جامعة حسيبة بن بوعلي الشلف
كلية العلوم القانونية و الإدارية
فرع العلوم السياسية
ملتقى وطني حول:
التحولات السياسية و اشكالية التنمية في الجزائر، واقع و تحديات
17 ديسمبر 2008 - أيام 16
مداخلة بعنوان : " آثار الانفتاح الاقتصادي على مسار الإصلاحات السياسية بالجزائر"
من اعداد الأستاذتين: لمياء زكري أستاذة مساعدة
فضيلة عكاش مكلفة بالدروس
قسم العلوم السياسية و العلاقات الدولية
جامعة مولود معمري- تيزي وزو.
تبنت الجزائر غداة استقلالها الخيار الاشتراكي للتنمية في ظل نظام سياسي قائم على
الأحادية الحربية. و قد كانت الاستراتيجية التنموية المتبناة و المستوحاة من نظرية الصناعات المصنعة
لجيرار دوبرنيس، قائمة على ضرورة الاستثمار في الصناعات الثقيلة التي تعتبر الصناعات الكفيلة
بخلق آثار الجذب على الصناعات و القطاعات اخرى. و قد كان الخيار الاشتراكي يضفي على التنمية
بعدا اجتماعيا أولويا، حيث نص ميثاق 1976 على أن " .. غاية الاشتراكية هي أن تضمن لكل مواطن
نمطا من الاستهلاك يتجاوب و مقاييس الحياة الكريمة من مسكن و غذاء و لباس و صحة وتعليم.." .
كما أكد ذات الميثاق على أن " القضاء على البطالة من أولويات الاشتراكية..".
و قد كان لهذه الخيارات نتائج على أرض الواقع، حيث تم خلق أكثر من مليون
و 600.000 منصب شغل، كما تحسنت القدرة الشرائية للعائلات ب 4 % كمتوسط سنوي خلال الفترة
من 1969 الى 1978 ، و ارتفعت نسبة الدخل الأجري الى الدخل الاجمالي من 47 % سنة 1969 الى
. 60 % سنة 1978
الا أن الأزمة الاقتصادية التي تجلت في منتصف الثمانينات أ دت الى تغيير الأوضاع و
الخيارات المتبناة. لقد أدى انخفاض أسعار البترول في منتصف الثمانينات الى انخفاض مداخيل
الجزائر من المحروقات بنسبة 40 % ، في حين أنها تمثل 98 % من صادرات الجزائر. و قد كان
هذا الانخفاض بمثابة المؤشر الذي أظهر اختلال الاستراتيجية التنموية التي تعتمد في تمويلها على
مصدر وحيد هو الريع البترولي، بالاظافة الى نقائص أخرى متعلقة أساسا بسوء التسيير و المركزية
الشديدة في اتخاذ القرارات. فالمؤسسات العمومية كانت تعتبر أدوات لتحقيق الاستراتيجية التنموية،
بعيدا عن مفهوم المؤسسة الاقتصادية التي تسعى لتحقيق الرشادة الاقتصادية.
و رغم القيام ببعض الإصلاحات الهيكلية التي بدأت تكرس التراجع عن الخيار
الاشتراكي، بتقليص تدخل الدولة في الاقتصاد، حيث تم حل تعاونيات التسيير الذاتي و إقرار استقلالية
المؤسسات حيث يصبح للمؤسسة شخصية معنوية مستقلة لها استقلال مالي و تحدد وتنظم علاقاتها
التجارية بذاتها.
غير أن هذه الإصلاحات لم تؤد للنتائج المرجوة منها فالمديونية الجزائرية تفاقمت
بحوالي 53 % في المرحلة بين 1986 و 1994 حيث بلغت 29.5 مليار دولار. في ذات السنة، كان
متوقعا أن تمثل خدمة الديون (الواجب دفعها في ذات السنة) حوالي 100 % إجمالي الصادرات،
فأصبحت الجزائر في حالة عدم التمكن من الدفع، مما اضطرها لطلب إعادة جدولة ديونها، و عقد
سنة 1994 ، اتبع ، stand-by اتفاقات مع صندوق النقد الدولي ، كان أولها اتفاق استعداد ائتماني
باتفاق ثاني من نوع تسهيلات التمويل الموسعة سنة 1995 ، و فرض صندوق النقد الدولي على
الجزائر تطبيق مجموعة من الإجراءات تهدف لإعادة التوازنات المالية الكبرى و دمج البلاد في
اقتصاد السوق العالمي، بالإضافة إلى خلق احتياطي من العملة الصعبة بهدف التمكن من إرجاع الديون
في مرحلة أولى و تحريك عجلة الاقتصاد و عودة الاستثمارات في مرحلة ثانية.
و قد تضمن برنامج التعديل الهيكلي الإجراءات التالية :
- خفض النفقات العمومية خاصة منها الاجتماعية.
- خفض أو الغاء الدعم عن أسعار المواد الأساسية
- خفض قيمة الدينار
- تحرير الأسعار
- تحرير التجارة الخارجية
- رفع الدعم عن المؤسسات العمومية، و فتح المجال أمام خوصصتها .
- تسريح العمال
و قد كان لهذه الاجراءات آثار اجتماعية وخيمة، تمثلت خاصة في:
- تفاقم الفقر: يعتبر انخفاض مستوى الدخل الفردي من مؤشرات تفاقم الفقر في دولة
معينة, وقد انخفض مستوى دخل الفرد في الجزائر من 2880 دولارا سنة 1987
الى 1550 دولارا سنة 1997 (أي بنسبة 45 % في ظل 10 سنوات) ليبلغ 1540
. دولارا سنة 11999
كما يشير تقريرللبنك العالمي بأنه مع نهاية التسعينات و بداية الألفية، أكثر من 7
مليون جزائري يعيشون بأقل من 1 دولار يوميا، و أكثر من 14 مليون جزائري
يعيشون بأقل من 2 دولار يوميا.
.1999 ،1997 ، ات 1994 دي و ا ا ! ا "# $%&'( ا $%) ا* ا '+ ر- ا '(. -1 أ
.............................
- انتشار العمل المؤقت و غير المهيكل: تتميز فترات تراجع النمو الاقتصادي بتزايد
البطالة و تراجع مستوى العمل المهيكل الدائم لصالح العمل المؤقت أو غير الرسمي.
حيث بلغ عدد العمال المؤقتين أوالموسميين أزيد من مليوني عامل سنة 22007 ، في حين
يقدر عدد العمال غير المصرح بهم لهيئات الضمان الاجتماعي( العمل الأسود أو غير
الرسمي) و الذين لا يستفيدون من أية حماية أو حقوق اجتماعية مليون و 500 ألف عامل
وفقا لتصريحات المركزية النقابية.
و قد تسببت هذه الأوضاع في تفاقم النزاعات العمالية
..............................................................
اقتصاد السوق، يصاحبها ظهور فئة اجتماعية
متميزة، تتمثل في أرباب العمل، و التي بازدياد نفوذها الاقتصادي والمالي، ستبدأ أكثر فأكثر بالمطالبة
بالانفتاح السياسي بغية المشاركة في اتخاذ القرارات والوصول للسلطة بهدف حماية و تكريس
مصالحها الاقتصادية( الطبقة البرجوازية كانت رائدة الثورات الديمقراطية بأوروبا).
في الجزائر، حاليا، يمثل القطاع الخاص حوالي 80 % من الناتج الداخلي الخام خارج
قطاع المحروقات و يشغل أكثر من مليون عامل رسمي و حوالي 2مليون إذا ما تم إحصاء العمال
غير المصرح بهم 1. منتدى رؤساء المؤسسات وحده يتكون من حوالي 60 صاحب عمل، برقم أعمال
.2( يقدر بأكثر من 100 مليار دينار جزائري (نهاية 2001
بالرغم من ذلك لازالت هذه الفئة ضعيفة نسبيا في الوقت الحالي أمام الطبقة البيروقراطية
من جهة و المستوردين من جهة أخرى، والذين لا تتناسب مصالحهم مع تكوين برجوازية وطنية تخلق
ثروات بالداخل مما يقلص الحاجة للاستيراد. لكن تزايد قوتها الاقتصادية سيسمح لها تدريجيا بالتأثير
سياسيا، مما سيجعلها تطالب أكثر فأكثر بممارسة حقوقها السياسية، و بفتح المجال السياسي.
في ذات الوقت، و تناسبا مع تطور النفوذ الاقتصادي لأرباب العمل، و أمام شعورهم
بضرورة تنظيم أنفسهم و تحديد مطالبهم، بغية تحقيق الاعتراف بهم كشريك اجتماعي من طرف النظام
الحاكم و بالتالي إشراكهم في عملية صنع القرار، الأمر الذي يسمح لهم بحماية مصالحهم و توسيع
مكاسبهم، تم إنشاء العديد من التنظيمات المهنية و جمعيات أرباب العمل. من أهم هذه التنظيمات:
الكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل، الكونفدرالية العامة للمقاولين الجزائريين، الكونفدرالية الوطنية
لأرباب العمل الجزائريين، كونفدرالية الصناعيين والمنتجين الجزائريين، جمعية النساء أرباب العمل،
يضاف إليها منذ سنة 2001 إحدى أهم الجمعيات الممثلة لأرباب العمل و المتمثلة في منتدى رؤساء
المؤسسات، الذي يضم بالإضافة لأرباب العمل الوطنيين الخواص، المقاولين العموميين، و ممثلو
بعض أهم الشركات الأجنبية المتواجدة بالجزائر كميتال ستيل، اوراسكوم تيليكوم، هنكل، دانون.
بالرغم من ذلك لازالت هذه الفئة ضعيفة نسبيا في الوقت الحالي أمام البيروقراطية من جهة،
و فئة المستوردين من جهة أخرى، و الذين لا تتناسب مصالحهم مع تكوين برجوازية وطنية تخلق
ثروات بالداخل مما يقلص الحاجة للاستيراد. لكن تزايد قوتها الاقتصادية سيسمح لها تدريجيا بالتأثير
السياسي، مما سيجعلها تطالب أكثر فأكثر بحقوق سياسية. فأرباب العمل الخواص مثلا انتقدوا بشدة
عدم استشارتهم قبل التوقيع على اتفاقية الشراكة بين الجزائر و الاتحاد الأوروبي، و التي يمكنها أن
تهدد عدة مؤسسات وطنية بالإفلاس، مقابل تسهيلها لعمليات استيراد السلع الأجنبية، كما أنهم ينتقدون
السياسية الجمركية التي تفرض رسوم أكبر على استيراد مواد نصف مصنعة تستعمل في إنتاج السلع
1 - RADP,Conseil National Economique et Social, Eléments de débat pour un pacte de croissance. Projet de
rapport, juillet 2005.
22 - Omar Ramdane, Forum des Chefs d’Entreprises : « à problèmes concrets …solutions concrétes », Revue
Algérie entreprises, N° 0, juin 2001, P30.
في بعض المؤسسات، في حين تفرض رسوم أقل على دخول السلع النهائية التي تستورد للاستهلاك
المباشر.
و هناك عدة أمثلة عن العراقيل التي يواجهها المنتجون الخواص الوطنيون، مقابل تحفيز
الاستيراد . فمثلا، ما يتعلق بمنتجي الدواء في الجزائر، الذين يعانون من عدم دعم الدولة لهم و عدم
تدخلها لحماية الإنتاج الوطني للأدوية، مما جعل نسبة تغطية السوق الوطنية بالإنتاج المحلي لا تتجاوز
% 30 % ، و 10 % فقط للأدوية الأساسية مقابل ارتفاع فاتورة استيراد الأدوية بأكثر من 100
بين 2001 و 2006 حيث ارتفعت من 500 مليون دولار لتتجاوز المليار دولار. في ذات الوقت
قررت الحكومة الجزائرية رفع الحظر عن استيراد الأدوية المنتجة محليا و عددها 182 . كذلك، قرار
وزارة الصحة رفع كل أنواع الحماية عن الصناعة الصيدلانية في الجزائر، حيث ألغت الشروط
السابقة التي كانت تلزم مستوردي الدواء للاستثمار بعد سنتين من النشاط 1، يضاف الى ذلك ، أن
السعر المرجعي الذي تحدد بفضله نسبة تعويض الضمان الاجتماعي وفقا لسعر الدواء الأقل ثمنا و هو
اجراء من شأنه تحفيز استهلاك الدواء المحلي و تقليص نفقات الضمان الاجتماعي في ذات الوقت، لا
يطبق الا على 116 دواء من مجموع 4000 . بالإضافة أيضا لمختلف العراقيل البيروقراطية التي
تواجه تسجيل الدواء المنتج محليا في حين لا تطبق على الأدوية المستوردة 2. هذا بالإضافة الى
تصريحات بعض المسؤولين يعلنون فيها عن عدم ثقتهم في المنتوج الوطني للأدوية.
هذه الوضعية جعلت الصناعة الصيدلانية الوطنية مهددة بالإفلاس و 50 مؤسسة معنية،
تشغل 12.000 عامل مهددة بالغلق.
ان وضعية أرباب العمل المنتجين بالجزائر في الوقت الحالي صعبة، فالدولة قررت
الانسحاب و التوقف عن حماية الإنتاج الوطني 3، مبررة ذلك بشروط منظمة التجارة العالمية، رغم
عدم انضمام الجزائر إليها بعد، كما أن أهم مطالب جمعيات أرباب العمل في جولات الحوار الوطني
تحسين محيط الأعمال، تشجيع الإنتاج الوطني، حل مشكل العقار الصناعي، و هي المطالب المدرجة
لم تتجسد بعد. فمثلا، ما يتعلق بإصلاح النظام المصرفي الذي لم يرى النور رغم مرور أكثر من 12
سنة من بداية تطبيق برنامج التعديل الهيكلي و المطالبة المستمرة لرجال الأعمال الجزائريين به، كذلك
2007/10/ ي، الاتحاد الوطني للمتعاملين في قطاع الصيدلة: 50 مصنعا للأدوية مهدد بالغلق.. ، الخبر، 20 *:D: اد ': 1
2 Déclaration de Mr Nabil Mellah, directeur général de Mérinal, entreprise de production pharmaceutique, dans :
l’industrie phamaceutique couve une grande crise, El Watan du 05/03/2007.
ق &Q $% ه: ب " FG ا $+ دو ? ع ا 6 & 9%:G د ا DI ف ا '! 9: K( ا 8- ل ا 4M رات 5) ا $% 'I ت و ه ا '+ ت وز D+'I 3
.2007/10/ 23 T+ ر2 درة ا '7V ة ا *+' & 2007 . '2 : 22،23 اآ :+ "، $+'@ اR# ا $%.*% ا $ $% ا
في مختلف جولات الثلاثية بين أرباب العمل و العمال و الحكومة، كمطالب أساسية لأرباب العمل، لم
تؤخذ بالاعتبار.
ففيما يتعلق بمناخ الأعمال، تحتل الجزائر آخر المراتب في تصنيفات المنظمات العالمية،
حيث انتقلت من المرتبة 123 سنة 2005 في تقرير البنك العالمي حول مناخ الأعمال، الى المرتبة
116 سنة 2006 ، لتتراجع من جديد و بشكل أسوأ سنة 2007 حيث تحصلت على المرتبة 125 من
مجموع 175 دولة ، مع ملاحظة البنك العالمي أن مسار المستثمر بالجزائر يشبه شوط المحارب،
بسبب كل العراقيل و التعقيدات البيروقراطية التي تواجهه، حيث عليه للشروع فقط في الانجاز أن يقوم
ب 14 إجراءا كل منها يستغرق قرابة الشهر.
أما عن تشجيع الإنتاج الوطني فالمثال المتعلق بصناعة الأدوية بالإضافة إلى تصريحات
العديد من أرباب العمل الجزائريين تبين العكس، خاصة في ظل السعي للانضمام للمنظمة العالمية
للتجارة و مبدئها الأساسي القائم على المعاملة الوطنية بحيث تشترط معاملة المنتجات الأجنبية
بنفس معاملة المنتوج الوطني، مما يجعله عرضة لمنافسة شرسة من طرف شركات عملاقة، في حين
أن المؤسسات الجزائرية لازالت حديثة النشأة.
مما سبق يتضح أن رجال الأعمال الصناعيين لا زالوا يعانون من تهميش السلطات
العمومية لهم حيث تم اتخاذ عدة قرارات دون استشارتهم كما أن عددا كبيرا من مطالبهم المتكررة منذ
سنوات في جولات الحوار الاجتماعي لم تتجسد على أرض الواقع.
بذلك، فوضعية رجال الأعمال الجزائريين صعبة. فالعراقيل التي تواجههم، تعتبر تهديدا لبقاء
مؤسساتهم، الأمر الذي يجعلهم يتنظمون أكثر لإيصال مطالبهم و تجسيدها فعليا، خاصة أنهم يمتلكون
الإمكانيات المادية، وأنهم كما ذكر سابقا يشغلون آلاف العمال، الذين بدؤوا يدافعون عن مؤسساتهم كما
حدث بالنسبة لعمال مؤسسة تونيك التي خرج عمالها الى الشارع للمطالبة بحل المشكل المالي الذي
كان يجمعها ببنك البدر، و هذه كلها محفزات تدفع بالصناعيين الجزائريين الى تحفيز مسار التنمية
السياسية بالمطالبة بفتح المجال السياسي و بتأسيس أكبر للتعددية الاعلامية، عن طريق تأسيس صحف
جديدة أو المساهمة في تمويل الصحف الخاصة الموجودة.
كذلك فهناك مؤشرات لتوحيد صفوف أرباب العمل الجزائريين بحيث تم منذ بضعة أسابيع
اجتماع عدد هما من جمعيات أرباب العمل و تم انشاء تنسيقية لأرباب العمل الجزائريين تضم مختلف
تنظيمات أرباب العمل و تسعى لفرض اقتراحاتها في مجال السياسية الاقتصادية أي كشريك اجتماعي
حقيقي، لا يمكن تجاوزه.
بعض الضغوطات الخارجية للإصلاح:
يضاف إلى تلك المحفزات الداخلية، الضغوطات الخارجية التي تهدف لفتح المجال
السياسي تناسبا و الانفتاح الاقتصادي. ففي ظل العولمة الاقتصادية، و تبعية الدول النامية للدول
المتقدمة في توفير المنتجات و السلع و رؤوس الأموال، تتجه هذه الدول أفأكثر نحو تحرير مبادلاتها
التجارية و فتح أسواقها الداخلية أمام واردات الدول المتقدمة التي تبحث عن أسواق جديدة لتصريف
منتجاتها وإنعاش نشاطاتها .
و تأتي اتفاقية الشراكة بين الجزائر و الاتحاد الأوروبي و التي دخلت حيز التنفيذ منذ
سبتمبر 2005 في هذا الإطار. حيث يتمثل جوهر الاتفاقية في تحرير المبادلات التجارية باتجاه تكوين
منطقة تبادل حر أفق 2017 ، بين الجزائر من جهة و دول الاتحاد الأوروبي ال 25 من جهة أخرى.
غير أن هذه الاتفاقية لم تقتصر على الجانب الاقتصادي، بل تتضمن أيضا جانبا سياسيا،
تركز من خلاله أساسا على ضرورة احترام المبادئ الديمقراطية و الحريات السياسية، و هذا ما نصت
عليه الاتفاقية في ديباجتها حيث أكدت على أن تكون الشراكة من وسائل تكريس الديمقراطية و
. الحريات السياسية و الدفاع عن حقوق الإنسان 1
كما يتجلى ذلك من خلال عدة مشاريع أورومتوسطية تقدمت بها و تدفع بهذا
الاتجاه، من بينها:
الذي يتضمن تقديم مساعدات : MEDA Democratie : - مشروع ميدا للديمقراطية
تقدر ب 10 مليون أورو سنويا لصالح تنظيم ملتقيات و دروس حول حقوق الانسان في المدارس ، و
تكوين ضباط الشرطة و القضاة و المحامين بغية بناء ثقافة احترام حقوق الانسان بالدول النامية
المتوسطية.
la politique européenne de bon : - السياسة الأوروبية لحسن الجوار
و هو مشروع اوروبي لسنة 2004 موجه أساسا لدول المغرب : voisinage
1 - Accord d’association Algérie-Union européenne ; préambule.2001
العربي و يتضمن تقديم مساعدات مالية هامة، ينبغي مقابل الحصول عليها قيام
الدولة المعنية باجراءات واضحة في مجال تكريس الديمقراطية و حماية الحريات و
حقوق الانسان، مع التأكيد على ضرورة مراقبة المجموعة الأوروبية لمدى تطبيق
تلك الاجراءات.
ان هدف الدول المتقدمة بصفة عامة من اشتراطها فتح المجال السياسي و الدفاع عن
الديمقراطية و حقوق الانسان، هو محاولة ضمان حد أقصى من الاستقرار السياسي بتلك البلدان بشكل
يسمح لها بممارسة نشاطاتها الاقتصادية و الاستثمار بتلك البلدان فيظروف هادئة و مواتية و دون أن
تكون مصالحهم مهددة .
و نظرا لحاجة الدول النامية و تبعيتها اقتصاديا لهذه الدول، ستكون مجبرة على السعي
لتحقيق شروط الدول المتقدمة و لو شكليا في مرحلة أولى. فمثلا ، تمثل المبادلات التجارية بين
الجزائر و الاتحاد الأوروبي حوالي 70 % من التجارة الخارجية الجزائرية ، بمعنى أن معظم واردات
الجزائر تأتي من الاتحاد الأوروبي كما أن معظم صادراتها تتوجه الى دول الاتحاد الأوروبي. في
حين أن التعاملات التجارية للاتحاد الأوروبي مع الجزائر لا تتجاوز 3% من مجموع مبادلاته
التجارية. و هذا دليل على مدى تبعية الجزائر للاتحاد الذي يفرض عليها شروطه، و التي من بينها
الاسراع في الاصلاحات السياسية.
من كل ما سبق يتوضح أن الانفتاح الاقتصادي في الجزائر، لابد و أن يؤثر على مسار
و وتيرة الاصلاحات السياسية، باتجاه الدفع للاسراع في فتح مجال المشاركة السياسية وتكريس حرية
التعبير، فمواصلة الانغلاق السياسي سينجر عنها أزمات سياسية تهدد استقرار النظام السياسي داخليا،
كما أنها قد تؤدي الى عماوالته خارجيا في مرحلة تتميز بدرجة كبيرة من التبعية الاقتصادية للخارج.
المراجع المستعملة:
. -1 التقارير الدورية للمجلس الوطني الاقتصادي و الاجتماعي منذ 1994 الى 2002
www.ons.dz : -2 نشريات الديوان الوطني للاحصائيات و موقعه على شبكة الانترنت
-3 نشريات دورية للصندوق الوطني للتأمين على البطالة
.( -4 جريدة الخبر، عدة أعداد ( منذ أفريل 2004 الى أكتوبر 2005
L’accord d’association
كلية العلوم القانونية و الإدارية
فرع العلوم السياسية
ملتقى وطني حول:
التحولات السياسية و اشكالية التنمية في الجزائر، واقع و تحديات
17 ديسمبر 2008 - أيام 16
مداخلة بعنوان : " آثار الانفتاح الاقتصادي على مسار الإصلاحات السياسية بالجزائر"
من اعداد الأستاذتين: لمياء زكري أستاذة مساعدة
فضيلة عكاش مكلفة بالدروس
قسم العلوم السياسية و العلاقات الدولية
جامعة مولود معمري- تيزي وزو.
تبنت الجزائر غداة استقلالها الخيار الاشتراكي للتنمية في ظل نظام سياسي قائم على
الأحادية الحربية. و قد كانت الاستراتيجية التنموية المتبناة و المستوحاة من نظرية الصناعات المصنعة
لجيرار دوبرنيس، قائمة على ضرورة الاستثمار في الصناعات الثقيلة التي تعتبر الصناعات الكفيلة
بخلق آثار الجذب على الصناعات و القطاعات اخرى. و قد كان الخيار الاشتراكي يضفي على التنمية
بعدا اجتماعيا أولويا، حيث نص ميثاق 1976 على أن " .. غاية الاشتراكية هي أن تضمن لكل مواطن
نمطا من الاستهلاك يتجاوب و مقاييس الحياة الكريمة من مسكن و غذاء و لباس و صحة وتعليم.." .
كما أكد ذات الميثاق على أن " القضاء على البطالة من أولويات الاشتراكية..".
و قد كان لهذه الخيارات نتائج على أرض الواقع، حيث تم خلق أكثر من مليون
و 600.000 منصب شغل، كما تحسنت القدرة الشرائية للعائلات ب 4 % كمتوسط سنوي خلال الفترة
من 1969 الى 1978 ، و ارتفعت نسبة الدخل الأجري الى الدخل الاجمالي من 47 % سنة 1969 الى
. 60 % سنة 1978
الا أن الأزمة الاقتصادية التي تجلت في منتصف الثمانينات أ دت الى تغيير الأوضاع و
الخيارات المتبناة. لقد أدى انخفاض أسعار البترول في منتصف الثمانينات الى انخفاض مداخيل
الجزائر من المحروقات بنسبة 40 % ، في حين أنها تمثل 98 % من صادرات الجزائر. و قد كان
هذا الانخفاض بمثابة المؤشر الذي أظهر اختلال الاستراتيجية التنموية التي تعتمد في تمويلها على
مصدر وحيد هو الريع البترولي، بالاظافة الى نقائص أخرى متعلقة أساسا بسوء التسيير و المركزية
الشديدة في اتخاذ القرارات. فالمؤسسات العمومية كانت تعتبر أدوات لتحقيق الاستراتيجية التنموية،
بعيدا عن مفهوم المؤسسة الاقتصادية التي تسعى لتحقيق الرشادة الاقتصادية.
و رغم القيام ببعض الإصلاحات الهيكلية التي بدأت تكرس التراجع عن الخيار
الاشتراكي، بتقليص تدخل الدولة في الاقتصاد، حيث تم حل تعاونيات التسيير الذاتي و إقرار استقلالية
المؤسسات حيث يصبح للمؤسسة شخصية معنوية مستقلة لها استقلال مالي و تحدد وتنظم علاقاتها
التجارية بذاتها.
غير أن هذه الإصلاحات لم تؤد للنتائج المرجوة منها فالمديونية الجزائرية تفاقمت
بحوالي 53 % في المرحلة بين 1986 و 1994 حيث بلغت 29.5 مليار دولار. في ذات السنة، كان
متوقعا أن تمثل خدمة الديون (الواجب دفعها في ذات السنة) حوالي 100 % إجمالي الصادرات،
فأصبحت الجزائر في حالة عدم التمكن من الدفع، مما اضطرها لطلب إعادة جدولة ديونها، و عقد
سنة 1994 ، اتبع ، stand-by اتفاقات مع صندوق النقد الدولي ، كان أولها اتفاق استعداد ائتماني
باتفاق ثاني من نوع تسهيلات التمويل الموسعة سنة 1995 ، و فرض صندوق النقد الدولي على
الجزائر تطبيق مجموعة من الإجراءات تهدف لإعادة التوازنات المالية الكبرى و دمج البلاد في
اقتصاد السوق العالمي، بالإضافة إلى خلق احتياطي من العملة الصعبة بهدف التمكن من إرجاع الديون
في مرحلة أولى و تحريك عجلة الاقتصاد و عودة الاستثمارات في مرحلة ثانية.
و قد تضمن برنامج التعديل الهيكلي الإجراءات التالية :
- خفض النفقات العمومية خاصة منها الاجتماعية.
- خفض أو الغاء الدعم عن أسعار المواد الأساسية
- خفض قيمة الدينار
- تحرير الأسعار
- تحرير التجارة الخارجية
- رفع الدعم عن المؤسسات العمومية، و فتح المجال أمام خوصصتها .
- تسريح العمال
و قد كان لهذه الاجراءات آثار اجتماعية وخيمة، تمثلت خاصة في:
- تفاقم الفقر: يعتبر انخفاض مستوى الدخل الفردي من مؤشرات تفاقم الفقر في دولة
معينة, وقد انخفض مستوى دخل الفرد في الجزائر من 2880 دولارا سنة 1987
الى 1550 دولارا سنة 1997 (أي بنسبة 45 % في ظل 10 سنوات) ليبلغ 1540
. دولارا سنة 11999
كما يشير تقريرللبنك العالمي بأنه مع نهاية التسعينات و بداية الألفية، أكثر من 7
مليون جزائري يعيشون بأقل من 1 دولار يوميا، و أكثر من 14 مليون جزائري
يعيشون بأقل من 2 دولار يوميا.
.1999 ،1997 ، ات 1994 دي و ا ا ! ا "# $%&'( ا $%) ا* ا '+ ر- ا '(. -1 أ
.............................
- انتشار العمل المؤقت و غير المهيكل: تتميز فترات تراجع النمو الاقتصادي بتزايد
البطالة و تراجع مستوى العمل المهيكل الدائم لصالح العمل المؤقت أو غير الرسمي.
حيث بلغ عدد العمال المؤقتين أوالموسميين أزيد من مليوني عامل سنة 22007 ، في حين
يقدر عدد العمال غير المصرح بهم لهيئات الضمان الاجتماعي( العمل الأسود أو غير
الرسمي) و الذين لا يستفيدون من أية حماية أو حقوق اجتماعية مليون و 500 ألف عامل
وفقا لتصريحات المركزية النقابية.
و قد تسببت هذه الأوضاع في تفاقم النزاعات العمالية
..............................................................
اقتصاد السوق، يصاحبها ظهور فئة اجتماعية
متميزة، تتمثل في أرباب العمل، و التي بازدياد نفوذها الاقتصادي والمالي، ستبدأ أكثر فأكثر بالمطالبة
بالانفتاح السياسي بغية المشاركة في اتخاذ القرارات والوصول للسلطة بهدف حماية و تكريس
مصالحها الاقتصادية( الطبقة البرجوازية كانت رائدة الثورات الديمقراطية بأوروبا).
في الجزائر، حاليا، يمثل القطاع الخاص حوالي 80 % من الناتج الداخلي الخام خارج
قطاع المحروقات و يشغل أكثر من مليون عامل رسمي و حوالي 2مليون إذا ما تم إحصاء العمال
غير المصرح بهم 1. منتدى رؤساء المؤسسات وحده يتكون من حوالي 60 صاحب عمل، برقم أعمال
.2( يقدر بأكثر من 100 مليار دينار جزائري (نهاية 2001
بالرغم من ذلك لازالت هذه الفئة ضعيفة نسبيا في الوقت الحالي أمام الطبقة البيروقراطية
من جهة و المستوردين من جهة أخرى، والذين لا تتناسب مصالحهم مع تكوين برجوازية وطنية تخلق
ثروات بالداخل مما يقلص الحاجة للاستيراد. لكن تزايد قوتها الاقتصادية سيسمح لها تدريجيا بالتأثير
سياسيا، مما سيجعلها تطالب أكثر فأكثر بممارسة حقوقها السياسية، و بفتح المجال السياسي.
في ذات الوقت، و تناسبا مع تطور النفوذ الاقتصادي لأرباب العمل، و أمام شعورهم
بضرورة تنظيم أنفسهم و تحديد مطالبهم، بغية تحقيق الاعتراف بهم كشريك اجتماعي من طرف النظام
الحاكم و بالتالي إشراكهم في عملية صنع القرار، الأمر الذي يسمح لهم بحماية مصالحهم و توسيع
مكاسبهم، تم إنشاء العديد من التنظيمات المهنية و جمعيات أرباب العمل. من أهم هذه التنظيمات:
الكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل، الكونفدرالية العامة للمقاولين الجزائريين، الكونفدرالية الوطنية
لأرباب العمل الجزائريين، كونفدرالية الصناعيين والمنتجين الجزائريين، جمعية النساء أرباب العمل،
يضاف إليها منذ سنة 2001 إحدى أهم الجمعيات الممثلة لأرباب العمل و المتمثلة في منتدى رؤساء
المؤسسات، الذي يضم بالإضافة لأرباب العمل الوطنيين الخواص، المقاولين العموميين، و ممثلو
بعض أهم الشركات الأجنبية المتواجدة بالجزائر كميتال ستيل، اوراسكوم تيليكوم، هنكل، دانون.
بالرغم من ذلك لازالت هذه الفئة ضعيفة نسبيا في الوقت الحالي أمام البيروقراطية من جهة،
و فئة المستوردين من جهة أخرى، و الذين لا تتناسب مصالحهم مع تكوين برجوازية وطنية تخلق
ثروات بالداخل مما يقلص الحاجة للاستيراد. لكن تزايد قوتها الاقتصادية سيسمح لها تدريجيا بالتأثير
السياسي، مما سيجعلها تطالب أكثر فأكثر بحقوق سياسية. فأرباب العمل الخواص مثلا انتقدوا بشدة
عدم استشارتهم قبل التوقيع على اتفاقية الشراكة بين الجزائر و الاتحاد الأوروبي، و التي يمكنها أن
تهدد عدة مؤسسات وطنية بالإفلاس، مقابل تسهيلها لعمليات استيراد السلع الأجنبية، كما أنهم ينتقدون
السياسية الجمركية التي تفرض رسوم أكبر على استيراد مواد نصف مصنعة تستعمل في إنتاج السلع
1 - RADP,Conseil National Economique et Social, Eléments de débat pour un pacte de croissance. Projet de
rapport, juillet 2005.
22 - Omar Ramdane, Forum des Chefs d’Entreprises : « à problèmes concrets …solutions concrétes », Revue
Algérie entreprises, N° 0, juin 2001, P30.
في بعض المؤسسات، في حين تفرض رسوم أقل على دخول السلع النهائية التي تستورد للاستهلاك
المباشر.
و هناك عدة أمثلة عن العراقيل التي يواجهها المنتجون الخواص الوطنيون، مقابل تحفيز
الاستيراد . فمثلا، ما يتعلق بمنتجي الدواء في الجزائر، الذين يعانون من عدم دعم الدولة لهم و عدم
تدخلها لحماية الإنتاج الوطني للأدوية، مما جعل نسبة تغطية السوق الوطنية بالإنتاج المحلي لا تتجاوز
% 30 % ، و 10 % فقط للأدوية الأساسية مقابل ارتفاع فاتورة استيراد الأدوية بأكثر من 100
بين 2001 و 2006 حيث ارتفعت من 500 مليون دولار لتتجاوز المليار دولار. في ذات الوقت
قررت الحكومة الجزائرية رفع الحظر عن استيراد الأدوية المنتجة محليا و عددها 182 . كذلك، قرار
وزارة الصحة رفع كل أنواع الحماية عن الصناعة الصيدلانية في الجزائر، حيث ألغت الشروط
السابقة التي كانت تلزم مستوردي الدواء للاستثمار بعد سنتين من النشاط 1، يضاف الى ذلك ، أن
السعر المرجعي الذي تحدد بفضله نسبة تعويض الضمان الاجتماعي وفقا لسعر الدواء الأقل ثمنا و هو
اجراء من شأنه تحفيز استهلاك الدواء المحلي و تقليص نفقات الضمان الاجتماعي في ذات الوقت، لا
يطبق الا على 116 دواء من مجموع 4000 . بالإضافة أيضا لمختلف العراقيل البيروقراطية التي
تواجه تسجيل الدواء المنتج محليا في حين لا تطبق على الأدوية المستوردة 2. هذا بالإضافة الى
تصريحات بعض المسؤولين يعلنون فيها عن عدم ثقتهم في المنتوج الوطني للأدوية.
هذه الوضعية جعلت الصناعة الصيدلانية الوطنية مهددة بالإفلاس و 50 مؤسسة معنية،
تشغل 12.000 عامل مهددة بالغلق.
ان وضعية أرباب العمل المنتجين بالجزائر في الوقت الحالي صعبة، فالدولة قررت
الانسحاب و التوقف عن حماية الإنتاج الوطني 3، مبررة ذلك بشروط منظمة التجارة العالمية، رغم
عدم انضمام الجزائر إليها بعد، كما أن أهم مطالب جمعيات أرباب العمل في جولات الحوار الوطني
تحسين محيط الأعمال، تشجيع الإنتاج الوطني، حل مشكل العقار الصناعي، و هي المطالب المدرجة
لم تتجسد بعد. فمثلا، ما يتعلق بإصلاح النظام المصرفي الذي لم يرى النور رغم مرور أكثر من 12
سنة من بداية تطبيق برنامج التعديل الهيكلي و المطالبة المستمرة لرجال الأعمال الجزائريين به، كذلك
2007/10/ ي، الاتحاد الوطني للمتعاملين في قطاع الصيدلة: 50 مصنعا للأدوية مهدد بالغلق.. ، الخبر، 20 *:D: اد ': 1
2 Déclaration de Mr Nabil Mellah, directeur général de Mérinal, entreprise de production pharmaceutique, dans :
l’industrie phamaceutique couve une grande crise, El Watan du 05/03/2007.
ق &Q $% ه: ب " FG ا $+ دو ? ع ا 6 & 9%:G د ا DI ف ا '! 9: K( ا 8- ل ا 4M رات 5) ا $% 'I ت و ه ا '+ ت وز D+'I 3
.2007/10/ 23 T+ ر2 درة ا '7V ة ا *+' & 2007 . '2 : 22،23 اآ :+ "، $+'@ اR# ا $%.*% ا $ $% ا
في مختلف جولات الثلاثية بين أرباب العمل و العمال و الحكومة، كمطالب أساسية لأرباب العمل، لم
تؤخذ بالاعتبار.
ففيما يتعلق بمناخ الأعمال، تحتل الجزائر آخر المراتب في تصنيفات المنظمات العالمية،
حيث انتقلت من المرتبة 123 سنة 2005 في تقرير البنك العالمي حول مناخ الأعمال، الى المرتبة
116 سنة 2006 ، لتتراجع من جديد و بشكل أسوأ سنة 2007 حيث تحصلت على المرتبة 125 من
مجموع 175 دولة ، مع ملاحظة البنك العالمي أن مسار المستثمر بالجزائر يشبه شوط المحارب،
بسبب كل العراقيل و التعقيدات البيروقراطية التي تواجهه، حيث عليه للشروع فقط في الانجاز أن يقوم
ب 14 إجراءا كل منها يستغرق قرابة الشهر.
أما عن تشجيع الإنتاج الوطني فالمثال المتعلق بصناعة الأدوية بالإضافة إلى تصريحات
العديد من أرباب العمل الجزائريين تبين العكس، خاصة في ظل السعي للانضمام للمنظمة العالمية
للتجارة و مبدئها الأساسي القائم على المعاملة الوطنية بحيث تشترط معاملة المنتجات الأجنبية
بنفس معاملة المنتوج الوطني، مما يجعله عرضة لمنافسة شرسة من طرف شركات عملاقة، في حين
أن المؤسسات الجزائرية لازالت حديثة النشأة.
مما سبق يتضح أن رجال الأعمال الصناعيين لا زالوا يعانون من تهميش السلطات
العمومية لهم حيث تم اتخاذ عدة قرارات دون استشارتهم كما أن عددا كبيرا من مطالبهم المتكررة منذ
سنوات في جولات الحوار الاجتماعي لم تتجسد على أرض الواقع.
بذلك، فوضعية رجال الأعمال الجزائريين صعبة. فالعراقيل التي تواجههم، تعتبر تهديدا لبقاء
مؤسساتهم، الأمر الذي يجعلهم يتنظمون أكثر لإيصال مطالبهم و تجسيدها فعليا، خاصة أنهم يمتلكون
الإمكانيات المادية، وأنهم كما ذكر سابقا يشغلون آلاف العمال، الذين بدؤوا يدافعون عن مؤسساتهم كما
حدث بالنسبة لعمال مؤسسة تونيك التي خرج عمالها الى الشارع للمطالبة بحل المشكل المالي الذي
كان يجمعها ببنك البدر، و هذه كلها محفزات تدفع بالصناعيين الجزائريين الى تحفيز مسار التنمية
السياسية بالمطالبة بفتح المجال السياسي و بتأسيس أكبر للتعددية الاعلامية، عن طريق تأسيس صحف
جديدة أو المساهمة في تمويل الصحف الخاصة الموجودة.
كذلك فهناك مؤشرات لتوحيد صفوف أرباب العمل الجزائريين بحيث تم منذ بضعة أسابيع
اجتماع عدد هما من جمعيات أرباب العمل و تم انشاء تنسيقية لأرباب العمل الجزائريين تضم مختلف
تنظيمات أرباب العمل و تسعى لفرض اقتراحاتها في مجال السياسية الاقتصادية أي كشريك اجتماعي
حقيقي، لا يمكن تجاوزه.
بعض الضغوطات الخارجية للإصلاح:
يضاف إلى تلك المحفزات الداخلية، الضغوطات الخارجية التي تهدف لفتح المجال
السياسي تناسبا و الانفتاح الاقتصادي. ففي ظل العولمة الاقتصادية، و تبعية الدول النامية للدول
المتقدمة في توفير المنتجات و السلع و رؤوس الأموال، تتجه هذه الدول أفأكثر نحو تحرير مبادلاتها
التجارية و فتح أسواقها الداخلية أمام واردات الدول المتقدمة التي تبحث عن أسواق جديدة لتصريف
منتجاتها وإنعاش نشاطاتها .
و تأتي اتفاقية الشراكة بين الجزائر و الاتحاد الأوروبي و التي دخلت حيز التنفيذ منذ
سبتمبر 2005 في هذا الإطار. حيث يتمثل جوهر الاتفاقية في تحرير المبادلات التجارية باتجاه تكوين
منطقة تبادل حر أفق 2017 ، بين الجزائر من جهة و دول الاتحاد الأوروبي ال 25 من جهة أخرى.
غير أن هذه الاتفاقية لم تقتصر على الجانب الاقتصادي، بل تتضمن أيضا جانبا سياسيا،
تركز من خلاله أساسا على ضرورة احترام المبادئ الديمقراطية و الحريات السياسية، و هذا ما نصت
عليه الاتفاقية في ديباجتها حيث أكدت على أن تكون الشراكة من وسائل تكريس الديمقراطية و
. الحريات السياسية و الدفاع عن حقوق الإنسان 1
كما يتجلى ذلك من خلال عدة مشاريع أورومتوسطية تقدمت بها و تدفع بهذا
الاتجاه، من بينها:
الذي يتضمن تقديم مساعدات : MEDA Democratie : - مشروع ميدا للديمقراطية
تقدر ب 10 مليون أورو سنويا لصالح تنظيم ملتقيات و دروس حول حقوق الانسان في المدارس ، و
تكوين ضباط الشرطة و القضاة و المحامين بغية بناء ثقافة احترام حقوق الانسان بالدول النامية
المتوسطية.
la politique européenne de bon : - السياسة الأوروبية لحسن الجوار
و هو مشروع اوروبي لسنة 2004 موجه أساسا لدول المغرب : voisinage
1 - Accord d’association Algérie-Union européenne ; préambule.2001
العربي و يتضمن تقديم مساعدات مالية هامة، ينبغي مقابل الحصول عليها قيام
الدولة المعنية باجراءات واضحة في مجال تكريس الديمقراطية و حماية الحريات و
حقوق الانسان، مع التأكيد على ضرورة مراقبة المجموعة الأوروبية لمدى تطبيق
تلك الاجراءات.
ان هدف الدول المتقدمة بصفة عامة من اشتراطها فتح المجال السياسي و الدفاع عن
الديمقراطية و حقوق الانسان، هو محاولة ضمان حد أقصى من الاستقرار السياسي بتلك البلدان بشكل
يسمح لها بممارسة نشاطاتها الاقتصادية و الاستثمار بتلك البلدان فيظروف هادئة و مواتية و دون أن
تكون مصالحهم مهددة .
و نظرا لحاجة الدول النامية و تبعيتها اقتصاديا لهذه الدول، ستكون مجبرة على السعي
لتحقيق شروط الدول المتقدمة و لو شكليا في مرحلة أولى. فمثلا ، تمثل المبادلات التجارية بين
الجزائر و الاتحاد الأوروبي حوالي 70 % من التجارة الخارجية الجزائرية ، بمعنى أن معظم واردات
الجزائر تأتي من الاتحاد الأوروبي كما أن معظم صادراتها تتوجه الى دول الاتحاد الأوروبي. في
حين أن التعاملات التجارية للاتحاد الأوروبي مع الجزائر لا تتجاوز 3% من مجموع مبادلاته
التجارية. و هذا دليل على مدى تبعية الجزائر للاتحاد الذي يفرض عليها شروطه، و التي من بينها
الاسراع في الاصلاحات السياسية.
من كل ما سبق يتوضح أن الانفتاح الاقتصادي في الجزائر، لابد و أن يؤثر على مسار
و وتيرة الاصلاحات السياسية، باتجاه الدفع للاسراع في فتح مجال المشاركة السياسية وتكريس حرية
التعبير، فمواصلة الانغلاق السياسي سينجر عنها أزمات سياسية تهدد استقرار النظام السياسي داخليا،
كما أنها قد تؤدي الى عماوالته خارجيا في مرحلة تتميز بدرجة كبيرة من التبعية الاقتصادية للخارج.
المراجع المستعملة:
. -1 التقارير الدورية للمجلس الوطني الاقتصادي و الاجتماعي منذ 1994 الى 2002
www.ons.dz : -2 نشريات الديوان الوطني للاحصائيات و موقعه على شبكة الانترنت
-3 نشريات دورية للصندوق الوطني للتأمين على البطالة
.( -4 جريدة الخبر، عدة أعداد ( منذ أفريل 2004 الى أكتوبر 2005
L’accord d’association
الأحد نوفمبر 27, 2022 9:16 pm من طرف Faizafazo
» برنامج احترافي في تنقيط التلاميذ تربية بدنية ورياضية وكل ما يحتاجه استاذ التربية البدنية والرياضية في المتوسط
الأحد يونيو 27, 2021 7:33 pm من طرف تمرت
» مفاهيم عامة .الاعلام و الاتصال
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:51 am من طرف المشرف العام
» نظريات الاعلام وحرية الصحافة و علاقة الصحافة بالسلطة
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:50 am من طرف المشرف العام
» نشأة وتطور الصحافة في العالم و الوطن العربي
الجمعة يناير 15, 2021 11:48 am من طرف المشرف العام
» ترحيب و تعارف
السبت يونيو 13, 2020 10:39 pm من طرف صقر السردي
» كتب تاريخ الجزائر في القديم والحديث
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الثورة الجزائرية ،"ثورة المليون و نصف المليون شهيد"
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الادارة وتعريفها
السبت مايو 16, 2020 3:28 pm من طرف المشرف العام
» مقياس :تاريخ وسائل الاعلام
السبت مايو 16, 2020 2:57 pm من طرف المشرف العام