هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مرحبا بكم في هذا المنتدى الخاص بعلوم الإعلام و الإتصال و العلوم السياسية والحقوق و العلوم الإنسانية في الجامعات الجزائرية
. نرحب بمساهماتكم في منتدى الطلبة الجزائريين للعلوم السياسية و الاعلام والحقوق و العلوم الإنسانية montada 30dz

دخول

لقد نسيت كلمة السر

المواضيع الأخيرة

» مشاركة بحث
العولمة ، الحداثة، الحضارة …، و تأثيرها على العالم العربي. Icon_minitimeالأحد نوفمبر 27, 2022 9:16 pm من طرف Faizafazo

» برنامج احترافي في تنقيط التلاميذ تربية بدنية ورياضية وكل ما يحتاجه استاذ التربية البدنية والرياضية في المتوسط
العولمة ، الحداثة، الحضارة …، و تأثيرها على العالم العربي. Icon_minitimeالأحد يونيو 27, 2021 7:33 pm من طرف تمرت

» مفاهيم عامة .الاعلام و الاتصال
العولمة ، الحداثة، الحضارة …، و تأثيرها على العالم العربي. Icon_minitimeالثلاثاء فبراير 16, 2021 10:51 am من طرف المشرف العام

» نظريات الاعلام وحرية الصحافة و علاقة الصحافة بالسلطة
العولمة ، الحداثة، الحضارة …، و تأثيرها على العالم العربي. Icon_minitimeالثلاثاء فبراير 16, 2021 10:50 am من طرف المشرف العام

» نشأة وتطور الصحافة في العالم و الوطن العربي
العولمة ، الحداثة، الحضارة …، و تأثيرها على العالم العربي. Icon_minitimeالجمعة يناير 15, 2021 11:48 am من طرف المشرف العام

» ترحيب و تعارف
العولمة ، الحداثة، الحضارة …، و تأثيرها على العالم العربي. Icon_minitimeالسبت يونيو 13, 2020 10:39 pm من طرف صقر السردي

» كتب تاريخ الجزائر في القديم والحديث
العولمة ، الحداثة، الحضارة …، و تأثيرها على العالم العربي. Icon_minitimeالسبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام

» الثورة الجزائرية ،"ثورة المليون و نصف المليون شهيد"
العولمة ، الحداثة، الحضارة …، و تأثيرها على العالم العربي. Icon_minitimeالسبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام

»  الادارة وتعريفها
العولمة ، الحداثة، الحضارة …، و تأثيرها على العالم العربي. Icon_minitimeالسبت مايو 16, 2020 3:28 pm من طرف المشرف العام

» مقياس :تاريخ وسائل الاعلام
العولمة ، الحداثة، الحضارة …، و تأثيرها على العالم العربي. Icon_minitimeالسبت مايو 16, 2020 2:57 pm من طرف المشرف العام


2 مشترك

    العولمة ، الحداثة، الحضارة …، و تأثيرها على العالم العربي.

    aicharacha
    aicharacha


    البلد : أحبك يا جزائر
    عدد المساهمات : 109
    نقاط : 225
    تاريخ التسجيل : 26/12/2009
    العمر : 35

    العولمة ، الحداثة، الحضارة …، و تأثيرها على العالم العربي. Empty العولمة ، الحداثة، الحضارة …، و تأثيرها على العالم العربي.

    مُساهمة من طرف aicharacha الجمعة يناير 15, 2010 1:48 pm

    بقلم: نجيم دريكش الدحماني ، في 6 يناير 2008 الساعة: 12:56 م -مدونات مكتوب

    العولمة ، الحداثة، الحضارة …، و تأثيرها على العالم العربي.


    مقدمة
    تميزت التحولات الدولية الأخيرة بزيادة عمليات الاتصال المتعددة الأوجه و المجالات بشكل تلاشت فيه الحدود بحيث أصبح العالم عبارة عن قرية صغيرة. و قد نتج عن ذلك حالات من التعاون أو الصراع في أشكال غير مسبوقة، و يعتبر ذلك انعكاسا طبيعيا لتفاقم تداعيات ظاهرة العولمة. و من جهة أخرى تحول التنافس الذي كان سائدا بين الشرق و الغرب إلى تفاوت صارخ بين الشمال و الجنوب.

    و في هذا الصدد برزت إلى السطح الكثير من المفاهيم و المصطلحات مثل: العولمة، الحداثة و ما بعد الحداثة، الثقافة، الحضارة …، و لاقت اهتماما واضحا من قبل المفكرين من خلال عقد العديد من الندوات و الحلقات النقاشية بهذا الشأن خاصة العرب منهم، بحكم موقعهم في النظام الدولي الجديد من جهة، و من أجل محاولة الاستعداد للتأقلم وتفادي الانجراحية Vulnérabilité ) ) من جهة أخرى.

    و رغم أن أفكار الحداثة و الأسس التي يمكن أن تؤدي إلى التطور و التقدم ليست حكرا على مجتمعات و دول الشمال ـ على الأقل على المستوى النظري ـ إلا أن إشكالية التخلف و التبعية متعددة المجالات مازالت تطبع معظم إن لم نقل كل الدول العربية كجزء مهم من العالم الثالث.

    و على هذا الأساس نتساءل: كيف أثرت العولمة و الحداثة على العالم العربي ؟

    و قبل البداية في تقديم هذه الورقة نضع الفرضية التالية: كلما كان التحديث مراعيا لخصوصيات البيئة الداخلية كان ناجعا، و كلما أُهملت هذه الخصوصيات أدى ذلك إلى العكس.

    و سنحاول معالجة هذه الإشكالية و الفرضية من خلال العناصر التالية:
    أولاً: الإطار النظري و المفاهيمي
    01. تحديد المفاهيم

    02. التحليل النظري الماركسي لتأثير العولمة.

    ثانياً: تأثير العولمة والحداثة على العالم العربي.

    01. الانعكاسات السلبية.

    02. سبل المواجهة و التكيف.

    خاتمة.



    أولاً: الإطار النظري و المفاهيمي



    01. تحديد المفاهيم:

    إضافة إلى مفهومي العولمة و الحداثة، نحاول أن نتناول بعض المفاهيم الأخرى ذات الدلالة القريبة من هذين المفهومين، و المتداولة في نقاشات من هذا النوع، و التي تكون أحيانا متداخلة مثل: الحضارة و الثقافة.
    1. الثقافة و الحضارة Culture et Civilisation :

    بالنسبة لمفهوم الثقافة، فإن هناك العديد من التصورات و التعاريف حول هذا المصطلح، تتباين بعضها و يتقارب البعض الآخر. غير الذين بحثوا في هذا المفهوم أقروا بأنها ” ثمرة كل نشاط محلي نابع عن البيئة و معبر عنها و مواصل لتقاليدها في هذا الميدان أو ذاك “.(1)

    و المنجز الثقافي كما يرى جون ديوي هو محصلة التفاعل بين الإنسان و بيئته (2) ، في حين يرى ابن خلدون أن الثقافة مرادف للعمران.

    أما الحضارة فتختلف التعاريف حولها باختلاف المفكرين و الزوايا التي ينظرون منها خاصة العناصر المكونة للحضارة.

    و يعتبر تعريف وول ديورنت صاحب موسوعة ” قصة الحضارة ” من بين أشمل التعاريف و أكثرها تجريدا، حيث يعرفها بأنها : ” نظام اجتماعي يعين الإنسان على زيادة إنتاجه الثقافي، و تتكون من عناصر أربعة هي: الموارد الاقتصادية، النظم السيــاسية، التقاليد الخلقية (القيم الأخلاقية و الدينية)، و العلوم و الفنون، و هي تبدأ حيث ينتهي القلق و الاضطراب…” (3)

    و إذا أردنا أن نربط بين الثقافة و الحضارة فيمكن القول بأن الحضارة ملك للجميع و يجب أن تكون كذلك، أما الثقافة فهي حالة يختص بها شعب ما، و هذه الخاصية تمكنه من تأطير نفسه و تحديد هويته بناء على عناصرها و أدواتها الحية المتحركة و الفاعلة في مختلف الاتجاهات التي تؤكد خصوصية هذا الشعب.. ، و الثقافة التي تأخذ بعدا إنسانيا ه التي تخلق حضارة إنسانية “.(4)
    ب. الحداثة Modernisme :

    الحداثة أو التحديث Modernisation في جانبها الفلسفي و المجرد تعني التحول من نمط إلى نمط جديد، و الثورة على ما هو تقليدي و غير مفيد من مفاهيم و قيم و ثقافة، مع رفض الإتباع غي الواعي أو الموروث، و ينبع هذا التوجه من الذات الفردية أو الجماعية، و ذلك بعد عجز النمط القديم عن مسايرة التطورات الجديدة.

    ب.1. الحداثة الغربية:

    بتعلق مصطلح الحداثة عود الغرب بحركة النقد الأدبي و الفكري و الثقافي و الفلسفي و الاجتماعي…، و التي بدأت في أوروبا منذ أواخر القرن السادس عشر و بداية القرن السابع عشر، و تأثير ذلك كله في الليبرالية السياسية و الاقتصاد والديمقراطية و حقوق الإنسان و باقي المجالات.

    و يعتبر المؤرخ البريطاني آرنولد توينبي أن الحداثة قد بدأت في 1875، و قد شهدت الفترة ما بين (1910-1950) ذروة نشاط الحداثة لتبدأ بعد ذلك حقبة أخرى اصطلح على تسميتها ” ما بعد الحداثة “. وإن كان البعض يعتبر ما بعد الحداثة ظاهرة ارتبطت بالمعلوماتية و الاتصال، فإنها ـ وما كان قبل ذلك ـ تعتبر من امتدادات الحداثة المرتبطة بالصناعة (5)

    و عن الحداثة في شقها السياسي يرى صامويل هينتنغتون أنه كلما كانت هناك أحزاب سياسية متعددة و قوية كلما كانت هناك مشاركة أوسع، و أدى ذلك إلى حل النزاعات بالطرق السلمية و بالتالي يكون لدينا استقرار سياسي، عندها نكون أمام حداثة أحسن.(6)

    هناك كذلك من يربط الحداثة الغربية ـ خاصة في جانبها السياسي ـ بإفرازات الحرب العالمية الثانية، أين وجدت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها أمام وضع دولي يطالبها بلعب دور قومي من جهة و دولي من جهة أخرى غير مسبوق.

    إذن هناك طروحات متعددة و مختلفة حول الحداثة الغربية بحيث يمكننا أن نقول أن هناك حداثات متعددة و ليس حداثة واحدة.

    ب.2. الحداثة العربية و الإسلامية:

    إذا أردنا أن نرجع إلى الحداثة في إطارها الفلسفي فإنا نجد ـ و بصفة موضوعية ـ أنها ليست أمرا جديدا على الحضارة العربية و الإسلامية، فالإسلام بحد ذاته مشروع حداثي غير القيم و المفاهيم السائدة و أبقى على ما هو حسن، و حرك أتباعه نحو التحرير و النهضة و التغير نحو الأفضل، و رفض التقليد و الإتباع عن غير علم و عن غير هدف، و كان ذلك منذ بداية رسالة الإسلام.

    و شهد الفكر و العمل الإسلامي العربي حالات من الحداثة و التجديد المهمة و المتتابعة، و أهمها حركات و جهود الإصلاح التي بدأت في القرن التاسع عشر الميلادي مع محمد عبده ، وجمال الدين الأفغاني، و تلامذتهما أمثال لطفي السيد و رشيد رضا.. وغبرهم، (7)

    و بالنسبة للحداثة العربية الإسلامية اليوم، فإنها حبيسة الأذهان و لا تتعد مجرد بعض الأفكار التي لا سبيل إلى تمكينها، و ذلك راجع إلى سيطرة عامل القوة التي تحمي و تجسد الفكرة على أرض الواقع.

    و إذا أردنا أن نجري مقارنة بسيطة بين الحداثة الغربية والحداثة العربية الإسلامية، فإن الفرق الجوهري بينهما ـ و الذي جعل النمط الأول أكثر انتشارا و تمكينا في واقع اليوم ـ هو امتلاك الأدوات اللازمة و القوة الكافية تماما التي تؤدي إلى ذلك.
    ج. مفهوم العولمة Mondialisation :
    كما نعلم فإنه ليس هناك تعريف جامع مانع للعولمة في أدبيات العلاقات الدولية من حيث المفهوم أو ظهورها أو طبيعتها، فهذا المصطلح يحمل عدة تفسيرات، لذلك نحاول أن نأخذ بعض التعاريف ومنها:

    تعريف صادق جلال العظم للعولمة: ” هي وصول نمط الإنتاج الرأسمالي إلى نقطة الانتقال من عالمية دائرة التبادل و التوزيع في السوق إلى عالمية دائرة الإنتاج و إدارة الإنتاج “

    تعريف الجابري: ” العولمة تعني الهيمنة و فرض نمط واحد للاستهلاك و السلوك “.(Cool

    تعريف الأستاذ كيبش عبد الكريم: ” العولمة هي اتجاه Tondency ، يريد المجتمع الدولي الوصول إليها أو يكون قد وصلها نتيجة التداخل الدولي المبني على الاعتماد المتبادل، و الانتقال إلى مستوى أعلى من التفاعلات الدولية الجديدة في ظل وجود وحدات أخرى منافسة لدولة القومية في سيادتها، بحيث تصبح العلاقات تتصف بالشمولية خاصة بالنسبة للاقتصاد و التجارة الدولية و تحرك رؤوس الأموال “.(9)

    ورغم اختلاف التعاريف الواردة حول العولمة إلا أن هناك شبه إجماع على أنها مسار لظاهرة متعددة الأبعاد و الانعكاسات. تتجه في مجملها نحو التأكيد على أن آليات اقتصادية و معلوماتية و ثقافية و سياسية عديدة، ساهمت في اتجاه العالم نحو التزي بزي موحد أو التشكل بمظاهر متشابهة في عوالم السياسية و الاقتصاد و المعلومات و الثقافة. (10) و ذلك وفق النمط الغربي الأمريكي.

    و فيما يخص علاقة المفاهيم آنفة الذكر بعضها البعض فإن الحضارة أشمل من القافة و الحداثة و العولمة، أما من الناحية العملية و الواقعية فإن العولمة هي النمط المهيمن، و الحداثة هي صورة أو شكل من أشكالها، في حين أن الحضارة بالمفهوم المهيمن هي المكون الداخلي أو جوهر العولمة.

    02. التحليل النظري الماركسي لتأثير العولمة:

    و نعتمد في تحليلنا على أهم نظريتين في المدرسة الماركسية من أجل فهم و تفسير علاقة التأثير و التأثر بين الشمال و الجنوب.

    أ. نظرية المركز و المحيط:

    تنسب هذه النظرية إلى سمير أمين على إثر مجيء العالم الثالث كمصطلح و كواقع إلى الساحة الدولية، و استنادا إلى مفهومي “المركز”و“المحيط ” يقسم العالم إلى بلدان المركز الرأسمالية، و يعني بذلك الدول الغربية المصنعة من ناحية، و من ناحية أخرى دول المحيـط التي تضم عددا ضخما من دول العالم الثالث المتخلفة. و وفق هذه النظرية تتلخص العلاقات الدولية في علاقات التبعية و السيطرة بين البلدان المتـقدمة في الشمال و البلدان المتخلفة في الجنوب (11) .

    إلا أن محاولة فهم و تفسير أسباب التخلف لدى دول العالم الثالث كان واضحا في نظرة التبعية أكثر منه في نظرية المركز و المحيط.

    ب. نظرية التبعية:

    كانت هذه النظرية نتاج تنامي المقتربات البنيوية أو الماركسية /البينينية في دول أمريكا اللاتينية (12) ، وتقوم على تحليل عوامل التخلف و أسباب بقائه، و انتقاد التصورات السلوكية المتمثلة في التأكيد على أن التخلف منشؤه البنية الثقافية و الحالة النفسية لما يسمى بالمجتمعات التقليدية العاجزة عن الارتقاء إلى مستوى الحداثة.

    و على خلاف التيار الواقعي يعتقد رواد التبعية أن الدولة ليست الفاعل الوحيد، بل هي في حد ذاتها نظام اجتماعي مكون من طبقات (13)، فالتبعية و التخلف تبدأ داخل هذا النظام الاجتماعي الذي تخضع فيه الطبقة الكادحة لمُلاك رؤوس الأموال وسائل الإنتاج.

    و نظرية التبعية ترى أن ظاهرتي التنمية و التخلف صورتان لواقع واحد، هو واقع النظام الدولي الذي أقامه ظهور الرأسمالية و تطور هذا النظام. فالتبعية هي حالة من خلالها يبقى اقتصاد عدد معين من الدول مشروطا بتطور و توسع دول أخرى،.. بوضع الدول التابعة في موقع متخلف مستغلة من قبل الدول المسيطرة (14)

    و منه فإنه وفق هذا المنظور فإن العولمة ـ رغم كونها ظاهرة جديد إلى حد ما ـ فإنها تكرس من خلال مختلف آلياتها لعلاقات تبعية في شكل أخطر من الشكل التقليدي حسبما يراه مناهضو العولمة.

    ثانيا: تأثير العولمة و الحداثة على العالم العربي:

    رغم خروج الدول العربية من الاستعمار و مباشرتها لعمليات التحديث و بناء الدولة القومية، إلا أن التاريخ المعاصر يشهد على الأوضاع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي مرت بها هذه الدول عبر مختلف التحولات الدولية الكبرى حديثا ( الحربين العالميتين و الحرب الباردة و نهايتها ).

    و يقر الواقع الحالي لهذه الدول على أنها مازالت تعاني التخلف على مستويات مختلفة و سبب ذلك راجع إلى كون هذه الدول تعرضت للاستعمار المباشر الذي نتجت عنه العديد من الآثار السلبية على المجتمعات العربية. و من جهة أخرى أدى تراجع الاتحاد السوفيتي إلى وضع حرج لأغلب الدول العربية التي كانت تنهج النهج الاشتراكي، حيث تكيفت سلبيا مع هذه التحولات.

    و بعد هذه التحولات، كانت ظاهرة العولمة ـ بمظهرها الحاثي الغربي ـ قد أسست لنمط جديد من التفاعلات الدولية التي تسودها هيمنة القطب الواحد في ظ استمرار اتساع الهوة بين الشمال و الجنوب.

    01. الانعكاسات السلبية:

    أ. على المستوى السياسي:
    لعل أبرز العوامل والمتغيرات الدولية المعاصرة أو العوامل الخارجية التي دفعت بالبلدان العربية نحو مزيد من التداعي و التراجع، تمثلت في انهيار الاتحاد السوفيتي ـ كما ذكرنا ـ و الهجوم الإمبريالي ضد العراق (المحاصر)، و ولادة مشاريع التسوية العربية / الإسرائيلية و ما تلا ذلك من عمليات التطبيع السياسي للعديد من بلدان النظام العربي مع العدو الصهيوني (15). و هذا ما أدى إلى تفكك و فوضى في النظام العربي الإقليمي.

    لقد أدى هذا الوضع إلى تغير في المفاهيم و المبادئ والأهداف،.. حيث انتقل النظام العربي بمجمله من أرضية التحرر الوطني و الاجتماعي كعنوان رئيسي (سابق) إلى أرضية التبعية و الانفتاح و الارتهان السياسي كعنوان جديد.. ، و لم تعد بذلك القضايا العربية الداخلية و الخارجية عموما و القضية الفلسطينية بالذات، تمثل صراعا مصيريا لا يقبل المصالحة بين طرفيه: الإمبريالية العالمية و إسرائيل من جهة، و حركة التحرير الوطني العربية من جهة أخرى. و تحول التنفس و الصراع الأساسي إلى شكل آخر أشبه بالتوافق الرسمي العربي / الأمريكي / الإسرائيلي (16).

    إن ما يمكن أن نقوله في هذا الجانب، هو أن الدول العربية قد أصبحت شبه فاقدة للسيادة لعدم قدرتها على تبني أي موقف شجاع و صارم في هذا المجال، نتيجة تبني مبدأ المصلحة القطرية الضيقة الذي زاد في عدم فعالية مؤسسات التكامل و الاندماج العربية.
    ب. على المستوى الاقتصادي:
    لقد قام بالوظيفة الاقتصادية للعولمة أهم مؤسستين من المؤسسات الدولية التي كرست لخدمة النظام الرأسمالي الراهن، و هاتين المؤسستين هما:

    - صندوق النقد الدولي: الذي يشرف على إدارة النظام النقدي العالمي و يقوم بوضع سياساته و قواعده الأساسية، و ذلك بالتنسيق الكامل مع البنك الدولي، سواء في تطبيق برامج الخصخصة و التكيف الهيكلي أو في إدارة القروض و الفوائد و الإشراف على فتح أسواق الدول النامية أمام حركة بضائع و رؤوس أموال البلدان المصنعة.

    - منظمة التجارة العالمية: و هي أهم و أخطر مؤسسة من مؤسسات العولمة الاقتصادية، تقوم بالإشراف على إدارة النظام التجاري العالمي الهادف إلى تحرير التجارة الدولية و إزاحة الحواجز الجمركية، و تأمين حرية السوق و تنقل البضائع.. بالتنسيق المباشر وعبر دور مركزي مع للشركات متعددة الجنسية (17).

    و رغم محاولة مسايرة و استجابة الدول العربية لإملاءات مؤسسات الحكم الاقتصادي العالمي، إلا أن ذلك لم يكن بالشكل الذي يحمي هذه الدول من مختلف الآثار السلبية، و نبين ذلك من خلال ما يلي:

    · تخلي الحكومات عن القيام بمسؤولية التنمية نتيجة تهميش عمليات التخطيط المركزي المتعلقة بتنمية مختلف القطاعات الحساسة، قابل ذلك فشل القطاع الخاص في سد الفراغ كونه يهدف إلى الربح فقط.

    · العجز في زيادة الادخار المحلي و الفشل في اجتلاب الاستثمار الأجنبي.

    · ندرة التصدير خارج مجال المحروقات.

    · زيادة مظاهر التبعية خاصة في مجال التكنولوجيا و الطاقة البديلة و التقنية، و أحيانا حتى في مجال الغذاء و اللباس.

    · تراجع أو شبه غياب التجارة البينية العربية.

    · تراجع نسبة مساهمة الإنتاج الإجمالي العربي من إجمالي الإنتاج العالمي،( من 3.1 % أي ما يعادل 650 مليار دولار سنة 1993، إلى 2.3 % أي ما يعادل 599 مليار دولار سنة 2000 (18).

    ج. على المستوى الاجتماعي:

    يرى الباحث الفلسطيني غازي الصوراني أن أزمة المجتمع العربي تعود في جوهرها إلى أن البلدان العربية عموما لا تعيش زمنا حداثيا أ حضاريا، و لا تنتسب له جوهريا، و ذلك بسبب فقدانها ـ بحكم تبعيتها البنيوية ـ للبوصلة من جهة، و للأدوات الحداثية الحضارية و المعرفية الداخلية التي يمكن أن تحدد طبيعة التطور المجتمعي العربي و مساره و علاقته بالحداثة والحضارة العالمية أو الإنسانية ” (19).

    لقد كانت الأوضاع الاجتماعية للدول العربية انعكاسا مباشرا لتردي الأوضاع الاقتصادية التي كانت عليها، و يمكن أن نشير إلى بعض مظاهر التردي الاجتماعي التي ما تزال من مميزات مجتمعاتنا إلى يومنا هذا، و منها:

    · ظهور الطبقية في أغلب أو كل المجتمعات العربية، مع غياب الطبقة الوسطى و تفاقم معدلات البطالة و الفقر.

    · أزمة الهوية و الانتساب لدى الشعوب العربية و فقدان الثقة بين الحكام و المحكومين مما أدى إلى تذبذب الولاء.

    · مظاهر التفكك الأسري و الإنحلال الأخلاقي نتيجة الاستعمال السيئ و غير الواعي لوسائل ثورة الإعلام و الاتصال.ذ



    02. سبل المواجهة و التكيف:

    رغم أن تجليات العولمة تؤكد اتجاه العالم نحو هيمنة الأطراف القوية على جميع الجبهات، كما أنه لا جدال في أن صد العولمة بات مستحيلا بل من المستحيل رفض الاندماج في النظام الكوني الجديد أو المستحدث، حيث أصبح الدخول في هذا النظام واقع لابد منه، إلا أنه و من المؤكد أننا في حاجة إلى آليات جديدة و وسائل فعالة من شأنها أن تغير ثوابت الفكر و البحث عن آليات للحفاظ على الخصوصيات، و لن يأتي ذلك إلا من خلال إرادة قوية هي إرادة البقاء و المنافسة في السوق الحضاري العالمي (20)، خاصة في ظل الإدراك المتزايد لطبيعة التناقض بين خطاب العولمة و سلوك دعاتها (21).

    و فيما يخص عملية التكيف الإيجابي مع العولمة و الحداثة الغربية و مختلف التغيرات التي حصلت أو يمكن أن تحصل على المستوى العالمي، يقدم الدكتور حسن البزار جملة من الإجراءات الممكنة، و أهمها:

    ü التأكيد المتواصل على إضفاء الروح الحضارية للأمة العربية و المتمثلة في الدين الإسلامي.

    ü السعي الحثيث لاتخاذ خطوات بناءة نحو تبني سياسات و إجراءات اقتصادية إصلاحية واسعة، تمنحنا القدرة على مواجهة الصعاب الاختلالات السياسية.

    ü تفعيل عناصر القوة المتاحة في النظام العربي، و السعي الحقيقي لصيانة أسس النظام العربي من احتمالية تداعياته، و إن لم نكن في المكانة التي تؤهلنا للدفع به إلى الأمام و البناء، و الإصرار على عدم الوصول إلى درجة فقدان الهوية القومية التي تشكل العمود الفقري لهذا النظام.

    ü عدم إغفال المجتمع المدني، أو تجاهل أداء موسساته أو الانخراط الكامل وراءه، بل السعي لتنشيطه و تحسين سبل ممارسة الحكم و تنمية وسائل إدارته.

    ü العمل الجاد لتقليل حالة التوتر و مظاهر الاحتقان السياسي الحاصلة بين النظم و الحكومات و المعارضات الوطنية، و تسهيل و سائل المشاركة السياسية التي تهدف إلى ترشيد عملية صنع القرارات و رسم السياسات الحكيمة من خلال الانتقال و التحول الديمقراطي و تخفيف روابط التبعية الخارجية.

    ü إعادة تقييم العلاقات العربية مع الانفتاح العربي و تفضيل المصالح العليا على المصالح القطرية، و إعادة تقييم علاقاتها الخارجية مع دول الجوار بموجب القضايا و المصالح العليا المشتركة للأمة العربية و ليس على أساس المصلحة القطرية الضيقة.

    ü العمل الصادق للوصول إلى مشروع حضاري عربي ينسجم مع معطيات الوضع العربي الراهن، و تتماشى مع الخيارات العالمية القائمة، و يدفع إلى تحقيق الرؤى العربية الناضجة في الوحدة العدالة و التنمية الديمقراطية و الاستقلال و الحفاظ على الأصالة و التراث و حفظ الكرامة.(22)



    و تبقى هذه المقترحات مجرد أفكار و اقتراحات لا تجد قيمتها إلا أذا لاقت القبول لدى النخب و صانعي القرار في أقطارنا العربية.

    خاتمة

    من خلال هذه الورقة البحثية التي حاولنا فيها توضيح تأثيرات العولمة و الحداثة و الحضارة على البلدان العربية، يمكن أ، نستنتج جملة من النتائج هي كما يلي:

    1. أن الحضارة أو الحداثة أو العولمة عبارة عن مسار، قابل للتطور و التغير من حيث التأثير و التأثر، حيث يمكن للعالم العربي ـ إذا أخذ بالأسباب و استغل إمكانياته ـ أن يساهم في هذا المسار بفاعلية خاصة إذا فعل عناصر الحضارة التي يمتلكها.

    2. أن الحداثة ليست ترفا فكريا بل هي تطبيق منهجية عامة للتحليل، و طريقة في التفكير متعددة الجوانب و الأبعاد.

    3. أن الدمقرطة و التحديث لا يمكن أن تكون مجرد وصفة جاهزة ـ بالرغم من وجود معايير كونية لها ـ ، و إنما هي في الأساس فعل محلي داخلي وطني، و تفاعلات و نضالات شعبية.

    4.


    (1) . محمد مقدادي. العولمة… رقاب كثيرة و سيف واحد. طبعة ثانية. الأردن: المؤسسة العربية للدراسات و النشر. 2002. ص 117.

    (2) . نفس المرجع و نفس الصفحة.

    (3) . نادية محمود مصطفى. حوار الحضارات … إشكاليات الجدوى و الفعالية.

    متحصل عليه من الموقع:

    http//:www.atida.org/makal.php.id=42

    (4) . محمد مقدادي. المرجع السابق. ص 118.

    (5) . إبراهيم غرايبة. الغربية .. مطلب أم تحد.

    متحصل عليه من الموقع:

    http//:www.aljzeera.net

    (6). عبد الكريم كيبش. العولمة و تأثيرها على العمل الاستراتيجي. ( محاضرات ألقيت على طلبة السنة الأولى ماجستير علاقات دولية ). جامعة محمد خيضر.بسكرة. 2007.

    (7). إبراهيم غرايبة. نفس المرجع .

    (Cool. رياض حمدوش. نظرية التكامل و الاندماج. (محاضرات ألقيت على طلبة السنة الرابعة علاقات دولية). جامعة منتوري. قسنطينة. 2004.

    (9). طارق رداف. العولمة. رسالة ليسانس. جامعة منتوري . قسنطينة. 2003.

    (10). مصطفى النشار. ما بعد العولمة: قراءة في مستقبل التفاعل الحضاري و موقعنا منه. الطبعة الأولى. القاهرة: دار قباء للطباعة و النسر و التوزيع. 2003. ص 45.

    (11). عبد العزيز جراد. العلاقات الدولية. الجزائر: موفم للنشر. 1992. ص 58.

    (12). عمار حجار. السياسة المتوسطية الجديدة للاتحاد الأوروبي. رسالة ماجستير. جامعة باتنة.2002. ص 26.

    (13). عبد العزيز جراد. المرجع السابق. ص 59.

    (14). عمار حجار. المرجع السابق. ص 26.

    (15). غازي الصوراني. العولمة و طبيعة الأزمات في الوطن العربي و آفاق المستقبل. المستقبل العربي. ( العدد 293. السنة26). 2003. ص107.

    (16). نفس الرجع. ص 109.

    (17). نفس الرجع. ص 102.

    (18). نفس الرجع. ص 113.

    (19). نفس الرجع. ص 115.

    (20). أحمد مجدي حجازي. العولمة بين التفكيك و إعادة التركيب. القاهرة: الدار المصرية السعودية للطباعة و النشر و التوزيع. 2005. ص ص 37-38.

    (21). مصطفى النشار. المرجع السابق. ص 46.

    (22). حسن البزار. عولمة السيادة: حال الأمة العربية. الطبعة الأولى. لبنان:المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع. 2002. ص ص 159-160.

    * المرجع : مدونة مكتوب على الرابط
    http://nadjim-1.maktoobblog.com/740206/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%88%D9%84%D9%85%D8%A9-%D8%8C-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D8%A7%D8%AB%D8%A9%D8%8C-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B6%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%8C-%D9%88-%D8%AA%D8%A3%D8%AB%D9%8A%D8%B1%D9%87/
    المشرف العام
    المشرف العام
    Admin


    البلد : جامعة قاصدي مرباح .وقلة - الجزائر
    عدد المساهمات : 987
    نقاط : 11948
    تاريخ التسجيل : 04/12/2009
    العمر : 46
    الموقع : المشرف العام على المنتدى

    العولمة ، الحداثة، الحضارة …، و تأثيرها على العالم العربي. Empty العولمة لا تخيفنا ؟؟؟؟

    مُساهمة من طرف المشرف العام الجمعة يناير 15, 2010 5:21 pm

    2) الأمركة والهيمنة..... وبناء الموقف من العولمة :
    من البديهي أن نقول أن هذه المرحلة من تاريخ البشرية لا يمكن فهمها إلا على أنها استمرار وتعميق للمرحلة الإمبريالية السابقة بما فيها من علاقات هيمنة، أي أن ما وصلت إليه البشرية اليوم هو نتيجة لصراعات سياسية واقتصادية دولية وشركات متنافسة وغيرها، أي أن ثمة إرادات ومصالح مختلفة قادت البشرية بالترافق مع الثورة العلمية التكنولوجية إلى ظاهرة العولمة.
    إذاً العولمة تحمل من دون شك إمكانية تجسيد نظام هيمنة أكثر شمولاً وقحلوة من كل ما عرفته البشرية في السابق،عن طريق تشجيع نظام الهيمنة الأمريكية والعلاقات الإمبريالية بشكل أوسع،لذلك فهي تحمل معها مخاطر التركيز الهائل للثروة المادية والعلمية والثقافية في أيدي فئة قليلة من سكان العالم الذين يتوافر لديهم القدرات والمواقع والآليات اللازمة للهيمنة.
    كما أن هذه الظاهرة باعتمادها وارتكازها على حرية المبادلات المطلقة وغياب أية عوائق تحول دون التفاعل بين المركز الإمبريالي والأطراف ورفضها للاعتبارات السياسية والأخلاقية التي تحول دون حرية الأسواق والتجارة... فإنها تحمل معها مخاطر تعميم الفقر والبؤس والتهميش الجماعي للكتل البشرية الكبيرة في العالم وانعدام الاختيار لديها وانسداد آفاق المستقبل وانفجار أشكال متجددة من العنف والحروب الداخلية بالإضافة إلى تعميم الفساد والنهب غير المشروع لرأس المال الاقتصادي ضمن البلدان والمجتمعات الضعيفة وفكفكة الأسوار الوطنية والقومية لهذه المجتمعات.
    كل ما سبق صحيح من مخاطر العولمة،لكن هذا لا يبرر الرؤية السائدة عربياً والتي تنظر للعولمة على أنها غول أو استراتيجية إمبريالية أمريكية وحسب، وأن العولمة إنما هي أمركة للعالم وحسب، وليس من هدف لها إلا الإيقاع بالدول الضعيفة ونهبها وإفقارها. إن هذا الرأي على الرغم من التقاطه لإحدى الآليات المركزية في العولمة فإنه مضلل على صعيد التعامل مع العولمة،لأنه يخفي البعد الموضوعي والحتمي للعولمة ويدفع بالتالي إلى إهمال ضرورة العمل على استيعاب وتمثل الجوانب التقنية الضرورية للبقاء.
    من الضروري أن نتفهم أن الأمركة ليست نتيجة للعولمة،كما أن عملية التوسع الرأسمالي ليست من منتجات العولمة،ولكن بالمقابل فإن أمريكا هي أحد الأركان الرئيسة للعولمة وذلك عندما نرى أرجحية المساهمة الأمريكية في الإنتاج المادي والثقافي والعلمي الذي يملأ العالم وسيملؤه في المستقبل أكثر بفضل ثورة المعلومات المستمرة.
    أما الرأي الذي لا يرى في العولمة إلا فرصة للتحرر والحرية وحسب، أي فرصة للتخلص من الاستبداد والتخلف وفرصة لرفع الإنتاج العالمي والفوائض المالية، فإنه رأي واهم أيضاً لأنه ينظر لهذه الفرصة وكأنها محققة في المستقبل وبشكل أكيد.
    إن هذه الفرصة للتحرر والحرية موجودة ولكنها ليست عفوية أو تلقائية،أي إن هذه الفرصة لن تتحقق بمعماوال عن دور الذات الواعي والفاعل والتي تتوجه نحو بلورة استراتيجية يمكنها تحويل هذه الفرصة إلى حقيقة واقعية.
    إن الرأي الذي لا يرى في العولمة إلا استراتيجية أميركية للهيمنة على العالم يبني موقفه من العولمة على أساس الصد والرفض،والرأي الذي يرى في العولمة فرصة للتحرر وتثويرًا للإنتاج المادي يبني موقفه منها على أساس من الانخراط السلبي بدون رؤية متكاملة أو مشروع خاص.
    نقول هنا :إن حمل العولمة لمشروع هيمنة عالمية لا يبرر رفضها ولا البقاء خارجها، فهذه ليست أول مرة يعرف فيها العالم عصر الهيمنة الدولية،فالثورة الصناعية حملت معها مشروع هيمنة،لكن هذا لم يمنع الدول المتخلفة من الاستفادة من إيجابياتها ومن وضع مشاريع وطنية تستفيد من هذه الثورة.
    إن رفض العولمة والاعتقاد بأن هذا الرفض يقود إلى مقاومتها وصد هيمنتها على مجتمعنا إنما يقود في الواقع إلى التشجيع على الاستقالة السياسية من العالم وتعزيز وتعميق الهيمنة بالضرورة.
    إن احتواء العولمة على مشروع هيمنة أمريكية لا يلغي فوائد الانخراط فيها والفرص الإيجابية التي تحملها،وبالتالي فإن البقاء بعيداً عن العولمة لا يعني أننا لا نخضع لقوانينها أو تأثيراتها، لكنه يعني تحمل عواقبها ونتائجها السلبية من دون الاستفادة من نتائجها الإيجابية.
    أي أن المستقبل سيحمل معه إمكانية بقاء بعض المجتمعات خارج العولمة الفاعلة، أي بقائها على هامش عالم العولمة، لكن هذا لا يعني أن هذه المجتمعات لا تخضع لتأثير العولمة وعواقبها السلبية.
    إن موقف الرفض للعولمة يطرح إمكانية قيادة "عالمثالثية" لعملية الخروج من نظام العولمة،أي إمكانية تشكيل قطب عالمثالثي مضاد ومناقض لعالم العولمة والانتقال نحو عالم خالٍ من آثار الهيمنة.
    في الواقع اليوم لسنا حيال اختيار حر بين نظام هيمنة ونظام تحرري،ثم إنه لا توجد في الواقع إمكانيات لتجسيد وتكوين مثل هذا القطب المضاد والمناقض لعالم الهيمنة، فضلاً عن فشل هذه المشاريع السابقة، إن كان على صعيد تشكيل قطب عالمثالثي أو على صعيد تشكيل قطب اشتراكي من خارج الظاهرة الرأسمالية ومضاد لها،فالتناقضات لا تنمو إلا بالتدريج ومن داخل الظاهرة وليس بالتخارج معها، حيث النقيضان الاجتماعيان الجدليان لا بد أن يكونا في عالم واحد ويرتبطان ببعض القواسم المشتركة.
    إن منطق الرفض إزاء ظاهرة العولمة وتوهم إقامة بديل سلبي ومحارب ومجانب ومضاد بشكل مطلق للعولمة هو منطق واهم،فالدخول في العولمة وتقنياتها وحقولها وميادينها هو أمر حتمي ومفروض على كل مجتمع يريد أن يبقى في دائرة المجتمعات التاريخية و لا يريد أن ينسحب من الفعالية الدولية المشتركة وينعماوال ويعيش في عالمه الخاص،إذ من الضروري أن نتفهم آليات الهيمنة الجديدة وأن نسعى بكل الإمكانيات إلى تعديل وتغيير أثرها علينا وإبراز إمكانية مقاومة الهيمنة وشروطها من داخل العولمة ذاتها لتفكيك آليات الهيمنة والحد منها.
    إن رفض العرب للعولمة اعتقادا منهم أن هذا الرفض سيبقي على حظوظ أكبر للاحتفاظ بمواقعهم في المجتمع الدولي هو اعتقاد واهم لأن العكس سيحدث أي الاستبعاد المتزايد من الدورة الاقتصادية الدولية ومن سيرورة التغيير العالمي والإفقار المتزايد والانهيارات الشاملة.
    هل المخرج يعني الانخراط في العولمة والتسليم بها بدون مرتكزات ذاتية أو بدون بلورة استراتيجية إزاءها ؟
    إن منطق الانخراط السلبي في العولمة يستند إلى طابع قدري أو تسليمي لا يرى أي دور ممكن للذات في تحسين الشروط وتغيير بعض السياسات والحصول على بعض المكاسب الإيجابية وتنحية بعض السلبيات،أما المنطق المستند إلى شكل من أشكال التمني والرغبة في أن تؤدي العولمة لإنقاذنا بفعل آلياتها وحسب من الاستبداد والتخلف والفقر،فانه يتجاهل أن هذا الدخول لا يقدم بصورة تلقائية فرصاً أكبر للتقدم.
    إن الإشارة إلى خطر الانقطاع عن العولمة لا يعني أن للانخراط فيها بالضرورة نتائج إيجابية مضمونة، إذ لا بد من توافر دور للذات قادر على استثمار إيجابيات العولمة،وهذا يعني أن الانخراط في العولمة بدون بلورة استراتيجية ذاتية لا قيمة له وهو نفس منطق الرفض،وهنا يأتي المخرج الوحيد: أي الدخول الفاعل في العولمة من منطق الصراع من داخلها في سبيل تحسين وتعديل موازين القوى المتحكمة بها وتحسين فرص السيطرة على جزء من آلياتها والتحكم في نظمها وفعاليتها وبالتالي الحد من الهيمنة الأمريكية فيها وليس القفز فوقها أو التسليم لها.
    إن التحكم بالقرار العالمي في ظل العولمة يرتبط بتطوير المهارات التقنية والإدارية والتكنولوجية سواء تعلق الأمر بشبكات الاقتصاد والمال أو بالشبكات السياسية أو بشبكة المعلومات والإعلام والاتصالات. وبالتالي فأن اكتساب التقنية الحديثة والمعلوماتية يشكل هدفاً رئيساً لكل قوة اقتصادية متفاعلة مع المنظومة العالمية، وغير ذلك يعني العيش على هامش المجتمع العالمي،أي إن الأخذ بتقنيات العولمة شرط رئيسي للدفاع عن البقاء وضمان القدرة الاقتصادية والثقافية وغير ذلك يعني الإهمال والتخلي عن جزء أساسي من آليات الاحتفاظ بالفاعلية التاريخية والمقدرة على الاستمرار،لكن الاستفادة من هذه التقنية غير ممكنة بدون وجود استراتيجية ذاتية مبلورة، وهنا تأتي المهمة العربية في توفير الشروط التي تسمح بتفتح الإمكانات للتأثير على الطابع التقني للعولمة وتحقيق منتجات تقنية وعلمية جديدة من جهة وبلورة استراتيجية ذاتية وخصوصية تسعى إلى وضع التقدم الموضوعي في خدمة أهداف التنمية المحلية وصولاً إلى تنمية محلية مستديمة وقابضة على مرتكزات العولمة.
    3) القومية والاشتراكية في إطار العولمة :
    إن الاستراتيجية العربية إزاء العولمة والتي تضع هدفها بالتنمية المحلية المستديمة والقابضة على مرتكزات العولمة في المجال التقني والعلمي،لا بد لها من توفير الشروط اللازمة لتحقيق هذا الهدف والتي تشكل "الديمقراطية السياسية" بكل مستلزماتها وأركانها الشرط اللازم لها في كل بلد عربي لكنه غير الكافي،وتأتي كفايته عبر دعم السوق العربية المشتركة وتطويرها وتجديد آلياتها.
    وهنا يكتسب العمل القومي مشروعيته وضرورته إذ إن دخول أمة موحدة في إطار العولمة أو على أقل تقدير درجة ما من الاتساق بين أركانها وأجزائها له حظوظه الأكبر في تعديل الموازين والحد من الهيمنة في إطار العولمة.
    إن العولمة كما قلنا هي الدينامية المحركة الرئيسة في العالم اليوم على الرغم من أنها لم تحقق بعد أهدافها كاملة،لكن سيرورتها تتجه نحو مرحلة جديدة للتنظيم الاجتماعي والإنساني ومختلفة عن مرحلة الدولة القومية،وهذا لا يعني إلغاء دور الدولة القومية، إذ أنها ما زالت قائمة ولا زالت تلعب دوراً رئيساً في الشؤون الدولية وفي رسم سيرورة العولمة أيضاً،والواضح أنها ستظل تلعب دوراً رئيساً إلى أمد بعيد، فالعوائق أمام الدمج والتوحيد الجغرافي والسياسي للمجتمعات الإنسانية ما زالت كبيرة ومتعددة، فضلاً عن أن الخصائص التاريخية لهذه المجتمعات ستظل حاضرة بقوة في رسم السياسات العالمية وتحديد مسارات العولمة النهائية.
    أما بالنسبة للأهداف التي تضعها البشرية والمتمثلة بالمجتمع الاشتراكي كبديل للمجتمع الرأسمالي فإنها أهداف مشروعة، لكنها اليوم بحاجة لإعادة صياغة من داخل إطار العولمة وليس بالتخارج معها، وما يمكن تحديده بدقة اليوم هو مطالب العدالة الاجتماعية أما الاشتراكية كنظام عالمي بديل للنظام الرأسمالي فلا يمكن بلورته دون العمل تحت سقف العولمة ذاتها ودون أن تتحدد معالم هذه العولمة وحدودها ومرتكزاتها على مستوى العالم.
    يرتبط بالمفهوم الاشتراكي إعادة النظر بدور الدولة والقطاع العام الحكومي خاصة في دول العالم الثالث التي تبنت الخيار الاشتراكي فيما مضى. إذ إن هيمنة الدولة على مجمل الفعاليات الاقتصادية في المجتمع قد قادت إلى أزمات اقتصادية متعددة و إلى فشل عملية التنمية والنهوض الاقتصادي، فضلاً عن الفساد والإفساد.لذلك تبرز اليوم ضرورة الحد من هذه الهيمنة وتحديد دورها بالتخطيط العام والإشرافي على البنية الاقتصادية، مثلما تبرز ضرورة إصلاح القطاع العام أو الحكومي وتحديد المجالات الاقتصادية التي عليه أن يستثمر فيها والمجالات التي عليه أن يبتعد عنها.
    إن الدولة سوف تظل إلى أمد بعيد من مرتكزات عمليات النهوض الاقتصادي، فلا يجوز القفز إلى المراحل الأخيرة والأهداف النهائية التي تطمح إليها العولمة واعتبار أن العولمة بكامل مفاصلها وأركانها وأسسها قد تحققت،فدور الدولة والقطاع العام لا زال قائما حتى في ظل البلدان الرأسمالية الكبرى،خاصة في ميادين الاقتصاد الرئيسية و مجال الخدمات والضمانات الاجتماعية.
    4) ثقافة العولمة والثقافات المحلية :
    ثمة مفاهيم أخرى درجت على علاقة وثيقة بمسار العولمة، منها: سعي العولمة لتحويل الثقافة إلى سلعة وتصدير النموذج الأمريكي في الحياة وتهديد الهوية القومية والغزو الثقافي..... و ظهرت مفاهيم جديدة كحوار الحضارات وتفاعلها أو صراعها الخ...
    بداية نقول إن أي تهديد يقوم للهويات الجماعية لا ينجم عن توسع دائرة التفاعل والتشارك والتثاقف بين الثقافات،إنما ينجم عن غياب استراتيجيات فاعلة للمجتمعات الأقل تطوراً وللثقافات التي تحملها من أجل الاستفادة من حالة التفاعل الثقافي التي بدأت ترسيها العولمة بشكل موضوعي.
    وبالتالي فإن الطرح الذي لا يرى في العولمة إلا محاولة لتعميم النموذج الأمريكي في الحياة إنما يعكس مخاوف الجماعات الضعيفة من المستقبل أكثر مما يساعد في الكشف عن تغيير الشروط غير المتكافئة التي يحصل فيها هذا التفاعل.
    ثانياً: لن يكون لثقافة المجتمعات الضعيفة أي دور أو مستقبل فعلي إلا إذا أدرك حاملوها طبيعة هذا النمط الجديد من السيطرة الثقافية وآلياته وقاموا ببلورة الإستراتيجيات المناسبة التي تسمح لثقافتهم القيام بدور فاعل على مستوى المشاركة الإبداعية العالمية، وليس مجرد الإبقاء على الهوية الثقافية الخاصة بدون أي فعالية أو تأثير عالمي
    وثالثاً: إن الثقافات على مر التاريخ قد وجدت في حقل تفاعل وتأثير متبادل وقد تحددت بينها على الدوام علاقات هيمنة وخضوع على درجات متباينة ومتفاوتة بحسب عوامل متعددة منها القوة الاقتصادية والعسكرية ومنها ما يتعلق بميادين الإبداع والثقافة، وبالتالي قد تكون العلاقة استلابية تجاه الثقافة الأقوى والمسيطرة تؤدي إلى سحق ثقافة المجتمعات الضعيفة وقد تكون الهيمنة جزئية في أحد الحقول فقط كالمجال العلمي والتقني.
    ورابعاً: إن السيطرة المادية ( أي الاقتصادية والعسكرية والسياسية ) هي العامل الحاسم في السيطرة الثقافية إي أن هذه الثقافة السائدة لا تسود بسبب تفوقها القيمي والأخلاقي والإنساني على غيرها من الثقافات إنما بسبب حملها من قبل المجموعات البشرية المتفوقة أو المسيطرة مادياً.
    ثم تأتي العوامل الأخرى لتلعب دوراً إضافيا في السيطرة الثقافية ومنها قدرة هذه الثقافة أو تلك على التجدد والإبداع المتواصل.
    وخامساً : من الممكن بلورة إستراتيجيات فعالة للحد من السيطرة الثقافية أو الالتفاف عليها بطريقة تسمح لثقافة البلدان الأضعف الاستمرار والمشاركة في الإبداعات الحضارية، كما هو الحال بالنسبة للثقافات الأوربية في مواجهة الثقافة الأمريكية، لكن في حال غياب هذه الاستراجيات الفعالة يصبح خطر الانسحاق والاستلاب و التماهي قائماً.
    المصدر:http://uaesm.maktoob.com/
    sunny
    المشرف العام
    المشرف العام
    Admin


    البلد : جامعة قاصدي مرباح .وقلة - الجزائر
    عدد المساهمات : 987
    نقاط : 11948
    تاريخ التسجيل : 04/12/2009
    العمر : 46
    الموقع : المشرف العام على المنتدى

    العولمة ، الحداثة، الحضارة …، و تأثيرها على العالم العربي. Empty العولمة والتنوع الثقافي

    مُساهمة من طرف المشرف العام الجمعة سبتمبر 24, 2010 1:41 am

    العولمة والتنوع الثقافي
    من اعداد الاستاذين((دامخي سيف الاسلام واحمد بن زاوي))
    المقدمة((طرح المشكلة))
    مفهوم العولمة
    العولمة كلمة عربية مهذبة اصلها من عالم جمعه عوالم، ولقد جمعه القرآن الكريم في لفظ-العالمين- وقصد به كل موجود مما سوى الله، وتقابله في اللغة الفرنسية كلمة mondialisation التي تعني جعل الشيء ينتشر عالميا.
    أما من الناحية الاصطلاحية فهي تعني لدى الاقتصاديين بوجه اخص اخراج الانشطة الاقتصادية من المجال المحلي الى المجال العالمي، أي ان تتجه القوى الاقتصادية الدولية نحو وحدوية اقتصادية مشتركة تضع حدا لكل انواع السيادة مما يؤدي الى انحصار دور الدولة وانفتاح الحدود واتساع الاتصالات وانتشار التكنولوجيا وانتقال الاشخاص والافكار وتلاقح الثقافات، وقد عرفها بعض الاخصائيين ((أنها الحرية التي يتمتع بها كل مجتمع من زمرتي من اجل الاستثمار حيثما اراد ومتى اراد انتاج ما يريد، وشراء وبيع ما يريد مع تحمل اقل ضغط ممكن يقتضيه التشريع الاجتماعي.)).
    وتقوم فلسفة العولمة من حيث هي ايديولوجية فكرية على تجسيد التفكير الاحادي الذي ظهر بعد سقوط جدار برلين وانتصار الليبيرالية في اواخر القرن العشرين على الايديولوجيا الشيوعية القائلة بالتخطيط المركزي للاقتصاد، وهذا الانتصار جعلها تسعى الى اقامة سوق عالمية كبيرة مفتوحة ومتحررة من قيود التسيير المركزي والاتجاه نحو لا مركزية التسيير بعيدا عن سلطة حكومات الدول وسياساتها الداخلية.
    كما تسعى العولمة الليبيرالية الى تجسيد مشروع المجتمع المتجانس الموحد عالميا والذي تذوب فيه الفروق الجغرافية والثقافية والدينية واللغوية ولكن وفق النموذج الغربي والامريكي تحديدا، وهذا ما صرح به الرئيس الامريكي السابق كلينتون(( أن امريكا تؤمن بأن قيمها صالحة لكل الجنس البشري، وأننا نستشعر ان علينا التزاما مقدسا لتحويل العالم الى صورتنا.)).
    تحديد المشكلة
    ان قضية العولمة وما تطرحه من تصورات عالمية لحقوق الانسان وما تفرضه من توجهات اقتصادية وسياسية وثقافية في ظل عالم يقوم على التنوع في شتى مجالات الحياة، يعتبر بحق تحد حقيقي للشعوب والامم سواء منها التي تريد مواكبة العولمة او التي تفضل الاحتفاظ بخصوصياتها.
    صياغة المشكلة
    هل بقاء الامم والدول واستمرارها يقتضي مواكبة العولمة وقبول ما تصدره من نماذج اقتصادية وثقافية، ام يقتضي رفضها ومقاومتها والاحتفاظ بالخصوصيات المحلية؟
    الجزء الاول
    منطوق المذهب القائل بضرورة السير نحو العولمة وهو شرط لازم للارتقاء في سلم العالمية الثقافية والحضارية، يمثل هذا المذهب اقطاب العولمة الفاعلون وهم:
    • أرباب الشركات الكبرى في العالم((الشركات المتعددة الجنسيات)).
    • مدراء البنوك الخاصة التابعة للدول الخمسة الدائمة العضوية في مجلس الامن، وفي هذا السياق يقول الثري الامريكي المشهور دافيد روكفيلير (( أن العالم يكون في حالة جيدة لو كان محكوما من طرف جماعة نخبوية تتألف من بنكيين.)).
    • مؤسسة البنك الدولي.
    • صندوق النقد الدولي.
    • المنظمة العالمية للتجارة خليفة منظمة الغات.
    البرهنة
    • تهدف العولمة الى تحقيق الثراء وتحسين مصير الفقراء من الدول عن طريق القروض تقدمها مؤسسة صندوق النقد الدولي لهذه الدول، وكذلك تحسين مصير الفقراء من الاشخاص عن طريق عن طريق فتح باب التبادل التجاري بين افراد الدول عبر العالم، والعمل على ازاحة جميع العراقيل التي تحول دون ذلك على اعتبار ان التجارة هي العلاج الامثل لمختلف الامراض الاجتماعية والتي منها الفقر، ولذلك وصف الرئيس الامريكي السابق جورج بوش سنة 2001 خلال قمة الثمانية التي انعقدت في مدينة جينس الايطالية اعداء العولمة وهم(( الحماياتية ومتظاهري جينس)) ب((عصابة المتهورين)) حيث قال(( ان كل من يقف ضد حرية التبادل هم ضد الفقراء.)).
    • تعميم وسائل الاتصال((شبكة الانترنت)) وشمولية الاستقلال الفعلي للافراد داخل مجتمعاتهم من خلال الدفاع عن الحريات والحقوق والتنديد بالمساس بها، وهذا ما يزيد من توسيع دائرة الاستقلال الفردي وتحرره.
    • قيام مجتمع عالمي، او ما يسمى ب ((القرية الكونية)) والوصول الى الغاء الحدود الجغرافية والقومية والعرقية والدينية بين الشعوب كما في نظام((web)) حيث يصبح الانسان المعولم ذو صفتين هما الشفافية لانه كائن الاتصال، والذوبان لان علاقته بالغير قائمة على الغاء كل انفصال.
    • تحسين الانتاج باستمرار كما وكيفا واسعاد المجتمع البشري بأغراق السوق بأكبر عدد ممكن من السلع والادوات والتجهيزات المتجددة التي يحتاجها الانسان المعاصر.
    مناقشة مذهب دعاة العولمة
    يمكن الرد على منطق دعاة العولمة من خلال النقاط التالية"
    • العولمة المؤسسة على عالمية الاقتصاد فقط تعتبر احادية الابعاد((البعد المادي فقط)) ولايمكنها تحقيق الابعاد الاخرى التي تميز الانسان كالبعد الروحي والاخلاقي والمعرفي.
    • التبادل الاقتصادي الحر يستفيد منه الاقوياء لكنه يسحق الضعفاء لانهم لا يقدرون على المنافسة الشرسة التي يفرضها الاقوياء في السوق العالمية، وبالتالي فأن التبادل التجاري الحر احدث اضرارا وازمات مالية واجتماعية باقتصاديات الدول الضعيفة مثل بعض الدول الافريقية ودول امريكا اللاتينية التي انساقت وراء هذه الايديولوجيا اما اضطرارا او طواعية واختبارا، ويمكن ملاحظة ذلك في افلاس المؤسسات الاقتصادية المحلية وخوصصتها، وارتفاع مستوى البطالة جراء تسريح العمال واستخدام الآلة على نطاق واسع، وكان من نتائجها حدوث اضطرابات اجتماعية وسياسية وأمنية، مما احدث هوة عميقة بين الشعوب وحكوماتهم.
    • لايمكن للعولمة تجسيد المجتمع المتجانس الذي يتحقق في جو من العدل والاحترام والتسامح، لان هذه القيم لا وزن ولا قيمة لها في الانظمة الليبيرالية.
    • ان تبرير العولمة باسم التاليم المسيحية من طرف بعض السياسيين الاقتصاديين في قولهم((يسوع المسيح هو حرية التبادل، وحرية التبادل هي يسوع المسيح)). هو قول لا اساس له من الصحة، والتاريخ يذكرنا بمقولة الهنود الحمر في امريكا عندما غزا الغزاة بلادهم(( كنا قبل مجيئهم نملك الارض، وكانوا يملكون الانجيل، وبعد مجيئهم صرنا نملك الانجيل وصاروا هم يملكون الارض.)).
    الجزء الثاني
    منطوق المذهب القائل بضرورة رفض العولمة ومقاومتها كشرط لازم للابقاء على التنوع والتعدد الثقافي والاقتصادي والسياسي الذي يحفظ لكل امة خصوصياتها القومية والمحلية. يمثل هذا الاتجاه المعاكس ويبرره كل من:
    موقف هارولد كليمانطا
    • يعرض هارولد كليمانطا في كتابه ((اكاذيب العولمة العشر)) مخاطر العولمة فيقول((ان العولمة تنفلت من المراقبة، فهي لم تسقط من السماء كقضاء محتوم، انها مقصودة وتتحكم فيها قيادة المنظمات الدولية، كصندوق النقد الدولي(( fmi))،والمنظمة العالمية للتجارة((omc)) خليفة الغات((gatt)).)). ويقول عن الاكذوبة العاشرة(( ان العولمة تجلب التنوع في جميع انحاء العالم، في حين ان هناك تناقصا في انواع التفاح، وان كل الافلام تقريبا هي امريكية، وان الليبيرالية الجديدة تعرض على انها الاختيار السياسي الوحيد.)).
    موقف الحركة الحماياتية من العولمة
    • هم ناشطون غربيون يحتجون باسم حماية الحقوق الاجتماعية للفرد من وحشية العولمة الليبيرالية، وبالتالي فهي حركة مناهضة للعولمة وتطالب المجتمع الدولي بأيجاد حلول جادة وجذرية لأربع قضايا رئيسية هي (( الشغل والفقر والخدمات العمومية والديون المقترضة)).
    • في قضية الشغل العولمة الليبيرالية لاتحمي الشغل بل تحاربه ويظهر ذلك في تخفيض عدد مناصب العمل وخاصة في مجال الالكتورونيات والاعلاميات والاتصال وهي الاكثر رواجا في العالم، لكنها لا تحتاج الى عدد كبير من العمال.
    • كما ان العولمة الليبيرالية بمحاربتها للشغل تعمل على تفشي الفقر والكفاف والاستغلال ، وهو عمل يتنافى مع فلسفة التنمية التي تنشدها العولمة وتتطلع اليها، كما ان استقرار العالم مرتبط بمحاربة الفقر وتجسيد العدل بين الضعفاء والاقوياء بحيث يكون الحق في الحياة فوق الجميع، وفي هذا السياق يقول الامام علي رضي الله عنه((ما جاع فقير الا بما متع به غني.)).
    • وأدراكا لخطورة هذه الآفة وما ينجم عنها من ازمات انسانية، خصصت منظمة الامم المتحدة يوم 17 اكتوبر يوما عالميا لمكافحة الفقر، وأبرمت اتفاقا دوليا للقضاء على الفقر يبدأ سنة 1997م وينتهي سنة 2006م ولكن نتائج هذا الاتفاق لم يكتب لها النجاح لان قرارات الامم المتحدة اصبحت غير مجدية في ظل وجود سلطة القرار بيد الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي كأقطاب فاعلين في العولمة الليبيرالية.
    • كما تحارب العولمة حقوق المواطنين الاساسية في الخدمات العمومية وخاصة منها خدمات الصحة والتربية، وذلك من خلال اغراق الدول بالديون وفوائد الديون التي تقدمها المؤسسات المالية، -خاصة صندوق النقد الدولي-وسواء عجزت هذه الدول عن التسديد او استطاعت التسديد، فان ذلك ينعكس سلبا على ضمان هذه الخدمات، فتتخلى الدولة على خدمة شعبها في الصحة والتربية فترتفع قائمة الامراض وترتفع نسبة الوفيات ويغادر الاطفال عبر هذه الدول المدارس في سن مبكرة بحثا عن العمل فيتعاطون المخدرات وينتشر الجهل بينهم ويستغلون ابشع انواع الاستغلال ويعاملون كأشياء ويصبح المجتمع في خدمة الاقتصاد بدلا من ان يكون الاقتصاد في خدمة المجتمع.
    • يتدخل صندوق النقد الدولي في السياسة المالية للدولة بألزامها بوقف طباعة النقود في بنوكها المركزية كشرط اولي للحصول على القروض منه.
    • حث الدول المقترضة منه على التصدير ورفع الانتاج مما يساهم في استغلال واستنزاف مفرط للثروات الطبيعية نحو اسواق خارجية على حساب الاستهلاك المحلي واحترام التوازنات البيئية.
    موقف الحوار الحضاري والقوميات الوطنية
    • العولمة برأي مختلف الحضارات والدول القومية هي نوعان: عولمة حسنة وعولمة سيئة، الاولى انسانية مفيدة تقوم على العالمية ولم الشمل، والثانية سيئة ومتوحشة لانها تقوم على الغريزة وحب الاستعلاء، وهو النوع الاكثر شيوعا لهاوالغالب عليها.
    • وقوع الدولة القومية في التبعية الاقتصادية والسياسية والثقافية والحضارية، فترهن الامم والدول حقوق اهلها العالمية فتقذف بها الى التبعية والاستعمار، أي تصبح الدولة القومية في مجموعها وسيلة منتخبة ديمقراطيا لكنها تخدم مصالح النخبة العالمية للمال والاعمال الليبيراليين. وفي هذا السياق يقول الفرنسي روجيه غارودي((والتيار المهيمن في صفوف الاقتصاديين الرسميين والسياسيين هو الدفاع عن الليبيرالية بدون حدود، والداعي الى اختفاء الدولة امام السلطة المطلقة للسوق، وحتى لا يبقى أي عائق امام الاحتلال الاقتصادي.))
    • العولمة المتوحشة حسب-سمير امين- تدير الازمات من خلال جانبين جانب اقتصادي يتمثل في اسعار الفائدة والديون الخارجية، وجانب سياسي يتمثل في تفتيت الانظمة السياسية أي تفتيت المجتمعات على اسس دينية وعرقية وقبلية وغيرها، مما يؤدي الى زوال الدولة واضمحلاها. وهو مصير لا خير فيه خاصة في دول العالم الثالث باعتبار ظروفه الموضوعية مناسبة تماما لمثل ذلك الزوال والانحلال.
    • تثبيط ارادة الشعوب والامم عن طريق التخطيط لسحق كل الانتصارات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي حققتها الشعوب في نظالاتها المتعاقبة والطويلة، من خلال رسم خريطة جديدة للعالم تتوافق مع مصالحها ولا سيادة ولا حدود خاصة للدولة، فتقضي هذه السياسة على شعور الشعوب وتثبط ارادتهم ويستسلموا لواقع مفروض عليهم.
    • استخدام الاقمار الصناعية ووسائل البث التلفزيوني وشبكة الانترنت في تدمير ثقافة الشعوب والقضاء على اخلاقهم،والترويج لمغريات الحياة الراسمالية الامريكية في التفكير واللباس والاكل والترفيه، وفتح ابواب الاباحية الجنسية، وهي مغريات تؤدي الى هدم الاسرة واشاعة الحرية الجنسية والاجهاض والشذوذ الجنسي وشل سلطة الوالدين، والغاء نظام الميراث الشرعي عند المسلمين، وهو خطر حذرت منه رئيسة جمعية الامهات الصغيرات في امريكا في مؤتمر القاهرة سنة 1994 فقالت ((لقد دمروا المجتمع الامريكي، وجاؤوا الآن بافكارهم الى المجتمعات الاسلامية حتى يدمروها ويدمروا المرأة المسلمة ودورها فيها.)).
    موقف الالماني كانط والعالمية الثابتة
    • يقف كانط ضد انصهار الدول وذوبانها لان للدولة شرعيتها الشعبية وليس لاحد الحق في اختراق قدسيتها، وهو يدرك الجدلية بين ماهو عالمي وماهو خصوصي ويفضل التعدد على العولمة لو خير بينهما. ولذلك فأن العولمة الكانطية تفترض تعددية الدول الحرة لا اختلاطها الخرافي، والدول لا يمكنها ان تكون حرة حقيقة الا متى ارتبطت باتحادية لا علاقة لها بالتفوق على الدول، ارتباط لا يفقدها حريتها واستقلالها، وكل دولة تشارك ضمن هذا الاتحاد القائم على التعدد والتنوع من اجل السلم الدائم.
    مناقشة المواقف الرافضة للعولمة
    يمكن الرد على المواقف الرافضة للعولمة من خلال تسجيل ثلاث ملاحظات هي:
    • العولمة امر واقع وهذه حقيقة واقعة يجب التعامل معها باعتبارها واقعا قائما حتى وان كان البعض غير مقتنع بها.
    • الصراع الثقافي والحضاري امر لا مفر من ممواجهته سواء كانت هذه المواجهة ستأخذ شكل دعوة الى حوار الحضارات عند المتفائلين، او شكل دعوة الى صراع الحضارات عند المتشائمين.
    • بعض الامم مطالبة بان تعيد النظر في مسلماتها الثقافية والتربوية والاخلاقية انطلاقا مما تفرضه الحقائق الراهنة للعالم، ليس بقصد التكيف فحسب ولكن من اجل المشاركة والانتاج والا كان مصيرها الانغلاق والتهميش.
    الجزء الثالث
    ان اخفاق العولمة سببه عدم التجاوب بين النسبي والمطلق لاحتمالين اثنين هما:
    اما لان الخصوصيات المنتشرة لم تعد تدرك مستوى الانسانية فتؤثر سلبا على العالمية، واما لان هذه العالمية انفردت بتصور لا يتماشى وطموحات الثقافات الخصوصية للشعوب. ولذلك فأن تجاوز هذه الخلافات والنقائص والعيوب قد نجد لها حلولا في عولمة بديلة عن العولمة الليبيرالية الامريكية هي عولمة الاسلام، فهل في الاسلام عولمة؟ واذا كان الجواب بنعم فماهي مبادؤها وخصائصها؟
    • إن الإسلام دين عالمي ودعوته دعوة عالمية غايتها تقديم رسالة الحضارة الإسلامية بوصفها رسالة شاملة كاملة روحياً وخلقياً ومادياً لا يتنافى فيه الدنيوي مع الأخروي. عالمية الإسلام الذي يخاطب الإنسان جنس الإنسان بغض النظر عن وطنه وقومه كما قال تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ}[(27) سورة التكوير].
    • في مطلع السنة السابعة للهجرة باشر النبي - صلى الله عليه وسلم - عمله في المجال العالمي، حينما أرسل رسله من الحديبية يحملون كتبه إلى ملوك وأمراء عصره يدعوهم إلى الإسلام، وعلى رأسهم قيصر ملك الروم وكسرى ملك الفرس. ولم يلتحق الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالرفيق الأعلى حتى كان العرب جميعاً قد دانوا بالإسلام ووضعت الدعوة الإسلامية خطوات ثابتة ومدروسة في طريق التبليغ العالمي.
    • لقد انطلقت العولمة الإسلامية من منطلقات فكرية وعملية قوية مما جعلها تلقى القبول في المجتمعات الجديدة والتي تتجلى خصائصها في الآتي:
    • هي عولمة يتكامل فيها الروحي مع المادي الاخروي مع الدنيوي.
    • عولمة تحمل ميزاناً دقيقاً للحقوق والواجبات.
    • عولمة تحرص على بناء مجتمع عادل وقوي.
    • عولمة تقر وتلتزم العمل بمبدأ المساواة بين البشر دون اعتبار للثروة أو الجاه أو اللون أو العرق.
    • عولمة تتخذ من مبدأ الشورى أساساً للنظام السياسي.
    • عولمة تجعل العلم فريضة على الجميع لتفجير الطاقات الإنسانية لمواصلة التقدم والرقي.
    • عولمة تدعو جميع البشر الى التعاون -وليس المنافسة -على الخير والصالح العام والابتعاد عن الشرور والآثام والافساد في الارض والاعتداء، من خلال قوله تعالى ((وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان.)).
    الخاتمة((حل المشكلة))
    • ان ماهو عالمي يبقى متوقفا على احترام ما هو خصوصي، لانه بدونه يكون ذلك العالمي مجرد خرافة مثيرة لكنها غير قابلة للتحقق في ارض الواقع.
    • كما يجب القول ان ثقافة أي امة لايمكن لها ان تفوز بشروط استمرارها الا اذا تهيأ لها امران هما:
    • الاول هو محافضتها على خصوصياتها المعبرة عن هويتها والثانية مشاركتها في صنع الحضارة بالابداع في جميع المجالات ومواكبتها وتفاعلها مع العصر الذي تنتمي اليه تفاعلا واعيا ومدروسا يحافظ على مميزات الامة وخصوصياتها من جهة ويساعدها على الارتقاء بين الامم بعيدا عن العزلة والتقوقع والتهميش والتطرف والتخلف من جهة اخرى.
    *المصدر:بوابة الونشريس، منتدى الإبداع و التواصل
    http://www.ouarsenis.com/vb/showthread.php?t=24481

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 10:10 am