- اتجاهات الإدارة المعاصرة جعلت الممارسة الادارية الحديثة منقطعة الصلة مع الاداء الاداري للسنوات القليلة الماضية
عبد الرحمن تيشوري
شهادة عليا بالادارة
أنتجت تقنيات المعلومات والاتصالات وتطبيقاتها المتطورة والمتجددة خلال السنوات القليلة الماضية واقعاً إدارياً مختلفاً تماماً تبدو أهم مظاهره في سقوط الكثير من المفاهيم والمنظومات الفكرية التي كانت تعتمد عليها الممارسة الإدارية وبدرجات ملحوظة من النجاح في العصر السابق على عصر المعرفة والمعلومات والاتصالات ، وتحققت بذلك نقلة فكرية نوعية مما جعل الممارسة الإدارية المعاصرة تكاد تكون منقطعة الصلة بما كان عليه الفكر والأداء الإداري منذ سنوات قليلة مضت .
وتعتبر النقلة الهائلة في تقنيات المعلومات والاتصالات المستندة على تقنية الحاسب الآلي والتقنية الإلكترونية هي الأساس في إحداث هذا التغيير الذي شمل محاور البناء الإداري من مفاهيم وفلسفة الإدارة والنماذج والأسس الفكرية المستندة إليها ، والهياكل التنظيمية وأنماط العلاقات وآليات العمل الإداري ، وعلاقات المنظمات بالمناخ المحيط وطبيعة التفاعل بينهما ، وكذلك هيكل الموارد البشرية العاملة في الحقول الإدارية وخصائصها وأدوارها الجديدة .
ويتمثل الفكر الإداري المعاصر في مجموعة جديدة من الأفكار والمفاهيم تشكل إطاراً فكرياً متكاملاً مما لا يستقيم معه الأخذ ببعضها دون البعض الآخر . وتلك المنظومة الفكرية ليست ثابتة أو نهائية ، بل هي في حالة مستمرة من التطور والتغيير ، كما أنها ليست جميعاً مؤكدة الفائدة والتميز، فبعض أفكار الإدارة الجديدة تتميز بإيجابيات واضحة بينما يعاني بعضها الآخر من سلبيات ، وهي قد تصلح لبعض المواقع بدرجات أكبر من غيرها حيث لا تتوفر مقومات التطبيق لكافة المنظمات بنفس الدرجة .
وبغض النظر عن الجدوى الذاتية لبعض تلك المفاهيم الإدارية ، إلا أنها في مجملها تشكل إطاراً فكرياً متناسقاً يتلاءم مع أوضاع نظم الأعمال الجديدة القائمة وبدرجة غير مسبوقة على الاستخدام المكثف لتقنيات المعلومات والاتصالات وتطبيقاتهما التي شملت كافة مجالات العمل ، مما لا يستقيم معه إعمال مفاهيم ونماذج إدارية لا تتماشى مع تلك التقنيات .
ومن بين مفاهيم الإدارة الجديدة التي ترسخت بتأثير تقنيات المعلومات والاتصالات :
- استيعاب تقنيات المعلومات .
تحتل تقنية المعلومات موقعاً مهماً في الفكر الإداري المعاصر الذي أدرك قدرتها على التغلغل في كافة مجالات العمل التنظيمي ، فهي بالنسبة للإدارة المعاصرة تمثل مصدر للقوة كما كانت الآلة البخارية سابقاً وتأكيداً لهذا التطور الفكري للإدارة فقد تطورت منهجية " الإدارة بالمعلومات " التي تتمثل فيما يلي:
- التعامل مع المعلومات باعتبارها أحد أهم المدخلات [ أي الموارد] للمنظمة الحديثة ، وهي عنصر رئيس في جميع الأنشطة التي تقوم بها المنظمة ومحرك أساس لعملياتها ، وأحد أبرز المخرجات التي تحقق لها عوائد اقتصادية( واجتماعية وسياسية) هائلة ، لذلك يصبح تصميم وتشغيل نظم المعلومات الإدارية المتكاملة ركيزة إستراتيجية للإدارة تساعدها على مواجهة المناِخ المتقلب ، واستثمار وتفعيل الطاقات المتاحة لتحقيق وتنمية قدرات تنافسية عالية .
- استخدام تدفقات المعلومات أساساً لبناء الهياكل التنظيمية و تنسيق علاقات العمل في المنظمات المعاصرة ، بدلاً عن التخصص الوظيفي كما كان الحال في المنظمات التقليدية .
- استخدام آليات وأدوات معلوماتية واتصالية مبتكرة تزيد ارتباط العاملين واتصالهم ببعض وكذا تحقق تواصلهم مع العملاء والموردين وغيرهم من أصحاب المصلحة .
- تطبيق أساليب في العمليات التنظيمية المختلفة تستثمر إمكانيات تقنيات المعلومات والاتصالات في تقليص أثر اختلاف الوقت وتباعد المسافات ، وتحقيق مزيداً من الترابط بين أجزاء المنظمة ، وبينها وبين عملاءها والمتعاملين معها ، وتنمية وتنشيط ذاكرة المنظمة وقدراتها المعرفية .
- تطوير أنماط جديدة من الهياكل التنظيمية تقوم على تخفيض عدد المستويات التنظيمية وتعتمد على تدفق المعلومات عبر العمليات المختلفة أساساً لتصميم الهيكل التنظيمي المستند إلى المعلومات كما تتسم تلك الأنماط التنظيمية الجديدة بالحركية والانفتاح والاعتماد على الشبكات التي تربط فرق العمل ، وتتمتع بمميزات الآنية في التعرف على المعلومات ومتابعة الأداء وتقييم الإنجازات لحظياً وفي الوقت الحقيقي .
- تطوير أعمال التخطيط والرقابة والتنسيق واتخاذ القرارات باستثمار تدفق المعلومات والترابط بين عناصر المنظمة ، والتحول بدرجات كبيرة إلى نماذج اللامركزية وتفويض السلطة في اتخاذ القرارات .
- تخفيض حجم الجهاز الإداري باختصار كثير من الوظائف التقليدية وتخفيض أعداد العاملين حيث تندمج تلك الوظائف والمعاملات من خلال قواعد المعلومات المشتركة وآليات الاتصال وتبادل المعلومات الحديثة ويمس هذا التقليص بالأساس فئة الإدارة الوسطى في اعتماداً على التواصل المباشر بين المنفذين والقيادات الإشرافية دون واسطة بفضل تقنيات المعلومات والاتصالات والتي تحقق أيضاً توسيع وتنويع وتنشيط قنوات الاتصال ، وابتكار أساليب جديدة في الاتصالات الإدارية تتخلص من قيود الزمان والمكان .
- الالتجاء إلى أساليب البيع والتسويق بالتعامل المباشر مع العملاء والتخلص من الوسطاء وكذا التعامل مع الموردين وإدارة سلسلة التوريد على أساس الترابط المعلوماتي .
- إنشاء علاقات إلكترونية بين أجزاء المنظمة المختصة بالإنتاج و تلك المختصة بالتسويق بما يسمح بتحقيق مستوى المخزون الصفري .
- تطبيق نظم الهندسة الموازية في أنشطة التصميم والإنتاج وإدارة المشروعات .
- استيعاب التقنيات الجديدة والمتجددة
يتبنى الفكر الإداري المعاصر مفهوم " إدارة التقنية" ، حيث تتعدد صور التقنية الجديدة ذات التأثير في عمليات الإنتاج والتوزيع وغيرها من أنشطة المنظمات ، كما تتسارع عمليات التطوير والتجديد التقني ذاتها بفضل الاستثمارات المتزايدة التي تضخها الإدارة المعاصرة في عمليات البحوث والتطوير الأمر الذي يجعل " إدارة التقنية " تأتي في مقدمة اهتمامات الإدارة المعاصرة وتتمثل في شكل منظومة متكاملة لتخطيط وتوظيف وصيانة وتجديد وتطوير التقنية وما يرتبط بها من معلومات وبرمجيات ومتطلبات مادية وقدرات ومهارات بشرية .
ويستوعب الفكر الإداري المعاصر تأثيرات التقنية الجديدة في عمل المنظمات والإدارة ويستثمرها في خلق تيارات مستمرة ومتدفقة من المنتجات الجديدة ، وابتكار خامات ومواد جديدة مصنعة عالية الجودة جديدة الثمن وفيرة العرض . كذلك يتبنى الفكر الإداري المعاصر الدور المهم للتقنيات الجديدة والمتجددة في ابتكار وتطوير وسائل وآليات ونظم للإنتاج تتسم بالسرعة والمرونة ووفرة الإنتاج وارتفاع الجودة ، مما يتيح فرصاً وإمكانيات غير مسبوقة في تنويع الإنتاج وتطوير خطوط المنتجات وإدخال التنويعات اللانهائية في مواصفات السلع والخدمات التي تتقدم بها للسوق في أوقات قياسية وأسعار منخفضة يتوالى انخفاضها مع الارتفاع المتواصل في كفاءة و إنتاجية نظم الإنتاج الجديدة .
ويستهدف فكر " إدارة التقنية " الاختيار الواعي للتقنيات المناسبة وتشكيل الحزمة التقنية المتناسقة واستخدامها وتوظيفها بكفاءة ومرونة بما يحقق أعلى قيمة مضافة . وتتبنى منظومة الفكر الإداري المعاصر فكرة الاستجابة للطلبات الخاصة للعملاء والتمتع بمزايا الإنتاج الكبير في ذات الوقت ، والمعنى أن الإدارة الجديدة تتعامل بمنطق التقنية الحديثة المتحررة من قيود الزمان والمكان وتباعد المسافات ، وقيود نظم الإنتاج التقليدية .
وبذلك يؤكد الفكر الإداري المعاصر أن " إدارة التقنية " تتعدى مجرد شراء أو نقل التقنية ، بل هي تتضمن عمليات مهمة و مكملة هي" تطبيع التقنية "أي تحقيق التوافق بينها بين باقي عناصر المنظومة الإنتاجية ، " تطوير التقنية" أي التجديد والإضافة والتنمية بالتحسين والرفع ، و" تعميق التقنية " أي استخدام كافة إمكانيات وقدرات التقنية المتاحة إلى الحد الأقصى وتجنب بقاء أجزاء منها معطلة، ثم" تخليق التقنية" أي إنتاج تقنية جديدة تماماً بالابتكار والاختراع .
كذلك يؤكد هذا الفكر الإداري المتجدد الأهمية القصوى للعناية بالمورد البشري وتوفير الفرص لإطلاق طاقاته الفكرية وقدراته الذهنية للابتكار والتطوير والاستخدام الأكفأ للتقنية والمحافظة على توازن تشكيلة المنتجات والعمليات والتقنيات . إن الاختيار الكفء للموارد البشرية في مجالات الإنتاج وتوفير الاستشارات المستمر والتمكين المتناسب مع المسئوليات المسندة إليها والنتائج المستهدفة من وراء استخدامها هي الضمانات الأساسية لتحقيق أهداف " إدارة التقنية" و تطبيق مفاهيمها وأساليبها .
- التحول إلى التسويق والمعاملات الإلكترونية
ينطلق الفكر الإداري المعاصر من حقيقة أساسية أن نشأة المنظمات واستمرارها ونموها وكذلك اضمحلالها وانهيارها وفنائها إنما تتحدد جميعاً بفعل قوى السوق ، فالإدارة الجديدة تبدأ من السوق و تنتهي بالسوق ، ومن ثم يكون الهدف الرئيسي للإدارة أن تؤمن لنفسها مركزاً تنافسياً في السوق من خلال تقديم منتجات أو خدمات للعملاء ترضي رغباتهم و تتفوق على منافسيها . كذلك تمثل معايير الطلب والعرض وقوى المنافسة وظروف السوق المؤشرات الأساسية للتخطيط وبناء برامج العمل في منظمة الأعمال الجديدة .
ولقد ساعدت تقنيات المعلومات والاتصالات على التطور السريع في إمكانيات التعامل المباشر بين المنظمة وعملاءها ، وبينها وبين المتعاملين معها من موردين وموزعين ووكلاء وغيرهم من عناصر سلسلة التوريد . وأصبح النمط الأكثر انتشاراً هو التعامل الإلكتروني عبر شبكة الإنترنت وكذا من خلال شبكات الإنترانت ومختلف وسائل التشبيك التي تربط المنظمة بحلفائها وأعضاء حلقات التوريد الخاصة بها .
وقد نما في السنوات الأخيرة التوجه نحو إحلال النظم الآلية في التعامل محل العمل البشري التقليدي وخاصة في مجالات إنتاج الخدمات التعليمية والاستشارية والعلاجية والترفيهية وغيرها حيث أصبح التعامل عبر الإنترنت هو الوسيلة الأكفأ والأرخص والأسرع – خاصة مع تقدم وسائل تأمين المعاملات .
وقد كان لهذا التحول نحو التعامل الإلكتروني آثاره الواضحة على هياكل المنظمات وتكوين الموارد البشرية بها وتطور تشكيل أصولها حيث تزيد الآن أهمية الأصول الفكرية غير الملموسة عن الأصول المادية الملموسة في تكوين استثمارات المنظمات المعاصرة ومن ثم في تحديد قيمتها السوقية .
- تعميق وتطوير مفاهيم المنافسة
كان لتقنية المعلومات والاتصالات تأثيرها الواضح في تطوير مفهوم المنافسة وأساليب معالجة الإدارة لقضاياها حيث يصبح في مقدورها الآن التعامل بإيجابية مع القوى التنافسية من خلال الرصد المستمر والواعي لمصادرها الحالية والمحتملة ، والإعداد الحاسم والشامل لمواجهتها . كما تدرك الإدارة الآن صعوبة اللعبة التنافسية الجديدة نتيجة التغيرات الهائلة التي أصابت الأسواق ونظام الأعمال الدولي حيث انفتحت الأسواق وانهارت الحواجز بينها وتحولت إلى أسواق إلكترونية تسيطر عليها التقنية المتقدمة وتحقق الآنية في المعاملات والوصول الكامل إلى كل أنحاء العالم طالما كان مرتبطاً بالشبكة العالمية الإنترنت ، وكذلك نتيجة اختفاء أو تضاؤل أشكال الحماية الحكومية التي ارتاحت لها المنظمات في كثير من دول العالم لفترات طويلة . فتقنية المعلومات والاتصالات إذ تساعد المنظمة على تطوي قدراتها التنافسية ، فهي تؤدي نفس الوظيفة للمنافسين ، ومن ثم فإن إدارة المنافسة تصبح الأداة الرئيسية للتعامل .
- حشد واستثمار كل الطاقات
تتيح تقنيات المعلومات والاتصالات للمنظمات المعاصرة إمكانيات مهمة لحشد وتنسيق مختلف الموارد المتاحة لها بدرجة أكبر من الدقة والآنية ، الأمر الذي يحقق التكامل والتفاعل بين مختلف الموارد المادية والبشرية والمعلوماتية ويؤدي إلى مستويات أفضل من الأداء والإنجازات المتميزة . كما يتحقق من هذا التفاعل والتكامل تنمية كل مورد إلى أقصى مستويات الفاعلية والإنتاجية .
وتساعد تقنيات المعلومات والاتصالات في تيسير الرصد المستمر لحالات الموارد والطاقات والقدرات المتاحة للمنظمة ومدى استخدامها ، الأمر الذي يساعد في التخطيط لتجميعها وتنسيقها بما يحقق أقصى قدر من الإنجاز والمنافسة .
- إدارة الوقت باعتباره مورد رئيسي
يلعب الوقت دوراً جديداً ومؤثراً في منظومة الفكر الإداري الجديد حيث تكرس تقنيات المعلومات والاتصالات نظم العمل وأساليبه التي تتعامل في الوقت الحقيقي ومن ثم تقلل إلى حد بعيد تبديد الوقت وهو أغلى الموارد وأعلاها تكلفة حيث ينضب ولا يتجدد أبداً عكس أغلب الموارد التي تتعامل معها الإدارة .
وبذلك فقد تغير مفهوم " إدارة الوقت " إلى مفهوم الإدارة المستندة إلى الوقت حيث تعد مهمتها مجرد جدولة العمل في أوقات معينة وتوزيع الوقت بين الاهتمامات المختلفة للمدير، بل أصبحت الاستثمار المخطط للوقت بأبعاده الثلاثة - الماضي والحاضر والمستقبل - بأعلى كفاءة ممكنة وفي مجالات التوظيف التي تحقق أعلى قيمة مضافة وتخلق المنافع والقيم . وبذلك يكون منطق الإدارة المعاصرة هو العمل في الوقت بمعنى حين يكون الأداء مطلوباً وليس قبل أو بعد ذلك .
- النموذج التطبيقي للإدارة المستندة إلى الوقت
باعتبار الوقت المحرك الأساسي للنشاط تم تطوير تقنيات واستحداث أنماط وتهيئة الأفراد للتوافق مع الفرص التي يتيحها الوقت للإدارة ، من ذلك الأمثلة التالية :
- إتباع نظم العمل على مدار الساعة في كثير من المواقع الإنتاجية ومراكز تقديم الخدمات للعملاء .
- إتباع نظم العمل المتزامن حيث تتم أنشطة متعددة في نفس الوقت والتنسيق بينها من خلال تبادل المعلومات آنياً باستثمار تقنيات المعلومات والاتصالات الحديثة .
- تركيز الجهود لتقصير فترة تصميم وتطوير السلع والخدمات الجديدة وجعل الفترة بين الإنتاج والوصول للعملاء في السوق أقل ما يمكن .
- تطوير تقنيات التخطيط بأسلوب السيناريوهات التي تتعامل مع الزمن وترصد المتغيرات الفعلية لتوفيق أنشطة المنظمة حسب السيناريو الأكثر احتمالاً .
- تطوير نظم وآليات تخطيط موارد المشروع تربط كافة محاور العمل في المنظمة في قاعدة معلومات مركزية مشتركة بحيث يتم تعديل جميع المحاور آنياً مع كل تطور في أي منها .
- تطوير التنظيمات الهيكلية وأسس توزيع الصلاحيات واتخاذ القرارات لتقصير الفجوة الزمنية بين اتخاذ القرار وتنفيذه من ناحية ، وتقريب الوقت إلى أقرب حد ممكن بين تلقي طلب العميل والاستجابة له .
- تطوير النظم والعمليات المساعدة على الوصول إلى مستوى الزمن الصفري من خلال :
- توفير السلع والخدمات ذات القيمة للعملاء فور طلبهم لها وبما يحقق لهم المنافع المستهدفة فوراً .
- التعلم الفوري والاستفادة الفورية بالمعلومات والخبرات التي تتحقق للمنظمة وأفرادها وتلك التي تحدث في المناخ المحيط .
- التكيف والتوافق الفوري مع المتغيرات وتعديل مواقف الإدارة وهيكلية المنظمة بسرعة .
- التنفيذ الفوري لما يتم تخطيطه من عمليات وإجراءات تهدف لتحقيق رغبات العملاء وتطبيق استراتيجيات المنظمة .
- الإدماج الفوري للموردين وشركاء سلسلة التوريد في عمليات المنظمة وربطهم بأهدافها واستراتيجياتها
نبذ التتابع والأخذ بأسلوب العمل المتزامن بمعنى أن تتم أعمال وأنشطة مختلفة ومتكاملة في نفس الوقت . ويضيف إلى أهمية الأخذ بأسلوب التزامن ما طرأ من متغيرات جعلت المنافسة على الوقت وضرورة السبق في الوصول إلى الأسواق بالجديد من منتجات البحوث والتطوير . ويحقق التزامن في العمليات تفوقاً ملحوظاً في بتخفيض الوقت المستغرق في العمليات ومنع فترات الانتظار أو الحد منها .
- استثمار رأس المال الفكري
بينت إمكانيات تقنيات المعلومات والاتصالات وما تتيحه للمنظمات من فرص حجم التحدي الذي يواجه الإدارة المعاصرة في سعيها لاستثمار تلك الطاقات المعلوماتية والاتصالية من أجل تعظيم فرص تحقيق أهداف وغايات المنظمة .
وقد تأكدت الإدارة أن المورد البشري هو سبيلها لتحقيق تلك الغاية باعتباره في الأساس قدرة عقلية وإمكانيات فكرية ومصدر للمعلومات والأفكار والابتكارات لا بد من استثماره وتوظيفه في إدارة المعلومات أو "الإدارة بالمعلومات".
ونتيجة الاهتمام المتزايد باستغلال وتوظيف التقنيات الجديدة في تنمية القدرات التنافسية للمنظمات ، كان لا بد للإدارة من إعادة صياغة علاقاتها بالمورد البشري ، ومن ثم تم الكشف عن مفاهيم جديدة تتناسب وعصر المعلومات والاتصالات ومنها " رأس المال الفكري" و " رأس المال البشري" و" عمال المعرفة " و" إدارة المواهب " وكلها تركز على القيمة الخاصة بفكر البشر وقدراتهم الذهنية وإمكانياتهم في التعامل مع المشكلات واتخاذ القرارات ، ومن ثم يصبح تفعيل نظم المعلومات ودعم اتخاذ القرار من أسس الإدارة الحديثة .
وتحقيقاً للاستثمار الأحسن للطاقات الذهنية والقدرات الفكرية للمورد البشري تتبنى الإدارة المعاصرة منهجية جديدة تقوم على المفاهيم التالية :
- المورد البشري قادر وراغب في المشاركة الفاعلة لحل مشكلات العمل وتطويره و تحمل مسئولياته مما يرتب أهمية فتح مجالات المشاركة وقنوات الاتصال لاستثمار تلك الطاقات .
- أهمية تكامل عمليات إعداد وإدارة وتنمية الموارد البشرية في منظومة متجانسة تعكس الاهتمامات الإستراتيجية لمنظمة الأعمال ومتطلبات تطويرها .
- أهمية التزام جميع عمليات إدارة الموارد البشرية بقواعد ومعايير إدارة الجودة الشاملة .
- ضرورة تصميم إستراتيجية لإعداد وإدارة وتنمية الموارد البشرية وإدماجها في الإستراتيجية العامة
- ضرورة تطبيق مفاهيم و أساليب " إدارة الأداء " بما تتضمنه من تحديد أهداف الأداء للفرد أو لجماعة العمل ، وتوفير متطلبات ومستلزمات الأداء ، ثم المتابعة والتقييم والمحاسبة على النتائج و الإنجاز
- أهمية وجدوى الاستثمار في زيادة الرصيد المعرفي للموارد البشرية واستثماره في تطوير الأداء .
- أفضلية تعميق وتكثيف اهتمام القيادات الإدارية العليا بقضايا تنمية الموارد البشرية ورفع المستوى التنظيمي والإداري للمسئولين عنها .
- التركيز في المجالات ذات القيمة المضافة الأعلى . تتجه الإدارة المعاصرة إلى التركيز على الأنشطة ذات القيمة المضافة الأعلى وذلك لترشيد استثمار مواردها بما يعود بأعلى العوائد ، وتلجأ الإدارة إلى التخلص من الأنشطة الأقل في القيمة المضافة وتعهد بها إلى منظمات أخرى . وتتركز الأنشطة الأعلى قيمة مضافة في الأنشطة المعرفية ذات المحتوى ، ومن أمثلتها ما يلي :
- أعمال البحوث والدراسات وإعداد النظم والبرمجيات .
- أنشطة التطوير التقني بتطبيق آليات البحث والتطوير .
- أعمال التسويق والترويج والمبيعات وعلاقات العملاء .
- أنشطة الاستشارات المالية ، القانونية ، الإدارية .
- أعمال التخطيط الاستراتيجي ، المتابعة وتقييم الأداء .
- أعمال التصميم ، ضبط الجودة ، وتطوير المنتجات .
ويلاحظ أن ما يساعد المنظمة في التخلص من الأنشطة الأقل قيمة مضافة هو توفر تقنيات المعلومات والاتصالات التي تجعلها على صلة مباشرة بالجهات التي يتم إسناد تلك الأنشطة إليها ، ومن يتحقق لها السيطرة عليها وكأنها لا تزال تباشرها بذاتها . ومن الأمثلة الشائعة الآن اتجاه كثير من المنظمات إلى التخلص من عمليات إدخال البيانات وإسنادها إلى مؤسسات متخصصة .
- الاتجاه نحو اللامركزية
يميل الفكر الإداري المعاصر لتبني نمط الإدارة اللامركزية للأسباب التالية :
- مواجهة متطلبات انتشار منظمات الأعمال في مختلف الأسواق لمواكبة المنافسة واستثمار الفرص الناشئة عن العولمة واتساع الأسواق .
- مقابلة متطلبات التنويع في مجالات النشاط لاستثمار الموارد المتاحة وإرضاء العملاء وتقديم تشكيلات متنوعة من المنتجات والخدمات وأيضاً مواجهة المنافسين .
- حتمية توفير المرونة في اتخاذ القرار وسرعة الاستجابة إلى طلبات العملاء والتعامل مع شكاواهم ، وتلك جميعاً من المتطلبات الأساسية للنجاح في المنافسة السوقية .
- استثمار ما تتيحه التطورات في تقنيات المعلومات والاتصالات من إمكانيات لا محدودة لنقل وتبادل المعلومات وتحقيق التواصل المستمر بين عناصر المنظمات في جميع أنحاء العالم وبشكل آني .
- الاستفادة من طاقات وخبرات الهياكل البشرية من ذوي المعرفة ، حيث لا يعود هناك مبرر لإتباع النمط المركزي في الإدارة الذي يحصر كافة الصلاحيات وعمليات اتخاذ القرار في قمة التنظيم .
- التوجه نحو تطبيق عمليات إعادة الهندسة وما يترتب عليها من تخفيض أعداد العاملين تأثير في دعم الاتجاه نحو اللامركزية .
- الأنماط التنظيمية الجديدة المحابية للامركزية
تبلور الاتجاه نحو اللامركزية في أنماط تنظيمية جديدة منها :
- تقسيم المنظمة إلى عدد من الوحدات شبه المستقلة يطلق عليها " وحدات الأعمال الإستراتيجية" ) تختص كل منها بقطاع أو مجال من العمل ويكون للإدارة القائمة عليها حرية الحركة وحق اتخاذ القرار)
- التوسع في تكوين " فرق العمل ذاتية الإدارة "- والتي تتمتع بسلطات واسعة في إنجاز ما يعهد إليها به من مهام .
- انتشار مفهوم " التمكين " ليدل على نمط تنظيمي يوفر للفرد القائم بالعمل مجال واسع من الصلاحية وحرية التصرف واتخاذ القرارات المناسبة لإنجاز المهام التي يختص بها ، وتكون المحاسبة والمساءلة في جميع تلك الأنماط على أساس النتائج .
- تخفيض عدد المستويات التنظيمية وتوسيع نطاق الإشراف والرقابة اعتماداً على الكفاءة الأعلى للعاملين ذوي المعرفة ، والقدرات القيادية الأفضل للقادة الإداريين الجدد الذين يديرون بمنطق التوجيه من بعد والمحاسبة على النتائج .
- تصميم الهياكل التنظيمية المرنة والتي تتكيف مع تغير الظروف ، وفي جميع الأحوال يكون الهيكل التنظيمي أكثر تفلطحاً ( نتيجة توسيع نطاق الصلاحية واللامركزية ) .
عبد الرحمن تيشوري
شهادة عليا بالادارة
أنتجت تقنيات المعلومات والاتصالات وتطبيقاتها المتطورة والمتجددة خلال السنوات القليلة الماضية واقعاً إدارياً مختلفاً تماماً تبدو أهم مظاهره في سقوط الكثير من المفاهيم والمنظومات الفكرية التي كانت تعتمد عليها الممارسة الإدارية وبدرجات ملحوظة من النجاح في العصر السابق على عصر المعرفة والمعلومات والاتصالات ، وتحققت بذلك نقلة فكرية نوعية مما جعل الممارسة الإدارية المعاصرة تكاد تكون منقطعة الصلة بما كان عليه الفكر والأداء الإداري منذ سنوات قليلة مضت .
وتعتبر النقلة الهائلة في تقنيات المعلومات والاتصالات المستندة على تقنية الحاسب الآلي والتقنية الإلكترونية هي الأساس في إحداث هذا التغيير الذي شمل محاور البناء الإداري من مفاهيم وفلسفة الإدارة والنماذج والأسس الفكرية المستندة إليها ، والهياكل التنظيمية وأنماط العلاقات وآليات العمل الإداري ، وعلاقات المنظمات بالمناخ المحيط وطبيعة التفاعل بينهما ، وكذلك هيكل الموارد البشرية العاملة في الحقول الإدارية وخصائصها وأدوارها الجديدة .
ويتمثل الفكر الإداري المعاصر في مجموعة جديدة من الأفكار والمفاهيم تشكل إطاراً فكرياً متكاملاً مما لا يستقيم معه الأخذ ببعضها دون البعض الآخر . وتلك المنظومة الفكرية ليست ثابتة أو نهائية ، بل هي في حالة مستمرة من التطور والتغيير ، كما أنها ليست جميعاً مؤكدة الفائدة والتميز، فبعض أفكار الإدارة الجديدة تتميز بإيجابيات واضحة بينما يعاني بعضها الآخر من سلبيات ، وهي قد تصلح لبعض المواقع بدرجات أكبر من غيرها حيث لا تتوفر مقومات التطبيق لكافة المنظمات بنفس الدرجة .
وبغض النظر عن الجدوى الذاتية لبعض تلك المفاهيم الإدارية ، إلا أنها في مجملها تشكل إطاراً فكرياً متناسقاً يتلاءم مع أوضاع نظم الأعمال الجديدة القائمة وبدرجة غير مسبوقة على الاستخدام المكثف لتقنيات المعلومات والاتصالات وتطبيقاتهما التي شملت كافة مجالات العمل ، مما لا يستقيم معه إعمال مفاهيم ونماذج إدارية لا تتماشى مع تلك التقنيات .
ومن بين مفاهيم الإدارة الجديدة التي ترسخت بتأثير تقنيات المعلومات والاتصالات :
- استيعاب تقنيات المعلومات .
تحتل تقنية المعلومات موقعاً مهماً في الفكر الإداري المعاصر الذي أدرك قدرتها على التغلغل في كافة مجالات العمل التنظيمي ، فهي بالنسبة للإدارة المعاصرة تمثل مصدر للقوة كما كانت الآلة البخارية سابقاً وتأكيداً لهذا التطور الفكري للإدارة فقد تطورت منهجية " الإدارة بالمعلومات " التي تتمثل فيما يلي:
- التعامل مع المعلومات باعتبارها أحد أهم المدخلات [ أي الموارد] للمنظمة الحديثة ، وهي عنصر رئيس في جميع الأنشطة التي تقوم بها المنظمة ومحرك أساس لعملياتها ، وأحد أبرز المخرجات التي تحقق لها عوائد اقتصادية( واجتماعية وسياسية) هائلة ، لذلك يصبح تصميم وتشغيل نظم المعلومات الإدارية المتكاملة ركيزة إستراتيجية للإدارة تساعدها على مواجهة المناِخ المتقلب ، واستثمار وتفعيل الطاقات المتاحة لتحقيق وتنمية قدرات تنافسية عالية .
- استخدام تدفقات المعلومات أساساً لبناء الهياكل التنظيمية و تنسيق علاقات العمل في المنظمات المعاصرة ، بدلاً عن التخصص الوظيفي كما كان الحال في المنظمات التقليدية .
- استخدام آليات وأدوات معلوماتية واتصالية مبتكرة تزيد ارتباط العاملين واتصالهم ببعض وكذا تحقق تواصلهم مع العملاء والموردين وغيرهم من أصحاب المصلحة .
- تطبيق أساليب في العمليات التنظيمية المختلفة تستثمر إمكانيات تقنيات المعلومات والاتصالات في تقليص أثر اختلاف الوقت وتباعد المسافات ، وتحقيق مزيداً من الترابط بين أجزاء المنظمة ، وبينها وبين عملاءها والمتعاملين معها ، وتنمية وتنشيط ذاكرة المنظمة وقدراتها المعرفية .
- تطوير أنماط جديدة من الهياكل التنظيمية تقوم على تخفيض عدد المستويات التنظيمية وتعتمد على تدفق المعلومات عبر العمليات المختلفة أساساً لتصميم الهيكل التنظيمي المستند إلى المعلومات كما تتسم تلك الأنماط التنظيمية الجديدة بالحركية والانفتاح والاعتماد على الشبكات التي تربط فرق العمل ، وتتمتع بمميزات الآنية في التعرف على المعلومات ومتابعة الأداء وتقييم الإنجازات لحظياً وفي الوقت الحقيقي .
- تطوير أعمال التخطيط والرقابة والتنسيق واتخاذ القرارات باستثمار تدفق المعلومات والترابط بين عناصر المنظمة ، والتحول بدرجات كبيرة إلى نماذج اللامركزية وتفويض السلطة في اتخاذ القرارات .
- تخفيض حجم الجهاز الإداري باختصار كثير من الوظائف التقليدية وتخفيض أعداد العاملين حيث تندمج تلك الوظائف والمعاملات من خلال قواعد المعلومات المشتركة وآليات الاتصال وتبادل المعلومات الحديثة ويمس هذا التقليص بالأساس فئة الإدارة الوسطى في اعتماداً على التواصل المباشر بين المنفذين والقيادات الإشرافية دون واسطة بفضل تقنيات المعلومات والاتصالات والتي تحقق أيضاً توسيع وتنويع وتنشيط قنوات الاتصال ، وابتكار أساليب جديدة في الاتصالات الإدارية تتخلص من قيود الزمان والمكان .
- الالتجاء إلى أساليب البيع والتسويق بالتعامل المباشر مع العملاء والتخلص من الوسطاء وكذا التعامل مع الموردين وإدارة سلسلة التوريد على أساس الترابط المعلوماتي .
- إنشاء علاقات إلكترونية بين أجزاء المنظمة المختصة بالإنتاج و تلك المختصة بالتسويق بما يسمح بتحقيق مستوى المخزون الصفري .
- تطبيق نظم الهندسة الموازية في أنشطة التصميم والإنتاج وإدارة المشروعات .
- استيعاب التقنيات الجديدة والمتجددة
يتبنى الفكر الإداري المعاصر مفهوم " إدارة التقنية" ، حيث تتعدد صور التقنية الجديدة ذات التأثير في عمليات الإنتاج والتوزيع وغيرها من أنشطة المنظمات ، كما تتسارع عمليات التطوير والتجديد التقني ذاتها بفضل الاستثمارات المتزايدة التي تضخها الإدارة المعاصرة في عمليات البحوث والتطوير الأمر الذي يجعل " إدارة التقنية " تأتي في مقدمة اهتمامات الإدارة المعاصرة وتتمثل في شكل منظومة متكاملة لتخطيط وتوظيف وصيانة وتجديد وتطوير التقنية وما يرتبط بها من معلومات وبرمجيات ومتطلبات مادية وقدرات ومهارات بشرية .
ويستوعب الفكر الإداري المعاصر تأثيرات التقنية الجديدة في عمل المنظمات والإدارة ويستثمرها في خلق تيارات مستمرة ومتدفقة من المنتجات الجديدة ، وابتكار خامات ومواد جديدة مصنعة عالية الجودة جديدة الثمن وفيرة العرض . كذلك يتبنى الفكر الإداري المعاصر الدور المهم للتقنيات الجديدة والمتجددة في ابتكار وتطوير وسائل وآليات ونظم للإنتاج تتسم بالسرعة والمرونة ووفرة الإنتاج وارتفاع الجودة ، مما يتيح فرصاً وإمكانيات غير مسبوقة في تنويع الإنتاج وتطوير خطوط المنتجات وإدخال التنويعات اللانهائية في مواصفات السلع والخدمات التي تتقدم بها للسوق في أوقات قياسية وأسعار منخفضة يتوالى انخفاضها مع الارتفاع المتواصل في كفاءة و إنتاجية نظم الإنتاج الجديدة .
ويستهدف فكر " إدارة التقنية " الاختيار الواعي للتقنيات المناسبة وتشكيل الحزمة التقنية المتناسقة واستخدامها وتوظيفها بكفاءة ومرونة بما يحقق أعلى قيمة مضافة . وتتبنى منظومة الفكر الإداري المعاصر فكرة الاستجابة للطلبات الخاصة للعملاء والتمتع بمزايا الإنتاج الكبير في ذات الوقت ، والمعنى أن الإدارة الجديدة تتعامل بمنطق التقنية الحديثة المتحررة من قيود الزمان والمكان وتباعد المسافات ، وقيود نظم الإنتاج التقليدية .
وبذلك يؤكد الفكر الإداري المعاصر أن " إدارة التقنية " تتعدى مجرد شراء أو نقل التقنية ، بل هي تتضمن عمليات مهمة و مكملة هي" تطبيع التقنية "أي تحقيق التوافق بينها بين باقي عناصر المنظومة الإنتاجية ، " تطوير التقنية" أي التجديد والإضافة والتنمية بالتحسين والرفع ، و" تعميق التقنية " أي استخدام كافة إمكانيات وقدرات التقنية المتاحة إلى الحد الأقصى وتجنب بقاء أجزاء منها معطلة، ثم" تخليق التقنية" أي إنتاج تقنية جديدة تماماً بالابتكار والاختراع .
كذلك يؤكد هذا الفكر الإداري المتجدد الأهمية القصوى للعناية بالمورد البشري وتوفير الفرص لإطلاق طاقاته الفكرية وقدراته الذهنية للابتكار والتطوير والاستخدام الأكفأ للتقنية والمحافظة على توازن تشكيلة المنتجات والعمليات والتقنيات . إن الاختيار الكفء للموارد البشرية في مجالات الإنتاج وتوفير الاستشارات المستمر والتمكين المتناسب مع المسئوليات المسندة إليها والنتائج المستهدفة من وراء استخدامها هي الضمانات الأساسية لتحقيق أهداف " إدارة التقنية" و تطبيق مفاهيمها وأساليبها .
- التحول إلى التسويق والمعاملات الإلكترونية
ينطلق الفكر الإداري المعاصر من حقيقة أساسية أن نشأة المنظمات واستمرارها ونموها وكذلك اضمحلالها وانهيارها وفنائها إنما تتحدد جميعاً بفعل قوى السوق ، فالإدارة الجديدة تبدأ من السوق و تنتهي بالسوق ، ومن ثم يكون الهدف الرئيسي للإدارة أن تؤمن لنفسها مركزاً تنافسياً في السوق من خلال تقديم منتجات أو خدمات للعملاء ترضي رغباتهم و تتفوق على منافسيها . كذلك تمثل معايير الطلب والعرض وقوى المنافسة وظروف السوق المؤشرات الأساسية للتخطيط وبناء برامج العمل في منظمة الأعمال الجديدة .
ولقد ساعدت تقنيات المعلومات والاتصالات على التطور السريع في إمكانيات التعامل المباشر بين المنظمة وعملاءها ، وبينها وبين المتعاملين معها من موردين وموزعين ووكلاء وغيرهم من عناصر سلسلة التوريد . وأصبح النمط الأكثر انتشاراً هو التعامل الإلكتروني عبر شبكة الإنترنت وكذا من خلال شبكات الإنترانت ومختلف وسائل التشبيك التي تربط المنظمة بحلفائها وأعضاء حلقات التوريد الخاصة بها .
وقد نما في السنوات الأخيرة التوجه نحو إحلال النظم الآلية في التعامل محل العمل البشري التقليدي وخاصة في مجالات إنتاج الخدمات التعليمية والاستشارية والعلاجية والترفيهية وغيرها حيث أصبح التعامل عبر الإنترنت هو الوسيلة الأكفأ والأرخص والأسرع – خاصة مع تقدم وسائل تأمين المعاملات .
وقد كان لهذا التحول نحو التعامل الإلكتروني آثاره الواضحة على هياكل المنظمات وتكوين الموارد البشرية بها وتطور تشكيل أصولها حيث تزيد الآن أهمية الأصول الفكرية غير الملموسة عن الأصول المادية الملموسة في تكوين استثمارات المنظمات المعاصرة ومن ثم في تحديد قيمتها السوقية .
- تعميق وتطوير مفاهيم المنافسة
كان لتقنية المعلومات والاتصالات تأثيرها الواضح في تطوير مفهوم المنافسة وأساليب معالجة الإدارة لقضاياها حيث يصبح في مقدورها الآن التعامل بإيجابية مع القوى التنافسية من خلال الرصد المستمر والواعي لمصادرها الحالية والمحتملة ، والإعداد الحاسم والشامل لمواجهتها . كما تدرك الإدارة الآن صعوبة اللعبة التنافسية الجديدة نتيجة التغيرات الهائلة التي أصابت الأسواق ونظام الأعمال الدولي حيث انفتحت الأسواق وانهارت الحواجز بينها وتحولت إلى أسواق إلكترونية تسيطر عليها التقنية المتقدمة وتحقق الآنية في المعاملات والوصول الكامل إلى كل أنحاء العالم طالما كان مرتبطاً بالشبكة العالمية الإنترنت ، وكذلك نتيجة اختفاء أو تضاؤل أشكال الحماية الحكومية التي ارتاحت لها المنظمات في كثير من دول العالم لفترات طويلة . فتقنية المعلومات والاتصالات إذ تساعد المنظمة على تطوي قدراتها التنافسية ، فهي تؤدي نفس الوظيفة للمنافسين ، ومن ثم فإن إدارة المنافسة تصبح الأداة الرئيسية للتعامل .
- حشد واستثمار كل الطاقات
تتيح تقنيات المعلومات والاتصالات للمنظمات المعاصرة إمكانيات مهمة لحشد وتنسيق مختلف الموارد المتاحة لها بدرجة أكبر من الدقة والآنية ، الأمر الذي يحقق التكامل والتفاعل بين مختلف الموارد المادية والبشرية والمعلوماتية ويؤدي إلى مستويات أفضل من الأداء والإنجازات المتميزة . كما يتحقق من هذا التفاعل والتكامل تنمية كل مورد إلى أقصى مستويات الفاعلية والإنتاجية .
وتساعد تقنيات المعلومات والاتصالات في تيسير الرصد المستمر لحالات الموارد والطاقات والقدرات المتاحة للمنظمة ومدى استخدامها ، الأمر الذي يساعد في التخطيط لتجميعها وتنسيقها بما يحقق أقصى قدر من الإنجاز والمنافسة .
- إدارة الوقت باعتباره مورد رئيسي
يلعب الوقت دوراً جديداً ومؤثراً في منظومة الفكر الإداري الجديد حيث تكرس تقنيات المعلومات والاتصالات نظم العمل وأساليبه التي تتعامل في الوقت الحقيقي ومن ثم تقلل إلى حد بعيد تبديد الوقت وهو أغلى الموارد وأعلاها تكلفة حيث ينضب ولا يتجدد أبداً عكس أغلب الموارد التي تتعامل معها الإدارة .
وبذلك فقد تغير مفهوم " إدارة الوقت " إلى مفهوم الإدارة المستندة إلى الوقت حيث تعد مهمتها مجرد جدولة العمل في أوقات معينة وتوزيع الوقت بين الاهتمامات المختلفة للمدير، بل أصبحت الاستثمار المخطط للوقت بأبعاده الثلاثة - الماضي والحاضر والمستقبل - بأعلى كفاءة ممكنة وفي مجالات التوظيف التي تحقق أعلى قيمة مضافة وتخلق المنافع والقيم . وبذلك يكون منطق الإدارة المعاصرة هو العمل في الوقت بمعنى حين يكون الأداء مطلوباً وليس قبل أو بعد ذلك .
- النموذج التطبيقي للإدارة المستندة إلى الوقت
باعتبار الوقت المحرك الأساسي للنشاط تم تطوير تقنيات واستحداث أنماط وتهيئة الأفراد للتوافق مع الفرص التي يتيحها الوقت للإدارة ، من ذلك الأمثلة التالية :
- إتباع نظم العمل على مدار الساعة في كثير من المواقع الإنتاجية ومراكز تقديم الخدمات للعملاء .
- إتباع نظم العمل المتزامن حيث تتم أنشطة متعددة في نفس الوقت والتنسيق بينها من خلال تبادل المعلومات آنياً باستثمار تقنيات المعلومات والاتصالات الحديثة .
- تركيز الجهود لتقصير فترة تصميم وتطوير السلع والخدمات الجديدة وجعل الفترة بين الإنتاج والوصول للعملاء في السوق أقل ما يمكن .
- تطوير تقنيات التخطيط بأسلوب السيناريوهات التي تتعامل مع الزمن وترصد المتغيرات الفعلية لتوفيق أنشطة المنظمة حسب السيناريو الأكثر احتمالاً .
- تطوير نظم وآليات تخطيط موارد المشروع تربط كافة محاور العمل في المنظمة في قاعدة معلومات مركزية مشتركة بحيث يتم تعديل جميع المحاور آنياً مع كل تطور في أي منها .
- تطوير التنظيمات الهيكلية وأسس توزيع الصلاحيات واتخاذ القرارات لتقصير الفجوة الزمنية بين اتخاذ القرار وتنفيذه من ناحية ، وتقريب الوقت إلى أقرب حد ممكن بين تلقي طلب العميل والاستجابة له .
- تطوير النظم والعمليات المساعدة على الوصول إلى مستوى الزمن الصفري من خلال :
- توفير السلع والخدمات ذات القيمة للعملاء فور طلبهم لها وبما يحقق لهم المنافع المستهدفة فوراً .
- التعلم الفوري والاستفادة الفورية بالمعلومات والخبرات التي تتحقق للمنظمة وأفرادها وتلك التي تحدث في المناخ المحيط .
- التكيف والتوافق الفوري مع المتغيرات وتعديل مواقف الإدارة وهيكلية المنظمة بسرعة .
- التنفيذ الفوري لما يتم تخطيطه من عمليات وإجراءات تهدف لتحقيق رغبات العملاء وتطبيق استراتيجيات المنظمة .
- الإدماج الفوري للموردين وشركاء سلسلة التوريد في عمليات المنظمة وربطهم بأهدافها واستراتيجياتها
نبذ التتابع والأخذ بأسلوب العمل المتزامن بمعنى أن تتم أعمال وأنشطة مختلفة ومتكاملة في نفس الوقت . ويضيف إلى أهمية الأخذ بأسلوب التزامن ما طرأ من متغيرات جعلت المنافسة على الوقت وضرورة السبق في الوصول إلى الأسواق بالجديد من منتجات البحوث والتطوير . ويحقق التزامن في العمليات تفوقاً ملحوظاً في بتخفيض الوقت المستغرق في العمليات ومنع فترات الانتظار أو الحد منها .
- استثمار رأس المال الفكري
بينت إمكانيات تقنيات المعلومات والاتصالات وما تتيحه للمنظمات من فرص حجم التحدي الذي يواجه الإدارة المعاصرة في سعيها لاستثمار تلك الطاقات المعلوماتية والاتصالية من أجل تعظيم فرص تحقيق أهداف وغايات المنظمة .
وقد تأكدت الإدارة أن المورد البشري هو سبيلها لتحقيق تلك الغاية باعتباره في الأساس قدرة عقلية وإمكانيات فكرية ومصدر للمعلومات والأفكار والابتكارات لا بد من استثماره وتوظيفه في إدارة المعلومات أو "الإدارة بالمعلومات".
ونتيجة الاهتمام المتزايد باستغلال وتوظيف التقنيات الجديدة في تنمية القدرات التنافسية للمنظمات ، كان لا بد للإدارة من إعادة صياغة علاقاتها بالمورد البشري ، ومن ثم تم الكشف عن مفاهيم جديدة تتناسب وعصر المعلومات والاتصالات ومنها " رأس المال الفكري" و " رأس المال البشري" و" عمال المعرفة " و" إدارة المواهب " وكلها تركز على القيمة الخاصة بفكر البشر وقدراتهم الذهنية وإمكانياتهم في التعامل مع المشكلات واتخاذ القرارات ، ومن ثم يصبح تفعيل نظم المعلومات ودعم اتخاذ القرار من أسس الإدارة الحديثة .
وتحقيقاً للاستثمار الأحسن للطاقات الذهنية والقدرات الفكرية للمورد البشري تتبنى الإدارة المعاصرة منهجية جديدة تقوم على المفاهيم التالية :
- المورد البشري قادر وراغب في المشاركة الفاعلة لحل مشكلات العمل وتطويره و تحمل مسئولياته مما يرتب أهمية فتح مجالات المشاركة وقنوات الاتصال لاستثمار تلك الطاقات .
- أهمية تكامل عمليات إعداد وإدارة وتنمية الموارد البشرية في منظومة متجانسة تعكس الاهتمامات الإستراتيجية لمنظمة الأعمال ومتطلبات تطويرها .
- أهمية التزام جميع عمليات إدارة الموارد البشرية بقواعد ومعايير إدارة الجودة الشاملة .
- ضرورة تصميم إستراتيجية لإعداد وإدارة وتنمية الموارد البشرية وإدماجها في الإستراتيجية العامة
- ضرورة تطبيق مفاهيم و أساليب " إدارة الأداء " بما تتضمنه من تحديد أهداف الأداء للفرد أو لجماعة العمل ، وتوفير متطلبات ومستلزمات الأداء ، ثم المتابعة والتقييم والمحاسبة على النتائج و الإنجاز
- أهمية وجدوى الاستثمار في زيادة الرصيد المعرفي للموارد البشرية واستثماره في تطوير الأداء .
- أفضلية تعميق وتكثيف اهتمام القيادات الإدارية العليا بقضايا تنمية الموارد البشرية ورفع المستوى التنظيمي والإداري للمسئولين عنها .
- التركيز في المجالات ذات القيمة المضافة الأعلى . تتجه الإدارة المعاصرة إلى التركيز على الأنشطة ذات القيمة المضافة الأعلى وذلك لترشيد استثمار مواردها بما يعود بأعلى العوائد ، وتلجأ الإدارة إلى التخلص من الأنشطة الأقل في القيمة المضافة وتعهد بها إلى منظمات أخرى . وتتركز الأنشطة الأعلى قيمة مضافة في الأنشطة المعرفية ذات المحتوى ، ومن أمثلتها ما يلي :
- أعمال البحوث والدراسات وإعداد النظم والبرمجيات .
- أنشطة التطوير التقني بتطبيق آليات البحث والتطوير .
- أعمال التسويق والترويج والمبيعات وعلاقات العملاء .
- أنشطة الاستشارات المالية ، القانونية ، الإدارية .
- أعمال التخطيط الاستراتيجي ، المتابعة وتقييم الأداء .
- أعمال التصميم ، ضبط الجودة ، وتطوير المنتجات .
ويلاحظ أن ما يساعد المنظمة في التخلص من الأنشطة الأقل قيمة مضافة هو توفر تقنيات المعلومات والاتصالات التي تجعلها على صلة مباشرة بالجهات التي يتم إسناد تلك الأنشطة إليها ، ومن يتحقق لها السيطرة عليها وكأنها لا تزال تباشرها بذاتها . ومن الأمثلة الشائعة الآن اتجاه كثير من المنظمات إلى التخلص من عمليات إدخال البيانات وإسنادها إلى مؤسسات متخصصة .
- الاتجاه نحو اللامركزية
يميل الفكر الإداري المعاصر لتبني نمط الإدارة اللامركزية للأسباب التالية :
- مواجهة متطلبات انتشار منظمات الأعمال في مختلف الأسواق لمواكبة المنافسة واستثمار الفرص الناشئة عن العولمة واتساع الأسواق .
- مقابلة متطلبات التنويع في مجالات النشاط لاستثمار الموارد المتاحة وإرضاء العملاء وتقديم تشكيلات متنوعة من المنتجات والخدمات وأيضاً مواجهة المنافسين .
- حتمية توفير المرونة في اتخاذ القرار وسرعة الاستجابة إلى طلبات العملاء والتعامل مع شكاواهم ، وتلك جميعاً من المتطلبات الأساسية للنجاح في المنافسة السوقية .
- استثمار ما تتيحه التطورات في تقنيات المعلومات والاتصالات من إمكانيات لا محدودة لنقل وتبادل المعلومات وتحقيق التواصل المستمر بين عناصر المنظمات في جميع أنحاء العالم وبشكل آني .
- الاستفادة من طاقات وخبرات الهياكل البشرية من ذوي المعرفة ، حيث لا يعود هناك مبرر لإتباع النمط المركزي في الإدارة الذي يحصر كافة الصلاحيات وعمليات اتخاذ القرار في قمة التنظيم .
- التوجه نحو تطبيق عمليات إعادة الهندسة وما يترتب عليها من تخفيض أعداد العاملين تأثير في دعم الاتجاه نحو اللامركزية .
- الأنماط التنظيمية الجديدة المحابية للامركزية
تبلور الاتجاه نحو اللامركزية في أنماط تنظيمية جديدة منها :
- تقسيم المنظمة إلى عدد من الوحدات شبه المستقلة يطلق عليها " وحدات الأعمال الإستراتيجية" ) تختص كل منها بقطاع أو مجال من العمل ويكون للإدارة القائمة عليها حرية الحركة وحق اتخاذ القرار)
- التوسع في تكوين " فرق العمل ذاتية الإدارة "- والتي تتمتع بسلطات واسعة في إنجاز ما يعهد إليها به من مهام .
- انتشار مفهوم " التمكين " ليدل على نمط تنظيمي يوفر للفرد القائم بالعمل مجال واسع من الصلاحية وحرية التصرف واتخاذ القرارات المناسبة لإنجاز المهام التي يختص بها ، وتكون المحاسبة والمساءلة في جميع تلك الأنماط على أساس النتائج .
- تخفيض عدد المستويات التنظيمية وتوسيع نطاق الإشراف والرقابة اعتماداً على الكفاءة الأعلى للعاملين ذوي المعرفة ، والقدرات القيادية الأفضل للقادة الإداريين الجدد الذين يديرون بمنطق التوجيه من بعد والمحاسبة على النتائج .
- تصميم الهياكل التنظيمية المرنة والتي تتكيف مع تغير الظروف ، وفي جميع الأحوال يكون الهيكل التنظيمي أكثر تفلطحاً ( نتيجة توسيع نطاق الصلاحية واللامركزية ) .
الأحد نوفمبر 27, 2022 9:16 pm من طرف Faizafazo
» برنامج احترافي في تنقيط التلاميذ تربية بدنية ورياضية وكل ما يحتاجه استاذ التربية البدنية والرياضية في المتوسط
الأحد يونيو 27, 2021 7:33 pm من طرف تمرت
» مفاهيم عامة .الاعلام و الاتصال
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:51 am من طرف المشرف العام
» نظريات الاعلام وحرية الصحافة و علاقة الصحافة بالسلطة
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:50 am من طرف المشرف العام
» نشأة وتطور الصحافة في العالم و الوطن العربي
الجمعة يناير 15, 2021 11:48 am من طرف المشرف العام
» ترحيب و تعارف
السبت يونيو 13, 2020 10:39 pm من طرف صقر السردي
» كتب تاريخ الجزائر في القديم والحديث
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الثورة الجزائرية ،"ثورة المليون و نصف المليون شهيد"
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الادارة وتعريفها
السبت مايو 16, 2020 3:28 pm من طرف المشرف العام
» مقياس :تاريخ وسائل الاعلام
السبت مايو 16, 2020 2:57 pm من طرف المشرف العام