هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
مرحبا بكم في هذا المنتدى الخاص بعلوم الإعلام و الإتصال و العلوم السياسية والحقوق و العلوم الإنسانية في الجامعات الجزائرية
. نرحب بمساهماتكم في منتدى الطلبة الجزائريين للعلوم السياسية و الاعلام والحقوق و العلوم الإنسانية montada 30dz

دخول

لقد نسيت كلمة السر

المواضيع الأخيرة

» مشاركة بحث
الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2  من البحث Icon_minitimeالأحد نوفمبر 27, 2022 9:16 pm من طرف Faizafazo

» برنامج احترافي في تنقيط التلاميذ تربية بدنية ورياضية وكل ما يحتاجه استاذ التربية البدنية والرياضية في المتوسط
الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2  من البحث Icon_minitimeالأحد يونيو 27, 2021 7:33 pm من طرف تمرت

» مفاهيم عامة .الاعلام و الاتصال
الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2  من البحث Icon_minitimeالثلاثاء فبراير 16, 2021 10:51 am من طرف المشرف العام

» نظريات الاعلام وحرية الصحافة و علاقة الصحافة بالسلطة
الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2  من البحث Icon_minitimeالثلاثاء فبراير 16, 2021 10:50 am من طرف المشرف العام

» نشأة وتطور الصحافة في العالم و الوطن العربي
الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2  من البحث Icon_minitimeالجمعة يناير 15, 2021 11:48 am من طرف المشرف العام

» ترحيب و تعارف
الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2  من البحث Icon_minitimeالسبت يونيو 13, 2020 10:39 pm من طرف صقر السردي

» كتب تاريخ الجزائر في القديم والحديث
الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2  من البحث Icon_minitimeالسبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام

» الثورة الجزائرية ،"ثورة المليون و نصف المليون شهيد"
الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2  من البحث Icon_minitimeالسبت مايو 16, 2020 3:30 pm من طرف المشرف العام

»  الادارة وتعريفها
الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2  من البحث Icon_minitimeالسبت مايو 16, 2020 3:28 pm من طرف المشرف العام

» مقياس :تاريخ وسائل الاعلام
الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2  من البحث Icon_minitimeالسبت مايو 16, 2020 2:57 pm من طرف المشرف العام


3 مشترك

    الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2 من البحث

    سميحة زيدي
    سميحة زيدي


    عدد المساهمات : 369
    نقاط : 670
    تاريخ التسجيل : 11/12/2009

    الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2  من البحث Empty الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2 من البحث

    مُساهمة من طرف سميحة زيدي الخميس ديسمبر 24, 2009 8:23 pm

    الفصل الثالث
    الاصلاح الاداري في الجزائـــر
    المبحث الأول ـــ مفهوم ومداخل الإصلاح الإداري
    رغم اختلاف وجهات النظر حول تحديد معنى ومحتوى مفهوم الإصلاح الإداري، إلا أن هناك اتفاقا عاما على الإطار العام له، فالإصلاح الإداري يعني للبعض تلك المجهودان ذات الإعداد الخاص التي تهدف إلى إدخال تغييرات أساسية في أنظمة الإدارة العامة، من خلال إصلاحات على مستوى النظام جميعه، او على الاقل من خلال وضع معايير لتحسين واحد أو أكثر من عناصره الرئيسة. او قد يعني للبعض الاخر اخضاع الواقع الاداري القائم لعملية تغيير تدريجي في ظل الظروف السياسية والاجتماعية والقانونية القائمة، بما يكفل تحسين مستويات اداء العملية الادارية ورفع كفاءة النظم الادارية القائمة.
    في حين يرى اخرون ان الاصلاح الاداري هو الاستجابة للتغيير وذلك بوضع إستراتيجية تثقيفية لتغيير المعتقدات والاتجاهات والقيم وهيكل التنظيم، وجعلها أكثر ملاءمة مع التطور التكنولوجي الحديث وتحديات السوق وتخفيض نسبة القلق من التغيير نفسه.
    ويأخذ الاصلاح الاداري مدخلين اساسيين هما:
    ـ المدخل التقليدي الجزئي
    ـ المدخل الشامل
    يتضمن المدخل التقليدي (الجزئي) للإصلاح الإداري معالجة جزئية للمشكلات الطارئة التي تواجه الحكومة وتنصب على تنظيم الجهاز الاداري في الدولة على اسس علمية سليمة تكفل تحقيق الاغراض المرجوة منه، ويقصد بالتنظيم اعداد جهاز اداري سليم وصالح لاداء المهمة الضخمة الملقاة على عاتقه.
    والمدخل التقليدي (الجزئي) ينظر الى الاصلاح الاداري على انه:
    أ. تنظيم الجهاز الاداري من حيث تكوينه وتشكيلاته والعلاقة فيما بينها.
    ب. تنظيم اساليب وطرق العمل في هذا الجهاز.
    ت. تنظيم شؤون العاملين في هذا الجهاز.
    ويقوم المدخل المعاصر الشامل على منهج تحليل النظم (Systems Analysis) حيث يرى هذا المدخل الحكومة او المجتمع نظاما يتكون من هياكل مختلفة تؤدي وظائف متنوعة، وان اي اختلال في احدى هذه الوظائف يقود الى اختلال في الوظائف الاخرى وذلك بسبب الترابط والتناسق بين تلك الوظائف مجتمعة وان علاج مشكلة لا يقتصر عليها فقط، وانما يتعداها الى النتائج الثانوية التي احدثتها تلك المشكلة، وبذلك تكون عملية الاصلاح الاداري على اساس المفهوم الشامل بانها نتائج عدة متغيرات مترابطة تنتمي لاوضاع سياسية واجتماعية معينة، بالاضافة الى الواقع الاداري، كما انها تتضمن تغيير اتجاهات الافراد والجماعات التي تتشكل منهم اجهزة الادارة وطريقة ادائهم مع الاخذ بالاعتبار المضامين غير الادارية (الاجتماعية والحضارية والسياسية) لعملية التغيير، وبذلك يمكن تلخيص نظرة المدخل الشامل الى عملية الاصلاح الاداري في الجهاز الحكومي بما يأتي:
    أ. ادخال انماط تنظيمية جديدة تلائم انواع النشاط الجديد الذي يتصدى له الجهاز الاداري والذي لم تكن الاشكال التنظيمية والادارية التقليدية مناسبة لموافاة احتياجاته تنظيميا.
    ب. ادخال نظم وقواعد واجراءات جديدة للعمل داخل هذه الانماط الجديدة وذلك في مجال لوائح الافراد واجراءات العمل والنظم الادارية لتحقيق اهداف هذه التنظيمات الجديدة.
    ج. تحقيق العلاقات الاشرافية والادارية والاستشارية بين التنظيمات الجديدة والتنظيمات القديمة، اي بين الجهاز الحكومي التقليدي والانماط الجديدة التي نتجت عن التوسع في اعمال الجهاز الاداري.
    د. توفير القيادة النشطة المؤمنة بالسياسات الجديدة والواعية لها على اساس علمي، بحيث تضمن اقصى امكانيات النجاح.
    هـ. التركيز على اهمية الموارد البشرية باعتبارها العنصر الحاسم في تنفيذ تلك السياسات واحداث التغيير المطلوب.
    و. التركيز المكثف على ان تكون مخرجات منظمات الجهاز الاداري وبالاخص الجديدة منها تتسم بالنوعية والجودة لتحقيق المساهمة الفاعلة في تحقيق الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية.
    وفي كلا المدخلين (الشامل والجزئي) فان عمليات الاصلاح الاداري لابد ان تستند الى إستراتيجية مدروسة، تراعي الاولويات والامكانيات المتاحة والمجالات المستهدفة، وتكون هذه الإستراتيجية محددة بسقف زمني لانجاز المراحل المتعاقبة فيها.
    المبحث الثاني ــ الأسس المعتمدة لبناء إستراتيجية الإصلاح الإداري
    من اجل النهوض بكفاءة وفاعلية منظمات الجهاز الاداري ليواكب التطورات والمستجدات المطلوبة في المرحلة القادمة ولاستيعاب وتجاوز المشاكل والمعوقات المشخصة، فان المبادئ والاسس المعتمدة في إستراتيجية الاصلاح المقترحة تتضمن ما يلي:
    1. النظرة الشمولية والمؤسسية للاصلاح الاداري فلابد من اتباع إستراتيجية ذات أمد بعيد لتفحص وتقييم ومتابعة برامج الاصلاح مع الاخذ بعين الاعتبار المتغيرات في البيئة لكي يتم الاستجابة لمتطلبات التغيير والتكيف مع تلك المتغيرات.
    2. العلاقة الوثيقة بين التنمية الادارية والتنمية الاقتصادية حيث ان تحقيق التنمية الادارية من شأنه تهيئة الادارة التي تستطيع النهوض بأعباء التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحل مشكلاتها.
    3. اعتماد مبدأ اللامركزية الشاملة على اسس تشريعية واقرار تطبيقه على مراحل، وايجاد توازن بين لامركزية المسؤوليات ولامركزية الموارد مع وجود هيئة رقابية فعالة.
    4. اعتماد اجهزة الدولة الشفافية في عملية الاصلاح الاداري وفي المتابعة الفعالة للمستويات القيادية العليا المشرفة على العملية برمتها.
    5. اشاعة مفهوم الثقافة الادارية في الجهاز الاداري من خلال عقد الندوات واستخدام الوسائل الاعلامية المتاحة.
    المبحث الثالث ــ إستراتيجية الإصلاح الإداري
    استشرافا للتطورات المحتمل حدوثها في المرحلة المقبلة في قطاعات الدولة المختلفة والاتجاهات العامة لادارة تلك القطاعات، والتأثيرات العالمية في مجالات العولمة والخصخصة وثورة التكنولوجيا والاتصالات والأسس المعتمدة الوارد ذكرها سابقا فان مضامين إستراتيجية الإصلاح الإداري يمكن ان تتضمن:
    • . الرسالة والغاية
    تتحدد رسالة إستراتيجية الإصلاح الإداري بما يلي:
    السعي الى بناء جهاز إداري كفء قادر على تنفيذ أهداف التنمية الشاملة ويستجيب لمتطلبات التغيير بمرونة عالية، ويمكن تجسيد هذه الرسالة من خلال الغايات التالية:
    ـ تدعيم كفاءة وفاعلية منظمات الجهاز الإداري (القطاعين العام والخاص)
    ـ تحسين مستوى أداء الخدمات العامة
    ـ الاستثمار الأفضل للموارد المتاحة
    ـ تأهيل وتطوير الموارد البشرية في منظمات الجهاز الإداري
    ـ إعادة النظر بالقوانين والتعليمات ذات العلاقة
    ـ جعل الوظيفة العامة أمانة وشرف
    ـ تحسين أوضاع الموظفين
    • . الأهداف
    وتنبثق من المجالات الأساسية لرسالة وغاية إستراتيجية الإصلاح الإداري مجموعة من الأهداف العامة، يمكن تحديدها بالتالي:
    1. تبني توجهات الإدارة الإستراتيجية في مختلف مجالات العمل من خلال تنمية قدرات منظمات الجهاز الإداري على التعامل مع البيئة الداخلية والخارجية.
    2. تبني الأنماط والمداخل الحديثة في البناء التنظيمي وإعادة تصميم الهياكل التنظيمية لمنظمات الجهاز الاداري لتحقيق المرونة والاستجابة لمتطلبات التغيير والتطور والتكيف مع عوامل ومتغيرات البيئة.
    3. إشاعة مفاهيم اللامركزية الإدارية والابتعاد عن مركزية اتخاذ القرار، وتنمية مهارات التفويض لدى القيادات الإدارية، وتمكين الإدارات الوسطى والتنفيذية لتحمل المسؤولية والاضطلاع بتنفيذ العمليات والاعمال الادارية.
    4. اعتماد شمولية تقويم اداء المنظمات من خلال الاهداف المحددة لها، مع التركيز على المسؤولية الاجتماعية لتلك المنظمات نحو المجتمع، بما يشمل تقويم الجوانب الادائية للعمليات والاعمال المنجزة، والتكاليف المالية، وحجم الاستثمار، واداء العاملين، وربطها بمتطلبات تطوير المجتمع.
    5. استيعاب المتغيرات الحاصلة والمتوقعة في حجم الموارد البشرية من حيث الكم والنوع على مستوى منظمات الجهاز الاداري، وتنمية قدراتها وتبني قيم العمل الجديدة، وتعزيز الابداع والتطوير.
    6. العمل على تنمية الاتجاهات الايجابية نحو العمل والانتماء اليه والتوسع في مجالات التأهيل والتدريب والتطوير للإدارات العليا والوسطى والتنفيذية.
    7. دعم الجهود نحو الارتفاع بمستوى الإنتاج والإنتاجية والنوعية، وإشاعة وتطبيق مفاهيم ان الجودة من مسؤولية الجميع وان خدمة الربون مسؤولية دائمة للمنظمات والعمل على التأهل لتطبيق المواصفات العالمية (ISO).
    8. اعتماد الأساليب التي تحقق الكفاءة الاقتصادية وفي مقدمتها رفع مستويات الإنتاجية وتقليص التكاليف واتخاذ القرارات المتعلقة بالاستثمار وخطط وأساليب الإنتاج على مستوى منظمات الجهاز الإداري.
    9. تطوير صيغ وأساليب وإجراءات العمل الإداري، والقوانين والتشريعات ذات العلاقة بما يسهم في تحقيق السرعة والدقة في الانجاز واتخاذ القرارات والعدالة والمساواة ونبذ الأساليب البيروقراطية.
    منقول عن الطالب:AYMEN28 مشكور من شيكة الطلبة الجزائريين www.etudiantdz.com

    10. التوسع في الاعتماد على التقنيات الحديثة وصولا إلى المنظومات الالكترونية، تمهيدا لبناء مشاريع الحكومة الالكترونية وتعزيز نشاط البحث والتطوير في هذه المجالات بما يوسع من أفاق المساهمة في تطويع وتكييف التكنولوجيا المتقدمة مع خصوصيات واحتياجات المنظومات الجزائرية.
    11. تنمية قدرات المنظمات المعنية بإدارة برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ودعمها وتعزيز دورها في توجيه الموارد نحو الاستثمارات ذات المردودات الأوسع.
    خاتمة
    في الأخير يجدر بنا أن نؤكد أن الإدارة العامة في الجزائر بحاجة إلى اصلا ح عميق يشمل جميع مكوناتها بدأ بالقوانين المنظمة لها وصول إلى تقديم الخدمة الجيدة للمواطن .
    و لابد من التذكير أنه قد يكون من المقبول أن نتأخر في تنفيذ عمل ما ، شرط أن نكون على الطريق الصحيح، وهذا الطريق نعتقد أن خريطته ترسمها الخيارات المعلوماتية التي أثبتت جدواها لدى معظم الدول، ولهذا فإن عدم قدرتنا على الوصول إلى مستوى معلوماتي مقبول في مؤسساتنا قد يجعل من الدعــــــــوة إلى الإصلاح بعيد كل البعد عن الواقع ويجعل من كلامنا هذا حبرا على ورق .
    المراجع
    1. الدكتور خميس السيد اسماعيل . الادارة والتنظيم الاداري في الجمهورية الجزائرية.الجزائر 1975.
    2. الاستاذ أحمد محيو . محضارات في المؤسسات الإدارية ، الجزائر ، ديوان المطبوعات الجامعية ، 1986.
    3. الاستاذ علي زغدود.الادارة المركزية في الجمهورية الجزائرية . الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر.
    4. الدكتور سليمان محمد الطماوي. مبادئ علم الادارة العامة .دار الفكر العربي.1980
    5. الدكتور سليمان محمد الطماوي. نشاط الادارة العامة .دار الفكر العربي.1954
    المشرف العام
    المشرف العام
    Admin


    البلد : جامعة قاصدي مرباح .وقلة - الجزائر
    عدد المساهمات : 987
    نقاط : 11948
    تاريخ التسجيل : 04/12/2009
    العمر : 46
    الموقع : المشرف العام على المنتدى

    الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2  من البحث Empty رد: الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2 من البحث

    مُساهمة من طرف المشرف العام الجمعة مايو 27, 2011 12:43 pm

    الدكتــور: ناجي عبد النـــور
    أستاذ محاضر – تخصص التنظيم السياسي و الإداري
    قسم العلوم السياسية – جامعة عنابة- الجزائر
    البريد الإلكتروني: nadjiabdenour@yahoo.fr


    ورقة بحثية مقدمة إلى: الملتقى الوطني " مستقبل الدولة الوطنية فى ظل العولمة ومجتمع المعلومات – حالة الجزائر- "


    المحور الثالث : تقييم تجربة الإصلاحات الجزائرية الشاملة في ظل العولمة


    عنوان الورقة البحثية: إصلاح الإدارة المحلية في الجزائر: الواقع والاتجاهات المستقبلية
    مقدمــــة


    تحتل الإدارة المحلية مركزا هاما في نظام الحكم الداخلي، كما تقوم بدور فعال في التنمية الشاملة، وتتميز بعلاقاتها بالنظم السياسية وبأنها قريبة من المواطن ونابعة من بيئته، وقد وضعت بهدف إدارة شؤون الدولة والمجتمع. ونتيجة المتغيرات السريعة المتلاحقة في البيئة السياسية والإدارية والاقتصادية العالمية وتحول دور الدولة فان حتمية إصلاح وتطوير الإدارة المحلية يعتبر من أولويات الدولة والمجتمع.

    إن المتتبع لدور النظام المحلي في الجزائرـ وهو المسئول عن التنمية المحلية والعمران والتنمية المستدامة ـ يلاحظ انه يعاني من تحديات وأزمات ومشاكل أفقدته التأييد الشعبي نتيجة انتشار ظاهرت تدهور المرافق العامة والخدمات البلدية، وانتشار الأحياء المتخلفة داخل المدن، وزحف العمران على المساحات الخضراء. . . إلخ. ومن ثم وجب العمل على إعادة النظر في نظم المحليات لرفع فاعليتها وكفاءتها مرة أخرى.

    ومن هذا المنطلق تحاول هذه الورقة البحثية طرح التساؤل الرئيسي ما مدى قدرة الإدارة المحلية على التكيف مع تغير دور الدولة و المستجدات البيئة المحلية و الدولية، رصد وتحليل وتقييم تجربة الإصلاح في الجزائر على المستوي المحلي، ثم عرض التحديات والعوائق التي تواجه عملية الإصلاح بعدها يتم طرح رؤية مستقبلية الإدارة المحلية في ظل التطورات والمستجدات التي حدثت في العقديين الأخيرين ( البلدية الالكترونية، الشراكة، تغير دور الدولة….) بهدف تفعيل القدرات الإدارية والبشرية والاتصالية والتنموية.


    أهمية الدراسة:
    الورقة البحثية لها أهمية عملية لأنها تتزامن والجهود التي تبذلها الحكومة الجزائرية لتحقيق الإصلاح على المستوي المحلي من خلال المبادرات المتمثلة في الدورات التدريبية لرؤساء البلديات لتنمية قدراتهم، والتصريح عن تقسيم إداري جديد مع تعديل قانوني البلدية والولاية.




    منهج الدراسة:
    اعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي والمقترب القانوني المؤسسي.
    هيكل الدراسة: يشتمل علي العناصر الآتية:
    أولا: إصلاح الجهاز الإداري الحكومي- المفاهيم و المداخل-
    ثانيا: أبعاد الإدارة المحلية ومقوماتها.
    ثالثا : جهود إصلاح النظام المحلي الجزائري.
    رابعا : التحديات التي تواجه نظام الإدارة المحلية في الجزائر.
    خامسا: إستراتيجية إصلاح الإدارة المحلية ( نظرة مستقبلية ).
    * المصدر مدزنة الدكتور ناجي عبد النور.
    المشرف العام
    المشرف العام
    Admin


    البلد : جامعة قاصدي مرباح .وقلة - الجزائر
    عدد المساهمات : 987
    نقاط : 11948
    تاريخ التسجيل : 04/12/2009
    العمر : 46
    الموقع : المشرف العام على المنتدى

    الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2  من البحث Empty رد: الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2 من البحث

    مُساهمة من طرف المشرف العام الجمعة مايو 27, 2011 12:51 pm

    التنمية
    الإدارية: مدخل بديل للإصلاح والتمكين للتنمية السياسية في الجزائر.






    الدكتور/ بومدين طاشمة



    كلية الحقوق


    جامعة أبوبكر بلقايد، تلمسان


    المقدمة:





    التنمية الإدارية هي عملية حضارية شاملة ترتكز
    على قدرات ذاتية راسخة و متطورة تتمثل في قدرة اقتصادية دافعة و متعاظمة و قدرة اجتماعية
    متفاعلة ومشاركة، و قدرة سياسية واعية وموجهة، و قدرة إدارية كفؤ ومنفذة، وانحسار
    أي نوع من هذه القدرات يشل التنمية و يعرقلها (1).


    وعلى هذا فإن التنمية الإدارية هي عملية تغيير
    مخطط تستخدم فيه طرق علمية تمكن الجهاز الإداري من تحديث الأنماط التنظيمية
    والسلوكية و إتباع الهياكـل الإدارية الملائمة و تكييفها في ضوء المتغيرات البيئية
    و تدعيمها بالمهارات البشرية الضرورية، وفتح مجالات رحبة للتدريب بما ينمي قدرات
    القوة العاملة و تحديث القوانين والتشريعات المعمول بها، وتطوير وتنمية معلومات
    ومهارات واتجاهات وسلوك أفراد المنظمة، وتحسين بيئة العمل الإداري، و ذلك من أجل
    تحقيق أهداف إرتيادية (إستراتيجية) التنمية الشاملة بأقصى درجة من الكفاءة و الفاعلية.


    هل يمكن إحداث الإصلاح
    السياسي و تحديث الدولة و المجتمع من دون الإهتمام بموضوع إصلاح الجهاز الإداري
    للدولة، أو بعبارة أخرى البحث عن نموذج تنموي سياسي دون الإتمام بالتطور والتنمية
    الإدارية ؟


    لقد أجبرت
    ظروف التحولات الإجتماعية و السياسية و الإقتصادية الكبرى صانعي السياسات على
    محاولة الفهم العميق لأبعاد العمليات التنموية في الدول المستضعفة، ومنها الجزائر
    محل دراستنا ، إلا أن تلك المحاولات كانت قد تركزت حول عمليات التنمية الاقتصادية
    و الاجتماعية و حتى الثقافية ، ولم تحظ التنمية الإدارية وعلاقاتها بالتنمية
    السياسية الشاملة إلا بإهتمام ضئيل .


    ومن هذا
    فإن الجزائر بحاجة إلى إستراتيجية بديلة للتنمية الإدارية في مختلف أجهزتها
    الإدارية حتى تكون مكملة ومتفاعلة مع نسقها الكلي المتمثل في التنمية السياسية
    الشاملة و المتوازنة , وهذا لا يكون إلا بالإنطلاق من الفهم الصحيح للأبعاد
    البيئية والدعوة إلى أسلوب العلاج بالضد Allopathic و الإبتعاد عن التغريب و التقليد
    الأعمى من جهة ثانية .


    لذا، لما
    كانت قضية التنميـة السياسية عملية شاملة ومتكاملة، فإنها لا يمكن أن تكون مستديمة
    ومتوازنة إلا بوجود تنمية إدارية فعالة ورشيدة ، هذه الفعالية والرشادة تحتاج بدورها
    إلى إصلاحات إدارية مستمرة و متجددة مواكـبة للتغيرات والتحولات الإجتماعية الكبرى
    . لذا فأن إصلاح الجهاز الإداري يجب أن يمثل أحد الأهداف الإستراتيجية ضمن إستراتيجية التنمية السياسية الشاملة .


    ونظرا
    لأهمية التنمية الإدارية ، فإنه من الضروري أن تعمل القيادة بإستمرار على تجسيد
    الإصلاح الإداري الذي يعتبره الأستاذ الدكتور " عمار بوحوش "
    عملية شاملة تتناول جميع جوانب العملية الإدارية و إجراءاتها والجوانب السلوكية
    المرتبطة بها ، كالجوانب التنظيمية و الإجرائية، والقانونية ، وتحسين إجراءات
    التوظيف، وتطبيق قواعد الجدارة والإستحقاق، وتكافؤ الفرص من أجل الإبتعاد عــن
    المحسوبية بكافة أشكالها ، وتطوير خطة ووصف الوظائف وتحليلها (2).


    وحتى تحقق
    التنمية الإدارية فعاليتها ومسايرتها للأوضاع الإجتماعية والسياسية والإقتصادية
    والثقافية في المجتمع، فإن على المهتمين بها أن يسلكوا سياسات جديدة في عملية
    الإصلاح الإداري آخذين بعين الإعتبارات جانب تحسين
    وتطوير برامج التدريب، ووضع قواعد عملية و ثابتة لنقل الموظفين، وتطوير سياسة
    الترقية و إجراءاتها، كما يجب حماية الموظف من بعض الممارســات التي قد يتـعـرض لهـا،
    كالضغوط السياسية من قبل رجال السياسة، أو كبار موظــفي الدولة ، مما يسبب فـي
    ظاهرة إنــتهاك الأخــلاق الوظــيفية .


    كما يجب على المهتمين بالإصلاح الإداري إعادة
    النظر في هياكل التنظيمية الإدارية والنصوص القانونية و التنظيمية التي تضبط هياكل
    الإدارة وتحدد أساليب العمل فيها ، والإهتمام بالعنصر الإنساني بإعتباره العنصر
    الأساسي في التنمية الإدارية والسياسية الشاملة , مع مراعاة الظروف الإجتماعية والسياسية
    و الإقتصادية والثقافية التي تتخذ فيها إجراءات الإصلاح الإداري . وهذا حتى يستطيع
    التنظيم أن يواكب جميع التطورات و التغـيرات المستمرة من ناحية، والتخلص من العيوب
    التنظيمية و تقريب القمة من القاعدة من ناحية أخرى . كل هذا في إطار مشروع شامل
    يضم كافة المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية و الثقافية في المجتمع.



    فإن كان
    المختصون بمــسألة التــنمية السياســية يعتــبرون أن الـتنمية الإدارية هي من
    الجوانب الأساسية و الجوهرية في عملية التنمية السـياسية الشاملة. حتى أن البعــض
    منهم يعتــبر أن التنمــية السياسية مرتبطة بـمـدى تطور الجـهـاز الإداري (3).
    فإن التخلص من سلبيات وصــعوبـــات الإدارة و إيجــاد جــهاز إداري فعال هي من
    أهداف أي عمل تنموي سياسي.


    وعليه، يمكن القول أن الإصلاح في الجزائر بشكل عام ،
    والإصلاحات الإدارية بشكل خاص ، تفتقر إلى الرؤية الواضحة لطبيعة المشكلات التي
    تمر بها الإدارة في الجزائر ، و عدم قدرة الأجهزة الإدارية على تحقيق أهداف
    البرامج التنموية نظرا لعدم قيامهـا على أسس علمية وعملية .


    كل هذا
    يرجع أساسا إلى تلك الخصوصيات الراسخة في أجهزة بيروقراطية الإدارة الجزائرية، هذه
    الخصوصيات و المظاهر السلبية يمكن تحديدها في العناصر التالية :


    1 ـ زيادة التضخم التنظيمي و الوظيفي
    للجهاز الحكومي و تحوله إلى هيكل هش. و قد إقترن هذا التضخم المؤسسي بتداخل و
    إزدواج في إختصاصات أجهزته و تفاقم مشكلة التنسيق على مختلف المستويات.





    2 ـ نمو الأعراض المرضية للبيروقراطية
    الجزائرية، من إفراط في الرسمية والشكلية، والجمود و مقاومة التغيير،و تحويل
    الوسائل إلى غايات. و أصبحت الحكومات المتعاقبة في سدة الحكم تعالج مشكلات الإدارة
    البيروقراطية فيها بإستصدار المزيد من اللوائح والضوابط القانونية التي غالبا لا
    تنفذ .





    3 ـ تحول الجهاز البيروقراطي الحكومي
    إلى مركز قوة في المجتمع الجزائري يسطر على موارد الأمة دون رقابة خارجية فعالة .
    نتيجة عدم وجود سلطة تشريعية فعالة، و سلطة قضائية مستقلة. ومكن هذا الإختلال
    للنخبة البيروقراطية أن تتحصن، و أن تكتسب مناعة ضدّ المساءلة و الحساب و كذا
    الإصلاح و التنمية الإدارية .





    4 ـ إستغلال النفوذ و الصراع من أجل
    الحصول على مناصب قيادية لتحقيق أهداف ذاتية . وهذا ما يؤدي إلى تقديم المصلحة
    الشخصية عن المصلحة العامة، وأصبح بعد ذلك همّ القيادة البيروقراطية ليس تفعيل
    القرارات و السلوك. إنما الأمر على العكس من ذلك هو جمع الثروة بكل الوسائل،
    فانتشرت المظاهر غير الأخلاقية كالرشوة، والتزوير في أوساط الموظفين، وخذا ما يفسر
    الصفات غير الحميدة التي يتصف بها الأعوان العموميون في الجزائر (4).





    5 ـ إن الإدارة العامة الجزائرية هي
    إدارة مقلدة أكثر منها أصلية ، إذ تحاول أن تنقل صورة البيروقراطية الغربية، خاصة
    النموذج الإداري الفرنسي الإستعماري . ويشمل هذا التراث الإداري الإستعماري مظهرا
    مستمرا في تأثيره على التنظيم الإداري، الأمر الذي يجعله يقتصر على فئة محدودة
    نخبوية متسلطة معرقلة لكل إصلاح لا يتماشى و مصالحها.






    6 ـ أما المشكلة السادسة فهي تتمثل في وجود الإتجاهات غير الإنتاجية في
    الجهاز الإداري، حيث يوجه النــشاط الإداري لخدمة أهداف أخرى غير الأهداف المرجوة
    منها. بالإضافة إلى رغبة البيروقراطيين في تفضيل تمرير و تحقيق مصالحهم الفردية
    على حساب المصلحة العامة .





    7 ـ المشكلة السابعة تتمثل في هجرة
    الكفاءة الإدارية الجزائرية، و إفتقارها من الكوادر الماهرة القادرة على تخطيط و
    تنفيذ البرامج التنموية. و يرجع هذا المشكل إلى أكثر من سبب من ذلك مايلي:





    ـ أن عملية التوظيف تتأثر بالإعتبارات الشخصية
    رغم مراعاة نظام الكفاءة رسميا . فنظام
    التوظيف في الإدارة الجزائرية يعتمد شكليا على الكفاءة في الإمتحانات ، ولكنه
    عمليا يقوم على تجاوز المـؤهلــين ، حيـث يلـجأ عادة إلى الوساطة في التوظيف ، و
    تقديم أهل الثقة قبل أهل الخبرة في تولية المناصب القيادية، و في الترقية ، و في
    منح الحوافز .و إن كان هذا مناسبا في المناصب السياسية العليا فإنه يصبح غير مناسب
    في الوظائف التقنية و الإدارية، و هذا ما جعل الموظف الجزائري في حالة شعور دائم
    بالخوف من الإقالة و دون سابق إنذار، و مثل هذا الشعور يجعله لا يبدع و لا يطور
    آماله (5)، مادام الأمر يقوم على الإعتبارات الشخصية التي تلعب دورا
    كبيرا في الترقية والعماوال.





    ـ تأثير الوسط الإجتماعي و الإقتصادي ، و إنتشار
    ظاهرة الثراء بلا سبب ، و المساومة على حساب المصلحة العامة لكسب منافع خاصة ، و
    هذا واضح في مجال العقود، وإبرام صفقات التوريد، والتجهيز، والإنجاز ... الخ .


    إن هجرة
    الكفاءة الإدارية الجزائرية ، و النقص في الإطارات الماهرة ذات الكفاءة العالية في
    التسيير و التنظيم ، لا يعني عدم وجود طاقات بشرية بل المشكلة تكمن في كيفية تسيير
    هذه الموارد البشرية وفقا للإبتكارات العلمية الجديدة و المتجددة ، ولا يمكن
    معالجة مشكلة القدرة الإدارية إلا بإستقطاب الكفاءات الموجودة عن طريق التوزيع
    العادل للمناصب الإدارية، وفتح مجال التوظيف على قدر المساواة أمام حاملي الشهادات
    الجامعية ، مع مراعاة إعادة إصلاح النظام التربوي و تكثيف الجهود التدريبية
    للموظفين.





    8 ـ إنتشــار المظاهر السلبية في
    المؤسسات الإدارية، نتيجة إنحسار المد القيمي الأخلاقي وتحلل العاملين فيها من
    الـقيم المهـنية والأخلاق الوظيفية التي توجه سلوكهم وتحكم قراراتهم وترشد
    تصرفاتهم الرسمية وغير الرسمية.





    9 ـ التهرب من المسؤولية، و إنتشار أساليب
    الإتكال في مختلف مستويات بيروقراطية
    الإدارة ، و التهرب من الواجبات لإعتقادهم بأنهم يعملون ، و غيرهم يجني الثمار، و
    هذا ما يؤدي إلى إنعدام روح المبادرة و الإبتكار .





    10 ـ الظاهرة الأخرى التي لا تقل خطورة عن
    سابقتها تتمثل في إسهام العديد من المؤسسات الإدارية في التخفيف من وطأة القيم
    الإيجابية الأصلية المستمدة من التراث الحضاري للأمة ، و التواطؤ مع الممارسات
    السلوكية الشاذة والمنحرفة التي تقترفها
    العناصر الضعيفة التي إستطاعت أن تقفز إلى المواقع القيادية بأساليب ملتوية
    و غير مشروعة (6). إن شيوع هذه الممارسات ما هو إلا إستمرار لقيم
    متأصلة و مكتسبة من ثقافة إدارية إستعمارية من جهة، وإلى عدم تجديد الإدارة و
    تحديثها من جهة ثانية ، إضافة إلى ذلك الفراغ السياسي والإيديولوجي الذي تمر به
    البلاد حاليا إذ أن غياب العامل السياسي والإيديولوجي الذي يستطيع فرض رقابة شديدة
    على البيروقراطية ويوجهها ليجعل هـــذه الأخيرة تتحرك في نوع من الفراغ الجزئي.
    يتبع /



    المشرف العام
    المشرف العام
    Admin


    البلد : جامعة قاصدي مرباح .وقلة - الجزائر
    عدد المساهمات : 987
    نقاط : 11948
    تاريخ التسجيل : 04/12/2009
    العمر : 46
    الموقع : المشرف العام على المنتدى

    الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2  من البحث Empty رد: الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2 من البحث

    مُساهمة من طرف المشرف العام الجمعة مايو 27, 2011 12:53 pm

    11ـ غياب الرقابة الفعالة في الإدارة
    الجزائرية أدى إلى تفشي الظواهر السلبية للبيروقراطية كالفساد الإداري , والرشوة ,
    والمحسوبية ، و الوصولية ، والتحايل على القوانين ، والغيابات غير الشرعية ،
    وإحتقار العمل كقيمة حضارية .





    12 ـ التناقض الكبير بين الوضع الرسمي و
    الواقع ، ويتجلى هذا في الظهور بما يجب أن تكون عليه الأمور خلافا لما هو عليه
    الواقع . والغريب أن يتم إخفاء هذه الفجوة بين التوقعات و الحقائق عن طريق إصدار
    القوانين التي لا يتم تطبيقها، والعمل بتنظيمات تتعلق بشؤون التوظيف، ولكن يتم
    تجاوزها، والإعلان عن تفويض صلاحيات إدارية مع إبقاء رقابـة المركز محكمة، و حصر
    حق إتخاذ القرارات فيه، وإصدار التقارير بأن النتائج قد حققت الأهداف المرجوة
    بينما الحقيقة أن النتائج لم تتحقق إلا جزئيا.





    13 ـ عدم إستقرار الحكومـة، بسبب الظروف
    التي مرت بها الجزائر منذ سنة 1988 و إلى اليوم 2007، و المدة تقترب من تسعة عشر
    (19) سنة كاملة نلاحظ عدد الحكومات المتعاقبة بلغ (11) حكومة، و كل حكومة بفريق
    عمل جديد سواء قيادة جديدة أو مناصب جديدة، و تشير الأرقام في الفترة من 1988 إلى
    2002 إلى تعيين (10) رؤساء حكومة، (190) وزير، متوسط العمل في الوزارة (13) شهرا و
    (57) يوما، أي أقل من شهرين (7). و قد شهدت تلك الفترة ظاهرة دمج
    وزارات و تجزئة أخرى، و ما يترتب عن ذلك من تبعات مادية و بشرية، وإعادة تنظيم قد
    تستغرق وقتا طويلا. و عليه فظاهرة عدم الإستقرار أثرت سلبا على فعالية و رشادة
    الإدارية العامة، و الفروع التابعة لها
    من إزدواجية في المهام، و تضارب الصلاحيات، هذا زيادة عن ضعف الرقابة، و تأخير حل المشكلات،
    و خلق آثارا لدى المنفذين على مستوى الولايات والبلديات.


    إذا ، بعد
    إبراز أهم الخصوصيات و المشكلات التي تبصم بيروقراطية الإدارة الجزائرية ، والتي
    تقف حجرة عثرة أمام أي إصلاح أو أي عمل تنموي سياسي وإداري، سنحاول تحديد الأسباب
    الرئيسية التي أدت إلى ظهور تلك الخصوصيات السلبية . فما هي أسباب هذه المشكلات
    الإدارية ؟ وما هي الوسائل الكفيلة
    لمعالجتها والحد منها ؟


    لقد تظافرت
    جملة من العوامل و الظروف الداخلية المتنوعة ، بعضها تاريخي ، والبعض الآخر ذو
    طابع قانوني و سياسي وإقتصادي لتخلق ضغوطا و مطالب وتأثيرات كان لها أثر كبير في
    دفع النظام السياسي الجزائري إلى ضرورة
    التحرك في الإتجاه الذي يضمن على الأقل إستمراريته من جهة , والحد أو التقليل من
    خسائره من جهة أخرى , على إعتبار أن التناماوال أو التخلي عن السلطة بإمتيازاتها أمر
    غير وارد . وتتخلص هذه الأسباب التي تعد في نفس الوقت ضغوطات على النظام السياسي
    في نفس الوقت، فيما يلي :





    1 ـ الأسباب التاريخية :





    تتمثل
    الأسباب التاريخية لبيروقراطية الإدارة الجزائرية أساسا في ذلك الإرث التاريخي
    الذي ورثته عن العهد التركي، والحقبة الفرنسية ، ثم مرحلة ما بعد الإستقلال. هذه
    الحقب التاريخية كان لها أثر كبير في تفشي المظاهر السلبية على الإدارة الجزائرية،
    الأمر الذي أدى إلى ظهور جهاز بيروقراطي مركزي منغلق.


    وعلى الرغم من التعديلات والإجراءات التي
    قامت بها الدولة الجزائرية من أجل القضاء على تلك المظاهر السلبية الموروثة، و إن
    كانت قد تمكنت في التغلب و القضاء على المظاهر السلبية المادية فإنه من الصعب
    التحكم و التغلب على القضايا و المظاهر السلوكية والفكرية التي غرسها الإستعمار
    الفرنسي، و أعد لها قادة مخلصين يدافعون عنها، و ينقلون مظاهرها للأجيال
    المتعاقبة. و قد تعمق ذلك بغياب الثقافة الإدارية الأصيلة و البناءة، ومحاولة
    تغيير المجتمع بقوانين و تعليمات فوقية ، و قد أورد في هذا الإتجاه الأستاذ
    الدكتور " منصور بن لرنب " قوله : " لا يمكن لأي باحث حصيف
    إنكار التأثير المباشر أو غير المباشر للإدارة العثمانية أو الفرنسية على الإدارة
    الجزائرية، على الأقل في المراحل الأولى من الإستقلال السياسي التي كان لها تأثير
    كبير في رسم الإستراتيجيات التنموية الإدارية ، و هنا تبرز العلاقة بين حاضر
    الإدارة الجزائرية، وماضيها المحدد في المرحلتين السابقتين " (Cool .


    إنطلاقا
    من هذه المقولة يمكن القول أن بيروقراطية الإدارة الجزائرية لازالت تعاني من المظاهر
    السلبية كالرشوة، والمحسوبية، وغياب قيم العمل الحضاريـة، و لا زال المواطن يشعر
    بالإغتراب والإنفصال عن الجهاز الإداري، مما جعل هذا الأخير لا يقوى على تجنيد و
    تعبئة الطاقات البشرية . لذا حتى يمكن بناء عامل الثقة بين الإدارة و المواطن فلا
    بدّ من إتخاذ قرارات عقلانية، غايتها إزالة مظاهر التسيب البيروقراطي، والتخلي عن الخطاب
    السياسي المزدوج، والإهتمام بالإنسان الذي يعد ثروة الأمم.





    2 ـ الأسباب القانونية :





    ترجع
    المظاهر السلبية لبيروقراطية الإدارة الجزائرية إلى عدم صلاحية الكثير من القوانين
    واللوائح السارية المفعول، إذ أن معظم القوانين لا تتماشى والتغييرات الإجتماعية
    والسياسية والإقتصادية. ففي الوقت الذي يمر فيه المجتمع بتغيرات وتحولات عميقة على
    كافة المستويات ، نجد القوانين لا تساير هذه التغيرات ، الأمر الذي يجعلها معرقلة
    لكل تغير ، مما إنعكس سلبا على دور الإدارة العلمية الحديثة .


    ولتبسيط
    توقعات وإنجازات وظائف بيروقراطية الإدارة الجزائرية ، إرتأيت وضع جدولا وفقا
    للنموذج الدراسي السلوكي معتمدا في ذلك
    على التقييم السلوكي للنظام الإداري والقانوني ، وهو حساب الفارق بين ما تثيره هذه
    الإلتزامات من توقعات وما يحققه النظام بالفعل من إنجازات(9).


    وعليه، فإن
    التمسك بتلك الأنظمة و الأدوات القانونية و الإنجازات لها تأثير سلبي، خاصة فيما
    يتعلق بتحقيق المشاريع الإقتصادية و الإنمائية والتربوية. لذا يستلزم الأمر إعادة
    النظر في المنظومة القانونية حتى تتماشى والتحولات الإجتماعية الكبرى، وحتى تواكب
    تطلعات الشعب و آماله هذا من جهة ، ومن
    جهة أخرى لابد من تغيير القيم الإدارية السائدة بإصلاحات سياسية وإدارية تمكن من
    تغيير النظام الإداري تغييرا أساسيا وعقلانيا . فلا تنمية سياسة بدون قيم إدارية
    إنمائية أهمها وضع الإنسان المناسب في المكان والوقت المناسب.





    3 ـ الأسباب السياسية:





    إن سيطرة
    الدولة على المجتمع والطابع البيروقراطي لعلاقتها معه، وعدم قدرة الجهاز
    البيروقراطي المنغلق على ترجمة مطالب الفئات الإجتماعية إلى مخرجات، أوصل المجتمع
    إلى حالة من الإنسداد. كما أثبت الواقع أن التحولات الإجتماعية الداخلية التي
    تنامت بسرعة بفعل إنتشار التعليم والتفتح على العالم المتقدم ، وتزايد متطلبات
    المعيشة وتعقدها . لم تلقى رد الفعل المناسب من الجهاز البيروقراطي، و لم تجد فيه
    متنفسا حقيقيا قادرا على إستيعابها وتلبيتها، بل أصبح النظام الإداري عاجزا عن
    تحقيق الأهداف التي وعد بها خاصة مبدأ تقريب الإدارة من المواطن.


    هذا
    بالإضافة إلى هيمنة النمط القيادي الأوتوقراطي (10)Autocratic Leadership » « القائم على مبدئ السيطرة من أعلى قمة الهرم إلى
    أسفل قاعدته ، و المعتمدة على حرفية القوانين و لو كان على حساب أهداف التنظيم .
    بالإضافة إلى ذلك ـ كما ذهبت إحدى الدراسات الجادة لسلوك القيادة في إتخاذ القرار ـ
    أن سلوك القيادة في الجزائر تتصف بإنعدام الثقة في الآخرين ، و تسييس المناصب
    القيادية على حساب الكفاءة ، و خضوعها للإيديولوجية ( الفكروية ) الحربية و مثل هذه المواصفات تبعد القيادة في الجزائر
    عن كونها قيادة ديمقراطية بل هي قيادة متأرجحة بين الأوتوقراطية و المتسيبة ، و في
    الحالتين فإن مردودية القيادة البيروقراطية لا زالت بعيدة عن تحقيق رغبات المواطن
    نتيجة عجزها المتواصل على قدرة الإنجاز، وعدم قدرتها الإستجابة للمطالب والضغوطات
    نتيجة التغيرات والتحولات على مختلف الصعد السياسية ، و الإجتماعية ، و الإقتصادية
    ، والثقافية . والنتيجة الحتمية لذلك إفتقادها لشرعياتها وبالتالي إنعدام الثقة
    فيها من طرف أغلب فئات المجتمع .





    4 ـ الأسباب الإقـتصادية :





    لقد مر
    على إستقلال الجزائر أربعة و أربعون (44) سنة و بوادر الفعالية والرشادة في سلوك
    القيادة البيروقراطية و التيكنوقراطية على مستوى إدارة الإقتصاد لم تظهر بعد. وهذا
    يتجل في إنعدام الشفافية و سوء تسيير الشؤون الإقتصادية ، مع تناقض القوانين وعدم
    تطبيقها في حالات أخرى ، وإنعدام الكفاءات العلمية و العملية . و من جهة أخرى طبيعة نظام الحكم المركزية، وتبعية
    العدالة للجهاز السياسي ، و إستفحال ظاهرة الجهوية والمحسوبية . كل هذه المظاهر و
    غيرها ساهمت في الإخلال بالإقتصاد الوطني، و في الإنحطاط الذي ألم بالمجتمع ، و في
    الضعف الذي طرأ على دور الدولة . وفي الوقت نفسه نجدها تفسر الهوة الشاسعة بين
    الحاكم والمحكوم، و هي ثمرة غياب الثقة بين الشعب والبيروقراطية المسيرة لأجهزة الدولة.


    لقد خلقت
    بيروقراطية الدولة في الجزائر ــ كما أوضحت ذلك في الفصول السابقة ــ تناقضات و
    ظروف معقدة ، أصبحت بيروقراطية الإدارة عاجزة عن التحكم فيها نتيجة إعتمادها على
    قاعدة الريع البترولي الذي سيطرت عليه ، و اتباع سياسات تنموية دخيلة كإستراتيجية
    الصناعة المصنعة التي نادى بها عالم الإقتصاد الفرنسي " جرار دستان دبرنيس
    " "Jerar Destin Debernis" و التي إتبعتها الجزائر خلال فترة السبعينيات والتي أدت إلى إهمال
    الفلاحة و نشوء فئة التقنوقراطية في القطاع الصناعي . كما أن السياسات المتبعة
    خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات المتعلقة بالتوظيف و المرتبات في المؤسسات
    الإقتصادية العامة لم تعكس أي ضرورة إقتصادية .



    بالإضافة
    إلى ذلك أن المؤسسات الوطنية كان يغلب عليها الطابع الإجتماعي والسياسي،
    فالجزائرعرفت إدارة إقتصادية مسيسة وليس إدارة إقتصادية قائمة على الجدوى
    والنجاعة، لذلك كانت المشاريع الإقتصادية
    في الواقع خاضعة لتقلبات القرارات والأحكام السياسية والإدارية التي لا تعرف
    الإستقرار .


    يضاف إلى
    السلبيات السابقة الإعتماد على الطرق النخبوية للتسيير البعيدة عن القواعد المتبعة
    دوليا، و منطق الإستعمال المفرط للتكنولوجيا المتطورة، واللجوء الزائد عن الحدّ
    إلى المؤسسات الأجنبية، و تمركز سلطة القرار في دوائر محددة، كل هذه العوامل ساعدت
    على تعزيز المزايا غير القانونية غالبا لصالح مجموعة محدودة من المسؤولين في
    القطاع الإقتصادي.


    من جانب آخر
    عدم الإستمرارية بالنسبة للإداريين ومسيري المؤسســات مما جعلهم لا يتحكمون في التسيير،
    ونفس الشيء بالنسبة للقوانين والقرارات والمشاريع حيث يطغى عليها التسرع، سواء من
    حيث الإقدام عليهـا أو في تغييرها. ولعل أحسـن مثال على ذلك محاولات تنظيم إدارة
    القطاع الإقتصادي والفلاحي عدة مرات تحت تسميات وشعارات مختلفة، ومع ذلك النتائج
    تكاد تكون واحدة وسلبية في كل مرة .


    ناهيك عن إنعدام المقاييس العلمية و الموضوعية
    في إختيار و تعيين وإقالة المسؤولين والإداريين والمسيرين في القطاع الإقتصادي ،
    ذلك أن هذه العملية "... تخضع إلى حسابات ومسائل لا علاقة لها بالقدرة و
    الكفاءة و النزاهة ، و إنما تبنى على إعتبارات المحاباة، و القرابة، والولاء، و
    الجهوية ..." (11) . يضاف إلى ذلك غياب القدرة في التضحية وبذل
    الجهد من أجل الصالح العــام الوطني ، و هو ما أفرز تفشي أزمة الضميـر
    المهني، و ظاهرة اللامبالات "...هذا
    ما جعل المناصب والمسؤوليات تتحول للمصـلحة الشخصيـة خاصة الثراء غير المشروع على
    حساب أداء المهمة... كما أفرز سيادة البيروقراطية السلبية التي شوهــت صورة كل ما هو
    حكومي في نظر المواطن " (12).


    إن كل هذه
    الأسباب وغيرها مجتمعة كانت أو منفردة ، ورغم النوايا والمحاولات المتعددة لرفع
    مستوى الكفاءة والأداء الإداري ، قد أدت إلى تفشي الظواهر المرضية في الإدارة
    الجزائرية حيث زادت في إتساع الهوة بين القمة والقاعدة ، وإستفحل الإهمال وتراكمت
    مشاكل الفئات المحرومة والمرتبطة تماما بكل ما تقدمه أجهزة الدولة من خدمات وما
    توفره لها من فرص الإستفادة من الثــروة الوطنية .


    لذا ، يتطلب إصلاح بيروقراطية الإدارة
    الجزائرية الراهنة ، من خلال البحث عن الوسائل الناجعة الكفيلة لمعالجتها من جهة ،
    ووضع إستراتيجية إدارية بديلة هدفها بناء إدارة للتنمية السياسية الشاملة
    والمستديمة والمتوازنة من جهة ثانية ، بإعتبار أن المشكلة الرئيسية التي تواجه
    تجاوز عملية التخلف كما يقول الأستاذ
    الدكتور " رمزي زكي ": " هي في إكتشاف النمط الذي تكمن فيه
    مواطن القوة لقيادة عملية التنمية ، بالإضافة إلى ضرورة الإستفادة منها ، في ظل إستراتيجية
    واعية تراعي تواجد هذه الأنماط و تستفيد من إمكانات كل منها في العطاء لعملية
    التنمية " (13) ، وهذا لا يكون إلا من خلال تنمية القدرة
    التخطيطية وحسن إستغلال كل الموارد المتاحة و ترشيد إستخدامها بشكل إستراتيجي،
    وهذا لا يكون إلا بالتخطيط الإستراتيجي الذي يعني " الخطط الأساسية للمنظمة،
    و التي تتم من قبــل الإدارة العليا ، وهي لا تتعلق بوسائل تحقيق الأهداف ، ولكنها
    تتعلق بتحديد الأهداف نفسها " (14) . خلال الحقبات السابقــة (
    إبتداءا من الستينات إلى السبعينات ) كانت التجربة الجزائرية في التنميــة
    والتخطيط بعيدة كل البعد عن هذا الطرح الإستراتيجي من جهة ، إلى جانب غيـاب البعد
    الديمقراطي في تعزيز التخطيط ورسم الخطط الإستراتيجية من جهة ثانية. كذلك ضرورة
    الإهتمام بالعنصر الإنساني، و ذلك عن طريق تشجيع الأسلوب الشورى والديمقراطي في
    الأجهزة الإدارية، وتطوير النظام الوظيفي على ضوء التغيرات الإجتماعية
    والإقتصادية، و إتاحة الفرصة للعاملين للمساهمة في إدارة شؤون الإدارة، وتقديم
    مقترحاتهم بكل حرية وجرأة مما يشجع على تحسين أساليب العمل الإداري.


    هذا إلى
    جانب دعم و تبني القيادة السياسية العليا للإصلاح الإداري في الدولة له، من خلال
    تبنيها للأهداف و المحاور الرئيسية لخطة الإصلاح و متابعتها و تقييمها للإنجازات
    المتحققة بشأنها (15). بالإضافة إلى ضرورة العمل على تغيير الحالة
    الذهنية للموظفين الذين يتصفون باللامبالاة والعزوف والحياد السلبي ، وذلك بتوسيع
    مشاركتهم في إتخاذ القرارات، وإطلاعهم على كل ما يجري من تعديلات وتغييرات تنظيمية
    ، مما يسمح أن تكون لهم الفاعلية في المشاركة في عملية التنمية السياسية و
    الإدارية الشاملة والمستديمة. والتحكم في عملية قنوات الإتصال بين القيادة
    والقاعدة من أجل خلق الثقة والتعاون المتبادل بينهما . والإلتزام بمبدأ وضع
    الإنسان المناسب في المكان والوقت المناسب، وإحترام شروط التعيين في الوظيفة ،
    وإتباع سياسة واضحة في الترقية ، و توفير الشروط المادية والمالية للقيام بالعمل
    الإداري الفعال .
    يتبع
    المشرف العام
    المشرف العام
    Admin


    البلد : جامعة قاصدي مرباح .وقلة - الجزائر
    عدد المساهمات : 987
    نقاط : 11948
    تاريخ التسجيل : 04/12/2009
    العمر : 46
    الموقع : المشرف العام على المنتدى

    الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2  من البحث Empty رد: الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2 من البحث

    مُساهمة من طرف المشرف العام الجمعة مايو 27, 2011 12:54 pm

    كما
    يجب العمل على التخفيف من المركزية الإدارية ، ويتم ذلك بتوسيع نطاق التفويض في الإختصاص،
    مع تقرير مبدأ القيادة الجماعية لمنع فرض سلطة الرؤساء الإداريين ،وتشجيع المجالس
    الشعبية المنتخبة على الإسهام بدورها في محاربة البيروقراطية الهجينة. وإعادة
    النظر في التنظيم الهيكلي للإدارة وطرق تسييرها ، خاصة وأن المجتمع الجزائري يعرف
    تحولات جوهرية . وبالتالي، فإن عملية إحداث إصلاح في الهيكل التنظيمي للجهاز
    الإداري ، عملية تفرضها طبيعة المرحلة التي تعيشها البلاد ، لذلك يتوجب تطوير
    الهيكل التنظيمي للإدارة حتى يواكب الأهداف والأدوار الجديدة .


    هذا
    بالإضافة إلى ضرورة الإهتمام بالعنصر القيادي الكفء، وهذا بهدف تحقيق هدفين أساسيين:
    تقديم وتحسين الخدمة العامة للجمهور المتعامل معها ، وتجنب التضخم البيروقراطي
    والبطالة المقنعة . وهـذا بدوره يتطلـب تجديد الهياكل الإدارية وتطعيمها بعناصر
    إدارية جديدة تواكب التطورات الحاصلة في المجتمع . من هذا يتبين لنا أن أهمية
    إتخاذ إجراءات إعادة تنظيم الإطارات بإستمرار، تعتبر عملية فعالة وضرورية لرفع
    الأداء الإداري وتــطويره.


    و في
    الأخير لإحداث تنمية إدارية تتجاوب مع أهداف التنمية السياسية الشاملة، ضرورة
    إيجاد هيئة عـلـيا للإصلاح الإداري، تقوم برسم وتنفيذ إستراتيجيات الإصلاح الإداري،
    وتمتلك القدرة اللازمة من أجل إتخاذ القرار الملائم لتحقيق الأهداف المسطرة ضمن
    إستراتيجية للإصلاح. كما يجب أن تتمــتع هذه الهيئة بالتمثيل الكافي والمعبر عن
    مشاركة جميع قطاعات الإدارة والإطارات العلمية والوطنية، وتتطلب هذه الهيئة تنمية
    قدراتها الفنية وتوفير الوسائل الضرورية لجمع وتحليل المعلومات لإتـخاذ سياسات
    الإصلاح الإداري وتنفيذها. ولهذا تعتبر عملية إنشاء هيئة عليا للإصلاح الإداري
    ضرورة ملحة، نظرا للأمراض المكتبية و المشكلات الإدارية التي تتخبط فيها إدارتنا،
    إذ تعمل هذه الهيئة على التخفيف من حدتها، وتوفير الظـروف الملائمة والوسائل الضرورية
    لبناء إدارة فعالة وقادرة على تحقيق أهداف وطموحات الدولة والمجتمع.


    وعليه، فإن
    لا مجال للحديث عن تنمية سياسية شاملة ومتوازنة ومستديمة دون أن تليها عملية
    الإصلاح الإداري الشامل. وبعبارة أدق إن نجاح عملية الإصلاح والتحديث السياسي
    تتوقف على مدى تحقيق التنمية الإدارية القائمة على خطة إستراتيجية تنموية محددة
    الأهداف، و دقيقة التصور مدعمة بمبدأ الإدارة الشعبية للقضاء على الإغتراب السياسي
    والإداري، والتقليص من السيطرة النخبوي (البيروقراطيين والتقـنوقراطيين )، هذه
    الفئة التي تعرف بعرقلتها لكـل مجهود تنموي سياسي شامل قد يهـدد أو يقلص من
    مراكزها ومصالحــها السياسية والإقتصادية والإدارية والإجتماعية.


    وبناءا على ذلك،
    حين تتحقق هذه الخطـوات الإصلاحية، وتستوعب هذه المنطلقات، فإن تأثيرها يمكن أن
    يتابع من خلال التطور الذي يتوقع حدوثه في سلوك المنظمات والهيئات الإدارية،
    وتصرفات العاملين فيهـا.


    إنطلاقا من
    ذلك نورد فيما يلي بعض المؤشرات التي يمكن إخضاعها لتقويم هذه النتائج والتي لخصها
    الأستاذ الدكتور" عامر الكبيسي" في النقاط التالية:





    1ـ مدى التغيير الكمي و النوعي في
    الأهداف المحددة للمؤسسات و المنظمات وفي سلم الأولويات التي تعطي لها، ودرجة
    وضوحها والإيـمان بها والإستعداد لتحقيقها.





    2ـ مدى التغيير في الوسائل و
    الأساليب التي تعتمدها المؤسـسات ومقارنة ما أحدثته القيم الجديدة في مستويات
    الكفاءة و الفعالية .





    3ـ مدى التغيير والتطور في النظم والسياسات
    و اللوائح، وخاصة تلك الـموضحة لتوزيع الصلاحيات ولطرق الإتصال ، والمحددة لحقوق
    العاملين وواجباتهم .





    4ـ مـدى التطور الحاصل في العلاقات التي تربط
    الأفراد داخل المؤسسات بعضهم ببعض وتلك التي تربطهم مع المتعاملين معهم خارج
    المؤسسة .





    5ـ مدى الزيادة الكمية و التحسن النوعي الناجم
    في مستوى الإنتاج المتحقق أو الخدمات المقدمة بأقصر وقت وأبسط جهد وأقل تكلفة.





    6ـ وأخيرا فإن أهمية النظام القيمي الذي تطمح
    المؤسسات الإدارية لتبنيه، سيكفل توفير المناخ الوظيفي اللائق، ويوفر للعاملين
    الأجور القائمة على الإيثار والأمانة والتجرد
    والموضوعية (16).





    وصفوة
    القول ، فإن عملية بناء جهاز بيروقراطي فعال ورشيد ليساهم في العملية التنموية السياسية
    الشاملة و المتوازنة ، تتطلب مراعاة العوامل البيئية التي تتحكم في أداء و تنظـيم
    الإدارة العامة، من بينها العوامل السياسية والإجتماعية والثقافية .


    لذا، يجب
    إتخاذ إجراءات حاسمة و جريئة لوضع إستراتيجية بديلة للتنمية الإدارية ، وهذا لن
    يتم ــ حسب تصوري ــ إلا بتأصيل الإدارة و
    الإنطلاق من فهم الأبعاد الحضارية و البيئية للمجتمع الجزائري . هـذا إذا علمنا أن
    الإدارة في الدول المستضعفة هي إدارة مقلدة في نظامـها وقوانينها للغرب ، ويشمل
    التراث الإداري الفرنسي مظهرا مستمرا في تأثيره على النظام الإداري الجزائري ،
    الذي لم يتخلص بعد من ظاهرة التبعية الثقافية والقانونية والإدارية . ولم يتجنب
    بعد أسلوب "العلاج بالمثل " Homéo PATHIC الذي يجعله مجرد جهاز إداري تابع
    ومستغــل ومتغرب عن المجتمع. خصوصا وأننا نعلم " أن الغرب اليوم و أكثر من أي
    وقت، يريد لنا غير ما نريده لأنفسنا، نحن نريد الحداثة، وهو يريد لنا التحديث، نحن
    نريد السيادة على أرضنا، وهو يجبرنا على قبول التبعية ، نحن نصبو إلى التحرر
    والوحدة ، وهو يفرض علينا الدكتاتورية بإسم الديمقراطية وحقوق الإنسان " (17).


    من هذا
    فإن أول عمل يجب القيام به هو توفير المناخ العام الملائم لتطبيق الإصلاحات، الأمر
    الذي يسـتلزم إعادة النظر في بناء و أداء الجهاز الإداري حتى يواكب التحولات
    الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والثقـافية العميقة، ذلك أن أي محاولة لإصلاح
    الجهاز الإداري تتم بمعماوال عن هذه التحولات و التأثيرات البيئية محكوم عليها بالفشـل.
    لذا يجب على مخططي التنمية الإدارية الإستفادة من الأخطاء السابقة، ودراسة الواقع
    الإجتماعي، ومراعاة العوامل الـبيئية المحيطة بالإدارة.


    إذا، فالبيئة الإدارية
    هي جزء لا يتجزأ من البيئة السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية، وأي خلل
    فيها سيؤدي حتما ـ بحكم التجارب ـ إلى الفشل والإخفاق في العملية التنموية
    السياسية الشاملة، مما يستلزم على صانعي القرارات الإرتيادية (الإستراتيجية) أن
    ينظروا إلى العامل البيئي بعين الإعتبار، لا على المسـتوى الداخلي الوطني فقط ،
    بل وعلى المستوى الخارجي الدولي ، خاصة ونحن في عصر التكتلات الدولية و الصراعات
    الحضارية والسيطرة على المؤسسات والمنظمات المالية والإدارية والثقافية الدولية .








    هوامش الدراسة:








    (1) ـ للمزيد من المعلومات عن مفهوم التنمية الإدارية،
    راجع على سبيل المثال:


    ـ رعد حسن الصرن، صناعة التنمية
    الإدارية في القرن الحادي و العشرين
    ، دمشق: دار الرضا للنشر، 2002، ص 68.


    ـ منصور بن لرنب ، " إدارة الموارد
    البشرية " ، مجموعة محاضرات لطلبة قسم الماجستير ، قسم العلوم
    السياسية والعلاقات الدولية ، جامعة الجزائر ، 2000 ـ 2001 ، ص 4 .


    (2)
    عمار بوحوش، الإتجاهات الحديثة في علم
    الإدارة
    ،الجزائر:المؤسسة الوطنية للكتاب، 1984، ص 299.


    (3)
    ـ السيد عبد المطلب غانم، " الإستبداد البيروقراطي و التطور الديمقراطي
    السياسة الدوليـــة، الأهرام: مركز الدراسات السياسية
    والإستراتيجية، القاهرة، العدد 93، جويلية 1988، ص 69.


    (4) ـ أنظر:


    ـ سعيد مقدم، " أخلاقيات الوظيفة
    العمومية "، مجلة الإدارة، الجزائر، المجلد السابع، العدد الأول، 1991،
    ص 13.


    (5)
    ـ سعيد مقدم، " واقع ومقتضيات تنمية الإدارة العمومية في الجزائر"، مجلة
    الإدارة
    ، الجزائر، المجلد الثالث ، العدد الثاني ، 1993 ، ص 6 – 7 .


    (6) ـ عامر الكبيسي، الفساد و العولمة، الرياض: المكتب الجامعي الحديث، 2005، ص 8 ـ 46.


    (7) ـ رشيد بن يوب ، دليل الجزائر السياسي
    ، الجزائر : المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية ، الطبعة الأولى ، 1999 ، ص 32 .


    (Cool
    ـ منصور بن لرنب ، " إستراتيجية التنمية الإدارية في الجزائر "، أطروحة دكتوراه دولة ، معهد العلوم
    السياسية و العلاقات الدولية ، جامعة الجزائر ، 1988 ، ص 3 .


    (9) ـ للمزيد من
    المعـلومات عــن توقعات و إنجـازات الـنظام وفق الدراسة السلوكية للنظام السياسي و
    الإ داري، أنظر:


    ـ محمد المجذوب، وآخرون، النظام السياسي
    الأفضل للإنماء في العالم الثالث: لبنان والدول العربية
    ، بيروت: مكتبة الفكر الجامعي،
    1971، ص 249 ـ 250.





    (10) ـ يتمتع هذا النوع من القيادة بإنفراد
    الرئيس أو القائد بالرأي، وإتخاذ القرار الإنفرادي، و إتباع أسلوب الأمر والزجر، و
    عدم السماح بالمشاركة و الإستشارة، ولا يفوض السلطة والمسؤولية، كما أنه لا يشجع
    على المبادرة، والإبتكار، و يعطل الطاقات البشرية غير المحدودة. فهذا النمط
    القيادي تتفوق سلبياته على إيجابياته.
    لمزيد من المعلومات عن أنماط القيادة أنظر على سبيل المثال:


    ـ وارين بينيس ،
    " وداعا للقيادة القديمة " ، في كتاب : جمال سند السويدي ، و آخرون ، القيادة
    والإدارة في عصر المعلومات
    ، أبو ظبي : مركز الإمارات للدراسات و البحوث
    الإستراتيجية ، الطبعة الأولى ، 2001 ، ص 52 .


    (11) – Morad Benachenhou,Dette exterieure, Corruption et Responsabilité
    politique
    ,
    Alger : Imprimerie Dahleb , 1988 , p.
    75.


    (12)
    ـ عمر صدوق، آراء سياسية و قانونية في بعض قضايا الأزمة ، الجزائر : ديوان
    المطبوعات الجامعية ، 1995 ، ص 92 .


    (13)
    ـ رمزي زكي، فكر الأزمة: دراسة في أزمة علم الإقتصاد الرأسمالي و الفكر التنموي
    الغربي
    ، القاهرة: مكتبة مدبولي، 1987، ص 100.


    (14)
    ـ مدنـي عـبد القادر علاقي ، الإدارة : دراسة تحليلية للوظائف و القرارات
    الإدارية
    ، ط 1 ، جدة : نهامة ،1981 ، ص 709 .


    (15)
    ـ يعتبر مثل هذا الدور للقيادة السياسية العليا لا غنى عنه لتحقيق إصلاح إداري يمس
    الهياكل العليا للجهاز الإداري للدولة ( إعادة تشكيل الوزارات: عددها و إختصاصاتها،
    و إعادة تشكيل الهيئات المركزية الأخرى )، أو يمس القضايا الهامة الشديدة الحساسية
    ذات الأبعاد السياسية الإجتماعية كالفساد الإداري، أو تقليص حجم الجهاز الإداري.


    أنظر :


    ـ
    أحمد صقر عاشور، إصلاح الإدارة الحكومية:آفاق إستراتيجية للإصلاح الإدارة
    والتنمية الإدارية العربية في مواجهة التحديات العالمية
    ، القاهرة: المنظمة
    العربية للتنمية الإدارية، 1995، ص 113 ـ 115 .


    (16) ـ عامر الكبيسي ، المرجع السابق الذكر ، ص
    19 ـ 20 .


    (17)
    ـ هشام شرابي، " المثقفون العرب و الغرب في نهاية القرن
    العشرين "، المستقبل العربي، السنة
    16، العدد 175،
    سبتمبر 1993،
    ص30
    المشرف العام
    المشرف العام
    Admin


    البلد : جامعة قاصدي مرباح .وقلة - الجزائر
    عدد المساهمات : 987
    نقاط : 11948
    تاريخ التسجيل : 04/12/2009
    العمر : 46
    الموقع : المشرف العام على المنتدى

    الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2  من البحث Empty رد: الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2 من البحث

    مُساهمة من طرف المشرف العام الجمعة مايو 27, 2011 12:57 pm

    مذكرة تحت إشراف المدرسة الوطنية للإدارة
    الفصل الأول :ملامح النظام الاقتصادي الجديد وموقع الجزائر منه
    المبحث الأول: المعطيات الاقتصادية الدوليةالراهنة
    المبحث الثاني:اندماج الجزائر في الاقتصاد العالمي
    الفصل الثاني"الادارة الجزائرية في مواجهة التحديات الاقتصادية
    المبحث الأول:الاختلالات الحالية للإدارة والعوائق التي تواجه الاصلاح
    المبحث الثاني:مضمون الاصلاح الاداري في الجزائر
    الموضوع في نسخته الأصلية عبر الضغط على الرابط التالي:
    http://www.tomohna.com/vb/showthread.php?t=2452
    المشرف العام
    المشرف العام
    Admin


    البلد : جامعة قاصدي مرباح .وقلة - الجزائر
    عدد المساهمات : 987
    نقاط : 11948
    تاريخ التسجيل : 04/12/2009
    العمر : 46
    الموقع : المشرف العام على المنتدى

    الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2  من البحث Empty بحث الادارة العامة في الجزائر

    مُساهمة من طرف المشرف العام الجمعة مايو 27, 2011 1:10 pm

    بحث الادارة العامة في الجزائر
    بحث الادارة العامة في الجزائر .ج1


    مقدمة :
    باتساع نطاق تدخل الدولة في تسيير وتوجيه الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية المختلفة ، تعاظم دور الإدارة حتى أصبحت تهتم بكل شيء ، وراح نشاطها يلابس سائر القطاعات ، ويتناول جميع نواحي الحياة الفردية ، ذلك لأن الحكومة وأجهزتها الإدارية تصبح المنظم والقائد لفروع ذلك النشاط .
    ولقد أصبح المجتمع الحديث يعيش في كنف الإدارة اعتبارها أداة لتحقيق التقدم والتنمية الاقتصادية الشاملة من جهة والطاقة الخلاقة التي تدرك مطالبه وتحققها له من جهة ثانية.
    والحقيقة أن هذا كله لايأتي إلا عن طريق التنظيم الذي يعتبر ظاهرة من ظواهر المجتمعات الحديثة حيث أصبح يحظى بقدر كبير من الدراسة الجادة والاهتمام المتزايد من الباحثين .
    لقد أدي ما توارثته الجزائر عبر معاناة طويلة الأمد من التخلف عن ركب التطور الحضاري ، واستعمار استنزف ثرواته ، وأضعف من قيمه وأخلاقياته ، إلى اصطباغ جهازها الاداري بالنموذج الفرنسي وخلال بحثنا هذا سنحاول الوصول الى اجابة واضحة للإشكالية التالية :
    فماهو الدور الذي لعبه الجهاز الاداري في الفترات السابقة ؟ وماهي السبل الكفيلة باصلاح الجهاز البيروقراطي الجزائري ؟

    خطة البحث
    مقدمــــة
    الفصل الأول : الادارة العامة في الجزائر
    المبحث الأول : الادارة العامة قبل الاستقلال
    المبحث الثاني : الادارة العامة بعد الاستقلال
    الفصل الثاني :النموذج البيروقراطي الجزائري
    المبحث الأول : مفهوم البيروقراطية
    المبحث الثاني : مشكلات الجهاز البيروقراطي الجزائري
    المبحث الثالث : خلفيات الجهاز البيروقراطي في الجزائر
    الفصل الثالث : الاصلاح الاداري في الجزائـــر
    المبحث الأول : مفهوم ومداخل الإصلاح الإداري
    المبحث الثاني : الأسس المعتمدة لبناء إستراتيجية الإصلاح الإداري
    المبحث الثالث : إستراتيجية الإصلاح الإداري
    خاتمـــــــــة


    الفصل الأول الادارة العامة في الجزائر
    المبحث الأول : الادارة العامة قبل الاستقلال:


    بدأت معالم وسمات الإدارة الفرنسية تتضح ،مع استلام الجنرال بيجو مقاليد الجزائر . وإن كانت هذه الإدارة في بداياتها مـــزيج بين النظم الإدارية السائدة في فرنسا وتلك التي وجدها الفرنسيون قائمة في الجزائر .
    وقد كان للمقاومة الوطنية ورفض المجتمع الجزائري وعزوفه عن التعامل مع الفرنسيين والصراعات التي احتدمت بين المدنيين والعسكريين ، دور في الإبقاء على هذا الوضع إلى عهد الجمهورية الثالثة التي انتهجت سياسة الإدماج وما رافقها من هجمة شرسة على كل المعالم الدالة على تميز الجزائر عن فرنسا وذلك في كل مجالات الحياة السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية .
    الإدارة العامة في الجزائر لا تختلف عن مثيلتها في سائر دول العالم الثالث وذلك من حيث كونها أداة بواسطتها يتم تنفيذ السياسة العامة للدولة .
    إلا أن ما يميزها هي أنها ادارة موروثة عن الاستعمار الفرنسي الذي اتخذها أداة قمع بغية طمس الشخصية الوطنية وجند لها بعض الجزائريين الذين يؤمنون بفرنسا أكثر من ايمانهم بالجزائر وكان لهم دور فعال في تحقيق مآرب فرنسا الاستعمارية فهم يشكلون حلقة وصل بين الادارة الفرنسية والشعب الجزائري ، علما بأن هذه الادارة كانت لخدمة المعمرين بالدرجة الاولى .
    لقد استطاع الاستعمار الفرنسي أن يجعل من الادارة الجزائرية في عهده إدارة قمعية مما أدى الى تشكيل هذه النظرة المناوئة لها بعد الاستقلال بسبب السلوكيات التي مورست في عهد الاستعمار الفرنسي وبعض السلوكات التي مازال يمارسها الكثير من الاداريين في الوقت الراهن .
    وإذا أردنا أن نبحث عن تفسير للأزمة المتعددة الجوانب التي عاشتها البلاد ، فإننا نجد الإدارة العامة قد لعبت دورا أساسيا وفاعلا في خلق وتأجيج نار الأزمة.
    ظهرت أول ادارة عامة في الجزائر سنة 1956 بعد انعقاد مؤتمر الصومام وتم تجسيدها بصفة فعلية مع التقسيم السياسي والإداري الذي رافق الاعلان عن إنشاء الحكومة المؤقتة سنة 1958 .

    المبحث الثاني : الادارة العامة بعد الاستقلال:


    ومع أن الجزائر حققت استقلالها سياسيا في 05 جويلية 1962 إلا أنها لم تحققه إداريا حيث أنها بقيت تابعة للمنظومة الادارية الفرنسية الى حد الأن، و ورثت مشاكل كثيرة متعددة الجوانب ومنها انعدام الاطارات اللازمة القادرة على تسيير البلاد ، ووجود فراغ رهيب في مختلف الوظائف الادارية والفنية بسبب انسحاب الفرنسيين من الأجهزة الادارية من جهة والنقص الفادح في الجزائريين الذين باستطاعتهم سد الفراغ من جهة أخرى، ويرجع ذلك الى السياسة الاستعمارية التي كانت تعطي الأولوية في التوظيف للمعمرين، ذلك أن الجزائريين كثيرا ما يصطدمون بحاجز التمييز العنصري ولايستطيعون الانخراط في الجهاز الاداري الاستعماري الا بصعوبة وهذا ما ألزم الدولة على فتح باب التوظيف على مصرعيه دون انتقاء ، وهذا ما استغله الكثير لاقتناص المناصب الحساسة سواء لتواجدهم في الأجهزة الادارية قبل الاستقلال أو نتيجة لمستواهم الثقافي الذي كان أحسن من مستوى أفراد الشعب الأخرين .
    يمكن القول أن دستور 1963 لم يدخل حيز التنفيذ نظرا للأوضاع التي سادت السنوات الأولى للاستقلال ومع صدور بيان 19 جوان 1965 الذي عمل به كدستور صغير ، وفي هذه المرحلة أخذت الجزائر بنموذج دوبارنيز الروسي وهو نموذج المشاريع المصنعة من أجل تحقيق المصلحة العامة حيث يتم في هذا النموذج استخدام مخططات طويلة المدى .
    وفي دستور 1976 عملت الادارة العامة على تحقيق المصلحة العامة عن طريق الصناعات الثقيلة ( مركبات الحجار ـ أرزيو ـ رويبة ...)وبقي الحال على حاله حتى سنة 1986 مع وقوع الازمة الاقتصادية العالمية وهبوط أسعار البترول في الأسواق العالمية ، وانتهاج الجزائر سياسة التقشف وتسريح العمال ، وما نجم عن أحداث 05 أكتوبر 1988 وصدور دستور 1989 وظهور الجمعيات ذات الطابع السياسي وبالموازاة مع ذلك في العالم انهيار المعسكر الاشتراكي ونهاية الحرب الباردة .
    وفي سنة 1990 جرت الانتخابات التي فازحرب الجبهة الاسلامية الانقاذ ، الذي تم حله لاحقا وبداية الصدام بين أنصار هذا الأخير واعوان الادارة واتهامها بالتزوير وتلت هذه المرحلة العشرية السوداء التي فقدت فيها الادارة الجزائرية الكثير من أبنائها بالاضافة الى هدم وحرق الكثير من المؤسسات الادارية .

    الفصل الثاني النموذج البيروقراطي الجزائري
    المبحث الأول : مفهوم البيروقراطية :


    إن مفهوم البيروقراطية يتصل بالسياسة ، والاجتماع وعلم النفس ، كما يتصل ويتعلق بالإدارة والبيئة الاجتماعية ، ومختلف الظروف البيئية .
    ويعتبر مفهوم البيروقراطية من أقدم المفاهيم الإنسانية ، ومن أعقدها على الإطلاق نظراً لما يتضمنه من معان متعددة ، وفق الهدف من استعماله ، بل إن هذه المعاني قد تضاربت تماماً إذ ما قورنت ببعضها البعض ، ويزيد من المشكلة أن بعض استعمالات مفهوم البيروقراطية قد أخذ طابعاً سيئاً وشاع استعماله على هذا النحو ، حتى ليكاد يعني فى مجموع مضمونه – وفق شيوع هذا الاستعمال – مجموع التعقيدات الإدارية وما تتسم به إجراءات الإدارة من جمود يؤدي إلى عرقلة التوصل إلى الحل ومن ثم إلى عدم تحقيق الهدف .
    ونورد الاستعمالات الأتية لمفهوم البيروقراطية فى الواقع العملي :
    1. قد يعني مفهوم البيروقراطية النظام الإداري كله خاصة ما يتسم به من ضخامة .
    2. البيروقراطية قد تتصرف إلى مجموع الإجراءات التى يجب إتباعها فى مباشرة العمل الحكومي بصورة عامة والنشاط أو العمل الإداري بصورة خاصة ، وفى داخل المكاتب أو التنظيمات الإدارية .
    3. قد تستعمل البيروقراطية لتعني القوة Power مفسرة على أساس السلطة Authority بمعني النفوذ أو السيطرة . وتعني ذلك القدر من السلطة الذى يمارسه الموظف العام ، أو التنظيم الإداري ، أو مجموع العنصر الإنساني الذى يشغل الوظائف العامة فى نظام الخدمة المدنية .
    4. قد تعني البيروقراطية " الدور" الممارس من قبل الموظفين العموميين فى إطار النظام السياسي فى الدولة .
    5. وقد ينصرف مفهوم البيروقراطية إلى التكوين الإداري على أساس النظر إليه كتكوين حكومي سياسي بطبيعته يمكن النظر إلى البيروقراطية من خلال خصائص بناء التنظيم على أساس أنها مرادفة لمفهوم بناء السلطة الهرمية فى التنظيم الإداري والذى يتحقق فيه تقسيم واضح للعمل .
    6. قد تعني البيروقراطية تنظيماً إدارياً ضخماً له خصائصه ومميزاته .
    7. قد يعني مفهوم البيروقراطية معني أخر يتسم بالنقد فى مجالات الأنشطة الإدارية حيث تعتبر البيروقراطية مصدراً للروتين وتعقيد الإجراءات وصعوبة التعامل مع الجماهير .

    المبحث الثاني : مشكلات الجهاز البيروقراطي الجزائري


    يمكن تشخيص عدد من المشكلات التي يعانى منها الجهاز البيروقراطي الجزائري في ما يلي:
    أ. ضعف التكامل والانسجام الزمني بين برامج التنمية الاقتصادية وبرامج التنمية الادارية، اذ عادة ينصب الاهتمام على برامج الانماء الاقتصادي مع اغفال دور النظام الاداري الذي يجب ان يتماشى مع هذه البرامج، الامر الذي يؤدي الى اتساع الفجوة بين كلا النوعين من البرامج، وعندها تظهر الاختناقات والمشكلات في النظام الاداري.
    ب. غياب النظرة التكاملية لبرامج التنمية الادارية لدى عدد كبير من القيادات الادارية، الذي ادى الى بروز الظواهر السلبية الاتية:
    ـ المركزية
    ـ الروتين الجامد
    ـ سوء التخطيط وضعف التنسيق
    ـ سوء توزيع العاملين
    ـ نقص الكفاءات الفنية والادارية
    ـ انخفاض الولاء الوظيفي لدى العاملين
    ــ إضفاء طابع السرية الشديد على الأعمال الإدارية ولو كانت بسيطة .
    ج. اسناد المراكز القيادية في الجهاز الاداري لعناصر لا تتمتع بالكفاءة، مع بروز ظاهرة المحسوبية ، ما ادى الى ظهور مشاكل أساسية في ضعف قدرة هذه العناصر على قيادة منظمات الجهاز الاداري.
    د. شيوع النزعة التسلطية لدى عدد كبير من القيادات الادارية، والركون الى اصدار التوجيهات والاوامر من دون بذل الجهد لتطوير العمليات الانتاجية والارتقاء بجودة السلع والخدمات.
    هـ. تفشي بعض النزعات والممارسات الخاطئة في الجهاز الاداري التي ترتبط بقضايا التعيين، واناطة المسؤوليات الادارية، وتقويم الاداء، والترقية، والحوافز المعنوية والمادية على اسس من المحسوبية والعلاقات الشخصية وسيادة النظرة غير الموضوعية لعلاقات العمل.
    و. الروتين الطويل وشيوع اسلوب (الواسطة) في انجاز بعض المعاملات التي تضطلع بها منظمات الجهاز الاداري حيث برزت بعض نتائج ذلك في انخفاض الانتاجية، وتقليل استثمار الوقت، والتأثير على مصالح الجمهور المستفيد وعلى علاقاته مع الاجهزة الحكومية المختلفة.
    ز. تفشي الفساد والرشوة في بعض اوساط الجهاز الاداري، اذ ينظر الى بعض المراكز الحساسة في الدولة على انها مواقع ممتازة لغرض الكسب والاثراء غير المشروع والتمتع بالامتيازات على حساب الدولة.
    ح. البطء في استيعاب ومواكبة التغييرات الادارية الحديثة، ووجود مقاومة للتغيير لدى عدد من القيادات الادارية والمسؤولين المنتفعين في بعض الاجهزة، مما ادى الى تدنٍ ملحوظ في مستويات الاداء وتحقيق الاهداف.
    ط. اعتبار النقد البناء وابداء وجهات النظر نزعة معارضة وغير تعاونية، كما ان الدعوة الى الممارسات الديمقراطية كانت تقابل بالرفض باعتبارها نزعات تستهدف الاخلال بالنظام.
    ي. تعدد التشريعات واللوائح واحيانا تعارضها مع بعضها البعض، وصدور الكثير منها بشكل متسرع من دون خضوعها للدراسة والتمحيص ما ولد صعوبات عملية عند تطبيقها وادى الى اللجوء للاستثناءات نتيجة الخلل في بعض منها.

    المبحث الثالث " خلفيات الجهاز البيروقراطي في الجزائر


    1 ــ الخلفية التاريخية : ذكرنا في ما سبق أن الادارة الجزائرية أو بالأحرى النموذج البيروقراطي الجزائري موروث استعماري فالادارة الجزائرية رغم محاولتها مسايرة التقدم الحاصل في جميع الجوانب لم تسلم من رواسب نشأتها التاريخية ، وهي رواسب انعكست على طبيعة هيكلها التنظيمي وعلاقتها بالمواطنين بالاضافة الى التشريعات التي تنظم عملها .
    2 ــ الخلفية الاقتصادية:أول من أتى بالتفسير الاقصادي للبيروقراطية هو السوفياتي تروتسكي عند تحليله للبيروقراطية في عهد ستالين، حيث أكد على ضرورة انتهاج سياسة اقتصادية تسد الأبواب في وجه الانحرافات البيروقراطية ، وبمعنى أخر كان ضروريا انتهاج سياسة شد الحزام نظرا لضعف الموارد من جهة وكثرة الانفاق نتيجة انتهاج الجزائر للصناعة الثقيلة.
    3 ـــ الخلفية السياسية: انتهجت الجزائر بعد الاستقلال النهج الاشتراكي وكان من الأجدر دراسة وضعية حرب جبهة التحرير الوطني باعتباره الحرب الحاكم أنذاك يقوم باعداد وتنفيذ السياسة العامة ومراقبة تطبيقها ، ومن هنا نستنتج أن للحرب مهمتان رئيسيتان هما، وضع الخطط العريضة للسياسة الجزائرية ومراقبة تطبيقها الذي تقوم به الادارة .
    ولكن هل كان حرب جبهة التحرير الوطني مهيأ لأداء هذه المهمة ؟

    المراجع


    1. الدكتور خميس السيد اسماعيل . الادارة والتنظيم الاداري في الجمهورية الجزائرية.الجزائر 1975.
    2. الاستاذ أحمد محيو . محضارات في المؤسسات الإدارية ، الجزائر ، ديوان المطبوعات الجامعية ، 1986.
    3. الاستاذ علي زغدود.الادارة المركزية في الجمهورية الجزائرية . الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر.
    4. الدكتور سليمان محمد الطماوي. مبادئ علم الادارة العامة .دار الفكر العربي.1980
    5. الدكتور سليمان محمد الطماوي. نشاط الادارة العامة .دار الفكر العربي.1954
    منقول
    صبرينة
    صبرينة


    البلد : ورقلة.الجزائر
    عدد المساهمات : 108
    نقاط : 152
    تاريخ التسجيل : 19/11/2010
    العمر : 37
    الموقع : طالبة ،جامعة قاصدي مرباح.ورقلة

    الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2  من البحث Empty رد: الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2 من البحث

    مُساهمة من طرف صبرينة الجمعة سبتمبر 09, 2011 12:42 pm

    السلام عليكم و رحمة الله
    بحث الحكومة و الإدارة الإلكترونية
    http://dahmane16.ahlamontada.net/t7159-topic
    الادارة الافتراضية... مستقبل ام خيال
    قراءة لمستقبل مشروع الحكومة الاليكترونية
    http://alyaseer.net/vb/showthread.php?t=14328
    موقع البوابة الإلكترونية لخدمات المواطن الجزائري
    لقد تم اطلاق موقع جديد يعتبر بمثابة نقطة وصل بين المواطن والادارة
    يمكنه من الاستعلام عن يكل ما يشغل باله
    كما يمكن من طلب الوثائق عبر الانترنيت مثل وثيقة السوابق العدلية
    وهاهو الرابط :
    www.elmouwatin.dz


    منتديات ملتقى الموظف الجزائرى
    http://mouwazaf.ahlamontada.com/

    ألا ترغب في زيارة الجزائر ....اتبعني
    حطت طائرتك بسلام في مطار الجزائر الدولي فأهلا وسهلا بك في "جزائر
    http://vb.arabsgate.com/showthread.php?t=536826

    المشرف العام
    المشرف العام
    Admin


    البلد : جامعة قاصدي مرباح .وقلة - الجزائر
    عدد المساهمات : 987
    نقاط : 11948
    تاريخ التسجيل : 04/12/2009
    العمر : 46
    الموقع : المشرف العام على المنتدى

    الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2  من البحث Empty رد: الاصلاح الاداري في الجزائـــر .ج2 من البحث

    مُساهمة من طرف المشرف العام الجمعة أكتوبر 07, 2011 8:17 pm

    كتاب للتحميل :
    : الأسس العامة للتنظيم الإداريمحاضرات الأستاذ الدكتور عمار بوضياف في القانون
    الرابط :
    http://janat.webatu.com/play.php?catsmktba=313

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 09, 2024 7:47 pm