وجرجي زيدان، وسليم نقاش.
وفيما يلي إشارة إلى أهم الجمعيات ذات التوجه القومي حسب التسلسل التاريخي:
ـ الجمعية السورية: أسسها نصارى منهم: بطرس البستاني وناصيف اليازجي سنة 1847م في دمشق.
ـ الجمعية السورية في بيروت: أسسها نصارى منهم: سليم البستاني ومنيف خوري سنة 1868م.
ـ الجمعية العربية السرية: ظهرت سنة 1875م ولها فروع في دمشق وطرابلس وصيدا.
ـ جمعية حقوق الملة العربية: ظهرت سنة 1881م ولها فروع كذلك، وهي تهدف إلى وحدة المسلمين والنصارى.
ـ جمعية رابطة الوطن العربي: أسسها نجيب عازوري سنة 1904م بباريس وألف كتاب يقظة العرب.
ـ جمعية الوطن العربي: أسسها خير الله خير الله سنة 1905م بباريس، وفي هذه السنة نشر أول كتاب قومي بعنوان الحركة الوطنية العربية.
ـ الجمعية القحطانية: ظهرت سنة 1909م وهي جمعية سرية من مؤسسيها خليل حمادة المصري.
ـ جمعية (العربية الفتاة): أسسها في باريس طلاب عرب منهم محمد البعلبكي سنة 1911م.
ـ الكتلة النيابية العربية: ظهرت سنة 1911م.
ـ حرب اللامركزية: سنة 1912م.
ـ الجمعيات الإصلاحية: أواخر 1912م وقد قامت في بيروت ودمشق وحلب وبغداد والبصرة والموصل و تتكون من خليط من أعيان المسلمين والنصارى.
ـ المؤتمر العربي في باريس: أسسه بعض الطلاب العرب سنة 1912م.
ـ حرب العهد:1912م وهو سري، أنشأه ضباط عرب في الجيش العثماني.
ـ جمعية العلم الأخضر: سنة 1913م، من مؤسسيها الدكتور فائق شاكر.
ـ جمعية العلم: وقد ظهرت سنة 1914م، في الموصل.
• هذا وقد ظلت الدعوة إلى القومية العربية محصورة في نطاق الأقليات الدينية غير المسلمة، وفي عدد محدود من أبناء المسلمين الذين تأثروا بفكرتها، ولم تصبح تياراً شعبيًّا عامًّا إلا حين تبنى الدعوة إليها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر حين سخر لها أجهزة إعلامه وإمكانات دولته. ويمكن أن يقال إنها الآن تعيش فترة انحسار أو جمود على الأقل.
• يعد ساطع الحصري 1880ـ 1968م داعية القومية العربية وأهم مفكريها وأشهر دعاتها، وله مؤلفات كثيرة تعد الأساس الذي يقوم عليه فكرة القومية العربية، ويأتي بعده في الأهمية ميشيل عفلق.
الأفكار والمعتقدات:
• يعلي الفكر القومي من شأن رابطة القربى والدم على حساب رابطة الدين ، وإذا كان بعض كتاب القومية العربية يسكتون عن الدين ، فإن بعضهم الآخر يصر على إبعاده إبعاداً تامًّا عن الروابط التي تقوم عليها الأمة، بحجة أن ذلك يمزق الأمة بسبب وجود غير المسلمين فيها ويرون أن رابطة اللغة والجنس أقدر على جمع كلمة العرب من رابطة الدين.
• حيث إن أساسها إبعاد الدين الإسلامي عن معترك حياة العرب السياسية والاجتماعية والتربوية والتشريعية فإنها تعد ردة إلى الجاهلية ، وضرباً من ضروب الغزو الفكري الذي أصاب العالم الإسلامية، لأنها في حقيقتها صدى للدعوات القومية التي ظهرت في أوروبا.
• يرى دعاة الفكر القومي ـ على اختلاف بينهم في ترتيب مقومات هذا الفكرـ أن أهم المقومات التي تقوم عليها القومية العربية هي: اللغة والدم والتاريخ والأرض والآلام والآمال المشتركة.
• كما يرون أن الحدود بين أجزاء هذا الوطن هي حدود طارئة، ينبغي أن تزول وينبغي أن تكون للعرب دولة واحدة، وحكومة واحدة، تقوم على أساس من الفكر العلماني.
ـ لذلك يتبنى شعار: (الدين لله والوطن للجميع). والهدف من هذا الشعار،
الجذور الفكرية والعقائدية:
• الدعوة القومية التي ظهرت في أوروبا وتأسست بتأثيرها دول مثل إيطاليا وألمانيا.
• يظهر الواقع أن الاستعمار هو الذي شجع الفكر القومي وعمل على نشره بين المسلمين حتى تصبح القومية بديلاً عن الدين ، مما يؤدي إلى انهيار عقائدهم، ويعمل على تمزيقهم سياسيًّا حيث تثور العداوات المتوقعة بين الشعوب المختلفة.
• يلاحظ نشاط نصارى بلاد الشام وخاصة لبنان، في الدعوة إلى الفكر القومي أيام الدولة العثمانية، وذلك لأن هذا الفكر يعمق العداوة مع الدولة العثمانية المسلمة التي يكرهونها، وينبه في العرب جانباً من شخصيتهم غير الدينية، مما يبعد بهم عن العثمانيين.
• من بعض الجوانب يمكن أن يعد ظهور الفكر القومي العربي رد فعل للفكر القومي التركي الطوراني .
الانتشار ومواقع النفوذ:
• يوجد كثير من الشباب العربي ومن المفكرين العرب الذين يحملون هذا الفكر، كما توجد عدة أحزاب قومية منتشرة في البلاد العربية مثل حركة الوحدة الشعبية في تونس، وحرب البعث بشقيه في العراق وسوريا، وبقايا الناصريين في مصر وبلاد الشام، وفي ليبيا.
• كثير من الحكام يتبارون في ادعاء القومية وكل منهم يفتخر بأنه رائد القومية العربية ويدعي أنه الأجدر بزعامتها !
• يلاحظ أن الفكر القومي الآن هو في حالة تراجع وانحسار.
---------------------------------------
مراجع للتوسع:
ـ القومية العربية تاريخها وقوامها، مصطفى الشهابي.
ـ اللغة والأدب وعلاقتهما بالقومية، ساطع الحصري.
ـ العروبة أولاً، ساطع الحصري.
ـ الإقليمية جذورها وبذورها، ساطع الحصري.
ـ قضية العرب، علي ناصر.
ـ القومية العربية، د. أبو الفتوح رضوان.
ـ أرض العروبة، عبد الحي حسن العمراني.
ـ بين الدعوة القومية والرابطة الإسلامية، أبو الأعلى المودودي.
ـ تطور المفهوم القومي عند العرب، أنيس صائغ.
ـ حقيقة القومية العربية، محمد الغزالي.
ـ دراسات تاريخية عن أصل العرب وحضارتهم الإنسانية، د. محمد معروف الدواليبي.
ـ محنة القومية العربية، أركان عبادي.
ـ معنى القومية العربية، جورج حنا.
ـ نشوء القومية العربية، زين نور الدين زين.
ـ نقد القومية العربية، الشيخ عبد العزيز بن باز.
ـ يقظة العرب، ترجمة د. ناصر الدين الأسد، د. إحسان عباس.
ـ فكرة القومية العربية على ضوء الإسلام، صالح بن عبد الله العبود.
ـ نشأة الحركة العربية الحديثة، محمد عزة دروزة.
ـ حول القومية العربية، عبد المجيد عبد الرحيم.
--------------------------
*المصدر / الموسوعة الميسرة من موقع صيد الفوائد
دراسة ثانية : تقويمية نقدية
أفكار حول المشروع النظري للتيار القومي
بقلم :المحامي إدوار حشوة/ الأمين العام المساعد والناطق الرسمي لحركة الاشتراكيين العرب في سورية
((المشروع النظري للتيار القومي العربي)) والذي تداعت إلى البحث في إنجاز مشروعه نخب سياسية تنسب نفسها إلى هذا التيار والتي دعت نخباً أوسع لمناقشته يعكس عملياً الشعور بوجود أزمة في هذا التيار وهذا واضح.
معالجة هذه الأزمة، على ضوء التجربة التي مرت خلال نصف قرن بكل فترات صعودها وهبوطها يستدعي العودة إلى بدايات نشوء الفكر القومي ثم البحث في التجربة السياسية لهذا التيار حين استلمت بعض شرائحه السلطة في أكثر من بلد عربي ثم استخلاص النتائج ووضع الحلول لأزمة هذا الفكر سواء في المضمون أو في السلوك والشعارات.
1- الفكر القومي في ظل الدولة العثمانية:
كانت الدولة العثمانية المكونة من قوميات عديدة في أوربا وآسيا وفي شمالي إفريقيا وكانت ملكية بغطاء إسلامي.
في هذه البيئة كانت بدايات الفكر القومي الحديث حين طالب العرب باللامركزية وبأن تكون الخدمة العسكرية في المنطقة العربية وبأن يحصلوا على حريات أوسع في تعليم أولادهم اللغة العربية.
لم يطالب العرب بالانفصال عن الدولة العثمانية ودائماً اعتبروا مركز الخلافة الذي اعتادوا على احترامه في تراثهم موجوداً في السلطنة العثمانية.
بعد صدور دستور 1908 الذي وفر بعض الحريات وبعد أن أمسك حرب الإتحاد والترقي السلطة وأراد في المنطقة العربية لا حكمها فقط بل تتريكها نشأت مقاومة عربية لهذا المشروع ولكن تحت سقف الدولة.
اتفق الحلفاء الأوربيون على اقتسام (تركة الرجل المريض) الذي هو الدولة العثمانية واعتبروا أن نجاح مشروعهم يستدعي الوصول إلى هدف استراتيجي هو تخلي العرب عن تعلقهم بمركز السلطنة كخلافة.
ولكي يحققوا هدفهم هذا استخدموا شريف مكة الحسين والذي كان موظفاً عثمانياً وسلحوه وأمدوه بالأموال ووعدوه بملكية عربية مقابل إعلان عصيانه على الدولة.
وعملياً تحول شريف مكة إلى (خليفة صوري) مهمته أن يحوّل الولاء العربي عن مركز الخلافة في استنبول إلى خليفة عربي فينحاز إليه العرب.
أعلن الحسين الثورة! ودفع ألفي خيال إلى العقبة فاحتلها معلناً قيام الثورة العربية على الحكم التركي ثم من العقبة تولى الإنكليز والحلفاء الآخرون احتلال المنطقة العربية.
من خلال هذه الثورة انتقل الفكر العربي من عبودية العثمانيين إلى المطالبة بالاستقلال وبدولة عربية موحدة ورافق هذا الانتقال مشاعر شعبية حقيقية.
2- الفكر القومي العربي في ظل حكم الحلفاء:
بعد انتهاء دور الخليفة الصوري تبخرت الوعود الأوربية المعطاة له وتبين أن هؤلاء الحلفاء في مشروع اقتسامهم للدولة العثمانية اتفقوا على أمرين الأول هو منح الاستقلال الكامل لكل الشعوب التي كانت خاضعة للدول العثمانية في أوربا والثاني هو استعمار كل ممتلكاتها في المنطقة العربية!
في هذه الفترة وبعد احتلال الفرنسيين لسورية ولبنان وتونس والمغرب والجزائر واحتلال الإنكليز لفلسطين والأردن والعراق ومصر والسودان وايطاليا لليبيا.
تحول الفكر القومي إزاء هذا الوضع إلى مقاومة الاستعمار ولكنه لم يتخل عن المشاعر العربية في بدايات الثورة.
كان الشعور العربي الوحدوي أكبر وأقوى من أن يتم استرضاؤه بملكيات صورية تحت الانتداب أو الاستعمار وصار النضال القومي العربي يستهدف إجلاء المستعمرين والدعوة لوحدة العرب.
3- الفكر القومي في مرحلة الاستقلال:
بعد استقلال الدول العربية أو بعضها حاصر الفكر القومي هذه الدول مطالباً بوحدتها الأمر الذي استدعى حكام هذه الدول إلى احتواء هذه المشاعر فتداعوا إلى إقامة (جامعة الدول العربية) لتكون بديلاً صورياً عن الوحدة!.
كانت القطريات العربية المستقلة تدافع عن التجزئة أكثر من الخارج الذي صنعها إلى درجة أن تشرشل كتب في مذكراته (نحن الذين خلقنا هذه الدول ولكن أحداً لم يدافع عن حدودها أكثر من العرب أنفسهم).
صارت التجزئة واقعاً تحميه سلطات متسلطة ومنتفعة من ملكيات وجمهوريات وكان ذلك أمراً مريحاً للغرب الذي لا يريد عودة العرب إلى الوحدة أصلاً.
الفكر القومي العربي استمر في نضاله من أجل الوحدة وتعرض للقمع في أكثر الدول العربية المستقلة التي عززت المشاعر الإقليمية وكلها على خلافاتها مع بعضها كانت متفقة مع الخارج على مقاومة المد الوحدوي.
4- الفكر القومي وفقدان البرنامج السياسي:
كل الذين حملوا فكرة الوحدة العربية وشعار القومية العربية كانوا يفتقدون إلى برنامج سياسي يحدد مضمون شعاراتهم وشكل وحدتهم وموقع الأقليات المنتشرة وحقوقها فتضاربت الآراء واختلف قادة هذا التيار مع بعضهم ومع شعوبهم إلى درجة أن كثيرين صاروا يدعون إلى قوميات أصغر كالقومية السورية أو قومية الجزيرة أو القومية المصرية أو الأمة الفينيقية...الخ.
التيار القومي الذي يستهدف وحدة العرب يجب أن يكون متفقاً على مضمون واحد لشعاراته لكي يصبح هذا المضمون عامل توحيد واحتواء لكل مكونات النسيج البشري في المنطقة.
في هذا التيار كان هناك من يربط القومية بالدين وكان هناك من يربطها بالأرض وبالتاريخ المشترك والمصالح.. وهناك من يربطها باللغة وهناك من يربطها بالعنصر العربي...
هذا الوضع جعل مصر مثلاً أثناء مباحثات الجامعة العربية تدعو إلى تسميتها (جامعة دول العربية) على أساس وحدة اللغة في حين أن السوريين أصروا على (جامعة الدول العربية) على أساس آخر يتجاوز اللغة إلى الأرض والتاريخ والآمال فكان لهم ذلك.
في سورية ولبنان ومنذ مؤتمر قرنايل في لبنان للمثقفين السوريين واللبنانيين عام 1934 وانتهاء بتأسيس حرب البعث في عام 1947 والذي هو نسخة طبق الأصل عن مقررات مؤتمر قرنايل اعتبر العروبة مفهوماً يرتبط بالأرض واللغة والآمال المشتركة والتاريخ ولم يعتبر الدين شرطاً للانتماء القومي وأكثر من ذلك اعتبر أن العربي هو الذي يعيش على الأرض العربية ويتكلم لغتها ويدافع عنها وليست عنده عصبية عنصرية تمنعه من الاندماج؟.
رفض البعث قومية الدم والعنصر وأكد على التاريخ المشترك والعيش المشترك للشعوب الناطقة بالعربية معتبراً الدين رسالة عربية ومنشطاً إنسانياً وأخلاقياً تعتز بالعروبة بانطلاقه من أرضها.
هذا الفكر القومي أدى إلى احتواء كل العنصريات والأقليات المختلفة ودفعها للعمل والنضال الوحدوي فشهدت بلاد الشام خاصة صعوداً كبيراً لهذا التيار الذي حظي بالدعم الشعبي والذي قاد إلى وحدة سورية ومصر كأول مشروع وحدوي في تاريخ العرب الحديث. (الفكر القومي في ظل دولة الوحدة الأولى) حين قامت الوحدة بين سورية ومصر لم يكن هناك اتفاق مسبق على نوع الحكم ولا على حدود الحريات فيه ولا على أي تعريف متفق عليه على مفهوم القومية العربية غير الشعار الذي كان بلا مضمون فاصطدم الفكر القومي بالواقع وبالخلافات حول المضمون..........
في مصر كان هناك مفهوم مختلف للعروبة التي ساهمت في إنجاز الوحدة فقد ربط المصريون العروبة بالإسلام وأرسلوا مستشار يهم إلى سورية ليعمموا هذا المفهوم فاصطدم بالعروبة ومفهومها لدى البعث العربي.
وفي مصر كان الحكم عسكرياً رئاسياً ولم يكن فيها أحزاب ولا ديمقراطية فأدى الأمر في سوريا إلى نظام ألغى الديمقراطية وحل الأحزاب وفرض نموذجه البوليسي على سوريا فنشأت بسبب ذلك مشاعر الاحتجاج وفقد المشروع الوحدوي قدرته على الإشعاع والتوحيد الشعبي ولم يعد مركز جذب للآخرين في الدول العربية.
فقدنا السياسية التي تعطي الأولوية للحريات والديمقراطية والنظام البرلماني فتوقف المد الوحدوي وتدخلت قوى الأنظمة العربية المتمسكة بالتجزئة مدعومة من الغرب فأجهزت في زمن قياسي على المشروع الأول للوحدة.
5 - الفكر القومي في ظل الحكومات المنسوبة للتيار القومي:
بعد سقوط الوحدة قامت الانقلابات العسكرية في سورية والسودان وليبيا واليمن والعراق بالاستيلاء على السلطة وكلها كانت محمولة على الشعار القومي العربي.
المفاجأة أن هذه السلطات كلها تمسكت بالتجزئة خلافاً لشعاراتها الوحدوية وحتى العراق وسورية وكلاهما من حرب البعث عجزاً عن تحقيق الوحدة بينهما.
صارت التجزئة واقعاً جديداً بلافتة عربية قومية وبحكم ديكتاتوري بوليسي ألغى الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان في ليبيا والجزائر والمغرب ومصر والسودان والعراق وسورية واليمن السعيد!
أما باقي العرب فعززوا ملكياتهم الاستبدادية المطلقة فهي في المغرب تجمع السلطة الدينية مع السلطة الحاكمة وفي السعودية جمع آل سعود المذهب الوهابي إلى سلطتهم وفي الأردن اعتبروا الملكية امتداداً لثورة الشريف حسين!
وبسبب الغزو الصهيوني لفلسطين وعجز العرب عن رده بالتواطؤ مع الغرب ومع حكام التجزئة فقد التيار القومي العربي قدرته على الإشعاع ولم يعد بنظر الجماهير أداة صالحة لا نجاز إرادته في التحرير والوحدة والحريات الأمر الذي جعل قوى أخرى تتقدم لتطرح نفسها بديلاً عن المستبدين والفاشلين وأعداء الحرية.
6 - الفكر القومي والتيارات الدينية المعاصرة:
حين ارتبط النموذج الوحدوي الأول في الجمهورية العربية المتحدة بالحكم البوليسي الرئاسي وألغيت الأحزاب وتحولت الديمقراطية إلى ديكور يقوم على مبدأ التعيين بالانتخاب...
وحين أمسك العسكريون بالجمهوريات المنسوبة للتيار القومي وأقاموا أنظمة مخابراتية ألغت شرعة حقوق الإنسان والحريات العامة والديمقراطية.
وحين عجز الحكام العرب كلهم عن تحرير فلسطين ورد الغزو القادم إلى المنطقة على شكل استعمار استيطاني.
حين حدث ذلك فقد التيار القومي شعبيته وكثيرون نظروا إليه على أنه غطاء لتجزئة جديدة تستند إلى القمع والعنف وإلغاء الحريات....
في هذا الوضع كان طبيعياً أن تتقدم التيارات الدينية بمشروعها البديل عن القومية العربية والذي استند إلى (الأممية الإسلامية) معتبراً أن الحل للتجزئة وللاستعمار والغزو لا يحتاج إلى قومية عربية جاهلية بل إلى أممية إسلامية على امتداد العالم وطرحوا شعارات معينة هي (الإسلام هو الحل) ودعوا إلى دولة إسلامية وخلافة إسلامية على امتداد العالم.
هذه التيارات الدينية لم تنشأ بسبب الاستعمار كما قالت الأنظمة العربية بل بسبب الإحباط الذي تولد عن خيانة هذه الأنظمة لشعاراتها الوحدوية واعتدائها على الحريات لذلك فإن كثيرين اعتبروا صعود هذه التيارات نتيجة لفشل التيار القومي.
ومع أن هذه التيارات قدمت ! حلاً طوباوياً وبدون مضمون نظري واضح فإنها أصرت على الدعوة لإقامة دولة وفق النموذج الذي كان قائماً في العهد الراشدي في القرن السابع الميلادي.
ومع أن الإسلام هو دين العلم (اطلبوا العلم ولو في الصين) ومع أنه دين علماني (المسلمون أدرى بشؤون دنياهم) ومع أن الخلافة لم يرد عليها نص لا في القرآن الكريم ولا في السنة لأنها نشأت بعد وفاة الرسول الأعظم واتفاق أصحابه الذين هم أدرى بشؤون دنياهم على صيغة للحكم تقوم على وجود رئيس للدولة والمؤمنين يكون خليفة لرسول الله في متابعة الدعوة.
مع كل ذلك ومع فقدان المضمون لشكل الحكم ومؤسساته وحدود الحريات والحقوق فيه فإن هذه التيارات صعدت في صحوة مضادة للتيار القومي ونجحت في استقطاب نخب متعلمة وغير متعلمة تبحث عن أي طريق للخلاص من الاستبداد.
وكما أمسك التيار القومي بالشارع العربي في الخمسينيات والستينات في القرن الماضي نشهد اليوم التيار الإسلامي على تعددياته وقد أمسك هو بهذا الشارع رغم الخلافات الكبيرة بين التيارات والجماعات المنسوبة إلى الأممية الإسلامية حيث شهدنا تيارات تلجأ إلى العنف كوسيلة في العمل السياسي وتيارات تقبل بالطريق الديمقراطي لقناعتها بأن الشارع صار معها وتيارات تكفر كل من لا يقبل منطقها في معاداة كل الأفكار والأديان والمذاهب وامتداداً كل الحضارات....
صارت التيارات الدينية المعاصرة حقيقة شعبية من حقائق الواقع الذي لا يمكن تبديله بشعارات الاعتدال أو بالعنف السلطوي مادام البديل الآخر العلماني أو نصف العلماني أو القومي التراثي غير موجود أو يعيش أزمة ثقة مع الناس الذين تأملوا فيه خيراً.
7 - الفكر القومي والمسألة الشرقية الجديدة:
صار في المنطقة مسألة شرقية جديدة شئنا أم أبينا فهناك تيارات تدعو إلى أممية جديدة تقوم على الدين وتيارات مضادة تدعو إلى ديمقراطية علمانية ومنها التيار القومي بشكل ما.
ومع الوقت سوف يواجه المجتمع العربي انقساماً حاداً بين من يريد دولة دينية يحكمها رجال الدين وبين من يريد دولة ديمقراطية يحكمها العقل ويديرها.
هذا الانقسام الحاد سيكون في المستقبل المنظور هو شكل الصراع الداخلي في المجتمع العربي وكل حرب وكل تيار وكل فكر عليه أن يعلن اصطفافه مع أحدهما لأنه فيما عداهما لا توجد فسحة لأي تيار آخر.
8- الفكر القومي العربي وتحديات المستقبل:
إن التحدي الذي يواجه الفكر القومي العربي كبير جداً بعد أن تراجع التأييد الشعبي للقوى التي تنسب نفسها لهذه القومية والتي أساءت كثيراً إلى شعاراتها والى حقوق الناس وحرياتهم.
وكما أرى فإن هذا الفكر يحتاج إلى مشروع للتطوير يستند إلى ثوابت لا إلى شعارات ولا فتات بحيث يقدم للناس برنامجاً يواجه فيه التجزئة والتيارات الدينية المعاصرة والاستعمار بأشكاله المختلفة.
هذه الثوابت يجب أن تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الدولية بعد انتهاء الحرب الباردة ونظام العولمة وتحول العالم بفعل ثورة الاتصالات إلى قرية كبيرة.
ومن هذه الثوابت:
1- الشعب في المفهوم القومي هو كل من يعيش على الأرض العربية ويدافع عنها ويعتز بالانتماء إليها ويتكلم لغتها دون أي تفرقة في الدين والعنصر والطائفة والجنس.
2- الوحدة العربية هدف إستراتيجي يتم الوصول إليه بالنضال الذي يرتبط بالوعي والمصالح ويمكن أن يأخذ أشكالاً مختلفة من التعاون إلى الاتحاد الطوعي إلى الوحدة.
3- ربط التعاون أو الاتحاد العربي أو الوحدة بالديمقراطية بحيث يدوران معاً وجوداً وعدماً.
إن النموذج الوحدوي الديمقراطي يشكل مركز جذب للآخرين ويشجعهم على الانضمام وعلى دفع الأشكال كلها نحو الوحدة لأن النموذج الاستبدادي الديكتاتوري هو من أكبر الأسباب التي تعزز القطريات والتجزئة وتحول دون تحولها إلى العمل العربي التعاوني أو الاتحادي أو الوحدوي الكامل.
4- الاعتراف بحق القوميات المختلفة والموجودة في الوطن العربي بحكم ذاتي وبحقوق مختلفة في تعليم لغاتها وبإدارة حياتها في إطار وحدتها مع شركائها في الأرض.
5- لكل مواطن في دولة الوحدة أو الاتحاد الحق في الاعتزاز بأصله ودينه ومذهبه ولكن الولاء هو للوطن.
نعطي الناس حرياتهم الدينية والسياسية والعنصرية ونأخذ منهم الولاء الوطني وهذه هي القاعدة الناجحة في كل المجتمعات التعددية وفي كل النظم الديمقراطية.
6- الاعتراف بأن الأديان مناشط إنسانية وأخلاقية محترمة ولها حق النشاط في مجالها وفق قاعدة جديدة لا تفصل الدين عن الدولة ولا تعاديه بل تسعى إلى تنظيم العلاقة بين الدين والدولة بشكل لا يلغي أحدهما الآخر...
هذه القاعدة هي (مكان رجال الدين المع! ابد وهم فيها أحرار ومحترمون ومكان رجال السياسة الأحزاب وهم فيها أحرار ومحترمون).
ليست المشكلة مع الدين ولا يجب أبداً ولا يمكن إلغاؤه من حياة الناس في الشرق ولكن يمكن تنظيم دوره بشكل لا يؤدي إلى الأضرار بالتعايش السلمي لمكونات المجتمع العربي ولا للوحدة الوطنية.
رجال الدين يديرون المعابد والعقل عبر المؤسسات والأحزاب يدير المجتمع.
في هذا الوضع يصبح التيار القومي علمانياً ليس من منطلق معاداة الدين وإلغاء دوره بل من باب العلاقة على أساس الاختصاص دون المساس بالحريات الدينية.
7- التأكيد على رفض التيار القومي لكل أشكال الاستبداد في المجتمع العربي والإصرار على الديمقراطية الدستورية التي تسمح لكل مكونات المجتمع أن تعبر عن إرادتها ومصالحها بالوسائل السياسية وعبر صناديق الاقتراع وأي أكثرية موجودة يجب أن تأخذ حقوقها وقدرتها على التأثير من صناديق الاقتراع لا من النسبة العددية.
8- إدانة كل الأخطاء التي ارتكبتها دول وأنظمة وأفراد نسبوا أنفسهم للتيار القومي وتسببوا في حالة الإحباط الشعبي وتراجع فكرة الوحدة لصالح التجزئة والاعتذار عنها ونسبتها إلى أفراد اغتالوا الوحدة وتستروا بها لمصالحهم الشخصية وأدوا الى خراب مدمر للفكر القومي العربي.
9- التأكيد على رفض أي تصادم حضاري أو ديني أو مذهبي مع العالم كإيديولوجية وإعطاء المشروعية للصدام حين يتحول الآخر إلى مستعمر أو محتل للأرض العربية غزواً أو استعماراً أو نهباً.
10- التأكيد على رغبة التيار القومي بالاندماج في حضارة العالم باعتبارها حضارة العقل لا حضارة أي دين لأن المعرفة لم تعد ملكاً احتكارياً وتقديم مساهمتهم في حضارة العالم.......
هذه هي بعض الأفكار التي يمكن أن يستفيد منها كل أولئك الشجعان والشرفاء الذين يبحثون عن حل لأزمة الثقة بين الشعب والتيار القومي...
قد أكون مخطئاً أو مصيباً في بعضها ولكن روح النقاش تستطيع أن تصحح الخطأ وفي السياسة فإن الرجعي هو الذي إذا تبدت له حالة قناعة أفضل لا ينتقل إليها.
أمامنا العالم باتساعه وتجاربه ومعارفه وما علينا سوى أن نحسن الاختيار... فهل نفعل؟ هذا هو السؤال..
http://www.al-moharer.net
إن كان الاعتزاز بالعروبة لأنها حملت هذا الدين للناس،
والعرب خير من يقوم بحمله، فهذا اعتزاز صحيح.
فهم الذين حملوه للناس كافة، وكل المسلمين في أنحاء المعمورة
يعترفون بذلك، ويشكرونه لهم.
أما إن كان الاعتزاز بالقومية كما أرادها الداعون لها من تفاخر بالنسب،
وازدراء للغير والتعالي عليهم، والاعتزاز بالعادات والتقاليد
فهذه دعوة جاهلية نهى الإسلام قراناً وسنة عنها
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ
شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ
عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات:13
وقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ" ثُمَّ قَالَ:"دَعُوهَا فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ"
وفي رواية ثانية قَالَ: "دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ" أخرجه البخاري في صحيحه.
الأحد نوفمبر 27, 2022 9:16 pm من طرف Faizafazo
» برنامج احترافي في تنقيط التلاميذ تربية بدنية ورياضية وكل ما يحتاجه استاذ التربية البدنية والرياضية في المتوسط
الأحد يونيو 27, 2021 7:33 pm من طرف تمرت
» مفاهيم عامة .الاعلام و الاتصال
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:51 am من طرف المشرف العام
» نظريات الاعلام وحرية الصحافة و علاقة الصحافة بالسلطة
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:50 am من طرف المشرف العام
» نشأة وتطور الصحافة في العالم و الوطن العربي
الجمعة يناير 15, 2021 11:48 am من طرف المشرف العام
» ترحيب و تعارف
السبت يونيو 13, 2020 10:39 pm من طرف صقر السردي
» كتب تاريخ الجزائر في القديم والحديث
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الثورة الجزائرية ،"ثورة المليون و نصف المليون شهيد"
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الادارة وتعريفها
السبت مايو 16, 2020 3:28 pm من طرف المشرف العام
» مقياس :تاريخ وسائل الاعلام
السبت مايو 16, 2020 2:57 pm من طرف المشرف العام