خــطة البــــــحث :
المـــــقدمـــــة:
المبـــحث الأول: وكـالات الأنبـاء بيـن المفهـوم والنشـأة والتطــور
المطلب الأول: مــــــــــــــــــــفهوم وكـــــــــــــــــــــــالات الأنبـــــــــــــــاء
المطلب الثاني: الأصــــول التـــاريخـــيـــة لـــــوكـــالات الأنـــبــــاء العــالميــة
المطلب الثالث: نشــــــــأة وكــــــالات الأنبــــــاء الجهويـــــــة والمحليـــــة
المبـــحث الثاني: ما هــي أنــواع وكــــالات الأنبــــاء؟
المطلب الأول: الـــــــــــــوكـــــــــــــــــالات العــــــــــــــــالميــــــــــة
المطلب الثاني: الــــــــــــوكـــــــــالات المحليــــــــــــــــة أو الوطنيــــــــــــــــــة
المطلب الثالث: الوكــــــــــــــــــــــــــالات المــــتخصــــصـــــــــــــــــــــــة
المبـــحث الثالث: ما نماذج تنظيـم وكـالات الأنبـاء؟ وكيـف تعمـل؟
المطلب الأول: نمــــــــــاذج تنـــــــــظيـــــــم وكـــــــــــــالات الأنبــــــــــاء
المطلب الثاني: كيفيــة عمــل وكــالات الأنبــاء (التجهيـزات ومـادة التحـريـر)
المبحث الثالث: دور وكــــــــــالات الأنبــــــــاء في العمـــــــــليــــــة الإعلاميـــة
الـــــخاتــــمــــة:
المبحث الأول: وكــــــــــــــالات الأنبـــــاء بيــــــن المفهــــــــوم والنشـــــــــــــــــأة والتطــــــور
المطلب الأول: مـــــــــــــاهيـــــــــــــــــــة وكـــــــــــــــــالات الأنبــــــــــــــــاء
إن تطور الصحافة وخاصة في بداية القرن 19 أظهر أهمية تكنولوجيا الطباعة والتوزيع وخاصة الأخبار التي أصبحت فيما بعد عماد المضمون الصحفي. ونظرا لتعقيد عملية جمع ونقل وتوزيع الأخبار ظهرت الحاجة إلى وكالات متخصصة. فكانت وكالات الصحافة (أو الأنباء) والتي اتخذت اسمها من طبيعة عملها كوكيل إخباري "نصي". ثم وسعت من مدتها التجارية الموزعة لتصبح ثلاثية: النص, الصورة, والصوت, ومن ربائنها لتشمل جل وسائل الإعلام والاتصال, منفتحة بذلك على الجمهور العام. بل قد يصبح اتصالها مباشرا مع هذا الأخير: إن خدمات العديد من الوكالات أصبحت, اليوم وفي العالم أجمع, جزء لا يتجزأ من بنوك المعلومات المفتوحة للجمهور العام على صفحات بعض مواقع شبكة الإنترنت(1).
تعرف وكالات الأنباء بأنها منظمات أو مؤسسات أو هيئات وظيفتها جمع الأخبار و الصور والموضوعات الصحفية من مختلف مناطق العالم.
والوكالة الصحفية الإخبارية هي المطبوعة التي تصدر بصورة مستمرة وباسم معين وتكون معدة لتزود مؤسسات النشر الأخرى بالأخبار والمقالات والصور والرسوم، وتشكل وكالات الأنباء واحدة من أهم مصادر المعلومات التي تتكفل بنشر الأخبار داخل بلد من البلدان أو فيما بينها, ولا تقتصر خدماتها على الصحف فقط بل تتعداها إلى محطات الإذاعة والى غيرها من المنظمات. وذلك بسبب دقة وسرعة الأخبار التي يعدها موظفو ومراسلو الوكالة, وفعالية شبكات اتصالاتها وعملها دون انقطاع لمدة 24 ساعة و 365 يوما.
تعتبر عدد الأخبار اليومية التي تقدمها وكالة الأنباء من تغطية المجالات السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، الترفيهية، الرياضية، السياحية، العلوم، المعلومات، الشؤون الإقليمية، الشؤون الأجنبية. ويتم توزيعها لربائنها لمعرفة ما يدور في أنحاء العالم بمجرد إلقاء نظرة واحدة .
تجدر الإشارة إلى أنه يتم ترقية وكالة الأنباء وذلك طبقا للقانون الخاص بتطوير وكالات الأنباء. يتم حساب عدد موظفي ومراسلي الوكالة في الوقت الراهن، عدد موظفي الوكالة في المقر الرئيس وفروعها داخل البلاد وخارجها، بهدف خدمة توزيع الأخبار والمعلومات المفيدة التي ستصبح إحدى أهم أصول الدولة. كذلك، تسعى الوكالة إلى توسيع نطاق تقديم الأخبار المحلية إلى الخارج باللغات الأجنبية وذلك من اجل نقل الأخبار المحلية وفقا لرؤية الوطنية للوكالة، دون حاجة للاعتماد على وكالات الأنباء الأجنبية.
المطلــــب الثـاني: الأصــــــول التـــــــاريخيــــة لوكـــــالات الأنبــــــــــاء العـــــالميــــــة
تعود الأصول التاريخية لوكالات الأنباء إلى زمن الفينيقيين حيث كان تجارهم كانوا يقومون بجمع الأخبار الضرورية الخاصة بمهنتهم ويرسلنها إلى ربائنهم(1).
و تعود أيضا إلى الرسائل الإخبارية المنسوخة التي ظهرت في أوروبا في العصور الوسطى وعصر النهضة الأوروبية. وكانت الرسائل تُنسخ باليد – حتى بعد اختراع الطباعة بثلاثة قرون- وتحمل أخبار السياسة والاقتصاد والحروب الأوروبية المختلفة وخاصة حرب المائة سنة التي نشبت عام 1337بين الانجليز والفرنسيين. وكان يشترك في هذه الرسائل –أي يقرأونها بمقابل مادي يدفعونه- رجال البلاط الملكي الحاكم والساسة وأثريا التجار والأمراء والملوك, وذلك لارتفاع قيمة الاشتراك فيها فوق طاقة العامة من الناس. ومن أشهر المخبرين الصحافيين الذين كانوا يعدون هذه الرسائل الإخبارية المنسوخة إخوان "فوجرز Fuggers Brothers" في القرن 16 في مدينة "أوجربرج Angsburg" وكانت لهم مكاتب إخبارية فرعية في كل من لندن وباريس وغيرهما من العواصم الأوروبية. وكانوا يحررون رسائلهم بدقة فائقة حتى غدت لا يستغني عنها رجال السياسة والحكم والمال. ولا يزال بعض هذه الرسائل المنسوخة الهامة محفوظًا بالمكتبة القومية في فيينا.
الواقع أن نظم البريد قد ساعدت على رواج هذه الرسائل الإخبارية المنسوخة وانتشارها قبل الصحف. فقد كان أصحاب الصحف يدفعون لمديري مكاتب البريد اشتراكات سنوية مقابل ترجمة ملخصة للصحف الواردة من الخارج. ومن الطريف أن "جون والتر" رئيس تحرير جريدة "التايمز" الانجليزية قد لجأ إلى تعيين مراسلين لصحيفته في الخارج لكي يحبط مؤامرات رجال البريد. ويتلخص من تحكمهم في الأخبار الواردة من الخارج وقد كان جمع الأخبار من الأماكن البعيدة وبطئها وتكلفتها الباهظة مشكلة حقيقية أمام الصحف وفوق طاقة كل صحيفة على حدة(2). لكن تأسيس وكالات الأنباء بمعناه الحديث يرجع إلى نهاية عشرينيات القرن 19, وأول من ابتكر اسم وكالة الأنباء هو "شارل لوي هافاس Charles Louis Havas" المولود في عام 1780. إذ بدأ الفرنسي المجري الأصل "Havas" بالتفكير في الاستغلال التجاري لمجال جمع ونقل الأخبار الذي توقع له مستقبلا زاهرا, فقد افتتح مكتب الاتصالات والمراسلة في باريس وأسماه وكالة "هافاس Havas" قاصدًا منه إيجاد الأخبار كتقارير واقعية صحيحة وسريعة عن الأحداث وليس كشائعات أو تلاعب بالأفكار. وانتهى به الأمر عام 1835, إلى إنشاء أول وكالة أنباء سميت باسمه. وقد رفع شعار ((الإعلام من أجل الإعلام)). وكان ذلك انطلاقا من مكتب لجمع الأنباء بباريس ومراسلين بمعظم العواصم الأوروبية. وكان "شارل لويس هافاس" يعتمد في جمع الأخبار, بالإضافة إلى المراسلين الخاصين, على ترجمة الصحف الأجنبية وعلى البريد والحمام الزاجل ثم التلغراف بعد 1837(تاريخ اختراعه).
وقد جاءت اختراعات التلغراف والتليفون – سلكي ولا سلكي- والراديو بمثابة الثورات العلمية في مجال نقل الأخبار وبثها بالنسبة للصحف ووسائل الإعلام بصفة عامة ووكالات الأنباء بصفة خاصة. وقد حلت هذه الاختراعات مشكلة البطء ولكنها لم تحل مشكلة التكاليف المادية الكبيرة التي تتطلبها عملية جمع الأخبار ونقلها(1).
أما فيما يخص المشتركين الأوائل في وكالة "هافاس" فقد اقتصروا في بداية الأمر على الحكومة الفرنسية ورجال السلك الدبلوماسي وكبار التجار ورجال المال والأعمال, لان الصحافة التي كانت آنذاك تعتمد على المقال قُطعت أخبار هذه الوكالة. ولكن ميل القراء إلى الأخبار أوقف هذه المقاطعة بعد سنة واحدة فقط, فظهرت الصحف الشعبية التي اتخذت وكالات الأنباء مصدرا رئيسيا لها وتوسع انتشارها بفضلها(2).
فوكالة الأنباء اتخذت اسمها من طبيعة عملها كوكيل أو ممثل للصحف, وهي بمثابة جمعية تعاونية تشترك فيها الصحف وغيرها من وسائل الإعلام لجمع الأخبار وتوزيعها لأن كل صحيفة بمفردها لا تستطيع أن تقوم بهذا العمل, ولابد من المشاركة في النفقات(3).
وكانت وكالة "هافاس" للأنباء نقطة انطلاق لأكبر وكالتين أوروبيتين أنشأتها من طرف متربصين ألمانيين كونهما "شارل لويس هافاس" وهما: "برناد وولف" الذي أسس وكالة الأنباء الألمانية بمكتب له بألمانيا عام 1849, و "جوليدس رويتر" الذي أنشأ وكالة "رويتر Reuter" للأنباء بلندن عام 1851.
وأصبحت هذه الأخير أكبر شبكة تلغرافية أوروبية آنذاك والممون الرئيسي للجزر البريطانية وهولندا على تغطية فرنسا, جنوب أوروبا, أمريكا الجنوبية والمستعمرات الفرنسية, أما وكالة "وولف Wolff" فقد احتفظت بتغطية ألمانيا, النمسا, المجر واسكندنافيا.
وشكلت هذه الوكالات الأوروبية الثلاث قوة إعلامية احتكارية رائدة أقسمت السوق العالمية للأخبار ( بموجب معاهدة 1859) حتى أوائل القرن الموالي, حيث تعددت الوكالات الوطنية.
في عام 1849 أسس ستة ناشرين للصحف في مدينة نيويورك الأمريكية وكالة "الأسوشيتد برس" لكي تعاونهم في جميع الأخبار من السفن القادمة من أوروبا والراسية في الموانئ الشرقية للولايات المتحدة الأمريكية, ولقد مرت هذه الوكالة بالعديد من مراحل إعادة التنظيم وانضمام أعضاء جدد إليها حتى استقرت في تنظيمها الحالي منذ عام 1900. وتعد أكبر وكالات الأنباء العالمية. وهي تجمع وتبيع خدماتها الصحفية أو الإعلامية في أكثر من 150 دولة ولـ 10.000 صحيفة وإذاعة, داخل أمريكا وخارجها ويعمل بها أكثر من 2700 إعلامي موزعين على 206 مكاتب إخبارية.وبينما تأسست وكالة "الأسوشيتيد برس انترناشيونال" على هيئة جمعية تعاونية من بعض الصحف, فإن "الأسوشيتيد برس انترناشيونال" نشأت كشركة مملوكة ملكية خاصة ولا زالت كذلك. فقد أسسها عام 1907. "إدوارد Edward" و "سكريبسسScripps " وهو مالك لمجموعة كبيرة من الصحف الأمريكية في ذلك الوقت, وفي عام 1908 اندمجت معها وكالة الخدمة الإخبارية الدولية, والتي كان قد أسسها "وليام راندولف هيرست William Randolph Hearst" وهو أحد مؤسسي مجموعة كبيرة من الصحف الأمريكية أيضا, عام 1909. وأصبحت الوكالتان وكالة واحدة هي (U.P.I) وتتنافس مع (A.P) في جمع وتوزيع الأخبار والصور من أمريكا ودول العالم. ولكنها تتلقى نسبة صغيرة من الدعم المادي الذي تقدمه الصحف الأمريكية اليومية. وتعمل (U.P.I) في أكثر من 100 دولة وتخدم 8000 وسيلة إعلامية داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها. ويعمل بها أكثر من 3000 إعلامي في مكتب إخباري(1), قبل أن يبدأ تفكيكها وبيعها عام 1980, فأصيبت بإفلاسات متتالية بعدما تداولتها أيادي عدة مالكين, ليباع ما تبقى منها في منتصف التسعينات للمجموعة السعودية (M.B.C) التي تذيع برامجها الإذاعية والتلفازية باللغة العربية من لندن(2).
وفي بداية القرن 20 تأسست وكالتا "تاس و نوفستي" في الاتحاد السوفياتي سابقا, روسيا ودول الكومنولث الآن. وهذه هي الوكالات العالمية التي تُسيطر على الجزء الأكبر من سوق الأخبار والموضوعات الصحفية الآن. فقد حول الاتحاد السوفياتي وكالة التلغراف الروسية (Rosta) التي أنشئت عام 1918 إلى وكالة "تاس Tass" السوفيتية الشهيرة عام 1925 ثم دعمها عام 1961 بوكالة "نوفوستي". ولقد تأثرت الوكالتين بتفكك الاتحاد السوفياتي فتقلص نشاطها وقل وزنها, قبل أن تستبدلا عام 1992 بوكالتين روسيتين حكوميتين: "إيتر-تاس "Itar-Tass و "ريا-نوفوستي "Ria-Novosti ووكالات خاصة منذ 1993, برزت منها وكالة "إنترفاكس Interfax"
وكانت الوكالتين الأمريكيتان (A.P) و (U.P.I), "رويتر" البريطانية, وكالة الأنباء الفرنسية (A.F.P) و"تاس" سابقا, تعتبر أكبر الوكالات العالمية التي كانت تستقي منها الصحف والإذاعات والتلفزيونات أخبارها. ونظرا لأهمية هذه الوكالات العملاقة ودورها الخطير في توجيه الرأي العام العالمي فقد اشتدى التنافس بينهما وخاصة بعد أن ألغي نظام التحالف الذي طبع نشاط بعضهما حتى بعد الحرب العالمية الأولى. مما أدى إلى نمو بعضهما "A.P" و "Reuter" (التي تحولت إلى Reuters) وأفول البعض الآخر ((U.P.I, Tass وبروز وكالات دولية جديدة منافسة لها, نخص منها بالذكر: الوكالتين اليابانيتين (Kyodo, Jiji Press) والوكالة الصينية (Xin Hua) والوكالة الألمانية (D.P.A) والوكالة الأسبانية (E.F.E).
المطلــــب الثـــالث: نشـــــأة وكـــــالات الأنبــــــــــاء الجهـــــــويـــــة والمــحــــــليــــــة
وفي نفس السياق, تطورت وكالات الأنباء بعد ذلك كمًا و كيفًا حيث ظهرت العشرات من الوكالات الجهوية والمحلية, ومنها أول وكالة عربية للأنباء وهي "سونا" السودانية التي أنشئت عام 1946. وتلتها ثلاث وكالات عربية أخرى في الخمسينيات وعلى رأسها وكالة أنباء "الشرق الأوسط" المصرية (M.E.N.A) التي أنشئت عام 1956 وهي تعتبر أهم وأكبر وكالة عربية لحد الآن. وتوجد حاليا على مستوى العالم العربي حوالي عشرون وكالة أنباء توالى ظهورها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وقد عرف العالم العربي في بداية الأمر أشكالا مختلفة من وكالات الأنباء اتسمت بمحدودية خدمتها وتواضع إمكانياتها الفنية والمالية. ففي عام 1959 تأسست كل من وكالة المغرب العربي بالمغرب (م.ع), ووكالة الأنباء العراقية (و.أ.ع) ثم تلتها عام 1961 كل من وكالة الأنباء التونسية ووكالة الأنباء الجزائرية (التي تأسست بتونس قبل أن تنتقل إلى الجزائر بعد الاستقلال عام 1962). وفي نفس العام ظهرت وكالات أنباء عربية في كل من الأردن (بترا), سوريا (سانا) وليبيا (جانا). وفي العالم التالي ظهرت وكالة الأنباء اللبنانية (ن.ن.أ) ثم تلتها وكالات: موريتانيا, السعودية فلسطين, وباقي الدول العربية. وتختلف قدرات هذه الوكالات من مختلف النواحي وخاصة بالنسبة إلى تغطية الأنباء غير المحلية, العربية منها والدولية.
أما فيما يخص وكالات الأنباء الجهوية والمحلية الأخرى, فيلاحظ الآن وجود وكالات أنباء وطنية في معظم الدول, لكنها تعاني كلها من آثار التبعية الإخبارية للوكالات العالمية, هذا إن لم تكن مرتبطة مباشرة بواحدة أو أكثر من هذه الوكالات. ولكسر طوق هذه الهيمنة الإخبارية فكرت بعض الوكالات الوطنية في التبادلات الثنائية والجهوية, فاشتركت معظم معظم الوكالات الأوروبية التصويرية عام 1948 في وكالة عامة (European Pressphoto Ageney) وشكلت دول أفريقيا عام 1979 "اتحاد وكالات الأنباء الأفريقية" (Pan-African News Agencies) ودول آسيا منظمة وكالاتها للأنباء (Organization Of Asian News Agencies) كما شكلت أيضا وكالة أنباء أمريكا الوسطى (A.C.A.N) عام 1970, ووكالة الأنباء الإسلامية الدولية (I.N.A) التي عقد أول مؤتمر لدراسة مشروع إنشائها عام 1950 في "كاراتشي", لكنها لم تنشأ رسميا إلا في المؤتمر الإسلامي الثالث لوزارة الخارجية عام 1972(وهي في الواقع عبارة عن اتحاد وكالات وطنية), ولم تقم لحد الآن بالدور المنوط بها في مجال الصراع الحضاري القائم نتيجة للإهمال والتهميش. وفي عام 1964 أسس في القاهرة "اتحاد وكالات الأنباء العربية" (F.A.N.A) ولكنه لم يكن له أي نشاط حتى عام 1975, تاريخ تنقله إلى بيروت...أين اقتصر نشاطه أساسا على إرسال صحافيين عرب للتكوين بالخارج, تلته عام 1978 وكالة الأنباء الخليجية (G.N.A). ولم يكن لمعظم هذه التجمعات الجهوية أثر يذكر على تقليص احتكار الوكالات العالمية للأخبار, مثل ما كان الحال بالنسبة لكل من مجمع وكالات أنباء عدم الانحياز ووكالة الأنباء الكاريبية (CA.N.A) اللذين تأسسا عام.(1)1976
المبحث الثاني: مــــــــــــــا هـــــــــي أنـــــــــــوع وكــــــــــــــــــــــــــــالات الأنبــــــــــــــــــــــــاء؟
من خلال ما سبق يمكن القول أن وكالات الأنباء أربعة أصناف: الوكالات العالمية, والوكالات الدولية أو الجهوية, والوكالات المحلية أو الوطنية, والوكالات المتخصصة. وتجدر الإشارة هنا إلى صعوبة تضمين هذا التصنيف العديد من الوكالات لاختلاف مؤشرات ذلك: شبكة جمع الأخبار(الدول المغطاة), شبكة التوزيع (حجم الربائن), الخدمات المقدمة, حجم الموظفين, الموارد المالية. ونحن من خلال بحثنا هذا اخترنا لكم ثلاثة أصناف: الدولية, والوطنية, والمتخصصة.
المطلب الأول: الـــــــــــــوكـــــــــــــــــالات العــــــــــــــــالميــــــــــة.
تتميز وكالات الأنباء العالمية الرئيسية بكثافة وتنوع الخدمات الإعلامية التي تقدمها بسعة توزيعها وبضخامة الوسائل البشرية, و المادية والتقنية التي تملكها. وكان أهمها خمس وكالات وهي: (A.P, U.P.I, Reuter, A.F.P, Tass ), وذلك قبل انسحاب وكالتي (Tass) و (U.P.I) من القاطرة, وبروز وكالات أخرى واعدة مثل (الصينية, اليابانية, الألمانية, الأسبانية...).
وتسيطر على هذا النشاط حاليا وكالة "الأسوشيتدبريس" (A.P) التعاونية: إذ حوالي مليار شخص يحصلون على خدماتها الإخبارية ويشترك فيها 3060 عميل داخل الولايات المتحدة الأمريكية (1555 جريدة و 1505 راديو وتلفزيون) فضلا عن أكثر من 15 ألف صحيفة ومحطة إذاعة وتلفزيون أجنبية في 112 دولة (عام 1995). كما لديها 305 مكتبا: منها 186 داخل أمريكا و119 مكتبا خارجيا. توظف 3030 شخص وتتمتع بقدرة فائقة في سرعة نقل الأخبار (دفعات1200 كلمة في الدقيقة) بفضل شبكة كبيرة من دوائر الأقمار الصناعية والكوابل البحرية ومحطات البث اللاسلكية. وتنافسها في ذلك وكالة "رويتر Reuters" واختصارها (R), ( 40ألف مكتب, 14182 موظف, بورصة عالمية افتراضية, رقم أعمال يقارب ثلاث مليار جنيه, أكثر من 300ألف خط في شبكتها المعلوماتية, دفعات 60 كلمة في الدقيقة...) التي تحولت إلى قوة اقتصادية كبيرة بعدما نوعت نشاطها وركزت منذ 1981 الخدمات المالية التفاعلية على حساب التعامل مع وسائل الإعلام لقلة جدواها المالية(1). وكالة الأنباء الفرنسية (Agence France Press), واختصارها (A.F.P) هي أيضا من المتنافسات فلديها 2500 مشترك في 50 دولة, وتعمل من خلال 75 مكتب إخباري. ولديها 2000 إعلامي مراسل. وتأتي وكالة "تاس Tass" السوفيتية في المرتبة الخامسة. إذ لديها 5500 مشترك, ولها مراسلون في بلدان العالم الكبرى أو الهامة, وشبكة إخبارية قوية داخل الاتحاد السوفياتي(2).
المطلب الثــانـــي: الــــــــــــوكـــــــــالات المحليــــــــــــــــة أو الوطنيــــــــــــــــــة
يشتمل نشاطها الأساسي في جمع وتوزيع المعلومات في بلدها الأصلي, وإن كانت تحاول أن تتجمع وتتعاون مع بعضها للتقليص من الهيمنة الإخبارية للوكالات الكبرى. ولكن الكثير من وكالات الأنباء المحلية تعمل على جمع الأخبار وتوزيعها على الوكالات العالمية التي ترتبط بها باتفاقيات تبادل الأخبار. يوجد هذا النوع من الوكالات في أكثر من 100 دولة, مع ملاحظة تكاثرها منذ الثمانينات وقلة شأن بعضها الذي تشخصه مجرد مكاتب إعلام حكومية(1).
تشكل الوكالات المحلية أو الوطنية المصدر الأساسي للأخبار المتدفقة وطنيا والتي تستغلها بنسبة كبيرة باقي وسائل الإعلام كالصحافة والإذاعة والتلفزيون وهذا ما يجعل وسائل الإعلام في البلد الواحد متشابهة تماما ومعتمدة أساسا على ما تبثه وكالات الأنباء الرسمية وخصوصا فيما يتعلق بمختلف نشاطات السلطة والهيئات الرسمية التابعة لها، وعموما فان حجم الميزانيات المخصصة لوكالات الأنباء المحلية ضعيف إلى حد ما, ولا يسمح في اغلب الأحيان بتطوير شبكه الوكالات على الأقل وطنيا.
فالمكاتب المحلية لهذه الوكالات هزيلة العدد وفي بعض الحالات غير موجودة إطلاقا كما أن العنصر البشري لا يسمح عادة بتطوير شبكة المكاتب المحلية لهذه الوكالات. وقد أدى هذا الوضع إلى سيطرة وكالات الأنباء العالمية على سير تدفق الأخبار محليا ودوليا ذلك لان ضعف وكالات الأنباء المحلية يجعلها تعتمد على الوكالات العالمية. ولوكالات الأنباء المحلية وظيفتان رئيسيتان هما:
- جميع وتوزيع الأنباء المحلية.
- ضبط توزيع واستخدام الأخبار المتدفقة من المصادر المختلفة سواء محلية أو عربية أو عالمية بحيث تراعي وجهة النظر الرسمية وتتفاوت الإمكانات البشرية والمادية والفنية بين وكالات الأنباء المحلية فبعضها كبير والأخر صغير بل إن بعض هذه الوكالات لا تمتلك أجهزة البث الإخباري, فتعمد إلى توزيع نشرات مطبوعة, وتعاني معظم هذه الوكالات من عدم توفر المرسلات الكافية لإيصال نشراتها إلى مناطق أخرى خارج حدودها.
المطلب الثــالـــــــث: الـــــــــــــــــوكـــــــــــــــــــــــــالات المتــــــخـــــصــــصــــــــــــة
بالإضافة إلى هذا النوع من الوكالات (التلغرافية الأصل) ظهرت إلى الوجود عدة وكالات متخصصة في تموين وسائل الاتصال الجماهيرية بالرسوم والنصوص اليومية والمقالات الدورية الجاهزة والوثائق الإعلامية في ميادين خاصة: المعلومات الاقتصادية والمالية أساسا, وكذا الرياضية والدينية...ثم بعد تطور التلفزة, بأفلام وأشرطة وثائقية وعلمية سمعية بصرية. إن هذا النوع من الوكالات المتخصصة لا يمكن مصادفته إلا في الدول ذات النشاط الإعلامي الواسع والمستوى الإعلامي المتخصص الناضج. ومن بين هذه الوكالات: وكالة "فيدس" التابعة للفاتيكان, وكالة الأخبار "العربية", وكالة "جويس تلغرافيك" بالإضافة إلى وكالات الأنباء المصورة الضخمة: وكالة "رويترز Reuters" للأنباء المصورة (Visnews سابقا) ووكالة (W.T.N) أو (U.P.I T.N سابقا) ووكالة "الأسوشيتدبريس" المصورة (A.P Photo), وكالة (Bloomberg) الصاعدة...(1)
ويمكن الإشارة في الأخير إلى بروز منافسين جدد للوكالات الإخبارية السابقة. يتمثلون في بعض الصحف الأمريكية الكبيرة:
New York Times News Service (N.Y.T N.S), Washington Pest-Los Angeles Times News Service (W.P.L.A N.S), (C.N.N)
والمجموعة الصحافية الألمانية: Springer (S.A.D)
المبحث الثــالـــــث: مــــا نمــــــاذج تنــــظيــــــــم وكــــــــالات الأنبـــــــاء؟ وكيــــف تعمـــــــل؟
المطلب الأول: نـــــــــــماذج تنــــــــــظيـــــــــــــم وكــــــــــــــالات الأنبـــــــــــاء يختلف القانون الذي يحكم وكالات الأنباء باختلاف أنظمة الاتصال المتبعة في بلدها الأم. ولكنه, على العموم, يتفق في جميعها بالأخذ بعين الاعتبار المصالح الأساسية للبلد الأصلي وذلك مهما كانت طبيعة نظامه السياسي:
- ففي أنظمة الاتصال غير التابعة للسلطة الحاكمة, يوجد 3 أنواع من الوكالات:
أ) وكالات من نوع المؤسسات التجارية الخاصة, هدفها الربح ولها علاقات تجارية محضة مع ربائنها ومنها: (Havas, Stefanj, Fabra, U.P.I…). وجلها أفلس أو انكمش. وما هو موجود منها الآن صغير الحجم, لأن الظاهر أن هذا النموذج لا يصلح مع الوكالات العالمية العامة.
ب) وكالات من النوع التعاوني وهي "ملكية جماعية" تديرها مؤسسات صحفية وراديوتلفزيونية خاصة, وهي غير موجهة أساسا للربح ومنها: (A.P, D.P.A, Reuter… ).
ت) وكالات تعمل بالنظام المختلط يديرها ممثلون عن الصحافة الخاصة بالاشتراك مع ممثلين عن السلطات العمومية التي تساهم بقسط كبير في تموينها, ومنها (A.F.P, E.F.E, Mena…)
ث) أما في الأنظمة التي يوجه فيها الإعلام من طرف السلطة فإن قانونها الأساسي يتميز بخاصيتين هما: - تكون الوكالة عبارة عن مؤسسة حكومية وبالتالي فهي تخضع للمراقبة اللصيقة للحكومة أو الحزب الحاكم وذلك مثل الوكالة الصينية (Xin Hua) أو وكالة (Tass) السوفيتية التي كانت تابعة لمجلس وزراء الاتحاد السوفياتي, والتي يعتبر مديرها برتبة وزير دولة وهو في نفس الوقت عضو في المكتب السياسي للحرب. فهي في مثل هذه الدول تقوم بدور "مصلحة دعائية" أو "مكتب إعلامي" تحت التصرف(1). – تحتكر هذه الوكالات توزيع الأخبار على المؤسسات المحلية, مثلها في ذلك, مثل مختلف مجالات التجارة الخارجية المحتكرة في البلدان ي يفترض نظامها السياسي ذلك. ولكن الجديد أن تطوير الشبكات المعلوماتية والأقمار الصناعية سيقلل من فاعلية هذا الاحتكار, بحيث أصبح الإرسال والاستقبال المباشرين للأخبار عبر الأقمار منتشرا ومتيسرا.
وعلى العموم, ومهما اختلفت الأنظمة السياسية, يمكن تصنيف وكالات الأنباء حسب النماذج الثلاثة التالية: التجاري الخاص, التعاوني (الخالص والمختلط), العمومي التابع للحكومة. وحسب دراسة أجريت عام 1989 على 172وكالة, اتضح أن 50% منها كانت تعاونية, 28% منها كانت مؤسسات تجارية ( ثلتها تابع لمجموعات صحافية)
المطلب الثــانـــي: كيــــفيــــة عمـــل وكــــالات الأنبــــاء (التجهيـــزات ومــادة التحـــريــر)
تعتمد وكالات الأنباء في جمع وتوزيع الأخبار على هياكل قاعدية ووسائل تقنية وطاقم بشري متخصص (صحافيون, مصورون, تقنيون, مروجون) وموارد مالية ضخمة وتنظيم متواصل للعمل, ليل نهار بدون انقطاع. أما طريقة عملها فيمكن تلخيصها فيما يلي:
تقوم المكاتب الفرعية والمراسلون المحليون والمبعوثون الخاصون بجمع الأخبار وإرسالها إلى المركز الرئيسي حيث تعاد صياغتها وغربلتها قبل توزيعها لشركائها والمتعاقدين معها وذلك بإحدى الطرق التالية: - "التيكر" العادي أو اللاسلكي, التلغراف, التلكس, الكابلات (الأسلاك) الغائصة, الأقمار الصناعية. وفيما يلي رسم بياني لذلك:
طريقة عمل وكالات الأنباء
المركز الرئيسي
عبر الـ:
- مكاتب فرعية تيكر - مكاتب فرعية
- مراسلون محليون تلغراف - وكالات محلية متعاقدة
- مبعوثون خاصون تلكس - وسائل اتصال مشتركة
هاتف, أقمار صناعية
ومعلوم أن أسلوب كتابة أخبارها متميز على أشكال محددة وقواعد منظمة تُعلم في المدارس الصحافية, وتستلزم مبادئه الأساسية أن تجيب المعلومة أو الخبر أولا بأول على ستة أسئلة تقليدية: من, أين, لماذا, كيف, أو ما يعرف حديثا في المدارس الأمريكية بـ"w5" (Who, What, Where, When, Why ). في الواقع يجب على الوكالة أن تجيب على سؤال: ماذا جرى؟ أما بنية أخبار الوكالات فتخضع عادة لهيكلة ترتيبية تناماوالية من حيث الأهمية. ويطلق على هذه المنهجية التحريرية اسم "المقلوب", بحيث نبدأ بالأهم(1). وذلك بخلاف التحرير أو البناء النصي التقليدي. فمثلا تأتي الرواية العادية على النحو التالي:
- انطلقت الطائرة من "س"
- انفجرت في السماء
- مات جميع ركابها
أما خبر الوكالة فيستعمل الترتيب العكسي مستهلا بالأحدث والأهم:
- مات جميع ركاب الطائرة
- بعدما انفجرت في السماء
- لقد انطلقت من "س"
وهو "أسلوب وكالي" يسمح باختزال الخبر من الأخير.
المطلب الثــالـــــــث: دور وكــــالات الأنبـــــــاء فـــي العمــــــليـــــــــة الإعـــــــلاميــــــــــة
تعتبر وكالات الأنباء من ابرز وسائل الإعلام تأثيراً على الصعيدين الداخلي والخارجي.. وهذا التأثير ناتج عن سببين أساسيين هو أن وكالة الأنباء لا يقتصر عملها على المحيط الداخلي وإنما يشمل نطاق عملها المحيط الخارجي فهي قادرة على الوصول إلى مناطق وبقع جغرافية تعجز وسائل الإعلام الأخرى عن الوصول إليها بسبب الأجهزة المستخدمة في نقل الخبر وبثه.
وتعرف وكالات الأنباء بأنها المؤسسة التي تمتلك إمكانيات واسعة تمكنها من استقبال الأخبار ونقلها وتستخدم شبكة من المراسلين لجمع الأخبار في عدد كبير من دول العالم.. كما تستخدم العديد من المحررين في مركزها الرئيسي يتولون تحرير المواد الإخبارية عالمية كانت أم محلية وإرسالها بأسرع وقت إلى مكاتب الوكالة في الخارج للتوزيع المحلي على الصحف ومحطات الإذاعة والى وكالات الأنباء المتعاقد معها والصحف ومحطات الإذاعة والتلفزيون خارج المناطق المشتركة فيها مباشرة.
وتعد وكالات الأنباء أيضا بأنها وسيلة من وسائل الإعلام غير المباشرة تصل إلى الجمهور من خلال وسائل الإعلام الجماهيرية المعروفة كالصحافة المكتوبة والصحافة المسموعة والصحافة المسموعة المرئية.
وهي المصدر الرئيسي الذي تعتمد عليه وسائل الإعلام وتقتبس منه الأخبار والمعلومات والممون الرئيسي لهذه الوسائل بالمادة الإخبارية على اختلاف أنواعها وأشكالها وتقوم بدور عالمي هام في نقل وتبادل الأنباء عبر القارات ويؤهلها للقيام بهذا الدور قدراتها التكنولوجية وإطاراتها البشرية المدربة التي تستعين بها في جمع الأنباء وتوزيعها بلغات عديدة في مختلف أنحاء العالم, فضلا عن قدراتها المادية التي تجعلها قادرة على نقل أخبار العالم وتشكيل التصورات عن الأشخاص والشعوب والثقافات والوصول إلى كل إنسان على سطح الكرة الأرضية.
كما أن وكالات الأنباء هي مصنع الأخبار في العالم تستخدمها الدول كافة, فهي مؤسسات كاملة واحتكارات دولية لايستهان بها تستخدمها الدول الكبرى في تنفيذ سياستها نشرا وهجوما ودفاعا ودسائس فهي السلاح الرابع مع أسلحة البر والجو والبحر.
لهذا فان الصحيفة والإذاعة قادرتان على تغطية مناطق جغرافية في الغالب تكون قريبة إلى مناطق البث إلا إذا استخدمت وسائل تقوية في الغالب تكون قريبة إلى مناطق جغرافية متعددة وهي عملية قد تكون صعبة في كثير من الحالات.
وفي الأخير لا يمكن إنهاء هذا البحث دون الإشارة بإيجاز إلى الدور الخطير الذي تلعبه الوكالات وخاصة العالمية منها في توجيه الرأي العام المحلي والعالمي. وذلك راجع أساسا إلى مشكلتي تمويلها (سلعتها عالية التكاليف وقليلة الربح) وحساسيتها الطبيعية لسياسة بلدها الأصلي. فهي تخدم أساسا مصالح مموليها وتعمل على الترويج في الميدان الدولي للسياسة التي تتبعها حكوماتها بالنسبة للمشكلات العالمية المختلفة, فتغربل وتوجه الأخبار ثلاث مرات على الأقل, قبل أن ترسلها إلى مستهلكيها: أولا, عند اختيار المراسلين ساعة توظيفهم بالوكالة, ثانيا, عند اختيار هؤلاء المراسلين للمادة الخام للحدث وطريقة تغطيتهم له, وثالثا عن طريق مصلحة التحرير بالمركز الرئيسي. ثم إن هذا الأخير, الذي له جميع صلاحيات التصرف مع الأخبار وفرزها بالقبول, الرفض, التحجيم, التعديل, التأجيل أو حتى الابتكار الكاذب لأغراض معينة, قد يتأثر بتوجيهات جماعات أو هيئات اقتصادية أو سياسية ضاغطة أو مالكة. بالإضافة طبعا إلى أن الموضوعية المطلقة غاية لا تدرك حتى لو استهدفت. خلاصة القول أن حيادية البرقيات النصية الصوتية والمرئية لوكالات الأنباء نسبية جدا, وهذا لا ينفي إمكانية تحري الصدق والدقة في جمع ومعالجة وتوزيع المعلومات. وهذا هو سبب شيوع أن بعض الوكالات أكثر مصداقية من غيرها.
الـــــخاتــــمــــة:
في نهاية طرحنا لهذا الموضوع, نستنتج أن وكالات الأنباء تمثل مصدرا مهما و رئيسيا للأخبار ضمن مسار العملية الإعلامية فلقد تبوأت هذه المؤسسات مركز الصدارة في التعامل مع الأحداث ومتابعتها وتغطية مجرياتها للجمهور عبر شبكاتها ومراسليها في مختلف البلدان والمناطق الساخنة من العالم, وقد استحوذت هذه الوكالات وخاصة الكبيرة منها ذات الصفة العالمية على حيز واسع ومؤثر في هذا الميدان, وبالتالي هيمنتها على مجرى تدفق الأخبار.
و أصبحت هذه الوكالات – مع تطور تقنياتها - تصنع و تسيطر على الرأي العام العالمي كيفما شاءت, و توجهه لأغراض مشبوهة, أصبحت اليوم- أكثر من أي وقت مضى- واضحة للعيان ألا و هي خدمة الصهيونية العالمية التي عرفت دور هذه الوكالات فسيطرت عليها.
و ليس أمام أصحاب القضايا العادلة اليوم إلا سبيل واحد و هو مجابهة هده الوكالات بالمثل , مثلما تحاول بعض وسائل الإعلام المعاصرة فقد نشرت هي الأخرى مراسليها عبر بقاع العالم لجمع الأخبار لصالحها وهي محاولة للخروج من بقعة السيطرة الإعلامية الصهيونية كما تفعل قناة الجزيرة القطرية مثلا .
وفي الأخير نتمنى أن نكون قد استفدنا وأفدنا من خلال عرضنا لهذا الموضوع ونشكركم على حسن الإنباه والتفاعل مع البحث من خلال استفساراتكم.
قائــــــــــــــمة المراجـــــــــــــــــــــع
فهمي دليو, الاتصال- مفاهمه- نظرياته- وسائله, ط1, دار الفجر, 2003
الموقع الرسمي لوكالة الأنباء الجزائرية :
http://www.aps.dz/ar/Page10.asp
موقع وكالة "رويترزReuters " للأنباء (بالعربية) :
http://ara.reuters.com/
مع تحيات
kamizol-128
المـــــقدمـــــة:
المبـــحث الأول: وكـالات الأنبـاء بيـن المفهـوم والنشـأة والتطــور
المطلب الأول: مــــــــــــــــــــفهوم وكـــــــــــــــــــــــالات الأنبـــــــــــــــاء
المطلب الثاني: الأصــــول التـــاريخـــيـــة لـــــوكـــالات الأنـــبــــاء العــالميــة
المطلب الثالث: نشــــــــأة وكــــــالات الأنبــــــاء الجهويـــــــة والمحليـــــة
المبـــحث الثاني: ما هــي أنــواع وكــــالات الأنبــــاء؟
المطلب الأول: الـــــــــــــوكـــــــــــــــــالات العــــــــــــــــالميــــــــــة
المطلب الثاني: الــــــــــــوكـــــــــالات المحليــــــــــــــــة أو الوطنيــــــــــــــــــة
المطلب الثالث: الوكــــــــــــــــــــــــــالات المــــتخصــــصـــــــــــــــــــــــة
المبـــحث الثالث: ما نماذج تنظيـم وكـالات الأنبـاء؟ وكيـف تعمـل؟
المطلب الأول: نمــــــــــاذج تنـــــــــظيـــــــم وكـــــــــــــالات الأنبــــــــــاء
المطلب الثاني: كيفيــة عمــل وكــالات الأنبــاء (التجهيـزات ومـادة التحـريـر)
المبحث الثالث: دور وكــــــــــالات الأنبــــــــاء في العمـــــــــليــــــة الإعلاميـــة
الـــــخاتــــمــــة:
المبحث الأول: وكــــــــــــــالات الأنبـــــاء بيــــــن المفهــــــــوم والنشـــــــــــــــــأة والتطــــــور
المطلب الأول: مـــــــــــــاهيـــــــــــــــــــة وكـــــــــــــــــالات الأنبــــــــــــــــاء
إن تطور الصحافة وخاصة في بداية القرن 19 أظهر أهمية تكنولوجيا الطباعة والتوزيع وخاصة الأخبار التي أصبحت فيما بعد عماد المضمون الصحفي. ونظرا لتعقيد عملية جمع ونقل وتوزيع الأخبار ظهرت الحاجة إلى وكالات متخصصة. فكانت وكالات الصحافة (أو الأنباء) والتي اتخذت اسمها من طبيعة عملها كوكيل إخباري "نصي". ثم وسعت من مدتها التجارية الموزعة لتصبح ثلاثية: النص, الصورة, والصوت, ومن ربائنها لتشمل جل وسائل الإعلام والاتصال, منفتحة بذلك على الجمهور العام. بل قد يصبح اتصالها مباشرا مع هذا الأخير: إن خدمات العديد من الوكالات أصبحت, اليوم وفي العالم أجمع, جزء لا يتجزأ من بنوك المعلومات المفتوحة للجمهور العام على صفحات بعض مواقع شبكة الإنترنت(1).
تعرف وكالات الأنباء بأنها منظمات أو مؤسسات أو هيئات وظيفتها جمع الأخبار و الصور والموضوعات الصحفية من مختلف مناطق العالم.
والوكالة الصحفية الإخبارية هي المطبوعة التي تصدر بصورة مستمرة وباسم معين وتكون معدة لتزود مؤسسات النشر الأخرى بالأخبار والمقالات والصور والرسوم، وتشكل وكالات الأنباء واحدة من أهم مصادر المعلومات التي تتكفل بنشر الأخبار داخل بلد من البلدان أو فيما بينها, ولا تقتصر خدماتها على الصحف فقط بل تتعداها إلى محطات الإذاعة والى غيرها من المنظمات. وذلك بسبب دقة وسرعة الأخبار التي يعدها موظفو ومراسلو الوكالة, وفعالية شبكات اتصالاتها وعملها دون انقطاع لمدة 24 ساعة و 365 يوما.
تعتبر عدد الأخبار اليومية التي تقدمها وكالة الأنباء من تغطية المجالات السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، الترفيهية، الرياضية، السياحية، العلوم، المعلومات، الشؤون الإقليمية، الشؤون الأجنبية. ويتم توزيعها لربائنها لمعرفة ما يدور في أنحاء العالم بمجرد إلقاء نظرة واحدة .
تجدر الإشارة إلى أنه يتم ترقية وكالة الأنباء وذلك طبقا للقانون الخاص بتطوير وكالات الأنباء. يتم حساب عدد موظفي ومراسلي الوكالة في الوقت الراهن، عدد موظفي الوكالة في المقر الرئيس وفروعها داخل البلاد وخارجها، بهدف خدمة توزيع الأخبار والمعلومات المفيدة التي ستصبح إحدى أهم أصول الدولة. كذلك، تسعى الوكالة إلى توسيع نطاق تقديم الأخبار المحلية إلى الخارج باللغات الأجنبية وذلك من اجل نقل الأخبار المحلية وفقا لرؤية الوطنية للوكالة، دون حاجة للاعتماد على وكالات الأنباء الأجنبية.
المطلــــب الثـاني: الأصــــــول التـــــــاريخيــــة لوكـــــالات الأنبــــــــــاء العـــــالميــــــة
تعود الأصول التاريخية لوكالات الأنباء إلى زمن الفينيقيين حيث كان تجارهم كانوا يقومون بجمع الأخبار الضرورية الخاصة بمهنتهم ويرسلنها إلى ربائنهم(1).
و تعود أيضا إلى الرسائل الإخبارية المنسوخة التي ظهرت في أوروبا في العصور الوسطى وعصر النهضة الأوروبية. وكانت الرسائل تُنسخ باليد – حتى بعد اختراع الطباعة بثلاثة قرون- وتحمل أخبار السياسة والاقتصاد والحروب الأوروبية المختلفة وخاصة حرب المائة سنة التي نشبت عام 1337بين الانجليز والفرنسيين. وكان يشترك في هذه الرسائل –أي يقرأونها بمقابل مادي يدفعونه- رجال البلاط الملكي الحاكم والساسة وأثريا التجار والأمراء والملوك, وذلك لارتفاع قيمة الاشتراك فيها فوق طاقة العامة من الناس. ومن أشهر المخبرين الصحافيين الذين كانوا يعدون هذه الرسائل الإخبارية المنسوخة إخوان "فوجرز Fuggers Brothers" في القرن 16 في مدينة "أوجربرج Angsburg" وكانت لهم مكاتب إخبارية فرعية في كل من لندن وباريس وغيرهما من العواصم الأوروبية. وكانوا يحررون رسائلهم بدقة فائقة حتى غدت لا يستغني عنها رجال السياسة والحكم والمال. ولا يزال بعض هذه الرسائل المنسوخة الهامة محفوظًا بالمكتبة القومية في فيينا.
الواقع أن نظم البريد قد ساعدت على رواج هذه الرسائل الإخبارية المنسوخة وانتشارها قبل الصحف. فقد كان أصحاب الصحف يدفعون لمديري مكاتب البريد اشتراكات سنوية مقابل ترجمة ملخصة للصحف الواردة من الخارج. ومن الطريف أن "جون والتر" رئيس تحرير جريدة "التايمز" الانجليزية قد لجأ إلى تعيين مراسلين لصحيفته في الخارج لكي يحبط مؤامرات رجال البريد. ويتلخص من تحكمهم في الأخبار الواردة من الخارج وقد كان جمع الأخبار من الأماكن البعيدة وبطئها وتكلفتها الباهظة مشكلة حقيقية أمام الصحف وفوق طاقة كل صحيفة على حدة(2). لكن تأسيس وكالات الأنباء بمعناه الحديث يرجع إلى نهاية عشرينيات القرن 19, وأول من ابتكر اسم وكالة الأنباء هو "شارل لوي هافاس Charles Louis Havas" المولود في عام 1780. إذ بدأ الفرنسي المجري الأصل "Havas" بالتفكير في الاستغلال التجاري لمجال جمع ونقل الأخبار الذي توقع له مستقبلا زاهرا, فقد افتتح مكتب الاتصالات والمراسلة في باريس وأسماه وكالة "هافاس Havas" قاصدًا منه إيجاد الأخبار كتقارير واقعية صحيحة وسريعة عن الأحداث وليس كشائعات أو تلاعب بالأفكار. وانتهى به الأمر عام 1835, إلى إنشاء أول وكالة أنباء سميت باسمه. وقد رفع شعار ((الإعلام من أجل الإعلام)). وكان ذلك انطلاقا من مكتب لجمع الأنباء بباريس ومراسلين بمعظم العواصم الأوروبية. وكان "شارل لويس هافاس" يعتمد في جمع الأخبار, بالإضافة إلى المراسلين الخاصين, على ترجمة الصحف الأجنبية وعلى البريد والحمام الزاجل ثم التلغراف بعد 1837(تاريخ اختراعه).
وقد جاءت اختراعات التلغراف والتليفون – سلكي ولا سلكي- والراديو بمثابة الثورات العلمية في مجال نقل الأخبار وبثها بالنسبة للصحف ووسائل الإعلام بصفة عامة ووكالات الأنباء بصفة خاصة. وقد حلت هذه الاختراعات مشكلة البطء ولكنها لم تحل مشكلة التكاليف المادية الكبيرة التي تتطلبها عملية جمع الأخبار ونقلها(1).
أما فيما يخص المشتركين الأوائل في وكالة "هافاس" فقد اقتصروا في بداية الأمر على الحكومة الفرنسية ورجال السلك الدبلوماسي وكبار التجار ورجال المال والأعمال, لان الصحافة التي كانت آنذاك تعتمد على المقال قُطعت أخبار هذه الوكالة. ولكن ميل القراء إلى الأخبار أوقف هذه المقاطعة بعد سنة واحدة فقط, فظهرت الصحف الشعبية التي اتخذت وكالات الأنباء مصدرا رئيسيا لها وتوسع انتشارها بفضلها(2).
فوكالة الأنباء اتخذت اسمها من طبيعة عملها كوكيل أو ممثل للصحف, وهي بمثابة جمعية تعاونية تشترك فيها الصحف وغيرها من وسائل الإعلام لجمع الأخبار وتوزيعها لأن كل صحيفة بمفردها لا تستطيع أن تقوم بهذا العمل, ولابد من المشاركة في النفقات(3).
وكانت وكالة "هافاس" للأنباء نقطة انطلاق لأكبر وكالتين أوروبيتين أنشأتها من طرف متربصين ألمانيين كونهما "شارل لويس هافاس" وهما: "برناد وولف" الذي أسس وكالة الأنباء الألمانية بمكتب له بألمانيا عام 1849, و "جوليدس رويتر" الذي أنشأ وكالة "رويتر Reuter" للأنباء بلندن عام 1851.
وأصبحت هذه الأخير أكبر شبكة تلغرافية أوروبية آنذاك والممون الرئيسي للجزر البريطانية وهولندا على تغطية فرنسا, جنوب أوروبا, أمريكا الجنوبية والمستعمرات الفرنسية, أما وكالة "وولف Wolff" فقد احتفظت بتغطية ألمانيا, النمسا, المجر واسكندنافيا.
وشكلت هذه الوكالات الأوروبية الثلاث قوة إعلامية احتكارية رائدة أقسمت السوق العالمية للأخبار ( بموجب معاهدة 1859) حتى أوائل القرن الموالي, حيث تعددت الوكالات الوطنية.
في عام 1849 أسس ستة ناشرين للصحف في مدينة نيويورك الأمريكية وكالة "الأسوشيتد برس" لكي تعاونهم في جميع الأخبار من السفن القادمة من أوروبا والراسية في الموانئ الشرقية للولايات المتحدة الأمريكية, ولقد مرت هذه الوكالة بالعديد من مراحل إعادة التنظيم وانضمام أعضاء جدد إليها حتى استقرت في تنظيمها الحالي منذ عام 1900. وتعد أكبر وكالات الأنباء العالمية. وهي تجمع وتبيع خدماتها الصحفية أو الإعلامية في أكثر من 150 دولة ولـ 10.000 صحيفة وإذاعة, داخل أمريكا وخارجها ويعمل بها أكثر من 2700 إعلامي موزعين على 206 مكاتب إخبارية.وبينما تأسست وكالة "الأسوشيتيد برس انترناشيونال" على هيئة جمعية تعاونية من بعض الصحف, فإن "الأسوشيتيد برس انترناشيونال" نشأت كشركة مملوكة ملكية خاصة ولا زالت كذلك. فقد أسسها عام 1907. "إدوارد Edward" و "سكريبسسScripps " وهو مالك لمجموعة كبيرة من الصحف الأمريكية في ذلك الوقت, وفي عام 1908 اندمجت معها وكالة الخدمة الإخبارية الدولية, والتي كان قد أسسها "وليام راندولف هيرست William Randolph Hearst" وهو أحد مؤسسي مجموعة كبيرة من الصحف الأمريكية أيضا, عام 1909. وأصبحت الوكالتان وكالة واحدة هي (U.P.I) وتتنافس مع (A.P) في جمع وتوزيع الأخبار والصور من أمريكا ودول العالم. ولكنها تتلقى نسبة صغيرة من الدعم المادي الذي تقدمه الصحف الأمريكية اليومية. وتعمل (U.P.I) في أكثر من 100 دولة وتخدم 8000 وسيلة إعلامية داخل الولايات المتحدة الأمريكية وخارجها. ويعمل بها أكثر من 3000 إعلامي في مكتب إخباري(1), قبل أن يبدأ تفكيكها وبيعها عام 1980, فأصيبت بإفلاسات متتالية بعدما تداولتها أيادي عدة مالكين, ليباع ما تبقى منها في منتصف التسعينات للمجموعة السعودية (M.B.C) التي تذيع برامجها الإذاعية والتلفازية باللغة العربية من لندن(2).
وفي بداية القرن 20 تأسست وكالتا "تاس و نوفستي" في الاتحاد السوفياتي سابقا, روسيا ودول الكومنولث الآن. وهذه هي الوكالات العالمية التي تُسيطر على الجزء الأكبر من سوق الأخبار والموضوعات الصحفية الآن. فقد حول الاتحاد السوفياتي وكالة التلغراف الروسية (Rosta) التي أنشئت عام 1918 إلى وكالة "تاس Tass" السوفيتية الشهيرة عام 1925 ثم دعمها عام 1961 بوكالة "نوفوستي". ولقد تأثرت الوكالتين بتفكك الاتحاد السوفياتي فتقلص نشاطها وقل وزنها, قبل أن تستبدلا عام 1992 بوكالتين روسيتين حكوميتين: "إيتر-تاس "Itar-Tass و "ريا-نوفوستي "Ria-Novosti ووكالات خاصة منذ 1993, برزت منها وكالة "إنترفاكس Interfax"
وكانت الوكالتين الأمريكيتان (A.P) و (U.P.I), "رويتر" البريطانية, وكالة الأنباء الفرنسية (A.F.P) و"تاس" سابقا, تعتبر أكبر الوكالات العالمية التي كانت تستقي منها الصحف والإذاعات والتلفزيونات أخبارها. ونظرا لأهمية هذه الوكالات العملاقة ودورها الخطير في توجيه الرأي العام العالمي فقد اشتدى التنافس بينهما وخاصة بعد أن ألغي نظام التحالف الذي طبع نشاط بعضهما حتى بعد الحرب العالمية الأولى. مما أدى إلى نمو بعضهما "A.P" و "Reuter" (التي تحولت إلى Reuters) وأفول البعض الآخر ((U.P.I, Tass وبروز وكالات دولية جديدة منافسة لها, نخص منها بالذكر: الوكالتين اليابانيتين (Kyodo, Jiji Press) والوكالة الصينية (Xin Hua) والوكالة الألمانية (D.P.A) والوكالة الأسبانية (E.F.E).
المطلــــب الثـــالث: نشـــــأة وكـــــالات الأنبــــــــــاء الجهـــــــويـــــة والمــحــــــليــــــة
وفي نفس السياق, تطورت وكالات الأنباء بعد ذلك كمًا و كيفًا حيث ظهرت العشرات من الوكالات الجهوية والمحلية, ومنها أول وكالة عربية للأنباء وهي "سونا" السودانية التي أنشئت عام 1946. وتلتها ثلاث وكالات عربية أخرى في الخمسينيات وعلى رأسها وكالة أنباء "الشرق الأوسط" المصرية (M.E.N.A) التي أنشئت عام 1956 وهي تعتبر أهم وأكبر وكالة عربية لحد الآن. وتوجد حاليا على مستوى العالم العربي حوالي عشرون وكالة أنباء توالى ظهورها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وقد عرف العالم العربي في بداية الأمر أشكالا مختلفة من وكالات الأنباء اتسمت بمحدودية خدمتها وتواضع إمكانياتها الفنية والمالية. ففي عام 1959 تأسست كل من وكالة المغرب العربي بالمغرب (م.ع), ووكالة الأنباء العراقية (و.أ.ع) ثم تلتها عام 1961 كل من وكالة الأنباء التونسية ووكالة الأنباء الجزائرية (التي تأسست بتونس قبل أن تنتقل إلى الجزائر بعد الاستقلال عام 1962). وفي نفس العام ظهرت وكالات أنباء عربية في كل من الأردن (بترا), سوريا (سانا) وليبيا (جانا). وفي العالم التالي ظهرت وكالة الأنباء اللبنانية (ن.ن.أ) ثم تلتها وكالات: موريتانيا, السعودية فلسطين, وباقي الدول العربية. وتختلف قدرات هذه الوكالات من مختلف النواحي وخاصة بالنسبة إلى تغطية الأنباء غير المحلية, العربية منها والدولية.
أما فيما يخص وكالات الأنباء الجهوية والمحلية الأخرى, فيلاحظ الآن وجود وكالات أنباء وطنية في معظم الدول, لكنها تعاني كلها من آثار التبعية الإخبارية للوكالات العالمية, هذا إن لم تكن مرتبطة مباشرة بواحدة أو أكثر من هذه الوكالات. ولكسر طوق هذه الهيمنة الإخبارية فكرت بعض الوكالات الوطنية في التبادلات الثنائية والجهوية, فاشتركت معظم معظم الوكالات الأوروبية التصويرية عام 1948 في وكالة عامة (European Pressphoto Ageney) وشكلت دول أفريقيا عام 1979 "اتحاد وكالات الأنباء الأفريقية" (Pan-African News Agencies) ودول آسيا منظمة وكالاتها للأنباء (Organization Of Asian News Agencies) كما شكلت أيضا وكالة أنباء أمريكا الوسطى (A.C.A.N) عام 1970, ووكالة الأنباء الإسلامية الدولية (I.N.A) التي عقد أول مؤتمر لدراسة مشروع إنشائها عام 1950 في "كاراتشي", لكنها لم تنشأ رسميا إلا في المؤتمر الإسلامي الثالث لوزارة الخارجية عام 1972(وهي في الواقع عبارة عن اتحاد وكالات وطنية), ولم تقم لحد الآن بالدور المنوط بها في مجال الصراع الحضاري القائم نتيجة للإهمال والتهميش. وفي عام 1964 أسس في القاهرة "اتحاد وكالات الأنباء العربية" (F.A.N.A) ولكنه لم يكن له أي نشاط حتى عام 1975, تاريخ تنقله إلى بيروت...أين اقتصر نشاطه أساسا على إرسال صحافيين عرب للتكوين بالخارج, تلته عام 1978 وكالة الأنباء الخليجية (G.N.A). ولم يكن لمعظم هذه التجمعات الجهوية أثر يذكر على تقليص احتكار الوكالات العالمية للأخبار, مثل ما كان الحال بالنسبة لكل من مجمع وكالات أنباء عدم الانحياز ووكالة الأنباء الكاريبية (CA.N.A) اللذين تأسسا عام.(1)1976
المبحث الثاني: مــــــــــــــا هـــــــــي أنـــــــــــوع وكــــــــــــــــــــــــــــالات الأنبــــــــــــــــــــــــاء؟
من خلال ما سبق يمكن القول أن وكالات الأنباء أربعة أصناف: الوكالات العالمية, والوكالات الدولية أو الجهوية, والوكالات المحلية أو الوطنية, والوكالات المتخصصة. وتجدر الإشارة هنا إلى صعوبة تضمين هذا التصنيف العديد من الوكالات لاختلاف مؤشرات ذلك: شبكة جمع الأخبار(الدول المغطاة), شبكة التوزيع (حجم الربائن), الخدمات المقدمة, حجم الموظفين, الموارد المالية. ونحن من خلال بحثنا هذا اخترنا لكم ثلاثة أصناف: الدولية, والوطنية, والمتخصصة.
المطلب الأول: الـــــــــــــوكـــــــــــــــــالات العــــــــــــــــالميــــــــــة.
تتميز وكالات الأنباء العالمية الرئيسية بكثافة وتنوع الخدمات الإعلامية التي تقدمها بسعة توزيعها وبضخامة الوسائل البشرية, و المادية والتقنية التي تملكها. وكان أهمها خمس وكالات وهي: (A.P, U.P.I, Reuter, A.F.P, Tass ), وذلك قبل انسحاب وكالتي (Tass) و (U.P.I) من القاطرة, وبروز وكالات أخرى واعدة مثل (الصينية, اليابانية, الألمانية, الأسبانية...).
وتسيطر على هذا النشاط حاليا وكالة "الأسوشيتدبريس" (A.P) التعاونية: إذ حوالي مليار شخص يحصلون على خدماتها الإخبارية ويشترك فيها 3060 عميل داخل الولايات المتحدة الأمريكية (1555 جريدة و 1505 راديو وتلفزيون) فضلا عن أكثر من 15 ألف صحيفة ومحطة إذاعة وتلفزيون أجنبية في 112 دولة (عام 1995). كما لديها 305 مكتبا: منها 186 داخل أمريكا و119 مكتبا خارجيا. توظف 3030 شخص وتتمتع بقدرة فائقة في سرعة نقل الأخبار (دفعات1200 كلمة في الدقيقة) بفضل شبكة كبيرة من دوائر الأقمار الصناعية والكوابل البحرية ومحطات البث اللاسلكية. وتنافسها في ذلك وكالة "رويتر Reuters" واختصارها (R), ( 40ألف مكتب, 14182 موظف, بورصة عالمية افتراضية, رقم أعمال يقارب ثلاث مليار جنيه, أكثر من 300ألف خط في شبكتها المعلوماتية, دفعات 60 كلمة في الدقيقة...) التي تحولت إلى قوة اقتصادية كبيرة بعدما نوعت نشاطها وركزت منذ 1981 الخدمات المالية التفاعلية على حساب التعامل مع وسائل الإعلام لقلة جدواها المالية(1). وكالة الأنباء الفرنسية (Agence France Press), واختصارها (A.F.P) هي أيضا من المتنافسات فلديها 2500 مشترك في 50 دولة, وتعمل من خلال 75 مكتب إخباري. ولديها 2000 إعلامي مراسل. وتأتي وكالة "تاس Tass" السوفيتية في المرتبة الخامسة. إذ لديها 5500 مشترك, ولها مراسلون في بلدان العالم الكبرى أو الهامة, وشبكة إخبارية قوية داخل الاتحاد السوفياتي(2).
المطلب الثــانـــي: الــــــــــــوكـــــــــالات المحليــــــــــــــــة أو الوطنيــــــــــــــــــة
يشتمل نشاطها الأساسي في جمع وتوزيع المعلومات في بلدها الأصلي, وإن كانت تحاول أن تتجمع وتتعاون مع بعضها للتقليص من الهيمنة الإخبارية للوكالات الكبرى. ولكن الكثير من وكالات الأنباء المحلية تعمل على جمع الأخبار وتوزيعها على الوكالات العالمية التي ترتبط بها باتفاقيات تبادل الأخبار. يوجد هذا النوع من الوكالات في أكثر من 100 دولة, مع ملاحظة تكاثرها منذ الثمانينات وقلة شأن بعضها الذي تشخصه مجرد مكاتب إعلام حكومية(1).
تشكل الوكالات المحلية أو الوطنية المصدر الأساسي للأخبار المتدفقة وطنيا والتي تستغلها بنسبة كبيرة باقي وسائل الإعلام كالصحافة والإذاعة والتلفزيون وهذا ما يجعل وسائل الإعلام في البلد الواحد متشابهة تماما ومعتمدة أساسا على ما تبثه وكالات الأنباء الرسمية وخصوصا فيما يتعلق بمختلف نشاطات السلطة والهيئات الرسمية التابعة لها، وعموما فان حجم الميزانيات المخصصة لوكالات الأنباء المحلية ضعيف إلى حد ما, ولا يسمح في اغلب الأحيان بتطوير شبكه الوكالات على الأقل وطنيا.
فالمكاتب المحلية لهذه الوكالات هزيلة العدد وفي بعض الحالات غير موجودة إطلاقا كما أن العنصر البشري لا يسمح عادة بتطوير شبكة المكاتب المحلية لهذه الوكالات. وقد أدى هذا الوضع إلى سيطرة وكالات الأنباء العالمية على سير تدفق الأخبار محليا ودوليا ذلك لان ضعف وكالات الأنباء المحلية يجعلها تعتمد على الوكالات العالمية. ولوكالات الأنباء المحلية وظيفتان رئيسيتان هما:
- جميع وتوزيع الأنباء المحلية.
- ضبط توزيع واستخدام الأخبار المتدفقة من المصادر المختلفة سواء محلية أو عربية أو عالمية بحيث تراعي وجهة النظر الرسمية وتتفاوت الإمكانات البشرية والمادية والفنية بين وكالات الأنباء المحلية فبعضها كبير والأخر صغير بل إن بعض هذه الوكالات لا تمتلك أجهزة البث الإخباري, فتعمد إلى توزيع نشرات مطبوعة, وتعاني معظم هذه الوكالات من عدم توفر المرسلات الكافية لإيصال نشراتها إلى مناطق أخرى خارج حدودها.
المطلب الثــالـــــــث: الـــــــــــــــــوكـــــــــــــــــــــــــالات المتــــــخـــــصــــصــــــــــــة
بالإضافة إلى هذا النوع من الوكالات (التلغرافية الأصل) ظهرت إلى الوجود عدة وكالات متخصصة في تموين وسائل الاتصال الجماهيرية بالرسوم والنصوص اليومية والمقالات الدورية الجاهزة والوثائق الإعلامية في ميادين خاصة: المعلومات الاقتصادية والمالية أساسا, وكذا الرياضية والدينية...ثم بعد تطور التلفزة, بأفلام وأشرطة وثائقية وعلمية سمعية بصرية. إن هذا النوع من الوكالات المتخصصة لا يمكن مصادفته إلا في الدول ذات النشاط الإعلامي الواسع والمستوى الإعلامي المتخصص الناضج. ومن بين هذه الوكالات: وكالة "فيدس" التابعة للفاتيكان, وكالة الأخبار "العربية", وكالة "جويس تلغرافيك" بالإضافة إلى وكالات الأنباء المصورة الضخمة: وكالة "رويترز Reuters" للأنباء المصورة (Visnews سابقا) ووكالة (W.T.N) أو (U.P.I T.N سابقا) ووكالة "الأسوشيتدبريس" المصورة (A.P Photo), وكالة (Bloomberg) الصاعدة...(1)
ويمكن الإشارة في الأخير إلى بروز منافسين جدد للوكالات الإخبارية السابقة. يتمثلون في بعض الصحف الأمريكية الكبيرة:
New York Times News Service (N.Y.T N.S), Washington Pest-Los Angeles Times News Service (W.P.L.A N.S), (C.N.N)
والمجموعة الصحافية الألمانية: Springer (S.A.D)
المبحث الثــالـــــث: مــــا نمــــــاذج تنــــظيــــــــم وكــــــــالات الأنبـــــــاء؟ وكيــــف تعمـــــــل؟
المطلب الأول: نـــــــــــماذج تنــــــــــظيـــــــــــــم وكــــــــــــــالات الأنبـــــــــــاء يختلف القانون الذي يحكم وكالات الأنباء باختلاف أنظمة الاتصال المتبعة في بلدها الأم. ولكنه, على العموم, يتفق في جميعها بالأخذ بعين الاعتبار المصالح الأساسية للبلد الأصلي وذلك مهما كانت طبيعة نظامه السياسي:
- ففي أنظمة الاتصال غير التابعة للسلطة الحاكمة, يوجد 3 أنواع من الوكالات:
أ) وكالات من نوع المؤسسات التجارية الخاصة, هدفها الربح ولها علاقات تجارية محضة مع ربائنها ومنها: (Havas, Stefanj, Fabra, U.P.I…). وجلها أفلس أو انكمش. وما هو موجود منها الآن صغير الحجم, لأن الظاهر أن هذا النموذج لا يصلح مع الوكالات العالمية العامة.
ب) وكالات من النوع التعاوني وهي "ملكية جماعية" تديرها مؤسسات صحفية وراديوتلفزيونية خاصة, وهي غير موجهة أساسا للربح ومنها: (A.P, D.P.A, Reuter… ).
ت) وكالات تعمل بالنظام المختلط يديرها ممثلون عن الصحافة الخاصة بالاشتراك مع ممثلين عن السلطات العمومية التي تساهم بقسط كبير في تموينها, ومنها (A.F.P, E.F.E, Mena…)
ث) أما في الأنظمة التي يوجه فيها الإعلام من طرف السلطة فإن قانونها الأساسي يتميز بخاصيتين هما: - تكون الوكالة عبارة عن مؤسسة حكومية وبالتالي فهي تخضع للمراقبة اللصيقة للحكومة أو الحزب الحاكم وذلك مثل الوكالة الصينية (Xin Hua) أو وكالة (Tass) السوفيتية التي كانت تابعة لمجلس وزراء الاتحاد السوفياتي, والتي يعتبر مديرها برتبة وزير دولة وهو في نفس الوقت عضو في المكتب السياسي للحرب. فهي في مثل هذه الدول تقوم بدور "مصلحة دعائية" أو "مكتب إعلامي" تحت التصرف(1). – تحتكر هذه الوكالات توزيع الأخبار على المؤسسات المحلية, مثلها في ذلك, مثل مختلف مجالات التجارة الخارجية المحتكرة في البلدان ي يفترض نظامها السياسي ذلك. ولكن الجديد أن تطوير الشبكات المعلوماتية والأقمار الصناعية سيقلل من فاعلية هذا الاحتكار, بحيث أصبح الإرسال والاستقبال المباشرين للأخبار عبر الأقمار منتشرا ومتيسرا.
وعلى العموم, ومهما اختلفت الأنظمة السياسية, يمكن تصنيف وكالات الأنباء حسب النماذج الثلاثة التالية: التجاري الخاص, التعاوني (الخالص والمختلط), العمومي التابع للحكومة. وحسب دراسة أجريت عام 1989 على 172وكالة, اتضح أن 50% منها كانت تعاونية, 28% منها كانت مؤسسات تجارية ( ثلتها تابع لمجموعات صحافية)
المطلب الثــانـــي: كيــــفيــــة عمـــل وكــــالات الأنبــــاء (التجهيـــزات ومــادة التحـــريــر)
تعتمد وكالات الأنباء في جمع وتوزيع الأخبار على هياكل قاعدية ووسائل تقنية وطاقم بشري متخصص (صحافيون, مصورون, تقنيون, مروجون) وموارد مالية ضخمة وتنظيم متواصل للعمل, ليل نهار بدون انقطاع. أما طريقة عملها فيمكن تلخيصها فيما يلي:
تقوم المكاتب الفرعية والمراسلون المحليون والمبعوثون الخاصون بجمع الأخبار وإرسالها إلى المركز الرئيسي حيث تعاد صياغتها وغربلتها قبل توزيعها لشركائها والمتعاقدين معها وذلك بإحدى الطرق التالية: - "التيكر" العادي أو اللاسلكي, التلغراف, التلكس, الكابلات (الأسلاك) الغائصة, الأقمار الصناعية. وفيما يلي رسم بياني لذلك:
طريقة عمل وكالات الأنباء
المركز الرئيسي
عبر الـ:
- مكاتب فرعية تيكر - مكاتب فرعية
- مراسلون محليون تلغراف - وكالات محلية متعاقدة
- مبعوثون خاصون تلكس - وسائل اتصال مشتركة
هاتف, أقمار صناعية
ومعلوم أن أسلوب كتابة أخبارها متميز على أشكال محددة وقواعد منظمة تُعلم في المدارس الصحافية, وتستلزم مبادئه الأساسية أن تجيب المعلومة أو الخبر أولا بأول على ستة أسئلة تقليدية: من, أين, لماذا, كيف, أو ما يعرف حديثا في المدارس الأمريكية بـ"w5" (Who, What, Where, When, Why ). في الواقع يجب على الوكالة أن تجيب على سؤال: ماذا جرى؟ أما بنية أخبار الوكالات فتخضع عادة لهيكلة ترتيبية تناماوالية من حيث الأهمية. ويطلق على هذه المنهجية التحريرية اسم "المقلوب", بحيث نبدأ بالأهم(1). وذلك بخلاف التحرير أو البناء النصي التقليدي. فمثلا تأتي الرواية العادية على النحو التالي:
- انطلقت الطائرة من "س"
- انفجرت في السماء
- مات جميع ركابها
أما خبر الوكالة فيستعمل الترتيب العكسي مستهلا بالأحدث والأهم:
- مات جميع ركاب الطائرة
- بعدما انفجرت في السماء
- لقد انطلقت من "س"
وهو "أسلوب وكالي" يسمح باختزال الخبر من الأخير.
المطلب الثــالـــــــث: دور وكــــالات الأنبـــــــاء فـــي العمــــــليـــــــــة الإعـــــــلاميــــــــــة
تعتبر وكالات الأنباء من ابرز وسائل الإعلام تأثيراً على الصعيدين الداخلي والخارجي.. وهذا التأثير ناتج عن سببين أساسيين هو أن وكالة الأنباء لا يقتصر عملها على المحيط الداخلي وإنما يشمل نطاق عملها المحيط الخارجي فهي قادرة على الوصول إلى مناطق وبقع جغرافية تعجز وسائل الإعلام الأخرى عن الوصول إليها بسبب الأجهزة المستخدمة في نقل الخبر وبثه.
وتعرف وكالات الأنباء بأنها المؤسسة التي تمتلك إمكانيات واسعة تمكنها من استقبال الأخبار ونقلها وتستخدم شبكة من المراسلين لجمع الأخبار في عدد كبير من دول العالم.. كما تستخدم العديد من المحررين في مركزها الرئيسي يتولون تحرير المواد الإخبارية عالمية كانت أم محلية وإرسالها بأسرع وقت إلى مكاتب الوكالة في الخارج للتوزيع المحلي على الصحف ومحطات الإذاعة والى وكالات الأنباء المتعاقد معها والصحف ومحطات الإذاعة والتلفزيون خارج المناطق المشتركة فيها مباشرة.
وتعد وكالات الأنباء أيضا بأنها وسيلة من وسائل الإعلام غير المباشرة تصل إلى الجمهور من خلال وسائل الإعلام الجماهيرية المعروفة كالصحافة المكتوبة والصحافة المسموعة والصحافة المسموعة المرئية.
وهي المصدر الرئيسي الذي تعتمد عليه وسائل الإعلام وتقتبس منه الأخبار والمعلومات والممون الرئيسي لهذه الوسائل بالمادة الإخبارية على اختلاف أنواعها وأشكالها وتقوم بدور عالمي هام في نقل وتبادل الأنباء عبر القارات ويؤهلها للقيام بهذا الدور قدراتها التكنولوجية وإطاراتها البشرية المدربة التي تستعين بها في جمع الأنباء وتوزيعها بلغات عديدة في مختلف أنحاء العالم, فضلا عن قدراتها المادية التي تجعلها قادرة على نقل أخبار العالم وتشكيل التصورات عن الأشخاص والشعوب والثقافات والوصول إلى كل إنسان على سطح الكرة الأرضية.
كما أن وكالات الأنباء هي مصنع الأخبار في العالم تستخدمها الدول كافة, فهي مؤسسات كاملة واحتكارات دولية لايستهان بها تستخدمها الدول الكبرى في تنفيذ سياستها نشرا وهجوما ودفاعا ودسائس فهي السلاح الرابع مع أسلحة البر والجو والبحر.
لهذا فان الصحيفة والإذاعة قادرتان على تغطية مناطق جغرافية في الغالب تكون قريبة إلى مناطق البث إلا إذا استخدمت وسائل تقوية في الغالب تكون قريبة إلى مناطق جغرافية متعددة وهي عملية قد تكون صعبة في كثير من الحالات.
وفي الأخير لا يمكن إنهاء هذا البحث دون الإشارة بإيجاز إلى الدور الخطير الذي تلعبه الوكالات وخاصة العالمية منها في توجيه الرأي العام المحلي والعالمي. وذلك راجع أساسا إلى مشكلتي تمويلها (سلعتها عالية التكاليف وقليلة الربح) وحساسيتها الطبيعية لسياسة بلدها الأصلي. فهي تخدم أساسا مصالح مموليها وتعمل على الترويج في الميدان الدولي للسياسة التي تتبعها حكوماتها بالنسبة للمشكلات العالمية المختلفة, فتغربل وتوجه الأخبار ثلاث مرات على الأقل, قبل أن ترسلها إلى مستهلكيها: أولا, عند اختيار المراسلين ساعة توظيفهم بالوكالة, ثانيا, عند اختيار هؤلاء المراسلين للمادة الخام للحدث وطريقة تغطيتهم له, وثالثا عن طريق مصلحة التحرير بالمركز الرئيسي. ثم إن هذا الأخير, الذي له جميع صلاحيات التصرف مع الأخبار وفرزها بالقبول, الرفض, التحجيم, التعديل, التأجيل أو حتى الابتكار الكاذب لأغراض معينة, قد يتأثر بتوجيهات جماعات أو هيئات اقتصادية أو سياسية ضاغطة أو مالكة. بالإضافة طبعا إلى أن الموضوعية المطلقة غاية لا تدرك حتى لو استهدفت. خلاصة القول أن حيادية البرقيات النصية الصوتية والمرئية لوكالات الأنباء نسبية جدا, وهذا لا ينفي إمكانية تحري الصدق والدقة في جمع ومعالجة وتوزيع المعلومات. وهذا هو سبب شيوع أن بعض الوكالات أكثر مصداقية من غيرها.
الـــــخاتــــمــــة:
في نهاية طرحنا لهذا الموضوع, نستنتج أن وكالات الأنباء تمثل مصدرا مهما و رئيسيا للأخبار ضمن مسار العملية الإعلامية فلقد تبوأت هذه المؤسسات مركز الصدارة في التعامل مع الأحداث ومتابعتها وتغطية مجرياتها للجمهور عبر شبكاتها ومراسليها في مختلف البلدان والمناطق الساخنة من العالم, وقد استحوذت هذه الوكالات وخاصة الكبيرة منها ذات الصفة العالمية على حيز واسع ومؤثر في هذا الميدان, وبالتالي هيمنتها على مجرى تدفق الأخبار.
و أصبحت هذه الوكالات – مع تطور تقنياتها - تصنع و تسيطر على الرأي العام العالمي كيفما شاءت, و توجهه لأغراض مشبوهة, أصبحت اليوم- أكثر من أي وقت مضى- واضحة للعيان ألا و هي خدمة الصهيونية العالمية التي عرفت دور هذه الوكالات فسيطرت عليها.
و ليس أمام أصحاب القضايا العادلة اليوم إلا سبيل واحد و هو مجابهة هده الوكالات بالمثل , مثلما تحاول بعض وسائل الإعلام المعاصرة فقد نشرت هي الأخرى مراسليها عبر بقاع العالم لجمع الأخبار لصالحها وهي محاولة للخروج من بقعة السيطرة الإعلامية الصهيونية كما تفعل قناة الجزيرة القطرية مثلا .
وفي الأخير نتمنى أن نكون قد استفدنا وأفدنا من خلال عرضنا لهذا الموضوع ونشكركم على حسن الإنباه والتفاعل مع البحث من خلال استفساراتكم.
قائــــــــــــــمة المراجـــــــــــــــــــــع
فهمي دليو, الاتصال- مفاهمه- نظرياته- وسائله, ط1, دار الفجر, 2003
الموقع الرسمي لوكالة الأنباء الجزائرية :
http://www.aps.dz/ar/Page10.asp
موقع وكالة "رويترزReuters " للأنباء (بالعربية) :
http://ara.reuters.com/
مع تحيات
kamizol-128
الأحد نوفمبر 27, 2022 9:16 pm من طرف Faizafazo
» برنامج احترافي في تنقيط التلاميذ تربية بدنية ورياضية وكل ما يحتاجه استاذ التربية البدنية والرياضية في المتوسط
الأحد يونيو 27, 2021 7:33 pm من طرف تمرت
» مفاهيم عامة .الاعلام و الاتصال
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:51 am من طرف المشرف العام
» نظريات الاعلام وحرية الصحافة و علاقة الصحافة بالسلطة
الثلاثاء فبراير 16, 2021 10:50 am من طرف المشرف العام
» نشأة وتطور الصحافة في العالم و الوطن العربي
الجمعة يناير 15, 2021 11:48 am من طرف المشرف العام
» ترحيب و تعارف
السبت يونيو 13, 2020 10:39 pm من طرف صقر السردي
» كتب تاريخ الجزائر في القديم والحديث
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الثورة الجزائرية ،"ثورة المليون و نصف المليون شهيد"
السبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام
» الادارة وتعريفها
السبت مايو 16, 2020 3:28 pm من طرف المشرف العام
» مقياس :تاريخ وسائل الاعلام
السبت مايو 16, 2020 2:57 pm من طرف المشرف العام